صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

135

134

133

132

131

 

الفيلم القصير في فرنسا

ترجمة: صلاح سرميني

 
 
 

الفيلم القصير، هو فيلمٌ لا تتجاوز مدّته الزمنية 59 دقيقة، ويملك نفس أشكال، وتقنيات، وأنواع الفيلم الطويل، التسجيليّ، الروائيّ، التحريكيّ، والتجريبيّ....

 

تعريف الفيلم القصير

 

يمكن أن تختلف الحدود بين القصير، والمُتوسّط الطول، والطويل وُفق التعريفات التالية  :

في فرنسا، يعتمد المركز الوطني للسينما، والصور المتحركة على مرسومٍ رسميّ يعود تاريخه إلى عام 1964(1)، ويُعرّف الفيلم القصير بأنه لا يتجاوز طول لقطاته 1600 متراً بمقاس 35 مللي (أو الطول المُكافئ في المقاسات الأخرى)، أيّ بمدّةٍ زمنيّة 59 دقيقة تقريباً، ومع ذلك، بالنسبة لـ "جيلبير كوهين سيات":

"بغضّ النظر عن محتوى الفيلم - أو طبيعته - نُسميها "أفلاماً قصيرةً" تلك التي لا يتجاوز طولها  900 متراً(أيّ أقلّ من 33 دقيقة، وأقلّ من ثلاث بكراتٍ بمقاس 35 مللي)، و "أفلاماً طويلةً" تلك التي تتجاوز أطوالها 2400 متراً (أيّ أكثر من ساعةٍ، و 28 دقيقة، وأكثر من ثماني بكرات)(2).

بشكلٍ عام، تُسمّى الأفلام التي تزيد مدّتها عن 30 دقيقة "أفلاماً متوسطة الطول"، ولا يتمّ قبولها دائماً في مهرجانات الأفلام القصيرة.

في السنوات الأخيرة، ندعو الأفلام القصيرة جداً، تلك التي لا تتجاوز مدتها الزمنية ثلاثة دقائق، بدون حساب العنوان، ومعلومات الفيلم.

هناك مهرجانٌ فرنسيّ يُعتبر مرجعاً لهذا النوع من الأطوال: "المهرجان الدوليّ للأفلام القصيرة جداً"، وينعقد في عددٍ من المدن الفرنسيّة بالتزامن مع مدنٍ في جميع أنحاء العالم.

وفي اللغة الإنجليزية، يُسمّى الفيلم الطويل Feature Film، ومدته الزمنية تزيد عن 40 دقيقة.

وعندما يقلّ عن ذلك، يصبح فيلماً قصيراً، و يُطلق عليهFeaturetteFilm ، أوShort Film ، وعندما يكون أقلّ من ثلاث دقائق يقال عنه VeryShort Film

 

اقتصاد الفيلم القصير

طرقُ بديلة للتوزيع

 

على الرّغم من عدم توزيعه على نطاقٍ واسع عن طريق دورات التوزيع التقليديّة، إلاّ أنّ الفيلم القصير يستفيد من الاهتمام الكبير من طرف المهرجانات المُتخصّصة، وكذلك الإنترنت، حيث يتمّ تخصيص مواقع خاصة به.

من المهمّ تسليط الضوء على جهود المركز الوطني للسينما بباريس، وبعض الموزّعين المُهتمّين بترويج الأفلام القصيرة: من الشائع أكثر فأكثر أن نشاهد في الصالات برامج تتكوّن بالكامل من الأفلام القصيرة.

كما يستفيد هذا المقاس أيضاً من تطور قنوات الكابل، والقنوات الفضائية، حيث تشتري الكثير منها حقوق عرض الأفلام القصيرة، وتبثها بانتظام.

أخيراً، قدّمت الأقراص المُدمجة دعماً ترويجياً جديداً لهذه الأفلام، في صورة مُكملاتٍ، أو أقراص DVD مخصّصة حصريّاً لها.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مؤسّسات متخصّصة في إصدارات الأفلام القصيرة، وخاصةً التجريبيّة منها،

في عام 2004، أصدرت إحداها موسوعة الأفلام الفرنسية القصيرة (3).

 

مجلةٌ للأفلام القصيرة

 

تصدر عن "وكالة الفيلم القصير" بباريس، تمّ إنشاء المجلة في عام 1989 من قبل "فرانسوا أود"، المؤسّس، والمفوّض العام لوكالة الفيلم القصير(4/5).

ولاحقاً، ترأّس تحريرها جاك كيرمابون، وساهم فيها كلٍّ من: رافائيل باسان، ميشيل شيون، رودولف أولسيس، كريستوف شوفييّ، سيسيل جيرو، دونالد جيمس، سيلفي ديلبيش، ستيفان كان، مارك مرسييه، لوك موليه، وميشيل روديفيتش.

بدءاً من عام 2007، بدأ يرافق كلّ عدد قرص DVD يحتوي على الأفلام التي تمّ الكتابة عنها في نفس العدد.

ومنذ عام 2016، بدأت المجلة تصدر سنوياً، وتتكوّن من 160 صفحة بالإضافة إلى موقع رقميّ يتجدد بانتظام، وينشر محتوىً تحريريّاً محدداً، ويمكن للمشتركين مشاهدة اقتراحاتٍ من الأفلام القصيرة(5).

يتطرّق الموقع إلى جميع أنواع الفيلم القصير في شكل مراجعات أفلام متعلقة بالأخبار، والأحداث السينمائية الجارية، وملفاتٍ عن مخرج سينمائي.

كما يهتمّ بالمتابعة عن كثب كلّ الأنواع مثل: السينما التسجيلية، السينما التجريبية، وسينما التحريك، وفن الفيديو، والأفلام التي تُبث عن طريق الإنترنت.

 

سياسة الأفلام القصيرة في فرنسا

 

·      حتى عام 1939، أعاقت صناعة الأفلام القصيرة ظاهرتان:

ـ غياب الدعم الحكوميّ لاقتصاد الأفلام القصيرة.

ـ كانت بعض دور السينما تقدّم بانتظام البرنامج المُزدوج (العرض المُتتابع لفيلمين روائيين).

ـ نتيجةً لذلك، اجتمع محترفو الأفلام القصيرة في تعاونياتٍ إنتاجية، وخاصةً توزيعية، مثل

 les Artisans d'art du cinéma

·      يُعتبر قانون 26 أكتوبر 1940 (قانون تنظيم صناعة الأفلام، الذي أكّده قانون 29 سبتمبر 1948) خطوةً رئيسيةً في إنشاء حماية الأفلام القصيرة:

ـ يصبح عرض الفيلم القصير إلزامياً قبل الفيلم الطويل.

ـ تعود نسبة 3٪من مداخيل العرض إلى الفيلم القصير.

ومع ذلك، لم يشجع هذا النظام بالضرورة على ازدهار أفلام قصيرة بنوعيةٍ عالية، وكانت في كثير من الأحيان إعلانية.

·      في عام 1953، تمّ تعديل التشريع مرتين:

ـ في 6 آب (أغسطس) 1953، أزال قانون المكافآت التلقائية للفيلم القصير بما يتناسب مع إجمالي المداخيل لصالح علاوة معيار الجودة، وأدّى ذلك إلى ارتياح كبير للمخرجين.

ـ 21أغسطس 1953، ألغى مرسوم قانون الالتزام بعرض فيلم فرنسيّ قصير قبل كلّ فيلم روائي فرنسي طويل، وهذا يعني نظريّاً السماح بالعودة إلى البرنامج المزدوج.

ـ كان ذلك بمثابة هزّة عنيفة لعالم الفيلم القصير الذي تحرك في قلب مجموعة الثلاثين (ألكسندر أستروك، جاك باراتييه، ياني كبيلون، جورج فرانجو، بول غريمو، روبرت هيسينز، مارسيل إيتشاك، بيير كاست، روجر لينهاردت، كريس ماركر، جاك ديمي، روبرت مينيجوز، جان ميتري، فريد أورين، جان بينليفيه، بول بافيو، آلان رينيه، جورج روكييه ، إلخ)، وكان لتحركهم أثراً كبيراً(6).

ـ كسب الفيلم الفرنسي القصير في الجودة.

ـ من المفيد الإشارة إلى الأيام الدوليّة للأفلام القصيرة في مدينة تور (1955-1971)، والتي شكلت حدثاً رائداً من نوعه في فرنسا(7).

ولاحقاً، انتقل المهرجان إلى جرينوبل، ثم إلى ليل في السبعينيّات، وخلال الدورات الأخيرة من مهرجان ليل، عمدت جمعية "أنقذ ما يُمكن إنقاذ الفيلم القصير" إلى تنظيم لقاءاتٍ في مدينة كليرمون ـ فيران، وكانت في معظمها أفلاماً فرنسية قصيرة.

في عام 1982، تمّ إنشاء المهرجان الدولي للفيلم القصير في كليرمون ـ فيران، وأصبح الحدث الرئيسي من نوعه، في حين زادت أعداد المهرجانات المُخصصة للأفلام القصيرة.

 

مدرسةٌ للمخرجين الشباب

وشكلٌ مفضلٌ لصانعي الأفلام المتفردين

 

الفيلم القصير هو نقطة انطلاقٍ للمخرجين الشباب الموهوبين، حيث أنه يتطلّب أموالاً أقلّ بكثيرٍ من الفيلم الروائي الطويل، ولهذا السبب، بدأ معظم صنّاع الأفلام في إنتاج أفلام قصيرة.

ولكن، كما الحال في الأدب، تتطلّب القصة القصيرة نوعاًّ من تركيز الجهود، وهذا بدوره، يفرض على الفيلم القصير جمع كلّ صفات الفيلم الروائيّ في فترةٍ قصيرة.

وبفضل هذا المقاس القصير، تطوّرت أكثر المدارس شهرةً في أفلام الرسوم المتحركة، الأفلام التجريبية، الأفلام التسجيلية الشعرية، والسينما النضالية.

قد لا يكون الفيلم القصير مجرّد نقطة انطلاق لصانعين مستقبليين للأفلام الروائية، ولكنّه يوفّر أيضاً فرصةً لتطوير مسيرة شخصيّة.

بالنسبة للمخرجين أمثال كريس ماركر، ويوهان فان دير كيوكين، فقد تناوبا في حياتهما المهنية بين إنجاز أفلامٍ طويلةٍ، وقصيرة، لم يكن الطول حاسماً في حدّ ذاته، ولكن تمّ الاختيار وُفقاً للموضوع الذي يتمّ التعامل معه.

وعلى سبيل المثال، لم ينجز "آرتافازد بيليشيان" سوى أفلاماً قصيرةً، ولكنّه مخرج سينمائيّ كبير، كما عمد كلٍ من "لوك موليه"، و"جان لوك جودار" إلى إنجاز أفلامٍ قصيرةٍ، وطويلة على نحوٍ معتدلٍ منذ أوائل التسعينيّات.

 

هوامش:

(1) المرسوم رقم 64-459 بتاريخ 28 مايو 1964

(2) جيلبرت كوهين سيات، مقال عن مبادئ فلسفة السينما، معلومات أساسية، ومفردات علم الفيلم، PUF (الصحافة الجامعية الفرنسية)، 1958 (طبعة جديدة)، مجموعة مكتبة الفلسفة المعاصرة، ص. 220، مشار إليها في قاموس روبرت في مقالة "métrage"

(3) اصدارات YELLOW NOW  موسوعة في www.yellownow.be

(4)http://www.brefmagazine.com

(5)تعريف بالمجلةBref في موقع المجلة نفسها

(6)فريدريك جيميلو، "مجموعة الثلاثين" في المنصة الإلكترونية fgimello.free.fr.

(7) أرشيف الأيام الدولية للأفلام القصيرة في مدينة تور.

فوكسي براون

تتحوّل فوكسي براون الجميلة إلى منفذةٍ للعدالة مُصمّمة على معاقبة مهربي المخدرات المسؤولين عن وفاة صديقها.

مزيجٌ من الجنس، والعنف، هذا الفيلم الشهير الذي ينتمي إلى موجةٍ من الأفلام تُسمّى "بلاكسبلوتيشين"، أفلامٌ تمّ إنتاجها في السبعينيّات لجماهير أمريكية من أصلٍ أفريقي، ومثلها ممثلون من ذويّ البشرة السمراء.

وهو من الأفلام التي أعجبت المخرج الأمريكي كوينتين تارانتينو، وتمثل الدور الرئيسي فيه بام جرير، التي سوف تصبح "جاكي براون" لاحقاً.

في محاضرةٍ قدمها جوليان سيفيون في "ملتقى الصور" بباريس حول هذه الأفلام، يقول:

"تمّ تحديث الـ "بلاكسبلوتيشين" بواسطة كوينتين تارانتينو، وهي ظاهرةٌ سينمائيةٌ تستشهد بها الصحافة الآن بغزارة، ومع ذلك، خلف الصورة السياسية، والروح الأفريقية التي ينقلها الـ"بلاكسبلوتيشين"، يكمن "لا نوع سينمائيّ" أكثر تعقيداً - وبالتأكيد، أقلّ أفريقيةً مما يودّ البعض تصديقه.

اكتشاف عالم ليس كله دائماً بالأبيض، والأسود.

 

*****

 

*بلاكسبلوتيشينBlaxploitation/

*(Foxy Brown)، إخراج جاك هيل، مع بام جرير، أنطونيو فارجاس، إنتاج عام 1974

*جوليان سيفيّون متخصصٌ في السينما الشعبية، وسينمات الشرق الأقصى، ومؤلفٌ على وجه الخصوص:

"مامورو، أوشي، الأحلام، الحنين، والثورة"، 2012

"السينما الغاضبة في اليابان"، 2010

"البلاكسبلوتيشين، حمى موسيقى السول/الروح في السبعينيّات"، 2008

سينماتك في ـ  29 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 29.01.2023

 

>>>

135

134

133

132

131

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004