|
ربما لو كان قد قُدر لنا معرفة المُخرج الروسي (Andrey
Zvyagintsev)
أندري زفياجينتسيف باعتباره مُصلحا اجتماعيا، أو رجلا
من رجالات الاجتماع النظري الذين لا يعنيهم سوى
الكتابة فيما يدور داخل المُجتمع من أجل محاولة
تقويمه، والدفع به باتجاه أفضل، أكثر عدالة ومثالية،
ونموذجية؛ لما اختلف الأمر كثيرا عن كونه مُخرجا
سينمائيا؛ فزفياجينتسيف في جوهره مُصلح اجتماعي ضل
طريقه باتجاه السينما!
زفياجينتسيف- الذي يبدو لنا كمُصلح اجتماعي- يمارس
السينما بفرادة وأسلوبية وجمالية تختلف عن غيره من
المُخرجين الآخرين، هو في ذلك مثله كمثل المُخرج
الروسي الراحل
Andrei Tarkovsky
أندريه تاركوفسكي، الذي كان بمثابة النبي، صاحب
الرسالة الإنسانية الخالدة التي تحاول تحذير البشرية
من الدمار المادي الهائل المحيق بهم، والذي لن يؤدي
بهم في النهاية إلا إلى الدمار الكامل بموت أرواحهم
فيهم وتشويههم، ومن ثم انصبت سينماه بالكامل على
الدعوة إلى الروح، والابتعاد عن الانسياق خلف كل ما هو
مادي- فهو نبي يحاول إيصال رسالته من خلال الأفلام-
كذلك المُخرج المجري
Béla Tarr
بيلا تار الذي لم يكن- في جوهره- سوى فيلسوف حقيقي،
أداته الأولى في هذه الفلسفة- التي يتوغل مُتأملا
فيها- هي السينما من خلال أسلوبيته المُتميزة والفريدة
التي جعلت أفلامه- رغم ميلها الكبير إلى التفلسف
التشاؤمي- من أهم السينمات حول العالم، سواء من حيث
الموضوع/ الفلسفة، أو الشكل/ السينما البطيئة،
ومُميزاتها الفريدة التي لا تخفى على أحد، وهو ما يعني
أن كل مُخرج منهم مُنشغل طوال حياته بأمر ما، لكنه ضل
سبيله إلى السينما؛ فاتخذها وسيلته الأساس من أجل
التعبير عن رسالته، وثقافته، وهمه المُنشغل به. |