شعار الموقع (Our Logo)

 

 

انتهى المخرج السينمائي السوري سمير ذكرى اخيراً من تصوير فيلمه "علاقات عامة", وهو الآن في حال استراحة, إذ لم تتجاوز مدة التصوير خمسين يوماً وبموازنة 18 مليون ليرة سورية قدمتها له المؤسسة العامة للسينما في دمشق بعد ان أنتجت له من قبل "حادثة النصف متر" و"وقائع العام المقبل" و"تراب الغرباء".

والفيلم الجديد الذي يعاين مثلث الحب, يرى المخرج فيه, انه لا يستعيد هذه الموضوعة بنوع تعودنا عليه في فضاء الفن السينمائي, ففي "هذه الحركة الدورانية ثمة ما هو جديد". جاء هذا في حوار مع ذكرى هنا نصه:

·         انت تعمل بعيداً من اي صخب إعلامي, لماذا؟

- كل شيء في وقته. الإعلام يجيء متلازماً مع العمل. والعمل يجب ان يقوّم بعد الانتهاء منه, اي عند عرضه, من دون اعطاء اي اهمية لما يسبق ذلك, من ملابسات وفضائح وكل ما يحلو للبعض ان يثيره. هذا لا دخل له بالعمل الفني, خلافات, خصومات هذه كلها من خارج العمل الفني الذي ما ان ينتهي حتى تكون الأهمية لتقويمه كقطعة فنية.

الشيء الثاني, انا من النوع الذي لا يحب المقاهي والأماكن العامة. لا أحب تداول عملي قبل الكتابة, ولا أطرح اي فكرة, لأنني أترك الأمور في داخلي كي أتعامل معها. عند التنفيذ اعتبر ان كل المشكلات التي نمر بها والملازمة للعمل الفني شيء طبيعي. وإذا ما اردنا نقاشاً مهنياً متخصصاً يجب ان تطرح هذه المشكلات للدراسة. اما في تقويم العمل الفني فليس لها علاقة, ولهذا السبب افضل ان يدخل الإعلام الذي له علاقة بالعمل الفني اثناء عرضه فقط.

·         ما هي المشكلات التي اعترضتك وأنت تعمل على فيلم "علاقات عامة"؟

- ليس هناك شيء خاص. على العكس تماماً اعتبر ان هذا الفيلم من اقل الأفلام تعرضاً للمشكلات. يعني ليس هناك مشكلات, فنحن تعودنا على الآلية التي نعمل بها. العمل يجب ان يحظى بموافقة اللجان المختصة, وبموازنة, ومن ثم يأتي التنفيذ. استطيع ان أتخيل ان اكبر المشكلات التي استجدت حالياً على الفنان الفني عندنا, ولم تكن موجودة سابقاً هي موضوع الممثلين. شيء جديد يحدث في سورية تحديداً, فأنا بدأت الاستعدادات والتصوير مع الموسم التلفزيوني وبالتالي وقعت وسط الأزمة, فالكل مشغول وفي الوقت نفسه انت تبحث عن ممثلين كبار, لكن استطعت في النهاية ان أتوقف عند مجموعة من الممثلين الموهوبين: فارس الحلو, سلاف معمار, سلوم حداد.

اصبح العمل الآن مع الممثلين مشكلة انتاجية وإبداعية, لأنه لم يعد مضموناً ذلك التفرغ الكامل كما كان سابقاً, ولم تعد مضمونة القدرة على البرمجة. وعلى رغم اننا سعينا الى تفرغ البعض ورفع الأجور, وأعطينا عقوداً ذات اجر عال تماشياً مع وضع السوق, لكن مع ازدياد العمل التلفزيوني بدأت أتأكد ان اهم مشكلة ستخلق لدينا, هي علاقة الممثل بالإبداع.

·         اعتذار بسام كوسا وجمال سليمان عن العمل في فيلمك, هل يجيء في هذا السياق؟

- هناك شيء من هذا السياق. طبعاً هناك تقديراتهما الخاصة وظروفهما. علاقة الممثلين ببعضهم بعضاً والطاقم الذي تعمل عليه كمخرج. ايضاً هما لديهما حساباتهما, ولكن يأتي اعتذارهما في هذا السياق حكماً. على رغم انهما الى الآن يعطيان الأفضلية للدور السينمائي, وبخاصة اذا كان جيداً ومتميزاً. وثمة شيء جديد يجب ذكره وهو انه على رغم ان دخولات ممثلينا باتت كبيرة, فهي لا تزال قليلة, وبالتالي العمل على فيلم واحد مثلاً لن يؤمن له العيش لسنة كاملة. على رغم ان العمل على اعمال عدة يسبب له الإرباكات الشديدة. بسام كوسا اعتذر بسبب ضغط شديد عليه, على رغم اننا عملنا معاً لمدة شهرين, ولكن بسبب ارتباطه بأعمال عدة اصبح من الصعب التنسيق معه, ولم يرد ان نبدأ التصوير وهو على هذه الدرجة من الضغط. اما جمال سليمان فاعتذر قبل ان نبدأ ولم نتعاقد معه.

·         كيف تعاطت الرقابة مع فيلمك وأنت تقارب موضوعاً معقداً (علاقة مسيحي بمسلمة)؟

- الأمر كان جديداً على الطرح, مع انني لا أعرف ما هو الجديد في بلد متعدد الانتماءات الدينية. وبكل بساطة اعطوا خبزهم للخباز كما يقال. بما يخص هذه الأمور طُلب رأي المراجع الدينية, ونحن تعاطينا مع هذا الأمر ضمن الهوامش المسموح بها.

تنوير

·         ماذا عن فيلم "تاريخ حادثة قتل"؟

- "تاريخ حادثة قتل" منع في زمن مروان حداد, يقوم حدثه الرئيس حول امرأة تتعرض للاغتصاب اثناء مراهقتها والعنف الجسدي عليها من أعداء لعشيرتها وقومها وتأثير ذلك في مسار حياتها ومستقبلها, وهذا له علاقة وثيقة بما يجري الآن وهذا السيناريو عمره أكثر من عشر سنوات ومنع, لماذا؟ إنسانة أصيبت بحال عدم توازن عاطفي ونفساني وفقدت إمكانات ضبط الذات وصارت عندها سلوكيات فيها شيء من الانحراف, فيها شيء من العصاب والغرائزية, وأنا بحثت في كل هذا بالاعتماد على مراجع علمية, وتجيء اللجنة الفكرية وترى انه لا يمكن تنفيذ هذا العمل واعتبرت انه محشو بالكثير من المشاهد الجنسية.

هذه الأشياء المرضية اعتبرت جنسية, ومأسوية الشخصية المحورية لم يلحظوها. فلنفترض انهم سمحوا لي بتنفيذ هذا السيناريو, فلن أجد ممثلة عربية واحدة تقبل بالدور, وكنت أفكر جدياً أن آتي بممثلة غير عربية, وإذا وجدت منتجاً يمكن أن يغامر بإنتاج عمل كهذا, فالمشروع لا يزال قائماً. على أية حال هذا المبدأ غير صحيح البتة!

·         كيف يمكن مخرجاً مثل سمير ذكرى لديه مشاريع عن المثقف التنويري عبدالرحمن الكواكبي أن يراعي هذا الحياء الشرقي؟

- مراعاة الحياء الشرقي ببحث شؤوننا اعتبرها إخلاصاً مني لواقعنا. أنا لا أعالج اللقاءات العاطفية على الطريقة السويدية, أنا يجب أن أعالجها بوجهيها: وجهها الحميمي المكتوم الداخلي, والوجه المعلن ذو الحياء المصطنع. يجب أن أكون صادقاً بعكس هذه الصورة لسلوكنا الجنسي والعاطفي. أما إذا كان حدث الاغتصاب عنيفاً وتريد إدانته, وليس هناك ممثلة تؤدي الدور, فهذا يعود برأيي الى التدهور الذي حصل في المجتمع العربي في العقود الثلاثة الأخيرة. والفضل الكبير لهذا التدهور يعود للأنظمة العربية.

الحياة اللبنانية في 8 أكتوبر 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

المخرج السوري سمير ذكرى:

مراعاة الحياء الشرقي في أفلامي اخلاص مني لواقعنا

دمشق/ فجر يعقوب