شعار الموقع (Our Logo)

 

 

احتفلت روسيا بمناسبة 80 عاما على تاسيس موسفيلم التي تعد اكبر مؤسسة انتاج سينمائي لافي روسيا بل وفي اوربا. وبعث الرئيس فلاديمير بوتين ببرقية تهنئة للعاملين في موسفيلم بالمناسبة، قال فيها" ان تاريخ موسفيلم يشكل جزءا واسعا من تاريخ السينما الوطنية. فهنا انتج عظماء الفن السينمائي افضل الافلام الروسية، والتي اندرج الكثير منها في "الصندوق الذهبي للفن السينمائي العالمي"

وبالمناسبة تشهد روسيا و 20 دولة اجنبية اخرى، بما في ذلك فرنسا والمانيا وهونج كونج اسبوع افلام موسفيلم التي عرضت فيها افضل افلام المؤسسة من صندوقها الذهبي. ونظمت بعض دور السينما عروض مجانية لافلام موسفليم. وتنفذ في الوقت الحاضر في اطار موسفيلم اكثر من مائة مشروع  سينمائي وتلفزيوني.

وواكب موسفيلم التاريخ الروسي الحديث منذ بداية عشرينات القرن الماضي، وانسحبت على اعماله كافة التطورات التاريخية والتلون العقائدي، واصبح مرآة انعكست فيها تقلبات الفكر والسياسة. وهناك في ستودياهاته اعاد الفنانون الكبار انتاج الحدث التاريخي بكل ابعاده، وراحوا احينا ضحايا لجرأة  الطرح الرؤية والقراءة.

وعمل في ستيودهات موسفيلم مؤسس السينما الحديثة ومنظرها سيرجي ايزنشتين (1898 ـ 1948). ومن موسفيلم خرجت روائعه التي مازالت تنطوى على اهمية فنية وتاريخية مثل المدرعة بوتيومكين واكتوبر والكسندر نيفسكي وايفان الرهيب. وانتج هناك كبار المخرجين الذين من بينهم بودوفكين ودافجينكو افلامهم التي تركت اثارها في تشكيل وعي الانسان السوفياتي حينذاك.

وادرك الدكتاتور جوزيف ستالين اهمية الفن السينمائي، واستثمره بشكل بارع من اجل تمرير سياسته والتصدي للمعارضة، ففرضت الدولة نفسها بشكل محكم على موسفيلم، وراقبت بصرامة مشاريعه، وحددت الاجهزة الحزبية المختصة الموضوعات التي ينبغي ان تتطرق لها افلام المخرجين السوفيات، واسلوب العرض، فاضفت تلك الافلام مسحة جملية على الواقع المعاش(رغم مرارته) وصورته بصورة مشوهة من اجل الايحاء للملتقي بان كل شئ على مايرام، واتسمت تلك المرحلة بالبساطة والسذاجة، وركزت على ما كان يوصف بانجازات النظام الاشتراكي وابطاله في التعاوينات الزراعية والمصانع، وتجنبت الحديث عن الفرد وهمومه واسئلته الخالدة عن الحياة والموت.

وانغمس موسفيلم بعد الحرب الثانية في تصوير انتصار الجيش الاحمر في الحرب العالمية الثانية، ومعاناة الشعوب السوفياتية في ظل الاحتلال الالماني. وتطور موضوع  فيلم الحرب في ستودياهات موسفيلم ، وظهرت من هناك الطلقة واحد اربعين التي تحدث عن الحرب الاهلية في العشرينات. وتناول الانسان الحي في الحرب، الانسان الذي لايحارب فقط، وانما يحب ويخون ويكون شجاعا ومخلصا لوطنه، ولكنه في الوقت نفسه انانيا، اويحتاج للجنس وهي الموضوعات التي ظلت محرمة.

وفي ستوديوهات موسفيلم تحولت الاعمال الادبية الروسية الكلاسيكية الى افلام سينمائية. فكانت الاخوة كراموزوف والابله والجريمة والعقاب والليالي البيضاء وغيرها من اعمال فيدور دوستويفسكي، وهناك جرى تصوير الحرب والسلام وانا كارينينا والبعث لليون تولستوي وقصص تشيخوف الساحرة واعمال تورجينيف وبوشكين وغوغول وغوركي، وانتجت ينيمائيا ملحمة الدون يجري هادئا وقسمة انسان لشولوخوف والهورب لبولغاكوف... وغيرها.وكلها في موسفيلم.

ومع هبوب رياح دافئة على الحياة السوفياتية، بعد رحيل ستالين وتسنم نيكتا خروشوف السلطة، لم تبق السينما في معزل عن التحولات الكبيرة، وشرعت بتناول الموضوعات الحساسة واتباع اساليب التصوير الحديثة، وتطورت هذه المدرسة ليخرج من بين صفوفها مخرجون كبار تركوا لمساتهم على تاريخ السينما الحديث. فعمل هناك سرجي بندرتشوك مخرج الحرب والسلام وانشودة جندي. والمخرج ذو الشهرة العالمية اندريه تاركوفسكي، الذي ادخل على اللغة السينمائية مفردات جديدة، فتحول الفيلم الى حوار ومنولوج داخلي ، انه اعاد للسينما لغتها الخاصة بعد ان كادت تتلاشى، وفي استيودهات موسفيلم اخرج اشهر افلامه التي من بينها المرآة واندريه روبلوف وستالكر وطفولة ايفان. ورغم ان تاركوفسكي كان من الفنانين الذين انشقوا فكريا  على السلطة السوفياتية، لكن الهيئات الحزبية وجدت نفسها مرغمة على الاستسلام له والاستجابة لمتطالباته، وحينما بدات بالضغط عليه ومنع تمويل احد افلامه الاخيرة، غادر تاركوفسكي الاتحاد السوفياتي وعاش وتوفي في باريس.

وتظل موسفيلم تتذكر تلك الاسماء الكبيرة مثل رومان روم الذي اتحف السينما التسجيلية براعته " فاشية عادية" وفيلمة الاخيرة " ليون تولستوي" وجريجوري تشوخراي صاحب الطلقة واحد واربعين والسماء الصافية وانشودة جندي تشوخراي .

ومن اروقة موسفيلم ظهرت الموجة الجديدة في السينما السوفياتية (الروسية) التي تجاوزت العقادية المتحجرة، وراحت تتحدث عن الحياة باعتبارها "شجرة خضراء" متجددة. وهنا اسماء الاخوين اندرية كونتشالوفسكي وونيكتا ميخلكوف. واذا ما استدعت هوليود كونشالوفسكي فان ميخلكوف حصل على الاوسكار على فيلمه "الذين اتعبتهم الشمس" وحظيت افلامه دائما باقبال واسع. وعرفت موسفيلم الممثل الكبير سموكتونوفسكي الذي تالق في هاملت.

ان تاريخ موسفيلم هو تاريخ الدولة الروسية، انه مرآة تاريخ الدولة والمجتمع. ومع انهيار الدولة، وقف موسفيلم على حافة الانهيار، وانحسرت السينما، وتشتت الطاقات وتبددت الطاقات العظيمة، وخلت ستوديهات موسفيلم. بيد ان السينما فن لايمكن الاستغناء عنه، وكافح السنمائي الروح، وبتضحية، من اجل اعادة الاعتبار للسينما، مدركا روح العصر الجديد ومتطلباته، ونظف ذهنه من رواسب الايديولوجية وفتح ذهنا لقضايا الانسان الكبرى، والسينملئيون في روسيا بوجود سوق ضخم لهم، وانهم قادرون على خلق سينما جادة وممتعة، طالما ان ستودياهات موسفيلم مازالت قائمة، حقا انها تحتاج الى تحديث. ويرى كبار السينمائيين الروس ان التحرر من التحجر الايديولوجي الذي ظل جاثما على العقول،سيمهد لصعود موجة فن السينما الروسية ويعيد لها مجدها الغابر، والتي برزت مؤشراتها في الافلام الاخيرة التي حصلت على جوائز دولية مثل العودة ودار المجانين وغيرها.

موقع "إيلاف" في  30 يناير 2004

كتبوا في السينما

 

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

إحتفالات بمرور ثمانين عاماً على تأسيس

"موسفيلم"

فالح الحمراني