شعار الموقع (Our Logo)

 

 

ستتحول قصة زواج الشاعرة الاميركية سيلفيا بلاث من الشاعر البريطاني تيد هيوز والتي أدت الى انتحار سيلفيا في الثلاثين من عمرها الى فيلم سينمائي تخرجه المخرجة كريستين جف وتلعب فيه كوينيث بالترو دور سيلفيا ويلعب دانيل كريغ دور تيد هيوز. والواقع ان قصة حياة سيلفيا بلاث تحتوي كافة العناصر المثيرة لتمثيل تراجيديا عظيمة على ايقاعات الروك أندرول.

كانت سيلفيا شقراء، جميلة، طموحة، موهوبة وانتحارية. ولقد ارادت بلاث دائما ان تصير مشهورة. وهي الآن كذلك، ولكن بسبب اخطاء غير شعرية، لم تكن مسؤولة عنها. فشهرتها الذائعة، بعد وفاتها، لا ترتكز على انتصارات أشعارها، ولكنها ترتكز على تراجيديا حياتها الخاصة. وقصتها هي ما يحتاج اليه المثقفون بدلاً من قراءة مجلة فضائحية. فهم يحبون ان يشاهدوا القصة المحزنة لسيلفيا الكئيبة، التي تعاني، والتي هي ضحية قناصها الشاعر تيد هيوز.

افضل ما يقدمه فيلم المخرجة كريستين جف هو انه يتحدى التفسيرات المألوفة لحياة سيلفيا. إذ يرفض مدير التصوير جون براونلو الانحياز لأي من الطرفين. بدلاً من ذلك، يبدو والد سيلفيا، وأم سيلفيا، وزوج سيلفيا، وحتى سيلفيا نفسها، عوامل مؤثرة في تعاستها. ويوضح الفيلم ان سيلفيا، وقبل ان تلتقي بهيوز، حاولت مرتين الإقدام على الانتحار.

يبدأ الفيلم بمشهد لقاء سيلفيا مع تيد عندما كانا تلميذين في جامعة كامبردج في نهاية الخمسينات. شاعران ملهمان يقعان بسهولة في الحب. وتبدو سيلفيا (غونيث بالترو) مجنونة بحب تيد (دانيل كريغ) الذي لا نشعر انه يبادلها هذا الجنون. ربما لأن سيلفيا كانت واقعة في غرام الشعر. إنها تريد هذا الرجل، وهو يريد ناشرا يتبناه. ونصل الى صيف حبهما، طالبان، قبل تخرّجهما، يلقيان القصائد في حالة السكر الشديد، في حفلات عامة، ويتزوجان، ويتحول صيف حبهما الى خريف، مع هبوب رياح النجاح على تيد، ومع تكاثر عدد النساء المعجبات بالشاعر الزوج. وينتقلان الى ديفون، وفجأة تبدو بلاث الجميلة شبيهة <<بميافارو>> التي تلعب دور اوفيليا. ويغادر هيوز المنزل ليرتب أمراً ما، وتنتقل سيلفيا، الى لندن، وحيدة في شقة لندنية مع طفلين، وتبدو عليها امارات الإجهاد الدائم. وبعد انشغال مرضي بالكتابة، تضع طفلها في الفراش وتضع رأسها في فرن الغاز، لتموت مختنقة.

إرباكات

هل يبدو الأمر مثيرا للاحباط، في واقع الفيلم، لا تبدو سيلفيا محبطة بما يكفي. وتبدو المخرجة جيف مرتبكة بشأن اي نوع من الاثارة العاطفية تحققه سيلفيا من خلال انتحارها.

من جهة معينة هناك أداء بالترو الذي يؤكد على احساس بلاث بالغيرة وتدهورها الى الاحباط من جهة ثانية. هناك عدم التكامل في زواج الشاعرين مع وجود معوقات عدة لاستمرار علاقتهما ويفترض مدير التصوير براميللو ان الجمهور سيكون مسحورا بالحضور المشهدي المثير لتيد وسيليفيا ولكن كاريزما الاحتفال ليست بديلا من سحر الشخصيات اذ لا نشعر بالتعاطف بين بعضها كثيرا. وتقدّم سيلفيا الصغيرة باقتراف نهفات شعرية غريبة، كأن تقرأ على بقرات مزرعتها أشعارا لتشوسر.. والزوج تيد وسيلفيا ينقصهما في الفيلم المرح والذكاء. ومع ان بالترو تقدم أداء جميلا، إلا ان كريغ يبدو غير عارف ما ينبغي فعله مع هيوز باستثناء إطالة التفكير والتأمل والسعال والاهتمام بالكتابة.  

تفضل الكعك على الإبداع

قد يتذمر البعض من ان بالترو تقدم لنا سيلفيا ضحية مثيرة للشفقة. والفيلم السينمائي ليس بحاجة لأن يفعل ذلك، طالما ان بلاث أثارت شفقتنا بما يكفي في اشعارها. والواقع ان الانتحار كان عملا لم تتقنه بلاث جيدا بسبب محاولاتها الفاشلة المتعددة ولكن الفيلم يتميز بتقديم سيلفيا فتاة صغيرة يضربها والدها ضربا عنيفا من غير شفقة.

هل نصل في الفيلم الى رؤية بلاث الشاعرة؟ الواقع، ان القليل من شعر بلاث يظهر في الفيلم، لأن حالة بلاث النفسية لا تسمح للفيلم باستعمال أشعارها، ولكن الفيلم يظهر لنا، ان مشاكل بلاث مع الكتابة لا تعود الى علاقتها بتيد أو بالاطفال، بل تعود الى رفضها الجلوس والشروع بالكتابة. فنراها في الفيلم تفضل صناعة الكعك على الابداع. تقول بلاث لهيوز أذهب خارجا لركوب الدراجة وأعود بملحمة شعرية طويلة تفعيلتها من البحر الطويل. ثم اجلس للكتابة فأجد امامي فاتورة المشتريات المطلوبة>>... ولكن النصف الثاني من الفيلم يشتغل على التأكيد البسيط على ان كل آلامها أدّت الى ظهور مجموعاتها الشعرية الأكثر شهرة والتي بعنوان <<آريل>>.

في النهاية، يصعب علينا ان نفهم المسألة المركزية التي يعالجها الفيلم. والمشكلة هي ان قصة سيلفيا بلاث، تبدو، بغير شهرتها، عادية جداً: قصة اخرى عن امرأة وحيدة، يخونها زوجها، تمزقها الحياة، تناضل في شقة ضيقة مع اطفال صغار، ثم تقتل نفسها. هذه المأساة تحدث دائما وباستمرار، ولا تتميز بخصوصية شعرية فريدة.

عن مجلة "كليتشر ـ صنداي تايمز" في  30 يناير 2004

كتبوا في السينما

 

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

فيلم عن حياة الشاعرة المنتحرةسيلفيا بلاث

كانت تقرأ لبقرات المزرعة أشعاراً لتسوشر

صفوان حيدر