وسط حضور غفير من صحفيين ونقاد ومهتمين، عرض نادى الكويت للسينما -يديره الناقد السينمائى المصرى عماد النويري- الفيلم التسجيلى"منغوليا.. رعاة السهول"للمخرج الكويتى عبد الله المخيال، حيث يأتى بعد سلسلة من الأفلام السابقة للمخرج نفسه تتبع البوادى وتكشف عن أسرارها ليؤكد على عشق المخيال للصحراء، وإن كانت الأفلام السابقة رصدت صحراوات عربية بين الكويت والسعودية واليمن ومصر، ومن ناحية أخرى يؤكد الفيلم على الأسلوب الخاص الذى انتهجه المخيال منذ بداياته، حيث البحث الدؤوب والمتمعن السابق على التصوير، الأمر الذى ينعكس على العمل فى صورته النهائية، فالمتلقى يلمس فى أفلام المخيال -وخصوصا فيلمه الأخير- جهدا علميا مغلفا بشاعرية كاميرا عيونها تفضح عشق صاحبها للمكان والبشر، وربما كانت هذه الدقة العلمية وتلك الشاعرية هما ما جعلتا فيلمه الأسبق"فى إثر أخفاف الإبل"يعرض أكثر من مرة عبر أكثر من قناة فضائية، وكذلك حرص عدد من الهيئات العلمية المهتمة بشؤون البيئة على اقتناء أفلامه. "رعاة السهول"رحلة اكتشاف جاءت فى جزأين، كل جزء فى خمسة وأربعين دقيقة، ورغم الطول النسبى للفيلم، إلا أن نعومة حركة الكاميرا وثراء المادة المصورة والتحكم البارع فى إيقاع اللقطات والمشاهد، جعلوا من الساعة والنصف -مدة الجزأين- رحلة ممتعة للمتلقى، يكتشف عبرها أجواء غريبة ويلاحق معها طرائف ومغامرات فريق العمل الذى ترأسه المخيال وأصر أن يطعم مشاهد فيلمه بلقطات تظهر مدى المعاناة التى لقيها الفريق فى هذه الرحلة"..لقد كنا نتجول على هذه الأرض بشغف شديد لمعرفة تضاريسها وأناسها وبيئتها فكنا نحث فى السير نهارا وطرفا من الليل، وكنا نتجاوز بعرباتنا المتواضعة لاختصار بعض المسافات، لقد كنا برهانٍ مع الزمن والطبيعة فأمامنا جدول زمنى وأراضٍ واسعة بأقاليم متباعدة وبين أيدينا عربات بدائية وطرق غير معبدة". "منغوليا"عالم غريب ساحر، قد لا يصدق من لم يزره -ومن لم يشاهد فيلم المخيال- أنه موجود فى عصرنا، عصر التكنولوجيا الرقمية وناطحات السحاب والتواصل عبر الهواتف النقالة والقنوات السابحة فى الفضاء، عالم تميزه المروج الخضراء والجبال الشامخة والأنهار الجارية فى جداول تكمل بخريرها سيمفونية تألفت من توافق أصوات طبيعية. عين كاميرا المخيال تفصح عن وقوع صاحبها فى غرام مشوب لهذه الدنيا الجديدة القديمة، فرحابة اللقطات مع سرعة القطع صنعا حالة موازية أو معادلة لهذا السحر الخلاب الذى يميز أرض منغوليا وشعبها البسيط، السعيد بفطرته، القنوع بمعيشته، النائى بنفسه عن منغصات التكنولوجيا وضجيجها"..وستبقى منغوليا إحدى أجمل البيئات الطبيعية على الأرض، بلد الأحلام ومحط الحالمين بالجمال، تحظى بتوازن بيئى لم تختل أركانه بعد وبطبيعة بكر لم تصلها يد التلوث والصناعة". "رعاة السهول"فيلم لم يكشف فقط عن حياة جديدة، لكنه أكد على موهبة مخرج سينمائى كويتى لم يركن -مثل غيره- إلى التباكى على حال السينما فى الكويت، ولم يكتف بالنواح والشكوى من عدم اهتمام المسئولين بالوسط السينمائى، لكنه حمل كاميراته وخرج وحده يجوب الصحراء -التى يعشق- ويعود بفيله ليفرض نفسه على الجميع، كسينمائى من طراز رفيع.. أو محترف بروح الهاوى. العربي المصرية في 9 مايو 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
فى فيلمه"رعاة السهول"لابد أن تعشق الصحراء المخرج عبد الله المخيال.. محترف بروح الهاوى محمد الروبي |
|