فيلم »ابتسامة المناليزا« هو أحد المشاريع التي قبلتها جوليا روبرتس بعد فوزها بأوسكار أفضل ممثلة في عام ١٠٠٢ ، الأمر الذي سعت إليه و رأت فيه ما يكمل بريق ابتسامتها التي حصدت شهرة كشهرة ابتسامة المناليزا. حيث يذكر المتابعون تردد عناوين أفلام كثيرة قبلتها جوليا روبرتس منذ تلك الفترة»المحيط١١،محبوبات أمريكا،اعترافات عقل خطير، الواجهة الكاملة« جميع هذه الأفلام وصلت إلى الشاشة بسلام، عدى ابتسامة الموناليزا، الذي رغم أنه نفذ في فترة مقاربة إلا أن المنتجين رأوا فيه سحرا خاصا و أرادوا له وقتا يدل على الآمال التي وضعوها عليه،فتم إطلاقه عند موسم الأعياد ليقابل الجبار»سيد الخواتم«و ينتهي به المطاف محاولا استرداد كلفته. من جهة فإن الفيلم هو البطولة المطلقة الوحيدة لجوليا روبرتس منذ فيلم»آيرين بروكوفيتش« وهو يحاول طرح موضوع جاد و معقد لكن ليس بشكل داكن. يتحدث الفيلم عن مدرسة فنون جميلة»روبرتس«، التي تنتقل من موطنها في لوس أنجلوس المشرقة إلى إحدى كليات الساحل الشرقي المحاطة بأسوار المحافظة و التقاليد. عندما تعبر المدرسة هذه الأسوار تدرك كم هي زائفة، حتى بالنسبة للقابعين تحت ظلالها فأنهم يستمرون بترديد الأسماء المتعددة لأشياء محددة عليهم مراعاتها. الجزء الأكبر من هذا الإدراك بالنسبة للمدرسة ينتج من علاقتها مع طالباتها و خصوصا أربع منهن ،حيث تكتفي الباقيات بالقيام بدور الصدى لأداء الأربع. تفاجأ المدرسة بأنه لا يوجد الكثير لعمله في غرفة التدريس طالما توجد هناك فتاة تقفل الضوء لعرض الصور،و طالما يوجد هناك دوما فتاة تأخذ منها الحديث و الشرح بعد كلمة ، ليس لإعطاء اسم اللوحة المشروحة بل لتذكر كل ما ذكر عنها في الكتاب المقرر مع الحواشي، وينتهي الدرس الأول دون أن تقول المدرسة الكثير. بعد ذلك تنتقل الكاميرا إلى حياة الطالبات ليرى المشاهد كيف تجري الأمور في الكلية، نشاهد كيف تتحول المحافظة إلى وهم في غرفهن مع تحررهن في الخروج و التصرف، لكن أحد هذه التصرفات قد جاءت بمساعدة إحدى المدرسات، الغير محبوبة جدا من إحدى الطالبات الأربع التي تقرر اقتناص الفرصة»تلعب دورها كريستين دانست« تطرد المدرسة بسبب مقال متهكم تنشره إحدى تلميذاتها العزيزات. و تدخل مفردة جديدة إلى الفيلم لتفسير تأثير المقال»القديمات« و هن النساء اللواتي كن طالبات و أصبحت بناتهن من تدرسهن هي. و في وسط هذا الجو المريض ماذا تفعل بطلتنا:لا شيء، تبدو مشغولة بنفسها تحيى في عالم آخر أغلب الوقت، تمشي عائمة و إن كانت تحدث الآخرين، تحمل تصنيفها في ملابسها، في أحد جيوبها. تتغلب على الصمت الذي فرض عليها بالخروج عن المنهج ، و فرض ثقافتها الفنية المتحررة لكنها لا تزال ضعيفة من الخارج، و أن أراد المخرج أن يظهر لنا عن قصد أو من دون أن الكلمة الصحيحة هي نائية لا ضعيفة. تخرج التلميذة التي يعزى إليها التصلب و المقاومة للجديد القادم من الكلية لتتزوج. مما يتيح للمدرسة فتح آفاق الطالبات، و تركهم يتكلمون ليس من الكتب التي يحفظنها بل من ذواتهم هذه المرة،و هو الجزء الأفضل من الفيلم، الجزء الذي يظهر فيه حديث الطالبات ينتقل التركيز إلى حياتهن، ماذا يفعلن؟ما تأثير حرية الفكر التي تنعكس على حياتهن، و نترك برضى المدرسة في متاهتها لفترة.تصل أخبار التغير لآذان الطالبة العنيدة التي تركت الكلية لتجد نفسها في زواج بارد، و للتحدي لا غير تعود إلى الصف لتفاجأ بعمق التغير. وكمحاولة أخيرة تكتب أحد مقالاتها السامة التي تؤدي إلى توبيخ المدرسة، بما أنها في حالة اختبار و ليست مدرسة معتمدة. نجد المدرسة قد أصبحت أكثر جرأة و ترد بشراسة على الفتاة التي تغيرت بدورها و شهدت بعينيها زيف النظام التي تدور فيه. وفي غرفة صغيرة كئيبة تجتمع الهيئة المخولة لصياغة نوع العقد الذي على المدرسة قبولها حتى تستمر في هذه المؤسسة. يأتس رد المدرسة المتوقع بالرفض و تكتب خطاب يتسع له المشهد الأخير من الفيلم تقول فيه أنها أتت لتحدث تغير، الجزء الأكبر من التغيرات التي رأينها في الفيلم كان في شخصها هي. يستمر الخطاب مع صورة المدرسة و هي تركب سيارة الرحيل و ترافقها طالباتها على دراجاتهن و أخيرا تظهر ابتسامة المناليزا بشكلها الجديد على وجه جوليا روبرتس لتختتم الفيلم. ليس سهلا نقد هذا الفيلم، الوصف الأدق، أننا سنجد أنفسنا أمام مشاهد رائعة ليس أمام فيلم رائع، حيث تكتنز كل قصة تجد لها مكان في مشهد ما، كما جيدا من الأفكار و التنفيذ لكنها تعجز-القصص- عن الارتباط مع بعضها البعض.الانطباع الذي حصده الفيلم من الجمهور المحلي أنه فيلم استثنائي لأنه يغطي مرحلة مهمة و يعرض الكثير من الأفكار بشكل ذكي، بالذات هناك مشهد الطالبة الشرسة التي تجلس مع أمها التي تحاول إقناعها بالتمسك بزواجها البارد، بينما تحدث البنت أمها عن ابتسامة المناليزا و هي تضع صورة اللوحة أمامها، و تقول لأمها أن تنظر إلى الصورة، هل هي سعيدة؟ مأساة الفيلم أنه ليس سيئا تماما، و هي مشكلة أخرى لقد حوى الفيلم أكثر مما ينبغي، حيث أغرق المخرج الفيلم بالتفاصيل و القصص الجانبية دون أن يستطيع ربطها و ظلت هذه القصص تسبح منفصلة دون تجانس. يأتي دور جوليا روبرتس صاحبة الابتسامة، الممثلة التي تتمتع بشخصية شديدة الإيجابية والتي تخطت خجل البدايات لتحيا حياتها أمام العدسات، و هي من القليلات اللواتي نجحن في الاندماج في حياة من هذا النوع. يدرك من يتابع جوليا روبرتس أن دورها الأهم هو شخصيتها الحقيقية. الشخصية الطاغية التي بعد أن عرفت معرفة جيدة في وسائل الأعلام استحال على جوليا تأدية شخصيات أخرى. منذ صعودها في نهاية التسعينات بدأت جوليا تواجه هذه المشكلة،و تلافت المشكلة بالانغماس في أفلام الرومانسية الكوميدية،و بعد فوزها بالأوسكار كبحت جماح موهبتها بأدوار صغيرة المساحة، لكنها في هذا الفيلم و قد عادت إلى البطولة تعجز أن تكون أي شخص آخر سوى نفسها. تعجز عن إعطاء ابتسامة المناليزا الحقيقية، لتبتسم ابتسامتها الأكثر بريقا. الأيام البحرينية في 6 أبريل 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
فيلم "إبتسامة الموناليزا": إبتسامة تطل من فيلم طموح علي مدن |
|