بعد سنوات من التردد والإقدام ثم التراجع, وبعد عقود تعيين كتاب ومخرجين وممثلين والإقلاع عنهم, يبدأ هذا الشهر تصوير جزء جديد من المسلسل السينمائي باتمان تحت عنوان باتمان يبدأ. شركة وورنر التي تنتج المسلسل كانت متحمسة في كل هذه المرات, لكنها لم تكن مرتاحة إلي الطريقة التي سيجري بها تقديم الشخصية النارية الداكنة. وفي إحدي المرات فكرت أن تدمج باتمان وسوبرمان معا... وتحركت هوليوود كلها حماسا لهذه الفكرة, لكن هوليوود أقلعت عن الفكرة وقررت الفصل بينهما. وإلي حين بدا كما لو أن الجزء الخامس من هذا المسلسل السينمائي لن يري النور. إلي أن تغير الحال وتبدل الوضع وإذا بالفيلم أصبح حقيقة... لكن لنتمهل ونعود إلي الوراء. إلي البداية. بعد نتائج مزرية علي الصعيد التجاري لحقت بالجزء الرابع من باتمان وكان تحت عنوان باتمان وروبين, قررت وورنر, صانعة سلسلة باتمان من العام1989, وضع الشخصية المستلهمة من رسوم الكوميكس علي أعلي رف حيث ليس من السهولة العودة إليها في الوقت الحالي. باتمان وروبين فشل لسببين مهمين: لقد تحدث عن الشرير أكثر مما تحدث عن البطل, وجاء بهرجة إنتاجية أكثر مما جاء عملا سينمائيا ذا قواعد فنية. المخرج جوويل شوماكر, الذي كان أخرج الجزء الثالث أيضا, فكر أن أهم وسيلة للنجاح هي شق طريق ملتو يتم عبره الاحتفاء بالممثلين والعناصر الإنتاجية وحسب. أما القصة وعملية إدماج الجمهور بها فيمكن أن تبقي في الخلفية... الذي حدث نتيجة ذلك هو أن الفيلم هو الذي بقي في الخلفية. باتمان الرابع لم يسترد كلفته في أمريكا, وإذا ما جمعت ما حققه عالميا وجدته لا يزال أقل مما صرف عليه. وإذ تم إسناد الشخصية الشريرة لأرنولد شوارزنيجر أصبح الفيلم قصته وبطولته عوض أن يكون قصة وبطولة باتمان نفسه كما لعبه جورج كلوني. لا عجب أن كلوني قرر عدم تمثيل هذا الدور بعد اليوم. الي ذلك, وحفظا لنجومية شوارزنيجر واصل الفيلم تخفيف حدة شخصيته السينمائية الي نهاية الفيلم حيث قلبه- فجأة- الي رجل طيب.. لن يموت, كشأن باقي الأشرار بل لن يستمر شريرا. هذه المعالجة وأسلوب التناول بأسره كان كافيا لكي تفقد هوليوود الثقة بشخصية الرجل- الوطواط. وهي, علينا أن نذكر, شخصية أكثر دكانة من شخصيات أخري في دنيا الكوميكس. أكثر دكانة من سوبرمان الذي تقع معظم أحداثه نهارا( مقابل أحداث تقع ليلا في عالم باتمان), أكثر دكانة من سبايدر مان الذي ينتقل في تدرج بين الانفعالات وبين وضح النهار وظلمة الليل. أدخل باتمان وروبين السلسلة كلها إلي الكاراج. الإخفاق يعني أن الجمهور فقد ثقته بالسلسلة وأن هناك خطورة من إنجاز جزء خامس جديد. وهذا استمر لما تبقي من التسعينيات, قبل أن يبدأ التفكير مجددا بالمجازفة بباتمان جديد. وللغاية أخذت هوليوود تكتب وشركات الأفلام تتصل. وقائمة كبيرة من الممثلين المرشحين تعاقبوا. تم التفكير لفترة قصيرة بالعودة إلي الممثل مايكل كيتون, الذي لعب الشخصية في الفيلمين الأولين (وهما أفضل المجموعة إلي الآن). ثم تم اختبار مزاج جورج كلوني الذي كرر رفضه. بعد ذلك صعدت الأسماء وهبطت سريعا من مارك وولبرج إلي اد بيرنز ومن ذ روك( بطل ملك العقارب) إلي إد نورتون لكن أحدا لم يكن مستعدا تمثيل تكملة لفيلم سقط أو لفيلم يتم صنعه في أنابيب الاختبار. إد نورتون من بين من رفضوا الفكرة قبل أن يقرأ السيناريو. رفضها كونها لا تقدم أو تؤخر بمهنته. إلي ذلك, كان نصف درزينة من كتبة السيناريو ينسجون خيالاتهم علي الورق. وبعض هؤلاء وصل إلي نقطة الاعتبار بينما تزحلق الآخرون بلا تقدير. لكن حتي الذين استطاعوا بيع نتاجاتهم الفكرية إلي منتجي الفيلم وجدوا ما كتبوه يوضع في الأدراج. كانت هوليوود تبحث عن شيء جديد ومختلف. وكما حدث مع الكتاب حدث مع المخرجين. قبل ثلاث سنوات كان المخرج, غير المعروف بأي أعمال ذات أهمية, بواز ياكين المرشح لإخراج هذا الباتمان لكنه خرج من بوابة وورنر ولم يعد. بعده تم التفكير بالمخرج دارن أرونوفسكي الذي كانت لديه بضعة أفكار جريئة إنما ليست بياعة. بعده, عندما فكرت هوليوود بدمج باتمان مع سوبرمان اختارت مخرجا قويا للغاية هو وولفجانج بيترسون, لكن مع التردد الذي أصاب عملية المزج هذه, قرر بيترسون اللجوء إلي مشروع كبير آخر( يصور حاليا تروي مع براد بت). المخرج كريستوفر نولان, الذي أثار الإعجاب بفيلميه مومنتو وأرق, اكتشف الوسيلة. لقد وجد أن الوسيلة الصحيحة لإعادة باتمان قويا إلي الشاشات لا تتعلق بمن سيقوم بالبطولة( فهو مقنع في60 بالمئة من المشاهد علي أي حال) بقدر ما يتعلق بما سيركز عليه الفيلم. حين بدأ البحث مع شركة وورنر حول الاحتمالات حث الشركة علي أن تعيد النظر في المفهوم بأسره. ونتج عن هذه الدعوة أمران: قرار العودة إلي بداية البدايات بالنسبة لقصة باتمان, حيث سنري في الفيلم المقبل القصة الأولي لكيف أصبح باتمان... باتمانا, وقرار تليين النظرة الداكنة وجعلها أكثر سهولة وليونة. والمصادر الناقلة لأخبار التصوير تقول إن المفهوم الجديد هو تقديم باتمان الجديد كما لو كان ابن عم جيمس بوند وليس شقيقا لباتمان السابق. والمشروع كما يقف الآن أمام الكاميرا موزع علي النحو التالي. الممثل كريستيان بايل أمريكان سايكو من بين أهم أفلامه الأخيرة) سيلعب دور الرجل الوطواط وشرير الفيلم الأول هو الممثل الياباني كن واتانابي( تعرف عليه الجمهور العالمي في الساموراي الأخير والشرير الثاني هو ليام نيسون( شيندلر) في لائحة شيندلر. باتمان البداية ليس الفيلم الجديد الوحيد الذي يتميز بكبر حجمه وكبر حجم شخصياته وبكونه مسلسلا سينمائيا ناجحا( بصرف النظر عن خيبة أمل جزئه الأخير) فهناك عدد من المشاريع المماثلة تحمل أرقاما إلي جانب عناوينها وطموحاتها. ففصل سوبرمان عن تقاسم البطولة مع باتمان لم يقض علي فرصة سوبرمان في العودة إلي الصالات في جزء جديد( وهذا المسلسل له قصة وخلفية مختلفتان تماما يستحقان موضوعا مستقلا فيما بعد). وأحد أهم هذه المشاريع العائدة بعد فترة من الغياب هو الجزء الرابع من إنديانا جونز. في العام2003, وخلال مقابلة هاريسون فورد طرحت عليه سؤالا حول ما الذي آل إليه ذلك المشروع: أفهم أن هناك سيناريو جاهزا. لم أقرأه بعد اذ لم أستلم نسخة عنه بعد... لكن سبيلبرج مستعد وأنا مستعد وأعتقد أن المشروع سيكون جاهزا للبدء في العام المقبل. الحقيقة أن السيناريو الذي تحدث عنه فورد وجد اختلافا في وجهات النظر بين المنتجين ستيفن سبيلبرج وجورج لوكاس( يملكان معا حقوق السلسلة الناجحة). الأول عجبه السيناريو أما الثاني فلم يتحمس له مطلقا. هذا ما أدي, في مطلع هذا العام, إلي وضع المشروع بأجله علي النار الهادئة من جديد. وبما أن حصة كل منهما متساوية فإن سبيلبرج لا يستطيع المضي وحده إذا ما كان نصفه الثاني غير راض عن العملية بأسرها. عودة ثالثة قيد التحضير حاليا هي الكوميديا المعروفة بـ بينك بانثر. لمن ترعرع في أواخر السبعينيات وفي الثمانينيات, الشخصية ليست غريبة. لقد مثلها الراحل بيتر سلرز لاعبا شخصية المتحري الفرنسي الذي يدعي الذكاء لكنه يتمتع بطيبة قلب تستولي علي قدراته العقلية ما يوقعه دائما في مشاكل مستعصية. المهم أن عقدا أو أكثر مر علي آخر مرة تم فيها إنتاج فيلم من هذه السلسلة( كلها من إخراج بلاك إداواردز الذي احتفي به في حفلة الأوسكار هذا العام). وحاليا يتم تعيين الممثلين والاستعداد للبدء بالتصوير خلال الصيف الحالي. بينما ينتمي انديانا جونز لبراماونت, كشركة توزيع, وبينك بانثر إلي مترو جولدوين ماير, تستحوذ شركة يونيفرسال علي بعض أهم الشخصيات الخيالية في تاريخ السينما. لديها دراكولا وفرنكنشتاين والرجل الذئب وقد أنتجت أفلاما حول هذه الشخصيات من الثلاثينيات إلي السبعينيات. بعد نجاح المومياء الذي هو أيضا من ممتلكاتها, تتطلع الشركة إلي تلك الشخصيات وتنفض حاليا الغبار عنها. المؤكد أن العام المقبل, عام باتمان سيكون عاما أكثر من مشروع مماثل. لا ننسي أن سبايدر مان سيعود كذلك العفريت وحلقة رابعة من جيروسيك بارك وفيلم جديد من السلسلة الأطول جيمس بوند. إنها هوليوود يا أصدقاء.... إنها هوليوود!* الأهرام العربي في 17 أبريل 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
على جناح كوميديا السبعينات المعروفة بـ بينك بانثر: عودة باتمان أكبر مما كان محمد رضا |
ز
ملصق "باتمان إلى الأبد"
ملصق "باتمان يعود"
|