تتعامل السينما المصرية مع المطربين بقاعدة نفع واستنفع فأغلب المطربين الذين مروا علي السينما, باستثناء عبدالوهاب, عبدالحليم حافظ, فريد الأطرش, محمد فوزي, عبدالعزيز محمود, ومن نجوم الجيل الحالي مصطفي قمر, محمد فؤاد, أكلتهم السينما لحما و رمتهم عظما.والبداية أن منتج الفيلم يريد نجاح فيلمه بأي شكل من الأشكال, من خلال إقحام رقصة ليس لها مبرر أو حشر دور لمطرب ليس له معني إلا الاستفادة من نجاحه كمطرب واستقطاب جمهوره إلي السينما. وقد شرب من هذه الكأس كثير من المطربين, كانت علاقتهم بالسينما مجرد زيارة, زيارتين, ثلاث زيارات بالكثير, بعدها تعطيهم السينما ظهرها وقائمة هذا النوع من المطربين الزهورات طويلة, منهم: إبراهيم حمودة, جلال حرب, محمد أمين, كارم محمود, محمد عبدالمطلب, محمد قنديل, محمد العزبي, كمال حسني, محمد رشدي, ماهر العطار, عبداللطيف التلباني, أحمد عدوية, كتكوت الأمير, عماد عبدالحليم, محمد ثروت, علي الحجار, هاني شاكر, مدحت صالح, محمد الحلو, إيمان البحر درويش, علي حميدة, حلمي عبدالباقي, حسن الأسمر, وآخرهم شعبان عبدالرحيم وريكو, الذي يشارك عادل إمام بطولة فيلمه الحالي عريس من جهة أمنية, الأهرام العربي تفتح هذا الملف: في البداية يقول المطرب محمد رشدي عن ظروف عمله في السينما في الماضي, عندما كانت تنجح أغنية لمطرب, كان المنتجون والمخرجون يسعون إليه للقيام ببطولة أفلامهم دون مراعاة للقصة أو الإخراج, المهم لديهم استغلال النجاح الكبير الذي حققته الأغنية, فمثلا بعد نجاح أغنية عدوية اتصل بي المخرج كمال صلاح الدين للقيام ببطولة فيلم يحمل نفس اسم الأغنية علي أن أغنيها في الفيلم, وهذا الأمر لم يقتصر علي فقط, لكنه حدث لكل أبناء جيلي, مثل ماهر العطار و عبداللطيف التلباني, وعادل مأمون, وكمال حسني وغيرهم. ويستطرد رشدي قائلا: السينما أخذت مني ولم تعطني, وهذا راجع إلي أنني أركز فيها, وحاليا أشعر بالندم لعدم تركيزي فيها, لأنها وثيقة مهمة, صحيح أنني لم أكن بموهبة وإحساس عبدالحليم حافظ ولا بخفة دم محمد فوزي, لكن بتكرار التجارب السينمائية كان من الممكن أن أصل إلي مستواهم الفني. البوابة السحرية ويؤكد ا لمطرب ماهر العطار أنه استفاد من أفلامه الثمانية التي قدمها في السينما استفادة كبيرة, ويقول: يكفيني فيلم النغم الحزين, الذي يعتبر أول أفلامي وأحبها إلي قلبي, حيث قدمت من خلاله أغنية بلغوه التي كانت سببا في شهرتي, والبوابة السحرية للدخول إلي عالم النجوم, ومن خلال الأفلام التي قدمتها حققت شهرة عريضة في الدول العربية, وعرفني الجمهور العربي, وعندما كنت أسافر لإحياء حفل غنائي في أي دولة عربية, كنت أجد ترحيبا كبيرا, وكانت تطلب مني الأغنيات التي كنت أغنيها في الأفلام, وهذا إن دل علي شئ فيدل علي أن أفلامي حققت نجاحا كبيرا رغم أنها كانت أفلام بسيطة, ولم ينفق عليها بسخاء مثل أفلام فريد الأطرش, محمد فوزي و عبدالحليم حافظ. لم يتركوا بصمة أما المخرج محمد النجار الذي قام بإخراج أكثر من فيلم غنائي في الفترة الأخيرة مثل رحلة حب- قلب جرئ- ميدو مشاكل- بحبك وأنا كمان, فيقول: الفيلم الغنائي نوع مهم جدا في السينما قد تواجهه لحظات صعود يتألق فيها, ثم لحظات هبوط وكساد مرتبطة بالمزاج النفسي للمشاهدين, إما بظروف السينما نفسها فنيا واقتصاديا, حيث إن الأفلام الغنائية هي أكثر أنواع السينما تكلفة وصعوبة في التنفيذ أيضا, لكنها في المقابل أكثر الأنواع نجاحا, حيث المزاج الشرقي عموما هو مزاج وجداني عاطفي أكثر منه مادي أو واقعي, وكان المغنون دائما ومن البداية هم سادة السينما رجالا ونساء, أيا كانت علاقتهم بالتمثيل نفسه, فالجمهور يذهب لكي يري الصوت الذي سمعه وأحبه, وهو يتحرك علي الشاشة, لذلك لم تكن مصادفة أن تكون أزهي عصور السينما المصرية إنتاجا وغني فنيا وماديا ورواجا جماهيريا هي العصور التي كانت السينما فيها تغني, وأزهي فترات السينما هي المرتبطة بالأساطير المغردة: عبدالوهاب, أم كلثوم, ليلي مراد, أسمهان, شادية, محمد فوزي, فريد الأطرش, عبدالحليم حافظ, وبين كل اسم من هذه الأسماء ظهر مجموعة أخري من المطربين لم يبلغوا حجم الأسطور ة, لكنهم حققوا نجاحا جماهيريا كبيرا في مجال الغناء, كان كافيا وحده مع أي قصة وأي مخرج لأن يدفع الناس إلي دور العرض, لكن هذه الأصوات لم تترك بصمة في عالم السينما, حيث افتقدت المخرج الذي يوظفها بطريقة صحيحة. أفلام زبالة أفلام زبالة, بهذا الاعتراف الصريح والجرئ بدأ المطرب محمد الحلو حديثه معنا, وأضاف: أفلامي الخمسة التي قدمتها غير ر اض عنها وقدمتها لأثبت فقط أنني أصلح للسينما, لأنني اتجهت إلي السينما في أسوأ ظروفها, حيث كانت تسيطر علي السوق السينمائية أفلام المقاولات, وأفلامي كانت تنتمي إلي هذه النوعية من الأفلام الهابطة التي لم تضف إلي, بل بالعكس, أخذت من رصيدي الغنائي. الاندفاع وعن تجربته الوحيدة في فيلم ابن مين في المجتمع, يقول المطرب محمد ثروت, الاندفاع والتجربة وحب السينما والعمل مع مخرج الروائع حسن الإمام كانت وراء تقديمي لفيلمي الأول والأخير حتي الآن, والذي قدمت من خلاله مجموعة من الأغنيات الجميلة, كلمات عبدالفتاح مصطفي وألحان أحمد صدقي, لكن بصفة عامة لم تخدمني السينما, ولم أقدم من خلالها ما أريد, حيث كنت أحلم بأفلام غنائية علي غرار الأفلام التي قدمها فريد الأطرش ومحمد فوزي وعبدالحليم حافظ. خدعوني المطرب شعبان عبدالرحيم, الذي قدم للسينما فيلم مواطن ومخبر وحرامي, وفلاح في الكونجرس يقول: لست راضيا إلا عن فيلم مواطن ومخبر وحرامي الذي قام بإخراجه داود عبدالسيد, حيث قدمني من خلاله في صورة جميلة, واستطاع أن يخرج مني أشياء جيدة, والجمهور والنقاد اعجبوا بأدائي وتمثيلي وبموهبتي, لكنني غير راض عن فيلمي الثاني الذي فشل فشلا ذريعا لأن القائمين عليه- منهم لله- خدعوني ولم يقوموا بعمل الدعاية اللازمة للفيلم, بالإضافة إلي أن مخرج الفيلم لم يكن بحجم الأستاذ داود, الله يمسيه بالخير. وعن ما يردده البعض من أنه انتهي بعد هذا الفيلم, يقول مغنيا.. شعبولا هو هو.. وارتاحوا ما تشمتوش شعبان بيغني لسه والفيلم ماوقعوش إيه إيه إيه.. نادم عن ظروف إنتاجه لفيلم فلاح في الكونجرس الذي قام ببطولته شعبان عبدالرحيم, يقول المنتج شريف عبدالعظيم, لا تذكرني بهذا الفيلم, فأنا نادم علي إنتاجي له, وقمت بإنتاجه في ظروف خاصة جدا, حيث كان من المقرر أن أشارك الشركة العربية في إنتاج فيلم بطولة هاني رمزي ومني زكي وحلا شيحا, لكن مؤلف الفيلم لم يكن قد انتهي من كتابته, فاقترحت علي الفنانة إسعاد يونس المسئولة عن التوزيع ودور العرض في الشركة تقديم فيلم جاهز لديها بطولة شعبان عبدالرحيم, الذي كان مرتبطا مع الشركة بعقد احتكار حتي عام2004, فاضطررت تحت إلحاح منها لإنتاج الفيلم, لكنني بصراحة لست مقتنعا بشعبان كمطرب ولا كممثل, ولا كصوت حيث لا يمتلك أي موهبة سواء في مجال الغناء أو التمثيل, وكان مجرد فلاش ظهر واختفي والدليل علي صحة كلامي.. أين هو الآن؟ حلم آخر عنقود المطربين الذين اتجهوا إلي السينما في الفترة الأخيرة ريكو, الذي يقول: السينما كانت بالنسبة لي حلما وتحقق بفضل المخرج رضوان الكاشف, الذي قدمني في فيلم الساحر, ومن خلال هذا الفيلم حصدت إعجاب الجمهور وحققت أغنية عادي في المعادي التي قدمتها في الفيلم نجاحا كبيرا, ورغم أنني لم أدرس التمثيل, إلا أنني أجد في نفسي القدرة علي الأداء, وأتمني أن أواصل في السينما وأقدم أفلاما غنائية خفيفة الدم مثل التي قدمها المطرب الذي أعشقه محمد فوزي. افتقاد المخرج ويري الناقد السينمائي طارق الشناوي أن كل المطربين الذين فشلوا في السينما لم يقدموا أفلاما في مستوي أفلام عبدالحليم حافظ, فريد الأطرش, محمد فوزي, وعبدالعزيز محمود, ويضيف الشناوي: هؤلاء المطربون يفتقدون القدرة علي الأداء والتمثيل, وفي نفس الوقت لم يصادفوا المخرج الذي يكتشف مواطن الجمال لديهم, ويوظفهم التوضيف الصحيح, ويداري عيوبهم, وبالتالي فشلت أفلامهم, بالإضافة إلي أنه يوجد مطربون مثل محمد ثروت محمد الحلو, علي الحجار, هاني شاكر, عماد عبدالحليم, إيمان البحر درويش, وغيرهم من أبناء جيلهم ظهروا في توقيت سيطرت فيه أفلام المقاولات والمخدرات علي السينما, وبالتالي لم يحصلوا علي فرصهم السينمائية حتي محمد منير الذي يعتبر أكثر أبناء جيله حظا في السينما, فشل فشلا ذريعا رغم تعامله مع مخرجين كبار مثل يوسف شاهين. أما بالنسبة لجيل المطربين الجدد, فقد أثر الفيديو كليب الذي يذاع باستمرار علي كل القنوات تأثيرا سيئا علي أعمالهم السينمائية, لهذا لم يحقق أحد منهم النجاح الكبير* الأهرام العربي في 17 أبريل 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
تأكلهم لحماً وترميهم عظماً المطربون ضحايا السينما المصرية تحقيق: أحمد السماحي |
|