سينماتك

 

(ليونيداس) ملك إسبارطة والثلاثمائة

محارب في مواجهة جيوش كسرى

رجا ساير المطيري

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

مقالات ذات صلة

سينماتك

 

ارتبط اسم مملكة (إسبارطة) بمعاني البطولة والشجاعة منذ القدم فهي موئل الشجعان ومهد المحاربين، خلدها شاعر اليونان (هوميروس) في الإلياذة والأوديسة، وجاء ذكرها في المأساة اليونانية (الأورتيسة) التي نظمها (إسخيلوس) في القرن الخامس قبل الميلاد، أما الفيلسوف الأثيني أفلاطون فهو معجب بنظامها الصارم في التربية فرسم على هداه ملامح مدينته الفاضلة، فالمعروف عن إسبارطة أنها تربي أبناءها على القسوة والشظف منذ الصغر، حتى إذا شبوا كانوا محاربين أشداء، لذا كان طبيعياً أن يرتبط اسمها بذكر الملاحم والبطولة. ومن هنا كان سبب عناية (السينما) بهذه المملكة وبالفترة التاريخية التي عاشت فيها، كونها فترة صاخبة بالأحداث والمواقف والصراعات، وجد السينمائيون فيها ثراء فكرياً وغنى بصرياً، فلجأوا إليها لصنع أفلام ملحمية تدغدغ عموم الجماهير بالشكل المبهر من جهة وتجذب المثقف بعمق أفكارها من جهة ثانية. وآخر هذه الأفلام كان فيلم (300) الذي شغل الجمهور هذه الأيام وأعاد إلى الأذهان إسبارطة وملوكها وأبطالها الخالدين.

فيلم (300) المعتمد على قصص رسومية للكاتب الأمريكي (فرانك ميللر) يذهب إلى عمق التاريخ وينتشل من هناك أسطورةً ترسم الحرب الدامية التي جرت في العام 480قبل الميلاد بين الإسبارطيين والفرس. وبطل هذه الأسطورة هو ملك إسبارطة (ليونيداس) -أو ابن الأسد- الذي وقف ضد رغبة آلهة اليونان وتجاهل نبوءات الأوراكل ليواجه، هو وثلاثمائة محارب من خيرة أبناء إسبارطة، جيش كسرى المكون من مئات الآلاف من الجنود، في المعركة الفاصلة التي عرفت باسم معركة (ثيرموبلاي). الفيلم يبدأ مع رسول كسرى إلى إسبارطة الذي جاء من بلاد فارس ليعرض على الملك (ليونيداس) رغبة (كسرى) في الاستيلاء على إسبارطة وضمّها إلى مستعمراته لكن (ليونيداس) يرفض العرض ويفضل المواجهة والموت على خيار الاستسلام والخنوع، ويستعد لمواجهة الجيوش الفارسية عند مضيق ثيرموبلاي قبل ولوجها مملكة إسبارطة، فيبدأ في مخاطبة حرس الآلهة والأوراكل من أجل دعم خيار الحرب، لكنه يصدم برفضهم فيقوم عندئذٍ بالتصرف بمفرده ليجمع أفضل ثلاثمائة محارب في إسبارطة ويذهب بهم إلى ساحة المعركة مسطراً أروع معاني التضحية والبطولة ومحققاً لاسمه خلوداً أكيداً في صفحة التاريخ.

ما يمكن ملاحظته في الفيلم هو مدته القصيرة بالنسبة لفيلم ملحمي، فالمعتاد من الأفلام التي تتحدث عن الملاحم التاريخية أن تمتد إلى أوقات طويلة تصل في بعض الأحيان إلى ثلاث ساعات، أما فيلم (300) فهو يقول كل شيء في ساعة ونصف تقريباً، ولعل هذا أحد مزاياه وهي أنه اكتفى بتصوير حدث واحد فقط هو المواجهة بين الفرس والإسبارطيين ولم يغرق في سرد تفاصيل أخرى لا تعنيه ولا تخدم هدفه النهائي، فالفيلم لم يصنع ليقدم وجبة تاريخية يسرد فيها تفاصيل تلك الحقبة وما جرى فيها من صراعات، إنما هدف أولاً وأخيراً إلى إعادة رسم الأسطورة وتصوير مشاهد معركة (ثيرموبلاي) بذاتها دون أي شيء آخر، حتى أن الأحداث الفرعية التي تنشأ بين كسرى والخائن، وبين زوجة الملك ورجال الدولة، كلها تدور حول هذه المواجهة لتؤكد من حضورها الطاغي، والنتيجة إيقاع سريع ومواجهات مثيرة تبدأ من أول مشهد وتنتهي عند عتبة المشهد الأخير.

الفيلم تمكن من رسم الأسطورة كما هي دون محاولة لجعلها أكثر عقلانية كما فعل الألماني (ولفغانغ بيترسون) في تجربته السيئة في فيلم (طروادة-TROY)، في (300) سنجد أشكالاً غريبة وبشعة لأفراد الجيش الفارسي، وسنرى مخلوقات ضخمة تشارك في المعركة، وأجواء سوداء قابضة ترسم الفرس بأبغض صورة ممكنة، وهذا كله يتسق مع طبيعة الأسطورة من حيث هي أسطورة، ومع طريقة الشعراء في تخليد التاريخ والأساطير، فالشعراء تغلب عليهم العاطفة ولا يعنيهم الإنصاف قدر ما تعنيهم الحماسة والإثارة، وهم منحازون دائماً، فلا غرابة أن يظهر الفرس بهذا الشكل البغيض طالما أن الأسطورة يونانية المصدر، وضعت أساساً لتخليد بطولة أحد فرسانها أمام جيش معتدٍ وغاصب، فالفيلم بهذا الشكل يبدو كما لو كان قصيدة ملحمية يتلوها علينا أحد شعراء اليونان بعاطفة مشبوبة ورغبة محمومة في تضخيم الحدث وتجريد الأفكار. والتجريد نلمسه في صورة (الخائن) الذي تحالف مع (كسرى) ضد ملك إسبارطة، فهذا الخائن البشع لم يظهر بهذه الصورة الكريهة إلا رغبة في الرمز إلى فعل (الخيانة)، فهو يعبر عن معنى (الخيانة) المجرد، ولأن الخيانة بشعة، فقد ظهر بصورة بشعة، هكذا نجد أن الهدف الرئيسي من الفيلم لم يكن تشويه صورة الفرس قدر ما كان إعادة رسم الأسطورة بروح الشاعر المندفع.

لكن يبقى السؤال: لماذا اختارت هوليود هذه الأسطورة الآن تحديداً؟ وهل هناك من دوافع خفية تتعلق بالأوضاع السياسية الراهنة؟ لاشك أولاً في أن هذه الأسطورة تملك من مقومات الإثارة الشيء الكثير من مشاهد قتال وصراع وبطولة يعشقها الجمهور، فالأسطورة من هذه الناحية تتضمن مغريات تجذب كل السينمائيين، وقد وضح الاهتمام بالجانب البصري عبر الاستعانة بذات التقنية التي استخدمت سابقاً في فيلم (مدينة الخطيئة-Cin City) لتظهر الصورة جميلة كما لو كانت قصة كوميكس تتحرك على الشاشة، إذن فالقصة في حد ذاتها مثيرة ومغرية تضمن النجاح التجاري لأي منتج. لكن ظهور الفيلم في هذا الوقت الذي تحتدم فيه المواجهة الإيرانية الأمريكية، وتتوالى فيه خطابات (بوش) التي تتعلق بأهداب النجاح في المستنقع العراقي الآسن، أثار العديد من التساؤلات ومنح الوجاهة للكثير من التفاسير التي تشتبه في الغرض من الفيلم، وذلك لأنه يوجّه المشاهد بوضوح إلى بغض الفرس -إيران- كما أن خطابات ملك (إسبارطة) لا تختلف كثيراً عن خطابات (جورج بوش)، ما يجعلنا -ربما- أمام فيلم سياسي موجّه. في المقابل فإنه يمكن قراءة الفيلم من زاوية مختلفة، كما هو الشأن مع كل الأساطير المحايدة، فهنا سنرى أن الغزاة الأوائل -الفرس- الذين جاءوا بجحافلهم لغزو إسبارطة لا يبتعدون كثيراً عن الجيوش الأمريكية التي غزت العراق، وعليه يمكن اعتبار كلمات ملك إسبارطة الحماسية دعوة للمقاومين العراقيين المخلصين لبذل المزيد من التضحية والاستبسال في مقاومة المحتل الأمريكي وطرده من بلاد الرافدين.

الرياض السعودية في 5 أبريل 2007

 

النوايا الحسنة (تكفي) في الحالة السعودية

رجا ساير المطيري 

ونقصد بهذا العنوان أن الأفلام السعودية القصيرة التي طفت على السطح في السنين الثلاث الماضية هي أفلام بسيطة الإنتاج بسيطة القيمة يقف خلفها مجموعة من الشباب المتحمسين الذين يرمون التجربة قبل كل شيء ولا يدّعون أنهم أتوا بما لم تأت به الأوائل، لذلك فلا بأس من النظر إلى أفلامهم على ما فيها من علل وعيوب نظرة لينة رحيمة تغض الطرف عن زلاتهم وتقفز على هفواتهم؛ نظرة مختلفة عن تلك التي ننظر بها إلى الأفلام الأجنبية ذات الإمكانات الإنتاجية الضخمة..

فالنظرة إلى الأفلام الأجنبية التي تقف خلفها إدارة إنتاج محترفة وتتوفر لها الأدوات التقنية والكوادر البشرية عادة ما تكون -أو هذا ما ينبغي عليها أن تكون- نظرة حادة وصارمة تتحرى الكمال في كل شيء وتضيق بل تتألم حين ترى عثرة تطال الشكل والمضمون، وهذا ما يبرر القسوة التي نقابل بها الأفلام الأجنبية السيئة، فردة الفعل تكون مساوية لحجم التوقعات، معاكسة لها في الاتجاه، فما دمتَ ترى الإمكانيات الهائلة وقد توفرت لعمل ما ثم ظهر بنتيجة سيئة فإنك لا تتردد في صب جام غضبك على هذه التجربة التي أضاعت وقتك الثمين، وحينها لن ترضى بمن يقول لقد أراد المخرج كذا وقصد كذا، وبأنه لم يوفق في ترجمة أفكاره الأصلية، ستقول (إن النوايا الحسنة لا تصنع فناً) فمهما كان قصد المخرج جميلاً وسامياً فإنه لا يعتد به إذا لم يظهر بوضوح على سطح الفيلم جميلاً وسامياً.

أما في الحالة السعودية والتي قلنا أنها تعاني ضعف الإنتاج والممارسة فإن العبارة تكون (النوايا الحسنة تكفي أحياناً)، ذلك أن المهم ليس تقديم أفلام متقنة -رغم أهمية ذلك بالطبع- بقدر ما هو تكوين جيل من المخرجين أصحاب الرؤى الخلاقة، وهذا الهدف يجب أن يكون حاضراً في ذهن الجمهور الذي يتوقع رؤية الكمال في أفلام المخرجين الشباب ثم يصدم حين يراها بسيطة ومتواضعة، فالمطلوب من هذا الجمهور أن يتجاوز جميع العلل وأن ينظر إلى ما هو خلف الصورة، إلى أسلوب المخرج في التعبير عن فكرته، إلى قصده الأساسي، وطريقته في بناء الفيلم وتركيب المشاهد، فمن خلال هذه الزاوية يمكن أن نكشف عن وعي المخرج ومستوى إدراكه، وعلى هذه الزاوية ينبغي أن يكون تركيزنا، فالأفلام المبنية بطريقة سليمة لابد أن نشير إليها بالثناء مهما كانت مليئة بالعيوب التقنية، لأن المهم هو أن نلمس (النوايا الحسنة) للمخرج الشاب، وهذه النوايا كافية في البداية.

الرياض السعودية في 5 أبريل 2007

 

سينما ورواية.. مدام بوفاري

رجا ساير المطيري 

في فيلم (أطفال صغار) تلعب الممثلة البريطانية (كيت وينسلت) دور باحثة متخصصة في الأدب لا تخفي إعجابها المطلق بشخصية (مدام بوفاري) إلى درجة أنها تسير على خطاها في سلوكها وعلاقاتها.. فمن عساها تكون هذه ال(مدام بوفاري) التي خلبت لب الأديبة؟. إنها الشخصية الرئيسية في رواية شهيرة تحمل نفس الاسم - (مدام بوفاري) - للأديب الفرنسي (غوستاف فلوبير) الذي نشرها عام 1857كأول أعماله الروائية وتعرض بسببها للمحاكمة.

وحكايتها تدور حول السيدة (إيما بوفاري) باهرة الحسن والجمال التي شغفت بالروايات الرومانسية في فترة مراهقتها فأصبحت أسيرة لخيالها غارقة في الوهم ومنفصلة تمام الانفصال عن واقع القرية الرتيب. لقد نشأت (إيما) في مزرعة نائية وبعيدة عن كل متع الحياة التي تصطخب بها مدينة باريس فلم تجد منجى من هذا الملل المحيط سوى الغرق في عوالم الأدب الفسيحة، حتى جاءها الطبيب الشاب (تشالرز بوفاري) ليطلب يدها من والدها وينتشلها من المزرعة ومن الحياة المملة. لكن خيبتها ظلت ترافقها حتى مع زواجها إذ لم تعثر بعد على الحياة التي رسمتها في خيالها والتي تصورت أن الزواج سيأتي بها، وتفادياً للخيبة تقرر (إيما) ترجمة تلك الخيالات الرومانسية الحالمة إلى واقع ملموس فتعمل على تطبيق أفكارها وتحقيق رغباتها المكبوتة.

علاقة رواية (مدام بوفاري) بالسينما بدأت منذ العام 1933مع فيلم فرنسي يحمل نفس الاسم للمخرج الشهير (جان رينوار)، ثم تبعته ألمانيا فقامت بعمل نسختين من الرواية أولها ظهر عام 1937والثاني عام 1969، وكذلك فعلت دولة الأرجنتين فقدمت فيلماً بنفس الاسم عام 1947، أما التجلي الأكبر لهذه الرواية فقد ظهر في العام 1949مع فيلم أمريكي يحمل نفس الاسم أيضاً وقد نال ترشيحاً للأوسكار. وآخر الاقتباسات السينمائية كان في العام 1991مع فيلم فرنسي نال ترشيحاً للأوسكار وللغولدن غلوب كأفضل فيلم أجنبي. وإضافة إلى هذه الأفلام فقد حولت الرواية إلى عدة أعمال تلفزيونية كان آخرها المسلسل البريطاني (مدام بوفاري) الذي رشح لجائزتين في البافتا عام 2000كما نالت بطلته (فرانسيس أونر) ترشيحاً للغولدن غلوب كأفضل ممثلة في مسلسل درامي لأدائها المميز لشخصية (إيما بوفاري).

الرياض السعودية في 5 أبريل 2007