سينماتك

 

شقة مصر الجديدة:

فيلم هادئ.. ينتصر للحب والحياة

طارق مصباح

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

مقالات ذات صلة

 

محمد خان خارج إطاره التقليدى يحرر طاقاته الفنية الخلاقة ويرد الاعتبار لسينما المخرج ويقدم سينما شابة حقيقية وجادة يمضمونها وتقنيتها لينسج سيمفونية من المشاعر الجميلة مع شخصيات شريط فيلمه التى تحمل شحنات هائلة دفينة من الحب فى رحلة مع الأشواق واللهفة والحنين فتكتسى كل الاشياء بالحب والعشق، وحيث يختفى الواقع بكل قسوته واعتلاله واحباطاته السياسية والاقتصادية النفسية والأخلاقية والعاطفية وتصبح للأمكنة دلالات اخرى فنرى قاهرة اخرى جديدة تتجمل وتكتسى وتخفى ما بها من قبح وعنف وتحتضن ولادة الحب بين نقيضين، فتاة الصعيد نجوي، تحيا من اجل الحب تنتظر فارس احلام يحيطها بدفئه لتحيا ويأخذها الى ما وراء السحاب تستغل فرصة زيارتها للقاهرة لتبحث عن طيف مدرسة الصبا تهاني فتذهب الى شقتها فى مصر الجديدة فتجد الشاب يحيى قد حل محل تهاني.. ويتابع شريط الفيلم فى سيناريو سلس متدفق نمو العلاقة بين نجوى ويحيى الذى يعمل فى البورصة ويهتم فقط بلغة الارقام ولا يؤمن بالحب ولا الزواج ولا الارتباط، وكيف تتغير وجهة نظره فى الحياة..

البساطة هى عنوان الفيلم و هى بساطة مدهشة وعميقة تكسب الفيلم نوعا من الوقار حيث يقدم خان فيلمه بعيون نسائية ترى الاشياء بعين القلب لتنفذ الى عمق وروعة وجمال المعنى فالشخصية المحورية فى الفيلم تدور حول امرأة غادة عادل والسيناريو وسام سليمان والتصوير نانسى عبد الفتاح والمونتاجدينا فاروق والملابس داليا يوسف وصوت ليلى مراد بكل ما يحمله هذا الصوت من دلالات رومانسية صوت الشجن والعذوبة والفرح والصفاء فى رائعة القصبجى انا قلبى دليلى عام 1947 والتى تمثل ذروة التعبير واللحن الأوركسترالى الكبير واستخدامه لطرق غربية كالهرمونيا.. كل ذلك اضفى على الفيلم حالة من الجاذبية والتنوع أسهمت فى تشكيل المتعة الجمالية من خلال لوحات سينمائية شديدة الرقى والجمال وبدون أية إثارة أو عنف واستخدام بسيط مبدع للديكور محمد عطية المليء بتفاصيل معبرة عن شخصيات الفيلم وتعكس روح المكان بالمواءمة بين الفانتازى المتخيل والواقعى الملموس وبكاميرا حساسة وإضاءة درامية موحية متناغمة مع اكثر عناصر الفيلم تميزا وهى موسيقيتامر كروان والتى اضفت على شريط الفيلم اقصى درجات التعبير الدرامى وعكست كل الدفعات الشعورية المتباينة من مشاعر لهفة وفرح وخوف وتردد وحب اضافة الى توظيف اغانى الفن الجميل القديم والمعاصر المشحونة بالحب والشجن والبهجة حيث يصيغ خان كل هذا بعناية شديدة وبلغة سينمائية متميزة فى مشاهد محكمة البناء ولقطات معبرة تحمل اكثر من دلالة، فيبدأ فيلمه بافتتاحية كورال اطفال المدرسة يغنون انا قلبى دليلى مع دخول صوت البيانو ليلمح لموقع شخصية فيلمه المحورية التى تتضح فيما بعد مع سياق الاحداث،وقد وفق خان فى اختيار ممثليه ونجح فى إدارتهم بدقة متناهية حيث تدهشنا تلقائية وبساطة اداء بطلى الفيلم غادة عادل وخالد ابو النجا ودفقة من الأحاسيس الصادقة التى لا يمكن مقاومتها وإن كانت تتحمل غادة عادل عبء الفيلم فتقدم شخصية محورية زاخرة بالاحاسيس والمشاعر والقيم فى اداء تعبيرى مدهش ومساحات شعورية متدفقة وتمكن تام من التوظيف النفسى والجسدى للتعبير عن تفاصيل الشخصية ومكنونها النفسى فتنتقل بهذا الدور الى مرحلة النضوج الفنى لتكشف عن طاقة فنية هائلة تنتظر من يفجرها.. وقد ساعدها فى ذلك مخرج يعشق شخصيات افلامه وحوار سلس بسيط وملابس غاية فى البساطة.. كذلك يخطو خالد ابو النجا خطوات سريعة الى النجومية الحقيقية من خلال تميزه ووعيه التام بمفردات الشخصية ونضج فنى واضح فى اسلوب ادائه المعتمد على فلسفة البساطة المقترنة بالعمق الشديد.

ومن اجمل مشاهد الاداء التمثيلى فى الفيلم مشهد مطعم السمك حيث تكاد ان تسمع دقات قلب نجوى غادة عادل من فرط السعادة لسماع اطراء يحيى خالد ابو النجا على شخصها فيكاد ينخلع قلبها فتهدئ من روعها وترتبك وتتلعثم و تريد ان تسمع تلك الكلمات كأغنية غرام لتشدو وتطير الى رحاب الاحلام ولكن تخشى ألا يتحمل قلبها الفرحة التى انتظرتها طوال سنين عمرها فتخونها قدرتها على سماع باقى الكلمات فتطير بعيدا حيث تجمع شتات نفسها.. ان هذا المشهد هو ذروة الاداء التمثيلى فى الفيلم فلا تملك كمشاهد الا الوقوع فى حبهما، ويبرز ايضا يوسف داود وعايدة رياض ومروة حسين كل فى دوره المرسوم فى سيناريو وسام سليمان ذى التوليفية الدرامية التى تبدو تقليدية والذى يعيبه قليلا عدم دقة رسم بعض الاحداث وبعض القصور فى بناء بعض الشخصيات الثانوية ولكنها اجادت بناء مشاهد فيلمها حيث يتطور الفيلم ويتدفق حتى وصوله الى الذروة الدرامية بحنكة وطزاجة تغفر لها كل الهنات التى كانت خارج سياق عذوبة واناقة الفيلم الى ينتهى كما بدأ وصوت المشاعر يغلف الاذان وحيث يبدد ضوء الفيلم الساطع ظلمة قاعة السينما لنكتشف وجوهاً اخرى للحياة والناس فى تسلل الحب كالعطر تتبعه انتعاشة الامل فيتجدد فينا حب الحياة ولربما نبحث عن حياة الحب، فشكرا لكل من ساهم فى صناعة وإبداع فيلم فى شقة مصر الجديدة.

العربي المصرية في 25 مارس 2007

 

خان يخون نفسه فى مصر الجديدة!

منى الغازى 

أنا قلبى دليلى قالى حتحبي حين غنتها ليلى مراد كانت تشعر داخلها أنها ستلتقى بالحب والتقت بالفعل بأنور وجدى فأكتشف كل منهما منذ اللحظة الأولى أنهما أمام الحب الحقيقى الذى يبحثان عنه.

من هذا المنطلق تتحرك المدرسة نجوي فى الحياة باحثة عن الحب حتى تقترب من سن العنوسة خاصة وهى صعيدية تسكن المنيا فتقبل بالزواج من العريس الجديد رغم إحساس الرفض الداخلى وتتم الخطبة.. وأثناء رحلة سريعة للقاهرة تقرر نجوى زيارة مدرستها تهانى التى كانت أول من علمها الحب وأول من علمها الموسيقى وتنطلق تاركة زملائها وتلاميذها متجه إلى شقة أبله تهانى فى مصر الجديدة.. فى شقة مصر الجديدة نكتشف يحيي الشاب مادى العقلية الذى يعمل فى البورصة كسمسار ولا يؤمن بالحب ويرى فى الزواج استثمارا فاشلا للحياة ويعيش فى شقة تهانى التى اختفت فجأة دون سابق إنذار ولا يعلم احد شيئا عنها اختفت فى ظروف غامضة مع جو من التشويق والغموض يحيط باختفائها ومنذ اللقاء الأول بين نجوى ويحيى نكتشف أننا أمام نقيضين فى كل شيء ولكن الحب لا يعرف المستحيل وتفقد نجوى الفرصة للسفر فى اليوم الأول بعدم اللحاق بالقطار وتتوالى العقبات لتعوقها عن السفر يوما وراء الآخر وتتوالى اللقاءات مع يحيى ليكتشف كل منهما انه أمام حبة الحقيقى.
شخصيات لا جدال أنها تنتمى إلى عالم محمد خان، عالم الشخصيات العادية والمهمشة البعيدة عن شخصيات البطولات الدرامية المفتعلة ولكن هل يكتفى محمد خان بالشخصيات ويرضيه ذلك فى باقى العناصر، فيتعامل خان هنا مع سيناريو مفكك وبه من التقليدية والتشابه مع الغير؟.. فنجد أن وسام سليمان تقدم سيناريو متشابها مع ما يراه البعض سينما مختلفة عن السائد فى السوق السينمائية فلا تختلف كثيرا عن تيمة البحث فى الماضى وحب الصدفة التى تناولتها وسام فى فيلم احلى الأوقات والتى تعرض لها سامى حسام واحمد الناصر فى ملك وكتابة و لعبة الحب بل وتزيد على ذلك زيادة فى التفكك الدرامى بدأ من افتعال مشهد الغموض والتشويق وعدم تبريرها مثل المصباح المتفجر وجهاز الكاسيت والأسانسير والأصوات الغامضة ثم تدخل إلى صميم البناء والفشل فى إيجاد مبرر لاستمرار تواجد نجوى فى القاهرة وافتعال مبررات ضعيفة لاستمرار بقائها فى القاهرة، فهل افتقدت وسام سليمان إيجاد وسيلة أخرى لإبقاء نجوى داخل القاهرة لأربعة أيام متتالية؟ فضلا عن وجود تصرفات أخرى عديدة ليس لها أى مبررات درامية حيث ضاع الزمن الدرامى والزمن الواقعى معا.. وصنع الفيلم زمنه الخاص، هذا بالإضافة إلى الأزمة الكبرى فى الجمع بين نجوى ويحيى وكل منهما يمثل اتجاها فكريا ونفسيا مضادا للآخر تماما، فقد فقد السيناريو أى نقاط مضيئة تجمع بين الطرفين وانحصر التطوير فى الاختلاف الذى يتضح فى الربع الأخير من الفيلم، ويكتفى الفيلم بالجمع بينهما بإشارات موسيقى الزفاف والعروسان فى محطة القطار وتبادل أرقام المحمول حتى يلتقيا.

يتعامل محمد خان مع الفيلم إخراجيا بأسلوب السهل الممتنع فيلجأ إلى اللقطه المشهدية وهو أسلوب مختلف عن سينما محمد خان بشكل عام ويلجأ إليه اغلب مخرجى السينما من باب التوفير فى الوقت إلا انه جاء مناسبا للفيلم رغم عدم مناسبته فى بعض المشاهد التى جاء بعضها ضعيف الحوار والآخر ضعيف الأداء كذلك جاء تأكيد محمد خان لجانب الإثارة والغموض فى الفيلم غير مناسب لطبيعة الموضوع الرومانسى ولا للبناء الدرامى بينما تتضح بقوة إمكانيات محمد خان التى مازالت فى أفضل حالاتها فى المشاهد الخارجية خاصة مشاهد محطة مصر والشوارع من باب أن التمثيل مسئولية كل ممثل وبما ان محمد خان اعتبر أن من معه من ممثلين نجوما وليسوا فى حاجة إلى التوجيه فجاء الأداء التمثيلى بشكل عام ضعيف اوغير متماسك، بدءاً من بطلة الفيلم غادة عادل التى فرحت بالشكل العام للشخصية الريفية وأهملت أهم ما فيها وهو اللغة التى هربت منها وقد يرى البعض أن أمر اللهجة بسيط ولكن بالنسبة لشخصية نجوى ابنة المنيا التى درست فى مدرسة راهبات حتى كبرت وعملت كمدرسة بها، أما خالد أبو النجا الأكثر إنتاجا فى نجوم مصر فقد قدم بالنص أداء ممزوجا بين شخصيته فى ملك وكتابة وشخصيته فى لعبة الحب إما ذلك، أو انه أحادى الأداء ولن يغير نفسه فى ظل التركيبات المتقاربة، يلى ذلك ضيوف الفيلم احمد راتب فى شخصية غير متماسكة دراميا غير مفهومة اقرب إلى شخصيات المرضى النفسيين منها إلى الطيبة وكذلك عايدة رياض التى جاءت بأدائها وملابسها اقرب إلى المرأة اللعوب منها إلى السيدة المحترمة صاحبة بيت المغتربات، يوسف داود جاء بسيطا راقى الأداء معبرا بقوة عن نموذج من أهم نماذج المهمشين والى جوارهم ظهرت بشكل جيد مجموعة من الوجوه الشابة خاصة دنيا مسعود فى دور رضوي ونشوى طلعت فى دور المرأة الحامل ولكن تأتى البراعة واضحة فى عناصر الصورة بالفيلم والديكور واختيار أماكن التصوير والألوان والملابس مما يعطى الفيلم الصورة البصرية الخاصة بأفلام محمد خان أما الموسيقى التصويرية لتامر كروان فمازالت إعادة لتركيبات قديمة سبق وقدمها من قبل فى أفلام سابقة.

العربي المصرية في 25 مارس 2007