سينماتك

 

«العلامة» أميركا في يد الشيطان والعالم يذهب إلى الخراب

الوسط - علي الجلاوي

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

يحاول فيلم «omen» أو «العلامة» في نسخته الجديدة 2006م، ومنذ البداية اللعب على قلب المفاهيم الإنسانية بجدارة، بل ويمضي في ذلك بتكريس مفاهيم سوداوية، قد تكون إسقاطات عن الواقع المعاش، وما خلفته السياسة الأميركية والأوروبية في العالم، فهو يتحدث عن حفيد الرئيس الأميركي وعائلته، وتبدأ حوادث الفيلم بأحد المستشفيات بروما، بمستشفى يتبع إدارة الفاتيكان، ومن هنا يبدأ الفيلم بلعبته المفضلة وهي عكس المفاهيم وإنزالها مكان الأخرى، إذ يجعل من بشارة الوالد الذي ينتظر مولوداً من زوجته التي يحب، بشارة كارثة تحيط به، وتصنع طريقاً مختلفاً لمجريات قدره، ليس للعائلة فقط بل للبشرية قاطبة.

يأتي خبر موت ابنه وعدم إمكان حمل زوجته لمرة ثانية بدل البشارة، ويكون حامل هذا الخبر رجل دين، يقوم رجل الدين بعرض طفل آخر على الأب المفجوع بموت ابنه، من دون علم زوجته النائمة على فراش المرض، سواء بعرض رجل الدين أو وفاة ابنها، يقترح رجل الدين أن يقوم الأب بتربية الابن الجديد، وهو من المفترض عمل حسن، ويحثه عليه رجل دين، من هنا تبدأ نبوءة آباء في الكنيسة بالتحقق، إذ طرح أحد الآباء نتيجة دراسة توصل إليها، عن طريق الرؤى في أسفار الإنجيل بعهديه، وبمعونة علم الفلك، مع ربطها بتحليل عن الحوادث الجارية في العالم، منذ انهيار البرجين التجاريين في أميركا، وغرق الآلاف بالماء، ودخول اليهود إلى صهيون، إلى الحروب الناشبة في أطراف العالم، أن نهاية العالم قربت، وستكون على يد ابن الشيطان.

يعين الأب الشاب نائباً للسفير الأميركي في سفارة لندن، إلا أن ذلك لا يتم بالطريقة المفترضة، ليموت السفير في الساعة السادسة وست دقائق وست ثواني، ليحل محله بعد ثلاثة أشهر والد الطفل كسفير أميركي في لندن، يكبر هذا الطفل ليبلغ عامه الخامس، تنتحر مربيته وهي تلقي بنفسها مشنوقة من الطابق الأخير، في مراسم احتفال بعيد مولده، من هنا تبدأ علامات شخصية الطفل تظهر بالنسبة إلى الأب والأم، تظهر في الوقت نفسه مربية جديدة، ترجوا من العائلة منحها رعاية الطفل، ومساعدة الأبوين في تربيته، لتأتي لعبة عكس المفاهيم مرة أخرى، فمن المفترض أن تهتم المربية في رعاية الطفل وتربيته، ولكن هذه المربية ترعى الطفل لأنه ابن الشيطان، وتحاول حمايته من أبويه ليكبر ويتسلم بنفسه زمام مهمته.

الحوادث تتسارع عند هذه النقطة وهذا المشهد، يخترع صاحب القصة شخصية جديدة على المشهد، هي شخصية رجل دين، يدخل السفارة الأميركية ويطلب من الحارس مقابلة السفير، يقابله السفير لأنه ذكر أنه قادم من روما، ليجد أن رجل الدين يطلب منه قتل ابنه، وبقلب المفاهيم نفسه التي يعمل عليها الفيلم، إذ يجعل من رجل الدين هنا محرِّض على القتل، وقتل من؟ قتل الابن من قبل والده، السفير الذي يؤمن بالمنطق ويرفض هذه الخرافات، الذي يعتبر من ضمنها الدين ووجود الله، يأمر موظفيه بطرد رجل الدين، على خلفية أنه خرف، في هذه الفترة نفسها تظهر شخصية المصور الصحافي، وكعادة هذه الشخصية، تكون فضولية وتحاول بإلحاح التقاط صورة تشكل تاريخ فضيحة جديدة، غير أن شخصية المصور في هذا الفيلم تختلف، إذ يلاحق رجل الدين ويأخذ صوراً، وبالمصادفة كان حاضراً عيد ميلاد الطفل، وقام بتصوير المربية القديمة قبل انتحارها وحين انتحارها أيضاً.

بعدها يدخل رجل الدين إحدى الحفلات التي يوجد فيها السفير، ويطلب منه مقابلته في مكان ما، وللتأكد من حضوره أخبره بعض ما في الأمر، وهو أن زوجته حامل، وستقتل إذا لم يعر الأمر اهتمامه، تثير هذه المسألة السفير فيذهب للقاء رجل الدين الذي يلقي عليه مقاطع شعرية من الأسفار، تتحدث عن نزول اليهود إلى صهيون، وانهيار البرجين، وغرق الآلاف في الماء، وسقوط نجم مذنب على الأرض، ثم إن ابنه سيسقط جنين زوجته، وبعد ذلك يقوم بقتلها، وإن ابنه هو المسيح الدجال، أو ابن الشيطان، غير أن السفير يتجاهل أمر رجل الدين، ويتركه ليقتل أمام الكنيسة بعمود منها، رجل دين يريد هداية السفير فيقتل أمام بيت الرب، وهذا الأمر تكريس للعبة قلب المفاهيم في الفيلم، إذ لم تكن الكنيسة لتحميه، ويحدث أن يكتشف المصور شيئاً غريباً في صوره، إذ يعثر على خيط أبيض حول كل شخصية تكون ضمن قائمة الموت المرتبطة بهذا الطفل، وعليه يجد خيطاً أبيض حول عنقه هو في إحدى هذه الصور، فيفهم من ذلك أنه أحد الأسماء على هذه القائمة، في هذه الأثناء يلجأ إلى السفير للمساعدة.

في نهاية المطاف بعد تأكد الأب من كون هذا الطفل ابن الشيطان، يكون قد خسر صديقه المصور في أحد شوارع القدس القديمة، وخسر زوجته وهي على الفراش في المستشفى، ولكن الشيطان لا يموت إلا بغرس سكاكين في جسده وعلى أرض مقدسة، وهو ما ذكره له رجل الدين اليهودي في القدس، هنا يبدأ الفيلم بلعبته المفضلة، وهي قلب المفاهيم، إذ يجعل من الأم تكره ابنها وتتمنى موته، بل وتخاف منه على نفسها، ويقوم الابن بدوره بقتل الأم، ويتحول الأب إلى مهووس بقتل ابنه، هنا قلب الفيلم الروابط الأسرية إلى عداوة، ونظام قتل متسلسل، وفي الأخير يموت الأب في الكنيسة، أمام مذبح الرب، ليشهد على موته المسيح المصلوب على الجدار، ويبقي ابن الشيطان يده في يد الرئيس الأميركي في جنازة حفيده، بالمقابل أيضاً يذهب المخرج إمعاناً في السوداوية وقلب المفاهيم، حين يجعل من النهاية ترجح كف الشر على الخير.

تشكل إسقاطات الفيلم على الحدث الراهن بؤرة فلسفة الفيلم، إذ يتكلم عن قيام الإمبراطورية الرومانية من جديد، وهي إشارة إلى الاتحاد الأوربي، ومن جانب آخر يتحدث عن وصول اليهود إلى أورشليم أو القدس، وهو ما يرمز إلى ساعة ظهور المسيح الدجال، في حين يموت كل الذين يحاولون قتل الشيطان، ويبقى الشيطان ليقود سياسة أميركا، كان المخرج والكاتب رائعين في إيصال كل هذه المعاني إلى المتلقي، لكن تقديمه كفيلم رعب جعل من الفيلم يعطي فكرة سوداوية قاتمة عن المستقبل، وتركه للنهاية مفتوحة على الشر، هي أداة لقتل الأمل داخلنا، ولا أخفي إذا قلت أنه فيلم محبط بامتياز، لكن قد يكون كل ذلك تكريس لرؤية المخرج بشأن ظلامية الصورة، ورؤيته للعالم بوجود السياسة الأميركية الحالية.

الوسط البحرينية في 22 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك