سينماتك

 

ضوء ...

الخروج من نفق المسلسل التلفزيوني

عدنان مدانات

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

عندما كانت الدراما التلفزيونية العربية في بداياتها ساد شكلان أساسيان لها، الأول كان نوعا من العرض المسرحي المصور دفعة واحدة وكان يطلق عليه اسم “السهرة التلفزيونية”، والثاني كان المسلسل التلفزيوني المتكون من ثلاث عشرة حلقة. وكان عدد الحلقات محكوما بالدورة التلفزيونية البرامجية التي تستمر ثلاثة أشهر على أساس الاكتفاء بعرض واحد أسبوعيا للحلقة. كانت عملية تصوير السهرات والمسلسلات التلفزيونية تتم داخل الأستوديو باستخدام مجموعة كاميرات يتراوح عددها ما بين الثلاثة والخمسة. وكان التصوير داخل الأستوديو يفرض شكلا محددا لعملية الإخراج محكوما بضرورة التصوير والتسجيل المباشر والمتواصل لكل مشهد على حدة، مما كان يحد من إمكانية الابتكار والإبداع من قبل المخرجين.

وقد حصلت في السنوات التالية تطورات واضحة في مجال طرق إخراج المسلسلات التلفزيونية تميزت باهتمام بالإبداع البصري من قبل المخرجين وبتحسين نوعية الصورة بما تتضمنه الصورة من عناصر مختلفة من نوع الديكور والأزياء والإضاءة، هذا إضافة إلى زوايا التصوير غير المعهودة سابقا. أثيرت نتيجة لذلك إشكالية الإبداع في الإخراج التلفزيوني والتمرد على الطرق والأساليب القديمة في الإخراج وكذلك في كتابة نصوص السيناريوهات التلفزيونية. وصار الإخراج على طريقة الإخراج السينمائي يشكل واحدا من أهداف وطموحات المخرجين التلفزيونيين، الذين بدأوا يهجرون الأستوديو بحثا عن التصوير الخارجي سواء في الهواء الطلق أو في الديكورات التي تبنى خارج الأستوديو كما في الأماكن والمباني الواقعية. وسادت الكاميرا الواحدة الخفيفة الوزن والسهلة الاستعمال. وبسبب استخدام الكاميرا الواحدة التي أفسحت المجال أمام المخرجين لتصوير الحدث لقطة فلقطة كما هو الأمر عليه في السينما، وليس مشهدا مشهدا كما كان متبعا في الشكل التلفزيوني التقليدي، زادت الاستفادة من إمكانات المونتاج لتحسين شكل وتأثير المشهد التلفزيوني.

 من المعروف أن العمل السينمائي أو التلفزيوني يتم نتيجة جهد جماعي مع أن المخرج هو من يسيطر على الجهود الجماعية ويقودها ويبلورها في صيغة مكتملة الجوانب. وفي السينما فإن إبداع المخرج هو ما يعطي للعمل السينمائي في المحصلة النهائية هويته الذاتية ووحدته الأسلوبية. ولكن هذا الوضع الطبيعي بالنسبة للمخرج السينمائي المبدع لا يتوفر بالنسبة للمخرج التلفزيوني حتى الآن، مهما حاول ومهما بذل من جهود إبداعية وذلك لأسباب متعددة أولها ان العنصر الأهم في المسلسل التلفزيوني والمهيمن يظل، ورغم كل جهود المخرج، يتمحور حول الحكاية التي يتضمنها المسلسل. وهذا ما يجعل النص المكتوب يتبوأ المرتبة الأولى أو، على الأقل، يقف ندا منافسا للعرض الإخراجي.

إن التوجه نحو الفيلم التلفزيوني ليس توجها شكليا بطبيعة الحال، بل هو عملية أساسية جوهرية تساهم في التخلص من عيوب المسلسلات التلفزيونية الإبداعية وبخاصة العيوب المتعلقة بكثرة الحوار ومط الأحداث وتسطيح الشخصيات وغياب الرؤية الفنية والمفهوم الإخراجي. إن إتاحة الفرصة للمخرجين المبدعين لإنتاج الأفلام التلفزيونية تساهم في تطوير وتنويع المواضيع المطروحة وتحديث وتحسين نوعية كتابتها الدرامية واختراق رتابة الشكل التقليدي للدراما التلفزيونية العربية وطرح مضامين وأفكار جديدة. ومن ناحية ثانية، فإن التركيز على الفيلم التلفزيوني والتعامل معه على انه ليس مجرد وسيلة لسرد حكاية تقليدية ضمن زمن محدد، بل كوسيلة تسمح بتحقيق إنجاز فني إبداعي، يسمح للمخرجين بتحقيق أعمال ذات طابع تجريبي حداثي يستكشف مجالات إبداعية جديدة أمام الدراما التلفزيونية.

 وحتى الآن فإن صيغة الفيلم التلفزيوني كإنجاز إبداعي مميز تظل غائبة عن شاشات التلفزيون وعن سياسات شركات الإنتاج وبرامج محطات البث. لكن الحديث عن الفيلم التلفزيوني وعن ضرورته لا ينطلق من فراغ، بل يستند إلى تجارب كثيرة متحققة في هذا المجال من قبل مخرجين مستقلين يستفيدون من التسهيلات الرقمية الخاصة بالتصوير والمونتاج والمؤثرات،ويجدون في الإمكانات التي تسمح لهم بها تقنيات التلفزيون المتطورة السهلة الاستخدام والرخيصة الكلفة، فرصة لإخراج أفلام تلفزيونية تعوضهم عن عدم قدرتهم من الناحية الإنتاجية على تحقيق أفلام سينمائية.

الخليج الإماراتية في 17 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك