سينماتك

 

مصطفي محرم يكتب عن المشروع التي تحول إلي أمنية مستحيلة

منهج البحث عن فيلم يجمع كل وقائع حرب أكتوبر هو الذي عطل كل محاولات تخليد الحرب علي الشاشة

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

 < فكرة إنتاج فيلم عن حرب أكتوبر بدأت عقب انتهاء الحرب مباشرة... وتحمس لها رمسيس نجيب.. فكان فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» الذي لايزال أهم الأفلام عن الحرب

< حملة ضارية يشنها الناصريون واليساريون علي الفيلم لأنهم يطالبون بفيلم يتجاهل دور السادات ويبرز دور عبدالناصر

< فيلم «مواطن مصري» يقول إن السادات قد سرق نصر أكتوبر من عبدالناصر

< سيناريو فيلم «حائط البطولات» كان يقع في 500 صفحة ويستغرق عرضه 6 ساعات ويركز علي دور قوات الدفاع الجوي فقط وكانت نقطة ضعفه الأساسية هي أنه تأريخ وليس فنا

< الذين يطالبون بإنتاج فيلم عن حرب أكتوبر علي غرار فيلم «أطول يوم في التاريخ» يتجاهلون أنه أسوأ الأفلام التي أنتجت عن الحرب العالمية الثانية وأقلها فنا

< لجوء وزارة الإعلام إلي كتاب الدراما التليفزيونية لكتابة فيلم عن حرب أكتوبر طامة كبري..لأنهم لا يتقنون الكتابة للسينما

< لسنا بحاجة إلي فيلم يروي كل ما حدث في حرب أكتوبر وتسجيل كل ما ذكرته الكتب والصحف، بل إلي أفلام تدور أحداثها عن هذه الحرب وتبرز الجوانب الإنسانية والعاطفية  

أصبح فيلم أكتوبر من الأمنيات الصعبة التحقيق بالشكل الذي يرضي عنه الجميع مثل مشكلة تعديل الدستور، وقد نشأت الفكرة تقريباً بعد نهاية الحرب مباشرة، وربما السينمائي الوحيد الذي نشط في ذلك الوقت وأخذ الأمر علي كاهله مأخذ الجد هو المنتج «رمسيس نجيب» عاشق السينما الحقيقي والذي من الصعب تعويضه خاصة في أيامنا هذه بعد أن تدني مستوي المنتجين السينمائيين.
وجد «رمسيس نجيب» عند الكاتب «إحسان عبد القدوس» الذي كان رمسيس يري أنه أفضل من لديه موضوعات تصلح لإنتاج أفلام سينمائية ضالته في قصتين قصيرتين له ألقي بهما إلي السيناريست المبدع «رأفت الميهي» علي أن يتولي الإخراج «حسام الدين مصطفي»، ولم أكن أستبشر خيراً عندما علمت بهذا التعاون بين «رأفت الميهي» و«حسام الدين مصطفي» فالاثنان كانا علي طرفي نقيض من ناحية الفكر، هذا بالإضافة إلي أن «إحسان عبد القدوس» لم يكن موالياً للنظام الناصري ولا حتي النظام الساداتي ولكن حسام الدين مصطفي كان يعشق شخصية السادات.

انسحاب «الميهي»

كان «رأفت الميهي» من المتحمسين لجمال عبد الناصر ولذلك جري الخلاف قبل أن ينتهي تماماً من كتابة السيناريو بينه وبين المخرج وعهد «رمسيس نجيب» لكتابة السيناريو والحوار إلي «إحسان عبد القدوس» صاحب القصتين وقصر إنجاز «رأفت الميهي» علي الجزء الخاص بحرب الاستنزاف، واستعان المنتج أيضاً بخبيرين للمعارك من الخارج وهما «ماريو ماتي» وآخر يدعي «ك. كونري» بالإضافة إلي المخرج المصري «خليل شوقي» لينتهي ذلك كله بالفيلم الذي عرفه الناس باسم «الرصاصة لاتزال في جيبي».

عندما جري عرض الفيلم حمل عليه الناصريون حملة شعواء لأن الفيلم تجاسر وأرجع السبب في هزيمة 67 إلي النظام الناصري واتهموا «إحسان عبد القدوس» بأنه أفرغ كل سمومه في السيناريو واتهموا «حسام الدين مصطفي» بالسطحية والرجعية، والحق يقال فإن الفيلم كان في حاجة إلي المزيد من هذه السموم التي يراها الناصريون ومن يصفون أنفسهم بالتقدميين حتي يشفي غليل الناس من الذي صنعته بهم أسطورة العهد الناصري وهزيمة 67 التي تسبب فيها أيضاً «الفيلد مارشال» عبقري الحرب «عبد الحكيم عامر» الذي يضارع الجنرال الألماني «كارل فون كلاوز فيتز» صاحب الكتاب الشهير «vom kriege عن الحرب».

ورغم أن الفيلم قد حقق الكثير جداً من المواصفات التي يجب أن تتوافر في فيلم عن حرب أكتوبر وتميز بالإمكانيات العسكرية الضخمة التي لم تتوفر بعد ذلك في الأفلام الأخري ووجود أجزاء كبيرة من خط بارليف مع إعادة بناء بعض النقاط الحصينة التي دمرها الجيش المصري في اقتحامه التاريخي لهذا الخط الصعب، والمتأمل للمعارك العسكرية في الفيلم خاصة في معركة تحرير مدينة القنطرة شرق يجد أنها لا تختلف من الناحية الفنية عن المعارك التي نشاهدها في الأفلام الأجنبية وخاصة الأفلام الأمريكية التي تتفوق في هذا الجانب.

حق السادات

ولم يكف الناصريون وأصحاب اليسار عن الصياح والمطالبة بتقديم فيلم عن حرب أكتوبر لا يعطي «السادات» حقة بل يرجع النصر إلي إعادة بناء الجيش وحرب الاستنزاف في عهد عبد الناصر بل وصلت بهم المغالاة إلي إرجاع خطة النصر في حرب أكتوبر إلي الزعيم الخالد عبد الناصر، وانضم إلي هذا الصياح والمطالبات بقية أصحاب الأقلام من مختلف الاتجاهات، وأصبح الجميع يصيحون من حين لآخر مطالبين بإنتاج فيلم ضخم يليق بحرب أكتوبر، وظل هذا الصياح مستمرا سنة بعد أخري وتكاليف الإنتاج السينمائي تتزايد أيضاً سنة بعد أخري حتي أصبح الأمر عسيراً مادياً، فلو كان الفيلم قد تم إنتاجه في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات وتكلف مليوناً أو مليونين من الجنيهات وهذا رقم لو تعلمون عظيم في ذلك الوقت أصبح الآن لا تقل تكلفته الإنتاجية عن مئة مليون من الجنيهات.

ظهرت في تلك الفترة التي ظهر فيها الفيلم الكبير «الرصاصة لا تزال في جيبي» بعض الأفلام الصغيرة التي تدور أحداثها علي هامش حرب أكتوبر وهي «الوفاء العظيم» من إخراج حلمي رفلة- «بدور» من إخراج نادر جلال- «حتي آخر العمر» من إخراج «أشرف فهمي» وقام «محمد راضي» بإخراج فيلمين عن حرب أكتوبر حاول فيهما الاقتراب من مستوي فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» وهما «أبناء الصمت من إنتاجه» وفيلم «العمر لحظة» من إنتاج الممثلة المنتجة ماجدة عن رواية لـ«يوسف السباعي». كان يوسف السباعي قد كتب هذه الرواية لتقوم «فاتن حمامة» بتمثيلها ولكن لا أحد يعرف الأسباب التي منعتها من تمثيل هذه الرواية وانتهي الأمر إلي أن وقعت في براثن ماجدة وتناوب علي كتابة السيناريو حسين حلمي المهندس و«وجيه نجيب» و«عطية محمد». كانت لقطات العبور في هذا الفيلم هي لقطات العبور في فيلم «أبناء الصمت» ويبدو أنها أصلاً مأخوذة من لقطات العبور في فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي».

بعد ذلك ساد صمت سينمائي استمر لسنوات عديدة ولم تقترب السينما من موضوع حرب أكتوبر إلا بالحديث والتلميح في بعض الأفلام مثل فيلم «سواق الأتوبيس» وفيلم «زمن حاتم زهران» وفيلم «مواطن مصري» الذي يقول إن «السادات» قد سرق نصر أكتوبر من «عبد الناصر» بل إن كثيرا من المسلسلات كانت تتضمن بعض لقطات من حرب أكتوبر أو التنويه في أحداثها بهذه الحرب وكانت مسلسلات المخابرات والتجسس تنتهي دائماً بلقطات لنصر أكتوبر، وأعود وأقول مرة أخري إن جميع هذه اللقطات مأخوذة من فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي». وعالجت بعض المسلسلات الإذاعية والعديد من الروايات والقصص الأدبية التي نشرت في الصحف والمجلات والتي جري طبعها في كتب موضوع حرب أكتوبر ورغم كل ذلك لم تكف الصيحات عن المناداة بعمل فيلم ضخم عن هذه الحرب المجيدة.

قصة فيلم حائط البطولات

منذ ما يقرب من العشر سنوات اتصل بي صديقي المخرج والمنتج السينمائي «محمد راضي» بعد أن تعاونت مع ابنه المخرج «إيهاب راضي» في إصلاح سيناريو فيلم « فتاة من إسرائيل» وطلب مني مقابلته في أحد الفنادق القريبة من بيتي في منطقة المهندسين ذهبت وقابلته في الموعد المحدد فإذا به يقدم لي سيناريو تصل صفحاته إلي الخمسمائة صفحة وفوجئت بأن الذي كتبه هو المشير محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي في حرب أكتوبر.

ووجدت أن هناك ضابطاً شاركه في الكتابة برتبة العقيد أو العميد اسمه إبراهيم... وللأسف الشديد لم أعد أتذكر بقية اسمه الآن، كان السيناريو يحمل عنواناً ضخماً وجميلاً ومؤثراً وهو «حائط البطولات». كان الطلب الأول والأساسي الذي طلبه مني «محمد راضي» الاختصار الشديد بقدر الإمكان أثناء عملية التعديل بل إن «محمد راضي» تمني أن يصل الاختصار في التعديل إلي النصف أي اختصار تقريباً ما يبلغ مقداره زمن فيلمين.

تفاصيل كثيرة

عندما قرأت سيناريو «حائط البطولات» وجدت أنه يحكي بالتفصيل الدقيق التاريخ العسكري لقوات الدفاع الجوي منذ هزيمة يونيو 1967 حتي الانتصار في حرب أكتوبر كان السيناريو في الحقيقة أشبه بيوميات هذا القائد العظيم المشير «محمد علي فهمي»، ومن خلال قراءتي للسيناريو عرفت الكثير جداً عن حقيقة الدور العظيم جداً التي قامت به قواتنا في الدفاع الجوي حتي إنني أدركت أنه لولا ما قاموا به ما تحقق لنا هذا النصر العظيم، وذلك لما قاموا به من بطولات وتضحيات وفداء قد يعجز الخيال عن تصورها لقد صنع هؤلاء الأبطال مع قائدهم العظيم ملحمة رائعة منذ أن بدأوا يشيدون قواعد الصواريخ حيث التحم معهم عمال صعيد مصر من البنائين وانصهروا جميعاً في بوتقة واحدة حتي أقاموا في النهاية حائطاً عظيماً ستر سماء مصر ووقف في وجه عدوان طائرات العدو الإسرائيلي الشرس وأسقط العشرات من تلك الطائرات التي تعيث تدميراً في سماء مصر بإسقاط وابل من القذائف علي كل أنحاء بلادنا.

وكما ذكرت بأن السيناريو كان يحكي تاريخاً بمنتهي الدقة ولا يخرج عن ذلك فكان هذا سر ضعفه في نفس الوقت فالتاريخ لا يصنع فنا ولكن الفن يصنع تاريخاً، التاريخ مثل القضية الخبرية في المنطق يحتمل الصدق والكذب ولكن الفن الحقيقي يدخل القلوب والعقول من السهل أن تنسي التاريخ ولكن من الصعب أن تنسي عملاً فنياً جيداً وهذا هو الخطأ الذي وقع فيه الفيلم الأمريكي الحربي «أطول يوم في التاريخ» الذي قامت بإنتاجه شركة فوكس للقرن العشرين وتولي الإشراف علي الإنتاج صاحب الشهرة الذائعة «داريل زانوك» عام 1962، قام بإخراج هذا الفيلم الضخم الإنتاج ثلاثة من المخرجين وهم «كن أنا كن» و«أندرو مارتن» و«برنارد ديكي» ويقال إن زانوك قام بإخراج أحد أجزاء الفيلم الذي يستغرق عرضه ثلاث ساعات، قام بالتمثيل فيه باقة من ألمع النجوم العالميين مثل «روبرت ميتشم» و«ريتشارد بيرتون» و«هنري فوندا» و«جون وين» و«رود شتايجر» و«روبرت ريان» و«بيتر لوفورد» و«شين كونري» و«إيرنا ديميك» و«كيرت جيركنز» و«سال مينو» و«ميل فيرر» وإبدي «ألبرت» وغيرهم، لم يحصل هذا الفيلم الضخم الذي يتناول أحداث اليوم الأول في الحرب العالمية الثانية سوي علي جائزتين في مسابقة الأوسكار وهما جائزة التصوير وجائزة المؤثرات الخاصة فهو لم يحصل مثلاً علي جائزة السيناريو أو جائزة الإخراج أو أي جائزة في التمثيل، ولأول مرة يتفق النقاد والجمهور علي فشل الفيلم، فلم يحقق نجاحاً علي المستوي الفني والتجاري.

وأنا شخصياً أعتبر هذا الفيلم مثالاً في غاية الأهمية لما لايجب أن يكون عليه الفيلم الحربي وبالتالي يجب علي الذين يتشدقون بذكره وينادون بجهل شديد بإنتاج فيلم مصري علي غراره وعلي من يدعون المسئولية بأن يشاهدوه ومن شاهده منهم من قبل أن يعيد مشاهدته حتي يغلقوا أفواههم وينصرفوا عن ذكره.

فيلم الحرب

ولنعد إلي أمور فيلم «حائط البطولات» المأسوف عليه فأنا أذكر قبل أن أشرع قلمي لكتابة ما طلبه مني المخرج والمنتج «محمد راضي» أن سألته هل كل الإمكانات العسكرية التي وردت في السيناريو سوف يتم الحصول عليها؟ فأجابني بأن كل شيء علي تمام وأن المشير محمد علي فهمي سوف يذلل كل الصعاب، وطلب مني أن أكتب بحرية كبيرة ولا أضع في ذهني أية مصاعب إنتاجية استبشرت خيراً وتوكلت علي الله وبدأت الكتابة.

وفيلم الحرب هو من أمثل الموضوعات لفن السينما من نواح كثيرة من الناحية الدرامية نجد أمامنا طرفي الصراع في منتهي الوضوح ومنتهي الشراسة، وقد لا نحتاج إلي تمهيد أو أسباب للعداء فهناك في معظم الأحيان فكرة تاريخية مسبقة عن العداء والصراع بين الطرفين منذ أول معركة نشبت في التاريخ البشري، وهناك الحركة التي تزهو السينما بإبرازها وذلك من خلال المعارك والمغامرات والبطولات، وهناك الإثارة والتوتر والخوف واليأس والرجاء وهي كلها عوامل التشويق التي تسيطر علي المتفرج وتجعله قابعاً في مقعده لا يتحرك وهناك المواقف الإنسانية التي تبرز أثناء الحروب من شجاعة وبسالة وتردد وضعف ووطنية وتضحية وفداء، وهناك الموت والحياة والحب والكراهية والخسة والنبل، هناك دراما كاملة ولغة سينمائية تتأرجح بين البلاغة والركاكة حسب قدرات صانعي الفيلم.

وبالطبع بذلت كل جهدي وأقصي مافي طاقتي من إبداع لتحقيق كل هذه العناصر في السيناريو الذي أعدت كتابته، ثلاث مرات نتيجة المناقشات بيني وبين المخرج والعاملين في الفيلم حتي رضينا في النهاية علي السيناريو المرجو تصويره وتشاورنا في اختيار الممثلين الذين يقومون بالأدوار في الفيلم وبدأ تصوير الجزء المدني في السيناريو الذي يخلو من المعارك وذلك إلي حين توفير الإمكانيات العسكرية، وهنا وقعت مشكلة أخري، تتعلق برؤية تذهب إلي ضرورة أن يوازن الفيلم بين أدوار كل الأسلحة والتشكيلات التي شاركت في تحقيق النصر، وكانت النتيجة أن تعرض الفيلم لانتكاسة كبيرة وأذكر أن المنتج عادل حسني حاول معي أن أقوم بعمل تعديلات في السيناريو تؤدي إلي هذا التوازن، ولكني رفضت القيام بذلك لأنه سوف يؤدي إلي الاضطراب في بناء الفيلم وأخبرت عادل حسني أن ما يطلبه يحتاج إلي فيلم آخر أو أفلام أخري عن دور بقية أسلحة الجيش في حرب أكتوبر، وأن دور كل سلاح في الجيش منها في حرب أكتوبر يحتاج إلي فيلم قائم وبسبب هذا منهج البحث عن فيلم جامع مانع لوقائع الحرب لقي فيلم «حائط البطولات» أسوأ مصير وقبع في علبه مهملاً.. والآن يأتي النداء هذه المرة بإنتاج فيلم عن حرب أكتوبر من رئيس الجمهورية، وفي أحد الاجتماعات التي رأسها وزير الإعلام للنهوض بالدراما التليفزيونية وتصحيح مسارها أخذ يلمح لمجموعة من كتاب الدراما التليفزيونية بأن يشرعوا أقلامهم ويشحذوا قرائحهم لكتابة فيلم عن حرب أكتوبر وهذه في رأيي هي الطامة الكبري فإن معظم هؤلاء الكتاب وإن كانوا قد نجحوا في بعض أعمالهم التليفزيونية فقد فشلوا فشلاً ذريعاً عندما حاولوا أن يكتبوا للسينما وجاءت الأفلام التي كتبوها ضعيفة من ناحية السيناريو، فالكتابة للسينما تختلف تماماً عن الكتابة للتليفزيون وإذا كان وزير الإعلام يري أن الدراما التليفزيونية تتدهور فكيف يفكر في إسناد كتابة فيلم أكتوبر إلي أولئك المتدهورين؟. ولم يسلم الأمر بالطبع من كتاب الصحافة الذين لا يجدون ما يكتبون فانبري بعضهم يعلن ـ كل واحد منهم ـ بأسلوب الخبير المتمكن والعالم بأمور الفن السينمائي خاصة فيما يتعلق بالأفلام الحرب ية رأيه في إنتاج مثل هذه الأفلام، وقاموا بتحديد مواصفات الفيلم ونادوا بتجنيد كل المؤرخين والمحللين المدنيين والعسكريين وتشكيل لجان لتوفير المادة التاريخية والوثائق العسكرية بألا يقوم فرد واحد بكتابة السيناريو بل تكون لجنة أيضاً لكتابته وتحت إشراف جيش المؤرخين وذلك ليقدموا لنا في النهاية فيلماً علي غرار الفيلم الأمريكي الأمثل في نظرهم «أطول يوم في التاريخ» غير مدركين عيوب هذا الفيلم الذي جاء أقرب إلي التسجيل منه إلي الفن كما نري في المسلسلات التاريخية وخاصة مسلسلات السير الذاتية. إن الأفلام الأخري التي شاهدناها من دول مختلفة أمريكية كانت أو أوربية نجد أن الكثير منها أقوي تأثيراً في النفس وأطول خلوداً من الفيلم الأمثل «أطول يوم في التاريخ» الذي يشيدون به، فنحن مازلنا نذكر هذه الأفلام: «لمن تدق الأجراس- وسام الشجاعة الأحمر- وداعاً للسلاح- صرخة المعركة- العاصفة أو ابنة القائد- الكبرياء والعاطفة- القطار- اليوم والساعة- الرصاصة 41- الساعة الخامسة والعشرون- سر قرية سانتا فيتوريا- كم من وقت قصير- أغنية علي الممر- هل تحترق باريس- باتون- انقذوا النفر رايان- الشاويش يورك- العدو تحتنا- بيرل هاربر- كل شيء هادي في الميدان الغربي- أيام المجد- قلب شجاع- العودة للوطن- فئران الصحراء- طرق المجد- مدافع نافارون- الأسود الصغيرة- جسر علي نهر كواي- الشاطئ الحديدي- حيث تجرؤ النسور- الدستة القذرة- جسور توكوري- ثعلب الصحراء- عمر المختار- لا أحد سوي الشجاع» وغيرها من عشرات الأفلام التي تدور عن الحرب والتي يجب علي من يتولي مهمة الكتابة أو الإخراج أن يكون قد شاهدها.

نحن لسنا بحاجة إلي فيلم يحوي كل ما حدث في حرب أكتوبر ولكننا في حاجة إلي أفلام تدور أحداثها عن هذه الحرب، نحن في حاجة إلي أفلام تبرز البطولات والتضحيات وتبرز الجوانب الإنسانية والعاطفية وهي التي تؤثر في المتفرج وليس مجرد فيلم يقوم بتسجيل كل ما ذكرته الكتب والصحف والتقارير العسكرية والوثائق عن حرب أكتوبر يشعر المتفرج أثناء مشاهدته بالملل والسأم ويعجز عن أن يلم بأحداثه، فإن هذا الفيلم يكتبه ويخرجه المؤرخون العسكريون وليس الفنانين.

جريدة القاهرة في 20 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك