سينماتك

 

السينمائي الجزائري بجاوي:

السينما العربية غائبة عن حركة المجتمع وموروثه الجمالي

حاوره: ناجح حسن

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

يعد الجزائري احمد بجاوي من الأسماء العربية البارزة في حقل الثقافة السينمائية وتنشيطها على أكثر من صعيد، فهو الإعلامي الذي حصل منذ سنوات على شهادة معهد الايديك الفرنسي الذي يعدّ من اشهر الأكاديميات العالمية التي تعنى بالسينما صناعة وإبداعا، وهو يحمل شهادة الدكتوراة في الأدب الاميركي (1983) عن أطروحته حول العلاقة التي تجمع بين الكاتب الاميركي الشهير سكوت فيتزجيرالد والسينما الهوليوودية.

مارس بجاوي لسنوات طويلة العمل الصحفي في الكثير من الصحف والدوريات التي تهتم بالزوايا الخاصة في الموضوعات السمعية البصرية منذ العام 1966 ولغاية العام 1971 قبل أن يلتحق بالعمل كمنتج ثم مقدم برامج حول السينما في التلفزيون الجزائري، كما عمل مبرمجاً ومسؤولاً عن الأرشيف في مكتبة السينما الجزائرية ومستشارا للمدير العام في مكتب السينما الجزائرية قبل أن يجري تعيينه مديرا للإنتاج السينمائي في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الجزائري، حيث أنيطت به مهمة إنجاز سبعين فيلما سينمائيا متنوع الاهتمامات، إضافة إلى عمله نائباً لرئيس المجلس الوطني في المجال السمعي البصري (1987 - 1991)، كما عمل مستشارا للاتصال مع رئيس الوزراء الجزائري، ثم مندوبا عاما مساعدا لسنة الجزائر في فرنسا بعد أن عمل مستشاراً لحساب المفوضية الأوروبية.

يحسب لبجاوي الذي يقيم منذ أكثر من عام في العاصمة الأردنية عمّان بحكم عمله في المجموعة الأوروبية، قيامه منذ سنوات قليلة على وضع تعديل للهيئة القانونية للسينما الجزائرية التي أخذت حديثا تدب فيها حالة من الحراك الملموس، وأيضا جديته واطلاعه الشديد على اشهر تيارات ومدارس السينما العالمية والمناهج النقدية التي تتعلق بالعلاقة بين السينما والجمهور والأسس والأحكام السائدة في توزيع الأفلام في صالات السينما بالعالم الثالث.

تالياً حوار مع بجاوي في محاولة للوقوف على نظرته إلى واقع التحديات التي تواجه السينما العربية وسبل النهوض بها بما يتناسب مع خصوصيتها وذائقتها المستمدة من عوالم موروثها الجمالي والفكري.

·     كيف لك أن تجمل إنجازات السينما العربية في خضم ما تشهده حاليا من نهوض كمي وحالات من الإبداع الفردي.. وماذا عن الأسباب التي أدت إلى غياب تلك التيارات والمدارس الجمالية والفكرية التي اتسمت بها نتاجاتها في حقبة زمنية تعود إلى العقود الثلاثة الأخيرة وهي ما اصطلح على تسميتها السينما البديلة أو الواقعية الجديدة؟

- لنتفق بداية على أن السينما العربية أو لنقل الأفلام العربية باختلاف جنسياتها وفي مقدمتها السينما المصرية حققت طوال قرن من الزمان هو عمر السينما الشيء الكثير.. لكن للأسف حصل في الوقت القريب ما عاند تلك التوجهات وقلص من حجمها ومكانتها اللائقة بين سينمات العالم الثالث تحديدا، وبدأنا نصطدم بغياب الأهمية التي كانت تلفت أقلام النقاد وعشاق السينما والمهتمين، وبالتالي غابت الجودة التي كانت تأسر المشاهد وتعمل على تحريك الحياة الثقافية والاجتماعية في المجتمعات العربية.. قد نستثني أفرادا من هذه السينما أو تلك، لكن هناك قلة من الذين صمدوا وثابروا بغية أن لا يتنازلوا أمام هذا المد من الانهيار، وأشير في هذا الصدد تحديدا إلى أسماء قليلة من بينهم المصري يوسف شاهين الذي استمر منذ حقبة الخمسينيات الى اليوم وما يزال منذ نصف قرن ويزيد يطل على المشاهد بأعمال مغايرة للسائد تحمل قدرا لا يستهان به من لمسات الإبداع وأيضا من الطروحات الجريئة التي تتميز ببصمتها الخاصة.

لكننا في الوقت نفسه تمتلكنا الحيرة والأسئلة إزاء غياب أسماء طالما بدت في أعمالها الأولى واعدة ومبشرة بميلاد مخرجين موهوبين. لقد غدا هؤلاء في قافلة المخرجين المصنفين بصناع الفيلم الواحد أو الفيلمين، بحيث مروا سريعا وجالوا في أرجاء العالم بحكم تواجدهم في المناسبات والمهرجانات السينمائية، ثم تواروا أو اتجهوا إلى أعمال أخرى، وهذا حقهم لا ينازعهم عليه احد، وإذا أردنا الوقوف أمام مثل هذه الظاهرة فالواجب يدعونا إلى فحص الأسس التي تحكم الحياة الإنتاجية في حقل الإبداع السينمائي العربي، وهي من دون أدنى شك علاقة ملتبسة يمتلكها الغموض عما نحن عليه اليوم، ولربما إذا استطعت أن اختار أسماء نجحت بالانفلات من هذا الإطار الذي بدأ في التضييق على المشهد السينمائي بخلاف شاهين الذي كما يبدو نجح، فإنني لا اغفل الإشارة إلى أسماء أخرى مثل: توفيق صالح الذي قدم جملة من الأعمال المميزة ثم توقف أمام الأسئلة الراهنة التي تحكم علاقة المنتج مع المبدع، وهناك أيضا الراحل صلاح ابو سيف وواقعيته المدهشة، ومن خارج مصر كان هناك في الجزائر محمد الأخضر حامينا صاحب فيلم وقائع سنوات الجمر الذي قطف عنه السعفة الذهبية في مهرجان كان  السينمائي الدولي العام 1975 في سابقة لم تتكرر للسينما العربية.

ثمة شعور وإحساس بالفخر يمتلك المرء بإنجازات السينما العربية في أكثر من حقبة مضت، حيث لا نعدم استخدامات فائقة الجمال والنضج الإنساني الطافح إيحاء وإشارات بدلالات ذكية في العديد من الأفلام التي تحمل توقيع احد أولئك الأفذاذ، وفيها تغوص عين المشاهد والناقد في نقاش ساخن يرنو إلى تفسير الأحداث والعلاقات الاجتماعية التي تهم الشخصية العربية كما يبرز في فيلم المخدوعون لتوفيق صالح الذي نجهد كثيرا في إيجاد معادل له مفترض اليوم كي ندرك ما يجري حول الواقع الراهن.. صحيح إننا قد بدأنا نعثر على ضالتنا، لكنه عمل يبدو شبه يتيم، وإذا أردت أن اسميه فهو فيلم عمارة يعقوبيان للمخرج الشاب مروان حامد في إطلالته الأولى أو الثانية على الفن السابع.. وكأنه أراد أن يسجل اسمه في قائمة علامات السينما وقاماتها الرفيعة مبكرا وهو شيء نادر ومختلف عن مسار السينما العربية بشقيها في الغرب والشرق.

قد يكون من الصعب القول إن هناك سينما عربية، بل إن ما نشاهده هو أفلام لا تشكل سمة أو تيارا، وإنما محاولات بعضها ناضج والآخر يعوزه الشيء الكثير، ورغم التتالي في إنجازاتها فإنها لا تمثل نهجا ولا تبرز صورة حقيقية عن حركة المجتمع الذي تعيش من خلاله، فهي تتكئ على صور البطاقات البريدية ومفاهيم تحتكم إلى الترويج السياحي على حساب رسالتها الإنسانية والدوافع التي انطلقت من اجلها، وهي بالتالي لا تخدم على المدى البعيد صورة حال الإنسان والشخصية العربية أمام العالم، ولا تفيد أيضا ما اصطلح على تسميته حوار الحضارات والثقافات، لأنها ببساطة انطلقت من شيء مزيف ومخادع، وبالتالي لن يقتنع بمثل هذه النوعية من الأفلام الآخر الذي ساهم بإيجادها على الشاشة البيضاء بحكم التمويل في الإنتاج المشترك.

·     الكثير من الإنتاج الجديد في السينما العربية أو لنقل الأفلام العربية عموما أخذ يندرج في خانة التمويل الإنتاجي المشترك مع بلدان ومؤسسات أجنبية.. من موقعك كمطلع ومتابع، كيف تقيم تلك الأعمال؟

-دعني أصارحك وأقول إنني لا آخذ موقفا مسبقا من هذا الأسلوب في الإنتاج، بل إنني أراه ملائما لتوجهات شباب ضاقت بهم فرصة الأمل في تحقيق إنجاز سينمائي، لكن ما يجب على المرء أن يتمسك به هو في السوية الإبداعية والصمود أمام محاولات التشويه والابتعاد عن مظاهر الاستهلاك السريع والانحياز إلى القيم الإنسانية. هناك أصوات سينمائية خرجت من بلدان عربية في مصر وسوريا وفلسطين والمغرب العربي، ورغم قلتها مقارنة مع العشرات من الأسماء هناك، فقد كان لديها طموح وأمل، وقدمت صورا مليئة بالحيوية والدهشة المطعمة برسالة موجهة إلى العالم تشير إلى ارث حضاري واسع وتمتلك الرغبة في التواصل والفهم المشترك، لكننا نظل دوما بحاجة إلى تغذية تلك القائمة من الأفلام باستمرار، واذكر منها أفلام التونسي نوري بوزيد التي تتناول معالجات لمواضيع ساخنة بدءاً بالهموم الذاتية للفرد حال المرأة تحديدا، مرورا بآمال مجتمعه وآلامه، وانتهاء بما يكابده العالم برمته من مشكلات تستدعي الفهم وإيجاد الحلول المناسبة، وقس على ذلك ما قدمته أفلام الجزائري مرزاق علواش والمصري يسري نصر الله والسوري محمد ملص والقائمة تطول.

·     غلبت في الآونة الأخيرة التقنيات التكنولوجية المتطورة على الإنتاج الجديد، ليس في السينما العربية فحسب، وإنما في مجمل الإنتاج العالمي.. وهناك أيضا تلك الفضائيات والقنوات التلفزيونية الآخذة في الهيمنة على موروث السينما ودخولها في أكثر من محاولة إنتاجية.. برأيك هل استفاد الفن السابع من توظيف هذه الابتكارات العلمية والدفع بها باتجاه تحقيق طموحات صانعيها في مخاطبة الوجدان الإنساني وملامسة قضايا الإبداع الفكرية والجمالية؟

- لو قارنّا السينما العربية في فترة فقر وضالة إمكانياتها في خمسينيات القرن الماضي مثلا والفترة الحالية، لوجدنا أنفسنا أمام مفارقة عجيبة أمام قائمة الأفلام التي أنتجت في السنوات العشر الأخيرة، إذ ستمتلكك المفاجأة عندما يتبدى لك حجم الطاقة الإبداعية التي كانت تصنع الأفلام القديمة والتي جرى تكريسها لاحقا بأنها من ابرز الكلاسيكيات السينمائية، وهذا يندر أن تعثر عليه في أفلام الحاضر التي لا ترتقي إلى الحيوية والفرادة بلغتها الجمالية والفكرية وحلولها المبتكرة لمشكلات الإنسان في بلدانها رغم توظيفها التقنيات الكمبيوترية المتطورة والمزدهرة بشكل مبالغ فيه يصل إلى حد التعسف.

السينما العالمية المعاصرة بشقيها، سواء في النموذج الهوليوودي المعهود أو الأوروبي في تياراتها المعروفة، تعاني هي الأخرى من تقلص دورها ونضوب في إبداعاتها التي اعتاد المتلقي على استقبالها بحفاوة وكرستها أقلام النقاد والباحثين في الذاكرة.

قارن ما كان ينتج في حقبة الخمسينيات ما بعد الحرب العالمية الثانية أو قبل اشتعالها في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الفائت. بالطبع سوف ترى الثراء في الأفلام المنجزة وبصمة صانعيها من أولئك المخرجين الممتلئين خبرة ودراية، وما أفرزته من جماليات ورؤى فكرية وحلول ومعالجات للإنسان في تلك الحقبة، في حين نجد اليوم هيمنة الطابع التجاري على السواد الأعظم من الإنتاج العالمي إلا ما ندر.. وتجد من يفسر ذلك بسبب الانتشار الواسع لمحطات القنوات التلفزيونية الفضائية، أو انحسار الجمهور عن حضور الأفلام داخل الصالات السينمائية وتوجههم صوب الشاشة الصغيرة وانتظار أفلامهم المفضلة، عدا الاهتمام بالجانب الإخباري الذي أخذ يأسر المشاهد لساعات طويلة على حساب الفن السابع، وهناك أيضا ما أفرزته التقنيات البصرية المتطورة في توفير صفاء وجودة الصورة لمتابعي الأفلام عبر الشاشة التلفزيونية..

هذا كله فسره الباحثون بأنه سيكون نهاية السينما، ولكن المتابع أخذ في حكم الواقع يرى أن ثمة بوادر نهضة جديدة على صعيد الإنتاج السينمائي العالمي رغم كل الظروف والتبريرات السابقة، بحيث اكتشف القائمون على محطات التلفزيون أن شاشاتهم تعيش بقدر كبير على الإنتاج السينمائي بنوعيه التسجيلي والروائي، وحتى تحافظ تلك القنوات على اتصالها مع الجمهور غدت تقوم بوظيفة المنتج السينمائي، فكثير من الأفلام ما كانت لتظهر لولا تلك المبادرات الإنتاجية التي قامت بها وحدات متخصصة في محطات تلفزيونية هي للأسف غائبة اليوم عن التلفزيونات العربية بعد أن نجحت في فترات سابقة في تقديم أعمال سينمائية لافتة بشقيها الروائي والتسجيلي رغم تعثرها بالجانب الدعائي.

إذن التلفزيون، بعد أن هدد السينما في مستقبلها، صار اليوم محتاجا إلى السينما وليس العكس، وبات المرء يجد الكثير من القنوات الفضائية المتخصصة بإنتاج سينمائي يعنى بقضايا العالم عموما ومن دون حصرها بثقافة بلد المحطة مثلما اشتغلت عليه قنوات إيه آر تي إيه الألمانية الفرنسية المشتركة، كنال بلاص الفرنسية، تي في فايف الفرنسية، الري الإيطالية وسواها كثير.. انه توجه سيعيد للشاشة البيضاء الألق والحضور المؤثر في المشهد السينمائي العالمي، خاصة وان ذلك اقترن ببروز ظاهرة انتشار الصالات السينمائية في المراكز التجارية والمتفاوتة السعة والمجهزة وفق أحدث أساليب العرض الكومبيوترية.

·     بمناسبة الاحتفال باختيار الجزائر عاصمة للثقافة العربية أود التوقف عند السينما الجزائرية أمس واليوم.. والدور الذي قامت به كحالة غير مسبوقة في السينمات العربية سواء عبر الكم الوفير في قائمة أفلامها في زمن مضى.. أو ذلك الحضور البديع الذي افرز سينمائيون هم اليوم في قامة الكبار في السينما العالمية.. وكيف تفسر الانتكاسة التي أصابت مفاصل من المسيرة الابداعية لهذه التجربة؟

- لا بد أن نتذكر أن السينما الجزائرية أدت دورا لا يستهان به في التعريف بالقضية الجزائرية وعدالتها، وتحديدا في مرافعات الأمم المتحدة. وكانت الأفلام التي حققها مناصرون للقضية الجزائرية قد ساهمت في تحقيق الاستقلال إلى جانب المقاتل الجزائري، ولئن كانت مثل تلك الأفلام في تلك الحقبة مطلوبة كسلاح تعبوي وتحريضي فإنها غدت لاحقا تسير ضمن توجه إنساني واجتماعي يرصد حركة الناس في التعمير والتعريب. وأفادها في مضمار انتشارها الواسع بين الناس وجود ذلك الكم الكبير من الصالات التي أوجدها الاستعمار، وهو الذي عمل على إنشاء السينماتيك أو مكتبة الأفلام التي دفعت الجزائريين إلى عشق الفن السابع والاهتمام به كحالة يومية من النشاط والإبداع الفكري والجمالي والذي آل لاحقا إلى ملك الدولة الجزائرية في عمليات التأميم التي أعقبت التحرير والاستقلال.
عندها استمرت القطاع العام في التواصل مع السينما، واخذ بإرسال المبعوثين إلى الخارج، ومكن الكثير منهم من إنجاز أعمالهم المتنوعة وفق معادلة إنتاجية تأتي ميزانيتها من بطاقات الدخول للصالات السينمائية المباعة، وأخذت السينما الجزائرية تشهد أفضل أحوالها، وشاهدنا الكثير من الأفلام التي وصفها النقاد العرب والأجانب بأنها تحف سينمائية على غرار أفلام: الأفيون والعصا لأحمد راشدي، الفحام لبوعماري، عمر قتلتو الراجلة لمرزاق علواش، نوة لعبد العزيز طولبي، وهناك العديد من الأفلام التي تحققت عبر الإنتاج الجزائري المشترك مع السينما الأوروبية والعربية والإفريقية اذكر منها على سبيل المثال: معركة الجزائر للإيطالي جوليوبونتكورفو، زد لليوناني فرنسي الجنسية كوستا غافراس، العصفور وعودة الابن الضال ليوسف شاهين.

وللأسف بدأت السينما الجزائرية في الآونة الأخيرة تسير نحو الانحدار بفعل التحولات التي اخذ المجتمع الجزائري يشهدها على أكثر من صعيد، فقد تلاشت أو أغلقت معظم الصالات السينمائية، واخذ الترهل الإداري يفتك في بنية مؤسسات المركز الوطني للسينما، وعجزت شبكة التوزيع والعرض السينمائي في القيام بدورها، وصار المتابع للسينما الجزائرية يشاهد أفلاما جزائرية أغلبيتها ينجز في الخارج وهي تفتقد للإحساس العميق ببيئتها ويغلب على حواراتها اللغة الأجنبية وغابت بالتالي إمكانية الحديث عن سينما جزائرية وطنية راسخة.

·     كثر الحديث عن صعوبة التواصل التي يواجهها المشاهد في المشرق العربي للأفلام المغاربية عموما بسبب تلك اللهجات الغارقة في محليتها.. هل من حلول تراها مناسبة لتجاوز هذه الإشكالية؟

- منذ زمن بعيد والإنسان العربي معتاد على مشاهدة السينما المصرية، ومنها تعلم المواطن في بلاد المغرب العربي الذي أمضى سنوات طوال تحت الاستعمار اللغة العربية في لهجتها المصرية تحديدا، وهذا ما استفاد منه الفيلم المصري في قدرته على اختراق أسواق عربية مختلفة اللهجات، ولكن العكس، فهناك في الأفلام المغاربية لهجة محلية مندمجة مع كلمات فرنسية يصعب على الجمهور في بلاد عربية أخرى فهمها أو التواصل مع خطابها، وظهرت الكثير من المطالب التي تبحث عن حل لهذه الإشكالية في أكثر من ندوة وملتقى على هامش مهرجانات سينمائية في المشرق العربي ومغربه، وكلها تنادي بوضع قواعد تحكم أسس العرض والتوزيع في السوق السينمائية العربية، وظلت المحاولات عاجزة عن إيجاد أي بصيص أمل تجاه معضلة اللهجة، رغم إننا الآن نرى الفيلم المغاربي واللبناني والعراقي والسوري والفلسطيني بكل هذا التنوع من اللهجات، وقد افرد له في أسفل الشاشة ترجمة باللغة الفصحى، وهو ما انقسم حوله أيضا الجمهور والنقاد، وكذا الأمر عندما صنعت أفلام بلغة عربية فصحى.

إنها بالفعل حالة مستعصية تحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة من الجهد والمتابعة للأفلام المغاربية والتعرف على عناصر مكوناتها ولهجاتها أو من في حكمها، وهو ما توفره حاليا شاشات الفضائيات التي لا شك ستساهم في تذليل هذه العقبة، كما إن الفيلم بحد ذاته بجمالياته وإبداع مخرجيه قادر هو أيضا على اختراق هذا العائق الذي يحول من الاتصال مع سائر أرجاء الوطن العربي.

* ناقد سينمائي وصحفي أردني

الرأي الأردنية في 16 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك