سينماتك

 

سمير الجمل يكتب:

عن الكاتب السوري ياسر العظمة صاحب مسلسل «المرايا» عندما تتحول دراما التليفزيون إلي وثائق صحفية

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

> «المرايا» وثيقة تسجيلية للواقع السوري والعربي والعالمي في فترة زمنية حافلة بالتحولات

> خلال أكثر من عشرين عاما قدم أكثر من ألف لوحة درامية عن أحوال البلاد والعباد

> كان من السهل أن ينسحب أو يتوقف بسبب منع المسلسل وتعسف الرقابة معه ولكنه مصر علي العناد  

في عصر الصورة.. يستطيع الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب أن يطالع بالعين أعظم الروايات الأدبية في التاريخ، وبدخول عصر السموات المفتوحة والمفضوحة.. رأي الناس في شرق الأرض ومغربها.. حرب الخليج الأولي علي الهواء مباشرة كأنها مباراة لكرة القدم، إنها الصورة الآن تقود الدنيا إلي جناحين لا ثالث لهما، إما روبي وهيفاء، وإما مشايخ الفتوي وعذاب القبر والناس بين ذلك سكاري وما هم بسكاري ولكن متاهات الإعلام شديدة.

ومع التحولات الخطيرة التي تشهدها الصحافة الورقية حتي علي مستوي أكبر الصحف العالمية.. ومع توغل الوحش الفضائي وسيطرته بالصورة علي مجريات الأمور .. تتغير النظرة إلي الدراما التليفزيونية فهي بضاعة مصنوعة خصيصا لكي تدخل غرف النوم والمطبخ وتجلس بين افراد الأسرة الواحدة برغبتهم أو رغم أنوفهم فهل يأتي علينا ذلك الوقت الذي يتم فيه الزواج الرسمي بين الصحافة والدراما علي مستوي الصورة؟

عناد وإصرار

تقدم الصحافة عموما علي الخبر وتقوم الدراما علي «المعلوم» وهي في حد ذاتها من الأخبار وإن كانت في الدراما تأخذ شكل التحليل والمقارنة والمقال بما يحمله من وجهة نظر.
ويطل مسلسل «المرايا» للفنان السوري ياسر العظمة برأسه لكي يقول لنا: أنا النموذج الأمثل لهذا الزواج الذي بدأ سريا بين الدراما والصحافة، فخلال عشرين عاما.. قدم العظمة أكثر من ألف لوحة درامية رصدت أحوال العباد والبلاد.

أذيع «المرآيا» لأول من عام 1984 وبمجموع حلقاته الآن يشكل وثيقة صحفية درامية تسجيلية إعلامية.. للواقع السوري العربي الدولي عبر هذه الفترة الزمنية الحافلة بالتحولات المتلاحقة، ولإنها دائما وابدا مغلفة بالكوميديا فهي تمر وتصل إلي الناس، وياسر بما له من تجارب مسرحية في الكوميديا السياسية مع دريد لحام ومحمد الماغوط في مسرحيات «كأسك يا وطن»، «ضيعة تشرين»، «غربة».

وإصرار ياسر العظمة وعناده واستمرارية هذا المسلسل الدرامي الصحفي وضع صاحبه في خانة فريدة بعيدا عن المنافسة مع غيره وكان من السهل أن ينسحب أو يتراجع أو يتوقف في ظل تعسف الرقابة ومنع المسلسل من عدة دول عربية.. وحساسيتنا الشديدة كعرب للنقد وإن رحبنا بالضحك.. بشرط ألا يكون علي غيرنا.. وليس علي عيوبنا.

عناوين الموضوعات التي اختارها العظمة في حلقاته تكاد تغطي معظم هموم ومشكلات وأحداث حياتنا ولأن الحلقات منفصلة فهي اشبه بصفحات الجريدة التي تشمل الفن والرياضة والسياسة والحوادث وحتي صفحة الوفيات أحياناً.

وربما من وحي «المرايا» ظهرت الأعمال العربية المشابهة.. مثل « طاش ما طاش» وهي أيضا تجمع بين العنصر الصحفي من حيث اختيار الحدث والعنصر الدرامي حيث أسلوب وطريقة تقديم الحدث في قالب كوميدي درامي، حتي إنك في نهاية الأمر تستطيع أن تجمع موسوعة درامية وثائقية كوميدية من مجمل الحلقات والموضوعات، بل وممن شاركوا فيها تمثيلا وتأليفا وتجهيزا، ويقف العظمة كمحور ارتكاز اساسي في تاريخ «المرايا» التي تمثل نوعية درامية معاصرة تكاد تشبه المسلسلات الأمريكية المعروفة «السين كوم».. ولكنها تتفوق عليها في كثرة المشاهد وحركة الكاميرا وحريتها وزمن الحلقة أيضا، يختلف وفي الحلقات الأمريكية يتم إضافة مؤثرات صوتية للجمهور وكأنها فرجة مسرحية بينما تنساب الدراما في «المرايا» بشكل عادي.

التحايل

محاورات ومناورات ياسر العظمة مع الرقابة كانت لصالحه ولو أنها ضده، فقد مكنتة من اكتساب خبرات خاصة في هذا الميدان، وقد سبقه فيه وإليه عدة تجارب من خلال الحلقات المنفصلة المتصلة، ولكن تظل تجربة العظمة هي صاحبة الرقم القياسي والنفسي الأطول والتنوع الأشمل علي مستوي الدراما العربية كلها.. وإن كانت محطة MBC، لقد قدمت في الآونة الأخيرة برنامجها الفكاهي «CBM» وهو يعتمد علي تقديم اسكتشات أو لقطات كوميدية متنوعة.. هي من حيث الشكل الصحفي الأقرب.. لأنها تستمد موضوعاتها من الأخبار والأحداث الطازجة .. ولكن مرايا العظمة تتميز بأنها تميل أكثر إلي الدراما .

وفي ظل انتشار الفضائيات وتعددها سيفرض شكل الدراما الصحفية وجوده، فهو لون يمكن أن يغطي الموضوعات الملحة في قالب درامي محبب ويكون بمثابة مساحة تجريبية لأنواع وألوان مستجدة في دنيا الدراما.. للإفلات من سجن الـ30 حلقة التي تفرض علي الكاتب تعبئة الحلقات بمشاهد لا يمكن الاستغناء عنها تماما، وهناك مخرج يلقي إلي سلة المهملات بـ400 مشهد بمنتهي البساطة .. وهذه واقعة أعرفها جيدا وأعرف ابطالها.. مع العلم بأن مشاهد المسلسل الـ 30 حلقة تكون في حدود 90 : 1200 مشهد .

فهل نري خلال السنوات القادمة ومع وجود قنوات درامية متخصصة للمسلسلات ذلك العمل اليومي الدرامي الذي يشبه الصحيفة ويقدمه أصحابه في 5 دقائق «لا أكثر.. وبه يقرأ الأمي الذي لا يكتب ولا يقرأ أحداث الدنيا وحوادثها وأخبارها بالعين والأذن.

يوما ما كان الشعر هو ديوان العرب ثم أصبحت الرواية هي ديوان العرب، وفي عصر الصورة يصعد المسلسل التليفزيوني إلي «القمة» لأنه يحتوي فن الرواية والصحافة ليكون بلا جدال «ديون العرب» وإن اختلف البعض حول ذلك!!

جريدة القاهرة في 13 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك