سينماتك

 

فيلم بابل.. عالم منقسم يصارع للحفاظ على إنسانيته

نبيل يعقوب

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

أثار فيلم بابل لمخرجه المكسيكى اينياريتو الحائز على جائزة مهرجان كان ضجة كبرى تو عرضه فى كل أرجاء أوربا.

يبدأ الفيلم وكأنك تشاهد عرضا لمقاطع من افلام مختلفة لا يربطها رابط. مشاهد من حياة اسرة راعى غنم فى جبال المغرب يعمل اطفالها وكبارها لكسب رزقهم فى صراع مع الطبيعة الصعبة. ومشاهد من حياة مربية اطفال مكسيكية فى بلد لا نعرفه فى البداية تتلقى مكالمات هاتفية بالانجليزية من والدى طفلين ترعاهما، ومشهد لسائحة امريكية بادية التعاسة توجه اللوم لزوجها فى مقهى ريفى فى مكان ما فى شمال افريقيا. ثم مشاهد من حياة شابة يابانية من اسرة ثرية، شابة قست عليها الطبيعة فنشأت صماء بكماء، زاد من عزلتها فى المدينة اليابانية الصاخبة انها كانت قد فقدت امها التى انتحرت. الشابة ترتكب كل الحماقات التى تنتشر وسط جيلها والاب فى حيرة والم.وتبدأ الخيوط تتجمع وتتشابك رويدا رويدا عبر قارات ثلاث.. ابناء الراعى المغربى يتباريان فى قدرتهما على اصابة اهداف ببندقية اشتراها والدهما لحماية اغنامه من الذئاب. ويصوب الطفل الاصغر نحو صخور الجبل، ثم نحو اهداف متحركة فيصيب اوتوبيسا سياحيا. يحس الطفلان بالهلع عندما يتوقف الاوتوبيس ويبادران بالهرب.

الطلقة اصابت السائحة الامريكية التى نكتشف فيما بعد انها ام الطفلين اللذين تركتهما فى عهدة المربية المكسيكية فى امريكا. وتبدأ الاحداث فى توتر متصاعد.. الزوج (ريتشارد -براد بريت) يحاول ايقاف نزيف زوجته (سوزان- كيت بلانشيت) فى منطقة جبلية بعيدة معزولة. المرافق السياحى يوجه الباص الى قريته ليتصل تليفونيا طلبا للاسعاف. الزوج يتصل بسفارة امريكا تليفونيا طالبا المساعدة. سكان القرية يحيطون صامتين بالمنزل الذى رقدت فيه المصابة. لم يأت سوى طبيب بيطرى يخيط الجرح ليوقف سيل الدم الذى كاد ان يودى بحياة المصابة. قروية طاعنة فى السن ترعى الجريحة بترديد آيات وتعاويذ ثم تنقذها من آلامها المبرحة باعطائها سيجارا محشوا بالافيون. فى ذات الوقت تبدأ الشرطة المغربية فى البحث عن الارهابيين الذين اطلقوا النار. مشاهد الاهانة والتعذيب للابرياء توثق للمعركة ضد الارهاب. مع كل نشرة انباء تكرر الاذاعات المحلية والعالمية خبر الهجوم الارهابى فى المغرب. البندقية كان قد اهداها سائح يابانى جاء الى جبال المغرب فى رحلة صيد تعبيرا عن امتنانه للرجل الذى خدمه كدليل فى رحلته.

من امريكا تصطحب المربية (اميليانا- ادريانا براثا) الطفلين الامريكيين لعرس ابنها فى المكسيك. وبعد انتهاء العرس الصاخب يصر قريبها المخمور (سانتياجو- جاييل جارسيا بيرنال ) على قيادة السيارة فى طريق العودة. عند عبور الحدود المكسيكية الامريكية تبدأ كارثة اخرى اذ يفقد السائق اعصابه ازاء ما احسه من مهانة على يد حرس الحدود الامريكيين ويندفع بسيارته هاربا من نقطة الحدود. تنتهى هذه المغامرة بالقبض على المربية الطيبة. وبعد اكتشاف انها تعيش فى الولايات المتحدة سنوات طويلة دون اقامة شرعية تقرر الشرطة ترحيلها. هنا يعكس الفيلم بعضا من الجانب المأساوى لتجربة الهجرة فى ظل سياسات لا انسانية كما تطبقها البلدان الغنية.

فيلم بابل يتطلب يقظة مستمرة ومشاركة بالتفكير من المشاهد. العلاقة التفاعلية بين المشاهد والفيلم هى التى تبنى العلاقات وتربط الخيوط.

دون ان تأتى احداث الفيلم باشارة صريحة لبرج بابل والذ اخذ عنه اسم الفيلم، يستعيد الذهن قصة البرج التى اوردها العهد القديم فى الانجيل، والتى تحكى ان بنائية ارادوا ان يصلوا به الى السماء فعاقبهم الله بحرمانهم من القدرة على التفاهم وشتتهم بأن فرض عليهم فوضى اللغات. واشارة الفيلم واضحة ولكن اشكال بابل هنا يتجاوز معضلة اللغات ويمتد لمفهوم الثقافات بمعناها الشامل.

والذى يجعل من هذا العمل الفنى حدثا هاما ليس براعته الفنية فحسب بل ايضا نقضه لما يكاد يسود صناعة السينما والادب المعاصر فى ايامنا فى الغرب من اغراق فى التركيز على الانسان الفرد المجرد، وكأن الفرد يمكن ان يكون وأن يفهم دون العلاقات الاجتماعية التى يعيش وسطها.

حصل المخرج اليخاندرو جونزاليس اينياريتو (المكسيك) على جائزة الاخراج فى مهرجان كان السينمائى بفضل قدرته الفذة على الحبكة الروائية. وترشح الفيلم للاوسكار ايضا بفضل القدرة الفنية للتمثيل والعجيب ان ينسى نقاد الصحافة الاوروبية روعة اداء الطفلين المغربيين سعيد طارشانى وبوبكر آيت، ووالد الطفلين وجاره الذى باعه البندقية. موسيقى الفيلم وضعها جوستافو سانتا أولالا الحائز على جائزة اوسكار.

اليخاندرو جونزاليس والكاتب جويرمو ارياجا قدما لنا صورا من عالم منقسم ومتناقض، سكانه مختلفون فى عيشهم وفى همومهم وفى تعاملهم معها انطلاقا من ثقافات مختلفة، ولكنهم متشابهون فى صراعهم من اجل الحفاظ على انسانيتهم. الفيلم لم يعجب بعض النقاد المحافظين من الولايات المتحدة حتى المانيا اذ رأوا فيه محاولة للايهام بعالم خال من الشرور والاخطار. الا ان الاصوات الغالبة فى عالم النقد السينمائى ابرزت فرادة هذا الفيلم ومغزاه الانسانى العميق.    

الأهالي المصرية في 7 فبراير 2007

 

بابل، معاناة الكائن الانساني في الألفية الثالثة

خسرو علي أكبر – باريس:   

بعد النجاح الكبير الذي حققه في فيلمين سابقين هما Amores PERROS و"21 غرام"،  يواصل المخرج السينمائي المکسيكي  اليخاندرو غونزاليس مسيرته الإبداعية في فيلم "بابل" الشهير، الذي حصد جائزة أفضل اخراج في مهرجان كان للعام 2006 ، وغولدن غلوب لأفضل دراما سينمائية، إضافة الى ترشيحه لسبع جوائز من الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم السينمائية (أوسكار). ويتميز بابل عن الفيلمين السابقين للمخرج غونزالس بأنه يصور احداثا تدور في أربعة بلدان وتتطرق لأربع قصص تبدو للوهلة الأولى وكأنها غير مترابطة ببعضها، لكنها ترتبط في حقيقة الأمر عبر رصد ردود أفعال اشخاص يواجهون ظروف قاهرة تفرضها عليهم الحياة المعاصرة في بابل الالفية الثالثة.

ويبدع غونزالس في نقل السرد الروائي الى فيلم يبدأ في المغرب حينما يجرب صبيان مغربيان بندقية ابتاعها لهما والهما لحماية قطيع الماعز، رصاصة تصيب سائحة أميركية سوزان "كيت بلانشيت" جاءت الى المغرب برفقة زوجهاريتشارد"براد بيت"، ويأخذ الحادث بعدا سياسيا من خلال ربطه بموضوعة الارهاب الأمر الذي يعرقل محاولات زوجها لانقاذها من الموت.

من جهة اخرى تصحب مربية مكسيكية طفلين اميركيين للمشاركة في عرس ابنها في المكسيك، لكنها تفقد في نهاية المطاف حق الرعاية والاقامة في الولايات المتحدة، وثمة ايضا صبية يابانية صماء وبكماء تدعى جيكو تحاول أن تتغلب على الكآبة والحزن اللذين طبعا حياتها بسبب انتحار والدتها ولاتجد سبيلا لاقامة علاقة مع الآخر الا من خلال جسدها.وهي مضطرة للرد على اسئلة محقق شاب من الشرطة اليابانية بخصوص العلاقة التي تجمع والدها مع راع مغربي هو بائع البندقية لوالد الصبيين.

رصاصة تربط حياة أشخاص يعيشون في بلدان مختلفة،ويعانون من صعوبة اقامة علاقة طبيعية مع الآخرين.

أربع قصص صغيرة متداخلة عن اربع عوائل،تصور معضلة بشرية كبرى تتلخص بظاهرة العنف كنيجة لعدم ادراك ظروف الاخر والاستهانة بثقافته ورهاب الانفتاح على الاخر.

اقتبس غونزاليس اسم فيلمه من كتاب العهد القديم،سفر التكوين، في اشارة الى قصة اول مجتمع انساني عاش في بابل بلغة مشتركة وثقافة واحدة،الا انه تشتت بعد محاولاته لبناء ابراج عالية لبلوغ جنان السماءوارتكاب اعمال اثارت غضب الخالق فعاقبهم بالشتات..

ويعتمد الفيلم على عنصر التوتر و التشويق لجذب انتباه المشاهد لماتبعة الفيلم، اضافة الى تسليط الضوء على المشاعر الحميمة التي تربط أعضاء بني البشر ببعضهم الآخر في اللحظات العصيبة، وخلافا لآراء بعض النقاد العرب الذين انتقدوا تصوير قسوة رجال الشرطة في المغرب في تعاملهم مع ابناء بلدهم، يقدم غونزاليس لوحات في غاية الجمال والروعة فيما يرتبط بالتضامن الانساني لعل أجملها مشهد المرأة المغربية المسنة التي تقدم كل مابوسعها لأنقاذ "كيت بلانشيت"وايضا رفض المترجم المغربي للمكافأة المالية التي يقدمها له بيت في مقابل مساعدته له.كذلك استجابة المحقق في الشرطة اليابانية لرغبة جيكو في اقامة علاقة جسدية، وربما يبقى المشهد المعبر لجيكو وهي تطلق أهات العزلة والألم راسخا في ذاكرة المشاهدين.

موقع "إيلاف" في 4 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك