سينماتك

 

بدأ فعالياته الخميس الماضي بفيلم غنائي

"برلين السينمائي" يتحدث لغات عدة ويناقش قضايا متنوعة

محمد رضا

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

يوم الخميس الماضي تم افتتاح الدورة السابعة والخمسين من مهرجان برلين السينمائي الدولي. والأرقام التي توفّرها إدارة المهرجان كبيرة. خلال الأيام الأحد عشر من المهرجان سيتم عرض 373 فيلماً، أي بمعدل 33،9 فيلم في اليوم الواحد. قل 32 فيلماً في اليوم الواحد، او 22 فيلماً في اليوم الواحد على خمسين شاشة عرض في مدينة برلين. او حتى اثنا عشر فيلماً في اليوم الواحد.. الرقم لا يزال مرتفعاً، لكن الحصيلة المعتادة لأكثر النقاد جديّة في استغلال المناسبة لحضور الأفلام فقط، هي سبعة أفلام في اليوم الواحد، ثمانية إذا ما قرر الاستغناء عن سندويش الظهيرة.

من هذه الأفلام ال 373 هناك ستة وعشرون فيلماً تعرض في القسم الرسمي منها اثنان وعشرون في المسابقة تتنافس على الدب الذهبي والفضي وجوائز رسمية أخرى. والمخرجون الذين خرجوا بالجوائز الأولى في الأعوام الماضية كثيرون بالطبع. من بينهم الياباني هاياو ميازاكي والفرنسي جان-لوك غودار والأمريكي بول توماس أندرسون والمخرجة البوسنية جميلة زبانش. وإذا ما رجعنا الى 56 دورة سابقة تبدّى لنا كم أسهم هذا المهرجان العريق في تقدّم السينما العالمية الى ما هي عليه اليوم.

حضور مكثّف

المدينة استقبلت ضيوفها. وضيوفها هذه المرة مجموعة كبيرة من الأسماء الضخمة: كلينت ايستوود، روبرت دي نيرو، جنيفر لوبيز، كايت بلانش، بن كينغسلي، لورين باكول، رتشارد غير، ميلا جوفوفيتش، مات دامون، جودي دنش وشارون ستون. المقابلات، مكتوبة ومصوّرة للتلفزيون، محجوز معظمها سلفاً. كان هناك زمن يستطيع فيه الصحافي طلب مقابلة ويعلم أنها في الغالب ستمنح إليه، لكن اليوم لا تستطيع أن تجلس خمس دقائق مع موهبة من دون أن تكون ممثلاً لواحدة من كبريات الصحف العالمية.

لا بأس. هناك من يفضّل الحديث مع النجوم، ومن يفضّل الحديث مع الأفلام. والأفلام هذه المرة محكوم عليها بالعرض أمام فريق من الخبراء يؤلّفون جهاز لجنة التحكيم: المخرج والكاتب الأمريكي بول شرادر يرأسها. والمهرجان يعرض له فيلماً جديداً بعنوان “السائر”، إنما خارج المسابقة بالطبع وهذا الفيلم هو تصوّر لما يمكن أن يكون قد آل إليه مصير بطل فيلم شرادر السابق “أمريكان جيغولو” اليوم. وودي هارلسون يؤدي البطولة ومعه ويليم دافو، كرستين سكوت توماس، لورين باكول، مورتز بلايبترو وجمعيهم سيحضرون العرض الرسمي والمؤتمر الصحافي في أعقابه. هناك ممثلان مهمّان فيه هما ند بيتي وليلي توملين لكنهما لن يشتركا في الحضور.

ملاحظات

من يطالع الأفلام التي تتكوّن منها المسابقة وبضعة أقسام رئيسية أخرى، يلاحظ أن هناك عدداً كبيراً من الأفلام المشتركة أخرجها ممثّلون. طبعاً فيلم كلينت ايستوود “رسائل من إيوو جيما” يقف في مقدّمتها (الفيلم كان الموضوع الرئيسي لهذه الصفحة في الأسبوع الماضي). لكن إلى جانبه هناك بضعة أفلام أخرى.

الممثلة جولي دلبي أنجزت فيلمها الأول كمخرجة وعنوانه “يومان في باريس”. الممثل الأميركي ستيف بوشيمي أنجز “المقابلة” والأسباني الأصل أنطونيو بانديراس أخرج “تمساح لوس أنجيليس”. وهناك فيلم روبرت دي نيرو “الراعي الصالح”.

والملاحظة الثانية هي وفرة الأفلام الفرنسية، ليس في المسابقة وحدها بل في سوق الفيلم أيضاً حيث يُقال ان 44 بالمئة من الأفلام المعروضة للبيع في السوق هي فرنسية الإنتاج او فرنسية مشتركة مع جهة أخرى، علماً بأن عدد الأفلام المعروضة في سوق المهرجان تبلغ، حسب إحصاءات إدارة السوق، 700 فيلم.

في المسابقة ذاتها، هناك فيلم “موم” او كما كان اسمه أولاً “حياة وردة” الذي يدور حول حياة وفن المغنية (ذات القامة القصيرة والصوت العالي) إديت بياف وتؤديها ماريون كوتيار.

من الأفلام الفرنسية الأخرى “يومان في باريس” لجولي دلبي ومن بطولتها مع أدام غولدبيرغ ودانيال برول، و”ملاك” لفرنسوا أوزون مع شارلوت رامبلينغ ولوسي راسل. هذا الفيلم ناطق بالإنجليزية على غرار فيلم فرنسوا أوزون السابق “حمّام السباحة” قبل ثلاثة أعوام.

أيضاً من فرنسا، “الشاهدات” لأندريه تاشيني، مع ميشيل بلان، إيمانويل بِيار، جولي ديباردو وسامي بوعجيلة، وهو دراما حياتية أخرى مستطيلة الشكل بمعنى أنها تبدأ ولا تعرف كيف -ومتى- تنتهي كمعظم أفلام هذا المخرج.

الى الماضي

الأفلام الأخرى المشتركة تتنوّع والعديد منها مستخلص من أوضاع حقيقية. خذ مثلاً فيلم الدنماركي بِل أوغوست “وداعا بافانا” من بطولة جوزف فاينس في أحداث تقع في دولة جنوب إفريقيا سنة 1968 أي حين كانت الدولة العنصرية الثانية في العالم (الأولى كانت ولا تزال “إسرائيل”). تدور القصة حول الضابط جيمس غريغوري الذي يعتبر السود أقل قيمة من أن يشاركوا البيض إدارة البلاد وكيف أنه تحوّل تدريجياً مع بدايات التحوّلات الكبيرة التي طرأت على البلاد.

لا أستطيع الحكم على الفيلم بعد، لكن سؤالي، وباسترجاع الذاكرة لأكثر من فيلم في الموضوع ذاته، لماذا هي تجربة الرجل الأبيض غالباً التي تناقشها الأفلام الأوروبية حين تتعرّض للأوضاع الأفريقية؟

الى الماضي أيضاً ينتقل فيلم “المزيفون” مختاراً ألمانيا النازية العام 1937. هذا الفيلم الألماني الذي أخرجه ستيفن زوزفتسكي من إنتاج ألماني- نمساوي يتحدّث عن مزوّر عملة يهودي (يؤديه كارل ماركوفيتش) ينتهي الى السجن ثم يجد نفسه بين مطرقة أن يشترك في تزوير العملة من جديد او أن ينتهي في معسكرات الاعتقال المخصصة لليهود. كل سنة في برلين هناك فيلم عن “معضلة اليهودي” وهذا العام هو عام هذا الفيلم.

والثلاثينات أيضاً هي مسرح أحداث الفيلم التشيكي “خدمت ملك إنجلترا” للمخضرم يرزي مانزل. هنا يروي حكاية منتهز فرص، كان وُلد منطقة بوهيميا ثم انتقل الى العاصمة التشيكية حيث صعد المناصب، من موظف فندق الى مدير ثم إلى مالك، بفضل تودده للألمان حين احتلّوا البلاد.

وعلى عكس ما نشر سابقاً، نجد أن فيلم جوزف سيدار “الإسرائيلي” الذي تم قبوله في آخر لحظة لا يدور عن الحرب اللبنانية الأخيرة ضد “إسرائيل”، بل عن ذكريات الانسحاب من لبنان في العام ألفين. من الصعب معرفة توجهات الفيلم في هذه اللحظة، لكن “بيوفورت”، كما هو عنوانه يتحدّث عن ذلك الانسحاب “الموجع” (حسب وصف الفيلم) الذي كبّد “الإسرائيليين” خسارتهم الميدانية الثانية (الأولى اضطرارهم للانسحاب من بيروت ثم لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية).

في “قرية على الحدود” لغريغوري نافا يتناول حكاية واقعية وقعت في قرية مكسيكية على الحدود الأميركية إذ ارتفع معدّل النساء المقتولات. الصحافية الأميركية ذات الأصل المكسيكي (تقوم بها جنيفر لوبيز) تحاول كشف الحقيقة وتتعرّض للاعتداء.

“المزيفون” هو فيلم ألماني نمساوي مشترك لستيفن روزوفتسكي حول يهودي اسمه زوروفيتش (يقوم به كارل ماركوفيتش) واقع -سنة 1963- بين مطرقة السجن لقيامه بتزوير المال والهرب من الملاحقات النازية قبيل الحرب.

وفي “الآخر” وهو فيلم أرجنتيني لأريل روتر قصة رجل في رحلة عمل يكتشف أن الجالس قربه في القطار مات. فيقتنص شخصيّته. الفكرة ذاتها بإخراج نيّر وردت في “المهنة: مراسل صحافي” للإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني.

أوراق ناقد ... مأزق شيامالان

عندما قابل المخرج الهندي الأصل م. نايت شيامالان رؤساء ستديو وولت ديزني قبل نحو عام ونصف توقّع كل خير. دخل متفائلاً جداً بأن الشركة التي صنع لها بعض أهم نجاحاته السابقة، بدءاً بفيلم “الحاسّة السادسة”، ذلك الفيلم الذي صنع منه نجماً كبيراً، لا يمكن أن ترد له طلباً.

كان أرسل لها سيناريو فيلمه الأخير وعنوانه “سيدة في الماء” وانتظر إلى أن تم تحديد موعد معه بعدما قرأته ديزني. حين وصل وجلس والمجموعة أدرك أن تفاؤله لم يكن في محلّه. رئيسة الإنتاج حينها، نينا جاكوبسون، صارحته بأنها لم تقرأ السيناريو بنفسها، بل أعطته لموظّفين لديها. حسب بعض الذين كانوا في الجلسة، بدت على وجه المخرج إمارات الغضب سريعاً واحتج منفعلاً، لكنها أكملت “ولم يعجبني بالطبع إنك نصبت نفسك ممثّلاً معطياً نفسك دوراً في الفيلم”.

حينها أدرك شيامالان أن الاستديو لم يعد حريصاً على التعامل معه. خرج من الاجتماع واتصل بوكيل أعماله وطلب منه البحث عن استديو آخر. الاستديو الآخر كان وورنر الذي توقّع أن يحقق الفيلم نجاحاً كبيراً مبنياً على الصيت الذي أحاط بالمخرج من أعماله السابقة. لكن الفيلم أخاب الظن على كل صعيد. الجمهور كان قليلاً. النقاد هاجموه والاستديو لم يسترد شيئاً يذكر من الأرباح.

“السيدة في الماء” كان عنواناً جاذباً بحد ذاته لكنه لم يكن كافياً. واسم م. نايت شيامالان كان كبيراً، لكنه انكمش بالتدريج. فمن نجاح خارق في “الحاسة السادسة” الى نجاح كبير في “غير المكسورين” الى آخر معتدل في “القرية” ثم الى فشل مشهود في “السيدة في الماء”. باختصار الفيلم غرق في مائه.

وديزني كانت محقّة إذ لم يعجبها المشروع وكانت رئيسة إنتاجها على صواب حين أحتجّت على قيام المخرج بلعب دور في الفيلم. أمر أشرت إليه في نقدي حين كتبت عن الفيلم أسبوع خروجه للعرض. ما لشيامالان والتمثيل؟ ماذا يريد أن يبرهن؟ موهوب في الكتابة والإنتاج والإخراج والتمثيل أيضاً؟ أم هي لعنة البلوغ أو مجموعة مستحقات مادية تتكاثر مع كل قبعة يرتديها فوق رأسه؟

الأزمة الشيامالانية لم تنته بعد.

قبل ثلاثة أسابيع كان شيامالان في هوليوود (يعيش ويعمل في فيلادلفيا) حيث أمضى نحو أسبوعين في مقابلات مع الاستديوهات المختلفة (باستثناء ديزني) محاولاً دفعهم لقبول سيناريو فيلمه المقبل “أفاتار” المأخوذ عن رسوم كرتونية لشخصية مشهورة. بكلمات أخرى، يعد شيامالان فيما يعد بأن الفيلم -هذه المرة- مختلف كمشروع عن أعماله السابقة.

وكان شيامالان بعث بالسيناريو من نحو شهرين قبل مجيئه وحين حط في هوليوود كان ينتظر الإجابات. وحسب نفس الشهود، بدا شيامالان مختلفاً عما كان عليه من قبل. كان مستعداً للحوار، ومستمعاً جيّداً للملاحظات. لم ينفعل ولم يغضب ومتعلم جيّد من الفشل، كما قيل. وهو أخذ السيناريو معه وعاد به الى فيلادلفيا للتصليح.

الأهم يا شيامالان أن لا تمثّل أرجوك. إنها مصيبة إذا كان الإخراج سيئاً أما إذا كان الإخراج والتمثيل أيضاً سيئاً فالمصيبة أعظم.

بهجة نينو موريتّي

المخرج الإيطالي نينو موريتّي أعلن موافقته على العودة لرئاسة مهرجان “تورين” (او “تورينو”) الإيطالي الذي كان مسؤولاً عنه قبل بضع سنوات.

صاحب “غرفة إبني” و”مفكرتي العزيزة” ومؤخراً “التمساح” عن رئيس الوزراء الإيطالي السابق برلسكوني، يعاود الانضمام الى طاولة رؤساء المهرجانات في وقت تشهد فيها المهرجانات الإيطالية تزاحماً ومنافسة حامية.

فبينما لا يزال مهرجان “فانيسيا” على القمّة بينها جميعاً، يعمل روما (الذي شهد دورته الأولى في تشرين الأول/ اكتوبر الماضي لأول مرة) على تجاوز منافسه ذاك سريعاً. يصرف أموالاً كثيرة ويعلم أنه لا مجال للتراجع.

“تورينو” من ناحيته يختلف قليلاً وإن ليس من حيث الحجم والهدف الثقافيين الذي يحاول تأمينهما. إنه يسعى لتشجيع السينما الصغيرة والمستقلة في إيطاليا وأوروبا. بعض النقاد الإيطاليين يعتبرونه المماثل الأوروبي لمهرجان ساندانس الأمريكي الذي يشرف عليه الممثل الكبير روبرت ردفورد.

ومع أن “فانيسيا” و”روما” يعتبران نفسيهما الأكبر حجماً (لأنهما الأكبر تمويلاً) الا أن موريتي هو السينمائي الوحيد على قمّة أي من هذه المهرجانات، وهو سينمائي محترم ومحبوب من الجميع إذا ما رفع سمّاعة الهاتف وطلب من الأسباني بدرو ألمادوفار تخصيصه بفيلمه المقبل، فإن بدرو لن يرفض له طلباً.

سجل الأفلام ... الشمس تشرق في سينما سوخوروف ولو قليلاً

بعض الأفلام الجيّدة، تمر أمامنا كما لو أنها لم تكن. وإذا لم يسارع الناقد لتسجيلها فإنها غالباً ما ستغيب عن البال والحساب سريعاً. أحدها هو “شمس” ثالث ثلاثية المخرج الروسي ألكسندر سوخوروف حول زعماء الحرب العالمية الثانية.

وكانت الثلاثية بدأت بفيلم “مولوش”Moloch  عن جزء من حياة هتلر ثم توسّطت بفيلم “توروس”Taurus  عن جزء من حياة لينين، والآن تنتقل الى الشرق البعيد في “الشمس” عن جزء من حياة الإمبراطور الياباني هيروهيتو يقع في الفترة التي مُنيت بها اليابان بهزيمة عسكرية كبيرة.

عامل مشترك بين هذه الأفلام يعود الى رؤية المخرج البصرية. كل واحد من هذه العوالم الثلاث، وفتراتها وبيئاتها، معبّر عنه بألوان بنية فاتحة تشبه ألوان المباني القديمة التي تقع الأحداث فيها. الشمس لا تشرق، وإذا فعلت فإن شروقها ليس ساطعاً. الطبيعة، حين ترضى الكاميرا الخروج إليها، ليست ساحرة ولا جميلة. إنها تبدو كما لو كانت تكملة للأماكن الداكنة التي تقع فيها معظم الأحداث.

في “الشمس” نطالع هيروهيتو (إيساي أوغاتا) في مبنى يُستخدم كمختبر علمي. قبل بدء الفيلم كانت الطائرات الأمريكية دكّت قصره وآل الإمبراطور الى هنا. ويعرض لنا الفيلم يوماً قريباً من آخر أيامه إمبراطوراً ومن آخر أيام اليابان قبل الهزيمة الكاملة. في ذلك اليوم نراه يلتقي وحاجبه الخاص (شيرو سانو) لمراجعة جدول أعماله. ونتابع ذلك الجدول حيث يلتقي بجنرالاته صباحاً ويدخل المختبر لمتابعة أعمال علمية مائية ظهراً ويخلد الى التفكير العميق بعد الظهر. في بال الإمبراطور أن اليابان ستقع لا محال على الرغم من أن حاجبه وبعض عسكرييه يستبعدون الاحتمال مؤكدين أن الجيش الياباني سيقاتل حتى النهاية. لكن هيروهيتو يدرك أن هذه هي النهاية. على ذلك، لا تراه حاداً ولا حزيناً ولا متوتراً. إنه في حالة متلائمة وسلام مع نفسه ومستعد للاحتلال الأمريكي. الذي يقع في اليوم التالي بوصول الجنرال مكارثر (روبرت دوسون) ولقائه بالإمبراطور الياباني لبحث الوضع معه. الإمبراطور يستجيب مدركاً الوضع تماماً، لكن الجنرال لا يصر على معاملته تبعاً لمكانته. حين يرسل جنوده ليأتوا به يعاملونه بخشونة وحين يصل الى القصر لا يفتح له أحد الباب. ثم هاهو الجنرال نفسه يجلس إليه بأقل قدر من الكياسة والاحترام ويملي عليه شروطه. في كل ذلك، هيروهيتو، مدرك وفي ذات الوقت قابل. يبدو كما لو أنه -في بعض المشاهد الأخيرة حين يقف مثلاً أمام المصوّرين- سعيد بأنه ما زال حيّاً وأنه لا يزال طليقاً ولو أن كل السلطات خرجت من بين يديه.

هناك اتفاق بين المخرج والممثل على الصورة المطلوبة لتشخيص هيروهيتو. لو أن هوليوود هي التي تصنع فيلماً عنه لبدا على نمط مختلف. يعتمد ذلك على فترة الإنتاج. بعد الحرب العالمية الثانية كان لابد أن يتم تصويره شخصاً متعجرفاً، قليل النظر، قاسياً. ربما اليوم، سيتم تقديمه كشهيد لبلاده لم يكن يعلم ما يكفي والا لما قاتل الأمريكيين. لكن سوخوروف يذهب الى صلب المطلوب: تقديم شخصية مستقاة من الواقع من دون أن تكون حبيسة له. هيروهيتو في هذا الفيلم شخصية فذّة بحجمها وقدرتها الخاصّة. لديه، في أكثر الأوقات دقة، رغبة في التعلّم وعنده حنكة خفية بالكاد تتبدّى على السطح لتغوص في أعماقه مجدداً. وهو شخصية مرحة في أحيان (ما يلوّن هذا الفيلم عنوة عن الفيلمين الآخرين بقدر من الكوميديا المحدودة).

الخليج الإماراتية في 11 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك