سينماتك

 

قريباً في البحرين...

«بورات»... فيلم درامي مصنوع بأسلوب تسجيلي

الوسط - نبيل عبدالكريم

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

فور نزوله إلى السوق الأميركية أحدث فيلم «بورات» ردة فعل تفاوتت بين مؤيد ومعارض. الفئات المؤيدة تعاملت معه بصفته يشكل وجهة نظر، بينما الفئات المعارضة انتقدته بسبب تحامله على ثقافات مغايرة واستخدامه البذاءة وسيلة للتعبير عن الفكرة. هذا الاختلاف في التقدير يمكن أن يتكرر في البحرين في حال تم عرضه. فالفيلم مثير في اشكالاته التي يطرحها بأسلوب فكاهي، ولكنه أيضاً مثير للاشئمزاز والقرف حين يتمادى المخرج في إظهار مشاهد تترافق مع لغة شارعيه.

ربما يكون المخرج تعمد هذه الوقاحة لإثارة المشاعر والحساسيات واختبار قدرة المشاهد على التحمل ومدى استعداده لقبول الآخر. كذلك تعمد أن يظهر شريطه الدرامي وكأنه من فصيل الأفلام الوثائقية التي تسجل اللقاءات المباشرة مع ناس غير مدربين على التمثيل وغير مستعدين للتعامل بحرفية مع الكاميرا. فالشريط استخدم تقنيات عادية وظهرت الصور في أكثر من لقطة مظلمة وغير واضحة، كذلك كانت الاصوات تغيب وتصعد وتختفي وترتفع وتنخفض بحسب موقع الآلة وأدوات التصوير والتسجيل.

وهذا النوع من الأفلام قل أن تجده في الأشرطة الدرامية. وأيضاً ربما يكون المخرج تعمد إنتاجه بهذه الطريقة لإعطاء صورة واقعية عن المشاهد واللقطات والمفارقات التي تحكمت بالفكرة من أولها.

يبدأ الفيلم من قرية فقيرة في كازخستان. ويطل الممثل أمام الكاميرا في وضعية محاور يتحدث مباشرة إلى المشاهدين. فهو يعرِّف بنفسه وقريته وأصحابه وأهله وزوجته وشقيقته ووالدته. فالمشهد التصويري تسجيلي، إذ تتحرك الكاميرا صعوداً ونزولاً وهي تلاحق بطل الفيلم من مكان إلى آخر.

المهم قال إنه ذاهب إلى الولايات المتحدة في رحلة تثقيفية استطلاعية من أجل التعرف عليها واكتساب خبرة يحتاجها ريف كازخستان. وقبل انتقاله إلى أميركا يعطينا صورة مصغرة عن تخلف القرية الريفية التي تعيش في شبه عزلة عن العالم ولا تملك حتى تلك الأدوات الحديثة الموجودة في كل منزل أو على الطرقات.

إلا أنه على رغم هذه الحال السيئة اجتماعياً والمتدهورة اقتصادياً يبدو السكان في صحة جيدة ولا يعانون من الوحدة أو الكآبة. فالناس تعودوا على الفقر وبات جزءاً من حياتهم وتكوينهم الاجتماعي. فالناس بسطاء وتسيطر عليهم الطيبة والفرح والمرح وحب الحياة والانفتاح والاستعداد لتقبل الآخر.

بعد هذا المشهد التسجيلي ينتقل المخرج بنا بالطائرة (صندوق الحديد المعاصر) إلى الولايات المتحدة. وهناك تبدأ المفارقات. فهو إنسان بسيط وساذج وطيب وطموح ويحمل في رأسه مجموعة قناعات عن أميركا يكتشف بالملموس أن الواقع غير الفكرة. فالناس في الولايات المتحدة يعيشون حالات تقدم اجتماعي ويتعاملون يومياً مع وسائط نقل واتصالات ومواصلات وتكنولوجيا متطورة، ولكن حياتهم تتحكم بها عادات العزلة والانكماش والوحدة وعدم الانفتاح والتوجس والقنوط والتخوف من الغريب والابتعاد عن المختلف.

هذه المفارقات تظهر منذ اللحظات الأولى في المطار، ومحطة القطار، والمحلات التجارية، والشوارع، والأزقة، والمقاهي، والفنادق، والمطاعم.

التقاليد مختلفة، العادات مغايرة، العلاقات سلبية، التعامل محكوم بسحب كثيفة من الانكماش والانكفاء إلى عالم داخلي يتردد في الانفتاح خوفاً أو قرفاً أو توجساً. والمخرج حاول قدر الإمكان اضفاء الطابع الواقعي على اللقطات وإظهارها بشكل تسجيلي لا يعتمد الحوار الدرامي التقليدي بقدر ما يميل إلى توثيق المشاهد وترك الصورة تأخذ مجالها الحيوي من دون إطارات أو قيود.

إلى الصورة اعتمد المخرج اللغة العفوية التي تخرج من دون رقابة منظمة أو حضور ذهني. فاللغة في الشريط مجنونة لا سقف لها ولا حدود لمفرداتها وألفاظها. كذلك النكات والوقائع والحوارات المفتعلة والاستفزازية.

الشريط السينمائي في هذا المعنى جديد على رغم أن الفكرة ليست جديدة. فهناك الكثير من الأفلام تحدثت عن تلك «الصدمة الحضارية» أو «الثقافية» التي يصاب بها المهاجرون حين ينتقلون بالصندوق الطائر إلى نيويورك أو لندن أو باريس. وهي صدمات يصاب بها ايضا أبناء الريف البريطاني أو الفرنسي أو الأميركي حين يقررون النزول للمرة الأولى في حياتهم إلى المدينة. فهذه الفكرة مكررة في عشرات الأفلام التي حاولت إضاءة تلك الزوايا المظلمة في شخصيات البشر وكيفية تعاملها مع الجديد ومقدار الصدمة التي يصاب بها الناس في لحظة الاحتكاك الأولى مع الغريب والفريد والمدهش.

«بورات» ليس جديداً في فكرته. إلا أنه نجح في تقديمها في إطار مخالف. فالصدمة متبادلة. فهو ينصدم من تلك العلائق الإنسانية المتخوفة من الآخر. إلا أنه أيضاً شكل بحضوره ووقاحته وخشونة لغته ومصطلحاته ومفرداته سلسلة إرباكات للطرف الآخر.

وهذا الأمر ربما يكون محاولة جديدة لإثارة المسألة من جانب آخر. فهو يقدم عادات كازخستان بصورة هزلة، ولكنها ليست كذلك بالنسبة إليه. إنه يتصرف بعفوية وكما هو ولا يصطنع شخصية مزيفة بينما الآخر يعيش تحت ستار كثيف من الإبهام وعدم الوضوح. مثلاً يدخل «بورات» محطة القطار في نيويورك ويأخذ بمصافحة الركاب وهي عادة ريفية إلا أن أهل المدن يتخوفون منها ولا يتقبلونها. فالمصافحة عند سكان المدينة تقتصر على من يعرفون بعضهم ولا تمتد اليد إلى الغريب.

مثال آخر يظهر من تلك اللقطات المتكررة التي يعرج عليها في أكثر من مناسبة ومشهد وكلها تركز على القبلات. ففي الريف الشرقي الناس تصافح بعضها ولا يتردد الرجال في تقبيل بعضهم بمناسبة أو من دون مناسبة بينما عادة التقبيل بين الرجال في الغرب الانجلوساكسوني (بريطانيا وأميركا) تعتبر مقرفة وتثير الاشمئزاز. والمخرج تعمد إعادة تصوير (تسجيل أو توثيق) هذا المشهد مراراً في أكثر من مكان، وردود الفعل جاءت في معظم الحالات متشابهة حين كان يتعامل الطرف الآخر باستغراب واستعلاء.

أيضاً مثال آخر. تعمد المخرج استخدام لغة بذيئة في ألفاظها ومفرداتها في أكثر من مشهد. ودائماً كانت تأتي ردود الفعل سلبية أو غير متجاوبة مع هذا الشخص الغريب والفظ الذي تنقصه التربية والتهذيب والتشذيب.

الأمر نفسه ينطبق على مسألة الجنس والعري والنظرة إلى المرأة أو السود أو اليهود أو تلك المنظمات المسيحية التي تنظم الحفلات المجنونة في الكنائس. ردود الفعل نفسها تتكسر على معظم اللقطات والمشاهد. فالناس في هذه الأصقاع يختلفون حتى في رواية النكتة أو التعامل مع المفارقات المضحكة أو المثيرة للقرف والاشمئزاز.

كل هذا نلاحظه من خلال تلك الرحلة الاستكشافية المختلقة والمتخيلة والاستعراضية التي تنتهي بصدمات متبادلة. هو اصطدم بواقع آخر لم يعرف كيف يداريه لسبب بسيط وهو أنه عفوي وساذج وطيب ولا يصطنع التهذيب والتأدب،وربما تعمد التظاهر بالبلاهة لإثارة حنق الآخر . إنه ببساطة هذا هو. وهذه هي عاداته وتقاليده التي تربى عليها ولا يعرف غيرها ولم يتخيل أنها خاطئة أو سلبية. المشكلة كانت في الطرف الآخر، وهو يفترض أن يكون في حال متقدمة وواعية ومتفهمة، ولكن ما حصل كان العكس. فالمتقدم مهذب والمتخلف عفوي، ولكن المتقدم تقنياً أقل انفتاحاً ومرحاً من المتخلف تقنياً. فالأخير سعيد في حياته أكثر على رغم بؤسه الاجتماعي بينما الأول حزين في حياته على رغم توافر كل حاجاته ومتطلباته.

وهكذا يعود «بورات» إلى قريته في كازخستان بعد جولته على الولايات الأميركية محدثاً تلك الصدمة في الاتجاه المعاكس بينما بقي هو كما كان. فالصدمة الثقافية متبادلة، ولكنها كانت من جهته أقوى من جهتهم. فالصدمة أحياناً تكون معكوسة. وهذا ما فعله عن غير قصد في اميركا وعن قصد لدى المشاهد.

الوسط البحرينية في 1 فبراير 2007

 

»كازينو رويال«

محمد راشد بوعلي

بعد أن لمع نجمه على شباك التذاكر الأميركي في العام الماضي، وخلال حفل الأوسكار الأخير لقيامة ببطولة فيلم «March of the Penguins» ها هو النجم السينمائي الجديد «البطريق» يعود إلينا لينافس احد أقوى الشخصيات العالمية في تاريخ الصناعة السينمائية وهي شخصية «جيمس بوند».

سباق شباك التذاكر كان حميماً بين الفيلم الكارتوني «Happy Feet» بأصوات عدد من النجوم فيه يتقدمهم روبين ويليامز واليجا وود، وفيلم «Casino Royal» بشخصية جيمس بوند التاريخية وبطولة نجمه الجديد دانييل كريغ، لتأتي المفاجأة بانتهاء معركة شباك التذاكر لمصلحة «البطريق» على حساب «جيمس بوند» ليس لأسبوع واحد بل لـ 3 اسابيع متواصلة ليفتح امامنا باب التساؤل ما السبب وراء نجومية «البطريق» خلال العامين الماضيين؟

طبعاً في دور السينما الخليجية لا نحتاج الى ان ننتظر كثيراً عندما تطرح السينما العالمية فيلم اكشن جديداً فكيف اذا كان هذا الفيلم لجيمس بوند! فقد عرض الفيلم متزامناً مع عرضه في أميركا، وذلك احد المبررات التي دعتني الى ان أكون من أول الحاضرين لمشاهدة الفيلم. وعلى رغم عدم اقتناعي ولا اعجابي بأفلام جيمس بوند العشرة الأخيرة، فإن أموراً كثيرة تحوم حول الفيلم جعلتني متفائلا بكون ما سأشاهده مختلفاً عن كل ما شاهدته مسبقاً من أفلام العميل «007». ولعل أهم جديد هذا الجزء هو التخلص من النجم، الذي لا بريق له، بيرس بروسنان واستبداله بنجم جديد هو دانييل كريغ الذي كان أهم أدواره في فيلم «ميونخ» مع المخرج ستيفن سبيلبيرغ في العام الماضي. هذا عدا عن التصريحات التي أطلقت عند صناعة الفيلم التي تحدثت عن تغيير أساس فكرة البطل الخارق لشخصية جيمس بوند وجعلها شخصية قابلة للإصابة!

لكن لعل أهم ما دفعني لمشاهدة الفيلم هو مشاركة بول هاغيز في إعداد وكتابة سيناريو الفيلم، وهاغيز لمن لا يعرفه كاتب ومخرج فيلم «اصطدام Crash» الحائز على اوسكار العام الماضي وكاتب فيلم «فتاة بمليون الدولارA Million Dollar BABY» الحائز أيضا على اوسكار العام قبل الماضي.

في هذه المرة تبدو لمسات هاغيز واضحة المعالم، فقد استطاع مع المخرج وضعنا أمام فيلم إثارة واكشن برونق جديد وأسلوب كلاسيكي، سلب من خلاله انتباه المشاهدين طوال فترة عرض الفيلم التي تزيد على الساعتين والنصف.

في هذا الفيلم يضعنا المخرج والكاتب امام فيلم من 3 قصص وكأنه يريد تعويض جماهير محبي جيمس بوند ومحبي الإثارة والاكشن عن الغياب غير المباشر لجيمس بوند خلال السنوات الأخيرة.

يبدأ الفيلم ببناء شخصية بطلنا الجديد دانييل كريغ وبناء جديد لشخصية جيمس بوند الذي تسلم لتوه رقم العميل 007 وأولى مهماته، بعدها يأخذنا المخرج من مدينة الى مدينة ومن قصة إلى قصة ليبني من خلالها حوادث فيلمه «كازينو رويال Casino Royale».

كريغ يقوم ببطولة فيلم مع الممثلة نيكول كيدمان حينما جاءه خبر اختياره ليقوم بتجسيد شخصية جيمس بوند، وهذا ما جعل من مخرج العمل التوقف عن تصوير الفيلم لإتاحة الفرصة لبطله ليقوم بأهم ادوار حياته وتصوير فيلم «كازينو رويال» وهو الاختيار الذي جاء ليرفع من أسهم فيلمه!

كريغ حالياً يعتبر النجم الأبرز والأكثر لمعاناً في سماء هوليوود، إذ إن هناك شبه إجماع على كونه أحد أفضل الممثلين الذين جسدوا شخصية العميل البريطاني حتى ان هناك من فتح أبواب مقارنة بينه وبين النجم الأسطوري «شون كونري».

لقد قدم فيلم «كازينو رويال» درساً متقناً في كيفية الاستثمار الدعائي في الأفلام، جعلته يضع في جيبه ما لا يقل عن 100 ميلون دولار، فقط نظير الدعايات التي كانت في الفيلم، فشاهدنا الحصة الأكبر لشركة سوني من خلال هواتف «سوني اريكسون» او كاميراتها الديجتال والكمبيوترات المحمولة «سوني فياو»، اضافة الى الشركات كشركة السيارات «فورد»، شركة الساعات «اوميغا» و»فودكا» وغيرها من الشركات التي تنافست كل منها لكسب مكان في فيلم «كازينو رويال»، ولا يخفى عليكم كم من ارباح حققت شركة سوني اريكسون نظير الاقبال المنقطع النظير على هواتفها الثلاثة المستعملة في الفيلم.

كلمة حق تقال في الفيلم، وهي وقوفه مع العرب بطريقة غير مباشرة، وكأنه يوجه رسالة للعالم عن المؤامرات وكيفية وقوعها على العرب، وذلك من خلال مشهد يقوم من خلاله جيمس بوند بقتل شخصيتين ويطلب من «ماثياس» التخلص من الجثث، فماذا فعل؟ وضعها في صندوق سيارة لشخص عربي الملامح محاطاً بشرطة تفتشه، وقام بوضع جهاز هاتف نقال مع الجثث ليقوم بالاتصال بها ليجد الشرطة الجثث ويتم القبض على الشخص العربي الملامح بتهمة القتل!

بعد خروجي من الفيلم قابلني بعض الأصحاب الذين كانوا بطريقهم لمشاهدته، وطلبوا مني مرافقتهم للفيلم طبعاً، في البداية تعذرت لأني قد خرجت منه للتو، ولكن مع إصرارهم لم أجد ما يمنع من ان أشاهد الفيلم مرة أخرى في اليوم نفسه.

باختصار اعتبره أحد أفضل أفلام جيمس بوند على الإطلاق، لن يصيبك بالملل على رغم طول مدته، واستطاع ان يقدم لنا الأكشن الجميل بالأسلوب المنطقي مقارنة بالأفلام السابقة، ولولا قوة هذا العام من ناحية الأفلام المعروضة وكونه ليس من النوعية المفضلة للأكاديمية لشاهدناه في سباق المنافسة الأوسكارية.

* كاتب بحريني

الوسط البحرينية في 1 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك