سينماتك

 

يعرض الآن على شاشات الكويت:

في 'رايات آبائنا'.. إيستوود يصور كواليس. الحرب ويبحث عن معنى البطولة الحقيقية

عرض وتحليل: عماد النويري

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

أهوال الحرب ومخاطرها والبطولة الحقيقية والشرف والواجب، هي موضوع فيلم كلينت ايستوود الجديد 'رايات آبائنا' عن سيناريو كتبه وليام برويلز وبول هاغيس اقتباسا من رواية لكرون باورزن يتتبع فيها الكاتب حياة بعض الجنود المشاركين في صورة للأسوشيتدبرس تبين رفعهم لعلم اميركا على تلة في الجزيرة اليابانية 'ايوا جيما' اثناء الحرب العالمية الثانية، مع رصد لشعور هؤلاء المشاركين بالذنب لعلاقتهم بتلك الصورة.

جولة دعائية

برويلز وهاغيس يتركاننا غارقين في التساؤل والتعجب. انهما ينتقلان من الجزيرة اليابانية وإليها وبين حفنة من رجال المارينز وجندي في البحرية يقومون بجولة فور عودتهم الى الولايات المتحدة الأميركية.

ظاهريا هدف الجولة هو الاحتفال بالشجاعة والاعتزاز الوطني والبطولات التي تحققت في ارض المعركة. وفي الحقيقة فإن الغرض من هذه الجولة هو حشد التأييد للحرب في إطار حملة لبيع السندات الحكومية، ويعني ذلك ان الجولة دعائية تماما وتشكل بوتقة للأبطال المصدومين المترددين ينتج عنها حالة من الفخر والتردد والخوف والاحساس بالذنب. انه لغز معقد فيما الحكومة والأمهات القلقات في جميع أنحاء أميركا، بل وحتى الجنود أنفسهم يحاولون ان يتأكدوا من شارك في زرع العلم على قمة تلة 'ايوا جيما' ومن لم يشارك.

ويتزعم رايان فيليب وآدم بيتش وجيسي برادفورد طاقم العسكريين الممتاز، ويبرز جون سلاتري في دور المسؤول في وزارة الخزانة الساخر الذي يحثهم على استغلال تلك الصورة التي يزرع فيها علم الولايات المتحدة الأميركية الى اقصى حد ممكن. ويلعب بيتش دور ايرا هايز، الاميركي هندي الذي لا يستطيع ان يعيش دور البطولة المزيفة ويسقط مجددا وهو يهرول من مدينة الى اخرى من دون ان يتمكن من ان يتغلب على الصدمة لما رأى وفعل في اليابان.

وهناك برادفورد، في دور رجل المارينز الوسيم رينه غانيون الذي لا يكترث للانتباه الذي يحظى به فحسب، بل انه يستغله ـ كما تفعل صديقته (ميلاني لينسكي) التي تقحم نفسها في الحملة الدعائية من دون خجل ـ ويجعلك برادفورد تكره الشخصية التي يمثلها، وتتمنى له الخلاص في الوقت نفسه.

حقيقة وتوهج

الشخصيات التي قام النجم الأميركي الشهير كلينت ايستوود بتجسيدها على شاشة السينما أصبحت جزءا لا يتجزأ من الثقافة الأميركية، مثله في ذلك مثل النجوم الذين سبقوه من أمثال جيمس كاجني وهمفري بوجارت وجون واين. ولكن أغلب الناس يتناسون أن ايستوود لا يعد ممثلا سينمائيا فحسب، إنما يعتبر أيضا أحد أبرع المخرجين في الولايات المتحدة. ولقد تذكرنا جميعا هذه الحقيقة عندما رشح فيلمه 'النهر الغامض' لنيل جائزتي أوسكار أفضل إخراج وأوسكار أفضل فيلم. وقد سبق ونال الرجل هاتين الجائزتين من قبل بالفعل عندما اختير فيلمه 'غير المتسامح' للحصول على أوسكار أحسن فيلم وأوسكار أفضل إخراج عام 1992، ولعلنا نذكر ايضا حصول فيلمه 'حبيبة بمليون دولار' عام 2005 على أربع جوائز أوسكارية كأفضل فيلم وأفضل اخراج وأفضل ممثلة لهلاري سوانك وأفضل ممثل مساعد لمورجان فريمان.

وهكذا فإنه بعد نصف قرن من العمل في المجال السينمائي، من العسير على المرء أن يجد شرفا لم يحظ به هذا النجم، أما الأمر المثير بحق بشأنه هو أنه يزداد توهجا وتألقا كلما تقدم في السن. في حوار معه عام 1997 أشار وقتذاك إلى أنه من الضروري أن يحاول الإنسان التمتع بحقيقة أنه يتقدم في العمر، مشيرا إلى أن ذلك يعد أمرا مهما للغاية، قائلا إنه 'ليس من المجدي أن يقضي المرء وقته يتحسر على الأيام التي ولت متذكرا أنه كان فيما سبق قادرا على القيام بكذا أو كذا، أو فعل هذا أو ذاك'. وقال أيضا: 'من المحتمل أن يكون الكثير من الناس يحققون أفضل إنجازاتهم وهم في الأربعينات من العمر ثم تخبو جذوة نشاطهم بعد ذلك. ولكنني أعتقد أن ذلك لا يعدو سوى مفهوم نظري، فبالنسبة إلي أنا على سبيل المثال اعتقد أنني لم أقدم أفضل ما لدي سوى الآن'. وإذا عدنا إلى الوقت الحاضر فسنجد أن كلمات ايستوود قد تجسدت بالفعل على أرض الواقع في فيلمه 'رايات آبائنا'.

أكاذيب ومساومات

الفيلم السيناريو يقدم في واقع الامر ثلاث قصص متشابكة هذا غير العديد من الرسائل الواضحة والغامضة والملتبسة في الوقت ذاته. هناك قصة معركة جزيرة 'ايواجيما' وكل ما حدث فيها من بطولات وانكسارات وهناك قصة الجنود الذين وجدوا أنفسهم فجأة في دائرة البطولة من دون وجة حق وهناك قصة كواليس الحرب وما يجري فيها من اكاذيب ومساومات واعمال لاأخلاقية لا ترقى إلى مستوى البطولات والتضحيات وضمن الرسائل التي يرغب الفيلم في توصيلها ان الانتصار والبطولة في الحرب لا تكمن في القدرة على قتل اكبر عدد ممكن من جنود الاعداء وانما البطولة الحقيقية هى القدرة على ان نحمي انفسنا ونحمي اصدقاءنا وان يحمينا هؤلاء الاصدقاء في ساحة المعركة. واحدى الرسائل التى يرغب الفيلم في توصيلها أيضا ان أبطال الحروب المعلنين ليسوا في كل الأحوال هم أصحاب البطولات الحقيقية وانما اصحاب البطولة هم من يضحون بأنفسهم على ارض المعركة، وضمن رسائل الفيلم ايضا رسالة مفادها ان كواليس الحرب دائما عامرة بالمساومات والمؤامرات ويجب علينا الانتباه. ومع احترامنا لكل رسائل الفيلم الا ان السيناريو لم يكن متماسكا بالقدر الكافي وكان هناك العديد من المشاهد المكررة والعبارات التي جاءات لتؤكد ما قيل من قبل.

رسائل مهمة

في الفيلم 'الفن' يواصل ايستوود تألقه كمخرج كبير ومتمرس ويقدم لنا معارك متقنة الصنع وينجح في تقديم أجواء حرب مقنعة من حيث تفاصيل المكان وما يتلاءم مع طبيعة الزمان من ملابس واكسسوارت وديكور. ويمكن التوقف قليلا عند ابداع الممثلين وعند الموسيقى التصويرية وعند الاضاءة وتنويعاتها، وكما يبدو فقد بذل جهدا كبيرا في تقديم واحد من أهم أفلام الحرب في السينما العالمية الا ان السيناريو لم يسعفه احيانا لضبط إيقاع الفيلم ككل نظرا إلى تعدد الموضوعات والرسائل. لكن يمكن القول ان ايستوود قد بذل جهدا كبيرا ليقدم لنا فيلما تاريخيا انسانيا يبعد عن منظومة افلام الحروب الدعائية المقولبة.

في 'غير المتسامح' ناقش ايستوود موضوع الغضب وفي 'النهر الغامض' ناقش موضوع الصداقة وفي 'حبيبة بمليون دولار' ناقش موضوع التضحية وفي فيلمه الأخير وفي ضبابية الحرب التى تخوضها أميركا في العراق يحاول ايستوود ان يلقى بظلال الماضي على الحاضر ليقدم بعض الرسائل المهمة عن ماهية الحرب بشكل عام وعن البطولة الإنسانية الحقيقية بشكل خاص.

القبس الكويتية في 23 يناير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك