سينماتك

 

نحتفي بها في المهرجانات ونتجاهلها في الواقع

أزمة السينما المستقلة من الإنتاج‏..‏ إلي العرض

تحقيق‏-‏ زينب هاشم

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

مع ازدياد الفجوة بين السينما التجارية التي لا تهدف سوي إلي المتعة وجني الإيرادات‏,‏ تشكل تيار سينمائي جديد عرفه العالم كله وهو ما يسمي بـ تيار السينما المستقلة‏,‏ الذي يحتفي أكثر بفن السينما ويتمتع بنسبة كبيرة من الحرية بعيدا عن سطوة النجوم‏,‏ نفس التيار بدأت ملامحه بالتشكل في مصر في السنوات الماضية‏,‏ خصوصا مع التطور التكنولوجي الهائل وزيادة الكاميرات الحديثة غير المكلفة إنتاجيا‏,‏ إضافة إلي دراسة السينما عبر الإنترنت‏,‏ وفي أكاديميات خاصة‏,‏ كل ذلك أسهم في خلق هذا التيار السينمائي المستقل‏,‏ والذي يواجه صانعوه العديد من الأزمات المتعلقة بآلية الإنتاج ومنافذ العرض‏,‏ والرقابة المجتمعية التي قد ترفض عرض بعضا من هذه الأفلام‏,‏ وأخيرا تشكل أول مهرجان للسينما المستقلة في مصر نظمه مجموعة من الشباب بجهودهم الذاتية‏,‏ والأهرام العربي تفتح ملف السينما المستقلة وتطرح تساؤلاتها مع صناعها حول أزماتها وكيفية العمل علي حلها‏.‏

كانت البداية عندما فجر فيلم الجنيه الخامس أزمة مصادرة المراكز الثقافية المختلفة لحرية إبداع مخرجين شابين جدد حاولا طرح عمل سينمائي جديد قصير‏,‏ وتباينت الآراء آنذاك ما بين مؤيد ومعارض له‏,‏ وكانت أكثر الاعتراضات حول الفيلم بسبب تناول العمل لمشكلات الشباب بشكل يحمل جرأة‏,‏ وبعد أزمات عديدة بين صانعي الفيلم والمراكز الثقافية تم عرض العمل في نطاق محدود جدا ولم يتبنه سوي المركز الثقافي الروسي وبعض المراكز الأخري‏.‏

ولم تتعامل المراكز مع الفيلم كحالة خاصة‏,‏ حيث واجه الفيلم الثاني لنفس المخرج أزمة كبيرة أيضا وهو الفيلم السينمائي القصير الذي يحمل اسم سنترال ورفضت المراكز الثقافية المختلفة عرض الفيلم بدعوي أنه صادم وبه لغة جريئة وخشنة‏,‏ ومن هذه المراكز ساقية عبدالمنعم الصاوي أيضا‏,‏ وهي التي حصلت علي نسخة من الفيلم ولم تعدها إلي صانعيه مرة أخري‏,‏ وأيضا المركز الثقافي الفرنسي الذي أرجأ عرض الفيلم إلي أن يحصل علي موافقة الملحق الثقافي الفرنسي في القاهرة‏,‏ وبعد فترة فوجئ صانعو الفيلم برفض الملحق لعرض الفيلم‏,‏ وكذلك الأمر بالنسبة للمركز الثقافي البريطاني الذي رفض تماما عرض أفلام مصرية‏,‏ وظل العمل يواجه أزمات كثيرة من تأجيل ورفض غير معلنين إلي أن قامت إدارة قصر السينما التابع لوزارة الثقافة بالاتصال بمخرج الفيلم لعرض العمل ضمن نشاط القصر‏,‏ وبالفعل قام مخرج العمل بإرسال نسخة من الفيلم قبل ميعاد العرض بثلاثة أيام كاملة‏,‏ وذلك حتي يتسني للقصر عرض الفيلم والموافقة عليه‏,‏ لكن فوجئ الجميع أثناء عرض الفيلم بقطع الصوت عنه دقيقة ونصف الدقيقة من المشهد الرئيسي للفيلم‏,‏ وبعد عرضه أقيمت ندوة أدارها مدير القصر تامر عبدالمنعم بحضور مخرج الفيلم ومؤلفه‏,‏ ومنتجه محمد حماد‏,‏ وفي الندوة صرح تامر بأن الفيلم مثير للأعصاب‏,‏ وأنه غاضب من مشاهدته برغم أن اللغة السينمائية الخاصة به جيدة‏,‏ وأثناء الندوة اعترض الحاضرون علي القطع الذي حدث في الفيلم‏,‏ أجاب تامر بأنه خطأ تقني‏,‏ وعندما طالب الجميع بعرض الفيلم مرة أخري‏,‏ رفض مدير القصر‏,‏ الذي تجاهل رغبة الحضور وقال‏:‏ من يرغب في مشاهدته مرة أخري عليه أن يأخذ‏C.D‏ الفيلم من مخرجه‏,‏ وفوجئ صانع الفيلم بأن هناك تصريحا تليفزيونيا علي لسان تامر عبدالمنعم يؤكد فيه أن ما حدث للفيلم لم يكن خطأ تقنيا‏,‏ وإنما قطع للصورة لأنه الفيلم لا يصح عرضه‏,‏ لأنه شديد الجرأة‏.‏

والمشكلة أن ما واجه فيلم الجنيه الخامس‏,‏ وسنترال ليس بالحالة الفردية‏,‏ بل هناك أزمات ومشكلات كثيرة يعانيها صناع السينما المستقلة في مصر‏,‏ وكذلك مشاهدوها من الجمهور الذي يعشق هذه النوعية من الأفلام والتي شكلت ظاهرة حقيقية في المجتمع المصري في الفترة الأخيرة‏,‏ وأصبحنا نستطيع أن نطلق علي عدد كبير من الأفلام المنتجة سينما مستقلة شكلت تيارا حقيقيا يستحق الاحتفاء والدعم‏.‏

البداية

ويتأكد ذلك عندما قام المسئولون عن ساقية عبدالمنعم الصاوي بتبني أفلام الشباب الذين يقومون بتصوير وإخراج وإنتاج أفلام روائية قصيرة ولا يجدون منفذا لعرضها جماهيريا‏,‏ وبدأت الساقية منذ أعوام بإقامة مهرجان للأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية التي تحمل اسم السينما المستقلة‏,‏ لكن عاما بعد عام أصبح الزحام الشديد الذي تشهده الساقية في أعداد الأفلام المعروضة عليها للمشاركة ضمن فعاليات هذا المهرجان دافعا لرفض أفلام كثيرة بدعوي أن عدد الأفلام المقدمة زائد عن الحد المسموح به‏,‏ وتقريبا هو نفس الزحام والإقبال الذي يشهده مهرجان الإسماعيلية من عام لآخر‏,‏ خصوصا أنه من أهم المهرجانات التي تحتفي بهذا اللون من السينما بعيدا عن الآليات التي تحكم السوق السينمائية‏,‏ ويؤكد محمد شوقي‏,‏ أحد المخرجين الشباب الذين درسوا بأكاديمية رأفت الميهي أن السينما المستقلة تواجه مشكلة كبيرة في مصر منذ اللحظة التي تفكر فيها في عمل المشروع ومحاولة تقديم فيلم سينمائي جديد يحمل فكرا معينا‏,‏ ويعبر عن سينما جديدة بسيطة بعيدا عن القيود الإبداعية‏,‏ ستجد أن الحصول علي تمويل من جهة معينة هو أمر غاية في الصعوبة‏,‏ لذلك نضطر إلي التعاون معا لإنجاز المشروع من أموالنا‏,‏ ونقوم بإنتاج أفلام لأنفسنا وهي مشكلة لم تواجهني أنا فقط‏,‏ بل واجهت الكثير من زملائي‏,‏ بعد ذلك نأتي لفكرة منافذ العرض‏,‏ والمفارقة أن السينما أصبح لها جمهورها‏,‏ وكذلك المهرجانات التي تقام احتفاء بها علي مستوي العالم وليس في مصر فقط‏,‏ لذلك فالسينما المستقلة تيار جديد يجب أن يحتفي به‏,‏ خصوصا أنه ضد التيار السينمائي التجاري السائد الذي يعرضه الموزعون والمنتجون‏,‏ كل ما نرغب فيه هو توافر جهات دعم حقيقية لنا ليس ذلك فقط‏,‏ وأماكن عرض نستطيع من خلالها التواصل أكثر مع الجمهور‏.‏

نفس الأزمة واجهت المخرجة أسماء البكري التي سبق وقدمت أكثر من عمل سينمائي كان آخرها فيلم عنف وسخرية‏,‏ والذي صورته بكاميرا ديجتال‏,‏ وعن المشكلات التي تعرضت لها قالت‏:‏ إن أزمات كبيرة يتعرض لها مخرجو ومؤلفو السينما المستقلة في مصر‏,‏ وذلك بسبب عدم وجود جهات إنتاجية تتبني إنتاج أفلامهم‏,‏ وأنا عن نفسي لدي تجربة شخصية في كل فيلم أقدمه‏,‏ ففيلم عنف و سخرية مثلا واجهتني مشكلات كبيرة جدا‏,‏ لدرجة تصل إلي أنني ذهبت به إلي كل المنتجين تقريبا ولم أجد من يتحمس له‏,‏ ولم يستجب لي أحد‏,‏ إلي أن قررت أن أخرجه فيديو نظرا للتكلفة الكبيرة التي يتطلبها إذا قمت بإخراجه سينمائيا‏,‏ وبعد اجتهادات كثيرة حصلت علي منحة من فرنسا واستعنت بممثلين غير معروفين‏,‏ وربما شاركتني التجربة الفنانة عائشة الكيلاني‏,‏ التي كانت أكثر شهرة بين أبطال الفيلم‏,‏ وبسبب ضعف التكلفة‏,‏ قمت بتصوير أحداث الفيلم بالكامل في الإسكندرية بدون الدخول إلي استديو واحد‏,‏ وكان الحل الأفضل بالنسبة لي أن أقوم بتحويل الفيلم من فيديو إلي‏35‏ مللي‏,‏ وذلك لإمكانية عرضه في صالات العرض‏,‏ لكن لأن الفيلم لا يعتمد علي الجنس أو النجوم المشهورين‏,‏ ولا يعبر عن الكوميديا الهابطة التي نراها ونشاهدها يوميا في دور العرض‏,‏ كان من الصعب علي المرور بالمراحل الطبيعية لأي عمل سينمائي تعبر عنه أفكار ومعان نحن في حاجة إليها في المجتمع‏,‏ وأعتقد أن كل من يقدم سينما مستقلة خاصة به يحلم بذلك‏,‏ لكن للأسف لا نجد جميعا من يساعدنا‏,‏ لذلك أناشد المسئولين عن الثقافة بأن يقوموا بجهودهم لتوفير جهات إنتاجية‏,‏ وكذلك دور عرض مختلفة لعرض هذه الأفلام في قصور الثقافة بالمحافظات‏,‏ وأتمني أن يكون سعر التذكرة لمشاهدة هذه الأفلام مناسبا للجمهور‏,‏ وأن يتم إقامة ندوات لها وهي كلها متطلبات لا تخرج عن الاهتمام الطبيعي بالسينما التي تحمل مضمونا جيدا‏,‏ خصوصا أن السينما في الأساس هي فن راق بعيدا عن أفلام الهلس التي أصبحت تفرض علينا‏.‏

أما المخرجة نبيهة لطفي‏,‏ فتتحدث عن نفس وجهة النظر قائلة‏:‏ عندما كنا في مدينة الإسكندرية في كارفان السينما الأوروبية أقيمت ندوة عن السينما‏,‏ خصوصا التي تتناول هذا النوع المختلف من الفن المقدم للجمهور‏,‏ وآنذاك طرحت السؤال‏,‏ لماذا لم تنظم ندوة للتعرف علي ماهية السينما المستقلة؟ وهو موضوع مهم جدا لأننا إلي الآن نجد تأويلات وتفسيرات عديدة لموضوع هذه الكلمة‏,‏ ونرجو أن نصل إلي مفهوم واضح يحمل سمات معينة‏,‏ فمثلا هل السينما المستقلة هي السينما البعيدة عن الإنتاج الكبير أم هي سينما يقدمها من يرغب في صناعتها‏,‏ التي تحتفي بالأفكار الجديدة والمختلفة‏,‏ والتي تحترم الإبداع وحريته بعيدا عن أي مفاهيم خاطئة أصبحت تحكم صناعة السينما؟

لكن بشكل عام هذا النوع من السينما يواجه الكثير من المشكلات‏,‏ أهمها الإنتاج والتوزيع لأن السينما من المفترض أن تحث علي حرية التعبير وأول ما تهتم به السينما المستقلة أن تبحث عن حرية التعبير عن الرأي تعبيرا كاملا‏,‏ وعندما لا يجد السينمائي من يساعده في ذلك يلجأ إلي طرق أخري‏,‏ وهي أن يقوم بالإنتاج لنفسه وحتي بعد ذلك يجد نفسه أمام مشكلة أخري وهي مشكلة العرض‏,‏ ونحن من الواجب علينا كمهتمين بالسينما وجمعيات سينمائية وأيضا بالفن السابع بكل أبعاده‏,‏ بما في ذلك السينما التجارية أيضا‏,‏ لابد أن نجد طريقا لحل مثل هذه المشكلات‏,‏ وأن نجد طريقة لهذه الأفلام حتي يصبح هناك استقلالية لها بالفعل‏,‏ لذلك أري أنه لابد وأن يكون هناك تجمع لأكثر من جهة لإمكانية حل أزمة السينما المستقلة‏*‏

الأهرام العربي في 13 يناير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك