يبدو أن المشروع النووي الايراني، ونظرا لأهميته البالغة، اتسع ليشمل مجالات عديدة في حياة الايرانيين،اذ لم يعد محدودا بالمجالات التقنية والسياسية والعسكرية، وانما احتوى الفن السابع والانتاج السينمائي،فقد صرح مؤخرا معاون رئيس الجمهورية والمسؤول الثاني على الملف النووي في لقائه بجمع من المخرجين السينمائيين والعاملين في حقل الفن السابع عن عزم الحكومة الايرانية في تقديم مساعدات مالية للأفلام التي تدافع عن حق ايران في امتلاك التكتولوجيا النووية لأغراض سلمية.كما وعد غلام رضا آقا زادة السينمائيين الايرانيين بفتح المصانع والمنشآت النووية لهم وتوفير الدعم اللازم لانتاج افلام في هذا المضمار.

ولايمكن اعتبار هذا المشروع جديدا في ايران اذ سبق أن كان محط اهتمام حكومة الرئيس الايراني السابق السيد محمد خاتمي،وتشير مصادر مطلعة أن فيلم المخرج الايراني علي رضا رئيسيان وعنوانه ملف هافانا، والذي من المقرر أن يعرض قريبا في دور السينما الايرانية تدور احداثه الرئيسية حول الملف النووي الايراني.

وبديهي أن هدف المسؤولين الايرانيين من دعم الأفلام النووية هو توعية الرأي العام الايراني بحق ايران القانوني بامتلاك تكنولوجيا نووية متطورةلأغراض سلمية، وتسليط الضوء على تناقض القانون الدولي في تعامله مع الملف النووي الايراني وتظهر وجهات نظر العاملين في الحقل السينمائي اختلافا كبيرا بين معارضين للاستجابة للارادة الرسمية والذين رجحوا مشروعية الرغبة الذاتية للفنان في اختيار المواضيع، وبين مخرجين أكدوا على فاعلية الدعم الرسمي للانتاج السينمائي في ايران باعتباره العنصر الأساس في ازدهار الصناعة السينمائية التي حققتها السينما الايرانية منذ انتصار الثورة الايرانية، الا أن كلا الجانبين اتفقا على تأييد المشروع النووي كارادة وطنية لابد من تحقيقها مادامت مقصورة على الجانب السلمي.

الناقد السينمائي الايراني أحمد طالبي نجاد رأى أن المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها القطاع السينمائي دفعت ببعض المخرجين للموافقة على انتاج افلام متطابقة مع المنظور الرسمي، لكنها اتسمت بضعف البعد الفني،، وأشار طالبي نجاد الى التجربة الاميركية في هذا المجال والدعم الذي قدمته الحكومة الاميركية لعدد كبير من المخرجين السينمائيين بما ينسجم مع استراتيجيتها الخارجية.

وفي حوار هاتفي أجرته ايلاف مع المخرج السينمائي علي شيرواني الحاصل على جائزة النقاد من مهرجان كان 1999 وعلى جوائز سينمائية دولية معتبرة، رأى شيرواني أن السينما الايرانية بعد الثورة حظيت على الدوام بدعم واسناد مؤسسات الدولة ولايمكن الحديث عن سينمائيين مستقلين بالمعنى الدقيق للكلمة وأضاف مخرج فيلم الكرز المعلّب "لم يكن بامكان السينما الايرانية ان تستمر في انجازاتها الكبيرة لولا الدعم الحكومي المتواصل، ان جميع الأفلام التي انتجت من قبل مخرجين مستقلين حصلت بدورها على دعم من قبل المؤسسات الرسمية، شخصيا كانت تجربتي الأولى في الاخراج السينمائي نابعة من تجربة ذاتية بحت ومن منظور فكري مستقل لموضوعة الحرب، وحينما حصلت على جائزة النقاد في "كان" على فيلم الدائرة، تم اعفائي من الخدمة العسكرية ووفرت لي مؤسسات ثقافية رسمية دعما كبيرا كي أتفرغ للعمل السينمائي، أن الافلام التي تتعارض مع الرؤية الرسمية تحظى ايضا بدعم الوزارات والمؤسسات الثقافية والفنية، ان التحول الكبير الذي شهدته السينما الايرانية هو مشروع تأصيل السينما وفتح آفاق لها على المضامين التي ترتبط بالهوية الايرانية والقضايا الوطنية الحساسة التي يعيشها المجتمع،أو الشخصيات الثقافية التاريخية التي كان لها اسهام في خدمة البشرية أو قدمت منجزات مهمة على صعيد الثقافة والآداب والعلوم، بأمكاننا أن نستشهد بسينما الحرب أو الدفاع المقدس، لقد كان تمويلها حكوميا، لكنك لن تصادف فيلما واحدا يمجد الحرب او يسبغ عليها طابعا ايجابيا، هي في حقيقة الأمر أفلام ضد الحرب، ضد حرب فرضت على الشعب الايراني المسالم، لذا لن أتوانى في أخراج فيلم يساهم في التطور العلمي والتقني السلمي، من منظور انساني.

وقد عرضت مؤخرا جميع القنوات التلفزيونية الايرانية فيلم (MC2) وهو من أفلام الرسوم المتحركة من اخراج محمد مختاري وانتاج مركز دعم الأفلام الوثائقية والقصيرة، وهو فيلم يتطرق باسلوب ساخر لمحاولات تجسسية يقوم بها جواسيس اسرائيليون وأميركان على المنشآت النووية الايرانية.

ولعل فيلم "يوم الشيطان" للمخرج بهروز أفخمي التجربة الأكثر نضجا في التطرق الى الملف النووي الايراني، ويدور الفيلم حول مجموعة من المتآمرين ضد النظام الايراني الذين يحصلون على دعم من اميركا ويدخلون قنبلة نووية مصغّرة يسعون الى استاديو آزادي وقتل الآلاف من الحاضرين في أكبر ملعب في طهران واتهام الحكومة الايرانية بارتكاب الحادث كدليل على امتلاكها السلاح النووي.

اما منتج فيلم "الأم" السيد منوجهر محمدي فهو يرى في أن الملف النووي يضم أبعادا درامية سواء في الجانب التفاوضي والديبلوماسي او في البحث العلمي والسياسي، وعلى هذا الاساس يمكن طرح جوانب منه مترجما الى لغة الفن السابع.

التجربة الأميركية

كان المضمون النووي واحدا من المضامين الرئيسة في السينما الاميركية منذ نهاية العقد الرابع من القرن المنصرم، وقد ساهمت سينما الخيال العلمي في أثراء الافلام التي عالجت الابعاد السلبية للسلاح النووي كخطر يهدد الجنس البشري ويفني الحياة على سطح الكرة الأرضية، كما كان للأفلام الهوليودية في هذا المضمار الدور الكبير في زعزعة ثقة المشاهد بالانجازات العلمية في حقل الذرة، ويعتبر فيلم" البداية أم الخاتمة"1952 للمخرج نورمان توروغ 1899-1981 في طليعة الأفلام التي ناقشت فيها هوليوود القضية النووية، وقد خضع الفيلم لاشراف من قبل الحكومة الاميركية،وبحث في إطار تخيلي (وان كان أساس السيناريو مقتبسا من قصة حقيقية) في الأسباب التي دعت لصناعة القنبلة الضرورية والأسباب التي دفعت الولايات المتحدة الى ارتكاب واحدة من أبشع جرائم العصر في هيروشيما وناكازاكي، والفيلم يدور حول قصة حب تجمع عالم في مجال الفيزياء بفتاة حسناء.لكنه يصطدم بشخصيات سياسية نافذة لاتعير أهمية لنواياه السلمية في أبحاثه ودراساته.

في فيلم "شبح ذو البدلة الحمراء " عام 1944وهو جزء من سلسلة افلام سينمائية يتم اكتشاف مادة سكلوترودايكس تعمل على ابطال مفعول الاسلحة الذرية، اما فلم " الأرملة ذات الرداء الأسود " عام 1947 وفلم "لرجل الذري ضد السوبرمان" عام 1950 فهما فيلمان يتمحوران حول حول أعداء يوظفون السلاح الذري من أجل تحقيق أهدافهم الأجرامية.

وقد عكست الأفلام الأميركية أجواء الحرب الباردة في خمسينات القرن الماضي والخوف من المواجهة العسكرية مع الأتحاد السوفياتي السابق، كما في فيلم"خمسة أشخاص" عام1950 اخراج آريك اوبولر،اذ تقضي قنبلة ذرية على حياة البشر ولايبقى على قيد الحياة سوى خمسة اشخاص، الا أن هذه المجوعة القليلة من الأفراد تعجز بدورها عن ادامة حياتها والحفاظ على وجود الجنس البشري على الكرة الأرضية، وينتهي الفيلم ببقاء رجل وامراة واحدة على قيد الحياة، في اشارة أو أمل لبقاء الحياة على سطح الكوكب الأرضي، وقد استطاع الفيلم في حينها أن يترك أثرا عميقا في الرأي العام العالمي ونبـّه الى قلق المجتمع الدولي من الاثار الكارثية التي تتركها التجارب النووية على البيئة، وركـّز على دور صناعة السلاح النووي في اثارة القلق والأمراض النفسية على سكان الأرض.

وأخيرا نشير الى فيلم " الهجوم على الولايات المتحدة"عام 1952 من اخراج الفريد غرين، وهو يصور مجموعة من الأشخاص يتدارسون امكانية احباط هجوم نووي سوفياتي، يتم اغتيالهم من قبل جواسيس للكي جي بي، ثم يتضح لاحقا ان هولاء الافراد انما كانوا يعانون من أمراض نفسية خطيرة وليس هناك أي هجوم سوفياتي محتمل، وقد رأى النقاد حينها أن الهدف الأساس من الفيلم يتعلق بالشأن الداخلي الأميركي، وتوجيه صناعة الأسلحة في بلد احتل رأس القائمة في تصديرها الى مختلف بقاع العالم.

موقع "إيلاف" في 16 يناير 2007

 

 "الـمــــلـكــــة" لـســــتـــيـــفــن فــــريـــرز

ملكــيّ أكـــثـر مـن المــلـكـــيـة؟

هوفيك حبشيان 

كم هي الابحاث والتقارير التي استند اليها المخرج البريطاني المتميز ستيفن فريرز ("علاقات خطرة"، 1997)، للملمة الاجزاء المتفرقة التي أعادت صوغ نهاية الاميرة ديانا التراجيدية في 31 أب 1997، ولرسم الحيرة والارتباك الاداريين اللذين زعزعا استقرار أهل السلطة في بريطانيا عقب الحادث المروع، في فيلمه الأخير "الملكة" (التي ظفرت الممثلة هيلين ميرين عن دورها فيه بجائزة "غولدن غلوب")؟ هل الأكثر إلحاحاً، في الحديث عن فيلم واقعي يحفل بالتواريخ والشخصيات، أن نطالب مخرجه بالكشف عن مصادره ومعلوماته وعن كيفية حصوله على الوثائق التي تسمح له بإسناد الاجوبة الى الاسئلة المعلقة؟ يدّعي الشريط نقل حيثيات لحوادث جرت فعلاً، ويستبعد نظرية المؤامرة وضلوع العائلة المالكة في وفاة الأميرة. صار هذا الشريط، في ادارة فريرز، نموذجاً في كيفية اشاعة مناخات واقعية واستعادة الزمان والمكان اللذين احتضنا الحوادث في تفاصيلها المتشعبة الشيطانية. بيد ان ثمة تفصيلاً فاتنا، هو أن مخيلة كل من فريرز وشريكه في كتابة السيناريو بيتر مورغان (صاحب تلفيلم "الصفقة" مع فريرز، الذي سبق أن تصدى لطوني بلير) هي التي تدبرت مسألة تلك "الحقيقة" القابعة خلف ستار الحادثة التي اودت بحياة الاميرة الاستثنائية، عبر تركيبة سيناريستية روائية تعتمد على الغريزة لتجسيد ما يبقى عادة طيّ الكتمان. في هذه النقطة بالذات، ينبغي للثناء على فريرز أن يكون مضاعفاً، لأنه لم يكتف بنقل الحادث من الخارج، بل انتقل الى معسكر العائلة المالكة ومن يحيط بها من مستشارين وفي مقدمهم طوني بلير، متماهياً مع وجهة نظر هؤلاء الملكيين حيال ما حدث. في هذا الاسلوب اللاشعبي والاريستوقراطي في تصوير فيلم، وجد فريرز متعة لا تضاهيها الا هذه المجازفة الجبارة التي تجعله يرمي نفسه في حضن مجموعة من الملكيين المملين العديمي الشعور، يصوّرها مخرجنا العزيز بالكثير من الطرافة والكوميديا السوداء والاناقة الـ"بريتيش".

كثيرة هي المرات يدنو فيها الفيلم من أن يكون ملكياً أكثر من الملكيين. في نهاية الجولة، ربما هو كذلك: فيلم ملكي بامتياز يهتم بردود فعل الطبقة الاريستوقراطية فقط لا غير. لكن ما أحوجنا الى هذه المراجعة الضميرية للملكة، وإن لم تكن هي، كشخص، تجتذب القلوب وتستدرّ التعاطف. كم نفضل حاجتها الى التأمل لاتخاذ القرار، على الهستيريا الجماهيرية التي، من ساحة شهدائنا الى باحة قصر باكينغهام، ليست الا حالة شعبية عابرة، غالباً ما تكون بسبب الغريزة والخوف والتخبط في الاوهام. أما العقل والمنطق، فهما، في مكان آخر، موجودان ربما لدى هذه الملكة، الباردة اعصاباً والمفعمة انسانية، والتي ينقذ فريرز كرامتها. منذ البداية يختار فريرز معسكره بلا حرج. انه معسكر السلطة التي لم تأبه للناس، قبل ان تشعر بالخطأ السياسي وتغيّر سلوكها تجاههم. لعبة متداخلة، محيّرة، مهلكة، يصورها المخرج، متنقلاً فيها بين طرفين، قبل أن يلغي الحواجز البسيكولوجية بينهما. ينطلق فريرز، الذي لطالما انكبّ على قصص الطبقة الكادحة في افلامه السابقة، من اشكالية بسيطة ومعقدة في الحين نفسه: هل يجب أن تكون مراسم تشييع ديانا شعبية أم عائلية؟ فالاميرة كانت مطلّقة من تشارلز ومنبوذة أصلاً من العائلة المالكة، لنزواتها وسوقيتها (بحسب وجهة نظرهم)، لذا لا ضرورات بروتوكولية في نظر أهل العرش. لكن بلير (مايكل شين)، المنتخب حديثاً بغالبية ساحقة والاكثر قرباً من الناس بعدما أوصل حزب العمال الى سدة الحكم اثر 17 عاماً من العهد التاتشري، يحاول، بعكس أفراد العائلة المالكة المنزوين في قصورهم، ان ينقل الى الملكة غضب الشارع والخطر السياسي المحدق بالعرش في حال إحساس الناس بأن الطبقة الحاكمة لا تعكس هواجسهم ولا تشاركهم حزنهم لفقدان "أميرة الشعب". في النهاية، يتم توظيف المسألة سياسياً، ويكون بلير هو الكاسب الاكبر في هذه المعركة.
ثمة محاولة من جانب فريرز لأسطرة ديانا وأدلجة بلير وتعرية اليزابيث الثانية. فالاولى ضحية عدم قدرتها على التغلب على نزواتها، وسيكون رحيلها كما في الميثولوجيات الاغريقية، اذ تجسد الفتاة التي ترغب بالافلات من "مصير" أنزل عليها من فوق. أما الثاني فيقاربه فريرز بنوع من الضبابية المقصودة، اذ لا نعلم هل هو وصولي أم مؤمن برسالته، لكن الراجح ان العقدة الاوديبية (حيال الملكة) هي التي تتحكم بلاوعيه، فيتغلب الجانب العقلاني لديه على ميله الى الثورة، فيمنع حصولها. يملك فريرز القدرة على أن يتبرأ من كل ما يجيء على لسان هذا وذاك. يستفز الجميع مستخدماً شخصياته كواجهات يحتمي بها. يستعين فريرز بقدراته في أن يكون طريفاً حتى في احلك الظروف، ليعاين كيف تعمل المؤسسات في بريطانيا ومدى صلاحيتها، في اسلوب يناقض ما فعلته فاليري لوميرسييه في فيلمها الجميل "باليه روايال" المستوحى من شخصية اللايدي ديانا. قد لا يجرؤ فريرز على قول كل ما يعرفه، مراعياً طبيعة الحياة الملكية وتقاليدها الصارمة وقوانينها البروتوكولية، محاولاً قدر المستطاع تحديد ما يجب اظهاره (هو شديد التعلق بالتراث الملكي كسائر الانكليز). لكن القليل الذي يقوله عن هذا العالم الملكيّ يستحق أن يشاهد لأنه فائق الخصوصية، ولأنه نابع من مقاربة لا تتخذ التطرف سلاحاً للمواجهة. لحظات مصيرية تاريخية حاسمة يصوّرها فريرز، مدركاً أن السينما هي قبل كل شيء مسألة وجهة نظر ومسألة أخلاق أيضاً، وان ثمة ما يمنعه من استراق نظرات تحت عباءة الملكة، فيدعم الفيلم بعناصر تزيد من نسبة الاقناع والواقعية، ولاسيما عبر ادارته اللافتة للممثلين، وفي طليعتهم البريطانية القديرة هيلين ميرين (حازت جائزة أفضل ممثلة في مهرجان البندقية الأخير)، بحيث ان اداءها المركّب والمشيّد على الفوارق والبين بين، يكلل مساراً مسرحياً وسينمائياً خرج في كثير من محطاته عن الدروب المطروقة والشخصيات التي تقع في أسر التكرار. طبعاً ليست بقية الكاستينغ من قماشة ميرين، ولعل الحلقة الاضعف في الفيلم هي اختيار اليكس جانينغز لدور الامير تشارلز. مما لا شك فيه ان فريرز الذي سبق أن أنجز في عام واحد رائعة سينمائية أخرى هي "السيدة هاندرسون تقدم"، يثبت بهذه الدراما اللئيمة أن الادانة لا تعني دوماً التعرض لحرمة الشخصيات، وان معارضة نظام تقتضي أولاً ان نعلم خفاياه، وان الخلاّق يمكنه أن يكون ملكياً ويداعب احلاماً انقلابية.

النهار اللبنانية في 17 يناير 2007

في "ليلة في المتحف" توليفة خيالية راقية.. وبن ستيللر يقود فانتازيا تاريخية

عرض وتحليل: عماد النويري 

مازال فيلم النجم الكوميدي بن ستيللر 'ليلة في المتحف' Night at the Museum على قمة إيرادات السينما الأميركية للأسبوع الثالث على التوالي بإيرادات بلغت 24 مليون دولار، وإجمالي 164 مليون دولار. ويشارك في بطولة الفيلم مع بن ستيللر كل من روبين ويليامز وبيل كوبس وميكي روني .

تدور أحداث الفيلم في إطار واقعي خيالي فانتازي كوميدي حول لاري الذي يحاول بكل الطرق ان يكون قدوة لابنه الصغير وهو كل ما تبقى له بعد تجربة حياة فاشلة مع زوجة تنظر إليه بعين الازدراء. يحصل لاري على عمل جديد كحارس أمني في متحف للتاريخ الطبيعي وتنحصر مهمته في ألا يترك أي شيء بدخل أو يخرج من المتحف، وفي الليلة الأولى وبطريق الخطأ يفتح الطريق أمام لعنة قديمة تسبب تحويل كل مقتنيات المتحف من تماثيل لكبار رموز التاريخ الأميركي إلى شخصيات حية في الليل، ليس هذا فقط وانما تتحول ساحة المتحف الى مهرجان ساخر تلعب وتمرح فيه الأسود والقردة مع الأفيال والنعام، ويجري هيكل الديناصور الكبير ليلحق بعظمة قديمة، ويترجل الرئيس روزفلت عن حصانه ليتجاذب أطراف الحديث مع الحارس الجديد. لاري يحاول جاهدا للحيلولة دون خروج كل هذه المخلوقات من المتحف حتى لا تتحول الى تراب مع اول ضوء شمس. من ناحية اخرى نجد ان هناك ثلاثة حراس قدامى يحاولون سرقة اللوحة الفرعونية القديمة التي تمنح الحياة لمخلوقات المتحف في الليل وتحدث مطاردة يشارك فيها الجميع للقبض على العصابة ولارجاع اللوحة الى مكانها.

حب وتسامح وسخرية

الفيلم 'السيناريو' يقدم توليفة فانتازية تمزج الماضي بالحاضر وتقدم شخصية لاري التي يمكن التعاطف معها بسهولة. وبجانب لاري هناك شخصيات الحراس الثلاثة الذين يرغبون في سرقة اهم لوحة في المتحف وهي من الذهب الخالص ربما يعوضون سنين الخدمة الطويلة في المتحف. وضمن الشخصيات سنجد العديد من الشخصيات التاريخية المعروضة في المتحف والتي تتداخل في الاحداث في فترة الليل، ومن خلال حوارات لاري معها ونصائحة لها سنتعرف على جانب مهم من رسالة الفيلم التي تدعو إلى الحب والتسامح والسلام. وكان لاري حريصا الى حد كبير في عدم الوقوع في دائرة التهكم والسخرية على زعماء المايا الذين يمثلون حضارة المايا القديمة التى ظهرت قبل الميلاد في اميركا الوسطة وجنوب وشرق المكسيك. كذلك كان لاري حريصا الى حد كبير الا يتحول تواجد الحضارة الفرعونية في المتحف الى فرصة للهجوم على هذه الحضارة التي كانت تحتفي بالموت كطريق للحياة. ويعني ذلك ان البطل في الفيلم كان على قدر كبير من التفهم والتسامح مع الجميع في محاولة لاسترجاع هويته امام نفسه اولا، ثم امام ابنه الصغير، ثم امام مرشدة المتحف التي لم تصدقه في المرة الاولى عندما اخبرها عن معروضات المتحف وما يحدث لها عندما يسدل الليل ستائره.

في مقابل شخصية لاري الطيبة المخلصة التي تحاول ان تصلح اخطاؤها هناك بعض الشخصيات النمطية التي تتناقض في سلوكها وملامحها مع سلوك وملامح شخصية لاري ومن هذه الشخصيات شخصية مدير المتحف والزوجة والحراس القدامى وكان هناك تأكيد اهمية وعظمة وحكمة الرئيس روزفلت.

جرعات مثيرة وإقناع

في الفيلم 'الفن' نحن بصدد الكثير الكثير من محطات التميز فهناك ابداع تمثيلي تفوق فيه مجموعة الممثلين المشاركين وعلى رأسهم بن ستيللر في دور لاري وروبن ويليامز في دور روزفلت وميتزو بيك في دور ساكيجاوا وميكي روني في دور مدير المتحف. وفي ادارته للممثل نجح المخرج شون ليفي في توظيف قدرات بن ستيللر ليقدم السهل الممتنع وتقديم الشخصية بطريقة لا توحي انها واقعية مائة في المائة او شخصية خيالية مائة في المائة، ويعني ذلك ان بن ستيللر كان من المهم ان يقنعنا ان ما يراه هو حقيقة وان يكون حريصا في الوقت ذاته ألا ينزلق في دائرة الهزل والكوميديا الخفيفة النابعة من الأحداث. وهناك اشارة ايضا الى المؤثرات البصرية والصوتية التى لعبت دورا كبيرا في تحريك الشخصيات وفي تقديم جرعات من الاثارة والتشويق وهناك اشارة ايضا الى شريط بصري لم تغب عنه الاضاءة المعبرة والتقطيع المونتاجي الذي حافظ على انسياب الأحداث وتدفقها من دون ملل يذكر.

إشارة لا بد منها

'ليلة في المتحف' فيلم جميل ومثير ومختلف.

فيلم ساحر كلما تمعنت في الصورة وكلما توغلت في الحكاية.

وفيلم جميل لأنه يقدم لك مساحة الفن خالية من الابتزاز والخداع.

وفيلم مثير لأنه قادر على ان يحبس انفاسك بدافع من المتعة الروحية قبل ان يحبسها بدافع التشويق المجانى والاثارة المفتعلة.

هذا فيلم مختلف لأنه وسط ركام الافلام يحاول ان يقدم جرعة راقية من الخيال.

هذا فيلم ساحر ووجه السحر فيه انه قادر على ان يفتح مسام الدهشة في كيانك الذى يعلوه بعض الصدأ من تراكم الصور والحكايات المريضة بالملل.

القبس الكويتية في 16 يناير 2007

 

ضوء ... عن التلفزيون والسينما

عدنان مدانات 

عندما ظهر، وفي وقت مبكر جدا من عمر السينما، أول الأفلام التي تجاوزت بدائيتها ومجرد كونها صورا متحركة، سارع المؤرخون ونقاد الفن إلى ضم السينما إلى عائلة الفنون السابقة عليها و أطلقوا عليها لقب “الفن السابع”، أما التلفزيون، وعلى الرغم من أنه تجاوز الستين من عمره فلم يحظ حتى الآن بلقب مماثل، ولم يسعفه النجاح الشعبي للمسلسلات الدرامية في ضمه إلى عائلة الفنون.

تتشابه الدراما التلفزيونية  مع الأفلام السينمائية في بعض النواحي وتختلف عنها في نواح أكثر. تتشابه الدراما التلفزيونية مع الأفلام السينمائية في اعتماد الاثنين على العناصر المرئية والمسموعة ذاتها، وتختلف عنها في شروط صناعتها وتوزيعها وفي مستوى ونوعية ما حققه كل منهما من إنجازات أو ما وصل إليه من تطور. وعادة ما تعطى الدرجة الأولى في التقويم للأفلام السينمائية عند مقارنتها مع الدراما التلفزيونية التي لا يزال ينظر لها عالميا على أنها متخلفة كثيرا عن الأفلام.

أثبتت السينما عبر تاريخها القصير نسبيا قدرتها على الابتكار المتواصل، ليس فقط على صعيد التقنيات، بل بشكل خاص على صعيد الإنجازات الفنية الإبداعية التي تعددت وتنوعت عبر مدارس وأساليب متميزة. واستطاعت السينما، عبر مراحل تطورها المتعاقبة، أن تفاخر بعشرات المبدعين المبتكرين من المخرجين السينمائيين العباقرة المنتمين إلى مختلف أرجاء العالم. بالمقابل، لا يوجد أي شيء من هذا في الدراما التلفزيونية، فلم تعرف الدراما التلفزيونية على مستوى العالم ككل، أية إنجازات فنية إبداعية خاصة بها، ولم تستطع أن تقول للعالم: إليكم هذا المخرج التلفزيوني المبدع العبقري فاحتفوا به.

وحتى الآن فإن الأشكال الفنية والحلول الإخراجية التي يمكن ملاحظتها في الدراما التلفزيونية، وعلى الرغم من تطور الوسائل التقنية الالكترونية المتاحة أمام المخرجين التلفزيونيين المعاصرين، لا تتجاوز ما حققه بتقنيات بدائية جدا المخرج السينمائي الأمريكي دافيد وورك غريفث قبل نحو تسعين عاما خاصة في فيلميه الملحميين “مولد أمة” (عام 1915) و”التعصب” (عام 1916)، أي حين كانت السينما لا تزال فتية لم تتجاوز العشرين من عمرها.

تراودني هذه الأفكار المتعلقة بالمقارنة بين المسلسلات والأفلام في كل مرة أشاهد فيها حلقات أو فقرات من المسلسلات التلفزيونية، وعلى نحو أخص، المسلسلات التلفزيونية العربية المعاصرة، وفي مقدمتها المسلسلات التاريخية. ترتبط هذه الأفكار بإشكالية المستوى الفني والإبداعي تحديدا في الدراما التلفزيونية على مستوى العالم ، ومع ذلك فمن المفيد هنا التطرق إلى هذه الإشكالية بالعلاقة مع نموذج بعض جوانب المسلسلات التلفزيونية العربية.

بداية يجدر الاعتراف بأن المسلسلات التلفزيونية العربية عامة، والتاريخية خاصة، تطورت كثيرا من الناحية الحرفية كما من الناحية الإنتاجية، حيث تخصص لهذه المسلسلات موازنات ضخمة كانت تعتبر خيالية ومستحيلة قبل عقدين أو عقد من الزمن. يندمج في عملية صنع المسلسلات التاريخية المعاصرة عدد كبير من الفنيين والتقنيين مختلفي الاختصاصات، وتتوفر لهذه المسلسلات كل ما تحتاجه من أدوات وتجهيزات، وتستخدم في هذه المسلسلات أعداد كبيرة جدا من الممثلين الرئيسيين والثانويين والكومبارس. وتتضمن هذه المسلسلات معارك بين جيوش تستخدم فيها الخيول. ويلاحظ من يتابع المسلسلات التاريخية العربية أن تصوير المعارك التي يخوضها الفرسان الجنود على ظهور الخيل صار يشكل إغواءً للمخرجين الذين، على الأغلب، يعتبرون تصوير هذه المشاهد فرصة لهم لإظهار مهاراتهم الإخراجية ومواهبهم الفنية. في حينه، كتب الصحافيون والنقاد الكثير من الكلام في مدح هذا التطور واعتبروه قفزة نوعية وصنفوه في قائمة إنجازات الدراما التلفزيونية العربية. وهم كانوا محقين في هذا الأمر، خاصة إذا ما قورنت هذه المسلسلات المعاصرة بأسلافها القديمة التي كانت تجري فيها المعارك لا بالصورة مباشرة بل بواسطة الحوار بين الشخصيات وهم في وضع ثابت. لكن وبالعلاقة، أو مقارنة مع ما يوجد في السينما التي دأبت على تصوير المعارك الضخمة منذ العقد الثاني من القرن العشرين، فإن هذه الإنجاز التلفزيوني يظل خلف ودون ما حققته السينما منذ زمن قصي.

مع ذلك، يتمتع واقع إنتاج الدراما التلفزيونية العربية بميزات تحسب لصالحه ولا تتوفر في مجال إنتاج الأفلام السينمائية في العالم العربي، وحتى في مصر التي وصلت عملية إنتاج الأفلام فيها منذ زمن إلى مستوى الصناعة السينمائية.

الخليج الإماراتية في 13 يناير 2007

 

سينماتك

 

النووي من منظور السينما الايرانية والاميركية

خسرو علي أكبر

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك