السينما المصرية وجدت بديلا آخر لأفلام الإيفيه وتراهن عليه للفترة القادمة هذا البديل نجح في أفلام بعينها مثل «ملاكي إسكندرية» «فتح عينيك» و«تيتو» و«حرب أطاليا» و«أبوعلي» و«واحد من الناس» ثم «الرهينة» و«خيانة مشروعة». هذا البديل هو الفيلم البوليسي الممزوج بالحركة حيث تعتمد هذه الأفلام علي نجوم شباب يتمتعون بلياقة بدنية ملحوظة ثم يتعرضون لمغامرات ويحملون المسدسات والبنادق داخل مصر وخارجها ويتمكنون من الانتصار علي خصومهم. ومن بين الذين دخلوا هذه الحلبة المخرج خالد يوسف الذي بدأ كأنه يغير جلده مع كل فيلم جديد، من الفيلم السياسي إلي السينما الكوميدية السياسية والفيلم الرومانسي ثم الفيلم البوليسي. وليس من السهل أن نقول إن هذه الأفلام بوليسية فمن الصعب تسميتها صحيح أن بها شرطة ومطارات وغموضا وقتلة لكن هناك أكثر من عشرة أنواع من الفيلم البوليسي لا مكان هنا للكلام عنها لكن أدباء بريطانيا أبرع من قدم هذه الروايات أما السينما الأمريكية فقد نجحت في عمل الأفلام التي يدخل في إطارها فيلم «خيانة مشروعة» فالأوراق تبدو مكشوفة أمام المتفرج والنهاية سلفا وهي القبض علي القاتل أو المجرم لكن من الأهمية معرفة التفاصيل أو معايشتها. مشهيات خاصة لذا فلابد لهذه الأفلام أن تتضمن مشهيات خاصة مثل النساء الجميلات الفاتنات وعالم الأثرياء المتسع وأجواء الشباب المليء بالقلق والنزق والحيوية الجنسية ولا مانع من وجود فساد اجتماعي وليست هناك جريمة واحدة في غالب الأمر بل إن المجرم يحبس جريمته بجريمة أخري تؤكد أنه لابد أن يقع في أيدي العدالة أو أن يلقي جزاءه السماوي بالموت. وقد وعي خالد يوسف هذه المعادلة في فيلميه الأخيرين «ويجا» و«خيانة مشروعة» فقدم عملين ينتميان إلي هذا النوع ويبدو أن الجرائم والعلاقات المعقدة قد انفلتت منه في فيلم «ويجا» فقام الأبطال بقتل بعضهم البعض في المشهد الختامي وكان هذا أضعف ما في الفيلم والطريف أن خالد قد سبق في ذلك مارتن سكورسيزي في فيلمه الأخير «المنحرفون» فجاءت هذه النهايات المفاجئة أضعف ما في الفيلم. حاول خالد الاستفادة من الدرس جيدا بأن يضع مع مزيجه آلية جديدة قد تبدو صعبة ولكنها تحتاج إلي محترف كتابة لهذا النوع من الأفلام خاصة أننا أمام مخرج مؤلف ألا وهي آلية الزمن المركب أو التداخل الزمني وهي طريقة تميزت بها قصص الحكي ومن أبرزها «ألف ليلة وليلة أن دخول زمن وراء زمن ثم العودة إلي الزمن القديم كي تتكرر العملية مرة أخري وهكذا فإن الفيلم بمثابة تداخل أزمنة، اصطلح علي تسميتها فلاش باك لكنه معقد ومتداخل ويقوم به أكثر من شخص وليس شخصا واحدا من الفيلم أو الرواية. كما أن المخرج المؤلف استخدم آلية تضيف أهمية للفيلم مأخوذة عن الأدب كان داود عبدالسيد هو أول وأهم من استخدمها وهي أن يروي لنا البطل علي مسافة ما يحدث بما يجعل النص يعتمد علي عبارات الحكي وقد فعل داود ذلك في فيلمه «أرض الخوف» 2001 أما خالد يوسف فكان لديه عدة أصوات تحكي بالإضافة إلي الإيقاع السريع جدا والمونتاج الحاد الذي ليست له تسمية بعد لدي النقاد علي الأقل. المشهد الصدمة هشام هاني سلامة يبدأ بالحكي بقوله أنا هشام ثم يبدأ المشهد الصدمة أو الذروة عندما يقتل هشام أخاه صلاح وزوجته وهما في فراش الخيانة هما عاريان والرصاص يتكلم وعلي طريقة التفصيل بعد الموجز تأتي الشرطة ونعرف أننا أمام جريمة شرف لكن الضابط مجدي «هشام سليم» يكتشف أن هناك رصاصة بدون فوارغ وهذه النقاط الصغيرة تبدو أشبه بمفتاح يدخلك إلي التفصيل فالقاتل والقتيل أبناء رجل أعمال أوصي بأمواله لابنه الأكبر دون أن يمنح أيا من الثروة إلي الابن الأصغر هشام. وكما أشرنا فقد تعددت أساليب الحكي أحيانا علي لسان هشام الذي يتحدث عن نسائه اللاتي تعرف عليهن وهناك شهود ضد ومع القاتل تبدو متناقضة وعندما يسأل الضابط هشام عمن يكون بالضبط يردد أنا كل دول يعني هو شخص محسن وجاحد وعاطفي ومخلص وخائن وحسي وسط تفصيلات كثيرة مكتوبة بمهارة وبعقلية محام مثل الكاتب الأمريكي جون جريشام الذي تحولت كل رواياته إلي أفلام وليس بعقلية المهندس خالد يوسف فالمحامي المخضرم سامح الصريطي يلتفت أن هناك شيئا غامضا فكيف توصل هشام إلي أن القاتل بحق له حق أن يرث وذلك بعد أن تم إطلاق سراح هشام وإعلان براءته. أهم ما في الفيلم هو عبقرية التفاصيل كما يقال وغرابة الشخصية وتداخل الأزمنة وهذا النوع لا يشاهد سوي في قاعات العرض أي لا يمكن الاستمتاع به خارج قاعة مظلمة فبعد إطلاق سراح هشام تبدأ الشخصيات الأخري في الظهور الواحدة تلو الأخري وعلي رأسها شهد «سمية الخشاب» التي سنكتشف أنها محركة الأحداث وهي أشبه بلاعبة العرائس الماريونيت تحرك هشام وتدبر له خطط القتل وهي مثل أغلب النساء خاصة الزوجات والعشيقات في الفيلم فتاة تعيش في فقر مدقع رمت بشباكها علي رجل ميسور للغاية فصارت أمه وزوجته وعشيقته فشهد بالفعل تخطط للقتل وفي المشاهد الختامية تطلب حقها في الزواج وكان يمكن أن يفعل ذلك لولا أنه وقع في غرام أرملة أخيه ريم «مي عزالدين». تتكشف الأمور إذن من خلال التذكر المركب فالأب قد ترك ثروته لابنه صلاح لأنه الأكثر ثقة في المحافظة علي الثروة أما هشام فهو أرعن وهذا الأخير يكره أخاه ويود التخلص منه فيدبرخطة لقتله بوحي من زوجته أي هنا يجب أن نفتش عن المرأة فالزوجة تتصل بصلاح وتدخله إلي غرفتها كي يدخل هشام ويشهر المسدس علي أخيه ويدفعه إلي نزع ملابسه ثم يقتله ويقتل زوجته التي خلعت ملابسها أيضا كي يبدو الأمر كأنه «خيانة شرعية» وأن من حق الأخ أن يقتل دفاعا عن الشرف الأخ والزوجة. ولأننا أمام تفصيلات عديدة فقد تغير وضع الأشخاص كما رأيناهم في البداية عما في المشهد الثاني لتصوير الجريمة وهي أخطاء صغيرة غير مقصودة كما تكشف هذه التفاصيل أن شهد دبرت كل شيء لمصلحتها أن تتخلص من الزوجة بأن توعز له أن هناك خيانة من طرف نهلة مع صديقها السابق سامح مما يدفعه إلي الضغط علي الزناد ويرديها قتيلة. المسدس يتكلم وفي هذا النوع من الفيلم البوليسي تتكلم فوهة المسدس أكثر من الأشخاص ورغم أن هشام لا يحمل المسدس عادة فإنه يستخدمه في أكثر من مناسبة لتصفية حساباته، المسدس نفسه خاصة في مقتل عشيقته شهد والمطاردات التي سعي لإنقاذ ريم وهذا النوع من الاستخدام حول الفيلم من نوع البوليسي إلي نوع آخر أي أن الأنواع هنا تداخلت أما استخدام عنصر المفاجأة فهو يجعل الفيلم يدخل إلي نوع ثالث مثل اكتشاف براءة الزوجة نهلة وأن شهد كانت وراء تلطيخ سيرتها أمام زوجها وسوف يتكرر عنصر المفاجأة أيضا في نهاية الفيلم عندما نكتشف أن ريم ليست حاملا وأن ذلك قد تم بالاتفاق مع الشرطي مجدي للإيقاع بهشام وهي حيلة سبق أن رأيناها في أفلام أمريكية عديدة. يمزج الفيلم بين مزيج من أشياء عديدة مثل الجنس حين يدخل هشام لممارسة الجنس مع نهلة في دورة المياه كاختيار مكان غير مألوف ونتن للجنس وأيضا المرور السريع علي مسألة بكارة البنات وعملية الترقيع وأيضا غمس الفيلم بفساد اجتماعي وسياسي فالأسرة تغش في درجة تركيز المواد الكيماوية التي تستوردها كما أن المشهد الذي يتم فيه الحديث عن البرنامج الانتخابي للرئيس حيث بعض مسئولي هذا البرنامج سوف يوفر أربع ملايين فرصة عمل خلال خمس سنوات بهدف القضاء علي البطالة. وبالمناسبة فإن هذا المشهد يتضمن خطأ غير مقصود فهناك جريدة تتحدث عن مذبحة قانا بينما المعلق السياسي يتحدث عن البرنامج الانتخابي ومذبحة قانا حدثت عام 2006 وليس عام 2005 لكنها أخطاء صغيرة قياسا إلي كل هذا التداخل المعقد بين الأزمنة والأحداث والأشخاص كما أن الفيلم تحدث عن الانتخابات واستعان بالصحفي إبراهيم عيسي ليقوم بدوره الحقيقي للكشف عما حدث في المجتمع من تحولات حادة ورغم اعتماد الفيلم علي الحوار فقد بدا كأنه بمثابة جريدة معارضة مفتوحة ورغم ذلك سرعان ما عاد الفيلم إلي موضوعه الرئيسي، القتل والاستئثار بالثروة ووضع عراقيل تحول دون حصول مجدي علي مستحقاته. مطاردات السيارات ومن بين الأشياء التي وضعها الفيلم وراهن عليها هو مطاردات السيارات في شوارع مدينة القاهرة وهو أمر تراهن عليه سينمائيون معاصرون من قبل وتم إعداده بمهارة ابتداء من «همام في أمستردام». ويعتبر خالد يوسف وأحمد جلال في «فيلم واحد من الناس» الأكثر مهارة في مطاردات بهذا الإبهار ولا أعرف هل هو الذي أخرجها بالفعل أم أنه استعان بمخرج له خبرته مثلما كان يحدث في سنوات سابقة بالاستعانة بمخرج متخصص في المعارك لكن خالد لم يشر إلي ذلك في عناوين فيلمه إذن فلينسب إليه هذه المهارة. رغم هذه الشخصيات الكثيرة في الفيلم فإننا أمام فيلم عن الحدث وهو الجريمة وملحقاتها فالشخصيات أدوات أكثر منهم كائنات بشرية وربما عدا شهد فإن بقية الشخصيات بلا جذور فالفتاة تعيش في بيت فقير للغاية ورغم الأموال التي كسبتها من علاقتها بهشام فإنها لم تنقل أسرتها إلي مكانة أرقي وهناك جذور اجتماعية للأسرة وحوار حول المال والشرف أما بقية الشخصيات فتبدو بلا جذور ابتداء من ريم التي بدأت صحفية كشفت فساد أسرة البحيري ثم تزوجت عميدها الجديد صلاح وفيما بعد راحت تمارس ما تعلمته من المهنة للإيقاع بقاتل زوجها. هي تعرف أسرار العائلة التي تدفع الرشاوي في الانتخابات. أما بقية الشخصيات فهي بلا جذور فلا أم لهشام ولا أطفال في هذا العالم وليس مطلوبا أكثر من ذلك في الأفلام البوليسية من هذا النوع ويبدو الفيلم كأنه يتعمد أن يزدحم بالأحداث فالضابط مجدي يظهر من جديد بهدف الكشف عن سبب الجريمة ومن هنا تبدو العقبة أمام استئثار هشام بالميراث وحده فريم حامل أي أن هشام لن يتمكن من الحصول علي الثروة وحده لذا فهناك بقية في الأحداث أو إضافات للدراما وسعيا وراء التخلص منها فإن الفيلم يدخل في تفصيلات إضافية هدفها الرئيسي هو عمل حركة جديدة وذلك باختطاف سيف الشقيق الصغير لريم. تمثيل في تمثيل والمتفرج يعرف سلفا أن هشام وراء الخطف وأنه رغم مشاركته في مطاردة الخاطفين فإن كل هذا مجرد تمثيل حتي لو قام أحدهم بطعنه طعنة حقيقية زائدة بعض الشيء وهذا هو عيب هذا النوع من الأفلام التي تتكشف فيها الحقائق للمتفرج قبل تنفيذها لكنها في بعض الأحيان تبدو أشبه بالتفصيل بعد الإيجاز وكما أشرنا فبعض المتفرجين يحبون هذا النوع من الحكي. وقد حدث تقارب بين هشام وريم علي طريقة الفيلم الأمريكي «قلوب عشوائية» الذي قام ببطولته هاريسون فورد وسكوت توماس وإخراج سيدني بولاك حيث إن المرأة التي خانها زوجها والرجل الذي خانته زوجته مع هذا الرجل تحديدا كل منهما في التقارب مع الآخر إلي درجة العشق واستفاد الفيلم من هذه العلاقة إلا أنه فسخها واكتشفنا أن ريم هنا مساقة من الشرطة أي أننا أمام تمثيل في تمثيل سواء قيام هشام بالتمثيل علي ريم في أنه أنقذ أخاها وطعن من أجله أو قيام ريم بالتقارب منه وذلك لمساعدة الشرطي لكن الذي لم يكن تمثيلا بالمرة هو قيام شهد بمحاولة قتل ريم للتخلص منها كعقبة ضد قربها من هشام وقد شاهدت ألف مرة مشهد السكين التي كادت تنغرس في صدر الضحية علي طريقة الغوث في فيلم «السفيرة عزيزة». وفي النصف الثاني من الفيلم زاد عدد الشخصيات بشكل ملحوظ وكان أسخنها هو ذلك الشرطي السري الذي يراقب شهد ويسير علي مسافة قريبة منها كأنه يؤكد أنه يراقبها ولا أعتقد أن مثل هذه الآلية موجودة حتي الآن كما اكتشفنا أن هذا الرجل لا يجيد بالمرة استخدام سلاحه وأن هشام ابن الذوات قد نال منه ببساطة. تحول إلي الأفضل والصراع الذي بدأ بين شهد وهشام مشابه لما تم بين تيريز راكان وعشيقها القاتل في رواية أميل زولا، وهو صراع شهدناه في الأفلام الأمريكية والمصرية المأخوذة عن الرواية، فبعد أن تروح السكرة، تبدأ الغيرة تدب في قلب شهد، وإن كان الندم هو الذي استبد بتيريز، في الوقت الذي يحدث فيه تحول لهشام إلي الأفضل ويكتشف أن شهد هي التي دبرت كل هذا لصالحها فنهلة لم تكن فاتنة، ويكتشف أن أخاه كان يحبه، وأنه كان سيورته حقه الشرعي في الميراث، «أنا ما كنتش أعرف حاجة عن الموضوع ده»، بما يعني أن جرائم القتل كلها كانت مجانية مثلما يقول التعبير الفرنسي، وفي هذا الجزء من الفيلم، يدخل شهود جدد، يروون التفاصيل، مثل حازم، وسامح، حازم شريك لهشام ينفذ له جرائمه، وسامح صديق نهلة الذي يحكي. نحن أمام فيلم ويمجد العودة للوراء «الفلاشباك» ويمجد الحكي، ولعله أكثر الأفلام المصرية، استخداما للحوار، ورغم هذا اتسم الفيلم بإيقاع سريع وبالكثير من الزعيق، والتوتر في العلاقات ورغم ذلك فإنه يؤكد أن الأفلام البوليسية هي البديل المؤكد لسينما كوميديا الأيفيه، وقد وجدت نجومها من كتاب ومخرجين، ونجوم خاصة من الرجال جريدة القاهرة في 16 يناير 2007
دفاعا عن خيانة مشروعة خالد يوسف يفتح النار علي رجال السياسة! انهيار الطبقة الوسطي كارثة وهموم الناس تطاردني في أفلامي حوار:محمد عدوي رغم أن خالد يوسف مازال تلميذا في مدرسة يوسف شاهين للاخراج السينمائي إلا أنه أصبح الآن من أهم المخرجين علي الساحة السينمائية واستطاع أن يرسم لنفسه طريقا مختلفا عن استاذه.. وبعد أن ظل سنوات طويلة مساعدا للمخرج الكبير يوسف شاهين جاء بعاصفة وقرار جمهوري ليلعب الويجا ويتورط في خيانة مشروعة. في هذا الحوار تحدث بصراحة عن تجربته الاخيرة في السينما وكشف تفاصيل نجاحاته واحباطاته علي الشاشة الكبيرة. · كيف تحدد أسلوبك الاخراجي من فيلم الي آخر؟ كل عمل له أسلوبه الخاص الذي يناسبه من وجهة نظري فتعاملي في فيلم كوميدي من المؤكد سوف يختلف عن أفلام أخري ليست كوميدية فطبيعة الفيلم هي التي تحدد كل شيء فيه بداية من العدسات التي سوف استخدمها والايقاع الذي نعمل به ونوعية الاضاءة حتي استخدام الكادر وتكوينه يكون مختلفا من فيلم الي آخر. · وهل تضع استراتيجية وخطة معينة لكل مرحلة أم تعمل وفقا لقانون الصدفة؟ منذ أن قدمت أول أعمالي وأنا مهموم بالناس وحريص علي أن اتواصل معهم أيا كان الموضوع وأنا لا اعمل وفقا لاستراتيجية وخطة بمعني انني لا اقول انني اريد أن اتحدث غدا في كذا أو أن فيلمي القادم لابد أن يكون عن شيء ما بعينه ولكن عندما تأتيني الفكرة اتعامل معها بجدية واجعلها تتطور في ذهني حتي تكتمل الصورة التي كما قلت لك لابد أن تكون مرتبطة بهم عامة وتهم الناس الذين اتحيز لهم ولن اتراجع عن ذلك ويمكن أن تقول إن الناس هم هدفي الوحيد. · قلت إن لكل فيلم ايقاعه.. لاحظنا في بداية فيلمك ايقاعا سريعا للاحداث بعكس نهايته التي جاءت فاترة بعض الشيء؟ اختلف معك تماما في ذلك فايقاع الفيلم لم يختل مني كما تقصد ولكن الايقاع كان به بعض التفسير خاصة في الجزء قبل الاخير وذلك وفقا لحالة البطل التي تغيرت هي أيضا وفقا لاحداث العمل ففي البداية كان هناك صراع وشد وجذب وكان لابد أن يكون الايقاع سريعا لكن في لحظة ما تغيرت الاوضاع وأصبح هناك حالة من الرومانسية ولو انني كنت قدمت هذه الاحداث علي نفس وتيرة الجزء الاول لكنت مخطئا، كان لابد ان يهدأ الايقاع ولا يفتر كما نقول حسب ما حدث للبطل الذي تحول ايقاعه هو من حالة الصراع والاكشن الي حالة الرومانسية. · هذا التغيير يراه البعض حدث بسرعة غير منطقية؟ تغيير البطل لم يحدث فجأة ولم يحدث بسرعة غير منطقية وأشياء كثيرة حدثت للبطل جعلته يتغير الي النقيض وهذه الاشياء تحدث دائما فلو انك عدت الي الفيلم سوف تجد انه تغير منذ اللحظة التي قرر أن يختطف فيها شقيق ريم الصغيرة عندما دخل هذا البيت ووجد الخير فيه ووجد حب الحياة رغم حياتهم الفقيرة وظروفهم الصعبة التي يصرون علي التعامل معها بحب.. ثم بعد ذلك تعرف علي عالم ريم وفؤاد حداد وإلي الصحفي ابراهيم عيسي وأفكاره وعاش معهم ليلة كفيلة بتغيره.. اضافة الي انه اكتشف انه كان مخدوعا في كثير من ارائه وأفكاره وأفعاله كل هذه المعطيات كانت كفيلة بتغييره ولو لم يكن تغير لكان شيء آخر غير أنه انسان. · لاحظ كثيرون بمناسبة الحديث عن ابراهيم عيسي وفؤاد حداد مغازلتك لليسار فلماذا؟ أنا لم اغازل اليسار ببساطة لاني واحد منهم وإلا أكون اغازل نفسي.. ووجود ابراهيم عيسي وفؤاد حداد وكمال أبوعيطة في الفيلم يعبر عن رؤيتي أنا الشخصية لاني منحاز الي هؤلاء وغيرهم من شرفاء الامة في رأيي وأنا مسئول عن هذا الطرح لاني اقدم رؤيتي الخاصة وهذه قناعاتي أنا وليست مغازلة لاحد. أخبار النجوم في 12 يناير 2007
يعرض الفيلم المصري «خيانة مشروعة» لخالد يوسف قضية تتعلق بالتوريث وصراع الأشقاء في ظل وضع بائس على شكل قصة مكتملة أفقدت الفيلم جماليته وصدقيته الفنية بالمعنى الدرامي، فالفيلم الذي كتبه أيضا المخرج يدور حول رجل ثري بدأ حياته كأحد الدعاة في الاتحاد الاشتراكي الذي أسسه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ولكنه انتقل إلى مصاف رجال الأعمال في فترة سياسة الانفتاح الاقتصادي التي نظر إليها الرئيس الراحل أنور السادات. واستطاع أن يصبح من كبار أثرياء البلاد وأنجب ولدين كبيرهما كان ساعده الأيمن في حين اتجه الأصغر إلى حياة مستهترة شاعراً بأنه غير ذي قيمة وعندما تحضره الوفاة يورث ابنه ثروته كلها ويحرم الصغير منها بسبب حياته غير المسئولة ولكنه يعقد اتفاقاً مع ابنه الأكبر بأن يعيد ميراث شقيقه إليه في حال عودته إلى الطريق القويم واتجاهه إلى عالم الأعمال، ولكن الشقيق الأصغر (هاني سلامة) يقوم بقتل شقيقه وزوجته بإيحاء وتخطيط من إحدى عشيقاته (سمية الخشاب) التي تسعى إلى السيطرة عليه وعلى أمواله المتوقع أن يرثها وتدفعه إلى التورط في كثير من الحوادث المتلاحقة من قتل وملاحقة. وعلى رغم ذلك، فإن حوادث الفيلم لم تستطع أن تحقق الإثارة المنشودة بما في ذلك المشاهد التي شاركت فيها مي عزالدين زوجةً للشقيق القتيل ودورها في كشف الفساد في أوساط رجال الأعمال وتآمرها مع ضابط البوليس (هشام سليم) والمحامي (سامح الصريطي) للإيقاع بالشقيق الأصغر الذي ينتهي الفيلم وهو معلق على خشبة المشنقة بعد أن بدأت أرملة شقيقه تشعر بالحب تجاهه وهذا ما دفع صحافيين إلى اعتباره «خيانة سينمائية» بحسب تعبير الصحافي أحمد فايق. ولم يبتعد نقاد السينما عن هذه الصورة، إذ رأى الناقد طارق الشناوي أن «فيلم (خيانة مشروعة) يمثل الحال السينمائية المصرية المتردية فهو عمل فني متواضع وشخصياته مصنوعة وغير مصدقة ولو بمقدار ذرة واحدة». وتابع «أما الحكاية، التي تدور فيها الحوادث فحال مفتعلة وخصوصاً في الدور الذي أداه المخرج نفسه في الفيلم وافتعاله باستضافة أحد رموز المعارضة رئيس تحرير (صوت الأمة) إبراهيم عيسى وطريقة تناوله موضوع التوريث ومخاطره واكتشفنا أننا أمام فيلم معارض للنظام ولكن حتى هذا الخط المعارض لم يستطع أن يقدمه المخرج وهو نفسه المؤلف بالأسلوب الفني؛ لأن العمل الفني لا يتجزأ». وهذه الحال كما يقول الروائي عزت القمحاوي: «خيانة غير مشروعة على المستوى الفني...إنه عمل تجاري حقق بعض الإيرادات لكنه في دنيا الإبداع يقف في ذيل القائمة». وأشار إلى أن «غالبية أعمال المخرج - وخصوصاً تلك التي تقدم خطاً سياسياً - تتجه دوما إلى الفجاجة مثلما حصل في أول أفلامه (العاصفة) الذي دار حول صراع العرب بشأن الموقف من الغزو العراقي للكويت فقدم أخا يضرب أخاه وكأننا في محاضرة مباشرة ترفض الانقسام العربي ولكن غابت عنها الرؤية السينمائية وهذا بالضبط ما حصل في الفيلم الأخير». لكن الناقدة علا الشافعي ترى أن «الفيلم على رغم أنه يتطرق إلى قيام الأب بتوريث ابنه الأكبر مع حرمان الابن الأصغر من الميراث لا يعني بالضرورة أن يتم إسقاطه سياسياً على الوضع القائم في مصر واتجاه توريث جمال مبارك الحكم». وتابعت «لم أرَ في قصة الفيلم ما يدفع إلى التفكير في هذا الاتجاه، بل رأيت فكرة صراع الخير مع الشر بشكل فظ ومرسوم بالورقة والقلم في محاولة مفتعلة لاختلاق حدث إلى جانب الإساءة إلى النماذج النسائية التي يستخدمها دائما في أفلامه فليس ضروريا أن يدفع الفقر الفتاة إلى الانحراف والتفكير بشكل سيئ فهذا ينطبق على غالبية الطبقات إلى جانب الجنسين وليس محصوراً فقط في الأنثى». وعلى رغم أن الفيلم بدأ عرضه قبل أسبوع على الأقل من موسم عيد الأضحى الذي يراهن عليه الموزعون، فإنه يأتي خامس الأفلام السبعة التي عرضت خلال العيد كما يشير غالبية الموزعين الذين يرفضون الآن تقديم الإيرادات الخاصة بالأفلام نتيجة الصراعات القائمة بين أكبر احتكاريي توزيع للأفلام السينما المصرية. فهناك فيلمان يتصارعان على أعلى إيرادات الشباك وهما «في محطة مصر» لكريم عبدالعزيز و «مطب صناعي» لأحمد حلمي، ويأتي ثالثاً فيلم «الرهينة» لأحمد عز وياسمين عبدالعزيز و «أيظن» لمي عزالدين، ويقف في ذيل القائمة فيلم «حكاية الحي الشعبي» لطلعت زكريا ونيكول سابا وفيلم «دنيا» لمحمد منير وحنان ترك وسوسن بدر. الوسط البحرينية في 11 يناير 2007 |
رفيق الصبان يكتب عن فيلمين ومخرجين: قهقهة الجمهور علي «خيانة مشروعة» يقابلها تصفيق حاد لمخرج شابتقديرا لفيلمه القصير
فيلمان عرضا تقريبا في وقت واحد.. فيلم روائي قصير أخرجه مخرج شاب يخوض تجربته السينمائية للمرة الثانية معتمدا علي سيناريو كتبه بنفسه بعد أن حقق نجاحا فنيا مدهشا بفيلمه الأول (بيت من لحم) المأخوذ عن قصة ليوسف ادريس والذي فاز بالجائزة الأولي للأفلام القصيرة في المهرجان القومي للسينما ثم عرض في أكثر من مهرجان عالمي وحصد ثماني جوائز ونال تقديرات يستحقها لجرأة تناوله ولحساسيته السينمائية الفائقة ولقدرته علي تطويع الكاميرا بسلاسة فائقة للتعبير عن افكاره التي أرادت ان تقتحم من خلال قصة ادريس الرائعة الخطوط الحمراء كلها. إنه رامي عبدالجبار الذي يعود إلينا مرة أخري بفيلمه الجديد (الفلوس الميتة) بعد غياب استمر عامين تقريبا.. مستمدا عنوانه هذه المرة من قصة شهيرة لجوجول باسم (النفوس الميتة). أما الفيلم الثاني.. فهو الفيلم الرابع لمخرجه الشاب خالد يوسف.. الذي تتلمذ في مدرسة يوسف شاهين ونقل تكنيكها.. وعرف اتجاهاتها وخاض في أعماقها من خلال عمله مساعدا أول للاخراج في الأربعة أو خمسة أفلام الاخيرة التي أخرجها مخرجنا العبقري والتي لعبت مشاركة خالد يوسف فيها دورا أساسيا باعتراف شاهين نفسه. نطاق الكوميديا أزمة خالد يوسف منذ بدايته الأولي الملفتة للنظر في (العاصفة) التي تحدث فيها عن الحرب العراقية في غزو الكويت.. و موقف شقيقين من أسرة مصرية واحدة تدفعهما الظروف لأن يتواجها في هذه الحرب السيئة السمعة في جبهتين متعاديتين ويضطران لاطلاق النار علي بعضهما. بعد هذه البداية الموفقة والمشجعة.. ادخل خالد يوسف نفسه نطاق الكوميديا ذات الطابع السياسي الخفيف في (زواج بقرار جمهوري) الذي حاول فيه ان يغازل الذوق الجماهيري وان يحصل علي تأييد شعبي لسينماه.. وان يجعلها مختلفة تماما عن سينما الستارة الذي اعتاد ان يقدمها للصفوة وأن يحقق بها مستوي سينمائيا رفيعا غير عابئ بالذوق الجماهيري المصري الذي يزداد تدنيا مع الأسف عاما بعد عام. ولعل النجاح النسبي الذي صادف هذا الفيلم رغم بعض التعليقات الساخنة عليه هو الذي شجع المخرج الشاب علي اقتحام منطقة النفوذ الجماهيرية التي يمكن كسبها عن طريق الجنس والعنف والمغامرات التي تتكرر وتنقلك من مفاجأة إلي أخري أو المطاردات التي تحاول أسر عينيك. في (ويجا) فيلمه الثالث ظهر تماما أن الميزان الذي يحمله المخرج الشاب وتتأرجح علي كفتيه الكفة التجارية والكفة الفنية قد بدأ يميل بوضوح مربك إلي التجارة بشكل أثقل وإلي استدرار اعجاب جمهور الشباب والمراهقين الذين يريدون أن يروا في السينما دائما مجالا للتعبير عن كبتهم الجنسي.. وعن عشقهم للمغامرات التي علمتهم السينما الأمريكية أن يمجدوها ويقدسوها ويروا فيها المثل الاعلي للسينما التي يودون مشاهدتها. وها هو خالد يوسف في فيلمه الرابع (خيانة مشروعة) يعلن انتماءه الكامل دون قيد ولا شرط لهذه السينما.. التي يعتقد جازما أنها ستؤمن له النجاح التجاري والمادي والجماهيري.. وهي أهداف لا يمكن مجادلته فيها.. مادام يري فيها أمله السينمائي المنشود. تقليد سينمائي في (خيانة مشروعة) كما في افلامه الثلاثة الأولي.. اعتمد خالد يوسف علي سيناريوهات كتبها بنفسه.. وهو تقليد استمده من أستاذه.. الذي كتب هو أيضا سيناريوهات الحقبة الثانية من مسيرته السينمائية بنفسه.. وهو اتجاه يسير عليه ايضا عدد من مخرجينا الشبان أسوة ببعض المخضرمين الكبار الذين ابدوا تفوقهم في هذا المجال كرأفت الميهي وداود عبدالسيد ويسري نصر الله، ورغم أن يوسف شاهين نفسه قد تراجع في فيلمه الأخير الذي يصوره الآن عن هذا المنهج وعهد لكاتب سيناريو هو (ايمن عبدالرحمن) بكتابة موضوع فيلمه القادم الذي يحمل حتي الآن عنوان (هي فوضي) وهذا ما فعله أيضا يسري نصر الله في فيلمه (باب الشمس) الذي اعتمد فيه علي كاتب سيناريو آخر ساعده في عمله وما أعلن عنه أيضا في فيلمه القادم (حديقة الأسماك) الذي كتبه له (ايمن عبدالرحمن) الذي اعتمده ووثق فيه استاذه الكبير يوسف شاهين.. إلا أن خالد يوسف.. لم يشأ ان يعتمد علي احد سواه في كتابة أفلامه مؤمنا أنه قادر فعلا علي ان يكون المؤلف الكامل لفيلمه دون الاستعانة بأي احد علي الإطلاق. ولكن مع الأسف فان السيناريو هو نقطة الضعف الكبيرة في فيلم (خيانة مشروعة) لأن المخرج حاول أن يجمع فيه بين الجنس والجريمة والمطاردات والحبكة الميلودرامية وهي التوابل الثابتة التي تضمن نجاح الأفلام المصرية اليوم.. دون أن يعطي للمنطق الفني أو الروائي حقه في اقناع المشاهد بما يراه. الجزء الأول من الفيلم يمر هادئا مؤثرا.. يبشر بامكانية ظهور فيلم له مستواه الخاص.. وارث غني.. يفاجأ بزوجته وشقيقه في فراش الخيانة فيقتلهما معا ويسرع بابلاغ البوليس بجريمته.. ولكننا سرعان ما نكتشف.. أن هذه الجريمة التي اتخذت من الشرف ستارا لها.. ليست إلا جريمة مدبرة بذكاء ودهاء إجرامي.. استغلها وصنعها القاتل لكي يثأر لنفسه من حرمان ابيه له من الميراث.. واعطائه لأخيه بالكامل.. ووفق وثائق رسمية. ويستفيد القاتل.. من فقرة في القانون الجنائي.. التي تحرم القاتل من أي ميراث له.. إلا إذا كانت جريمته قد ارتكبت بدافع الشرف.. وهذا القاتل الذكي.. يستغل هذه الثغرة لاصطناع خيانة ليست أية خيانة.. ويستثمرها لصالحه. براعة وإحكام وينجح القاتل الداهية في تحقيق غرضه.. ويحصل علي البراءة. وعلي حقه الكامل بالوراثة. حتي هذه النقطة.. يسير المخرج.. ببراعة في السرد.. وإحكام في الأحداث.. وتنقل سلس بين الواقع كما يراه القانون. والواقع كما أراد هو وطوعه لرغباته وجشعه.. مع تبرير نفسي خاص بأن يثأر لنفسه من حرمانه من حقه بثروة أبيه دون سبب منطقي.. إلي استهتاره وعلاقاته المتعددة بالنساء.. وهذا أمر شائع بين كثير من ابناء الأسر الغنية. وتبدأ الستائر.. تنزاح واحدة بعد أخري.. ليضعنا الفيلم امام تعقيدات ميلودرامية مصطنعة.. وامام مؤامرات ودسائس ومطاردات.. تبتعد عن المعقول والمنطق. ويقدم الفيلم شخصية نسائية شيطانية.. نشأت في بيئة فقيرة ويدفعها طموحها وعلاقتها بالقاتل الوسيم إلي تدابير خطط جهنمية تمكن عشيقها من الفوز بالثروة والخروج بريء الساحة.. وتمكنها اخيرا من الزواج منه وتحقيق آمالها كلها.. والخروج من مستنقع حياتها. إلي أن تأتي مفاجأة تطيح بآمال الجميع.. وهو اكتشاف ان زوجة الاخ القتيل حامل.. وبذلك يتوقف حكم الإرث.. إلي أن يظهر الوليد المنتظر. وتدبر العشيقة الطموح.. خيوط مؤامرة أخري.. وهي ان توقع الأرملة الشابة في غرام عشيقها ثم تستغل العلاقة لكي تجهضها.. وهذا يتم عبر مواقف كثيرة ومنها خطف شقيق الارملة الصغير.. واسراع القاتل الوسيم (هشام) بانقاذه.. كي يحصل علي رضا الارملة وحبها. كل ذلك من خلال مواقف ومطاردات تثير الضحك اكثر مما تثير التشويق والاهتمام وكم كنت اتمني لو شاهد المخرج فيلمه مع الجمهور.. واستمع إلي قهقهاته العالية في مشاهد المطاردات خصوصا مشهد محاولة انقاذ الطفل الوهمية، أو مطاردة العشيقة للارملة والمعركة بالأيدي والأرجل لربما كان قد فكر في كيفية اخراج هذه المشاهد التي لا تستند إلي أي منطق فني أو أدبي بشكل آخر.. وبطريقة أخري. مواقف ومطبات لا أريد أيضا أن اكشف عن نهاية الفيلم المفاجئة.. التي تسير طبعا وفق مواصفات الميلودراما التي انتهي أجلها منذ زمن بعيد. ولكن كل ما يمكننا استنتاجه من هذا السيناريو المتعثر المليء بالمطبات والمواقف التي لا تصدق أن كاتبه المؤلف ليس علي مستوي المخرج.. الذي عرف كيف يقدم بثنايا فيلمه بعض المشاهد القوية.. التي افسدها الأداء الزاعق والمليء بالمبالغة لبطله الأول.. أو احساسه الثاني الذي يدل علي جمالية ملحوظة. (استغلاله وكالة الغوري مثلا.. أو حدائق الأزهر.. أو بعض حارات مصر الضيقة) ولكن ذلك كان تائها.. ضمن أحداث لا يربطها منطق قوي.. ومحاولة اقحام خلفية سياسية لا ضرورة لها علي الاطلاق (جرائد المعارضة.. وأغاني الشيخ إمام) سوي اضفاء عمق سياسي مفتعل علي قصة لا تتحمل ذلك علي الاطلاق). وغاب عن عقل كاتب السيناريو.. اننا في أي فيلم كان نحتاج إلي شخصية سوية أو أكثر تجعلنا نتعاطف معها.. ونفهم من خلالها هوية الصراع.. ولكن في (خيانة مشروعة) لم أجد أية شخصية يمكن التعاطف معها.. الاب والأخ الاكبر والقاتل نفسه الذي جمعت فيه كل شرور العالم مجتمعة من خداع ونفاق ووصولية وتهتك والعشيقة الوصولية.. وأخوها الفاسد المتواطئ علي لا اخلاقياتها. وكافة المجرمين والاشرار والبلطجية، بالإضافة إلي الأرملة نفسها التي تلعب دورا مخادعا زائفا. والتي لاتنسجم تصرفاتها علي واقعها الذي سنكتشفه في آخر الفيلم. لقد حطم خالد يوسف (السيناريست) كل ما حاول ان يصنعه خالد يوسف (المخرج) الذي لم يستطع رغم المطاردات والجنس المكشوف أحيانا والخداع السياسي الذي حاول ان يفرضه في الخلفية أن ينقذ الفيلم من السقوط في هاوية اللا منطق واللا تصديق.. وان يحاول اقناعنا من خلال البلطجية والقتلة المأجورين والمسدسات الجاهزة.. بأننا في مصر ولسنا في شيكاغو!! بالإضافة إلي عدم قدرة المخرج علي تحريك ممثليه..(هاني سلامة بصراخه العالي ومبالغاته) وسمية الخشاب وهي ممثلة واعية اثبتت قدراتها في أكثر من فيلم وأكثر من مسلسل والتي بدت هنا شيطانة.. تلبس ثوبا ليس علي مقاسها.. ولم تستطع رغم مهارتها العالية.. ان تنقذ نفسها ودورها.. من السقوط في دائرة الاضحاك عوضا عن التأثر.. الممثل الوحيد الذي نجا من هذه المذبحة العامة هو الممثل الصاعد عمرو سعد الذي استطاع بصدق انفعاله وأدائه المميز ان يعطي مشاهده مصداقية وعاطفية مؤثرة.. خصوصا في المشاهد التي ظهر فيها مع هاني سلامة والتي بينت الفرق الهائل.. بين ممثل صادق.. وممثل مصطنع. وجه شمعي ولا أريد أن أشير إلي خالد يوسف (الممثل).. الذي بدا له بوجهه الشمعي الذي لا يعبرعن أي انفعال.. مثيرا للتساؤل.. ألم يكفه الاخراج والكتابة.. فحاول أن يضيف إلي أوتاره وترا آخر..؟! ضحكات الجمهور في (خيانة مشروعة) قابلها التصفيق الحاد من جمهور شاب عاشق للسينما لفيلم رامي عبدالجبار (النفوس الميتة) الذي يروي أيضا قصة مطاردة في حارات مصر القديمة.. بين بائعي ملابس مستعملة.. يفترشون الطريق.. وبين رجال الأمن.. وعلاقتهما مع مصلحة تحاول أن تحيي (فلوسها الميتة) عن طريق زجهما بمغامرة يائسة. فيلم يقول الكثير.. والمثير جدا.. دون صراخ. دون اثارة لا لزوم لها.. ومطاردات مفتعلة غير قابلة للتصديق.. ولعل نهاية الفيلم التي يسير فيها البطل في طريق لا نهاية له.. تصطف علي جنباته تلال القمامة بينما يبدو رجل البوليس يسير مطمئنا في طريق معاكس.. وتبدو لي أكثر منطقا واكثر دلالة من عشرات الأفلام الأخري التي تتكلم عن حاضر ومستقبل الشباب في مصر!! التصفيق الملتهب الذي صاحب نهاية فيلم رامي عبدالجبار..له جمهور شاب يعشق السينما وقهقهات الصالة التي انطلقت قوية علي بعض مشاهد فيلم خالد يوسف دليل يعطي شعاعا من الضوء انه لايزال هناك أمل ما.. في مستقبل السينما الشابة في مصر. جريدة القاهرة في 9 يناير 2007
خيانة مشروعة.. فيلم بوليسى بطلاء سياسى سعيد شعيب لا أعرف لماذا خرجت من مشاهدة فيلم خيانة مشروعة منقبض القلب وتقريبا مكتئبا.. ربما يكون السبب هو الإفراط فى مشاهد الحركة أو المشاهد الدموية الزائدة أو الإفراط فى الحبكة الدرامية التى أدت بشكل ما إلى أن يصبح العالم الذى يقدمه الفيلم مغلقاً تماماً، ويفتقد شباكاًً ينفتح على الحياة.. ولكن فى كل الأحوال، فهو فيلم جيد الصنع، بمعنى أن مؤلف قصته ومخرجه خالد يوسف وفريق العمل اهتموا مخلصين بالمهارة الحرفية، وهذا فى حد ذاته أمر فى منتهى الأهمية فى ظل موجة الاستسهال التى تجتاح السينما المصرية. ثم إن الفيلم بلا شك يستحق التعاطف، فهو يحاول الخروج عن القماشة الكوميدية المستهلكة إلى حد كبير، ليس اعتراضاً على الكوميديا، ولكن لفرط سوء استغلالها، وحتى تكون هناك كل الأنواع السينمائية.. والحقيقة أن هذا الاتجاه يزيد مؤخراً وبالتدريج فى السينما، بل ويحقق نجاحا جماهيريا معقولا، فقد كانت صالة العرض فى خيانة مشروعة ممتلئة رغم أنها كانت حفلة العاشرة صباحا. نعود للفيلم والذى يتناول فساد بعض الأغنياء من خلال شخصية هانى سلامة الذى يقتل أخاه وزوجته، وقد اهتم كاتب السيناريو خالد يوسف بتقديم مبررات تبدو قوية لكل شخصية، ولكنها أحيانا لم تكن مقنعة، مثل مى عز الدين التى قدمها باعتبارها صحفية تحارب الفساد ولم يكن مقنعا أن تتزوج ممن كانت تحارب فساده، لأنه أقنعها فى جلسة أن كل ممارسات شركاته نظيفة! وحتى عندما تعرف الحقيقة بعد قتله، لا تنشر هذا الفساد كما طلب منها رئيس التحرير.. ولكنها تقيم شوية مشروعات خيرية ومستشفيات للفقراء، أى أنه غسيل أموال وضمائر.. وقد كان من الممكن أن يكون هذا منطقيا لو أن السيناريو لم يقدمها باعتبارها شخصية ملائكية.. بل ويختم الفيلم حواره مؤكداً على لسان البطل أنها الوحيدة التى كسبت لأنها طيبة. أضف إلى ذلك أنه لا يوجد مبرر كاف لأن يتورط صديق الجامعة أظن أن اسمه حسن حرب مع سمية الخشاب فى كل هذه الجرائم، بلا دافع واضح.. فهو السبب فى أن يقتل هانى سلامه زوجته.. كما أنه شارك سمية فى محاولة قتل جنين مى عز الدين.. وبالمثل لم يقدم السيناريو تبريرا كافيا لأن يخوض ضابط الشرطة هشام سليم كل هذه الحروب ليقبض على هانى سلامة.. ولم يقدم تفسيرا للجوء هذا الضابط الملاك للتعذيب الوحشى مع متهم، وهو يعيد إنتاج الفكرة الغبية بأنه لا يمكن الوصول إلى المجرم إلا بالتعذيب. وهذه أمثلة.. ولكن السيناريو يمتلك مميزات، أهمها هذا المزج بين الحاضر والماضى بسلاسة وبطرق مبتكرة عمقها وزادها بهاءً مونتاج غادة عز الدين.. كما أن البناء الدرامى كان فيه حرص غير عادى على وجود مفاجآت درامية تغير مسار الأحداث حتى فى المشهد الأخير. ولكن هذه الطريقة فى بناء السيناريو كان بها بعض الأخطاء أو الحيل غير المفهومة، مثل: لماذا اللجوء إلى حيلة أن الضابط الذى نفذ حكم الإعدام فى هانى سلامه هو الذى قرأ مذكراته عن الأحداث.. وما هى فائدة ذلك دراميا وخاصة أن هذا الضابط غير مؤثر فى الأحداث.. ناهيك عن أن البطل ومن بعده عدة شخصيات يروون أحداثا لم يشاهدوها بأنفسهم أو شاركوا فيها، والمفترض أن الفلاش باك يتم حكايته من وجهة نظر الراوى، أى الأحداث التى عاشها وكان مشاركا فيها. أظن أن السبب فى هذه الأخطاء أن المؤلف خالد يوسف اعتمد على منهج ردود الفعل الميكانيكية للشخصيات والتى تستند إلى النظرية القديمة وهى لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار.. ومن هنا كانت ردود الفعل تبدو ميكانيكية ومتوقعة، أى أنها بمعنى ما نمطية. وربما هذا ما جعل الفيلم يبدو كتروس تجر بعضها فى داخل عالم مغلق وسوداوى. وأظن أن السبب الثانى هو أن العالم عند خالد ينقسم إلى أشرار وأخيار.. وكلاهما يتم تقديمه بالصورة النمطية المعتادة.. ومن هنا تقديم رئيس التحرير وهو بالمناسبة إبراهيم عيسى فى الصورة المعتادة الأحادية المحارب والمناضل الأعظم ضد الفساد وكذلك تقديم الصورة سابقة التجهيز للمثقفين وهم يغنون عن مصر بالمعنى المجرد ويتقابلون فى وكالة الغورى للثرثرة. والحقيقة أن الصراع فى مصر ليس بهذا التبسيط المخل، لا يمكن تقسيمه لأشرار وأخيار، ولكنه صراع مصالح بين قوى متضاربة.. وليس صحيحا أن كل الذين يحاربون الفساد أنقياء وقلبهم على الفقراء ولا العكس صحيح أيضاً.. ولكنى أظن أنها الخلفية السياسية لمخرج ومؤلف الفيلم خالد يوسف وهى فى الحقيقة ليس بها تأمل.. بقدر ما فيها من مقولات سابقة التجهيز وتم تحميلها بشكل أو آخر على الدراما. ومع ذلك وبالرغم من كل ذلك نحن أمام فيلم مهم قوى فى معظم عناصره، رغم مضمونه السهل، ولكن الخلاف هو جوهر الحياة. العربي المصرية في 7 يناير 2007
|
محمود قاسم يكتب:
|