بدأت الألمانية ديان كروغر ، واسمها الحقيقي ديان هايديكروغر (30 سنة)، تعمل في حقل الأزياء وهي بعد مراهقة في الخامسة عشرة أثر فوزها بمسابقة وكالة «إيليت» لعارضات المستقبل، ثم انتقلت بسرعة إلى التمثيل وظهرت في أفلام ألمانية وأوروبية، إلى أن استعانت بها هوليوود من أجل الدور النسائي الأول في فيلم «تروي» (2004) مع براد بيت وأورلاندو بلوم وسافرون بوروز، الأمر الذي حوّل ديان بين يوم وليلة نجمة عالمية.

عاشت كروغر في ألمانيا ثم في فرنسا حيث تزوجت من الممثل والمخرج غيوم كانيه، قبل ان تنفصل عنه قبل حوالى سنة، بسبب إقامتها شبه المستمرة في الولايات المتحدة، بينما يقيم زوجها في باريس، حيث يعمل، ما جعل علاقاتهما تتدهور، خصوصاً بعد الإشاعات التي روجتها أوساط فنية فرنسية حول علاقة عاطفية لديان مع أحد نجوم هوليوود الشبان.

واضطرت كروغر من أجل إرضاء هوليوود ومخرج فيلم «تروي» في شكل خاص، إلى أن تكسب عشرة كيلوغرامات من الوزن، حتى تبدو مقنعة في شخصية هيلين ملكة طروادة، لكنها سرعان ما فقدت وزنها الزائد عقب الانتهاء من تصوير الفيلم مباشرة.

ولا تزال كروغر تعمل في هوليوود، ما لا يمنعها من العودة إلى أوروبا بين حين وأخر، والمشاركة في فيلم فرنسي أو ألماني مثلما هي الحال بالنسبة الى آخر أعمالها «تقليد بيتهوفن» الذي يعرض في الصالات الأوروبية قريباً، والذي جاءت كروغر إلى باريس من أجل الترويج له فالتقتها «الحياة» في هذا الحوار.

·     تعودين بفيلمك الجديد «تقليد بيتهوفن» إلى السينما الألمانية التي شهدت بدايتك الفنية، فهل يمكن اعتبار الحكاية نوعاً من الحنين إلى الوطن الأم؟

- إنها صدفة حلوة جعلتني أحصل على الدور النسائي الأول في هذا الفيلم، بعدما فتشت مخرجته أنيشكا هولاند عبثاً عن ممثلة ألمانية مقيمة في ألمانيا فبدأت تفكر في الفنانات الألمانيات في الهجرة، وتذكرتني. أنا لم أتخذ أي إجراء أو خطوة لمعاودة العمل في بلدي الأصلي، لكنني أشعر منذ سنتين، بحنين كبير تجاه السينما الألمانية، خصوصاً عند مشاهدة الأفلام الجديدة التي تنتج في برلين، والتي أجدها جيدة وثرية بالمعاني إضافة إلى نوعيتها الفنية المتقدمة. وأعتقد بأن المرء إذا تمنى الشيء بقوة وصدق إلى حد ما، فإنه يساهم في حدوثه في شكل أو في آخر، وهذا ما عشته شخصياً.

·         وهل أنت راضية عن الفيلم وعن مشاركتك فيه؟

- أنا راضية عن الفيلم، خصوصاً أنه يتناول فترة من حياة بيتهوفن، وأنا من أشد المهتمات بهذا العبقري الموسيقي وبأعماله وسمفونياته الرائعة، مثلما أستمع في شكل دوري إلى الموسيقى الكلاسيكية عامة. لقد انغمست في عالم بيتهوفن بفضل الفيلم وديكوراته وحبكته، الأمر الذي هز كياني وجعلني أتفوق في أدائي أمام الكاميرا وأشعر فعلاً بأنني ركبت آلة سحرية عادت بي إلى الوراء ونقلتني إلى عصر بيتهوفن. ولا مبرر لذكر التمثيل البارع الذي قدمه الممثل إيد هاريس في شخصية بيتهوفن، فهو أحد أكبر نجوم السينما الأميركية والعالمية حالياً، وسبق له ان أبهرني قبل ثلاثة أعوام حينما أدى دور الرسام جاكسون بولوك في فيلم «بولوك» الذي تولى أيضاً إخراجه بنفسه. أنا سعيدة وفخورة بالانتماء الفني إلى فيلم «تقليد بيتهوفن»، وأعتبره محطة مهمة في مشواري السينمائي، خصوصاً أنه صور في ألمانيا.

·         ما الذي حولك من ممثلة ألمانية أساساً إلى نجمة عالمية؟

- لم أكن أبداً مجرد ممثلة ألمانية، ولكن أوروبية، فأنا عملت منذ بدايتي الفنية، أو بعدها بفترة قصيرة جداً، على الصعيد الأوروبي من طريق المشاركة في أفلام إيطالية وبريطانية، وخصوصاً فرنسية، لأنني أحببت فرنسا وتعلمت لغتها بسهولة فائقة، وتزوجت من فرنسي، ووقعت في غرام باريس وثقافتها، إضافة الى انني مولعة بالسينما الفرنسية منذ مراهقتي. لقد انتقلت من برلين إلى باريس، وبذلت كل جهدي حتى أعثر على أدوار في السينما الفرنسية، وهذا ما حدث بالفعل. أما هوليوود، فجاءتني بعد ظهوري في فيلم فرنسي أنتجه لوك بيسون بعنوان «ميشيل فايان»، لم ينجح كثيراً في فرنسا، إلا أن الأميركيين عثروا فيه على لون المغامرات الذي يعجبهم كثيراً، ولاحظوني فاتصلوا ببيسون ليسألوه عن كيفية العثور علي من أجل ترشيحي لدور كبير في أحد أفلام المغامرات لديهم. وأنا منذ ذلك الوقت، أي منذ ثلاثة أعوام ونصف العام، لا أنسى توجيه الشكر إلى بيسون على ما فعله من أجلي. وأنتهز مناسبة حديثي هذا لأشكره مرة جديدة، سواء قرأ مقالكم أو لم يقرأه.

محظوظة جداً

·         الفيلم الأميركي الذي تتحدثين عنه هو «تروي»؟

- نعم، فأنا مثلت فيه شخصية هيلين ملكة طروادة، إلى جوار براد بيت وأورلاندو بلوم. وأعتقد بأن أي ممثلة أوروبية تتمنى الحصول على مثل هذه الفرصة في حياتها الفنية، ما يجعلني أعتبر نفسي إمرأة محظوظة جداً.

·         وهل فتح «تروي» أمامك باب النجومية في ما بعد بطريقة مباشرة وتلقائية؟

- ربما ليس بأسلوب تلقائي، نظراً الى كون الأمور تتطلب نسبة من المجهود الذاتي المستمر، حتى تتم جيداً وعلى المدى الطويل، لكن الفيلم سمح لي بفرض شخصيتي في عاصمة السينما الأميركية، وبإقناع أهل المهنة هناك بأنني ممثلة يمكنهم الاعتماد عليها إلى حد كبير، وفي أدوار متنوعة، وأقصد بذلك إنني في «تروي» دمجت بين الدراما والرومانسية والجاذبية، بطريقة جعلت كل من حدق النظر في، يقتنع بمميزاتي الكثيرة في الأداء التمثيلي.

·         أليس من النادر العثور على دور من هذا النوع؟

- أجل، ولذا أكرر شكري لبيسون الذي لفت أنظار الأميركيين اليّ، ثم اتصل بي من أجل هذا الدور بالتحديد. صحيح أن الأدوار تكون عموماً حبيسة إطار محدد وموحد، خصوصاً النسائية منها، وفي أفلام المغامرات أكثر مما يحدث في الأنواع الأخرى، ذلك أن المرأة في فيلم المغامرات، تحب البطل، وتبكي عليه عندما يقاتل، ثم تستقبله بالدموع إذا عاد سالماً. وانا في «تروي»، أحرك خيوط الحبكة بدلاً من أن أتبع مسارها بطريقة ساكنة، وهنا يكمن الفارق الأساسي بين دور من طراز «هيلين ملكة طروادة»، وأي بطلة عادية في فيلم من هذا النوع.

جودة وجاذبية

·     أنت فعلاً نوعت في أدوارك الهوليوودية عقب «تروي»، مؤدية الدراما العنيفة في «ويكر بارك»، والخوف في «عصر الظلام»، ثم المغامرات من جديد في «الكنز القومي» إلى جانب النجم نيكولاس كيج، فما هو الفيلم الذي تفضلينه شخصياً بين أعمالك الأميركية؟

- أحمل «تروي» في قلبي للأسباب التي ذكرتها للتو، لكن هناك فيلم «ربيع في البوسنة» من إخراج ريتشارد شيبارد وبطولة ريتشارد غير، وهو عمل أعجبني التمثيل فيه بشكل أعجز عن وصفه، لشدة ما أحببت السيناريو الذي يدمج بين الرومانسية والدراما الاجتماعية الواقعية، ولأن العمل مع ريتشارد غير حلمت به طوال حياتي، وها هو يتحقق.

·         وهل كان الرجل على مستوى توقعاتك؟

- انه من أكبر الفنانين الذين أعرفهم أو تعاملت معهم، فهو يتميز بروح مهنية عالية ويبدي رغبة شديدة في مساعدة الذين يحيطون به في العمل. وهو لا يبالي بالظهور على مستوى أعلى من زملائه، لكنه يرغب في أن يكون الجميع على مستوى واحد من الجودة والإتقان والجاذبية أمام الكاميرا.

·         وماذا عن ريتشارد غير خارج التصوير؟

- أعتقد بأن الكلمة التي تليق به أكثر من غيرها هي «جنتلمان»، فهو عاملني بأسلوب لائق جداً كفنانة وكإمرأة، ولم ينتهز مكانته السينمائية إطلاقاً من أجل التعالي علي أو الخروج عن أبسط قواعد الذوق الرفيع والأدب، مثلما قد يفعل غيره من المشاهير. أنا فعلاً فوجئت إيجابياً، وذلك على رغم كل توقعاتي الجيدة أصلاً في شأنه.

·         هل سينزل هذا الفيلم قريباً إلى صالات السينما؟

- نعم، خلال العام 2007.

·     احترفت عرض الأزياء في فترة ما، قبل اقتحامك ميدان السينما كممثلة، وظهرت في العام 2005 في فيلم عنوانه «فرانكي» روى حياة عارضة معروفة تغرق في بحر الإدمان والانهيار العصبي. هل عثرت في هذا السيناريو على شيء من الواقع الذي تعرفينه عن دنيا عرض الأزياء؟

- حكاية هذا الفيلم طريفة جداً، فهو عمل فرنسي أخرجته ديان برتران استناداً الى أحداث حقيقية وقعت في عالم الموضة الباريسية، واختارتني لبطولته عندما كنت مجرد عارضة أزياء وليس ممثلة، أي قبل حوالى ست سنوات. والذي حدث هو اضطرار المخرجة إلى التوقف عن التصوير قبل أن ينتهي الفيلم، لأنها لم تعثر على الأموال اللازمة لإنجاز المشروع كاملاً. وانتهى الأمر على هذا الوضع، إلى أن وجدتها تتصل بي قبل سنتين بعدما صرت أنا ممثلة معروفة، وتطلب مني استخدام نفوذي كنجمة بهدف العثور على المال الضروري، لدى شركات منتجة، حتى يتسنى إنهاء الفيلم. وفعلت ما طلبته مني على الفور، من دون أن أفكر في الأمر أكثر من ذلك، وحصلت على الإمكانات الضرورية حتى تنهي ديان برتران فيلمها، ومثلت فيه من جديد من دون أن أطلب أي أجر، لكن الطريف هو أنني مثلت الدور نفسه بعد تركه بسنوات عدة، فلا شك إن ملامحي تغيرت بعض الشيء لأنني كبرت ونضجت، لكن المخرجة لم يهمها الأمر، ووضعت سعادتها الخاصة بإنجاز فيلمها، بعدما كانت فقدت الأمل في ذلك كلياً، فوق كل الاعتبارات. أما للرد عن سؤالك في شأن عالم الموضة، فأرد بأن أحداث الفيلم التي تحكي سقوط عارضة في فخ إدمان المخدرات، ليست وهمية إطلاقاً، وأن المخرجة استوحتها من حدث حقيقي، غير أنه واحد ضمن سلسلة من الأحداث الدورية التي تقع في عالم الأناقة سواء كان ذلك في باريس أو نيويورك أو لندن أو ميلانو، وحتى بين العارضات النجمات، ولا مبرر هنا حسب اعتقادي، لذكر أسماء.

·     مثلت في فيلم فرنسي عنوانه «لا معه ولا ضده» قبل تحولك نجمة هوليوودية، وكان أحد أبطال هذا العمل الممثل اللبناني الأصل سيمون أبكاريان، فهل تعرفينه جيداً؟

- أجل، أنا أعرفه وأعتبره من نجوم المستقبل في السينما الفرنسية والعالمية، فهو إضافة إلى ظهوره في أفلام فرنسية وفي أدوار ممتازة، يعمل في المسرح، ويمثل في أفلام عالمية مثل «كازينو روايال» آخر أفلام جيمس بوند. وربما تتاح لي فرصة العمل معه ثانية في فيلم أكون أنا بطلته إلى جانبه، إذ إن دوري في «لا معه ولا ضده» لم يتجاوز المشهد الواحد، بينما كان هو من أبطال الفيلم.

الحياة اللندنية في 12 يناير 2007

 

الإيراني خسرو معصومي يقاوم التخلف والجمود على طريقته...

«في مكان ما بعيد جداً» حب في عالم يغتال الطبيعة

القاهرة – فريال كامل 

في مستهل فيلمه الجديد «في مكان ما بعيد جداً»، يواجهك المخرج الإيراني خسرو معصومي، الفائز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة الأخير بصدمة حين يقر بطل الفيلم الشاب تفصيلياً – في عين الكاميرا – بارتكاب جريمة قتل حارس الغابة. ومع هذا، فإن مسحة من البراءة تظلل ملامحه ولمحة من صفاء الروح تطل من عينيه، ما يبطل كل الخلفيات المحتملة للجريمة ويشرح صدقية الاعتراف.

«في مكان ما بعيد جداً» نموذج لما ألفناه في السينما الإيرانية: عمل غاية في البساطة، قمة في الإحساس والرهافة والنبل، ما يكسر الرابط بين الإبداع والتقنيات. يبدو المخرج وثيق الارتباط ببيئته الطبيعية والثقافية، مقاوماً من دون افتعال لقوى الرجعية ومدافعاً من دون ادعاء عن الحقوق والحريات. تخير المخرج مساراً دائرياً للسرد ينطلق من نقطة بداية قوية وصادقة يتبعها بتفعيل الإرادة الشخصية وإعلان قرار العبور – أعني العزلة المعنوية والمادية – بتوجيه من معلّم القرية الذي يمثل قبساً من الرحمة وشعاعاً من الحكمة، ما يحل البطل الشاب من وعد المضطر ويحرره من التزام مجبر عليه. وفي الختام ينطلق البطل برفقة من اختارها قلبه الى مكان بعيد جداً مخلفاً وراءه عزلة فرضتها طبيعة قاسية وثقافة جامدة تفرض بدورها حجراً على حرية البطلة، وإنكاراً لاحتياجاتها وتغييباً لحقوقها.

ازدواجية

في الفصل ذاته من العام تتساقط الثلوج بغزارة على إقليم كوجور المتاخم للغابة في مقاطعة مازندران، يعزلها عن الحضر بُعد المسافات وضراوة الطقس وجبال الجليد هناك، تنتهك الحقوق على أيدي أولي الأمر وتُنهب الموارد على أيدي المتكسبين والمهربين، ما يخل بالاتزان الإنساني والتوازن البيئي. في الموقع ذاته تكتسي الغابة بإكليل من الجلال وتنحني البيوت تحت وطأة الجليد ويستكين الأهالي تحت جناح التقاليد باستثناء «نيالا» الجميلة البكماء. هناك يتحكم السيد جانيه في أكثر شؤون بناته الثلاث خصوصية ويزوجهن بمن يرتضيه من دون رغبة منهن، وهو الذي على الوجه الآخر من حياته يدير عصابة لاغتيال غير مشروع لأشجار الغابة ما يورطهم في قتل حارسها.

يصطحب «زاهدي» مرؤوسه «جمال» الى تلك المنطقة المعزولة لحضور حفل عرس. وعلى الطريق الطويل، لا تتسع المخيلة لمثل ذلك التنوع لمناظر الجليد والغابة، خلال عدسة المصور المبدع نادر معصومي بصحبة موسيقى نيمان يزدانيان، يروي زاهدي لصاحبه قصة نيالا التي فقدت النطق على أثر اعتداء والدها عليها بالضرب المبرح حين رفضت الاقتران بمهرب أخشاب، أحد المنتهكين للغابة والمتربحين بأشجارها. فيتوعدها أبوها أن تظل عزباء ما بقي له من العمر، وعزلها في المصبغة على أطراف الغابة لتعمل ليل نهار كما العبيد.

من الوهلة الأولى يحدث التواصل بين جمال ونيالا التي تأسره نظراتها فيشي بخبايا فؤاده، يدعى للرقص فيرفرف فرحاً كما الطائر على أنغام فرقة شعبية بين صخب المدعوين.

رهافة ونبل

عنى معصومي بتفكيك مشاهد اللقاء بين جمال ونيالا داخل المصبغة الى لقطات تفصيلية عدة ترصد كل لمحة ثم يعيد تركيبها بما يضفي على الوصل حالاً من الرهافة والنبل. أوجز الحوار لتنطلق لغة خاصة بالمحبين حيث يشع الثراء اللوني وتتوافر المؤثرات الخاصة بتصاعد الأبخرة من قدور الصبغات، ما يضفي على المشهد دفئاً بالتناقض، مع ما يحيطه من الجليد. وتتبلور رقة المحب حين يهدي حبيبته مشطاً مرصعاً بالخرز الملون، فتنسج له بإبرتها رداء من الصوف. وفي لقطة الذروة نراه يعابثها بالأشعة المنعكسة على عينيها خلال مرآة صغيرة فتبوح بما عاهدت نفسها عليه بألا تقترن بغير من يخفق له قلبها، ما يمثل مفاجأة للبطل والجمهور.

لقد وُفق المخرج في توظيف أجواء المصبغة فنياً وتعبيرياً. إنما ما أثار دهشتنا هو اختياره للمغطس في أحد الحمامات العامة كمكان للقاء القطبين المتنافرين جمال وجانيه، والد نيالا الذي يدفع برجاله الى ضرب جمال ضرباً مبرحاً حتى يختبر شجاعته.

يتورط رجال جانيه في قتل حارس الغابة حين يباغتهم وهم يغتالون الأشجار، فيطاردون جمال ليحمّلونه تبعة جريمتهم، ويعد مشهد المطاردة إحدى الركائز الدرامية في الفيلم بما يتضمنه من لقطات طريفة، ومثيرة بينما يحتمي جمال بنيالا لتطيب جرحه وتحميه من والدها الى أن يلتقي القطبان في المغطس مرة أخرى ليساوم الأب الفتى على الاقتران بابنته في مقابل الاعتراف بقتل الحارس.

وهنا عودة الى البداية حيث يخوض كل من الضابط والمتهم البريء جبال الثلج الى أن يستقرا بعض الوقت في المدرسة، يوقن المدرس ببراءة الشاب وييسر له التخلي عن وعده ويمنحه قدراً من المال ليرحل مع حبيبته.

قدم معصومي في هذا الفيلم رؤية سينمائية غاية في النبل، ناصر العاطفة بين البشر ووقف مع الطبيعة وشرّع الرحيل الى مكان بعيد جداً من القهر وكذب الادعاء ونهب الموارد.

الحياة اللندنية في 12 يناير 2007

«مولن الكبير» بين الأدب والسينما

الرباط – خالد الخضري 

لم تعد قضية الاقتباس الأدبي في السينما تـثير جـدلاً أو إشكالاً يذكر، على رغم مناداة الكثر بضرورة الفصل بين هذين الجنسين الإبداعيين، حيث غدت العلاقة راسخة ومكتسبة لشرعيتها متى تم التعامل بينهما في شكل جيد لا يخسف حداثة الفن السينمائي وتقنياته كما لا يلوي عنق المصدر الأدبي أو يشط به عن جادة خطابه الأصلي على رغم ما قد يطاوله من تغييرات تمليها طبيعة الخطاب السينمائي ذاته.

هذا ما لمسناه بوضوح في فيلم «مولن الكبير» للمخرج الفرنسي جان دانيال فيراجي المقتبس عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب ألان فورنييه، والذي تتفاعل أحداثه في فرنسا في مستهل القرن العشرين قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى التي أثرت بدورها في مجرى هذه الأحداث سينمائياً بهلاك البطل في ساحة الوغى، في حين أنه يستمر حياً في الرواية ليرعى ابنته بعد وفاة والدتها... وقد برر المخرج هذا التغيير برغبته في جعل العمل السينمائي أكثر اقتراباً من الحياة الشخصية لمؤلف الرواية ما دام جزء كبير منها يمتح من سيرته الذاتية حيث انه سيتوفى مباشرة حين اندلاع الحرب، وهكذا غدا أميناً ووفياً ليس فقط لروح الرواية ولكن أيضاً لروح الكاتب ومساره الإنساني.

حتى وإن عاب البعض خلال مناقشة الفيلم غياب روح البطولة و «العظمة» في شخص أوغستين مولن بمفهومها «المغامراتي»، فإن هذه العظمة تجسدت خصوصاً في أخلاقياته المثلى وقلبه الكبير الذي يمنح لكل علاقة ولكل عاطفة حقها الكامل، الحب/ الصداقة/ والوفاء بالوعيد... فعلى رغم انه لم يلتق حبيبته – التي ستغدو زوجته – إلا مرة واحدة وفي مغامرة تكاد تكون غرائبية – هي الى أسلوب (البحث عن الكنز) أقرب – وعلى رغم يقينه باستحالة لقائه بها، فقد ظل مخلصاً لهذا الحب متشبثاً به الى آخر نفس... كما ظل مخلصاً لصديقه فرانز ولوعده له بالعثور على خطيبته وإعادتها إليه ليتزوج منها مؤدياً في سبيل ذلك ثمناً غالياً على حساب حريته حين زج به في السجن لمدة طويلة فقد فيها زوجته وأحب مخلوقة لديه: بيفون دي جاليه... الحب نفسه سيستمر خفاقاً في قلب مولن تجاه صديقه المراهق فرانسوا سوريل الذي ستجمعه به الدراسة قبل أن تفرقهما الحرب.

من هذه القيم الإنسانية النبيلة اكتسب أوغستين مولن عظمته... ومن خلال الكتابة السينمائية التي تمرس بها جان دانيال فيراجي لما يربو على الأربعين سنة، خصوصاً من حيث اشتغاله على الكثير من المتون الأدبية الشهيرة لكتاب كبار أمثال: بلزاك، راسين، ستاندال كافكا وجوزيف كيسل، اكتسى الفيلم قوته وعظمته لا سيما أنه لم يلتزم حرفياً بأحداث الرواية مضيفاً اليها ما ذكرناه من تغيير بإنهاء حياة البطل قتلاً، وأيضاً بجعل فرانز طياراً لحداثة اختراع الطائرة في تلك الحقبة مع انه لم يكن كذلك.

أجواء

وقد ساهمت مفردات عدة في إثراء العمل السينمائي قوامها التشخيص المتقن للممثلين تحت إدارة محكمة بطبيعة الحال، موسيقى ذات نفس سيمفوني كلاسيكي يتماشى وموسيقى العصر الأوركسترالية التي شحنت الموقف الفيلمي بزخم تعبيري سمعي رائق برزت فيها آلات «عصرية عدة آنذاك» وإن كان البيانو سيدها لما يحتويه من قوة بلاغية إذ استمر صوته ينشد ترنيمة الحب الكبرى التي ظلت تشدو في قلب مولن وبيفون. كذلك برز عدد من طباع الفرنسيين وعاداتهم وملابسهم الاحتفالية والعادية في مستهل القرن العشرين وحتى محابر المداد في فصول الدراسة من دون نسيان هيمنة الفكر الديني في الكنائس خصوصاً في لقطة الصليب المنغرس في مدخل القرية والتي تكررت مرات عدة... زائد حركات الكاميرا التي كانت بطيئة... حالمة في المشاهد الرومانسية والطبيعة، لاهثة سريعة في لقطات المطاردة أو فرار أوغستين بالعربة وداخل الغابة وضمن الفيلق العسكري... كل هذه الوحدات جعلت من «مولن الكبير» كرواية عملاً سينمائياً شيقاً يحفزك على قراءة الرواية مرة أخرى ثم على إعادة مشاهدة الفيلم مرات عدة.

الحياة اللندنية في 12 يناير 2007

 

مشاركة ثلاثة أفلام مصرية واحتفاء بعبد الحليم حافظ... نجوم السينما في ضيافة مهرجان تطوان المغربي

القاهرة - علا الشافعي 

رشحت إدارة الدورة الثالثة عشرة لمهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط والتي ستقام خلال الفترة الواقعة بين 24 إلى 31 آذار (مارس) 2007، مجموعة من الأفلام المصرية الروائية الطويلة والقصيرة والتسجيلية للمشاركة في الدورة المقبلة. وقال أحمد الحسني مدير المهرجان في ختام زيارة مصر، ان الأفلام المرشحة هي الروائي الطويل «45 يوم» بطولة احمد الفيشاوي وعزت أبو عوف وغادة عبد الرازق وإخراج احمد يسري في أول أعماله الطويلة، إضافة ال فيلم «قص ولزق» من بطولة شريف منير وحنان ترك واخراج هالة خليل، و «استغماية» إخراج عماد البهات وأضاف الحسني انه في مجال الأفلام القصيرة وقع الاختيار على فيلمين: الأول هو «زي خروجه» ليافا جويلي وتدور أحداثه داخل دورة مياه عمومية للسيدات بالقاهرة، أما الثاني فهو «سنترال» لمحمد حماد وهو من الأعمال التي أثارت جدلاً نقدياً داخل مصر.

وأشار مدير مهرجان تطوان للسينما المتوسطية الى ان فقرة «استرجاع» ستكون مخصصة لعرض 6 أفلام من بطولة المطرب المصري الراحل عبدالحليم حافظ نظراً الى ما كانت أثارته من أحاسيس ومشاعر لدى أجيال عديدة من عشاق السينما الغنائية والاستعراضية والموسيقية التي قدمتها السينما المصرية في حقبة من مسيرتها الطويلة». والأفلام هي «الخطايا» و «يوم من عمري» و «أبي فوق الشجرة» و «شارع الحب» و «الوسادة الخالية» و «معبودة الجماهير». وقال الحسني ان الهدف من هذه الفقرة هو إلقاء الضوء على دور هذا المطرب المصري في تقديم السينما العربية الغنائية المفتقدة حالياً إضافة الى تعريف الأجيال الجديدة، في شمال المغرب بعامة وتطوان بخاصة، بمدراس غنائية غير منتشرة حالياً. وأضاف ان إدارة المهرجان «تفكر في إقامة أمسية موسيقية بأصوات مغربية تحية الى العندليب الأسمر يغني فيها مثلاً عبده شريف المقيم حالياً في المغرب وبعض الاصوات الواعدة.

واضاف الحسني انه شاهد في جولته في القاهرة الأسبوع الماضي 60 فيلماً من مختلف الأنواع السينمائية ومن إنتاج جهات مصرية حكومية ومستقلة وخاصة عدة مما أوقعه في حيرة في اختيار الأعمال المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان او الأقسام الأخرى وهو الأمر الذي دعا إدارة المهرجان الى التروي في اختيار عضو لجنة التحكيم أو أحد السينمائيين المصريين لبرنامج التكريم جرياً على عادة هذا الحدث المتوسطي السينمائي.

ويهدف المهرجان حسب ما قال أحمد الحسني الى «إنعاش السينما المتوسطية الجيدة وغير المسوّقة بالدرجة الأولى»، و «تشجيع التبادل الثقافي بين سينمائيي البحر المتوسط» و «خلق أشكال التعاون الفني بينهم»، و «التعريف بمنطقة الشمال في المغرب وبالخصوص مدينة تطوان التي هي مدينة السينما ومدينة المبادرات الثقافية والفنية». وأضاف حسني أن مهرجان تطوان ليس مهرجاناً للنجوم بل هو مهرجان لمبدعي السينما في الأساس.

ويتضمن برنامج هذه الدورة تقديم العروض ما قبل الأولى لمجموعة من الأفلام التي تم إنتاجها ما بين 2005 و 2007 والتي لم يسبق أن عرضت في المغرب. كما سيتم الاحتفاء بالسينما الإيطالية إذ ستعرض مجموعة من أفلام جديدة كان لها حضور قوي في أغلب المهرجانات السينمائية أما الندوة الدولية التي دأب المهرجان على عقدها كل دورة فستنعقد هذه السنة تحت شعار «تاريخ، ذاكرة، سينما». وسيتدارس خلالها مجموعة من الباحثين وصناع السينما العلاقات المتعددة التي تربط بين التاريخ والذاكرة والسينما.

وفي إطار فقرة «بطاقات بيضاء» ستعرض مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تتطرق الى مواضيع ذات بعد سياسي واجتماعي «لاستقراء مدى قدرة هذا النوع من الأفلام على المساهمة في تغيير المسارات التاريخية للشعوب والأمم، باعتبار هذه الأفلام أداة لرصد التجاوزات والانتهاكات التي تلحق بالأفراد والجماعات».

وفي إطار الأنشطة الموازية للعروض السينمائية، ستنظم مائدتان مستديرتان، الأولى حول «التعاون بين مدارس السينما على مستوى دول حوض البحر الأبيض المتوسط»، والثانية حول «التكنولوجيا الجديدة ومستقبل السينما»، بشراكة مع غرفة المنتجين بالمغرب.

وفي سياق التعريف بالسينما المغربية وضمن قسم خاص بها، سيتم عرض مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية التي تم إنتاجها ما بين 2005 و 2007 وبحضور مخرجيها بهدف التواصل المباشر مع الجمهور والنقاد والمهتمين بخاصة من دول البحر الأبيض المتوسط.

وتقتصر جوائز مهرجان «تطوان» السينمائي الذي يهدف إلى «تشجيع التجارب المتميزة والابتكار في سينما المتوسط» على تقديم قيم نقدية للأفلام الفائزة التي يختارها أعضاء لجنته التحكيمية من بين الأفلام المتنافسة.

وتتألف لجنة التحكيم عادة من مخرجين ومنتجين ونجوم ونقاد في السينما العربية والأوروبية.

وبالنظر الى الصعوبات المالية والتنظيمية التي شهدتها الدورات السابقة، فقد تحول المهرجان وابتداء من الدورة الماضية الى مؤسسة يديرها مجلس إداري ويرأسها وزير الإعلام نبيل بن عبدالله.

الحياة اللندنية في 12 يناير 2007

 

السينما العراقية خلال عام: صالات مقفلة ومبادرات معزولة

إبراهيم حاج عبدي 

يصعب الحديث عن المشهد السينمائي العراقي خلال العام الفائت، بمعزل عن الأحداث السياسية التي تعصف بالعراق. إذ لا يمكن فصل السينما العراقية عن وقائع اليوميات العراقية وتعقيداتها. فمثلما أن الشعب العراقي يعيش في ظل الاحتلال والتفجيرات ورائحة الموت والحرمان، فإن فنونه أيضاً تعاني وتتأثر بطبيعة الظروف المحبطة لكل إبداع. غير أن ثمة مبادرات فردية تحاول، وبصعوبة، أن تكسر العزلة المفروضة، وتقول شيئاً وسط هذا الخراب من خلال اللوحة أو المسرح أو الأدب أو السينما.

ولعل المثال الأبرز، هنا، هو ما قامت به المخرجة العراقية ميسون الباجه جي بالتعاون مع المخرج قاسم عبد في إنشاء كلية السينما والتلفزيون المستقلة ببغداد بدعم من منظمات وهيئات دولية.

أتاحت هذه التجربة الفرصة لبعض الشبان كي ينجزوا مشاريعهم السينمائية، فحققت هبة باسم فيلماً تسجيلياً قصيراً بعنوان «أيام من بغداد»، نال جائزة من مهرجان «الجزيرة» في الدوحة، وجائزة أخرى من مهرجان روتردام، وعرض في مهرجانات دولية عدة مثل الاسماعيلية، وقرطاج، ولندن. وحقق مناف شاكر فيلم «صديقي عمر». بينما أنجزت كفاية الصالح فيلم «حوار»، في حين حقق ظافر طالب فيلمه «سيبدأ العرض»، ثم أنجزت ميسون الباجه جي فيلمها التسجيلي الطويل «عودة لبلد العجائب». ومن الأفلام العراقية المهمة فيلم ليث عبد الأمير التسجيلي «أغاني الغائبين»، الذي حصل على تنويه من لجنة التحكيم في مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية الأخير، وتم الاحتفاء بهذه الأفلام وغيرها في مهرجان الأفلام الوثائقية العراقية في لندن في أيار (مايو) الماضي.

على العكس من هذا يمكن القول ان المشهد مختلف على صعيد الفيلم الروائي الطويل، فقد حقق عدي رشيد فيلم «غير صالح» الذي عرض في مهرجانات عدة بينها مهرجـان «المدى» الذي أقيم في مدينة أربيل، بينما قام محمد دراجي بإنجاز فيلمه الروائي الطويل «أحلام» خارج العراق، وعلى رغم أن هموم السينما الكرديـة تـختلف في توجهـاتها وقضاياها عن هموم السينما العراقية، فإن تجارب سينمائية لافتة ظهرت في كردستان العراق، مثل فيلم «الكيلو متر صفر» للمخرج هـونر سليم الذي استمر عـرضه في المهرجانات الدولية، وكذلك فيلمه «فودكا بالليمون»،

في حين حقق المخرج لوند عمر فيلم «دموع بيخال»، بينما أثبت بهمن قبادي حضوراً مهماً في مهرجانات دولية عبر أفلام عدة، منها «نصف قمر»، و «السلحفاة أيضاً تستطيع الطيران». وبرزت كذلك تجربة المخرجة الكردية هنار فرهاد من خلال فيلميها «أكشن» و «الحيوانات»، كما عرض في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير الفيلم الكردي «العبور من الغبار» للمخرج شوكت أمين كوركي.

وتشير الأنباء الى أن حكومة إقليم كردستان تعتزم إنتاج فيلم يتناول حياة الزعيم الكردي الراحل الملا مصطفى البرزاني (والد مسعود البرزاني رئيس الإقليم حالياً) سيتولى إخراجه المخرج المصري علي بدرخان بمشاركة ممثلين عالميين.

المشهد السينمائي العراقي مبتور هذه السنة كما في السنوات السابقة: أفلام قليلة، وصالات سينمائية مغلقة باستثناء واحدة اسمها «أطلس» تعمل في بغداد وتعرض أفلاماً على أقراص (دي في دي) في ظل غياب معدات العرض السينمائية. كما أن كميات كبيرة من الفيلم الخام تعرّضت للسلب والنهب، وذوبت بقصد إخراج نترات الفضة منها وبيعها. تقول فتاة عراقية ان شقيقتها الصغرى البالغة من العمر سبعة عشر ربيعاً طلبت منها، لدى وصولهما، أخيراً، الى دمشق، الذهاب الى صالة عرض سينمائية كي تتعرف الى فن اسمه السينما لم تستطع أن تشاهده قط في بلدها العراق، ولعل هذه الواقعة البسيطة تختزل المشهد السينمائي العراقي خلال هذا العام، والأعوام القليلة الماضية!

الحياة اللندنية في 12 يناير 2007

 

سينماتك

 

نجمة فيلم «تقليد بيتهوفن» الآتية من عالم الموضة...

ديان كروغر لـ«الحياة»: حققت حلمي بالعمل مع ريتشارد غير

باريس - نبيل مسعد

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك