قليلة هي الأفلام الكردية، فهي لم تتجاوز العشرة لغاية الآن، إلا أنها تجد استقبالا كبيرا في المهرجانات الدولية، وتثير جدلا ونقاشا في رحلة مشاركتها وأثناء عرضها على الجماهير، ونادرا ما حدث العكس، ومع ذلك وبعيدا عن المضمون الذي قد نوافق عليه أو نرفضه، فإنها تكتسب قيمة كبيرة بما تقدمه من رؤية سينمائية مختلفة وتجارب جديدة تعرض الماضي الكردي برفقة واقعه ومن وجهة نظر أصحابه.

وفي ضوء ذلك لا يعد فيلم "عبور التراب" للمخرج الكردي "شوكت أمين كوركي" مجرد عمل سينمائي يطرح معالجة إنسانية لحادثة ضياع طفل عراقي يسمى "صدام" يجده مقاتلان من القوات الكردية، فلا بد من محاولة غوص أو استنطاق للفيلم، وما يطرحه من مواقف وتحيزات.

ومن ثم لا يكتسب الفيلم أهمية من تشابه اسم الطفل الضائع "صدام" مع اسم الزعيم المخلوع والمشنوق "صدام" بل من ذلك التداعي وتلك الحالة الإسقاطية والرمزية التي تضطلع السينما بدورها في ذلك بجدارة، إضافة إلى تلك المواقف التي رغب المخرج بتقديمها وتلك الصور التي رسمها عن غير طرف: أمريكيين، وعرب سنة، وأكراد أولا وأخيرا.

صدام وزاد ورشيد

ينطلق الفيلم من صباح أحد معسكرات القوات الكردية "البشمركة"، لنشاهد مقاتلين يتابعون عبر شاشة التلفاز عملية هدم تمثال صدام كدلالة على سقوط بغداد، فيما تتعالى صيحات الغناء احتفالا بسقوط "الطاغية"، فيما يكون على "زاد" و"رشيد" وسط أصوات القذائف إرسال وجبات الطعام للجنود الأكراد الذين يقاتلون إلى جانب قوات الاحتلال.

وأثناء رحلة سيرهما الخطرة يجدان طفلا صغيرا ضائعا يتورط "زاد" لاحقا به بعد أن يحاول جاهدا البحث عن أسرته؛ فالطفل يبكي، وهو جائع، والبلاد تشهد حربا، وهذا يدفعه لاصطحابه رغم رفض رفيقه "رشيد" الذي نرى عبر تتابع أحداث الفيلم أنه يكرهه ويحقد عليه لأسباب لها علاقة بمذبحة الأنفال التي قتل فيها أفراد قريته وخرج من الحادثة بعاهة في ساقه.

في الطريق يكتشفان أن اسم الطفل "صدام" وهو أمر يصيب "زاد" بحالة من الضحك الشديد فيما "رشيد" يتضاعف كرهه وغضبه الذي نراه في تلك المعاملة الخشنة والنظرات الحاقدة التي يرمقه بها.

يحاولان نقله إلى مقر القوات الأمريكية التي ترفض استقباله، فيأخذانه إلى إمام أحد المساجد ولكنه يرفض تسلمه أيضا. وعلى صعيد مواز يقوم والدا الطفل بالبحث عنه في كل مكان دون جدوى، فيشعر الأب بالندم لأنه أطلق اسم "صدام" على ابنه الذي يُأخذ بلعنه، وصدام لائما زوجته على هذا الاسم متعهدا بتغييره إذا ما وجده حيا.

وفي أثناء عملية البحث التي يقوم بها الجنديان الكرديان تسرق شاحنتهما العسكرية، وما يلبثان أن يقعا في كمين نصبه لهما "فدائيو صدام" فيقتل "زاد" أثناء ذهابه لتوصيل الطفل الذي يختطفه فدائيو صدام الذين ما يلبثون ويتركونه في أحد الشوارع الخطرة. وفي تلك الأثناء يهرب رشيد عائدا إلى معسكره برفقته جثة صديقه باكيا عليها ليجد الطفل أمامه، وبعد تردد قليل يقرر التوقف وأخذه معه.

سينما الواقع

بتلك المشاهد ينتهي الفيلم الذي يعد نموذجا من أفلام الطريق وأفلام سينما الواقع معا، فالفيلم وفي زمانه الواقعي مدته نهار كامل، تبدأ أحداثه مع الصباح وتنتهي في المساء مصورا أحداثه أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

والعمل عبارة عن فيلم طريق، فهو رحلة مجندين من معسكرهم إلى حيث يوجد المقاتلين من كتيبتهم، وهو من أفلام سينما الواقع التي تتناول قضايا واقعية بالاستناد إلى معطيات حقيقية من أحداث وأماكن تصوير وإمكانيات فنية وما يجري على أرض المعركة فعليا.

لكنه ومع ذلك جاء محملا بالكثير من الصور والمواقف السياسية التي حاول المخرج مزجها عبر قصة إنسانية عميقة بشكل نمت فيه القصة الإنسانية وسط مناخ سياسي آني يتمثل في حالة الحرب التي ما زالت تجد لها تداعيات خطيرة، ومناخ سيئ هو جزء من الماضي عبر مشاهد "الفلاش باك" التي استحضرها "رشيد" الناجي من مذبحة الأنفال التي تعرضت لها قرى كردية عام 1987.

إدانة صدام

الفيلم يقدم إدانة لصدام الذي يظهر فيه مسئولا عن "مذبحة الأنفال"، ولا يتوقف الأمر هنا بل تمتد جرائمه لتترك أثرها السلبي على الطفل "صدام" الذي يتعرض لمعاملة سيئة من قبل رشيد لتشابه الاسم، ولكونه عربيا أيضا.

كما يقدم العمل صورة سيئة تماما لـ"فدائيو صدام" فيبدون مجرمين أكثر من كونهم مقاتلين ومدافعين عن بلدهم، يتخفون بملابس نسائية من أجل قتل أعداء النظام من الأكراد، ولا يترددون عن ترك الطفل الضائع بلا رحمة أو شفقة في مكان خطر في سبيل تنفيذ أوامر القيادة، وهي رحمة وشفقة يتحلى بها "رشيد" حتى بعد أن يقتل "فدائيو صدام" رفيق سلاحه "زاد"، فيأخذ الطفل "صدام" بغرض حمايته من الخطر والبحث عن أهله.

ولا يحاول الفيلم أن يقدم أي إدانة للاحتلال، فالجندي الأمريكي، كما ظهر، هو جندي متأهب للرد على النار التي تطلق عليه، فيما هو مسالم لا معتد، يحمي نفسه، وتواجده في المنطقة آني مرتبط بحفظ الأمن والنظام وقتل "فدائيو صدام".

وسيبدو الفيلم محملا بشحنات كبيرة من الالتباس، فبالمقارنة مع الواقع نلحظ التناقض، فصدام في الفيلم هو معادل لشعب العراق، وهو ضحية بمقدار ما هو مذنب، ويستحق تلك المعاملة السيئة من "رشيد" لتشابه الاسم، ومع ذلك يحدث التحول في مشاعر الكره والحقد، وتذوب أمام هذه القصة الإنسانية لتتوحد تماما، وهذا ما لا نرى له أثرا على أرض الواقع، فكردستان بمثابة دولة انفصلت تماما عن العراق أو كادت تاركة إياه في بحر الفتنة والطائفية.

كما يقع الفيلم في أخطاء على صعيد بعض الأحداث التي يسوقها لتعزيز الموقف المدين لصدام ومغازلة المشاعر الكردية فهو يعرض مجموعة كبيرة من الأكراد يحفرون بحثا عن مقابر جماعية لأقاربهم في وقت ما زالت الحرب على أشدها.

اللغة الجديدة

ويحسب للفيلم إتقانه اللعب على التناقضات الإنسانية وتحولها بفعل تطور الأحداث، فرغم أن الجنديين يشتركان في كرههما لصدام نجد أن "زاد" الذي قتل أخوه من قبل يتعاطف سريعا مع الطفل رغم كونه لا يتكلم العربية مطلقا، بعكس رشيد الذي يتقن العربية ولكنه يرفض الحديث بها إلا عند الضرورة.

فاللغة- وبما تحمله من علائقية مع المجتمع وأفراده في حالة "رشيد"- نلحظ أنها لم تكن محركا في التقارب الإنساني وربما كانت عاملا سلبيا بناء على الخبرات السابقة التي تشكلت في عهد صدام "المجرم" لتأتي الأحداث الأخيرة وبما تحمله من ألم جديد بمثابة تحول في هذه العلاقة وفي نمطها بسقوط نظام البعث.

ومن هنا قد يبدو الفيلم محاولة مصالحة كردية عراقية جديدة بناء على ما هو موجود على أرض الواقع من تقسيم للعراق.

قفلة رومانسية

ينتهي الفيلم بعد أن يصعد الطفل الشاحنة العسكرية التي يقودها "رشيد" عائدا إلى معسكره بجثة زميله "زاد" وسط سقوط مطر شديد لا يكسره إلا موسيقى حزينة وشفافة تخترقها نظرات الطفل صدام إلى "زاد" متمددا في دمه وعلى وجهه ابتسامة رضا.

وهنا يتخيل الطفل أن "زاد" الذي أحبه وأنقذه ومات في سبيله ما زال حيا؛ فيظهر "زاد" عازفا بنايه في دلالة رمزية بمسحة رومانسية على أن اللحن الكردي مستمر كناية عن المستقبل الجميل الذي سيأتي رغم تضحيات الأكراد الكثيرة فيما أخذت تتشكل ابتسامة رضا على شفتي الطفل.

لكن الفيلم فيما يبدو وأمام هذه النهاية ينسى واقع حال العراق اليوم الذي يغص في الجثث والموت وأخبار القتل الطائفي، والسبب في ذلك احتلال انتزع من بلد سلامها، ومع ذلك لم تطله سهام الإدانة والتجريم.

ويبقى سؤال مهم: هل يموت الكردي من أجل العراق كله؟ ربما، ورغم أنه سؤال يؤكده الفيلم لكن الواقع السياسي لا يمت له بصلة، وإن تفتقت الخطط الأمريكية الجديدة عن مشاركة 20 ألف جندي كردي في حماية بغداد وتطهيرها من "الإرهابيين".

ومن الجدير بالذكر أن المخرج "شوكت كوركي" من مواليد عام 1973 في مدينة زاخو بكردستان بالعراق، وقد اضطرت عائلته للهرب إلى إيران عام 1975 بعد اضطهاد تعرضت له، وظلت هناك حتى عام 1999.

ويعتبر فيلم "عبور التراب" أول أعماله السينمائية الروائية الطويلة، وهو من إنتاج شركة نارين للإنتاج الفني، وبالتعاون مع وزارة الثقافة الكردستانية والفضائية الكردستانية. وقد سبقه أعمال سينمائية قصيرة منها "البالونات تطير" عام 1997، و"المصيدة" الذي حصل من خلاله على جائزة أفضل فيلم إيراني في هذا العام.

ويذكر أن أول فيلم كردي أنتج بعد سقوط العراق في عام 2003 كان للمخرج "هونر سليم" وعنوانه "كيلومتر صفر" وكان قد أثار جدلا واسعا بفعل الموضوع الذي تناوله أيضا.

**ناقد فني، ومحرر في نطاق "ثقافة وفن" في شبكة إسلام أون لاين.نت.

إسلام أنلاين في 10 يناير 2007

 

مغامرة السينما بين الابداع والذاكرة

"وات اي وانديرفول وورلد" شريط مغربي بنكهة اوروبية

باريس ـ من هدى ابراهيم  

بن سعيدي يعرض بذكاء وخفة لكل كليشيهات ومحرمات المجتمع المغربي مثل الجنس وادمان الكحول والهجرة السرية وغيرها.  

يكون المخرج المغربي فوزي بن سعيدي في شريطه السينمائي الطويل الثاني "وات اي وانديرفول وورلد" (ما اجمل العالم) الذي يخرج الاربعاء الى الصالات الفرنسية عالما خاصا تدور احداثه في مدينة الدار البيضاء حيث يعرض بذكاء وخفة لكل كليشيهات ومحرمات المجتمع المغربي.

ويقول المخرج عقب العرض الخاص الذي قدم لفيلمه الثلاثاء في باريس "السينما شكلت شيئا اساسيا في مراهقتي وكما يمكن للمرء ان يتكلم عن ذاكرته طفلا في القرية يمكن لي ان اتكلم عن مراهقتي في قاعات السينما".

ويخضع الفيلم وهو من انتاج فرنسي مغربي الماني مشترك الى نوع الكوميديا السوداء لاساليب ورؤى مختلفة خاضعة لترانيم ذاكرة سينمائية انبنت باكرا عند المخرج الذي كان يشاهد خلال فترة مراهقته ثلاثة افلام في اليوم.

ويبدو ان المخرج المغربي الابرز في جيله والاكثر شهرة عالميا من بين المخرجين المغاربة قطع شوطا كبيرا بعد "الف شهر" فيلمه الاول في تفكيره بالسينما وهو هنا بدا متحكما بلحظات فيلمه جميعا ومتمتعا اكثر بخصوصية لغة نجح الى حد كبير في تكوينها بل اعادة انتاجها من ذاكرة السينما التي اختبرها.

وتستند كل العناصر والاساليب المركبة داخل الفيلم الذي اخذ عنوانه من اغنية للويس ارمستورنغ الى مرجعيات واعية او غير واعية لدى المخرج تذكر باعمال عمالقة السينما الكبار مثل هيتشكوك وفلليني وجاك تاتي والياباني غيتانو او بريان دي بالما.

ويقول المخرج "اعتقد ان هذا الفيلم اقرب الي من فيلمي السابق على مستوى ما اريد فعله وقوله في السينما وفيه مقاربة لافلام النوع كافلام البولار والكوميديا السوداء والافلام الساخرة وقد تسليت كثيرا في عمل فيلم منفتح على التجريب وهذا كان موجودا وان على نحو اثل في فيلمي السابق (الف شهر)".

ويضيف بن سعيدي بصدد ما اعتبره بعض النقاد في المغرب مغامرة "الاحساس الذي رافقني من بداية الفيلم وبقي معي حتى النهاية هو احساس تام بالحرية وبدون اقامة اعتبار لاي شيء او لصعوبة الفيلم الثاني ومسيرتي بعده".

احداث الفيلم عامة تنسج حول قصة حب تدخل على عالم الشباب من الفقراء الذين يعيشون في مدينة مفتوحة على تكنولوجيات المعلوماتية والاتصال لكنها في عمقها تظل مدينة شمال افريقية قائمة في العالم الثالث وناسها فقراء تسكنهم احلامهم ومحاولاتهم المتكررة لتخطي واقعهم المحدود.

وينمو الشريط بشكل عرضي وليس بشكل عمودي متسلسل وتقل فيه العبارة التي تسجل وتعود في حركة تلتف على نفسها كما الفيلم الذي يشبه حركة السير الملتفة في اضخم ساحة في العاصمة وتتولى تنظيمها شرطية شابة ليست سوى حبيبة بطل الفيلم كمال القاتل.

الشرطية كنزة (تؤدي دورها نزهة راحيل) تؤجر هاتفها النقال كي تكسب بعض المال لتكفي نفسها في بلد لا يكفي فيه راتب الشرطية لمعيشة الشهر، اما كمال (فوزي بن سعيدي) الذي يبرع في تنفيذ عمليات قتل بالاجرة فيقع في حب كنزة ويسجل صوتها على الهاتف حين تجيب باستمرار مكان صديقتها سعاد.

وتبيع سعاد (فاطمة عاطف) جسدها بين حين وآخر لتستمر في العيش وتحاول التذاكي على الرجال لكسب المال.

من خلال هذه الشخصيات يعرض بن سعيدي بذكاء وخفة لكل كليشيهات ومحرمات المجتمع المغربي مثل الجنس وادمان الكحول والهجرة السرية وغيرها.

هذه الحالات يصورها فوزي بن سعيدي في فيلم ينتمي خال او يكاد من العبارة التي كثيرا ما تظهر مسجلة وتتكرر وتعود لتلتف على نفسها متسائلة عن معنى الحب وتاتي الموسيقى في الفيلم وعلى طول الشريط لتكمل الفعل وتكمل الحركة وتتواءم معها.

ويفرد فوزي بن سعيدي في الفيلم حيزا كبيرا للموسيقى التي تواكب لحظات الفيلم جيمعا او يكاد "الفيلم قريب من نوع الكوميديا الموسيقية. حضرت بعض المقطوعات الموسيقية خلال كتابة السيناريو ثم تمكن كل من جان جا هيرتز وفرانسوا روا من اختزان الاساليب المتعددة للفيلم والاستفادة منها في عملية التأليف.

"وات اي وندفول وورلد" فيلم غير معهود في السينما المغربية او العربية لكنه يتعاطى مع عالم من الحداثة الذي تحتويه مدينة الدار البيضاء وايضا هذا الجانب المتعلق بالماضي والعالق في جنبات المدينة المتروكة بعيدا عن الساحات الكبيرة والمجمعات التجارية وحيث الامكنة كما البشر تم التخلي عنها من الجميع.

وكان هذا الفيلم خرج الى الصالات المغربية الشهر الماضي ولقي ترحيب عدد من النقاد ودخل اسبوع عرضه الرابع: "فيلمي لا يترك احدا محايدا فاما ان يدخل المشاهد اليه ويحبه واما ان يبقى خارجه ويرفضه. لكن استمراره في الصالات يعني ان له جمهوره" يقول المخرج.

واضافة الى فرنسا فان فيلم "وات اي وندرفول وورلد" بيع الى ثمانية بلدان اوروبية لغاية الآن.

وبرز فوزي بن سعيدي منذ اخراجه لاول فيلم قصير له "الصخرة" عام 1997 وقد حاز الفيلم على 23 جائزة اوروبية وعالمية وبعده تابع المخرج مسيرته السينمائية محققا شريطين قصيرين هما "الحائط" الذي حاز جائزة في كان و"طرق" الذي حاز جائزة في مهرجان البندقية.

ثم اخرج فوزي بن سيعيد فيلمه الطويل الاول "الف شهر" الذي عرض عام 2003 في اطار "نظرة خاصة" في مهرجان كان السينمائي ونال جائزتين موازيتين هما جائزة الشباب وجائزة تربوية كما وزع في عشرة بلدان.

وعمل فوزي بن سعيدي قبل ذلك في المسرح كمخرج وممثل كما مثل ادوارا اخرى في السينما المغربية وشارك عام 1999 في كتابة سيناريو فيلم "بعيدا" للمخرج الفرنسي اندريه تيشينيه.

ميدل إيست أنلاين في 10 يناير 2007

 

من نجوم السينما الالمانية.. كلاوس كنسكي

بدل رفو المزوري  

ولد الفنان نيكولاوس كونتر كارل ناكسينسكي في 18/10/1926 في مدينة سوبوت الألمانية، كان والد كلاوس صيدليا اسمه برونو ناكسينسكي اما والدته فكانت ممرضة، في عام 1930 رحلت عائلته الى برلين لتستقر هناك.

بعد الحرب العالمية الثانية لعب كنسكي اول ادواره المسرحية على خشبة مسرح مؤقتة في معسكر أسرى الحرب(معسكر 180 في بيرجورج ـ هوبل عند كولجيستر في بريطانيا العظمى)

لقد عرف كنسكي على خشبة المسارح المتجولة آنذآك فقد كان وحده بطل المسرحيات كلها والتي قدمت آنذاك في المدن الكبيرة مثل برلين،ميونيخ،فيننا.

 في عام 1953 سافر الفنان متجولا في المانيا وهو ينشد لكبار الشعراء والادباء ( ارتور ريمبو، فرانسو فيون-والذي يشعر نفسه بالاقرب اليه روحيا -، فردريك نيتشه، كورت توخوسكي والعهد الجديد، أناشيده كانت من اعمال غوتة،شيللر، بريخت،ونشرت في اكثر من 25 اسطوانة.

لقد كانت علاقته مع المخرج فيرنر هيرتسوك علاقة معقدة فلقد كانت تظهر عليه مشاعر المحبة والبغض نحو المخرج فيرنر هيرتسوك.

من خلال عمل كلاوس كنسكي مع المخرج فيرنر هيرتسوك أنتجا مجموعة كبيرة من الأعمال منها أكير ـ غضب الله (1972)،نوسفيراتو، شبح الليل(1978)، فويتزك(1978)، فيتسكا رالدو(1981)، الافعى الخضراء(1987)، واما الفلم الوثائقي أحب أعدائي 1999 بيرسم العلاقة بين الفنانين الكبيرين.

لقد كان كلاوس كنسكي كثيرا ما يجسد دور الشرير ودور المريض النفسي وكان يؤكد هذه الصورة بظهوره الغير تقليدي في الحياة العامة... فقد نال شهرة كبيرة في قناة ( ف.د.ر) الالمانية بعرضه في برنامج كلما تأخر الليل والذي لم يجب فيه كنسكي سؤالا واحدا لمقدم العرض.

كانت طفولة الممثل فقيرة جدا واستمرت هذه المرحلة الى شبابه وعندما بدات شهرته وبدا يحصل على أموال كثيرة كان يتصرف برعونة مع هذه الأموال. الممثل مثل ايضا الكثير من الادوار السينمائية تحت ضغط الحاجة المادية، هناك مثلا العديد من الدوار الغير جيدة في ألإلام جنس ورعب تجارية بحتة.

في عام 1989 انتهى من عمله السينمائي الاخير وهو اقرب عمل له الى شخصيته وكان تحت عنوان( كنسكي بكنيني) وقد رفض المخرجون والمؤلفون العمل معه في هذا الفلم فلذلك قام كنسكي باخراج وكتابة وتمثيل الفلم بنفسه بمساعدة مخرج ايطالي غامض.

حتى ان صديقه ومخرج معظم أفلامه المخرج فيرنر هيرتسوك رفض العمل معه في هذا الفلم بسبب عدم قابلية النص للاخراج السينمائي وبعد هذا الفلم بفترة قصيرة توفي الممثل دون ان يشهد عرض فلمه الأخير.

بعد موت كنسكي وفي نهاية التسعينيات تم عرض فلمه الأخير في صالات اوربا وكذلك قامت شركات "دي في دي" بطبع افلامه وبيعها.

مما يذكر ان الممثل قد مثل ايضا بعض أفلام رعاة البقر الأمريكية المعروفة بأفلام الكابوي بجانب كبار السينما العالمية ومنهم "كلينت ايستوود"، "لي فان كليف"، " جورج مارتن" و اخرون.

من الأفلام التي مثلها الممثل الألماني كلاوس كنسكي كانت (لودفيك الثاني، المنتقم،النشوة الحمراء، فينيتو ـ الجزء الثاني،دكتور جيفاكو،ذهب سانتك كوبر،شيطان الانتقام،كوبرا فيرد، كنسكي بكنيني) وافلام اخرى كثيرة تجاوزت 54 فلما سينمائيا ليضيف كثيرا الى السينما الألمانية التي تعتبر كلاوس كنسكي أحد أبطالها الخالدين.

موقع "إيلاف" في 10 يناير 2007

الفيلم الأمريكي "الإجازة/The Holiday"

كيف تفتح صفحة بيضاء مع السنة الجديدة؟!!

تطور ملموس للمخرجة الأمريكية نانسي مايرز

تقدمها : د. نهاد إبراهيم 

كيف يبدأ الانسان سنة جديدة إذا كان لم ينه متعلقاته مع السنة القديمة بعد؟! فالأيام مثل دفتر الأحوال.. كراساتها تبدو منفصلة. أوراقها مبعثرة في حالها وكأنها لم تتشرف بمقابلة بعضها من قبل. لكن الحقيقة ان كل الأوراق بسطورها وفراغاتها وبياضها وأحبارها وأسرارها متآمرة جميعا علي الانسان تدون له وعليه الصغيرة قبل الكبيرة. وأمامه خياران إجباريان.. إما أن يحل المشكلة. وإما أن يتركها تتعقد أكثر لتلاحقه في السنة التالية دون كسل أو ملل!

وبدلا من التعامل مع أحوال الانسان في كل مكان. من الافضل تخصيص مجهوداتنا لرصد وتحليل الحياة المرتبكة التي يحياها رباعي أبطال الفيلم الأمريكي "الإجازة/The Holiday" إنتاج عام 2006 ومن إخراج نانسي مايرز. هذه السيناريست والمخرجة الامريكية المتميزة التي قدمت من قبل ثلاثة أفلام ناجحة كمخرجة وهي "مصيدة الآباء" 1998 و"ماذا تريد النساء" 2000 و"مجنون في الحب" 2003. بالاضافة إلي أعمالها الأخري التي تولت فيها مهمة كتابة السيناريو والإنتاج. وجدير بالملاحظة هنا ان منحني النجاح لهذه الفنانة يرتفع بثبات وبخطوات واسعة. فبمرور الوقت تكتسب القوة والثقة والقدرة وبراح الخيال وملكة القبض علي أدق التفاصيل الصغيرة. وتوظيف ما حولها كعلامات مرئية سمعية تحمل الكثير من الدلالات والاحالات. باستخدام منهج تقني يتعامل باحترام ووعي وتواضع وصداقة مع الدراما المطروحة لتقديم رؤية إنسانية جريئة لا تخاف من المكاشفة. وتعرف هدفها جيدا ووسائلها للوصول إلي ما تريد ببساطة وهدوء وقوة دفع من المشاعر القوية التي تفرج عن نفسها في كل فيلم أكثر من سابقه.

نهاية ساخنة..

في البداية نقول إن هذا الفيلم يعد من أرقي الأعمال التي تم عرضها في السوق السينمائي المصري عام .2006 فهناك أفلام نصفها بالممتعة وأخري نصفها بالقوية. لكن هذا الفيلم نجح في أغلب الأحوال ان يبقي المتلقي في مقعده يقدم له منظومة محكمة من الكوميديا والعلاقات الانسانية العميقة والتركيبات النفسية المتعددة الطبقات والأسرار والدهاليز والتفسيرات. مما جعله يجمع بين القوة والمتعة فأصبح في النهاية فيلما يتميز بالذكاء الفني في الطرح والمعالجة والتقنية. وإذا كان هناك الكثير من مناطق القوة في هذا الفيلم. فعلينا العثور علي نقطة بداية حتي نركز مجهوداتنا في ملء سلة واحدة مع كثرة الشخصيات والأماكن والأزمنة. وقد وجدنا مفتاح البداية في قدرة سيناريست ومخرجة هذا الفيلم علي رسم ردود أفعال الشخصيات بحساسية ومكر تحسد عليهما. وهو ما ساهم في رفع مستوي العمل وبالتالي استقبال وتواصل جموع المشاهدين حولنا للعديد من تفاصيله الصغيرة باندماج واضح وانسجام متفرج يبحث عن الفن الجميل..

ليس المهم هو كم الخيوط في العمل. بل الأهم هو كيفية إسدالها بالتدريج وبانتظام.. في البداية أوهمتنا السيناريست والمخرجة نانسي مايرز ان الكاتبة الصحفية الانجليزية الشابة أيريس "كيت وينسليت" هي وحدها بطلة هذا الفيلم. لأنها تسرد لنا بصوتها آراءها المتعددة عن علاقات الحب بمختلف الأشكال والأحوال. لكنها توقفت كثيرا بكل تصميم وحزن علي نوعية الحب من طرف واحد. وكيف أنه بأختصار شديد جدا عذاب في عذاب إلي الأبد.. ويعد لحظات معدودة في هذا الفيلم الذي يحافظ علي إيقاعه الداخلي باهتمام من البداية إلي النهاية. أدركنا بالتجربة العملية ان الفتاة الجميلة أيريس لم تكن تكتب من الخيال. بل كانت مرارة كلماتها مستقاة من تجربتها الواقعية في حبها الرهيب لزميلها الكاتب والمؤلف الانجليزي جاسبر "روفوس سيويل" الذي حيرنا لحظات في كيفية استقباله لفيضان هذه المشاعر الكريمة جدا.. ومن خلال عدد قليل من المشاهد أكثرها صامت يراقب النظرات والهمسات واللمسات والأفعال وردود الأفعال بين أيريس وجاسبر واصدقائهما وزملائهما أثناء حفل الكريسماس المقام بمقر عملهما في انجلترا. قدمت لها المخرجة نانسي مايرز ما يشبه فيلما روائيا قصيرا مع مدير التصوير دين كاندي ومونتير جو هاتشنج والمؤلف الموسيقي هانز تسيمر. وراحوا جميعا يتنقلون بين هنا وهناك من وجهة نظر أيريس المحبة الحزينة المترددة الصامتة. يقدمون لها كل الدلالات البصرية والسمعية في التعاطف والتوحد. مع ترك مساحة بسيطة مؤثرة غير محسوسة للتعامل مع الأمر ببعض الموضوعية بعيدا عن قيود التوحد الكامل الذي يحجب الحقائق. حتي نري الصورة من بعيد علي حقيقتها مثل الكثيرين ممن حولها. وأخيراً انقلب الاحساس إلي أمر واقع وحدث ملموس. عندما تم إعلان خطوبة جاسبر علي زميلة أخري في العمل لا نعرفها ولا يهمنا معرفتها علي الملأ. لتخترق الكاميرات أيريس التي تقف مصدومة وحيدة معزولة وسط حشود البشر التي لا تراها. وتختفي لتغرق في دموعها تشيعها نظرات جاسبر المحيرة. لينتهي هذا الفيلم الروائي القصير جدا نهاية ساخنة جدا..

نفس القصة..

حتي هذه اللحظة كنا نعتقد ان بطلي الفيلم هما أريس وجاسبر وأننا سنظل قابعين بين معالم إنجلترا لنتعامل مع الطبيعة الانجليزية الصرفة. وإذا بالمونتاج ينقلنا نقلة فجائية حضارية بدون أي سابق إنذار لنجد أنفسنا داخل منزل ثري تماما ونكتشف أننا داخل الولايات المتحدة الأمريكية. وأننا نشهد علي معركة ساخنة تلقي فيها الشابة الجميلة أماندا "كاميرون دياز" بكل متعلقات حبيبها من أحذية وملابس وخلافه في وجهه. وهي تصرخ فيه بأعلي صوتها تتهمه بخيانتها مع موظفة صغيرة جدا عندها وتطرده من منزلها الرهيب شر طردة. وتتواصل المعارك عبر الحجرات وعلي السلم وعبر البلكونات وعلي حشائش الحديقة لتخبرنا في النهاية أن أماندا شخصية حادة جداً معتادة علي فشل علاقاتها الغرامية. فهي لا تلتفت إلي نفسها ولا تبرع في الحب. بقدر براعتها في مهنتها وإدارة شركتها لتصميم إعلانات الأفلام السينمائية الأمريكية. كما انها مصابة بنوع غريب جدا من جفاف العواطف. ينعكس لا إرادياً علي جفاف دموعها التي لم تنهمر من عينيها منذ سنوات طويلة توازي نصف عمرها تقريبا. أي حجر كبير يقف في طريق إنسانيها بهذا الشكل المتوحش؟!! وكالعادة انتهت المعركة الكلامية نهاية ساخنة جدا. وتكررت نفس القصة وأسدل الستار علي الفيلم الروائي القصير الثاني. حتي توقفنا بيننا وبين أنفسنا لحظات لنتساءل.. ماذا تريد منا نانسي مايرز وإلي أين تأخذنا؟؟

قبل ان تجيبنا أحداث الفيلم علي هذا التساؤل. نضع أولا بعض الخطوط الحمراء التي ستظل علامة فارقة معنا حتي نهاية العمل وستريحنا من الإسهاب في تفاصيل كثيرة.. فالانتقال بين هذين العالمين بقدر ما كان يحمل خطوطا درامية مشتركة. بقدر ما يحمل ايضا خطوطا مختلفة أساسية تنبع من اختلاف بنية التركيبة الدرامية بين أيريس وأماندا من ناحية. وبين جاسبر والحبيب المطرود من ناحية ثانية. كما ان المخرجة تعاملت بحرفية عالية طبقا للفارق التلقائي بين طبيعة ومتطلبات ومستلزمات وواجبات وأجواء وروح البيئة الانجليزية والبيئة الأمريكية.. ففي الكادر الإنجليزي تمهلت الكاميرات كثيرا مع أيريس وتفاهمت مع المونتاج علي عرقلة الايقاع احتراما لأحزانها ومشاعرها. وصاحبتها موسيقي شجية حانية تنامت مع إيقاع كلماتها المتأني نوعا ما والمهذبة الألفاظ كثيرا. مستغلة المساحة الكبيرة التي منحتها لها أيريس الغارقة في صمتها وتأملاتها معظم الوقت. أما في الكادر الأمريكي فقد انقلبت كل هذه الأدوات إلي مترليوز لا يهدأ. وتعب الكل كثيرا في ملاحقة المعركة الضارية الدائرة علي أشدها بين الحبيبيين بمنطق الايقاع الأمريكي الشديد. ومعها تراجع مستوي الكلمة المنطوقة بعض الشئ وفاضت بالكثير من الشتائم والأوصاف الضرورية لمثل هذه المعارك.. وبصعوبة بالغة حاولت الجمل الموسيقية العثور علي أي ثقب إبرة لتتنفس وتسمعنا صوتها. لكن هيهات إذا كانت أماندا تتكلم بسرعة مليون كلمة في الدقيقة حتي أنها تقريبا لا تسمع نفسها! وهنا نصل إلي أهم مساحتين مشتركتين بين المشهد الانجليزي وقرينه الأمريكي.. فالجميلة أيريس والجميلة أماندا اللتان لا تعرفان بعضهما البعض تتمتعان بشخصية قوية مؤثرة تماما إلا قليلاً. وهذ النقص يؤدي بنا بالتبعية إلي النقطة الثانية أي السبب وهو انقطاع الصلة بين كل واحدة منهما وبين نفسها. فهي لا تسمعها ولا تراها ولا تكلمها ولا تصادقها ولا تعترف بمنطقة ضعفها ولا تستمتع بمنطقة قوتها..

مفتاح الحياة

طالما وصلنا إلي هاتين النقطتين بالتحديد. نستطيع قبول مصادفة تبادل أماندا وأيريس محل إقامتهما علي مدي أكثر من أسبوع عبر الإنترنت. ودخول كل واحدة منهما في تجربة مختلفة تماما مع بشر جدد حتي تعود إلي نفسها من جديد.. فالمسألة إذن ليست مجرد تبادل أماكن. لكنها لم تكن تصلح من الأصل إذا لم تتوفر خطوط مشتركة بما يكفي بين العالمين. حيث اتضح في النهاية ان السيناريست والمخرجة نانسي مايرز سعت من خلال الفيلمين الروائيين القصيرين في البداية إلي خلق فيلم روائي طويل واحد. وسعت بعدهما من خلال تبادل أماندا وأيريس عالمهما إلي خلق عالم كبير واحد بطله هو الانسان أولا وأخيرا. مع الأخذ في الاعتبار ان كل بطلة استعانت دون أن تقصد من جراب طبيعتها وبيئتها وثقافتها لتؤثر وتتأثر بالبيئة المغايرة من حولها. لكن تظل قوة شخصية كل منهما هي الطاغية وتحتاج فقط إلي مفتاح حياة يفك شفرتها.. وقد وجدت أماندا مفتاح شخصيتها في يد وقلب الشاب الوسيم جراهام "جادلو" شقيق أيريس الذي لم يعرف عن امر تبادل المنازل شيئاً. ونشأت بينهما علاقة متدرجة شديدة الجاذبية من الحب عرفت أماندا في النهاية أنه عاطفي جداً أرمل ولها ابنتان ويبكي بغزارة. وعرف جراهام ان أماندا أغلقت بالضبة والمفتاح علي مشاعرها ودموعها وضعفها من يوم انفصال والدها المفاجئ عن والدتها. إذ يبدو ان صدمة الفراق جففت كل الأخضر واليابس من داخلها وهي لا تدري. أما في مشهد أيريس في بلاد الأمريكان فقد جاءها المفتاح علي مرحلتين متداخلتين. الأولي عن طريق الجار العجوز والسيناريست القديم آرثر "ايلي والاش" الذي اعتزل واعتكف ولا يريد حتي الاستجابة لحضور أي حفل تكريم بدعوي العزلة وهو في الحقيقة خائف من المواجهة. والثانية عن طريق المؤلف الموسيقي مايلز "جاك بلاك" صديق حبيب أماندا المطرود الذي اكتشف خيانة صديقته. ووقع في غرام أيريس دون ان يدري وإن كان ببطء شديد علي الأقل مقارنة بعلاقة أماندا وجراهام في المدينة الانجليزية الصغيرة داخل كوخ أيريس الجميل. أخيراً تخلصت أماندا من عقدة غدر الفراق المفاجئ. أخيرا تخلصت أيريس من عقدة جاسبار الذي يلاحقها ويستغلها أسوأ استغلال لصالح كتبه ومؤلفاته. وأخيرا سكتت أماندا وتكلمت أيريس!

في مثل هذا الفيلم الذي يستحق في واقع الأمر دراسة منفصلة وليس مجرد مقال مهما طال. لا نستطيع مطلقا إغفال الدور الايجابي الفاعل الذي لعبه تصميم ملابس مارلين ستيوارت وتصميم ديكور الرباعي سيندي كاروال هويس وأنا بينوك وديفيد سميث. وكيفية مواءمة الخطوط والموديلات لطبيعة الشخصية علي حقيقتها بما جعلها تبوح بالكثير عن صاحبتها وزادت الصورة ثراء وقوة. لكن ما فائدة تصميم جميل لا يستطيع المخرج توظيفه والإعلاء من شأنه حتي يبقيه حيا مؤثرا طوال الوقت؟ من هنا نعود مرة أخري إلي وصف الفيلم الذكي الذي أطلقناه علي هذا العمل. ونتوقف أمام مثلين صغيرين لبيان ردود أفعال الشخصية المختلفة دون أدني تحكم أو مصادرة أو قصدية استعراض.. فعندما استيقظت أيريس بمنتهي النشاط في فيلا أماندا بمنتهي السعادة والحيوية والنشاط لتبدأ يوما جديداً . فوجئت بجانبها بمظروف قادم من حبيبها السابق الغادر جاسبر الذي يلاحقها في كل مكان. فما كان من أيريس إلا أن انزلقت في الفراش مرة أخري وأسدلت الستائر وأطفأت الأنور دون ان تنطق بكلمة واحدة. لينتهي يومها قبل ان يبدأ وتنطلق معها ضحكات المتفرجين حولنا متفاعلين مع هذا الاختيار الذكي من السيناريست لتجسيد هول الصدمة العنيفة.. وعندما شدت أماندا الرجال لتعود إلي بلادها وهي وتجلس وحيدة في التاكسي تاركة حبيبها جراهام خلفه مباشرة. لم تجد كلمة حب صريحة بسيطة أجمل من دموعها التي سالت وحدها بكل هدوء بعد صيام طويل. ليمطر كل سحاب الدنيا في عينيها وحدها وتغلق صفحة الماضي البعيد. لتبدأ صفحة جديدة بيضاء بنقاء قلب الثلج الأبيض

شاشتي في 11 يناير 2007

 

سينماتك

 

"عبور التراب".. الأكراد يعيدون "صدام" الضائع!

سعيد أبو معلا

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك