بكى يوسف شاهين عندما أنهى تصوير مشهد "هاملت" في فيلمه "اسكندرية نيويورك". هاملت هو صورته الغائبة في المرآة. ظل يلهث وراءه من فيلم إلى فيلم.. في "اسكندرية ليه" كان حلمه اخراج فيلم عن سيرة امير الدانمارك المتردد.المعذب.الباحث عن نفسه وسط صراعات العائلة من اجل السلطة. مصير قلق بين مناخ حروب ودماء وخيانة. وقالت له الممثلة المسرحية: "هاملت ده هايجننك".. هاملت كان موجوداً ايضاً في الاختيار وحدوتة.. وفي عودة الابن الضال.. وفي اسكندرية نيويورك كان المشهد الاول بين "جو" وعبد الحي اديب مؤلف فيلم باب الحديد عن حلم كل منهما بهاملت.. والثاني بين احمد يحيى ومحمود حميدة على خشبة المسرح القومى.. اما بعد البكاء فيبقى ما قاله مساعدو يوسف شاهين من ان هاملت هو فيلمه القادم. هاملت هو الصورة الجديدة ـ القديمة. صورة بحث عن ذات غارقة بين اطلال مشاريع كبرى خاسرة.

مهارة الوجود في كوكتيلات الطبقة العليا

كان يوسف شاهين يخجل من حذائه المقطوع. هوالفقير بين ارستقراطية الاسكندرية في مدرسة فيكتوريا كوليدج (تخرج فيها ملوك وتجار ونجوم من الملك حسين إلى ادوارد سعيد مرورا بعمر الشريف).احلامه كبيرة. متعثرة. لا يقدر على شراء بدلة على الموضة ولا حذاء ابيض. يملك فقط خفة الدم. ومهارة الرقص مع البنات في كوكتيلات الطبقة العليا. هذه ادواته في لفت الانتباه وسط محيط الاغنياء المتعجرفين.

هو الآن اشهر مخرج سينما في مصر والعالم العربي. اصبح نجماً وهو مخرج عندما حقق نقلة نوعية في التعامل مع السينما حيث بدأت تنسب إلى المخرج وليس إلى النجم. عرفه الناس وحفظوا لزماته وأثارتهم تهتهاته. رغم ان النظرة العمومية تراه: مخرجاً "متحذلقاً".

ينتظر"جو" كما يناديه عشاقه ومريدوه على شاطئ الريفييرا في مدينة "كان" عرض فيلمه الجديد: "اسكندرية.. نيويورك" على هامش المهرجان الشهير الذى منحه قبل عدة سنوات جائزة تكريم خاصة.الفيلم هو الرابع في سيرته الذاتية ويحكي عن رحلته الاولى إلى امريكا وكان وقتها: مراهقاً من عائلة برجوزاية صغيرة تريده في مكان اعلى. ضائع في مجتمع كامل بدونه. مدرسة اغنياء. وزملاء لا يحتاجون إلى مواهب اضافية للاندماج مع العالم البرجوازى المغلق.

لم نر الفيلم حتى الآن. لكن سيرة شاهين تظل مثيرة من زوايا كثيرة. خاصة انه على طريقة الرموز الكبيرة تم اختصاره في "صورة" يرفعها المريدون والدراويش في حفلات الذكر ويمزقها الخصوم والاعداء كلما واتتهم الفرصة.

الملاحظة الاولى المدهشة ان الخصوم والاعداء (من ديناصورات الذوق الفني إلى محترفي التكفير السياسي والديني) هم الذين وضعوا الخطوط الاساسية في الصورة. مرة حين كسروا ابواب السينما في حفلات فيلم "باب الحديد" واتهموا يوسف شاهين وقتها انه مخرج لا يفهم (8195). ابتعد عنه المنتجون. وبدأت مشاكله مع شركة القطاع العام. "هاجر" إلى بيروت.

فى مرة اخرى خرجت بعض الاقلام على طريقة "مصر هي امي" تعترض على مشاهد الفقر والعشوائية في فيلم قصير اخرجه شاهين تحت عنوان "القاهرة منورة بأهلها". الفيلم وثائقي بنفس روائي خفيف. لكنه جرح رومانسية العشاق النمطيين الذين رأوا فيه "مستشرقاً" يعري مدينته من اجل عيون الخواجات. قبلها كان الاتهام بأنه يسرب دعاية للتطبيع في فيلمه "اسكندرية ليه" لانه يقدم شخصية يهودية ودودة تعيش في اسكندرية الاربعينات. ومرة اخيرة حين اتهموه بالكفر لانه يستوحي قصة النبي يوسف في فيلمه "المهاجر" . اصبح وقتها احد الاهداف المتحركة لارهاب فكري استفز طاقته وكان نقطة تحوله إلى "معلم" و"رائد تنوير" بعد ان تحول إلى "ناقد سياسي" رداً على هزيمة حزيران 1967. هذه التحولات خارج السينما. تبعاً لمؤسستي الفكر والسياسة. وعلى ايدي مهندسين في الخلفية (لطفى الخولي في "العصفور" وصلاح جاهين في "عودة الابن الضال"...مثلاً). هذه التحولات ساهمت في صورة سينما يوسف شاهين.اكثر ربما من المغامرة في الاساليب. وفي كل مرة كانت المعارك تستدعى مهارات التحدي والاستجابة. وكان يوسف شاهين يلبي صورته الجاهزة في الاذهان. المتمرد. المشاغب. القادر على اثارة المفاجآت. منتقماً من اول مرة يفشل فيها فشلاً عمومياً حين تحول عرض مسرحي اخرجه وهو طالب بكالوريا إلى فوضى كاملة.

نصف خواجة في مدينة العالم

ولد يوسف شاهين يوم 26 كانون الثاني (يناير) 1926 فى الاسكندرية في عائلة مهاجرة وتحلم بهجرة اخرى.

الاجداد تركوا "زحلة" النائمة في احضان جبل لبنان وابحروا إلى الاسكندرية. مدينة "العالم" التي كان يعيش بها 600 الف "خواجة". تمتزج ثقافاتهم... وافكارهم وتتصارع رغباتهم في ملعب الطموح السياسى والمالي.. بينهم كان يوسف: نصف خواجة. بربع امكانيات مالية. وعناد شخصي لا حدود له. ابوه محامٍ يحلم بأن يعبر الابن من خندق الفقر عبر الاقتراب من عالم الاثرياء. الانجليز اصحاب السلطة والسطوة. والمصريون الذين سيختارهم الانجليز وزراء واصحاب نفوذ.

العائلة متوترة. على سطح من رغبات مكتومة في هجرة ثانية... إلى درجة اعلى في سلم البرجوازية.

كان الشاب مرتبكاً دائماً ويتكلم بسرعة لكي لا يلحظ احد توتراته الداخلية. ظل معذباً برغبات العائلة واحلامها في الصعود. وبمحاولة اقناع المحيط الغريب من حوله بامكانية قبوله. في مرة كان عليه ان يذهب إلى حفلة ولم يستطع لأن الاختيار كان اما ان يشترى بدلة مناسبة، او تشتري اخته فستاناً جديداً.

لم يذهب. لكنه عاد في اليوم التالي إلى المدرسة بفكرة اكتشف معها طريقة جديدة لاستعراض مواهبه. واثبات انه متفوق. يستطيع السيطرة على الانتباه. وقف امام فصل من 30 تلميذاً "همج كما وصفهم". والقى مونولوج الملك "ريتشارد الثاني" احد ابطال تراجيديا شكسبير.المونولوج كان في لحظة حكم على الملك فيها بالتنازل عن كل شيء. مصير قاس لشخص يهوي من على عرش امكانياته وجبروته إلى التسليم. والشاب لعب بكل اعصابه للسيطرة على المشاعر الهائجة والساخطة وانهى المشهد بدموع ساخنة. وهم استقبلوه بتصفيق حاد.

يومها اكتشف الفن كطريقة من طرق اثبات الوجود. واكتشف المسرح. وشكسبير. هنا تحول الحلم من اللحاق بطابور الجامعة (والتخرج محامٍ مثل والده او موظف في بنك ينتظر المرتب اول كل شهر كما قالت امه) إلى التمثيل. النجومية. هوليوود. وهنا جمعت العائلة كل طاقاتها المالية (باعوا قطعاً من الاثاث والبيانو..) لكى يسافر الشاب الطموح ويركب السفينة إلى "باسادينا" في العالم الجديد (امريكا). هناك اكتشف انه لا يصلح لكي يكون ممثلاً.

هذا قبل ان يعود (يحب الان ان يشبه عودته إلى مصر ببطل فيلمه "ابن النيل" المغامر الذي اكتشف وجه المدينة الشرير وعاد ليبحث عن تحقق في بلده.. هو عاد ليكون مخرجاً مصرياً .. وليس فقط لان احوال عائلته المالية بعد موت الاب تدهورت بشكل كبير..).

المهم عاد يوسف.. وقابل المصور الايطالي الفيزي اورفانيللي الذى فتح الباب امام اول تجربة له: "بابا امين" ليصبح مخرجاً وعمره 23 سنة فقط.

مراهق وراء خوف بورجوازي ثقيل

حكى يوسف شاهين حلم الخروج من الاسكندرية في "اسكندرية ليه" الذى انتهى بمشهد اللحاق بالسفينة في اللحظة الاخيرة.

اكمل الحكايات في "حدوتة مصرية" و"اسكندرية كمان وكمان" لتكون سيرته على مرآة السينما. حكى فيها بلا رقابة اقرب إلى اسلوب المحاكمة لا الاعترافات. في لعبة يستمتع بها وحده غالباً. يلعن فكرة العائلة. ويكشف مستورها.. حتى انه في "حدوته مصرية" يلمح إلى مغامرات امه الجنسية.. هي التى حكى عنها اكثر من مرة "فكر بأمي وبغيرها. كانت صبية جميلة جداً وكان والدها يقفل عليها في الغرفة ويمنعها من الخروج. زوجوها من رجل بشع يكبرها بحوالي 25 سنة هو والدي. عندما دخل عليها لم تكن تعرف ماهو شكل الرجل. ولا يمكنك ان تطلب منها اكثر مما فعلت..".

محاكمة استعاد فيها اسئلة زمن المراهقة. استعادها وهو يشعر انه اقترب من الموت عندما اجرى عملية قلب مفتوح. كانت شجاعة النقد اهم ما في افلام السيرة الذاتية. واذا حررتها من فكرة الجرأة والنقد الذاتي سترى انها ( باستثناء الفيلم الاول: اسكندرية ليه ) تعتمد على لعبة مسرح يمكن ان تراها بصورة مكبرة في"حدوتة مصرية" حيث الخشبة هى مكان مواجهة الذات. محاكمة. واعترافات. تشريح العائلة. انتصار البطل بمصالحة مع طفولته المعذبة.

المسرح ايضاً يصلح للعبة اخرى هى الشفرات والرموز. يمكن اختزال اللغة إلى شفرات ذهنية. محاورات واسئلة وجودية. وصناعة رموز من كتاب الشخصيات المعذبة: البطل في "حدوتة مصرية" هو المسيح المصلوب. وهاملت الممزق. رموز كبيرة طوال الوقت على خشبة ذهنية.

هذه النزعة إلى منصة المسرح وصلت إلى حالة ثقيلة في الافلام الاخيرة (الآخر..سكوت هانصور..وقبلها في المصير). يوسف شاهين مثل اغلب بقية جيله تحول من فنان قلق. يعري ذاته المختفيه وراء خوف برجوازي ثقيل، إلى مرشد. معلم. يقول الحقيقة الكاملة ويعلم الناس. في هذه الافلام اصبح النقد السياسي والتفكير وألعاب الذهن اقرب إلى خط منفصل تقريباً. مثل نتوءات او حواجز على المشاهد تفاديها لكي لا يشعر انه ذهب إلى خطبة او حصة مدرسية.

ارتبط هذا الاحساس بعودة يوسف شاهين إلى المجرى العام. اصبح نجماً عمومياً (بعد المهاجر.. والمصير وحربه على الارهاب). شاركه تليفزيون الحكومة في الانتاج ورفعت قرارات المنع غير المعلنة وعرضت افلامه القديمة للجمهور العادي. وهنا فقدت نصف هالتها تقريباً. واصبح من الممكن ان نراها افلاماً عادية ومملة وغير مبهجة احياناً.

تائه سعيد في سينما الشطرنج

ظلت افلام شاهين في مكانة بعيدة لأنها ممنوعة من التداول العمومي. محاصرة في قاعات خاصة. وحكايات منقولة عن نخبة مشاهدين يدورون في حلقات سعيدة بعلاقتهم السرية مع افلام تختصر في التعبير الغامض "سينما المثقفين". ويقصد بها سينما مختلفة لا تفهمها سوى شريحة مميزة عن "الجمهور العادي" الباحث عن: "متعة حسية". "تسلية"."حدوتة" لا تخدش استقراره بل وتطمئنه. المثقف وحده هو الجدير بـ"المتعة الذهنية". وهي كلمة كنت مبهوراً بها في المراحل الاولى. كانت دليلاً على التميز كما كانت لعبة الشطرنج دليلاً على الذكاء والمهارة "الاستثنائية".

الذهن مميز وألعابه هي العبقرية. هذا ماجعل افلام يوسف شاهين مثل اشعار ادونيس هي "شارات" الثقافة الرفيعة. هي ايضاً تعبير عن مفهوم يرى الفن تابعاً لمؤسستين كبيرتين هما السياسة والفكر. الفن اقرب إلى نقوش على جدران معبد كبير تروج فكرة. او تشرح فلسفة. بمعنى آخر الفن هو زهور التعبير عن الحب وليس الحب نفسه.

تطلعت اذن إلى افلام يوسف شاهين عندما لمعت فكرة معاداة الجمهور في لحظة كنت ابحث فيها عن طرق غير تقليدية ومخابئ من سطوة المجتمع.

وهنا لعبت الصورة المختزلة ليوسف شاهين دوراً كبيراً. كان حسن الامام هو مخرج "ميلودراما" الترسو وفي مواجهته لابد لكي تكون مثقفاً ان تحب (وهذا يعني ان تجبر نفسك على فهم) سينما يوسف شاهين. ليس كل يوسف شاهين. بل مرحلته بداية من "الاختيار" ومروراً بمجموعة "العصفور" و"فجر يوم جديد" و"عودة الابن الضال" و"اسكندرية ليه" (ومعها افلام سيرته الذاتية). وقتها كان "باب الحديد" اصبح فيلماً "عادياً" يعجب به الناس في التليفزيون. ويعتبرونه مع "الارض" و"الناصر صلاح الدين" من الكلاسيكيات.

وبعدما اصبحت افلام شاهين من عدة المثقف لم ندرك وقتها ان هناك مخرجاً سياسياً للافلام.. (فيما تلى من نكسة يونيو 1967 لمعت ادوار كل من لطفى الخولي في العصفور.. وصلاح جاهين في عودة الابن الضال كما كان حدوتة مصرية فكرة يوسف ادريس...) هؤلاء هم صناع الخلفية السياسية لأفلام شاهين.

هم ايضاً الذين ارتبطت بهم صورته المختزلة كمخرج "مثقفين" رغم انه لم تكن افلام سيرته المباشرة هى الاولى التي يبحث فيها يوسف شاهين عن نفسه. في الفيلم الاول "بابا امين" كان هناك نقد خفيف للأب. وفي الفيلم الثاني "ابن النيل" كان النقد لأحلامه المفصولة عن سياق اجتماعي.. كان يبحث عن قصص وابطال يظهر هو من خلالهم: "..في البداية كنت اريد ان اكون ممثلاً وليس مخرجاً. ولكنني ادركت في المعهد وبعد شهر فقط من بداية الدراسة، اننى يجب ان اكون مخرجاً وليس ممثلاً، فتركت التمثيل برغم اننى كنت احبه كثيراً. ادركت ان شكلي ليس شكل نجوم تلك الفترة، ففضلت الاخراج. ومنذ بدأت الاخراج صرت ابحث عن ممثلين امثل من خلالهم، ويا ويل الممثل الذى لا يكون انا. عمر الشريف وغيره من الممثلين تعذبوا معي كثيراً. فالممثل هو نفسه ولا يمكن ان يكون انا. فحصل اصطدام وتناقض وانفجار. ووصلت إلى فترة شعرت فيها انني في مأزق كبير طالما انني لا اجد الممثل الذى يمكن ان يكون أنا. فقيل لي: لا، يجب ان تجد نفسك. انت ترغب في التمثيل فمثّل في فيلم واحد. وكان "باب الحديد".. "(من حوار مع وليد شميط في كتابه: يوسف شاهين حياةللسينما).

لم تكن في هذه الصورة حكايات قديمة عن علاقة " جو" بالسينما. رغم انها اطرف وتشير إلى سيرة ثرية اكثر وتمنحه تنوعاً ضخماً.

لم يكن من الممكن في ظل الحضور الطاغى لهذه الصورة ان نعلن بصوت عالٍ عن محبة فيلمه مع فريد الاطرش وشادية "انت حبيبي"... وهي مرحلة طريفة في مسيرته. قدم فيها "بين ايديك".. و"نساء لا رجال".. مرحلة كان يمكن ان يقبل فيها مكالمة من فريد الاطرش(المنتج ) يقول له فيها ان الفيلم (يقصد جددت حبك ) ناقص 2 كيلوغرامين (الوزن المعتاد للافلام 23 كيلوغراماً).. ويصور شاهين فعلا الكيلوغرامات الناقصة.

سيرة مع السينما لا ينكرها صاحبها. وحين تسأله عطيات الابنودي (مجلة "المجلة" 8 كانون الثاني 1991) عن افلامه المنسية. تقول ان رده كان كالطلقات المتقطعة..قال:".. كل اعمالي انا المسؤول الاول والاخير عنها.. وهناك في القائمة ما يمكن ان اتجاهله او حتى اسقطه من حسابي باستثناء عملين فقط هما "حب إلى الابد" ( 1959مع نادية لطفي واحمد رمزي ومحمود المليجي) و"رجل في حياتي" (1962مع سميرة احمد وشكري سرحان..) وبلا خجل فقد اخرجت العملين في ظروف سيئة اقرب إلى الكابوس. كنت متعباً ومرهقاً فكرياً وعصبياً وكان ذهني في تلك الفترة لم يتوقف عن التساؤلات..".

طبعا لم افهم العبارة الاخيرة. خاصة انه ينكر انه اخرج الفيلمين بسبب "الضغوط المادية". هى ربما محاولة اتساق مع الصورة. او تركيب سيرة جديدة بناء على النهاية وليس البداية. الآن يوسف شاهين مفكر. وهو تصور في الثقافة العربية اعلى مرتبة من الفنان.

شاهين يلعب على هذه الصورة ويمتن خطوطها.

إلى اي مدى؟

مازالت السيرة ناقصة.

المستقبل اللبنانية في 30 ديسمبر 2006

 

صناع السينما يؤكدون أن المال وحده لا يكفي

تحول المنتجين إلى الإخراج هل أصبح ظاهرة؟

القاهرة ـ هناء عزت 

المخرج في السينما هو المايسترو والمسؤول الأول عن مستوى الفيلم الذي يخرج إلى النور ويحمل الأفيش اسمه،

فالإخراج مهنة يحتاج كل من يسعى إلى النجاح فيها إلى الدراسة الأكاديمية التي تصقل بخبرات عملية في جو يغلب عليه الابتكارية والخلق والإبداع.

ودائماً يكون المستوى الإخراجي للفيلم هو المسؤول عن نجاحه وقدرة العمل علي التعبير عن الهدف الذي خرج من أجله الفيلم، وبغير المخرج الماهر يأتي الفيلم فاتراً ضعيفا لا اتقان فيه ولا جودة، وهذا بالفعل ما تعانيه السينما المرضية في الآونة الأخيرة، فالإخراج بات مهنة من لا مهنة له.

ظاهرة بدت مؤخراً من تعدد الأحداث التي تهدد التاريخ السينمائي المصري، بعد تحول منتجي الأفلام إلى مخرجين في سكون وهدوء مريب، وكأن المنتج صاحب المال يستطيع أن يفعل ما يروق له مادام المال في يده.

وهذا بدوره بات أمراً مخيفاً لكل محب وعاشق للسينما الجادة، فهل يقف مسؤولو نقابة المهن السينمائية مكتوفي الأيدي حيال هذا الخطر المحدق أم أن الأمر لا يعدو أن يكون حرية شخصية؟ وكيف يرى صانعو السينما هذا الأمر الذي تعالت آثاره مؤخراً رغم وجوده متواكباً مع ظهور السينما في عالمنا العربي؟

يقول ممدوح الليثي نقيب المهن السينمائية: إن تحول المنتج السينمائي للعمل في مجال الإخراج أمراً ليس هينا وتخضع لقواعد وتشريعات نقابية تنظمه، فلا يمكن أن يعمل بالإخراج إلا من توافرت فيه الشروط التي أقرت من زمن مديد مضى، ومن يخالف هذه الشروط ويعمل بدون تصريح من النقابة في الإخراج يتعرض للمساءلة من قبل القائمين علي هذا الأمر بالنقابة.

وهذا بالفعل ما حدث حيال المنتج «مجدي الهواري»، الذي أخرج بدوره فيلم «55 إسعاف» بدون التصريح له من النقابة بالإخراج، ولذلك سارعت النقابة وأوقفت عرض هذا الفيلم وتم التحقيق عن طريق النقابة مع «الهواري»، وفرضت النقابة عليه بعد تحقيقات طال أمرها أن يدفع غرامة مالية ليحصل على أثرها علي تصريح بالإخراج.

يضيف: نفس الشيء حدث مع «عثمان أبو لبن»، الذي أخرج فيلما لمصطفى قمر ثم أوقفناه وترك الفيلم، ولم يعمل في الإخراج السينمائي إلا بعد حصوله على تصريح، وذلك بعد تقييمه فنياً.

أمر صعب

ويؤكد الليثي أنه لا يتم قبول عضو جديد بالنقابة في أي من فروعها إلا بعد إجراء مقابلة شخصية له وأعضاء مجلس النقابة، وبعد هذه المقابلة يتم الاتفاق بين أعضاء المجلس على إمكانية منحه ترخيص لمزاولة المهنة من عدمه، وفي الغالب تكون كل حالة متقدمه على حدة.

ولا يترك الأمر فيها لوساطات أو خلافه، ولكن قبول أعضاء جدد في فرع المخرجين يعد من الأمور الصعبة جداً للمتقدم نظراً، لأن هناك شروطاً مسبقة يجب أن تتوافر فيمن يقدم علي الحصول على ترخيص الإخراج بالذات، فالأمر صعب للغاية في هذا الفرع من فروع النقابة، ذلك لأهمية العمل الذي يقبل عليه هذا الشخص طالب الترخيص، فالإخراج يحتاج إلى دراسة أكاديمية إضافة إلى الموهبة والسمات الشخصية الابتكارية.

ويضيف: لدينا بالنقابة كليبات عديدة للحصول على عضوية النقابة فرع المخرجين، ومن بين المتقدمين للحصول علي هذه العضوية ومن ثم التصريح علي عدد كبير من المنتجين السينمائيين، إلا أن النقابة رفضت إتاحة الأمر لكل من هب ودب، بل أصرت على دراسة هذه الطلبات جيداً حماية لهذه المهنة من الدخلاء غير المؤهلين لها، والنقابة لا تتهاون أبدا من أجل تحقيق هذا الهدف الرصين.

حق ولكن !

ويرى المخرج داوود عبد السيد أنه يحق لأي شخص أن يكتب للسينما في حين لا يجوز أن يقتحم المنتجون مملكة الإخراج، لأن الكتابة مهنة حرة وبالتالى فمن حق المخرج المسرحي مثلاً أن يكتب للسينما إذا كانت لديه الموهبة، لكن أن يدخل أصحاب الفلوس سواء منتجين أو موزعين الإخراج.

فهذا ما أرفضه لأنني مخرج وأعرف أصول المهنة، خاصة أن الإخراج شيء مختلف، لكن بعد أن أصبح المنتج في الفترة الأخيرة يتحكم في كل شيء وله صلاحيات المخرج، لأنه يملك الفلوس التي توجد له بعض المخرجين، الذين يطيعون أوامره بدون عناء.

ولذلك نجد أغلب منتجي السينما يذهبون لمخرجين جدد لا نسمع عنهم من قبل من أجل أن يسيطر المنتج على الفيلم، ومن هذا المنطلق «خدمة العبد للسيد»، يعتقد أصحاب رؤوس الأموال أن الإخراج شيء سهل، طالما تحكموا في بعض الأفلام.

ويضيف مخرج فيلم «التحويلة»: إن دور نقابة المهن السينمائية هو تنظيم قواعد المهنة، فلو وافقت على التصريح للمنتجين بالإخراج لابد من التأكد من خبرة المنتج إخراجياً قبل أن يتم التصريح له، فتاريخ السينما المصرية فيه تجارب مماثلة لمنتجين تحولوا إلى مخرجين وكانوا مهرة في الإخراج، ولكن المشكلة أن يصدر هذا التصريح لكل من يملك المال ولا يملك الخبرة.

فوضى ثقافية

من جهته، يشير المخرج سيد سعيد إلى أن ما يحدث الآن جزء من الفوضي الثقافية بشكل عام، فكل شخص يرى أن من حقه أن يخرج، طالما يرى التجارب الهزيلة لمخرجين صغار مع النجوم، فهم يرون أن بعض فناني الكوميديا الجدد يتحكمون في إخراج الأفلام التي يمثلون فيها، وذلك بسبب غياب الحدود، فعندما يخرج الممثل والمنتج تصبح الحياة السينمائية فوضى.

ويضيف سعيد: هناك تجارب كثيرة لمنتجين أخرجوا أفلاماً في عصر السينما الذهبي ونجحت نجاحاً باهراً إلا أن الظروف الآن اختلفت والمنتج قديماً كان لديه خبرة فنية كبيرة، وليس مجرد شخص يملك المال ليتحكم في مسار صناعة السينما، فالآن كل شيء تبدل وأصبحت هناك فوضي، فالممثل يخرج أفلامه، والمنتج يعمل المونتاج والديكور، فيصبح المخرج بلا قيمة، ومما ضاعف ذلك هو بعض المخرجين ضعاف الشخصية، لذلك أصبحت السينما بلا اهتمام.

ويتفق معه في الرأي المخرج منير راضي، والذي يري أن ما يحدث الآن هو استمرار لحالة الهزل، التي تشهدها السينما، فالمنتج صاحب المال يري أن من حقه أن يتحكم في كل شيء، ويأتي ذلك علي حساب المخرج، خاصة مع علو أجر النجم، الذي يجعل المنتج يحضر مخرجاً صغيراً للعمل،.

وبالتالي فهؤلاء المخرجون الصغار يفرحون عند ترشيحهم لإخراج فيلم، لأنهم لا يجدون فرصة حقيقية لهم، ورغم أن هؤلاء المخرجون لا يقدمون شيئاً جديداً مبتكراً، إلا أن المنتج يشعر بالسعادة لأن الفيلم حقق إيرادات، فيقرر المنتج أن يخرج هو الفيلم بنفسه، لأنه يتخيل أن المسألة سهله، وأن أي شخص يمكن أن يقدم فيلماً من إخراجه، طالما أن المخرجين الصغار حققوا الإيرادات العالية.

ويضيف منير: إن السينما عندما أصبحت للتجار الذين يتاجرون بأذواق الناس وبالفن الجميل، فأصبح كل شيء مباح في السينما، فلا عجب بعد ذلك من حدوث أي شيء آخر، فالأمر وكل إلى غير أهله في السينما المصرية، ولابد من وقفه حاسمة.

سماسرة السينما

ويؤكد السيناريست محمد حلمي هلال أن المسألة تحولت إلى فوضي، لأن أي شخص يتصور أنه قادر على فعل أي شيء طالما أنه صاحب الفلوس ورأس المال، فعليه أن يدير المال بالطريقة التي يرغب فيها، فيتحكم في المؤلف والمخرج وكل طاقم العمل نظراً، لأنه صاحب المال، فلا يهمه المستوى الفني أو الرؤية الفنية، وغالباً هذه الأشياء لا تعني إلا سماسرة السينما فهناك جزاراً يكتب سيناريو، ومقاولاً يريد أن يخرج فيلم ويتصور الجمهور في نهاية الأمر أن هذه سينما حقيقية.

ويعتقد المنتج أنه يقدم شيئاً جيداً طالما حققت أفلامه إيرادات عاليه، وسوف تستمر هذه الفوضي وفق هلال إذا استمر الجمهور في منطقة التغييب.

ويقول الناقد السينمائي أحمد رأفت بهجت : إن هذا الأمر يرتبط بالسينما المصرية فحسب، والسينما العالمية لم تشهد أبداً مثل هذا التحول الغريب غير المبرر، رغم أن هناك منتجين قدموا أفلاماً جيدة ومهمة في السينما العالمية، وكان بإمكانهم من خلال خبراتهم بأن يصبحوا مخرجين، خاصة أنهم احتكوا بكبار المخرجين، موضحاً أنه لا يقف ضد تحول المنتج إلى مخرج.

ولكن ذلك مباحاً إذا كان المنتج دارساً للسينما وله رؤية إخراجية، فمثلاً سيناريست كبير، مثل: «وحيد حامد» إذا أخرج فيلم من ت إلى فه لن تتعجب، لأن لديه خبرات فكريه تؤهله لذلك، لكن أن يأتي شخصاً غير معروف، وليس لديه هذه القدرات الفكرية، ويقرر أن يقوم بالإخراج، لأنه منتج العمل فهذا ما أرفضه.

ويشير رأفت إلى أن هذا الشخص عادة ما يقوم بشيء من اثنين، إما أن يلجأ لما يسمى مخرج الظل أي شخص آخر يتولي الإخراج من الباطن باسم المنتج، وهذه كارثة كبيرة، وإما أن يقدم فيلماً مسروقاً أو مقتبساً على المستوي الفني، وهي كارثة أيضاً فمخرج الظل آفة سينمائية خطيرة لأنه يحاول أن يسجل اسمه في التاريخ كمخرج دون أن يفعل شيئاً.

ويضيف بهجت: إن كل المنتجين الذين قاموا بعمل أفلام من إخراجهم لم يتركوا أي علامة، حتى الذين بدأوا ذلك في السينما القديمة، والذين تحولوا من منتجين لمخرجين لم يكن هناك وقتها مناهج علمية لتدريس السينما.

وكل شيء كان مباحاً، ولذلك لابد أن يعيد هؤلاء المنتجون النظر إلى هذا الأمر، فيكون تفرغهم للإنتاج أجدى، وتاركين بذلك الفرصة للمخرجين الشباب الذين يملكون الرؤية الفنية والمهارة والتقنية التي تؤهلهم لصناعة سينما جيدة، كما كان عهدنا في الماضي القريب.

البيان الإماراتية في 2 يناير 2006

المخرجات السينمائيات العربيات..

تجربة تتجاوز المائة عام (1)

محمد عبيدو * 

لم يكن اقتحام المرأة العربية لمجال الإخراج سهلا خاصة أن المجتمعات لدينا تعتبر هذا المجال حكرا على الرجال بسبب صعوبة وقسوة ظروف العمل.. غير أن المخرجات العربيات قبلن التحدي رغم المشكلات العديدة التي واجهتهن، سواء في نظرة المجتمع لن أوفي علاقتهم بالرجل بوصفه آخر، وبتعبيرهن عن قضايا وطنية وقومية (فلسطين ـ الحرب الأهلية في لبنان ـ التطرف والإرهاب) أو القضايا الخاصة بعادات وتقاليد المجتمع كالعذرية التي تعد من المحرمات إضافة إلى التحرر والحداثة والحمل غير الشرعي.

والملاحظ أن أعداد المخرجات في مجتمعاتنا ليست بنسب واحدة.. وإذا كانت مصر تعد من أولى الدول العربية حيث أن السينما المصرية عند ولادتها قامت على أكتاف عزيزة أمير وفاطمة رشدي وأمينة محمود وبهيجة حافظ، وقمن بإخراج بعض الأفلام الرائدة، إلا أنهن لم يواصلن وتفرغن للإنتاج والتمثيل فقط.

كما أن المرأة المصرية قد برزت في مجالات سينمائية أخرى منذ سنوات طويلة، ككاتبة للسيناريو وكمساعدة مخرج فقط. وعودة المرأة من جديد إلى عالم الإخراج السينمائي جاءت كضرورة ملحة لطرح قضايا المرأة المعاصر، حيث برز ما يقارب ثلاثون مخرجة أشهرهن (نادية حمزة ـ إنعام محمد علي ـ أسماء البكري ـ إيناس الدغيدي ـ ساندرا نشأت - هالة خليل - كاملة أبو ذكري - هالة لطفي) فإن المغرب تبرز فيها أسماء (فريدة بليزيد ـ وزكية الطاهري وفريدة بورقية و ياسمين قصاري و ليلى مراكشي )، ثم إلى لبنان( جوسلين صعب و رندا الشهال وكريستين دبغي ) وتطل الجزائر و تونس حينما تتردد أسماء مخرجاتهما (اسيا جبار - يمينة شويخ ـ رشيدة كريم ـ يمينة بن غيغي ) و ( مفيدة التلالي ـ سلمي بكار ـ كلثوم برناز)، ومن فلسطين (مي المصري وغادة الطيراوي و ناهد عواد و ديما أبو غوش و ليانا بدر و علياء أرصغليو وبثينة كنعان الخوري( وبسوريا واحة الراهب التي قدمت أول فيلم روائي سوري وانطوانيت عازرية التي تحولت من المونتاج الى الاخراح . والعراقية الرائدة خيرية منصور واليمنية خديجة السلامي والسعودية هيفاء المنصور ، وفي الكثير من البلدان العربية لا نكاد نجد فيها مخرجة واحدة.

وتبقى هناك ملاحظة مهمة، فدخول المرأة في المجال السينمائي كمخرجة، يعتبر خطوة أخرى من الخطوات التي تسعى إليها لإثبات قدراتها الإبداعية والوقوف جنباً إلى جنب مع الرجل. وبروز المرأة كمخرجة يعتبر خطوة إيجابية تستحق الثناء والدعم، وذلك لإبراز القضايا الإجتماعية على الشاشة، وإبداء وجهة نظر مغايرة لما يطرحه الرجل. ولكن يجب أن يتبع هذا خطوات أكثر أهمية وإيجابية، كإبتعادها عن القصص التقليدية المملة وترك الإبتذال والتسلية في الفن، وتقديم أفكار وقيم جديدة، ذات خاصية إجتماعية حساسة. وذلك لتبرر وجودها كمخرجة مميزة تطرح وجهة نظر جادة وواضحة، هذا وإلا ستكون مجرد إضافة غير فعالة للكم الهائل من المخرجين الرجال . مع العلم أن قضية المرأة ومساواتها بالرجل في الوطن العربي، ليست قضية عادية وبسيطة، بل هي قضية عميقة ومتجددة، لا يحلها في الأساس وجود كاتبة أو مخرجة، إنها تحتاج لنسف إجتماعي شامل لتغيير النظرة الخاطئة عن المرأة. فالمرأة قادرة على أن تكون مخرجة رديئة ومخرجة جيدة، مثلها مثل الرجل تماماً. ... نقف هنا مع التجارب التونسية والجزائرية :

# المخرجات التونسيات :

سلمى بكار التي أكملت دراستها في الـ في باريس عام 1970 ، وجدت أن فيلمها التسجيلي الطويل "فاطمة 75" عام 1978 يواجه رقابة السلطات .

بينما كان على ناجية بن مبروك -خريجة ال INSAS في بلجيكا- عليها الانتظار 6 سنوات لإخراج فيلمها الروائي "السامة" الذي أكملته عام 1982 ولكنه تأجل بسبب نزاع مع SATPEC .الى عام 1985
و أظهرت النساء في التسعينات تأثيرا متزايدا ، ففي عام 1995 عادت سلمى بكار بعد 17 سنة بفيلم روائي جديد هو " رقصة النار" .

وسبق عودتها ظهور كلثوم برناز بالفيلم القصير "تونس .. بنظرة النورس " عام 1991 ، ونادية الفاني في باريس بالفيلم القصير "مناصفة حبي " عام 1992 و مفيدة تلاتلي بفيلم "صمت القصور" عام 1995 : في ظل تراجع موقع المرأة العربية ومكانتها نتيجة تصاعد موجة التطرف والعنف ، اختارت المخرجة التونسية مفيدة التلالي ، في أول فيلم سينمائي طويل لها ، أن تعالج مشاكل المرأة التونسية وأوضاعها الراهنة .

وبشكل فني متميز استطاعت المخرجة أن تلفت الأنظار بقوة إلى المعاناة التي تعيشها المرأة التونسية وذلك دون أن تسقط في متاهات السينما المباشرة .

وُلدت مفيدة التلالي في سيدي أبو سعيد عام 1947 ، وهي مونتيرة أصلاً ، درست السينما في معهد الايديك بفرنسا ، وتخرجت عام 1968 ... وقامت بعمل مونتاج أفلام عدة مهمة :

(( عمر قتلته الرجولة )) لمرزاق علواش ، (( نهلة )) لفاروق بلوفة ، (( ظل الأرض )) للطيب الوحيشي ، (( الذاكرة الخصبة )) لميشيل خليفي (( عبور )) لمحمود بن محمود ، (( الهائمون )) لناصر خمير ، و (( حلفاوين )) لفريد بوغدير .

ومن خلال مشروعيها الرئيسيين في الإخراج السينمائي، تنطلق التلاتلي نحو استكشاف العلاقات التي تربط بين العبودية الأنثوية في مجتمع يسيطر عليه الرجل وعجز المرأة عن التحرر الذاتي. والتلاتلي لا ترى نفسها مختلفة عن الشخصيات التي تبتدعها للشاشة الفضية. فهي تعتقد أن أفلامها تحاكي في غالبيتها تجاربها الشخصية. حيث إن فكرة "صمت القصور"، باكورة أعمالها الإخراجية، نشأت عندما انتابها شعور عميق بأن إدراكها للحياة قد أتى.

تستعيد مفيدة في (( صمت القصور )) أجواء قصور البايات القديمة وحكاية المغنية عليا ((الممثلة غالية لاكروا)) التي تؤدي وصلتها في أحد فنادق العاصمة تونس اليوم ، ليخبرها لطفي بموت (( سيدي علي )) الذي كانت أمها (( خديجة )) تعمل كخادمة له ولعائلته .

تتجول الشابة في أرجاء القصر لتستعيد مأساة والدتها وغموض أبوتها والعوامل التي تجعله يرفض البوح بالسر ويحتفظ به في (( صمت القصور )) رغم شكوكها بأن (( سيدي علي )) هو الأب الذي اعتدى على أمها ذات يوم ، في النهاية تعلن عليا قرارها الاحتفاظ بجنينها الذي نعرف أنها حامل به منذ البداية ورفض لطفي إبقاءه .

في الفيلم يتوالى (( الفلاش باك )) على ذهن عليا ... وزمن مشاهدة الفيلم ، مدة الساعتين إلا ربع الساعة ، وهو الزمن نفسه الذي تستغرقه زيارة البطلة للقصر ... وفي هذه الزيارة لا يكاد يحدث شيء ... سوى الاستماع إلى طرف من حديث السيدة العجوز ، كبيرة الخدم ، التي أضحت وحيدة ، ضريرة ، بالإضافة إلى ذكريات (( عليا )) التي قد تبدو مبعثرة ، مشوشة إلا أنها ، في مجملها ، تصنع بنية الفيلم وتستعرض حياة المغنية ، وتبين الأسباب التي أدت إلى أن تغدو (( عليا )) مغنية شهيرة محطمة الروح ...

يرسم لنا الفيلم علاقات القهر القائمة داخل القصر بين السادة والخدم .

فالقانون السائد هو الصمت إلى أن يأتي صرخة مدوية ، تصورت المخرجة أنها تأتي عن طريق الغناء لتحرر البطلة (( عليا )) التواقة للفرار من قيود القصر وصمته القاتل ، ولتبدأ مشواراً جديداً مخالفاً لمشوار أمها الخادمة التي لم تتجاوز خطواتها ونظراتها حدود القصر ، وتدور أحداث الفيلم في سنوات الخمسينات أثناء مرحلة النضال من أجل الاستقرار والحرية يترافق مع ذلك إحساس مجموعة من نساء القصر بمدى معاناتهن الخروج من هذا الوضع الذي يشبه بالضبط الاستعمار الذي يفرضه المحتل على الوطن .

(( صمت القصور )) فيلم حساس ، رقيق ، مشبع بالحزن ، يفيض بشاعرية مرهفة ... إنه صرخة حب قبل فوات الأوان واستطاعت مفيدة تلاتلي أن تغوص في عمق المشكلات التي يعاني منها المجتمع التونسي ففي فيلم (موسم الرجال) عام 2000 تشرِّح بشجاعة النسيج الثقافي والاجتماعي، والموقع الذي تحتله فيه المرأة، إذ نتعرّف في الفيلم علي حالات نسوية مهملة في جزيرة، يهجرها الرجال للعمل، ويعودون مرة في الموسم، وفي غيابهم، تتكشف حياة الناس ومشكلاتهم في مجتمع يخضع لتقاليد صارمة، تهيمن عليه الذكورية، أو التسلط الأمومي، والانكسارات الأنثوية، نتيجة وضع سكوني مزمن، تعاني المرأة نتائجه السلبية. يتسم الفيلم بالشجاعة والجرأة إذ يكشف كل شيء عن قدر النساء وقدر الرجال الذين هم أيضاً سجناء التقاليد الخانقة.

وقالت التلاتلي: "المشكلة لا تتعلق بالقوانين وإنما تتعلق بتغيير العقليات. فالأوضاع لن تتغير في عقول الرجال أو النساء بعصا سحرية وبالقوانين".

و عام 1996 انجزت المخرجة ناديا فارس فيلمها "عسل ورماد "والمخرجة كلثوم برناز فيلمها " كسوة الخيط الضائع ".الذي يعالج الفيلم اشكالية هوية وانتماء المرأة التونسية التي تسعى الى التحرر في عالمنا المعاصر دون ان تتخلى عن كونها امراة عربية ومسلمة . نتعرف الى " نزهة " الفتاة التونسية الشابة التي تتمرد على التقاليد اتتزوج بشكل معارض لارادة أهلها خارج المجتمع الذي عاشت فيه . لكنها تتطلق بعد سنوات وتعود الى بلدتها مثقلة بالهموم والشعور بالفشل والخيبة , معلنة استعدادها للانسجام مع عائلتها ومتطلباتها , ومن اولى بوادر خضوعها للتقاليد التي تمردت عليها من قبل توافق على ارتداء" الكسوة " وهو رداء تقليدي ثقيل خاص بمناسبة الاعراس يربطه خيط فضي , والمناسبة حفل زواج شقيقها . لكن مع اقتراب المساء تجد " نزهة " نفسها اسيرة هذا الرداء الثقيل " كسوة " فتتفاعل الاسئلة في ذهنها حول حقيقة انتمائها وشخصيتها كامرأة متحررة من التقاليد أم خاضعة لها .

وقدمت المخرجة رجاء عماري عام 2002 فيلمها " الساتان الاحمر " ويدو موضوعه حول أم وابنتها الشابة , تعيشان في تونس العاصمة . ما يتبدى كحياة عادية ينجلي عن قضايا شائكة , فالأم تكتشف ان ابنتها تحب موسيقيا في فرقة تعزف في نلهى ليلي , وانها بسببه دخلت معهدا للرقص الشرقي , هنا تقرر الأم التأكد من حقيقة فتدخل بذلك عالما لم تكن تعلم عنه شبئا , وتكتشف عبر الرقص بهجة الحياة التي كانت دفينة تحت سنسن من الواجبات . كما قدمت المخرجة نادية الفاني فيلمها "الهاركرز البدوي" سلوى بكار احد ابرز العاملين في مجال فن السينما في تونس قد وجدت في هذا العالم المفعم بالاثارة والالغاز المغلف بالاسئلة والزاخر بالرؤى ما دفعها لخوض غمار تجربة سينمائية جريئة من خلال فيلمها الروائي الطويل والذي حمل اسم (خشخاش) في هذا الشريط السينمائي تثير بنت بكار رياح الاسئلة وتعبث بقناعة اليومي والمعتاد وتنفخ في خبايا الرماد المطفأة ليتوهج لهيب الجمر المنتفض من نعاس الانطفاء. انها تستنهض ذاتها الابداعية لتكشف المحظور وتشق كوة النار الانثوية حيث ينزوي المسكوت عنه ويتخفى المكبوت والمطوي تحت جناح الاستحياء والحذر والترقب، انها تواجه المجتمع باقسى ما فيه إلا وهو تغطية الحقيقة والفرار منها الى النفاق والزيف وتزويق القبيح !! ويروي فيلم (الخشخاش) ومدته ساعتان وهو انتاج تونسي مغربي مشترك قصة امرأة تدعى زكية تزوجت تحت ضغط اسرتها من رجل ثري لتفقد في النهاية صوابها وتصاب بالجنون.

وتبدأ مأساة (زكية) منذ الايام الاولى لزواجها حيث تعيش حرمانا عاطفيا وجنسيا بعد ان تبينت ان زوجها شاذ جنسيا مما دفعها الى ادمان نبتة الخشخاش المخدرة لتعويض رغباتها وتجاوز مأساتها المخفية مع زوجها.

وفي النهاية يؤدي ادمان زكية المخدرات الى تدهور صحي اثر على اعصابها ونفسيتها لتجد نفسها نزيلة مستشفى الامراض العقلية والنفسية وتبدأ حياة جديدة مع نزلاء المستشفى الذين ابرزتهم مخرجة الفيلم على انهم ضحايا تقاليد وممارسات خاطئة وظروف اجتماعية قاهرة.

لكن معاناة هذه المرأة تنتهي بالتعرف على (خميس) نزيل المستشفى الذي يعاني بدوره من مأساة مشابهة والذي وفر لها ما افتقدته من حب واهتمام منهيا اوجاعه واوجاعها ورافضين الرجوع الى عالم العقلاء.

ونفت المخرجة التونسية الادعاء القائل بأن تناول هذه المسائل لا يهم الا فئات قليلة في المجتمع معتبرة انها قضايا تمس اي شخص يرفض الافصاح عن عادات سيئة يتم توارثها في المجتمع.

وتضيف سلمى "الصمت والغموض والانكماش والخوف من التطرق لمواضيع مثل هذه احد اسباب تخلفنا فكيف يمكن ان نلتفت الى قضايا كبرى جدا ونحن مازلنا لم نجرؤ بعد عن الحديث عما نعانيه من حرمان عاطفي مثلا."

استطاعت سلوى بكار طيلة الزمن الذي استغرقه شريطها السينمائي ان تصور لنا عوالم المرأة برهافة حس وسرعة ايقاع. وتركيبة بصرية دالة وان تقدم لنا من خلال لقطات جمالية اخاذة وبطريقة مكثفة ما يحتاج الاديب الى اطنان من الكلمات للتعبير عنه. كانت سلوى بكار جريئة في تناولها الموضوعة ذات الخصوصية الاجتماعية، ذكية في الانتقال من حالة تعبيرية واقعية الى تعبيرية متخيلة وفي عرض التحولات النفسية وتطور العلاقات ما بين شخصيات الفيلم سواء تلك التي كانت ضمن التخيل لدى هي البطلة ومحور الاحداث او التي جاءت واقعية ومعاشة معها داخل دائرة اجتماعية واحدة، وقد جاء مونتاج الفيلم ليضيف تفتحا وحياة الى الصور ويعبر بها الى نبض ضاج وايقاع متدفق، فقد كانت كاميرتها تلتقط اكثر مما تستطيع العين رؤيته وترى بشكل مختلف وهذا يحسب للمخرجة التي كانت بارعة في قيادة فريق العمل كما كانت بارعة في توجيه كاميرا الفيلم لتقدم لنا شريطا سينمائياً مليئا بالمتعة والجمال والجراة في مواجهة خوفنا الذي يختفي خلف اقنعة الوجوه.

# المخرجات الجزائريات:

كان فيلم " نوبة نساء جبل شنوة " 1977 الوثائقي للروائية والمخرجة أسيا جبار , الذي يشكل انفرادا متميزا في العلاقة بين الروائي والسينمائي في الجزائر , كون أن أسيا جبار هي في الأساس كاتبة وجامعية خاضت هذه التجربة الوثائقية والتسجيلية انطلاقا من المعايشة الشخصية للكاتبة – المخرجة والرصيد الشعري الكامن لدى نساء الجزائر وبالخصوص في جبل شنوة { قرب ولاية تيبازة مسقط رأس المخرجة } وهنا نشأت علاقة حميمة بين نساء جبل شنوة ورؤية مخرجة تحمل في داخلها حسا نسائيا متقدما أرادت ان تكثفه في عمل قريب وواقعي . الوثائقية والتسجيلية وسيلة لسرد البعد الشاعري لهؤلاء النسوة في محيطهم الطبيعي .

و أنجزت اسيا جبار عام 1982"زردة أو أغاني النسيان".ويتمحور الفيلم حول موضوع المرأة . والمرأة هنا تكشف عن قدرتها على التعبير عن نفسها بجرأة وعلى اجتراح ولادة جديدة.

عندما تريد آسيا جبار أن تختصر تجربتها الإبداعية تقول: "أحاول ككاتبة أن أصلح الاقتلاع الذي كنت ضحيته في طفولتي. ومجيئي إلى السينما جاء من باب الذهاب إلى العربية المحكية. تجربتي السينمائية جعلتني أعي كوني كاتبة بالفرنسية من دون عقد نقص، ولِم العقد طالما أني أكتب عن بلدي"؟.

تبدو التجربة الثقافية لآسيا جبار تأسيسية على أكثر من مستوى. فهي استكملت طريق الكتابة النسوية وجعلت منها محفلاً ثقافياً قائماً بذاته. وتكفي اليوم قراءة كتابات جزائريات، سواء في الداخل أو في المهجر، من قبيل: صفية قطو، ومريم بين وأحلام مستغانمي وفاطمة غالير ومالكة المقدم وسواهن للوقوف على المسار المنفتح الذي اختطته كتابات آسيار جبار، وعلى ذلك الوعي اليقظ بقضايا التاريخ وقوة الهوامش النسوية واستمرار الأسئلة القلقة التي تطرحها على عوالم المجتمع والثقافة. كما أنها فتحت أمام النساء الجزائريات باب السينما وطرقته في وقت كانت لا تزال الكلمة، أو بالأحرى الصورة، تستعصي على التناول النسائي. واليوم يمكن السينمائيات الجزائريات، من أمثال يمينة شويخ ويمينة بنغيغي ورشيدة كريم ومليكة طنفيش وفجرية دليبة أن يفتخرن بكون رائدتهن في هذا المجال كانت امرأة مثقفة وكاتبة وأديبة من طراز آسيا جبار، يتماشى لديها التعبير بالصورة والتعبير بالكلمة عن الهواجس التاريخية والشخصية الدفينة للمرأة العربية المعاصرة.

و يشكل فيلم "أنشالله الأحد" (عام 2001) للمخرجة الجزائرية يمينة بن غيغي محاولة في السينما المغاربية لمعالجة موضوع المرأة من حيث أزمة الهوية والبحث عن الدور المستقل والقرار الحر.
بطلة الفيلم تهاجر إلى فرنسا مع أطفالها وحماتها للالتحاق بزوجها الذي يقيم ويعمل هناك. وفي باريس تجد نفسها تعيش في عمارة سكنية محاطة بجيران فرنسيين لا يتقبلونها ولا يتقبلون ضجيج أطفالها، محاصرة برقابة وهيمنة حماتها، لا يسمح لها بالخروج من المنزل إلا للتسوق من متجر قريب، في حين أن زوجها الصارم المحافظ لا يعود إلى المنزل إلا متعباً من العمل. غير أن الزوجة سرعان ما تبدأ بالتمرد وإقامة العلاقات مع جيرانها بعد مصادمات عديدة ومنها علاقة صداقة بريئة مع سائق حافلة فرنسي ومع جارة فرنسية شابة تشجعها على أخذ زمام المبادرة بيدها، والهروب من المنزل مع أطفالها للتنزه وإلخ. وفي النهاية تفرض حقها في الحياة الطبيعية وسط المجتمع الجديد على زوجها.

أحرز فيلم (( رشيدة )) للمخرجة الجزائرية (( يمينة شويخ )) ست عشرة جائزة عبر مهرجانات السينما العالمية ، وتم انتقاؤه رسمياً لمهرجان (( كان )) فضلاً عن إمكانية ترشيحه لنيل جائزة الأوسكار عن سنة 2002 .

لم تكن / يمينة شويخ / بشك وهي تترك منضدتها جانباً كخبيرة بمونتاج الأفلام ، في أن المغامرة ستفضي إلى مثل هذا النجاح ، ولكن الأمور لم تجرِ على ما يرام ، عندما أنجزت سيناريو فيلمها ، فأخذت تدق كل الأبواب بحثاً عن التمويلات اللازمة لإخراج فيلمها الأول .

وإزاء رفض الهيئات الجزائرية ، لم تجد بداً من الالتفات إلى مصادر التمويل الأوربية ، عقب إنشائها مؤسساتها الإنتاجية ، وكانت النتيجة باهرةً .. إذ ما إن تم إخراج الفيلم حتى راح يحصد ويجني جائزة تلو الأخرى . اتخذت يمينة شويخ من عنف الإرهاب في بلادها موضوعاً ، يتناوله فيلم / رشيدة / حيث تقدم شهادة متميزة على طريقتها الخاصة عن المأساة التي عرفتها الجزائر لأكثر من عشرية من الزمن .

يستمد الفيلم قوته من تناوله صراع المرأة الجزائرية ومقاومتها الإرهاب خلال العشرية السوداء التي شهدت انتشار العنف والعمليات الإرهابية بشكل مخيف في الجزائر .. يتطرق الفيلم إلى ما يجري لمدرسة شابة تُدعى / رشيدة / تمثيل ( ابتسام جوادي ) ورفضها الرضوخ لمطالب جماعة إرهابية ، أرادتها مجندة في صفوفها بوضع قنبلة في مدرستها وهو ما كاد يكلفها حياتها ، حيث نجت بأعجوبة من محاولة اغتيال بشعة من الجماعة الإرهابية وبعد نجاتها وخروجها من المشفى ، تقرر مغادرة الجزائر العاصمة للاستقرار بمدينة داخلية بعيدة ، وهناك تتسلل كاميرا المخرجة إلى أعماق المجتمع الجزائري وظروف عيش السكان في تلك الفترة العصيبة .. لتختتم الدراما بمجزرة دموية أخرى تحصد رجالاً ونساءً وأطفالاً غداة عرس في تلك البلدة النائية . وفي الصباح تخرج / رشيدة / ومحفظتها بيدها لاستقبال من نجا من تلاميذها ، أما درس الحصة فيحمل عنوان (( النهاية )) . وعن الذي دفعها إلى إخراج فيلمها تقول يمينة شويخ :

(( إن ما دفعني إلى ذلك هو مشاعر الألم والغضب التي عشتها طوال تلك السنوات ، لقد أردت أن أعطي وجوهاً واضحة لألئك الآلاف من المجهولين ، الذين ماتوا خلال تلك العشرية الأليمة ، وقد كرهت أن أستمع إلى الناس وهم يتحدثون عنا كما لو كنّا كماً مهملاً من الأرقام المستخلصة من إحصائيات ... وكل واحد منهم يروي مأساة الجزائر حسب هواه ... وكنت أشعر بالحاجة إلى الحديث عن وطني الجزائر ، وأن أذكر على الخصوص تلك الحياة اليومية الشاقة التي يحياها أولئك الجزائريون والجزائريات الذين تحدوا الوحشية والظلامية .

ولا ترغب يمينة أن تعتبر فيلمها يتحدث عن النساء بل (( أنا أحكي عن مجتمع بكل شرائحه .. الفتى العاشق الذي يريد أن يبوح بعشقه والرجال أيضاً .. لم أتطرق ، ولكنها في المقدمة لأن المجتمع لدينا يدور حول المرأة .. حاولت أن أضيء في فيلمي / رشيدة / جزءاً من واقع الجزائر .. المواطنة الجزائرية التي شملتها زوبعة العنف ، ولا تنشد سوى العيش كأي امرأة عادية وهذا الذي يجعل منها امرأة خارقة للعادة ، وهي تحاول البقاء وصون حياتها وسط دوامة العنف .

يحكي فيلمي عن المجتمع والعلاقات بين الأشخاص والعنف ، وأثره بنقص الاتصال بين الناس في المجتمع الذي يلحق بعنفه الخاص ويغلبه على الحب .. وطبعاً الأطفال كيف تربوا حتى يصبحوا عنيفين؟ .. الفيلم يحكي عن الإرهاب وعن الإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت بالبلاد إلى ما وصلت إليه من خلال حكاية بسيطة ))

* شاعر وناقد سينمائي سوري

obado@scs-net.org

القصة العراقية في 1 يناير 2006

 

سينماتك

 

يوسف شاهين المنتظر على شاطئ الريفييرا سيرته بين الإسكندرية ونيويورك:

صورة مختزلة لصاحب المرايا المصورة

القاهرة ـ وائل عبد الفتاح

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك