كأنما قدرٌ ذلك الدوران في حلقة مفرغة، لا تكاد تنتهي دورة حتى تكون عودة الى نقطة الصفر. كأنما ذلك قدر السينما اللبنانية غير المنفصل عن قدر هذا البلد الذي إن عجز المحللون عن تفسير تواتر نكباته قالوا انه قدر ان يعود الى نقطة الصفر كلما حاول النهوض والازدهار. خلال خمس عشرة سنة هي عمر اعلان السلم بعد حرب أهلية دامت قرابة سبع عشرة سنة، حاولت السينما اللبنانية ان تنفض عنها سني. الحرب وأن تطوي صفحة اتسمت بملامح المرحلة السياسية التي رافقت الحرب. لا جديد في ذلك. فهي اعتادت منذ ولادتها ان تخرج من نفق لتدخل آخر وأن تتشكل بحسب الظروف المحيطة بسبب من طراوة عودها وحداثة سنها. فمن مرحلة التأسيس على يد الايطالي جوردانو بيدوتي العام 1929 بفيلم "مغامرات الياس مبروك"، الى ظهور اول مخرج لبناني، علي العريس، اوائل الاربعينات بفيلم "بائعة الورد" في ما اعتُبر الولادة الحقيقية للسينما اللبنانية، دخلت السينما اللبنانية مرحلة الخمسينيات التي شهدت تأسيس استديوات سينمائية ومحاولات سينمائية جادة مثل "الى اين؟" لجورج نصر العام 1957. ثم كانت الستينات التي اتسمت بهجرة السينمائيين المصريين الى لبنان على اثر تأميم القطاع السينمائي المصري فتحولت السينما في لبنان الى قطاع خدماتي وأفرزت المرحلة حركة انتاج فيلمية مشتركة بين مصر ولبنان لم ترتقِ الى مستوى فني يُذكر. مع السبعينات التي عرفت الغليان الفكري والثقافي في بدايتها واندلاع الحرب في نصفها الثاني، ظهرت تجارب سينمائية التزمت معالجة القضايا الكبرى الوطنية والاجتماعية والانسانية لاسيما مع سينمائيين لبنانيين شباب من امثال مارون بغدادي وبرهان علوية وسواهما. وفي الثمانينات برزت سينما تجارية الى جانب افلام بغدادي وعلوية وجوسلين صعب. منذ منتصف التسعينات المنصرمة، عرفت السينما اللبنانية ولادة جديدة تماماً غير مرتبطة بتاريخ سابق، لا تخضع لشروط وملامح واضحة في ما يعتقده البعض سمة في حد ذاتها. واستطاعت الافلام اللبنانية خلال السنوات العشر الاخيرة ان تخرج من وطأة الأزمات المباشرة وان تكون أكثر قدرة على معالجة الامور بروية واستشفافها بوقوفها على مسافة من الماضي وأحياناً الحاضر (كما في "يوم آخر" لخليل جريج وجوانا حاجي توما و"أطلال" لغسان سلهب و"فلافل" لميشال كمون).

اليوم يبدو ان الامور عادت الى ما قبل تلك المرحلة. فقد كرست حرب تموز الاسرائيلية على لبنان الغليان السياسي والأمني السائد منذ مطلع العام 2005 ليطغى على كافة جوانب الحياة. وتحول النشاط السينمائي الى ما يذكر بحاله قبل التسعينات عندما كان مرتبطاً بالاوضاع السياسية والاقتصادية او بكلام آخر بالتحولات المحيطة. فعدنا نرى أفلاماً يعترضها واقع سياسي وأمني وقد حدث ذلك منذ العام 2005 عندما اضطر غسان سلهب الى الغاء التصوير غير مرة على فيلمه "أطلال" بسبب التظاهرات والاعتصامات التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. ومن ثم جاء العام 2006 بنصفه الأخير تحديداً (منذ اندلاع حرب تموز) ليكرس المشهد مستدعياً صوراً من الماضي القريب. هكذا عدنا الى مشاهدة مخرجين حاملين آلات تصويرهم ومهرولين الى حيث تدوي الانفجارات وتغلي الساحات. صور وصور تتراكم على أشرطة ويزداد عبئها على أصحابها مع مرور الوقت. صور لا تجد سياقاً تتشكل فيه لأنها عرضة للتبدل في كل لحظة أو ربما للموت وفقدان المعنى.

قبل العام 2005، ارتبطت مراجعة المشهد السينمائي المحلي بكم الانتاجات والاحداث السينمائية. ولم يخلُ الامر في معظم الأحيان من استرجاع مطالب قديمة أو بث شكوى السينمائيين الدائمة من غياب التمويل والاهتمام المحليين بالقطاع السينمائي. مع مطلع العام 2007، بات هم السينمائيين منصباً في مكان آخر. هل يمكن تحقيق مشروع سينمائي وسط هذا الغليان؟ أي سينما يجب ان نصنع؟ هل ندون فقط؟ هل نكتفي بالارشفة؟ هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب آلية عمل جديدة؟

فيديو تحت الحصار

إذا أردنا ان نختار تسمية للعام 2006 فلن نجد أبلغ من سنة حرب تموز. واذا أردنا ان نطلق على مشهدها السينمائي عنواناً سيطفو على السطح "رسائل الفيديو". قد يثير هذا الاختزال للعام السينمائي المنصرم بمجموعة أفلام فيديو قصيرة صُورت خلال ثلاثة وثلاثين يوماً من الحرب الاسرائيلية على لبنان حفيظة كثيرين لاسيما ان الاختلاف على تسميتها وطبيعتها كان سيد الموقف بعيد عرضها في الدورة الرابعة لمهرجان "أيام بيروت السينمائية" (بعضهم رفض تسميتها أفلاماً). ولكنها ـ اي الافلام ـ في واقع الحال تبدو السمة الابرز للعام 2006 على صعيد الحراك السينمائي ناهيك باختزالها تلك العلاقة بين الصورة والواقع في أوقات الأزمات. بالنسبة الى بعضهم، بدت تلك الافلام أشبه بعودة الى سينما المقاومة والنضال التي ازدهرت في ستينات وسبعينات القرن الماضي. وبالنسبة الى بعضهم الآخر، تذكر بنمط الافلام الوثائقية التي رافقت الحرب اللبنانية في السبعينات والثمانينات لاسيما من خلال ارتكازها على رد الفعل المباشر. في جوهرها، لا تنتمي تلك التجربة ـ "رسائل الفيديو" ـ الا الى نفسها. وهي تختلف عن تجربتي السينما النضالية وافلام الحرب الوثائقية باستنادها الى وعي مخرجيها الكامل بمحدودية تلك الأعمال (او معظمها) وبانتمائها الى وقتها. أكثر من عشرين فيلماً متفاوتة الشكل واساليب التعبير، شكلت فيضاً من الصور المتسلسلة والمترابطة في أذهان المتلقي. لم تمنع خصوصية المقاربة (فيديو آرت) أوالشكل (تحريك مثلاً) ذلك الإحساس بأن ثمة ما يربط بين تلك الافلام ليحولها أشبه بذاكرة مصورة مؤلفة من مئات الافكار التي عبرت الرؤوس في لحظات او ايام وتقاربت وتجانست تماماً كما يتجانس البشر إزاء الخوف والرعب والتهديد. تلك التجربة الجماعية التي عاشها اللبنانيون ابان الحرب الاخيرة عادت الى الشاشة على شكل ومضات وافكار وخطابات أحياناً، واعية او تلقائية، تأملية او خطابية، ذهنية او عاطفية... على اختلاف المقاربات، اجتمعت تلك الافلام ـ وإن كان بعضهم يشكك بتسميتها افلاماً ـ حول الحدث (الحرب) والقرب منه. كلها شرائط أُنجزت بين الثاني عشر من تموز والخامس عشر من آب ومعظمها تمحور حول فكرة او رؤية عبرت عن كتلة من المشاعر في قالب من رد الفعل المباشر او شبه المباشر. أبرز الافلام التي عُرضت في هذا الاطار كانت: "مطار1" و"مطار2" لأكرم الزعتري وجوانا حاجي توما وخليل جريج ودانييل عربيد وتينا باز؛ "14 آب، الضاحية الجنوبية" و"15 آب، مدرسة رمل الظريف" و"بنت جبيل 1"لرانيا استيفان؛ "بنت بنت جبيل" لعمر نشابة؛ "مريم" لماهر ابي سمرا، "غلطة بصرية" لأحمد غصين؛ "الشرفة" لمونيكا ماورر وآن دو مو؛ "بدون عنوان" لعلي شري؛ "أتذكر لبنان" لزينة ابو الحسن؛ "قبل، بعد" لايلي يزبك ؛ "بيروت الأرض صفر" لجريج وحاجي توما وباز؛ "الحرب كما يراها الأطفال" لسمر مغربل؛ "هل يوجد أحد؟" لسمير عبد الله؛ "رسم الحرب" للينا مرهج؛ "أسود على أبيض" لسابين شمعة؛ "وقت ميت" لغسان سلهب؛ "فيديو الى آخر الزمن" لروي سماحة. وفي إطار مختلف، أنجزت الرسالتان البصريتان "من بيروت ليللي بيحبونا" و"من بيروت ليللي بدن يسمعونا" (كلتاهما من تنفيذ بيروت دي سي) متوجهتين الى العالم بالارقام والتعبير عن الأحاسيس واللوم والعتاب واعلان موقف ما من الحرب. وثمة مجموعة أخرى من الافلام والتجهيزات التي استلهمت موضوع الحرب وعرضت تحت عنوان "نملة قاطعة".

لعل ما يمكن قوله عن تلك الافلام مجتمعة انها بمعظمها تكاتفت لتعلن الحرب ماضياً. ومن هنا تنبع اشكالية تلك الاعمال بل وتتكرس اليوم مع الغليان الحاصل والمهدد في كل لحظة بتجدد مسلسل الحرب. كيف يمكن الصورة في حالة الحرب ان تجمع بين الحدث من جهة وبين القدرة على ان تكون صورة حية للحاضر والمستقبل؟ باستثناء فيلمين او ثلاثة، تحولت الافلام صوراً تسكن الماضي، عبرها الوقت بسرعة وان احتفظت بقيمتها التوثيقية. لقد أسرت تلك الافلام الحرب الأخيرة في اطار الذاكرة او الاحرى خلقت ذاكرة لتلك المرحلة تنتمي الى الماضي. لعله من غير العدل ان نحملها مسؤولية استشفاف الحاضر والمستقبل لأنها تنتمي الى وقتها وتعبر عن رد فعل سينمائيين ازاء واقع مرير. ولكن بهذا المعنى، الى اي حد تصلح لتكون مرآة لوقتها في ظل التغيرات العظيمة التي تطرأ على الزمن وتحيله كتلة متحولة لا تثبت على وجه؟

أفلام وثائقية وقصيرة

السؤال نفسه يمكن ان ينسحب على فيلمين وثائقيين أبصرا النور في العام 2006: "يوميات بيروت: حقائق وأكاذيب" لمي المصري و"ترمينايتر: المعركة الاخيرة" لكاتيا جرجورة. التجربتان مختلفتان في الشكل والمقاربة واللغة البصرية ولكنهما يجتمعان حول الموضوع: الأحداث التي أعقبت 14 شباط وتحديداً قيام "خيمة الحرية" في وسط بيروت. تحاول المصري التي تعود الى بيروت بعد غياب سينمائي دام ثلاثة عشر عاماً (منذ أحلام معلقة) ان تلتقط ملامح مرحلة شديدة الحساسية من خلال حكاية صبية بين المعتصمين مؤمنة بالتغيير وبإمكانيته. تلاحقها كاميرا المخرجة في جولاتها في المخيم ونقاشاتها مع الشباب الآخرين وتشكل مقابلة أجرتها معها بعد انفضاض المخيم الجسم الاساسي للفيلم بالصورة والشريط الصوتي المرافق. عُرض الفيلم في افتتاح مهرجان الافلام الوثائقية في تشرين الثاني الفائت أي بعد وقوع حرب تموز التي غابت عن الفيلم المصور قبلها الا من خلال جملة ظهرت على الشاشة في نهاية الفيلم تقول بحدوثها.

اما فيلم جرجورة فكان أقرب الى متابعة شبه يومية للمخيم بما احتواه من مادة خام لم تشتغل المخرجة عليها كثيراً بل تركتها وليدة لحظتها بدون روتوش. هنا ايضاً اختيار لشخصية وتركيز عليها وهي "ترمينايتر" الشاب المنتمي الى التيار العوني الذي كان مقاتلاً في الجيش ابان الحرب. في حين تقوم المصري باستنتاجاتها من خلال آراء بطلتها وتعبيرها عن خيبتها، لا تبدو جرجورة معنية كثيراً بثمار تلك المرحلة بقدر ما تميل الى تحسس بذور الحرب الكامنة في شخصية بطلها التي تعبر برأيها عن شريحة كبرى من اللبنانيين.

كلا الفيلمين مرتبط بالمرحلة التي تناولها وان كان مصيرهما معلقاً لجهة علاقة كل منهما بالمستقبل بسبب الواقع المتغير. فكيف يمكن مشاهدة شريط المصري بعد سنتين مثلاً؟ على الرغم من ان الشريط لم يخرج في فورة الافلام التي تناولت الحدث في حينه الا انه لازال جزءاً من مرحلة لم تنتهِ ولا نعرف الامَ ستنتهي.

بعيداً من موضوعة الحرب والاغتيالات وتداعياتها، أنجزت ديما الجندي شريطها الوثائقي "خادمة للبيع" الذي يروي جانباً من معاناة الخدم القادمين من سريلانكا الى لبنان للعمل. وكذا فعلت كارول منصور في "خادمة من لبنان" مشتغلة على الموضوع عينه. وفي كلا العملين يطفو الجانب الانساني للمخرجتين واهتمامهما الشخصي بالموضوع من دون ان يخرج ذلك اياً من الفيلمين من دائرة الفيلم التقريري. كورين شاوي هي الاخرى قامت بتجربة مماثلة في "المرأة الصالحة" ولعل الجامع الأساسي بين الافلام الثلاثة ان المخرجات يسافرن الى البلد الام للخادمات كأنما لكسر الصورة المنمطة عن ارتباط السريلانكيات بوصف خادمات.

اما وائل نور الدين فعرض فيلمه "من بيروت مع أطيب التمنيات" للمرة الاولى في اطار مهرجان ايام بيروت السينمائية على الرغم من انجازه قبل عام وهو يقدم فيه رؤيته لبيروت الممزقة بين العسكر والدين. في المهرجان عينه، قدمت لميا جريج فيلمها "سفر" المنجز بما يشبه الفيديو المنزلي متابعاً مقتطفات من سيرة عائلتها التي تتلاقى مع التحولات الكبرى في الشرق الاوسط بدءاً بانتقالها من "يافا" في 1948. فيلم جريج غير بعيد من أسئلة المكان ومعنى الانتماء اليه التي نقع عليه في فيلم نور الدين. اما وائل الديب فاشتغل في "وجوه معلقة على الجدار" على موضوع المخطوفين مسلطاً الضوء على يوميات امرأة خُطف ابنها خلال الحرب. عُرض الفيلم في مهرجان الافلام الوثائقية الى جانب "لاين" لفادي يانيتورك و"أية ثورة؟" للينا الخطيب. في الروائي القصير برز شريط فؤاد عليوان "الى اللقاء" عن واقعة في حياة عائلة لبنانية في "سويسرا" كما عاد شريط هاني طمبا القصير "بيروت بعد الحلاقة" الى تصدر المشهد السينمائي بعد فوزه بجائزة سيزار لأفضل فيلم قصير.

تبقى حركة انتاج الافلام الوثائقية والقصيرة عصية على المراقبة والرصد. خلا المهرجانات والعروض الخاصة، تكاد تلك الافلام تولد وتتوارى من دون ان نشعر بها بسبب غياب قنوات التواصل مع الجمهور. فضلاً عن ذلك، تشكل تلك الافلام مشاريع خاصة لمخرجيها، بعضها يُصور ويُنجز على مراحل وأحياناً على امتداد سنوات. الى تلك تزدهر منذ سنوات قليلة حركة الانتاج الوثائقي الممولة من التلفزيونات وتقودها قناة العربية التي انشغلت خلال العامين الفائتين بتصوير مجموعة افلام وثائقية وريبورتاجات لحساب الاتحاد الاوروبي. من بين تلك الافلام، أنجز كل من باسم فياض وميرنا شبارو وهادي زكاك وبهيج حجيج وزينة صفير وآخرين افلامهم حول موضوعات المهاجرون العرب والصراع العربي الاسرائيلي والمخيمات الفلسطينية وسواها. كما تشمل حركة الانتاج الوثائقي افلاكاً صورت ولم تحظَ بفرصة عرضها وأخرى يشتغل مخرجوها على تصويرها.

افلام روائية بين الإنجاز والعرض

بالعودة الى النصف الاول من العام 2006، يسجل الأخير الحركة الانتاجية الأكثر انخفاضاً منذ العام 2000 إذ غابت عنه المشاريع السينمائية الطويلة خلا مشروع يتيم شكل التجربة الروائية الاولى لندين لبكي وحمل عنوان "سكر بنات". ونقول انها الحركة الانتاجية الابطأ في ما يخص الروائي لأن السنوات الاخيرة حفلت بتصوير المشاريع السينمائية التي وصل عددها الى أربعة أحياناً كما هي حال العام 2002. وذلك عائد في جزء منه الى الحرب التي شلت النصف الاخير من السنة مع الاشارة الى ان لبكي انهت تصوير فيلمها قبل عشرة أيام فقط من اندلاع حرب تموز. كذلك شكلت الاخيرة وتداعياتها أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت بالمخرجة رندا الشهال الى تأجيل تصوير مشروعها الجديد "لسوء حظهم". أما السبب الآخر لتراجع حركة الانتاج فيكمن في آلية حركة الانتاج المحلية التي تقتضي منح المشروع السينمائي قرابة سنتين كمعدل عام منذ انتهاء تصويره قبل ان يصبح جاهزاً للعرض. ثمة استثناءات بالطبع كفيلم برهان علوية "خلص" الذي يدخل عام انتظاره الخامس أو "أرض مجهولة" لغسان سلهب الذي لم يحظَ قط بعرض تجاري على الرغم من تقديمه في عرض اول في مهرجان كان العام 2002. كما ان هناك مشاريع يمتد تصويرها على سنوات بسبب غياب التمويل او سمته الشخصية (اي ان المخرج يمول مشروعه) ومن تلك مشروعا ايلي خليفة وشادي زين الدين الطويلان اللذان استغرق تصوير كل منهما سنوات. ولكن المعادلة تنطبق على معظم الافلام الأخرى وفي مقدمها أربعة أفلام حظيت خلال 2006 بعروضها التجارية بعد ان انتهى تصويرها في العام 2004 وهي: "أطلال" لغسان سلهب (انتهى تصويره في أوائل آذار 2005 وعرض تجارياً اواخر 2006)، "يوم آخر" لخليل جريج وجوانا حاجي توما، "فلافل" لميشال كمون و"بوسطة" لفيليب عرقتنجي (بدأت عروضه التجارية اواخر العام 2005). ولكن بشكل عام، يستغرق المشروع المحلي وقتاً طويلاً ليجهز لأسباب تمويلية بالدرجة الاولى وتوزيعية بالدرجة الثانية.

بالعودة الى تجربة لبكي التي تتوج بضع سنوات من العمل في مجال الأشرطة الموسيقية والاعلانات، حاز شريطها تمويلاً على أثر ورشة عمل أقيمت على هامش مهرجان "كان" جرى خلالها تطوير عدد من السيناريوات الاولى لمخرجين من العالم ومن ثم تمويلها لتُنجز.

بمحاذاة تجربة لبكي، حضرت الافلام اللبنانية الطويلة خلال العام في العروض الجماهيرية. استُهل العام باستكمال عرض "بوسطة" لفيليب عرقتنجي الذي خرج في الصالات اللبنانية منتصف كانون الاول 2005 واستمر عرضه بضعة اسابيع. تبعه في اواخر آذار "زوزو" الفيلم اللبناني السويدي لجوزيف فارس الذي يروي جزءاً من سيرة المخرج طفلاً في بيروت الحرب ومن ثم هجرته وأهله الى السويد. في الحادي عشر من أيار، بدأت عروض "يوم آخر" لجوانا حاجي توما وخليل جريج الذي يروي يوماً واحداً في حياة شاب لبناني في بيروت الحاضر. اما "دنيا" المصري للمخرجة اللبنانية جوسلين صعب فعُرض في الصالات المحلية في شهر ايلول مع الاشارة الى انه لم يحظَ بعرض تجاري في القاهرة. وختام العام كان مع عرض شريط سلهب "أطلال" بدايةً في صالتي سينما سيكس بأمبير صوفيل ومتروبوليس في شارع الحمرا ولاحقاً أكملت عروضه ومازالت مستمرة في الأخيرة.

يمكن القول ان فيلمي "يوم آخر" (نحو سبعة آلاف مشاهد) و"أطلال" (قرابة 500 مشاهد) لم يلقيا جماهيرية وتلك مسألة، اي علاقة الجمهور اللبناني بالفيلم اللبناني، مازالت آلياتها غامضة وخاضعة لتفاصيل لا تُحصى. ولكن غالب الظن ان الشكل التعبيري والسردي هو الذي يلعب الدور الأساس. فالافلام التي تخضع لبنية كلاسيكية وتقوم على حكاية متسلسلة وشخصيات أساسية هي أقرب الى الجمهور المحلي والى النموذج الثابت عنده للسينما المستقى من الافلام الهوليوودية. ولكن المسألة ليست بهذا الوضوح لأن فيلماً مثل "زوزو" يقوم على حكاية وأبطال كان يجب ان يحقق جماهيرية انطلاقاً من ذلك المنظور ولكنه لم يفعل. على صعيد آخر، تكمل عروض "فلافل" التجارية محققةً (حتى لحظة كتابة هذه السطور) نحو 8.500 مشاهد في ثلاثة اسابيع.

التحول من موضوع الحرب والماضي الى الحاضر هو سمة الأفلام المذكورة بما ينبئ بتطور طبيعي وأهم من ذلك يكرس حضور هذه السينما. فعلى مدى نحو عشر سنوات من الانتاج السينمائي اللبناني الذي يمكن ان نسميه عرضاً "انتاج ما بعد الحرب"، يمكن ان نلحظ مرحلتين. الاولى هي خروج الافلام الاولى لمعظم السينمائيين وتمحورها حول الحرب من قريب او من بعيد: "الاعصار" لسمير حبشي (1995)، "ويست بيروت" لزياد الدويري (1997)، "اشباح بيروت " لغسان سلهب (1998)، "البيت الزهر" لجوانا حاجي توما وخليل جريج (1998)، "متحضرات" لرنده الشهال (1999)، "طيف المدينة" (2001). اليوم يمكن القول ان تلك الافلام كانت بمثابة التعويض عن سنوات طويلة من الانقطاع السينمائي وربما شكل ذلك الانقطاع مسافة ضرورية من الحرب لاعادة تقديمها في إطار شخصي ورؤية فردية. المرحلة الثانية غير المنفصلة بوضوح عن الاولى يمكن اعتبارها تلك التي انطلقت مع المشاريع الثانية للمخرجين الذي قدموا اعمالهم الاولى في النصف الاول من العقد ومع آخرين جدد، دخلوا بمشاريع مختلفة مثل "لما حكيت مريم" لأسد فولادكار. المرحلة الثانية شهدت تحولاً الى موضوعات أخرى غير الحرب مثل "طيارة من ورق" (2003) للشهال و"أرض مجهولة" لسلهب (2002). وها هي تتكرس منذ سنتين او ثلاث بأفلام نستطيع ان نقول انها تتشارك على أرضية من الاهتمام بالحاضر المنسي تحت وطأة الماضي المكبوت. الافلام اللبنانية الاخيرة وبرغم اختلافاتها الكثيرة وانتماء كل منها الى نظرة مخرجه، الا انها معنية برصد الحاضر اللبناني من زوايا مختلفة. سلهب يتحدث عن بيروت اليوم في "أطلال" وكذا يفعل جريج وحاجي توما في "يوم آخر" وعرقتنجي في "البوسطة" وكمون في "فلافل" وعلوية في "خلص"...

صالتان جديدتان

يرتبط الحديث عن الافلام اللبنانية التي حظيت بعروض تجارية بحدثين أساسيين مهدا الطريق لذلك. فليس مبالغاً القول ان عرض فيلم مثل "أطلال" ما كان ليتم لولا افتتاح صالة "متروبوليس" في شارع الحمراء المتخصصة للعروض الفنية والبديلة. فهي قامت بخطوة معاكسة في ما يخص ذاكرة صالات شارع الحمراء التي تلطخت خلال السنوات الاخيرة باقفال عدد كبير من الصالات وتحويل اخرى الي محال تجارية، فإذا بها تستثمر في الشارع من جديد وتراهن على نجاح تجربة مختلفة. غير ان الصالة التي افتُتحت قبل يوم واحد من اندلاع الحرب باسبوع النقاد الدولي، لم يمنحها الوقت فرصة اثبات نفسها وان كان اصحابها اصروا على تشغيلها اثناء الحرب كفعل حياة ومقاومة. منذ افتتاحها، قدمت الصالة فيلمين فائزين بجائزة الكاميرا الذهب في مهرجان كان وجزءاً من برمجة ايام بيروت السينمائية ومؤخراً "أطلال" و"يوميات بيروت" للمصري.

كذلك استعادت سلسلة صالات امبير مشروعها السابق Salle Six من خلال تحويل صالتي امبير صوفيل الى "سينما سيكس" الصالة السينمائية المتخصصة بالعروض البديلة او العروض المختلفة عن السائد التجاري. قدمت الصالة منذ افتتاحها في آذار الماضي الافلام اللبنانية "يوم آخر" و"أطلال" (لوقت قصير) و"زوزو" الى افلام من نوع Capote وScoop وMarie Antoinette فضلاً عن استقبالها ايام بيروت السينمائية ومهرجان السينما الاوروبية ومهرجان بيروت السينمائي.

...ومهرجانات

عام المهرجانات هذه السنة لم يكن كغيره. شهر كامل أوقف الحياة العادية وأعاق الأنشطة الفردية وحول كل ما عدا هاجس البقاء على قيد الحياة ضرباً من الترفه غير الضروري او الأحرى غير المتاح. شهر الحرب القسرية توالد أشهراً لحقت من المرارة والانكفاء الطوعي عن التظاهر بعودة الحياة الى طبيعتها او الى زمنها الاول. ليس خافياً القول ان المهتمين بالشأن الثقافي والفني بدوا الأكثر حيرة. كيف يقحمون أعمالهم واهتماماتهم في يوميات الحرب وتبعاتها؟ من قرر الانكفاء تجنب السؤال الأصعب: كيف يمكن انجاز عمل بمعزل عن الحوادث اليومية؟ ذاك كان هاجس القيمين على المهرجانات السينمائية. الأخيرة بما هي عمل ونتاج جهد لايمكنها ان تكون محايدة او عائمة على سطح الأحداث. هكذا أُلغي مهرجان "نما في بيروت" الذي كان انعقاده مقرراً في منتصف آب. فمع توقف الحرب في 13 آب، كان الوقت قد سبق ادارة المهرجان فضلاً عن تواجد بعضهم في الخارج فآثروا تأجيله الى مطلع العام 2007 بشكل مبدئي. ولكن بتأجيله، خسر المهتمون وهواة السينما فرصة لمتابعة الانتاجات اللبنانية التي حضرت بخجل في المهرجانات الاخرى.

في ايلول/سبتمبر الفائت شهدنا إحياء الدورة الرابعة لأيام بيروت السينمائية مدبجة ببرنامج "فيديو تحت الحصار" الذي أقام حواراً مباشراً مع مجريات الحرب لاسيما ان المهرجان كان الأقرب زمنياً الى وقوعها. كانت دورة مصغرة بسبب صعوبة استقدام الافلام وضيق الوقت ولكنها كانت بالنسبة الى القيمين عليها بمثابة اتخاذ موقف حياتي وفني من الدمار والقتل. انعقدت الدورة في ظل مساندة كبرى من سينمائيين عرب وأجانب وجذبت الجمهور الخارج لتوه من حرب خانقة والتواق الى العودة الى حياته العادية. ناهيك بالدلالة المباشرة لانعقاد المهرجانات كافة في ظروف مشابهة وهي دلالة على التحدي والاستمرار. في تشرين الاول، أطل مهرجان بيروت السينمائي من جديد بعد غياب ثلاث سنوات. دعم معنوي وفني من ماركو موللر المنتج الايطالي ومدير مهرجان البندقية ودعم مادي من مؤسسة "لي وغاند" مكنا المهرجان من الوقوف مجدداً على رجليه بعد طول ترنح وتقلب في الشكل والمضمون والهوية. أفاد المهرجان من العودة بعد الحرب كدليل على الحياة. ولكنه على الرغم من جمعه عناوين أفلام عالمية بارزة، ظل فاقد التوجه في ظل غياب الانتاجات العربية واللبنانية.

في تشرين الثاني انعقد مهرجان الافلام الوثائقية الأبعد زمنياً عن الأحداث الأخيرة ولكن ربما الأكثر التصاقاً بها نظرياً بسبب تخصصه في النوع الوثائقي عموماً وميله الخاص الى الافلام التي تنقل الواقع وتثير القضايا. حضرالموضوع اللبناني من خلال فيلم الافتتاح "يوميات بيروت" لمي المصري.

الخوف يكبل. لعل ذلك ما يجعل السمة الابرز للعام 2006 على الصعيد الثقافي هي محاولة الاستمرار حيث يغدو كل شيء بمثابة البرهان على استمرار الحياة. الخوف يقطع المبادرات. لم يشهد العام المنصرم جديداً، إذ يتركز الجهد في اوضاع مشابهة على الاستمرار، والاستمرار فقط. إنها مرحلة ترقب وانتظار لمعرفة كيف ستنجلي الامور. بهذا المعنى، كان العام 2006عام التحدي بالنسبة الى بعضهم وعام الانكفاء بالنسبة الى بعضهم الآخر. هناك من شعر بأن ما يحدث انما أكبر منه ومن محاولاته الابداعية الصغيرة لرسم الحياة بعينيه. وثمة في هذه الاحوال من اعتقد بضرورة الاستمرار متحدياً كل الظروف. لقد شاهدنا كيف يتلاشى الخاص ويغشى العام عليه في اوقات الازمات. لذلك نشهد شللاً في أعقاب الكوارث.. عام بيروت السينمائي لم يكن مشلولاً تماماً. أكمل بالممكن ومن دون اضافات ولا مبادرات ما انطلق منذ اعوام.

حدث 2006 لم يكن سينمائياً حتماً ولا ثقافياً. كان في مكان آخر.. في الشوارع المدمرة والساحات المفخخة والمشرعة على ثورة عارمة.. اين السينما من كل ذلك؟ سؤال تصعب الاجابة عنه على الاقل الآن.

 

مهرجانات وأحداث

·     جوائز الاكاديمية (اوسكار) 2006 منحت جوائزها لـ: شريط بول هاغيز crash أفضل فيلم وآنغ لي أفضل مخرج عن Brokeback Mountain وفيليب سيمور هوفمن أفضل ممثل عن Capote وريز ويذرسبون افضل ممثلة عن Walk The Line و Tsotsi أفضل فيلم أجنبي.

·     شكلت جوائز الكرة الذهب Golden Globes لعام 2006 مفاجأة بمنح فيلم هاني ابو أسعد الفلسطيني "الجنة الآن" جائزة أفضل فيلم أجنبي. وحاز brokeback mountain لمخرجه آنغ لي الكرة الذهب لأفضل فيلم درامي وأفضل مخرج، بينما حاز walk the line الكرة الذهب لأفضل فيلم كوميدي وأفضل ممثلين في دور كوميدي ليواكيم فينيكس وريز ويذرسبون. جائزة افضل ممثلة في دور درامي لفيليسيتي هافمن في Transamerica وأفضل ممثل درامي لفيليب سيمور هوفمن في capote.

·     مهرجان كان الذي عقد دورته الـ59 بين 16 و27 ايار/مايو منح السعفة الذهب للفيلم البريطانيThe Wind That Shakes the Barley لكين لوتش، الجائزة الكبرى لـ flanders لبرونو دومون وجائزة لجنة التحكيم للاسكتلندي The Red Road وجائزة الاخراج لاليخاندرو غونزاليس ايناريتو عن Babel. اما جوائز التمثيل فذهبت الى مجموعة ممثلات Volver ومجموعة ممثلي "بلديون".

·     الدورة الثلاثون لمهرجان القاهرة السينمائي انعقدت أواخر تشرين الثاني ومنحت جائزتها الاولى للفيلم الصيني THE ROAD وافضل مخرج للايراني خوصرو معصومي وافضل فيلم عربي مناصفة بين "بركات" لجميلة صحراوي و"قص ولصق" لهالة خليل.

·     عقد مهرجان قرطاج السينمائي دورته الـ21 بين 10 و17 تشرين الاول ومنح الجائزة الاولى للفيلم التونسي "الفيلم الأخير" للنوري بوزيد والثانية لـ"دارات" لمحمد صالح هارون من التشاد. بينما فاز بجائزة افضل فيلم وثائقي طويل الفلسطيني "من يوم ما رحت" لمحمد بكري.

·     الدورة السادسة لمهرجان مراكش السينمائي انعقدت بين 1و9 كانون الاول واختتمت بمنح جائزتها الاولى النجمة الذهب للفيلم الالماني The Red Cockatoo لدومينيك غراف.

·     كذلك عقد مهرجان دبي دورته الاخيرة منتصف كانون الاول ومنح جوائزه الى "بركات" (الجائزة الاولى) و"فلافل" (الجائزة الثانية) وافضل فيلم وثائقي VHS كحلوشة.

 

غابوا

ـ غيب الموت في 26 شباط الممثل المصري ابو بكر عزت على اثر اصابته بأزمة قلبية. تعود بداياته الى الخمسينات من القرن الماضي عندما دخل التمثيل من باب المسرح الواسع. في العصر الذهبي للسينما المصرية، وجد مكانه في الصفوف الثانية. بنظراته الماكرة وخفة ظله وسرعة حركته، قدم شخصية المحتال المحببة والقريبة. في جعبته قرابة ستين شخصية سينمائية منها في "أيامنا الحلوة" و"ميرامار" و"خائفة من شيءٍ ما" و"ضد الحكومة" و"الامبراطور" و"الهروب" و"المرأة والساطور" آخر افلامه في السينما.

ـ خسارة ثانية للسينما المصرية في مجال الكوميديا تجسدت برحيل الممثل عبد المنعم مدبولي يوم 8 تموز عن 85 عاماً. ينتمي الممثل الى جيل الكوميديين الاول والى المسرح اولاً وأخيراً حيث بدأ في الاربعينات مع فرق جورج ابيض وفاطمة رشدي وفرقة ساعة لقلبك. بدأ الاخراج المسرحي اوائل الخمسينات بمسرحية "الارض" وشارك في مئات المسرحيات والاعمال التلفزيونية والسينمائية.

ـ الخسارة الكوميدية الثالثة والكبرى كانت رحيل الممثل فؤاد المهندس يوم 16 ايلول مخلفاً فراغاً كبيراً في السينما والمسرح الذي عشقه وقدم فيه عشرات الادوار منها "سك على بناتك" و"علشان خاطر عيونك" وغيرها الى نحو سبعين دوراً سينمائياً.

ـ رحل الممثل حمدي غيث في 5 آذار عن عمر يناهز الاثنين وثمانين عاماً. خلال الخمسينات، درّس المسرح في اكاديمية الفنون وأخرج العديد من المسرحيات كما شارك في أخرى تمثيلاً كان اولها "دنشواي الحمراء" عام 1952. من المسرحيات التي أخرجها مقتبساً من أعمال لكتاب مصريين "الزير سالم" و"كسبنا البريمو" و"نفوسة" و"المومس الفاضلة" و"تحت الرماد" و"مأساة جميلة" و"حبيبتي شامينة". بمحاذاة المسرح، خاض غيث العمل السينمائي ليصل رصيده في السينما الى اكثر من ثلاثين فيلماً كان فاتحتها "صراع في الوادي" عام 1954 وخاتمتها "أرض الخوف" لداود عبد السيد الذي كشف عن اداء متخمر وحضور مؤثر. وفي التلفزيون، قدم ادواراً كثيرة ابرزها في "ذئاب الجبل" و"المال والبنون" و"زيزينيا" الى جانب ادواره الدينية والتاريخية التي اتقنها.

ـ رحلت الممثلة هدى سلطان يوم 4 حزيران عن عمر يناهز الحادية والثمانين بعد صراع مع مرض السرطان. كانت انطلاقتها السينمائية في العام 1950 على يد المخرج نيازي مصطفى بفيلم "ست الحسن" في دور البطولة الى جانب فريد شوقي الذي أصبح زوجها وأنتج ارتباطهما قرابة عشرين فيلماً مشتركاً أبرزها: "الأسطى حسن" و"فتوات الحسينية" و"جعلوني مجرماً" و"الفتوة". أبرز افلامها "امرأة في الطريق" لعز الدين ذو الفقار عام 1958 الذي قدمت فيه دور امرأة لعوب قبالة رشدي اباظة وشكري سرحان.

مع مطلع السبعينات، اتجهت سلطان الى شخصية الام والى الادوار الثانية بطبيعة الحال في افلام مثل "ثلاث نساء" و"الاختيار"وغيرها. في الثمانينات، اتجهت أكثر الى التلفزيون حيث مثلت العديد من المسلسلات ابرزها ثلاثية نجيب محفوظ "بين القصرين" و"قصر الشوق" و"السكرية". كان آخر ظهور لها في مسلسل "الليل وآخره" لرباب حسين.

ـ رحل السينمائي الأميركي روبرت آلتمن عن 81 عاماً تاركاً ارثاً سينمائياً ينتمي الى السينما المستقلة مثل M.a.s.h. وNashville وThe Player وGosford Park.

ـ رحلت الممثلة ماجدة الخطيب يوم 16 كانون الاول عن 72 عاماً بعد ان أطلت في فيلم أخير لأمير رمسيس في عنوان "آخر الدنيا" عُرض في مهرجان القاهرة الاخير. ابرز افلامها في السينما "دلال المصرية" الذي شكل اول بطولة سينمائية لها وكانت لها لاحقاً مشاركات في اكثر من خمسين فيلماً من بينها "امهات في المنفى"، "الخروج من الخانكة"، "حبيبي دائماً" ولاحقاً في "سكوت ح نصور". كما لعبت دوراً مميزاً في مسلسل "مشوار امرأة".

المستقبل اللبنانية في 29 ديسمبر 2006

بانوراما حصاد 2006 في السينما

حصاد 2006 في السينماحصاد 2006

هــــذه هـــي الأفــــــلام الـتــي تـــبــقـــى بــعـــــد أن نــلــتـــهــــمـــــهــــا بـــعـــــيــــونــــنـــا

هوفيك حبشيان 

انها لعبة. لعبة سادومازوشية غير ديموقراطية، نستسلم لها في نهاية كل عام. لعبة ظالمة مجحفة لأنه ينبغي انتقاء الافضل والاسوأ، وما بينهما، من كل هذه الوجوه والكلمات والاماكن التي صنعت حياتنا على الشاشة في الاشهر الـ12 الماضية. اي من بين أشياء وناس لم يولدوا أصلاً كي تتم المقارنة بينهم. لعبة، غالباً ما ينتصر فيها إما التبجيل وإما التهور وإما المديح المتزايد. هذه جردة نجريها في نهاية كل محطة، شأننا شأن صاحب مؤسسة تجارية. لكن الفرق ان حساباتنا لا تستند الى معطيات علمية. ننطلق من تفاصيل اخرى. من دقات قلب لا تزال تتسارع أكثر فأكثر في كل مرة نستحضر مشاهد من فيلم احببناه. من قطرات العرق التي لم تجف. من فكرة لا نزال نتخبط في جوهرها. من مجموع الاحاسيس الباردة والذكية والشاحبة التي لا تزال عالقة هنا وهناك، في أمكنة متفرقة من دواخلنا، رغم مضي شهر واثنين وثلاثة على اكتشافنا لها. لذا نميل في المحصلة الى الفيلم الذي يبقى بعد أن نلتهمه بعيوننا. الفيلم الذي ينقذنا لساعتين أو أكثر من أخطار العيش خارج صالة مظلمة. في أي حال، انها لعبة اقصاء مرعبة وغير عادلة. كيف في وسعنا ان نرمي على "منقذينا" نظرة غير متساوية ونحن عملياً ممتنّون لكل هؤلاء، حتى لأشدّهم كذباً ونفاقاً، لإخراجنا من الدوامة التي تدور فيها حياتنا. مرة أخرى، ولن تكون الاخيرة ربما، نستلهم من تروفو وقوله هذا، الساذج ربما، في ان السينما (وكم كان "لبنانياً" في طرحه)، اجمل من الحياة. قد يخطىء المرء في تقويم بعض التجارب ويغالي في مقاربة بعضها الآخر. لِمَ لا؟ أو يتسرع في رفع القبعة للبعض الآخر. قد يحصل ذلك ايضاً. ومن الوارد أن تتدخل الغرائز والعواطف والعقل والمنطق معاً في تسلسل غير متناسق. لا بأس. أليست السينما ذاتها اكتشافاً علمياً تحوّل بسرعة الى فن، عندما انتقلت من يد الاخوين لوميير الى جورج ميلياس؟ ثم، ماذا يعني أن نقوّم وكيف ولماذا؟ والى أي مدى نقوّم انفسنا عندما نقوّم انتاجات الآخرين؟ هذا هو السؤال الذي نطرحه اليوم. ايضاً: لماذا نحن دوماً في حاجة الى طي صفحة وفتح اخرى، فيما الوقت هو شيء لا يبدأ ولا ينتهي، وتغيير رقم لا يعني الكثير؟ أخيراً، كيف نجرؤ على وضع قائمة من أفلامنا العشرة المفضلة (تقليد لا مفرّ منه في الصحافة السينمائية)، ونحن لم نشاهد ربما سوى عشرين في المئة من كل ما انتج في هذه السنة شرقاً وغرباً من الهند الى الولايات المتحدة فأوروبا وأسيا القصوى؟

ماذا عن شؤوننا السينمائية منذ شباط 2005؟ لا تزال أحوال الفن السابع تزداد تدهوراً منذ ذلك التاريخ المشؤوم وتعيش على مزاج المد والجزر السياسيين. يوم حلو وعشرة مرّة. الحقيقة ان الظروف الامنية لم تسهّل مهمات الموزعين ومستثمري الصالات، رغم ان العقلية اللبنانية السباقة في النهوض حتمت وجود صالاتي "سينما سيتي" و"متروبوليس" متجاهلةً الازمة. فالارقام والاحصاءات تكشف أن الايرادات في الصالات اللبنانية تراجعت هذه السنة بنسبة 4 في المئة تقريباً مقارنةً بعام 2005، الذي كان سجّل بدوره تراجعاً نسبته 40 في المئة مقارنةً بالعام الذي سبقه. لكن المشكلة الحقيقية تمثلت في مستوى هذه الاعمال، لا في الصراع الازلي بين الكم والكيف. واذا القينا نظرة خاطفة على الاعمال العشرة الاولى التي تربعت على عرش بورصة الايرادات، لوجدنا ان أكثرها لا يستحق المشاهدة (وهذا ليس بجديد)، باستثناء عمل بيتر جاكسون الطموح "كينغ كونغ" (و"كازينو روايال" اذا كان لا بدّ) الذي احتل المرتبة الاولى مستقطباً نحواً من 80 ألف مشاهد. أما بقية اللائحة فتراوح بين الكوميديات الرديئة والتتمات الهوليوودية على قاعدة: "لا نغيّر فريقاً رابحاً".

نحو مئتي فيلم عرضت هذه السنة في لبنان، كثر منها أخفقت في ملاقاة جمهورها، ونعني خصوصاً تلك التي تحمل هماً سينمائياً وتسكنها الاستجوابات الانسانية الكبيرة. جاءت لائحة المنبوذين على النحو الآتي: "الطفل" للاخوين داردين (293 مشاهداً)، احتل المرتبة 11 من لائحة أفلامنا المفضلة؛ "كاشيه" لميكاييل هانيكه (583)؛ "ثلاث جنازات" لطومي لي جونز (588)؛ "كابوتي" لبينيت ميللر (2166)؛ "الطريق الى غوانتانامو" لمايكل وينتربوتوم (2353)؛ "مذيع الاحوال الجوية" لغور فربينسكي (2583)؛ "جارهيد" لسام مانديس (3827)؛ "يونايتد 93" لبول غرينغراس (4227)؛ "العالم الجديد" لتيرينس ماليك (4452). بصراحة، لا يزال الاتيان بالسينما الصعبة والمتطلبة وغير الخاضعة لشروط العرض والطلب، الى خارج اطار المهرجانات، مغامرة تنجح مرة وتخفق مئة مرة. لا جمهور لها، ليس فقط في لبنان. ربما قليلاً في باريس. وهذا النوع، حتى هناك، بالكاد يصمد في وجه الأفلام العملاقة ذات الالف نسخة. نقطة على السطر. دعونا نتذكر اننا في بلاد الالف سينيفيل العاجقين الكون! وسبعمئة منهم لم يشاهدوا الفيلم الاخير لمواطنهم غسان سلهب!

 

أفلامنا العشرة المفضلة (في الصالات المحلية)

1 - "بابل" لأليخاندرو غونزاليث ايناريتو

هذا الفيلم - الصفعة كان بعيداً سنتيمترات قليلة عن نيل "السعفة الذهب" في "مهرجان كان" الاخير. انه حقاً امتداد لفن ايناريتو، وتكريس لمفرداته وابجديته. بعدما انكسر حلم المكسيك المعاصر في "حب كلاب" وضاقت عليه الولايات المتحدة ("21 غراماً")، يستخدم ايناريتو العالم، الكون، الكرة الارضية، مسرحاً شكسبيرياً، ليقول ان شيئاً ما ليس على ما يرام، ذاهباً بحساسيته ابعد بكثير من الطموحات والتحديات التي رسمها لنفسه في اعماله السابقة، إن من الناحية البصرية او الخطاب السياسي غير المباشر، محارباً على اكثر من جبهة. ونكتشف ان البندقية هي القضية الام في "بابل"، وما يدفع المخرج الى هذا اللف والدوران ليروي ما يشبه حادث سير على تقاطع طريق، ليس وحدها الرغبة في انجاز شريط يختصر فيه العالم، انما للقول ان اسرع مسافر على متن طائرة العولمة هو الاصولية، والتقوقع والعقول البوليسية المتحجرة، التي تجعل مثلاً من الشرطي المسؤول عن الامن على الحدود الاميركية - المكسيكية كائناً غير رحوم يفضل القبض على سيدة لا تملك اوراقا ثبوتية، على أن يهرع الى اسعاف طفلين ضلا طريقهما في الغابة. هذا الشريط صفعنا على جبيننا المبلول... بالدموع.

2 - "العالم الجديد" لتيرينس ماليك

بعد أربعة افلام استنبط فيها الماكينة الانسانية وبحث عن جذور الشر، ها هو عائد بفيلم مستوحى من اسطورة جون سميث وبوكاهونتاس. شريط في غاية الاهمية. ماليك يلامس ما تعذر على غيره: اخراج فيلم - قصيدة. جرياً للعادة، مقاربته غنائية بلا مثيل. يقتحم مخرج "الخيط الاحمر الرفيع" دواخل الاشياء. كم مرة يترك الوجوه ليصوّب كاميراته نحو التراب والهواء واغصان الشجر والسماء والطيور، واضعاً البراءة قبالة البطش، والحب قبالة القلوب المشحونة بالكره، وشاغلاً العقل بتساؤلات فلسفية عميقة. يرافق الكل تعليق صوتي دافىء، طافح بالاحاسيس والانفعالات. مخرجنا (اللبناني الاصل كما يقال) شاعر. وما يكتبه على صفحة الصورة أقرب الى الشعر الموزون منه الى النثر. وفي أسوأ الاحوال يغدو أوبرا تتحرك فيها كائنات في حالتها البدائية. ماليك نموذج للسينمائي الذي يترك المشاهد في حيرة وارتباك فيما هو يمضي في منحنا تفسيراته عن العالم. فما بالك اذا كان هذا العالم جديداً ولم تنكشف كل اسراره بعد؟

3 - "ميونيخ" لستيفن سبيلبرغ

يخلص سبيلبرغ كعادته، الى الموضوعات الاحب الى قلبه، من مثل الطفولة، الى الحياد والغياب عن عالم الراشدين الذي تسوده فوضى الجريمة المنظمة. الطفل عنصر مقدس عند سبيلبرغ وليس جائزاً المساس به، كما في مشهد عملية اغتيال احد الضالعين في العملية الارهابية، والذي يحبس الانفاس. الطفولة ذاتها، المتمثلة في الابن الذي يرزق به العميل في الموساد، ستساعده في ان يعي حقيقة المهمات التي تولاها، وان يطرح على نفسه سؤالاً مفاده اي عالم نريده لاولادنا. والسؤال، كما يطرح هنا ويعالج، ليس ساذجاً على الاطلاق. لأفنر يدا جزاراً لكن قلبه ودود. هنا المفارقة التي يصورها مخرج "لائحة شندلر". مهنته القتل، لكنه أب، مثله مثل والد الفتاة التي تلعب البيانو. لكنه لا يدرك حقيقة ما يفعله الا بعد أن يبعث فيه الشوق الى طفله، ويمتلكه احساس بأنه يجب ترك ارث غير الذي يسعى الى تركه. هذا الرجل سيُهزم كلما حقق نصراً. سبيلبرغ يصور عملية انحطاطه او تدهوره الى أسفل. واذا سمعناه يقول لزوجته التي لم يهتم بها كثيراً، انها وطنه الوحيد، فإنه يقول ذلك بارتجال يشجعنا على تصديقه. عبقرية سبيلبرغ انه يدرج في فيلمه موضوعات الامومة والابوة والطفولة من دون ان يستثير الضحك. لا يهمه ان يوجه اللوم الى هذا او ذاك، بقدر ما يستهويه الاحتكام الى منطق العائلة وقيمها، التي يعتبرها خشبة خلاص الانسانية. من العائلة ولدت سينماه، والى العائلة تعود. كذلك، ينجح في ان ينزع من عيوننا بضع دموع ساخنة، نتيجة الانفعال الذي يدوم حتى بعد مغادرة الصالة، ويختتم جملة الانفعالات بذلك المشهد - المفتاح، حيث يضاجع أفنر زوجته، لكن صور قتل عنيفة تشوّش فكره. وفي ما بعد يصادف بلوغه النشوة مع مشاهد اقتتال أكثر دموية، لتصبح ممارسة الحب فعل انتقام. ففي هذه المساحة الشعرية التي تسمح لسبيلبرغ بأن "يقذف" نشوته السينمائية، يلمح الى ان الغرائز هي التي تتحكم بالانسان، وليس العقل والمنطق، وتحوله الى ما هو ادنى شأناً من الحيوان. ولعل اكثرها خطورة هي غريزة الانتقام. هكذا يكون سبيلبرغ قد انجز فيلماً اخبارياً انطلاقاً من حدث تاريخي معروف.

4 - "شرطة ميامي" لمايكل مان

في غمرة الانجذاب الى اغراءات شكلانية، لا يغفل مان، مصمم الاشكال، الجانب التوثيقي للعمل، محرزاً تفوقاً لافتاً في تصويره عالم العصابات والمافيا والجريمة المنظمة والاساليب التي تنتهجها شرطة ميامي. بيد انه سرعان ما يغلّب الطبع على التطبع، فيسقط الفيلم من يد غونغ لي الى يد كولين فاريل، لتصبح الدراما شكسبيرية في فصلها الاخير، ولاسيما من حيث بلورتها النزعة الحتمية للقصة، والتراجيديا، فيتوضح ميل مان الى صاحب "هاملت" في مشهد الختام. ان نحب او لا نحب، هنا يكمن السؤال.

5 - "ماتش بوينت" لوودي آلن

وداعاً لـ"الرسالة" في الكلام المتزن والعقل "المريح"، والتي تصل اليك مهما يكن اتجاه الرياح. تتمعن في قراءتها مهما يكن اتجاهك. فمع تناوله موضوعاً على هذا القدر من الشؤم، يدخل آلن في مرحلة جديدة من حياته السينمائية (تكملتها "سكوب") يتعايش فيها، سواء بالاكراه او بالتراضي، دوستويفسكي (الحاضر في الفيلم عبر "جريمة وعقاب" الذي يقرأه البطل) وبرغمان والشخصيات الشغوفة الخارجة من احدى كلاسيكيات الادب الروسي. آلن دائماً وابداً. لا تخذلنا.

6 - "كاشيه" لميكاييل هانيكه

قلق. عزلة. بغضاء. تمزق نفسي. معاناة. يجعل هانيكه الخوف شبحاً طاغياً على امتداد الشريط، ويقودنا الى المجهول، ليرينا مدى صعوبة ان نمشي وعيوننا مغمضة. تلك الاضطرابات كلها ستنتج من التوتر العالي الذي يشيعه هانيكه بما يملكه من موارد سينمائية. ما سر هذا المخرج، علماً انه لا يلجأ الى نوتة موسيقية واحدة، على مدار 115 دقيقة؟ الصمت هنا يبوح. يخرّب كل شيء. ثم يعود الى صمته.

7 - "ثلاث جنازات" لطومي لي جونز

من أفكار بسيطة، ينسج جونز قصيدة تحلّق سينمائياً. قصيدة تتحول وثيقة للسلوك البشري في ظروف القهر والعذاب النفسي. ادارته للممثلين ومعرفته الدقيقة بالاشياء التي يتحدث عنها، نقطتان تسجَلان لمصلحته. يقتفي جونز خطى مارلون براندو عندما قام ببطولة "العدالة ذو الوجهين" واخراجه. من قال ان حياة اخرى لا تبدأ ما بعد الستين؟ في اي حال، يبعث جونز من خلال ملامح القسوة التي يستثمرها في شريطه، بعداً جديداً للرقة، وإن كنا لا نبلغها الا من طريق السادية وفقدان كل انواع الايمان والتواصل الروحي.

8 - "يونايتد 93" لبول غرينغراس

شريط لم ينل ما يستحقه من تقدير حتى تاريخ كتابتنا هذه السطور. الاهم، انه ليس في نية غرينغراس ارضاء صنّاع القرار في اميركا. كأن الصراع الحاصل برمته لا يعنيه، بقدر ما تعنيه مسألة نقله. ينتهي الفيلم حيث يبدأ معظم الافلام، اي عند اشعال فتيل الارهاب والارهاب المضاد. ثمة حرية في التحرك والتفكير منقطعة النظير في فيلم غرينغراس، الى حدّ دفعنا الى القول ان هذا من اكثر الافلام التي لا تفكر بل تفعل.

9 - "الطريق الى غوانتانامو" لمايكل وينتربوتوم

مخرج آخر، هو وينتربوتوم، حبس انفاسنا. شريط مكثف عن اربعة اصدقاء بريطانيين من اصول باكستانية يزورون بلاد أجدادهم للمرة الاولى للاحتفال بعرس واحد منهم. روائي؟ وثائقي؟ دوكودرامي؟ لِمَ التصنيف، ما دام هناك انطباع بأننا امام ريبورتاج لصحافي كبير، قبل ان نكتشف ان وينتربوتوم يستعين بأدوات الفيلم التسجيلي لفبركة واقع يتعذر تقديمه والتحسس به خارج اطار ما هو خام ومباشر.

10 - "مساء الخير، وحظ سعيد" لجورج كلوني

"مانيفست" عن حرية التعبير. أو كيف تستطيع "السلطة الرابعة" ان توظف الكلمة في سبيل التغيير. درس مزدوج يعطينا اياه الممثل الذي صار مخرجاً. درسٌ في الاعلام والديموقراطية، وفي كيفية احترام ميثاق الشرف الذي تلتزمه شخصيته الاساسية. من داخل غرف التحرير واستوديو البث المباشر، نشهد ولادة سلطة، هي سلطة التلفزيون. ومن الصراع بين استخدام النفوذ من اجل التحرر واستخدامه من اجل التسلط، يولد هذا الفيلم الذي يرفض كل اشكال الطوباوية.

أفلامنا الـ15 المفضلة (في المهرجانات والصالات الاجنبية)

1 - "الكتاب الاسود" لبول فرهوفن

عاد المخرج الهولندي بول فرهوفن الى بلاده ليصور "ثريللر" مذهلاً تدور حوادثه في هولندا أثناء احتلال النازي لها، تاركاً "ارض الميعاد" الاميركية التي شرّعت له ابواب النجاح والشهرة وقدمت احلاماً لذيذة تحولت مع مر الزمن كوابيس، رقابة ونفوراً. فيه يلاحق فرهوفن مسار يهودية قاومت الاعداء قبل ان تتهم بالخيانة والتعامل. بعد أفلام لم تتوان عن اعطاء صاحبها صورة متمردة وشرسة تفلت من قبضة الإنتاج العادي المهيمن في هوليوود، يخرج صاحب "غريزة أساسية" من التجربة الهوليوودية سالماً ومعافى بفيلم سيطاردكم، إن شاهدتموه، حتى الى اكثر احلامكم صفاء. يواصل فرهوفن استفزاز انصار الطهرانية والمحافظين عبر نظرة غير مسبوقة الى الحقبة النازية، اذ يساوي بين المقاومين والمحتلين. لا بل يصوّر ضابطا نازيا على انه اقل حقارة من بعض الذين يدافعون عن قيم الوطن. انه فيلم السنة!

2 - "قلوب" لألان رينه

آلان رينه، رجل الرهانات الصعبة، يقتبس مرة جديدة مسرحية بتوقيع آلن ايكبورن بعدما نقل الى الشاشة "سموكينغ/ نو سموكينغ" قبل نحو 13 سنة. سابين ازيما وبيار ارديتي واندره دوسولييه مجدداً تحت ادارة المعلم الفرنسي. ينطلق الفيلم من ست شخصيات معاصرة ناقلاً بالكثير من الطرافة والحزن العابر مأساة الوحدة في المجتمعات الحديثة. عند رينه الكثير ليقوله عن الانسان وشروط البقاء والعيش رغم الصعاب. اما الامكانات الهائلة التي يضعها هذا المخرج الشاب، نعم الشاب جداً، (85 عاماً) ليفرغ جعبته، فما من احد يستطيع استنساخها في تركيبات جاهزة. هذه السينما تعلمنا الكثير لكنها لا تُعلم.

3 - "الداليا السوداء" لبراين دو بالما

آخر ابداعات معلم التشويق (ابن هيتشكوك الروحي) الذي خطف انفاسنا عام 2003 بـ"المرأة اللعوب". ها هو اليوم عائد بهذا الفيلم المقتبس من رواية جيمس ايلروي التي تدور في اربعينات القرن الماضي. كل العناصر التي صنعت مجد دو بالما حاضرة: المرأة اللعوب، الشرطي الذي يبحث عن الحقيقة، الجريمة الغامضة، الحس البصري غير الموجود عند اي مخرج آخر في العالم. اقل وحدة تصويرية عند مخرج "سكارفايس" أشد احتضاناً للابداع من مئة فيلم من افلام السلسلة. لمن كانوا يدعمون نظرية ان سينما دو بالما على شفير الافلاس... اضحكوا تضحك لكم الدنيا.

4 - "سكرة السلطة" لكلود شابرول.

5 - "حق الاضعف" للوكا بيلفو.

6 - "الملكة" لستيفن فريرز.

7 - "السيدة هاندرسون تقدم" لستيفن فريرز.

8 - C.R.A.Z.Y. لجان - مارك فاليه.

9 - "الى اللقاء، حب وتشاو" لميكيلي سوافي.

10 - "الشمس" لألكسندر سوكوروف.

11 - "ثلاث مرات" لهو سياو - سيان.

12 - "من الخفقان قلبي توقف" لجاك أوديار.

13 - "رجل الغريزلي" لفرنير هيرزوغ.

14 - "بايبي بوي فرانكي" (1961) لآلن بارون.

15 - "باريس، احبك" (الكسندر باين/ الاخوان كووين).

 

أكثر المشاريع غرابة (بلا ترتيب)

* "أمة الفاست فود" لريتشارد لينكلايتر.

* "عندما كنت مغنياً" لكزافييه جيانوللي.

* "تصوير في بستان انكليزي" لمايكل وينتربوتوم.

* "سفر الى أرمينيا" لروبير غيديغيان.

* "في جلد جاك شيراك" لكارل زيرو وميشال روايه.

* "كارمن" لمارك دورنفورد - ماي.

* "أخبار من الوطن" لأموس غيتاي.

* "سيد الحرب" لأندرو نيكول.

* "حوار (ات) مع امرأة" لهانس كانوسا.

لميشال هازانافيسيوس OSS 117 *

Bubble لستيفن سادربرغ.

* "ماروك" لليلى ماراكشي.

* "تاكسيديرميا" لجيورجي بالفي.

* V for Vendetta لجيمس ماك تيغ.

* "ماري - انطوانيت" لصوفيا كوبولا.

* "مذيع الاحوال الجوية" لغور فربينسكي.

* "تاكيشيز" لتاكيشي كيتانو.

* "كليمت" لراوول رويز.

* "تسوتي" لغافين هوود.

 

أسوأ الافلام (بلا ترتيب)

* "الرياح تهب" لكين لوتش.

* "يحترق" لكلير سيمون.

* "تايدلاند" لتيري غيليام.

* "من أجل الذهاب الى السماء ينبغي الموت" لدامشيد أوسمونوف.

* "شيفرة دافنتشي" لرون هاورد.

* "لايدي المياه" لنايت شيامالان.

* "مركز التجارة العالمي" لأوليفر ستون.

* Les Bronzes 3 لباتريس لوكونت.

 

السينما اللبنانية

رواية السينما اللبنانية لا تزال في معظم ملامحها مغامرة فنان طائش خارج على السرب في بلاد استبدلت ارقى مدرسة صورة بالفيديو كليب والحماقات التلفزيونية. مغامرة الفن السابع في بيروت لا تزال مرهونة بالتحديات وقائمة على مبادرات فردية. اي صورة ستحدد الهوية البصرية بعد وقت طويل؟ الراجح ان الفيديو كليب هو الذي سيضطلع بهذا الدور. فالارقام غير المشجعة التي حققها الفيلم اللبناني في السنوات الماضية على شباك التذاكر، ساهمت تلقائياً في قطع الاتصال بينه وبين الموزعين. وبلغت اللامبالاة مبلغاً الى ان يسقط بعض الافلام كلياً من حساب مستثمري الصالات، وابرز مثال "أرض مجهولة" لغسان سلهب الذي لم يعرض في الصالات التجارية. هذه الثقة بين الطرفين عادت، وإن على نحو خجول، بعد النجاح الجماهيري غير المسبوق الذي حققه "بوسطة" لفيليب عرقتنجي (نحو 140 ألف مشاهد). لكن المعجزات لا تحصل الا نادراً، اذ لم تحظ الافلام التي صدرت في ما بعد في الصالات اللبنانية بالاقبال الجيد، وهذه حال فيلم الثنائي جوانا حاجي توما وخليل جريج، "يومٌ آخر"، الذي لم يجذب الا 3953 مشاهدا؛ وايضاً فيلم غسان سلهب الاخير، "أطلال"، الذي كان مصيره الفشل الجماهيري والمهرجاني، اذ لم يستقطب سوى 300 مشاهد في صالتي "متروبوليس" و"أمبير - صوفيل". اليوم، نترقب عن كثب النتائج التي سيخلص اليها "فلافل" لميشال كمون، وخصوصاً ان هذا الفيلم المتميز في الاساس سبق ان نال جائزتين، واحدة في مهرجان نامور البلجيكي وآخرى في مهرجان دبي، علماً ان الاقبال عليه اثر افتتاحه في الصالات لم يكن مشجعاً الى حد بعيد. وفي انتظار ايجاد حل تمويلي لفيلم برهان علوية، الذي لا يزال في طور الانتاج منذ نحو 4 سنوات لعدم توافر المال المطلوب لانهائه، ثمة مشاريع سينمائية لبنانية نوقشت في الدورة الاخيرة من مهرجان السينما الاوروبية، وهي مشاريع لبهيج حجيج وشادي زين الدين وأولغا نقاش وآخرين. اما على صعيد المهرجانات، فلم تكن الحرب والاجواء المشحونة بالتوتر السياسي عائقاً امامها، اذ شهدت العاصمة ثلاث تظاهرات سينمائية منذ شهر أيلول الماضي: "أيام بيروت السينمائية"؛ "دوكو دايز"؛ "مهرجان السينما الاوروبية"، كذلك حضور كل من مدير مهرجان البندقية ماركو موللر والمخرجين ايمانويل كرياليز وميشال أوسلو وجيمس لونغلي واسماعيل فاروخي. وعلى صعيد الفيلم الوثائقي طرح "يوميات بيروت" لميّ المصري رؤية ثاقبة للوضع اللبناني المتردي وحط رحاله في مهرجانات دولية عدة.

 

ظاهرة العام.. السينما السعودية تأخرت 111 عاماً... فقط!

رغم أنها لا تزال الرقم الصعب في المعادلات السياسية والاقتصادية والإعلامية في العالم العربي وفي العلاقة القائمة بين العالم العربي والغرب، إلاّ أن المملكة العربية السعودية لا تولي الهمّ الثقافي والفني أدنى حدّ من الأهمية والدعم، لاعتبارات متعلّقة بالمحرّمات الكثيرة التي تحاصر المجتمع السعودي، وهي محرّمات دينية واجتماعية وحياتية ضاغطة. مع هذا، فإن عدداً من الشبان السعوديين المتحمّسين للعمل والإنتاج الإبداعي في شؤون عدّة، ومنها السينما، بدأوا منذ أعوام قليلة رحلة البحث عن المتاعب: إخراج أفلام سينمائية متواضعة يحاولون من خلالها التعبير عن أنفسهم، وعن هواجسهم وأحلامهم ومخاوفهم ورغباتهم، في مناخ إنساني ضاغط، ويقدّمون فيها تجارب ذاتية وعامة تتعلّق بالجوانب المختلفة لحياتهم.

من هذا المنطلق، بدأت السعودية تحضر في مهرجانات ومناسبات سينمائية عدّة، آخرها الدورة الثامنة والعشرون لمهرجان "القارات الثلاث" (نانت)، التي استضافت هذه السينما الجديدة في العالم العربي، بتخصيص احتفالية بها، تعرض أربعة أفلام حديثة الإنتاج: فيلمان تسجيليان ("نساء بلا ظل" لهيفاء المنصور؛ "سينما 500 كلم" لعبدالله العياف)، وآخران روائيان طويلان ("ظلال الصمت" لعبدالله المحيسن؛ "كيف الحال؟" لايزيدور مسّلم).

لكن الأسئلة كثيرة، والأجوبة لا تزال معلّقة: ماذا عن هذه السينما؟ هل هي سينما أصلاً، أم مجرّد محاولات تعبيرية بصرية؟ هل هي قادرة على التحرّر من المحرّمات، أم أنها تعمل على ابتكار أنماط فنية تحتال بفضلها على المحظورات؟ ماذا عن واقعها الآنيّ، وماذا عن مستقبلها؟ هل يمكنها أن تتحوّل إلى صناعة سينمائية أم إنها ستبقى محاولات عابرة؟ لننتظر.

الغائبون

اختتمت كلود جاد سنة بغيضة ومليئة بالفجائع الآتية من كل الارجاء، برحيلها عن عمر 58 عاماً في تشرين الاول، ولحقها بعد نحو ثلاثة اسابيع جوزف باربيرا (1911)، ابو "طوم وجيري". كان ادارها المغفور له تروفو في سلسلة الافلام التي كان محورها "ذاته الاخرى" انطوان دوانيل، الى حدّ ان اطلقت عليها تسمية "الخطيبة الصغيرة للسينما الفرنسية". من الادوار التي لعبتها جاد، أكثر ما يعمر في الذاكرة البعيدة، شخصيتها في فيلم "طوباز" (1969) لالفرد هيتشكوك، وآخر ادته الى جانب جاك بريل في "عمي بنجامان" لمولينارو في العام نفسه. في اي حال، جرف معه هذا العام على الاقل ثلاثة مخرجين من الكبار هم: الاميركي الزنديق واللاذع روبرت ألتمان (1925)؛ الياباني قنّاص الاعراف والتقاليد شويه ايمامورا (1926)؛ والعصيّ على التصنيف ريتشارد فلايشر (1916) الذي واكب غيابه الناتج من الشيخوخة، كماً هائلاً من الاستعادات لأعماله والمقاربات النقدية لإنتاجه في عواصم الثقافة والفكر. ثلاثة مبتكري أشكال وانماط ابتلعتهم 2006، ولا ننسى ايضاً سيد الكوميديات العالقة في وجداننا والمتسربة من طفولتنا، جيرار أوري، الذي توفى عن 87 عاماً بعد ثمانية أيام على اندلاع حرب تموز، هذا الذي كان ينادي بالمصالحة التاريخية بين اليهود والعرب ("مغامرات رابي جاكوب"، 1973) لمصلحة الاجيال الآتية، وتفادياً لابقاء منطقة الشرق الاوسط تحت التطرف والصراعات والتمزق.

من الذين غابوا ايضاً في هذه السنة: المخرج الفرنسي فرنسيس جيرو (1944)، صاحب "المتعة الجيدة" الذي لم يتنازل طوال مساره المهني عن مكانته الى أحد، واتيحت له ادارة رومي شنايدر في "مديرة المصرف" وآخرين من أصحاب الموهبة. وكيف لا ننزف قهراً واسى على معبود السينيفيليين فيليب نواريه الذي، في الواقع، فارقنا عن 76 عاماً، وكان يمكن أن يبقى قليلاً بعد. لم ينل منه السرطان اللعين بقدر ما فعلته أزمنة الانحطاط والغرور الفارغ التي لم تكن تمنحه الرغبة في الاستمرار والمثابرة. والحق انه ليس للكل موهبة ربانية في حمل قضية أكثر من زمن واحد، كما هي الحال مع عميد السينمائيين مانويل دو اوليفيرا (يبلغ المئة بعد سنتين). كذلك سُجّل غياب كل من المخرج الساحل عاجي العامل في باريس هنري دوبارك (1941)، صاحب ستة أفلام في عقدين من الزمن، منها "قلب جميل"؛ والفرنسي برنار راب (1945) الذي كان اعجبنا فيلم شاهدناه له في بيروت، من بطولة برنار جيرودو اسمه "مسألة ذوق" (2000). وحكمت المحكمة على الشرير جاك بالانس (1918) ان يرحل هو أيضاً الى حيث سيندم ربما بسبب أفعاله الدنيئة (في السينما طبعاً)، وحبذا لو تنصف هذه المحكمة المخرج الايطالي جيلو بونتيكورفو (1919) لرؤيته الانسانية العميقة التي طرحها في فيلمه "معركة الجزائر" واثار حفيظة الفرنسيين واحدث خللاً في العلاقات بين باريس وروما. البولوني فاليريان بوروفتسيك (1923) خطفه الموت هو أيضاً، ليس من دون أن يترك خلفه فيلماً من الصعب نسيانه: "الوحش" (1975). وعلى أثر صراع طويل مع المرض، رحل ايضاً الممثل كلود بيابلو (1923)، بالاضافة الى رحيل الاميركي الشهير غلين فورد الذي كان دخل في ايار الماضي عقده التاسع، كذلك حرمنا الموت من وجهين لا شك ان أحدهما لا يشبه الآخر البتة: اليدا فالي (1921) ودانيال اميلفورك الذي يصغر زميلته بثلاث سنوات، والذي سنلقي عليه التحية في هذه الصفحة قريباً.

احتفلنا هذه السنة بالذكرى...

·     10 على رحيل المخرج البولوني كريستوف كيسلوسكي، والتركي يلماز غونيه، والفرنسي رينه كليمان؛ والممثل الايطالي مارتشيللو ماستروياني.

·         20 على رحيل اندره تاركوفسكي، كولوش، كاري غرانت.

·         30 على اطلاق "الرسالة" لمصطفى العقاد و"سائق التاكسي" لمارتن سكورسيزي؛ وعلى رحيل جان غابان.

·     40 على اقتناص "رجل وامرأة" لكلود لولوش "السعفة الذهب" في "مهرجان كان"؛ وعلى منع "الراهبة" لجاك ريفيت؛ وعلى وفاة باستر كيتون ووالت ديزني ومونتغمري كليفت.

·     50 على صدور "الرجل الذي كان يعلم الكثير" لهيتشكوك و"حرب وسلم" لكينغ فيدور؛ وعلى وفاة هنري كريتيان مخترع السينماسكوب، والمخرج الروسي الكسندر دوفجينكو؛ وعلى ولادة المخرج الدانماركي لارس فون ترير.

·         60 على اطلاق "المواطن كاين" لأورسون ويلز؛ وعلى ولادة ديفيد لينتش وستيفن سبيلبرغ.

·         70 على صدور "الازمنة العصرية" لشابلن؛ وعلى تأسيس المكتبة السينمائية الفرنسية.

·     80 على بدء التقاط مشاهد "متروبوليس" لفريتس لانغ؛ وعلى منع "البارجة بوتمكين" لأيزنشتاين؛ وعلى ولادة اندره واجدا، يوسف شاهين، ماريلين مونرو؛ وعلى وفاة رودولف فالانتينو.

·         90 على صدور Intolerance لغريفيث؛ وعلى ولادة كيرك دوغلاس وبرنار بلييه.

·         100 على ولادة فيسكونتي، روسيلليني، وايلدر، هيوستن؛ وعلى بدايات لوي فوياد وشارلي شابلن.

 

سينماتك

 

المشهد السينمائي للعام المنصرم يسرع على الأزمات والحروب المتتابعة

أجواء الحرب تخيّم على المهرجانات السينمائية.. وتصادر الخيال بالوثائقي والرسائل البصرية

ريما المسمار

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك