> الفيلمان كانا نقلة فارقة في تاريخ السينما المكسيكية وحصلا علي عشرات الجوائز من مهرجانات العالم في منتصف التسعينيات

> زمن الأحداث قفز من ثلاثينيات القرن الماضي إلي تسعينياته مع الحفاظ علي وحدة المكان وأهميته

> صناع «زقاق المدق» المكسيكيون لم يهتموا بالتطهر من علاقة البغي لأنها لا تمثل إثما عندهم.. وركزوا أكثر علي تجسيد حجم المأساة  

قد يصعب علي المرء أن يقف علي أبعاد الدوافع التي جعلت السينما المكسيكية تقدم علي انتاج سينمائي يعتمد علي نصوص روائية لـ نجيب محفوظ.

وفي تجربة هي الاولي من نوعها في سينما أمريكا اللاتينية بوجه عام يتم تناول نصوص أدبية من خارج القارة من بلاد تختلف عنها منهاجا وتقاليد.

وقد تختلف وجهات النظر في الدوافع التي جعلت السينما المكسيكية تقدم علي هذه التجربة.

فالبعض يري أن السبب الشهرة العالمية التي حققها محفوظ بعد نوبل والتي كانت دافعا لكثير من الدول لكي تتناول أدبه بالعديد من وسائل التعريف المختلفة فاتجه البعض إلي الترجمة والبعض الآخر إلي الأبحاث والدراسات النقدية والبعض الثالث إلي الشرائط السينمائية كما هو الحال مع السينما المكسيكية.

إلا أن بعض الباحثين وقفوا عند توجه آخر ارتبط برغبة أكيدة عند صناع الشريط السينمائي المكسيكي في دعم التوجه لايجاد سينما وطنية مخالفة للسينما الأوروبية التي كانت البداية في تعريف المكسيك بالفن السينمائي.

دعم السينما الوطنية

وقد حملت هذه السينما من الأنماط والثقافات التي قد يراها المكسيكيون وهم في خضم الزخم الثوري المحيط بهم من الدول المجاورة والمشاركة لهم في قارتهم والذين يقتسمون معا الجغرافيا والتاريخ ومياه الكاريبي ويعيشون في ظل أنظمة ثورية رافضة لكل التبعات الأوروبية والأمريكية واصبح التأثر بهذا التيار امرا يصل إلي حد الضرورة الوطنية. ولقد تأثرت بالفعل العديد من التيارات السياسية الحديثة في العديد من بلدان القارة بابعاد هذا التوجه الثوري خاصة بعد اندلاع الثورة الكوبية والتفاف الجماهير حول رموز المقاومة التي تجسدت في زعماء مثل كاسترو وجيفارا.. وغيرهما.

يري هذا التيار في اطار دعم السينما الوطنية ضرورة الخروج من قيد النمط الأوروبي والتمرد علي الشكل الهوليودي القادم لهم من الجارة الكبري.

هذا التوجه وجد في أدب نجيب محفوظ بعدا يستطيع أن يحقق مسعاهم في دعم السينما الوطنية والحفاظ علي هويتها وأن «مكسكة» الشخصيات المحفوظية ليست من الصعوبة بمكان خاصة وان هناك خيوطا كثيرة مشتركة وأن هناك العديد من النقاط التي تتوافق والتوجهات الوطنية والتي تحملها التيارات السياسية في القارة.

وعند هذه النقطة تحديدا قد يكمن الدافع الحقيقي الذي استندت إليه التجربة المكسيكية للتعامل مع أدب نجيب محفوظ.

- العالم الثالث -

علي الرغم من البعد الجغرافي الهائل الذي يفصل بين عالمنا العربي وهناك في بلدان أمريكا اللاتينية إلا أن عناصر التوافق بينهما استطاعت ان تقرب بين هذه المسافات وان تجعل بينها نوعا من المواءمة التي ارتبطت بالمنهاج السياسي والظرف الاقتصادي ومجمل هذين العنصرين يمثل السيمات الأساسية التي يجتمع من حولها بلدان العالم الثالث تلك البلاد المتناثرة بين القارات الخمس والتي قد تفرقها الجغرافية وتقربها جدلية التاريخ بجناحيه السياسة والاقتصاد حيث تجمعهم ظروف سياسية متشابهة تصل أحيانا لدرجة التطابق وامكانات اقتصادية متساوية.

وهذا التشابه كان دافعا لصناع الشريط السينمائي في المكسيك لكي يقدموا علي تجربة التعامل مع نجيب محفوظ وأدبه في محاولة لتصعيد الاتجاه نحو سينما وطنية بعيدة عن النموذج الأوروبي والنمط الأمريكي.

مع نجاح التجربة الأولي في انتاج فيلم «بداية ونهاية» والتي كانت نقلة فارقة في تاريخ السينما المكسيكية حيث شارك الفيلم في جميع مهرجانات العالم خلال عامي 93 و1994 من «كان» إلي «برلين» حتي «هافانا» السينمائي في كوبا. وتنوعت الجوائز التي حصل عليها بدءا من افضل فيلم إلي الأفضل في مختلف عناصره.

ولم يمض عام حتي قدمت الشركة المنتجة الفيلم الثاني «زقاق المدق» وكسابقة شارك الفيلم في أكثر من 40 مهرجانا دوليا وحصل علي اكبر كم من الجوائز حصل عليها فيلم مكسيكي وصلت إلي 49 جائزة خلال عامي 94 و1995 وفقا للدكتور حسن عطية.

واستطاعت التجربة من خلال واقع هذا التقدير الدولي ان تحقق الغاية التي سعي إلي تحقيقها صناع الشريط السينمائي المكسيكي في تعضيد موقف السينما الوطنية بعيدا عن النماذج الأوروبية والهوليودية.

- مكسكة الفيلم -

هناك مقولة اطلقت بعد فوز محفوظ بـ نوبل مفادها ان الطريق إلي نوبل رسم علي شريط سينما ويبدو أن ابعاد هذه المقولة ترجمت حال المحاولات التي ابداها البعض للتعرف علي أدب محفوظ حيث تم هذا التعارف عن طريق الأفلام المصرية التي تناولت معالجة نصوصه الأدبية..

ومن الواضح أن مكسكة محفوظ لم تتم من خلال نصوصه الأديبة ولكنها تمت علي الأفلام وتحديد من خلال شريطي «بداية ونهاية» الذي اخرجه صلاح ابوسيف 1960 في أول عمل ادبي يظهر لمحفوظ علي الشاشة. والشريط الثاني «زقاق المدق» الذي اخرجه حسن الامام عام 1963.

تم «مكسكة» هذه الأفلام ومعالجتها طبقا لرؤية مخرجيها الذين اتفقا علي معالجة الموضوع في اطار «المكسكة» من خلال بعدين

الأول: الزمان

الثاني: المكان

حيث تم نقل زمن الأحداث من ثلاثينيات القرن إلي تسعينياته. ومن الأحياء التي تكمن في حضن القاهرة إلي شوارع العاصمة مكسيك سيتي. ثم تمت بلورة ملامح العنصرين في اتساق خارجي يتفق وبعدما احدثه هذان العنصران من متغير. أما البناء الداخلي فانه لم يتم فيه تغير مؤثر حيث إن التزامهم بمجريات الأحداث وسردها وتصاعدها متفق مع الشريط المصري فيما عدا بعض الملامح التي قد يفرضها الاختلاف المجتمعي في عادة ما أو تقليد هنا أو اختلاف وجهات النظر في قضية مجتمعية وبالتالي في بناء الشخصيات لم يصر المتغير الحاد الذي يمكن ان يمثل فارقا. واتفق صانعو الشريطين «المصري ـ المكسيكي» علي أهمية المكان والدلالة التي يعكسها فهو الميدان الذي يتحدد فيه مستوي الصراع وادارته ونتائجه.

- بيت العز -

في «بداية ونهاية» تصبح الشقة التي تسكنها العائلة هي المقياس لحركة الأحداث وتصاعدها وتنوعهافقبل رحيل الزوج كانت الشقة في موضعها العلوي تضم عائلة يجتمع الحب بين أفرادها يستندون إلي حلم جميل يصور لكل منهم مستقبلا آمنا حتي مع الابنة الدميمة فبغض النظر عن الجمال الذي تفتقده فهي تملك امكانية التعليم واب يوفر لها الحماية.

وعندما هبطت الأسرة إلي الشقة السفلي بعد رحيل الأب كنوع من توفير أو تقليل النفقات حيث المعاش القليل المرصود لهم والذي لا يكفي لاستمرار الحياة علي نفس النمط الذي كانت عليه. اصبح المكان الجديد مركزا لصراعات من نوع جديد تسوده ملامح مضببة لاضغاث أحلام حول مستقبل باهت، المكان هنا هو بؤرة الصراع والمحرك للأحداث التي يفرض تبعيتها وتداعياتها. وتجبرت الظروف المادية الصعبة عليهم واستطاعت ان تكشف عن طبيعة التركيبة السيكلوجية لكل أفراد العائلة حيث الأم شديدة الحراس قوية الإرادة وقد انتزع من بين حنباتها كل ما يعرف عن حنان الأمومة ورعايتها وأصبح همها الأكبر هو الحفاظ علي الشكل الخارجي الذي يجب أن تظهر به العائلة أمام الأخرين.

أما الأخ الأكبر فقد ترك العائلة بكل همومها وذهب يبحث عن عمل بطرق شرعية وغير شرعية، أما الابن الأصغر فقد حمل عبء هموم الأسرة حين نزح إلي بلدة بعيدة فرضتها طبيعة الوظيفة التي حققها له صديق العائلة القديم وعندما أراد الزواج وقفت الأم أمام اتمام هذه الزيجة حتي لا تفقد المساعدة التي يقدمها الابن، أما الابن الأصغر الذي كان محط أنظار وتطلعات الأسرة وأملها في أن يحقق لهم الأمل في مستقبل أكثر إشراقاً بعد تخرجه واشتغاله بالمحاماة لكنه عندما اكتشف مصير شقيقته راح ضحية هذا المصير الذي أودي بكل مصير العائلة إلي مصير أكثر ضبابية.

المقهي/ الحانة

في «زقاق المدق» لم تختلف رؤي المخرجين أيضاً في دلالة المكان فالاثنان اجتمعا علي أنه البطل المحرك للأحداث فهو الساحة التي تضم من حولها سكان الزقاق رغم جغرافيته المختلفة علي الشريطين فهو علي الشريط المصري ذلك المنحني المغلق والذي يضم بين جنباته سكانا ويتوسطه المقهي مركز انطلاق الأحداث.

أما علي الشريط المكسيكي فهو منحني لكنه مفتوح يؤدي إلي الشارع العمومي تحتل ساحته الحانة المقابلة للمقهي علي الشريط المصري.

كما تحول الكامب الإنجليزي الذي ذهب إليه عباس للعمل به لكي يستكمل قيمة مهر «حميدة» فقد تحول إلي حلم الهجرة إلي أمريكا.. الجارة الكبري التي تمثل أرض الأحلام عند الكثير من الشباب المتمرد والمتطلع للعيش في تلك الأرض الغنية.

أما المكان الذي ذهبت إليه «حميدة» وسميتها «الما» المكسيكية فهو لم تختلف أبعاده في النسختين سواء علي مستوي المكان، أو علي مستوي الدلالة والوظيفة، الاختلاف الذي كان واضح الملامح تمثل في تجسيد النهاية حيث كان موت «حميدة» في النسخة المصرية أما الرؤي المكسيكية فقد عكست التركيبة حيث قتل القواد «الما»

إن اختلاف الرؤي هنا يعكس بعد المسافة التي تفصل بين المعتقد المجتمعي في القاهرة ومدينة المكسيك العاصمة فلا شك أن موضوعية الواقع الاجتماعي جد مختلفة بين الطرفين علي الرغم من التشابة بينهما ذلك التشابة الذي قد تفرضه إما أطراف سياسية أو القدرة الاقتصادية المتقاربة لكن الرؤي الاجتماعية في مضمونها تعكس اختلاف المفاهيم التي ينتج عنها اختلاف وجهات النظر نحو حقائق التكوينات الاجتماعية التي قد تحكمها تقاليد وعادات مجتمعية تستند إلي التاريخ وحقائق السلفية أو تستند إلي تفسيرات دينية لها مدلولها الخاص عند كل طرف.

علاقة وظيفية

البغي من الأمور المدانة في المنطقة العربية والإسلامية بشكل خاص، ومن هنا كان حرص صناع النسخة المصرية علي أن تنتهي تلك العلاقة الآثمة التي أوجدتها «حميدة» وارتبط بها الزقاق وهو هنا يمثل الأصالة والعراقة والقيم التي تتمتع بها الحارة القاهرية بقطع هذا الأمد بموت من أمده وحتي يتم التخلص من هذا الامتداد الآثم المشبوه وتعود الحارة إلي سابق نظافتها.

الأمر مختلف في النسخة المكسيكية حيث إن علاقة البغي علاقة وظيفية مجردة غير مرتبطة بقيم دينية وبالتالي فانتفاء هذه العلاقة لا يمثل مقصدا موضوعياً يمكن السعي إليه لكن التأكيد علي حجم المأساة هو القضية المعنية عند صناع الشريط.. فبموت «آبل» ينقطع الأمل الذي كانت تتطلع إليه «الما» فتتجسد مسببات حالة الشجن والتوحد الذي يسعي إلي تحقيقه صناع الشريط بينهم وبين المتلقي وهنا يتولد عمق الميلودرامات التي تعتمد في صعودها علي خلفية التراجيديات اليونانية القديمة..

وهكذا ترجم نجيب محفوظ إلي المكسيكية وقد حققت هذه الترجمة دلالة لبعد كان من الضرورة الاشارة إليه. وهو أن حقيقة الواقع الانساني المجرد الذي كان يمثل الهم الأكبر عند محفوظ حتي ولو كان هذا الواقع غارقا في مصريته إلا أن ذلك لا ينفي علي الاطلاق أن يكون قدرة التعبير عن هذا الواقع هو الوسيط الأوحد والامثل والاكثر موضوعية لكي نخاطب به الآخر..

جريدة القاهرة في 26 ديسمبر 2006

 

عبدالنور خليل يكتب: توقعات «القاهرة» لأشهر الجوائز الأمريكية:

إيستورد مرشح قوي كالعادة لأوسكار أحسن مخرج... وسكورسيزي يحلم بأول جائزة في تاريخه الطويل  

> هجمة إنجليزية من الجميلات كيت بلانشيت وكيت وينسلون وهيلين مورين وجودي دنش!

> بنيلوبي كروز الاسبانية بفيلم المودوفار قد تتصدر الفائزات رغم أن الفيلم ينطق بالإسباني بيتر أوتول يفرض نفسه علي قائمة أحسن ممثل بعد العرض الرائع في فيلم «فينوس»

> ليوناردو دي كابريو لأول مرة ينافس بفيلمه.. «الراحل» و«الجواهر الدموية» وجاك نيكلسون ينافس ميريل ستريب علي 13 مرة ترشيحا للأوسكار!  

هل يفعلها ذئب هوليود العجوز كلينت ستوود (76 سنة) مرة سادسة أو سابعة ويصبح شخصية الأوسكار في فبراير القادم؟!.. إنه أشهر مخرج في هوليود الآن، ولن تسمي عشرة من مخرجي السينما الأمريكية إلا وجاء علي رأسهم.. بدأ ممثلا لحلقات الغرب الأمريكي في التليفزيون في الخمسينيات في مسلسل يحمل اسم «المخبأ»، وفي العام الماضي نال الأوسكار كأحسن مخرج ونال فيلمه «فتاة بمليون دولار» أوسكار أحسن فيلم.. فضلا عن الترشيحات العديدة عام 2004 لفيلمه مايستيك ريفر.

«ورغم كاهله المثقل بعدد لا بأس به من جوائز الأوسكار كممثل وكمخرج ومنتج.. لقد صور وأخرج هذا العام فيلمين عن معركة «أيوجيما» أشهر معارك الحرب العالمية الثانية بين أمريكا واليابان.. و«أعلام آبائنا» الذي يروي القصة علي الجانب الأمريكي، و«رسائل من أيوجيما» الذي يحكي عن الجنود اليابانيين الذين حاربوا وماتوا في تلك الجزيرة من جزر الباسفيكي، وحرص ستوود علي أن يعرض أولهما في الشهر الماضي والثاني يعرض خلال أعياد الميلاد، لكي يلحق الفيلمين بترشيحات الأوسكار ويتنافسان علي الفور، والمفاجأة أن «رسائل من أيوجيما» فرصته في الفوز أكبر رغم أنه ناطق باللغة اليابانية. والفيلمان يعكسان بقوة الحرب بكل عنفها، والثمن الذي تدفعه البشرية لخلق «أبطال مزيفين».. بل إنهما يمثلان المشهد الأخير المميز في عمل رجل ارتبطت شهرته دائما بالعنف والدم.. في البداية بشخصية «الرجل بلا اسم» في أفلام المخرج الايطالي سيرج ليوفي عن الغرب الأمريكي مثل «من أجل حفنة دولارات» في آواخر الستينيات ثم شخصية «هاري القذر» ضابط البوليس العنيف في السبعينيات من القرن الماضي، ليصبح بعدها رمز العنف والقسوة علي الشاشة. وفي السنوات الأخيرة، حقق شهرة كبيرة كمخرج، وأصبح الصوت الأعلي في هوليود عند الحديث في أفلام العنف والرعب وأفلام الأثر المدمر الذي تتركه الحرب علي البشر.

هل هي سنة سكورسيزي؟

واحدة من العلامات البارزة في ليالي توزيع الأوسكار ترتبط بالمخرج الأمريكي الشهير مارتن سكورسيزي. لقد رشح لأوسكار أحسن مخرج خمس مرات، آخرها العام الماضي عن فيلميه «عصابات نيويورك» و«الطيار» وكان يعود إلي بيته خالي الوفاض بدون أوسكار.. مارتي كما يدللونه، يدخل المعركة بفيلم «المنقسمون» المأخوذ عن مسلسل عصابات هونج كونج «العمل الجهنمي» وقد حظي بترحيب ضخم من النقاد وحقق إيرادات قياسية تؤهله إلي الدخول إلي ممرات الأوسكار، ويمكن أن تعطيه فرصة تكرار ما حققته أفلام عنف ورعب أخري مثل «القلب الشجاع» و«المصارع» و«صمت الحملان». وبنظرة أخري، النجوم الذين يصنعون حلم سكورسيزي في الفوز وعلي رأسهم ليوناردو دي كابريو، ومات دامون وجاك نيكلسون، يمكن أن يحققوا هذا الحلم.. دي كابريو رشح مرتين، ودامون رشح مرتين أيضا، بل ونال نصف أوسكار عن سيناريو مكتوب للسينما مع زميله بن أفاليك وكلاهما يمكن أن يرشح كأحسن ممثل في «المنقسمون» بل إن دي كابريو يقف مرشحا أيضا بدور المجوهراتي الجنوب إفريقي في «الجواهر الدموية» الذي أخرجه ادوارد زويك، ودامون يشارك في بطولة فيلم روبرت دي نيرو عن وكالة المخابرات الأمريكية «الحمل الوديع».. ثم يجيء جاك نيكلسون، الذي ينافس الراحلة العظيمة كاترين هيبورن بترشحاته الاثني عشر للأوسكار، ويتيح له سكورسيزي المرة الثالثة عشرة بدورة في «المنقسمون».. وان كانت ميريل ستريب، قد تفوقت علي هيبورن ونيكلسون بترشحاتها الثلاثة عشر وفوزها أكثر من مرة.. وفرصتها هذه السنة كبيرة بفيلم «الشيطان يتقمص برادا».. والمنافسة القوية لميريل هي هيلين ميرين بدور الملكة اليزابيث الثانية في فيلم «الملكة» وقد فازت عنه بجائزة أحسن ممثلة في أوائل سبتمبر الماضي.. وتجيء أيضا آنييت بينج (زوجة وارن بيتي) بدورها ككاتبة نرجسية معقدة في فيلم «الجري بالمقص» وجودي دنش التي يطلقون عليها لقب «حبيبة الأوسكار» بدورها في «ملاحظة علي فضيحة» التي تلعب فيه دور مدرسة عجوز تتسلط علي مدرسة أصغر سنا هي كيت بلانشيت، وفي اللعبة، أيضا مواهب جديدة أصغر سنا مثل كيت وينسلون، بطلة تيتانيك بدور الأم الريفية التعيسة في فيلم «الأطفال الصغار» وينيبلوبي كروز التي تفرض لغتها الاسبانية الأصل في «المنتقمة».

النجوم هم تميمة الأوسكار

وهذه السنة، يمكن أن يكون النجوم الكبار هم عنصر الضمان لفتح الطريق إلي أوسكار أحسن فيلم، علي نحو ما حدث في أفلام «شكسبير العاشق» و«الساعات» ويمكن أن يتكرر هذا بدرجات متفاوتة كما في فيلم سيتفين فريزر «الملكة» فبجوار هيلين مورين هناك جيمس كورمويل بدور الأمير فيليب ومايكل كيد في دور توني بلير. في الوقت الذي يلقي الممثل الكاتب المخرج تود فيلد تهليلا كبيرا من النقاد عن الميلودراما المؤثرة «الأطفال الصغار» الذي يقدم موهوبين كبيرين هما فيليس سمرفيل وجاكي ايرل هالي اللذين رأيناها في «الفرار» ويعودان بقوة في «كل رجال الملك».. وداستين هوفمان وايما ثومبسون في «أكثر من قصة وأفلام «الطرق الجانبية» و«مي سانشاين الصغيرة»، وقد تقف موهبة النجوم المضحكين مثل جريج كينتير وآلان أركين وتوني كوليت وستيف كاريل في وجه ضياعهم في زحام الأوسكار، وهي نفس المشكلة بالنسبة لفيلم اميليو سيتفيز «بوبي» الذي يضم باقة من النجوم يتواجدون في «الامبسادور» كشهود علي اغتيال روبرت كنيدي.

وفي سباق أوسكار أحسن ممثل، إلي جانب الاثارة الكبيرة التي يحققها لمنظمي الأوسكار النجم بيتر أوتول في فيلم فينوس» مؤازرا بكل من فورست وايتيكر وويل سميث. علي الجانب المظلم
وفي ظل عالم حقيقي مهدد بالإرهاب، يجري الحديث عن عدد من الأفلام التي يمكن أن تفرض نفسها علي ترشيحات الأوسكار.. فعدد غير قليل من النقاد يهتمون كثيرا بفيلم اليجاندرو وجونزاليس «بابل» الذي يضم عددا كبيرا من النجوم علي رأسهم براد بيت وكيت بلانشيت، إلي جانب فيلمين دراميين عن أحداث (11 سبتمبر الشهيرة) هما «الرحلة 93» و«وورلد تريد سنتر» (مركز التجارة العالمي) لأوليفر ستون الذي أتاح له شعبية ممثل هو نيكولاس كيدج وماريابيلو، ومايكل بينا، وقد يأخذ المصوتون للأوسكار (عدد 5800) الطريق الذي دفعهم إلي تفضيل فيلم «شيكاغو» الغنائي الاستعراضي منذ عامين فيؤثرون تلك المسرحية الغنائية التي قدمتها مسارح برودواي «فتيات الأحلام» التي تحولت إلي فيلم.

ويذهب الأوسكار إلي:

وهذه توقعاتي الشخصية، قائمة علي خبرة سنوات بما يجري في الأوسكار وأحيانا كانت هذه التوقعات تصدق بنسبة 90%، ورأيي أن ترشيحات الأوسكار هذا العام تنحصر علي النحو التالي:

·         أحسن فيلم: «بابل» و«المنقسمون« و«فتيات الأحلام» و«أعلام آبائنا» و«الملكة».

·         أحسن مخرج: بل كوندون وكلينت ستوود، وستيفن فريرز، واليجاندرو جوانزاليس، ومارتن سكورسيزي.

·         أحسن ممثل : ليوناردو دي كابريو وريان جوسلنج وبيتر أوتول، وويل سميث، وفورست وايتيكر.

·         أحسن ممثلة: آنييت بيننج وبنيلوبي كروز، وهيلين مورين، وميريل ستريب، وكيت وينسلون.

·         أحسن ممثل مساعد: آدم بيتش وجاكي ايرل هارلي، وايدي مورفي، وجاك نيكلسون، ومايكل كين.

·         أحسن ممثلة مساعدة: أدريانا بارازا وجيل كلاي بيرج وجنيفر هدسون وايما ثومبسون، وفيليس سمرفيل.

مفاجآت اللحظات الأخيرة

وحتي لا يقطع علي البعض، أو أقطعه أنا علي نفسي، فإنني أضع في حسباني هنا ان بعض شركات هوليود وستوديوهاتها الكبري اعتادت أن تختار فترة أعياد الميلاد والأسابيع الأخيرة من العام لكي تبدأ عروض أفلامها، حتي تضمن حقها في أن تنافس علي الأوسكار . ففي مجال المنافسة علي أحسن فيلم قد يقفز إلي القائمة في اللحظات الأخيرة فيلم النجم ويل سميث «مطاردة السعادة» أو «القناع المرسوم» وفي السباق علي جائزة أوسكار احسن مخرج، قد يبرز فجأة المخرج الاسباني المعروف بدرو المودوفار أو بول جرين جراس، وفي أوسكار أحسن ممثل قد يفاجئنا نيكولاس كيدج باحتلال القائمة، وفي النساء كأحسن ممثلة قد تكون ماجي جيلانيهال، أو نعومي واتس اختيارا موفقا عند أصحاب حق التصويت والترشيح.

جريدة القاهرة في 26 ديسمبر 2006

 

فيلمه القادم عن علي بابا والأربعين حرامي

ايزيدور مسلم: "كيف الحال" ناقش قضايا مهمة بلغة خفيفة

القاهرة - انتصار محمود: 

جاء من كندا ليشارك في الخطوات الأولى لإطلاق السينما السعودية مخرجاً لثاني فيلم سعودي “كيف الحال؟”، والأول من حيث اللهجة والقضايا الاجتماعية السعودية، الذي كتب له السيناريو بلال فضل ولعبت بطولته الممثلة الأردنية ميس حمدان، والسعودي خالد سامي، وعلي السبع، وفاطمة الحسني، وهشام الهويش، وتركي اليوسف.

رحلة “ايزيدور مسلم” بدأت من فلسطين، ولد بحيفا ودرس حتى الثانوية بها، ثم ارتحل إلى أمريكا ليدرس السينما في جامعة يورك ،1983 وحمل أول أفلامه الطويلة عام 1990 أو “ليالي الغربة” هم الصراع الحضاري الذي تعيشه عائلة فلسطينية مهاجرة إلى كندا، ولعب بطولته الممثل الفلسطيني محمد بكري، أما فيلمه الثاني في عام 1994 “ليس هناك ما تخسره” فدار في أجواء ساخرة من عصابات المافيا، بطولة الفلسطيني جوليانو مير، وجاء فيلمه الثالث عام 1998 “الجنة قبل موتي” ليحشد له عددا من النجوم العالميين على رأسهم عمر الشريف وجان كارلو جينيني، وجوانا باكولا وغيرهم، وحاز جائزة أحسن فيلم بمهرجان تولوريد بكولورادو، لكنه رغم ذلك لم يُعرض أبدا في أمريكا رغم عرضه في أوروبا وكندا، ويُدخل في التجربة بطله الفلسطيني في مناقشات وجودية عبر سلسلة أحداث وعلاقات مع مهاجرين عرب ويونانيين في أمريكا وكندا، وفي فيلمه الرابع “الفاكهة المحرمة” يتناول علاقة آدم وحواء وقصة الغواية بشكل عصري.

“ايزيدور” أيضا كاتب سيناريو محترف قدم سيناريوهات لأفلام مخرجين آخرين، ولم يتردد حين جاءته الفرصة لإخراج فيلم سعودي، رغم بعده عن البيئة التي تدور فيها الأحداث بقضاياها وتحفظاتها.

·         سألناه: لماذا العودة إلى العالم العربي بفيلم سعودي الهوية؟

 قال: الفكرة جذبتني.. أن يتم اختياري كفلسطيني لإخراج أول فيلم سعودي.

·         ما المشكلات التي واجهتها والاختلاف بين تقديمك أفلاما في مجتمع غربي مفتوح، وتقديمك فيلما عن عالم شرقي له تقاليده؟

 كان هناك نقاش في كل تفصيلة في السيناريو، بالنسبة لي أدركت أن المسؤولية كبيرة لذلك كان هناك نقاش في كل شيء ومتابعة كاملة من الفنانة هيفاء المنصور لكونها أدرى بطبيعة المجتمع السعودي ولأن الفيلم يكسر عدداً كبيراً من التابوهات في المجتمع السعودي ونعالج موضوعاً حساساً، فضلت أن تكون طريقة المعالجة خفيفة دون شعارات أو لغة تعليمية.

·         ماذا عن اختيار العناصر الفنية؟

 اخترت فريق التصوير والصوت والمونتاج وقام المنتج باختيار الموسيقار راجح داود من مصر للموسيقا التصويرية لأنني لا أعرف الموسيقيين العرب.

·         عاب الكثيرون على موسيقا الفيلم تجاهل ملامح الموسيقا الخليجية فهل كان هذا اختيارك؟

 عادة أعمل بطريقة إعطاء الموسيقي الذي يعمل معي نمط الموسيقا التي أريدها في الفيلم، وهنا استعملت تركات تقود موسيقا الفيلم.

·         وكيف كان تعاملك مع الممثلين الذين لا تعرفهم سابقا؟

 ليست عندي مشكلة في التعامل مع أي ممثل، ولا أحب التدخل كثيراً في أداء الممثل، نحكي عن الدور وأعطيه الحرية ليقدم إبداعه للشخصية.

·         فيلمك القادم هل سيكون عربياً؟

 لا، سأعود لكندا، أعد فيلماً عن قصة “علي بابا والأربعين حرامي”.

الخليج الإماراتية في 26 ديسمبر 2006

رفيق الصبان يكتب:

«مفيش غير كده» .. فانتازيا موسيقية راقصة عن سيناريو ميلودرامي أسود!

> نبيلة عبيد تعود في أوج تألقها بعد أن تجمعت العناصر الفنية المساعدة

> محاولة خالد الحجر في الفيلم الاستعراضي تحسب له لكن من الظلم مقارنته بالأفلام الأوروبية

> سوسن بدر شعلة موهبة متوهجة وأحمد عزمي أخطأ بقبول هذا الدور الذي لا يناسبه  

عناصر فنية مهمة كثيرة اجتمعت لتسهل عودة النجمة الكبيرة نبيلة عبيد إلي الشاشة بعد غياب استمر سنوات طويلة.. وبعد الفشل الظالم الذي أحاط فيلمها الاخير (قصاقيص العشاق) الذي لم يكن علي هذه الدرجة من السوء التي صورها البعض.. والذي يتفوق كثيرا علي بعض الأفلام الأخري التي حازت علي تقدير لا تستحقه.

المهم أن نبيلة عبيد التي احتجبت عن جمهورها كل هذه المدة. قررت أن تعود محاطة بجيش حقيقي من الفنانين الكبار.. محسن نصر للتصوير، وعمر خيرت للموسيقي، نهاد بهجت للديكور، ومحمد منير للغناء، بالإضافة إلي جرأتها في اقتحام ميدان ظننا أن السينما المصرية قد تخلت عنه تماما بعد أن حققت فيه امجادا ماضيات لا تنسي واعني به الفيلم الاستعراضي.

خالد الحجر الذي شاركها جرأتها وشجعها عليها.. يقدم هو أيضا نفسه في اطار جديد مختلف ويحاول أن يحقق للسينما المصرية.. فيلما موسيقيا غنائيا.. بعد ان اسدل الستار تماما علي هذا النوع.. ولكن بأسلوب جديد مختلف.. وبنظرة سينمائية مبتكرة تجمع بين الدراما والموسيقي.. بين الحلم والحقيقة بين الفانتازيا والواقع.

أما ميدان الفيلم.. فهو بالضبط مساحة الغناء الحالية.. ويفتتح اغنيات الفيديو كليب وما يدور في كواليسهم من مؤامرات ومغامرات.. وذلك من خلال أم لأربعة أولاد.. ثلاث بنات وولد.. تخلي عنها زوجها تاركا اياها تتحمل عبء تربيتهم وإعالتهم.. متناسيا اياهم تماما.. وكأنه كان مجرد سحابة عابرة مرت في حياته.

الأم (نبيلة عبيد) تعمل في تجارة ذات نوع خاص.. تساعدها صديقة عمرها شوشو (سوسن بدر).. تجارة تقوم علي شراء الثياب القديمة وتعديلها واعدادها.. ثم بيعها علي أنها ثياب جديدة مستوردة.

الابن مراهق تخطي مرحلة المراهقة.. ولكنه مازال يعيشها في سلوكه وتصرفاته وعلاقته بأمه واخواته البنات، أما الابنة الكبري (رولا محمود) فتعمل ساقية في مقهي علي النيل. والأبنة الصغري الوجه الجديد (اروي) فهي تملك جمالا فطريا.. وقدرة علي الرقص والغناء.. تلفت نظر الصديقة شوشو التي تقنع أمها بادخالها مجال الغناء مستغلة صلتها باحد الريجسيرات..

وتقرر الأم التي سئمت من عملها.. ومن الاخلاقيات المشبوهة التي تقابلها ان تجرب هذا الميدان الخاص الذي قد يخرجها هي وأولادها من المستنقع الذي تعيش فيه.

مادة ميلودرامية

بالطبع نحن هنا.. امام مادة ميلودرامية تصلح لان تكون دراما اجتماعية نقدية سوداء.. وهي تستند ـ كما تقول مقدمة الفيلم ـ علي مسرحية الخطايا السبع لبرتولت برخت.. والتي لم أجد في الفيلم أي أثر حقيقي له.. إلا طريقته في دمج الدراما بالغناء والرقص!.

خالد الحجر يدخل إلي موضوع فيلمه منذ اللحظات الأولي عن طريق الاغنيات المتخيلة أو الحقيقية.. فعن طريق الغناء.. نري اسلوب عمل ناهد (نبيلة عبيد) وعن طريق الرقصات نري علاقتها مع أولادها.. ومع شوشو صديقتها.

وتنجح مناورات شوشو.. وتتقدم (اروي) لشركة الانتاج.. ويحس مدير الشركة فورا انه أمام الفرخة التي قد تبيض له ذهبا.. فيقدمها لأول مرة من باب التجربة مع مطرب شهير هو محمد منير في أغنية هي بلا شك أجمل أغاني الفيلم.. قبل أن ينتج لها كليبا رخيصا من النوع السائد الذي يعجب المراهقين ويرددون دون وعي كلماته المبتذلة.. وبالطبع ينجح الكليب نجاحا جماهيريا ساحقا.

ويثور الأخ الصغير الذي يعتبر نفسه رب العائلة.. التي هجرها صاحبها.. ورغم أنه يسمح لنفسه بارتكاب كل الموبقات الممكنة فانه يحاول أن يفرض سيطرته الاخلاقية المتزمتة علي أسرته.

لكن ناهد التي بدأت تجني ثمار نجاح ابنتها.. وبدء تحول حياتها من حال إلي حال.. تقاومه بل وتطرده من البيت.. ليعود إليه بعد أن انتقلت الأسرة من بيتها الفقير إلي فيلا فاخرة في حي راق من أحياء القاهرة.. يعود ليعقد صلحا منفردا مع أخته الكبري.. ضد أمه وأخته التي وصلت إلي الشهرة والمجد والثراء.

طريقة أخري للتعبير

لا شك أن السيناريو الذي كتبته عزة شلبي بالاشتراك مع كوثر مصطفي يصلح لان يكون موضوعا ميلودراميا بامتياز لكن المخرج اختار له طريقة أخري للتعبير .. وهي الفانتازيا الموسيقية الراقصة.. فالأحداث ـ كما قلنا ـ يعبر عنها أحيانا.. بالأحاسيس الداخلية للابطال رقصا وغناء.. ويدخلنا المخرج الذي صمم بنفسه الرقصات.. واشترك في بعضها.. إلي عالم ملون زاه.. يستعرض فيه أبطال الفيلم كلهم دون استثناء مواهبهم في الرقص والغناء.. وبالطبع كما هو الشأن دائما في هذا النوع من الأفلام.. هناك رقصات ناجحة ومثيرة.. وأخري اقل توفيقا، ولكن الجهد المبذول من الممثلين.. الذين يخرجون لأول مرة عن الدائرة المعتادة لفنهم التمثيلي ليقدموا جانبا آخر من مواهبهم.

وهذا ليس بالأمر الجديد.. فقد عودتنا عليه السينما الأمريكية عندما جعلت بول براينر مثلا يغني في (الملك وأنا) وجعلت مارلون براندو يرقص في (صبيان وبنات) وأنا جارونر تغني أغاني حالمة في (مركب الاستعراض).

في (مفيش غير كده) تقدم نبيلة عبيد عددا من الرقصات الثنائية تثير الانتباه والاعجاب، فقد عرفنا نبيلة عبيد في بعض أفلامها السابقة.. راقصة شرقية.تقدم رقصاتها خلال اطار درامي محدد، كما في فيلم الراقصة والطبال والسياسي وغيرها من الأفلام التي لعبت فيها نبيلة عبيد دور الراقصة. أما في فيلمها الجديد هذا فان نبيلة عبيد تقدم نوعا آخر من الرقص الاستعراضي. ذي الخلفية الدرامية وتثبت أنها لم تفقد شيئا من لياقتها الجسدية التي عودتنا عليها وأطلت بها في أفلامها الناجحة السابقة وأخص بالذكر رفضتها الثنائية مع خالد أبوالنجا التي ذكرتنا بأجمل راقصات السينما الأمريكية في الستينيات.

إلي جانب هذا الأداء الحركي المتميز.. لبست نبيلة دورها الجديد دور أم لأربعة أبناء بسهولة ويسر.. اعطتنا جانبا من شخصيتها الدرامية التي عرفناها في أفلامها السابقة في مشاهد ثورتها وانفعالها وعصبيتها.. ولكنها نجحت في تقديم جانب آخر لم يسبق لها تقديمه مثلا الأم الحائرة بين ضناها وحبها لأولادها وخوفها عليهم ورغبتها في تأمين مستقبلهم في مجتمع لا يرحم.. مجتمع كانت هي فيه ضحية زوج ظالم هجرها وتركها مع أولادها وحدها تواجه عتمة المستقبل وظلم المجتمع.

نبيلة عرفت كيف تدخل إلي أعماق هذه الشخصية الجديدة عليها.. وتلمس اغوارها المعقدة تاركة جانبا.. أدوار المرأة الفتاكة ذات الاغراء التي تطيح بقلوب الرجال جميعا مركزة علي الجانب الانساني في شخصيتها.

دور جديد لممثلة كبيرة تعود في أوج تألقها.. لتقاوم الزمن وتثبت أن الموهبة كالخمر المعتقة تزداد قوة وتأثيرا مع السنين.

الأدوار الثانوية والأولي

إلي جانب نبيلة.. تتألق سوسن بدر في دور شوشو.. وتثبت أن الأدوار الثانوية يمكن أن تصبح أدوار أولي.. إذا عهد بها إلي ممثلة من هذا الطراز تملك كسوسن القدرة علي الاقناع.. وعلي فهم الشخصية بمختلف أبعادها.

سوسن في (ما فيش غير كده) شعلة لهب متنقلة.. تنثر حولها الضياء والموهبة.. إلي جانب هاتين النجمتين تقف كوكبة من الشباب.. البعض منهم يلعب لأول مرة (أروي) والبعض الآخر.. سبق أن رأيناه.. واعجبنا بخطواته الاولي (رولا محمود) تثبت قدرة استثنائية وتؤكد صعودها خطوة خطوة.. فهي تملك الحساسية والرقة والتوحش معا.. كما أنها من ممثلات الجيل الجديد القادر علي التعبير بعينيه ليقول كل ما في داخله.. (وهذه ميزة كبيرة لا يتمتع بها الكثيرون مع الأسف).. علي عكس أحمد عزمي.. الذي بدا له.. انه اختار دورا لا يلائمه. ولا يلائم طبيعته الهادئة ورومانسيته التي سببت نجاحه في أدواره السابقة.

فقد بدا لي غريبا عن الدور يحاول جاهدا دون نجاح الامساك باطرافه أحمد عزمي ممثل موهوب.. وعليه أن يفكر جيدا إذا أراد أن يتابع صعوده الفني في الأدوار التي تليق بشخصيته والتي لا تليق كما هو الحال في هذا الفيلم بالذات.

المفاجأة الحقيقية في «مفيش غير كده» هي الوجه الجديد (اروي) التي أكدت من فيلمها الأول قدراتها وتواجدها.. وشخصيتها المميزة.. انها كشف فني مدهش يعود الفضل فيه إلي (خالد الحجر) الذي عهد بهذا الدور إليها.. رغم معرفته أن في نجاحها أو فشلها يتوقف مصير الفيلم كله.

اروي.. إذا عرفت كيف تحدد معالم طريقها .. وعرف المخرجون كيف يستخرجون الطاقات الفنية الكامنة لديها ستكون دون شك واحدة من أهم نجوم المستقبل.

ماكياج سيئ

خالد ابوالنجا .. رغم الماكياج السييء. الذي أرادوا فيه أن يقنعونا.. بانه يمر في رحلة الكهولة.. كان يتألق شبابا وحيوية وجمالا.. واستطاع ان يلعب دور (المنتج ذو الوجهين) ببراعة ملفتة.. وكان مقنعا في غضبه وعاطفيته.. في خداعه وإخلاصه وأعطي لدوره مذاقا خاصا.. رغم الهوة العمرية التي تفصل بينه وبين الشخصية التي يمثلها واستطاع فعلا ان يجسد النظرة النقدية القاسية التي يوجهها الفيلم لمنتجي الكليبات المبتذلة واستغلال أجساد المغنيات في سبيل الحصول علي أرباح مادية تقوم علي استغلال كبت الشباب الجنسي وأحلامهم المجهضة.

خالد الحجر يخوض تجربة الفيلم الاستعراضي.. عن قناعة واجتهاد.. مستفيدا من تجربته الأوروبية واقامته الطويلة في أوروبا.. ويحاول إعادة النور إلي هذا النوع الشديد الشعبية من الأفلام التي عهد الجمهور المصري بها.. إنه بالطبع يخوض تجربة صعبة.. حاول علي قدر الامكان انجاحها. مستعينا بعناصر فنية من أهم فنانينا في مجال الموسيقي والتصوير والديكور.

ولكن تبقي المقارنة ظالمة.. بين ما يمكننا عمله الآن في مجال الاستعراض.. وما وصلت إليه هذه الأفلام من مستوي بالخارج.. ويكفي أن يحسب لخالد الحجر محاولته الجريئة في هذا المجال (وان كنت اتمني لو لم يساهم بنفسه في أداء الرقصات وان يترك كما تقول الامثال العيش لخبازه) فالرقص بهذه الطريقة التي قدمها لا تليق كثيرا بمخرج كبير مثله).

ومفيش غير كده.. محاولة شابة لتقديم فيلم مختلف.. هيمنت عليها إلي جانب الروح الشابة التي ملأتها. اسماء فنية كبيرة نكن لها الاحترام والاعجاب.. ولا يمكننا بأي شكل من الأشكال أن نحط من قدرها ومن تاريخها ومن عطائها المميز الذي اضاء حياتنا الفنية خلال السنوات الثلاثين الماضية.

جريدة القاهرة في 26 ديسمبر 2006

 

سمير الجمل يكتب من ليبيا:

الانتاج المشترك.. الحل الوحيد للارتقاء بالدراما التليفزيونية العربية  

> قصص الكوني والفقيه والتليس قريبا علي الشاشة

> وزير الثقافة والإعلام الليبي يطالب بمواجهة سيطرة الحرف الأجنبي علي الشاشات العربية وإعادة النظر في الأعمال الموجهة للطفل  

منذ عامين تقريبا شاركت في ندوة دولية عن قصص قصيرة كتبها العقيد القذافي بعنوان «الأرض.. الأرض».. وكتبت بحثا عن الجانب الساخر في القصص.. وهو متوفر بشكل واضح.

ولما جاء ميعاد تقديم البحث اكتشفت أنني سأقول كلاما ـ يمكن الاطلاع عليه ـ بعد طباعة البحث.

ووقفت علي منبر الخطابة وقلت بكل وضوح: أيها الاصدقاء.. أظن أن القائد القذافي كتب هذه القصص لكي يصل بأفكاره السياسية إلي أكبر عدد من الناس.. ولكن كم ليبي أو عربي عرف بأمر هذه القصص وقرأ ما فيها!!.. في ظل عصر الصورة وسيطرة الصورة.. وعليكم بترجمة قصص القذافي إلي أعمال درامية يتصدي لها كتاب سيناريو من الليبيين لانهم أدري بشعاب القصص من غيرهم.

ومنذ أيام عدت إلي ليبيا وعلي دعوة عشاء جمعني لقاء.. بالاخ أمين الثقافة والإعلام أو وزيرها بلغتنا.. الاستاذ نوري الحميدي.. وهو مثقف محب للعروبة وصاحب رؤية بعيدة النظر.

سعي مخلص

وتذكرنا سويا حكايتي مع قصص القذافي.. وفتحنا ملف الحديث عن الدراما التليفزيونية وكيف أنها تستطيع ان تفعل الكثير في هذا العصر الذي تعددت فيه الفضائيات..

وقال نوري: من حيث المبدأ أن اسعي جاهدا لكي تكون ابداعات كبار أدباء ليبيا مادة درامية مصورة يشاهدها العرب من المحيط إلي الخليج.. وفي هذا أرحب بالانتاج المشترك، وقد بدأنا في رمضان هذه الخطوات بعمل درامي من قصص الأديب الكبير علي مصطفي المصراتي.. وقريبا نعمل في قصص الكوني والفقيه وتليس والمسلاتي والفاخري والتكيالي والمقهور.. والأديبات مرضية النحاس ونادرة العويني.

واضاف نوري: إن أمانة طرابلس تستعد بقوة لكونها عاصمة الثقافة العربية عام 2011.. وقبلها ستكون عاصمة الثقافة الإسلامية 2007 وبالتالي نحن نعد العدة مع جميع المؤسسات الثقافية لكي نكون علي مستوي الحدث.. ونحن نعرف جيدا أن العالم الآن اصبح قرية صغيرة والإعلام له دوره القيادي.. والفن يسبق الإعلام.. والدراما تسبق الجميع.. لأنها لسان حال الناس..

ومع ذلك يحذر نوري من سيطرة الحرف الأجنبي علي الشاشات العربية.. خاصة في الفيديو كليب.. الأمر الذي يهدد الثقافة العربية علي المدي البعيد ويجب أن ننتبه جيدا إلي ذلك.. ولهذا.. تكون الأولوية للمسلسلات المرئية التي تنطق باللغة العربية السليمة.. التي تصالح الأجيال الجديدة علي لغة القرآن الكريم.

إعادة نظر

وأكد أمين اللجنة الشعبية للثقافة والإعلام علي ضرورة إعادة النظر في فنون الطفل.. و تأكيد هويته العربية بدلا من تركه فريسة للأفكار المستوردة.

ويعتبر علي مصطفي المصراتي (80 عاما) حدوتة مصرية ليبية جميلة فهو مولود بالإسكندرية وتعلم بأزهرها الشريف.. وتتلمذ علي يد المازني والعقاد وطه حسين ويحيي حقي وقبض عليه في مظاهرات كوبري عباس الشهيرة، ثم اتجه إلي ليبيا مع المناضل بشير السعداوي وتحولت مقالته «لبيك وطني» إلي انشودة في المظاهرات ضد المحتل الايطالي بميدان السراي الحمراء أو ساحة الشهداء.. وإلي جانب رحلة النضال والسجن.. كانت رحلته الابداعية مستمرة ولم تتوقف عند تقديم اكثر من 30 قصة ورواية ومسرحية وقصيدة.. لكنها امتدت إلي التفتيش في التاريخ.. وتقديم قصة الصحافة.. ونجوم الظل في عدة أجزاء كما كتب سلسلة من سير الأبطال منهم «غومه»..

حرية مطلقة

والمصراتي يؤمن بطريقة نجيب محفوظ في التعامل مع تحويل قصصه إلي أفلام ومسلسلات ويري أن كل سيناريست له الحرية المطلقة في تقديم القصة المكتوبة بالشكل المرئي الذي يختاره.. لأن المسلسل مصنف فني مختلف عن القصة الأدبية.

تتسم أعمال المصراتي بروح السخرية والحس الدرامي العالي فهو ينطلق من نقطة هجوم.. وتستمر اغلب قصصه بنهايات مفتوحة متروكة للقاريء.

وقد ترجمت أعماله إلي الروسية والصينية واليونانية والانجليزية وتكرمه جامعة باليرمو وتمنحه الدكتوراة الفخرية خلال ابريل القادم.. وتصدر مجموعة من أعماله بالايطالية. وقد قدمت عدة رسائل ماجستير ودكتوراة في أعماله.

جريدة القاهرة في 26 ديسمبر 2006

 

بعد المعارضة شديدة

فيلم "دنيا" المثير للجدل فى دور السينما بالقاهرة 

بدأ اخيرا عرض فيلم "دنيا" المثير للجدل الذى يحكى قصة حب تعالج موضوع ختان الإناث وذلك فى عدد محدود من دور العرض فى القاهرة بعد أن اعترض عدد من الكسؤولين على الفيلم عرضه لمدة تزيد على عام.

ويتتبع الفيلم الذى أخرجته اللبنانية جوسلين صعب قصة راقصة طموحة فى القاهرة المعاصرة تقع فى هوى أستاذ جامعى يدرس الشعر ويكبرها بعشرين عاما وتكافح للتغلب على الصدمة التى سببها لها الختان.

وبعد أن لاقت الشركة العربية للانتاج والتوزيع السينمائى معارضة شديدة للفيلم اختارت أن تعرضه بدون قدر كبير من الدعاية مما اضطر المخرجة للاضطلاع بنفسها بمعظم الدعاية للفيلم.

ووجدت جوسلين نفسها مضطرة لابتكار طريقة جديدة فى الدعاية فاستأجرت شاحنة صغيرة ووضعت عليها ملصق كبير عن الفيلم وتجولت بها فى شوارع القاهرة خلال أربعة أيام قبل العرض ووزعت بنفسها منشورات للدعاية له.

واستعانت جوسلين فى حملتها التى استهدفت القاعدة الجماهيرية للمشاهدين بعدد من الصبية المشردين الذين استأجرتهم لتوزيع منشورات الدعاية.

وعرض فيلم "دنيا" لأول مرة فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عام 2005 وقوبل بحفاوة فى مهرجانات سينمائية كبيرة. ولكن ضغطا مشتركا من المحافظين والجماعات الدينية وتردد الرقابة فى مصر ارجأ عرض الفيلم فى دور السينما.

وأتت حملة دؤوب شنتها جوسلين ومؤيدوها فى الشرق الأوسط وأوروبا لعرض "دنيا" ثمارها فى نهاية الأمر. وبعد أن الغى عرض الفيلم فى موعد آخر كان مقررا فى الثامن من نوفمبر تشرين الثانى بدأ عرض الفيلم أخيرا فى 20 ديسمبر كانون الأول فى 17 دارا للسينما فقط من بين 50 سينما كان مقررا أن يعرض فيها فى البداية.

ورغم المجهود الكبير الذى بذلته المخرجة فى الدعاية للفيلم إلا أنها اعتبرت مجرد عرضه انتصارا لها ولشركة التوزيع بخاصة مع اقتراب عطلة عيد الأضحى التى يقبل فيها الجمهور بكثرة على دور العرض السينمائي.

وانصب انتقاد المعارضين للفيلم على المشاهد المتعلقة بعملية الختان. وترجع المخرجة الفضل لمؤتمر دينى عقد فى الآونة الأخيرة أدان فيه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى ختان الإناث فى موافقة الرقابة على المصنفات الفنية بعرض الفيلم.

وتقول منظمة الصحة العالمية إنه رغم حظر ختان الإناث فى كثير من الدول بما فيها مصر فإن ما يصل إلى 130 مليون امرأة خضعن للختان وأن ستة آلاف طفلة يخضعن لعملية الختان يوميا.

ورغم أن الفيلم يشارك فيه نجمان كبيران هما حنان ترك التى تلعب دور دنيا والمطرب المشهور محمد منير إلا أنهما لم يشاركا فى الدعاية للفيلم. وتردد أن ذلك يرجع إلى ضغوط من جماعات محافظة.

واصرت الرقابة على أن الفيلم لم يمنع من العرض لأسباب سياسية بل لأن المخرجة مطالبة بدفع ضرائب عن الفيلم تبلغ 40 الف دولار لأنها غير مصرية. وتقول المخرجةإ مصر مرتبطة باتفاقيات مع بلدها لبنان ومع فرنسا حيث تتمتع بعضوية احدى النقابات تسمح لها بالعمل دون دفع ضرائب.

ورغم أن رد الفعل الأولى للفيلم كان ايجابيا إلا أن قلة الدعاية أدت إلى قلة عدد المشاهدين.

وتقول المخرجة "إن الفيلم لاقى معارضة لانه يتعرض لموضوعات حرية التعبير والجنس ووصع المرأة فى المجتمع. كما ذكرت أن الفيلم مستقل ويعالج قضايا جادة ولذا فهو يمثل تحديا لصناعة السينما المصرية التى تنتج افلاما معظمها كوميدية خفيفة تهدف لتحقيق الربح السريع".

وبرزت بعض مؤشرات فى الآونة الأخيرة على أن السينما المصرية استعدت لدخول مرحلة جديدة. فقد عرض على نطاق واسع فيلم "عمارة يعقوبيان" الذى يتناول القمع السياسى والعلاقات الجنسية فى مصر المعاصرة.

وبدأت جوسلين صعب التى عملت مراسلة عسكرية بإخراج أفلام وثائقية فى الشرق الأوسط ثم تحولت إلى اخراج الأفلام الروائية واصدرت أول افلامها الروائية عام 1985.

واخرجت جوسلين فيلم "حياة معلقة" عام 1985 الذى عرض فى قسم نصف شهر المخرجين بمهرجان كان السينمائى الدولى ثم فيلم "كان ياما كان بيروت" عام 1995. وتعيش جوسلين صعب حاليا بين باريس والقاهرة التى صورت فيها "دنيا".

-رويترز-

العرب أنلاين في 27 ديسمبر 2006

 

سينماتك

 

قراءة في الفيلمين المكسيكيين «بداية ونهاية» و«زقاق المدق»

أدب نجيب محفوظ ساعد السينما المكسيكية في الحفاظ علي هويتها الوطنية

محمود مسعود

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك