اسدل الستار على فعاليات الدورة الحادية والعشرين لأيام قرطاج السينمائية التي انتظمت في العاصمة التونسية في الفترة الواقعة بين الحادي عشر من شهر تشرين الثاني الماضي والثامن عشر منه، وأسندت إدارتها هذه السنة إلى المخرج السينمائي التونسي فريد بوغريد المعروف بأفلامه الناجحة عصفور على السطح، فتيات حلق الواد، والفيلم التسجيلي الطويل كاميرا افريقية، وهو القادم إلى الإخراج السينمائي بعد سنوات طوال من العمل في حقل البحث والنقد السينمائي في الصحف والمطبوعات العربية والفرنسية عدا دوره التنشيطي في جامعة نوادي السينما التونسية.

منذ الاستعدادات الأولى للمهرجان أمل بوغدير أن تكون هذه الدورة التي تشرف عليها وزارة الثقافة التونسية مناسبة لتنويع أفلام المهرجان التي تشتمل على نتاجات العامين الأخيرين في السينما العربية والأفريقية، إضافة إلى تلك الأفلام العالمية الحائزة على جوائز عديدة من مهرجانات عالمية مكرسة في كان، برلين، البندقية، وسوى ذلك من مناسبات ومهرجانات دولية أخرى، مثل تلك الأعمال الحائزة على جوائز الاوسكار، حيث عرضت أغلبية تلك المشاركات في أقسام المهرجان تحت خانة الاحتفاء والتكريم والبانوراما.

وأفسح المهرجان الذي يشكل حضوره في المشهد السينمائي التونسي احتفالية خصبة في التفاعل مع عروضه طوال ثمانية أيام متواصلة، فرصة ثمينة لعشاق السينما في الالتقاء مباشرة مع قامات سينمائية رفيعة قادمة من سائر بلدان العالم الثالث وأوروبا ومحاورتهم في ندوات ومناقشات يومية حول قضايا الفن السابع.

واختارت أيام قرطاج السينمائية بمناسبة مرور أربعة عقود من الزمان على تأسيسه أن تكرم المخرج المصري يسري نصر الله عن مجمل أعماله، وقامت بعرض أفلامه: المدينة،مرسيدس، صبيان وبنات، سرقات صيفية وباب الشمس .

ومن بين المفاجآت الجميلة في الدورة ذلك الافتتاح المبهر الذي اشتمل على عرض الفيلم الفرنسي المعنون البلديون لمخرجه جزائري الأصل رشيد بوشارب الذي استقبل بحفاوة شديدة والذي رشح حديثا إلى جائزة أفضل فيلم أجنبي لأوسكار هذا العام، وقطف جائزة أفضل تمثيل لأبطاله مجتمعين في الدورة الأخيرة لمهرجان كان السينمائي الدولي، وهم من أصول عربية: جمال دبوز، سامي ابو عجيلة ورشدي زام. ويتناول معارك الحرب العالمية الثانية والمساهمة الفاعلة فيها لمهاجرين ينحدرون من أصول عربية مغاربية كانت صدمتهم شديدة عندما تخلت عنهم المؤسسة العسكرية في فرنسا، وتنكرت لبطولاتهم ولم تقدر مجهودهم الحربي على نقيض من زملائهم الفرنسيين، وهو ما شكل إعادة قراءة لحالة هذه الفئة من المحاربين القدماء ورد الاعتبار لها بعد أن خاضت فرنسا عقب عرض الفيلم الكثير من الجدل والنقاشات الساخنة والصاخبة.

كما جرى في الدورة تفعيل الاهتمام الإعلامي بإبراز الدور المعرفي والسينمائي التثقيفي للفعاليات عبر إسناد الملف الإعلامي للناقد والباحث السينمائي الشهير خميس الخياطي، وهو الذي سبق له أن رفد المكتبة العربية بالعديد من الكتب السينمائية المتخصصة، كان من بينها كتاب عن مسيرة أيام قرطاج السينمائية.. كما جاءت المساهمة الإدارية في عمليات المهرجان التنظيمية طافحة بجهود كاتب المهرجان المخرج فتحي الخراط التي زادت من الق المهرجان والارتقاء به نحو أهدافه المرجوة، وهو السينمائي والإداري الناجح طوال حقبة ليست بالقصيرة من مسيرة المهرجان الطويلة التي تعدت الأربعة عقود من الزمان، كما وأنيطت بالناقد والباحث السينمائي الأكاديمي عبد الكريم قابوس مهمة الإشراف على ندوات المهرجان في قاعة مركز ابن خلدون الثقافي التي جرى فيها تكريم الناقد والباحث السينمائي المصري علي أبو شادي رئيس مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام القصيرة، حيث تحدث فيها الناقد والباحث السينمائي المصري كمال رمزي عن أسلوبية الكتابة النقدية لدى أبو شادي ودوره الطليعي وإسهاماته في حركة النقد والبحث السينمائي ليس في مصر فحسب، وإنما في الوطن العربي عموما.

وكانت هناك أيضا ندوة سينما نجيب محفوظ التي شارك فيها أسماء لامعة في النقد السينمائي العربي وناقشت قضايا فكرية وجمالية تتعلق بالكيفية التي عالجت فيها الكاميرا السينمائية النصوص الأدبية لروايات صاحب جائزة نوبل للآداب.

ووجهت الأيام تحية خاصة إلى سينمات عربية استطاعت مؤخرا أن تثبت من نفسها على خريطة المشهد السينمائي في أفلام متفاوتة الاهتمامات والأساليب آتية من بلدان عربية ليست لها ذلك الحضور الراسخ في الفن السابع، حيث برزت المشاركة الأردنية في فيلمين من النوع القصير: شو هالشغلة للمخرجين محمد أبو جراد وعمر صالح وحازم البيطار وفيلم جرعة زائدة لعمار قطينة، وأيضا كانت هناك المشاركة السعودية في فيلم تسجيلي من توقيع المخرجة هيفاء المنصور، إضافة إلى فيلم روائي طويل يحمل عنوان ظلال الصمت لمخرجه عبدالله المحيسن والذي أدى فيه الممثل الأردني جميل عواد احد الأدوار البارزة بكل اقتدار، وشارك في الفعاليات أيضا الفيلم الروائي العماني البوم للمخرج خالد الزدجالي الذي يتناول حقبة زمنية قريبة من حياة الناس في المجتمع العماني قبل ظهور النفط، عدا عن الحضور القوي لأفلام قصيرة من الأمارات العربية المتحدة في قسم أفلام الفيديو.

وحضرت المشاركة التونسية الطافحة بالكثير من الأمل والتي كان ينتظرها عشاق السينما بكل اهتمام، نظرا لانتهاء مخرجيها حديثا من تصويرها كما في حالة المخرج نوري بوزيد وفيلمه آخر فيلم وزميله المخرج جيلاني السعدي بفيلم عرس الذيب وأيضا المخرج فاضل الجعايبي بفيلم جنون المستمدة أحداثه عن عمل مسرحي.. وفيها يسلط المخرجون الثلاثة الضوء على قضايا وأوضاع سياسية واجتماعية وحضارية وتداعياتها الإنسانية على الفرد والجماعة داخل تفاصيل الحياة اليومية في تونس المعاصرة.

فقد تميزت أحدث إنتاجات السينما التونسية بحرارة الحضور وسخونة الإقبال مقارنة مع أفلام المهرجان والذي ضاقت بهم صالات العرض، وحرص جميعهم على مناقشة القضايا والمواضيع التي طرحتها أفلام مثل: بين الوديان لخالد البرصاوي، آخر الفيلم للنوري بوزيد، وفيلم عرس الذئب لجيلاني السعدي.

بين الوديان.. التأسيس لسينما آكشن جديدة

وفيلم بين الوديان هو أول فيلم طويل لمخرجه، بعد سلسلة من الأفلام القصيرة التي قدمها للسينما منذ التسعينيات. وقبل العرض قدم البرصاوي أبطال الفيلم للجمهور، ومنهم أحمد الحفيان، نادية بوستة، معز الغديري، وناجية الورغي. وتحدث باختصار عن ظروف إنتاج العمل واصفا إياه بأنه إنتاج تونسي خالص، وأن ظروف الإنتاج كانت قاسية، وخصوصا الجانب المادي.

يبدأ الفيلم بمناظر طبيعية تكشف مدى جمال المنطقة بتضاريسها الممتدة على مدى خط السكة الحديدية وكأنها مشاهد مستمدة من فيلم أميركي من نوعية أفلام الحركة المعروفة (الآكشن). في الأثناء تبدأ حكاية الفيلم خلال موكب عقد قران بين عائشة  (نادية بوستة) و إقبال  (معز الغديري) سرعان ما يتحول إلى قضية شرف وصراع بين زوج لم يكمل زواجه، وزوجة تهرب قبل إمضاء عقد الزواج للحاق بحبيبها مهدي (أحمد الحفيان) العائد لتوه من الخارج.. ومن موكب عقد القران، يتحول الفيلم من فرحة لم تدم إلى مأساة تتخللها مطاردات تنتهي بموت الزوج المنتظر وعودة الحبيبة إلى حبيبها.

في خضم هذه الأحداث يستحضر المخرج من حين لآخر في أسلوبية (فلاش باك) ماضي الشخصيات الثلاث وأحلامها: عائشة الهائمة في حب مهدي منذ الطفولة وخلال أيام الجامعة، ومهدي وإقبال المتيمين بحب عائشة. كما يستحضر في الأثناء كمبرر للصراع هروب مهدي إلى الخارج بعد وشاية من إقبال يتحول مهدي على إثرها إلى مطارد من الشرطة بسبب أفكاره السياسية اليسارية قبل الثمانينيات. ويتناول المخرج هذه الفترة بشكل مركز يطرح خلالها الصدامات التي كانت جارية بين الطلبة وأجهزة الشرطة.

كل هذه الأحداث صورها خالد البرصاوي بأسلوب سينمائي مختلف عما هو مألوف في السينما التونسية، إذ اعتمد في تصوير المطاردات مثلا تقنيات ما يعرف بالرود موفي القائمة أساسا على الحركة، ولم يبخل المخرج حتى في استعمال طائرة هليكوبتر والتحليق بها بشكل بهلواني أو استعراضي من أجل توفير الإثارة وعناصر التشويق في الفيلم. وعموما قدم البرصاوي فيلما مختلفا في شكله عما هو مألوف في السينما التونسية محاولا التأسيس لسينما جديدة من نوع الحركة قد تتطور في يوم ما وتصبح في مستوى أفلام الحركة المعروفة. كما حاول استثمار طاقات الممثلين الشبان لإعطاء نفس جديد للأداء الذي ظل محتكرا بين عدد محدد من الممثلين، فكان أداء الممثل معز الغديري مثلا بمثابة المفاجأة والاكتشاف في الفيلم. وتبقى الصورة في بين الوديان من أبرز إبداعات هذا العمل، حيث أبدع مدير التصوير في اختيار المشاهد وتصميمها، خصوصا المناظر الطبيعية التي كشفت مدى جمال ومعالم الأمكنة العديدة والمتنوعة التي دارت فيها الأحداث.

آخر الفيلم.. حيل بصرية تتمتع بالجرأة

ويعد آخر الفيلم أحدث إنتاجات النوري بوزيد، وهو مأخوذ عن قصة تبدو تقليدية وإن لم تخل من مسحة في الجرأة، حيث أن بطله شاب بائس ممزق يسعى إلى الهجرة ويعمل راقصا في الشوارع ويمارس حياة الإحباط والبطالة وسط ظروف فقر صعبة وعدم شعور بالأمان الاجتماعي، ولكن نمط حياته اليومية يتغير بعد أن انجرف إلى عالم الانتهازيين السياسيين وقوى التطرف والتعصب، بيد انه يرفض الاستمرار في حياته الجديدة ويقرر التراجع والانتقام ممن أوصلوه إلى هذه النهاية المحتومة.

يلجأ بوزيد إلى أكثر من حيلة بصرية في توظيف شخصيته الحقيقية كمخرج للعمل بين مشاهد الفيلم، حيث يخلط أمام المشاهد بين الكواليس التي تدور فيها الأحداث وبين تلك التعليمات والتوجيهات إلى ممثله البارع لطفي العبدلي الذي استطاع أن يظفر بجائزة المهرجان لأفضل ممثل، وكثيرا ما ظهر الجدل بين الممثل والمخرج على الشاشة حين يرفض الممثل في جدل حقيقي لم يكن معدا له في سيناريو الفيلم الاستمرار في أداء دوره المرسوم بحسب السيناريو الموضوع للفيلم، وغالبا ما يكون الجدل واحتدامه في أمور الدين وفيما إذا كانت قادرة على وضع الحلول المناسبة لمشاكل الإنسان في الزمن المعاصر.

عرس الذئب.. ضحايا المجتمع والظروف المعيشية

على نحو قريب من هذه الأجواء المفعمة بلحظات الفقر والانكسار لأحلام الشباب، يصور فيلم عرس الذئب لجيلاني السعدي صاحب الفيلم الروائي الطويل اللافت خرمة الأحوال الصعبة للبائعين الشباب الجوالة وهم في صراع مستمر مع البطالة جراء مطاردتهم اليومية من الأجهزة المختصة. ويكشف الفيلم عن معاناة هؤلاء نتيجة التفكك الأسري والصعوبة في التعايش داخل مجتمعهم، ولا يتوانى بعضهم عن اقتحام عالم الجريمة انتقاما من المجتمع الذي لم يعد يمتلك فرصة للعيش اللائق.

ويلتقط الفيلم مجموعة من تلك النوعية من الشباب الساخط في احد الشوارع الداخلية للعاصمة القديمة وهم يعتدون على إحدى فتيات الليل التي تأخذ على عاتقها مطاردتهم، لكنها تترك واحدا كان رفض الانجرار وراء صحبته في الاعتداء عليها، وترد له الجميل بالتواصل معه على نحو إنساني قبل أن تتركه وترحل ليظل وحيدا في عزلته الاختيارية داخل المجتمع القاسي، بعد أن رفضت أن تربط مصيرها به.

يحتشد الفيلم بالكثير من التفاصيل التي تتناول العلاقات والأحاسيس والمشاعر التي تولد أشكال العنف في شخصياته القادمة من عوالم العذاب اليومي وتطاحن الحياة وفرض السطوة على الآخرين وتعذيب النفس على نحو يبدو وكأنه من الأمر الواقع.. كما يرصد الفيلم حالات من العنف اليومي الدارج الذي يتفشى بين أولئك الشباب بفعل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة.

عروض ترصد الواقع القاسي

وفي خانة عروض قسم الفيديو شارك الفيلم التسجيلي المصري الطويل المعنون البنات دول لمخرجته تهاني راشد المقيمة في كندا، والتي سبق لها أن قدمت فيلمها التسجيلي الطويل الأول المعنون أربع نساء من مصر، لكنها في فيلمها الثاني غاصت في الواقع القاسي للمرأة المصرية عبر تجوالها بالكاميرا في الشوارع الخلفية لمدينة القاهرة، كاشفة عن الظروف الصعبة التي تعيش فيها فتيات في مقتبل العمر تشردن تحت وطأة الفقر والقسوة من الأهل والأقارب وأصبحن يعشن عالمهن الخاص..

يبدأ الفيلم بفتاة تمتطي صهوة جواد تنطلق به وسط زحام الناس والسيارات في شوارع العاصمة دون اكتراث بما يجري حولها، ويسدل الفيلم ستار النهاية على المشهد نفسه. وبين المشهدين تسري أحداث الفيلم المجبولة بقصص التشرد والجهل والعذاب اليومي لهؤلاء الفتيات في رحلتهن اليومية الصعبة داخل قاع المدينة الكبيرة.

وفي قسمي الاحتفاء والتكريم جرى في اليوم الأول للمهرجان الاحتفاء بالنجمة الإيطالية اورنيلا موتي والممثل الفرنسي تونسي الأصل سامي أبو عجيلة، حيث أبدت موتي استعدادها للمشاركة في أي عمل سينمائي قادم من المنطقة العربية حرصا منها على تنويع موضوعات أفلامها وتشجيعا لصانعي السينما الجديدة من ناحية، ولرغبتها الأكيدة في الاطلاع على المستوى الجمالي والفكري الذي بلغته السينما العربية والأفريقية من ناحية أخرى.

وتحت إشراف الروائي الفرنسي الشهير جان كلود شاريير نظمت إدارة المهرجان ورشة عمل متخصصة لكتاب السيناريو الشباب شارك فيها الكثير من أصحاب المواهب والطاقات الإبداعية القادمين من بلدان عربية وأوروبية.

وقد أفردت أيام قرطاج السينمائية للسينما الأفريقية مساحة واسعة من العروض في أقسام المهرجان المتنوعة والتي يشارك فيها الكثير من ابرز وجوه الإخراج والتمثيل والصناعة السينمائية في القارة السوداء، ويجري تسليط الضوء على آخر نتاجاتها والتي تستقطب اهتمام قطاع عريض من رواد المهرجان، وهو المهرجان الذي طالما كشف عن طاقات إبداعية في بلدان افريقية مثل تشاد والسنغال وساحل العاج وجنوب أفريقيا مكنتهم من شق طريقهم إلى السينما العالمية. وفي قائمة العروض أفلام عربية روائية طويلة قادمة من موريتانيا، مصر، المغرب، الجزائر، سوريا، لبنان وفلسطين.. من أبرزها فيلم علاقات عامة للسوري سمير ذكرى الذي يجسد كوميديا سوداء عن الفساد، وفيلم بوسطة لفيليب عرقتنجي الذي يروي قصة فريق للدبكة اللبنانية يجول بأرجاء لبنان، وفيلم دنيا للبنانية جوسلين صعب الذي صورته في مصر وأسندت أدواره الرئيسية إلى محمد منير وحنان الترك، وهناك الفيلم الجزائري بلاد رقم واحد عن عودة سجين من فرنسا إلى بلده الأصلي ليكتشف أن واقعه لا يتبدل، وفيلم انتظار للمخرج رشيد مشهراوي عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وألقت أيام قرطاج السينمائية -التي اضطلع برئاسة لجنتها التحكيمية الناقد والروائي اللبناني الياس خوري وضمت في عضويتها سينمائيين عربا وأفارقة- بظلالها على المشهد السينمائي التونسي كمظهر احتفالي خصب في التفاعل والمشاركة في حضور العروض والالتقاء مباشرة مع قامات سينمائية من سائر بلدان العالم الثالث وأوروبا ومحاورتهم في ندوات ومناقشات يومية حول قضايا الفن السابع.

فقد حاز الفيلم التونسي المعنون آخر فيلم  للمخرج نوري بوزيد جائزة التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية بجدارة، ولم يكن فوز بوزيد بجائزة المهرجان مفاجأة لكثير من المتابعين الذين توقعوا فوزه مبكرا نظرا لموضوعه الساخن الذي يلامس فيه وقائع لظواهر ما يعيشه العالم حاليا من تزايد لقوى التطرف والتعصب تحت ذرائع عديدة، وأيضا لما شكلته تجربة بوزيد الطويلة مع الفن السابع وقدرته على استلهام مواضيعه المثيرة للجدل في أكثر من عمل سينمائي قدمه سابقا على غرار: ريح السد، بزناس، دمى من طين.. وجميعها اشتملت على مستوى متطور من اللغة السينمائية المبتكرة والمشغولة بعناية في تدرج إيقاعي نادر.

كما منحت لجنة التحكيم الفيلم التشادي دارات للمخرج محمد صالح هارون جائزة التانيت الفضي، وهو الفيلم نفسه الذي شارك في مهرجان البندقية وحاز جائزة النقاد. واكتفى الفيلم الفلسطيني انتظار للمخرج رشيد مشهراوي بالتانيت البرونزي، وهو يناقش بمزيج من الروائية والتسجيلية تطلعات اللاجئين الفلسطينيين في أكثر من بلد عربي إلى حق العودة. كما نال الفيلم الموريتاني باماكو لعبد الرحمن سيساكو جائزة لجنة تحكيم المهرجان الخاصة. وحظي الممثل التونسي لطفي عبدلي بجائزة أفضل تمثيل، في حين نالت الممثلة المغربية ثريا العلوي جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم باب البحر للمخرج داوود أولاد سيد، وهو يتناول بإيقاع بطيء قسوة عيش عائلة في بيئة مكانية صعبة واقعة على البحر في أطراف المدينة الكبيرة.

على صعيد جوائز الأفلام الروائية القصيرة حاز الفيلم الفلسطيني ع السكت لسامح زوابي الجائزة الذهبية، ونال الفيلم المصري النهار ده 30 نوفمبر لمحمود سليمان الجائزة الفضية.. وذهبت البرونزية إلى الفيلم الجزائري خيط الحكايةمن إخراج فاطمة الزهراء.

وإذ تدلف أيام قرطاج السينمائية عقدها الخامس، فإنها في دورتها الأخيرة استطاعت أن تجمع العديد من السينمات المختلفة، وعلى وجه الخصوص تلك السينما القادمة من القارة الإفريقية في عناق مع السينما العربية والسينما الآسيوية المعاصرة، وبدت ليالي المهرجان مشهدا حيويا أثرى لغة الحوار بالصورة بين الثقافات والحضارات.

* ناقد سينمائي وصحفي أردني

الرأي الأردنية في 22 ديسمبر 2006

 

الدورة الحادية والعشرون لأيام قرطاج السينمائية: التنوع الثقافي في سينما الجنوب

تونس ـ القدس العربي ـ صلاح سرميني 

تكتسب أيام قرطاج السينمائية مذاقاً خاصاً يتجسد بالتفاعل الحقيقي بين السينما، وجمهورها، حيث يتحول وسط العاصمة تونس خلال أيام المهرجان الي ناد سينمائي مفتوح يبدأ من العاشرة صباحاً باللقاءات، والندوات، وتستمر عروضه المُنتشرة في قاعات كثيرة حتي منتصف الليل، ويكتمل بلقاءات حميمية مُرتجلة علي أرصفة المقاهي، وتمتد النقاشات حول الأفلام، والسينما بشكل عام حتي الساعات الأولي من فجر اليوم التالي.

وعلي الرغم من الساعات القليلة التي ينامها ضيوف المهرجان، الا أن شمس تونس تدعوهم للاستيقاظ باكراً كي يعيشوا زخماً جديداً.

في فترة المهرجان يدفع المتفرج العادي ديناراً واحداً ثمن تذكرة الدخول لكل فيلم، وكي تكون المُشاهدة في متناول الجميع، حرصت ادارة المهرجان علي منح بطاقة دخول مجانية للكثير من الصحافيين، والاعلاميين المحليين وأعضاء نوادي السينما الذين لا يكتفون بالفرجة فحسب، بل يساهمون في تقديم الأفلام، وادارة الندوات، وهو الأمر الذي لفت انتباهي، وأثار اعجابي في المهرجان السينمائي الدولي لأفلام الطفولة والشباب الذي ينعقد كل عامين في مدينة سوسة.

احتفت الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية بمرور أربعين عاماً علي انطلاقتها، وكان ذلك في عام 1966، لتكون أول التظاهرات السينمائية العربية، والتي حافظت علي انعقادها منذ ذلك التاريخ، وأصبحت مركز استقطاب للسينما العربية، والأفريقية في مسابقتها، ونافذةً اعلامية للسينما العالمية تعرف الجمهور من خلالها علي سينمات لا يتسني له مشاهدتها خارج اطار المهرجانات، والتظاهرات السينمائية، وأسابيع الأفلام.

وقد أصابت ادارة المهرجان باختيار (الأهالي) فيلم الافتتاح، ولم تضمه الي قائمة الأفلام المُتنافسة، اذ كان من الممكن أن يحصد جوائز المهرجان بسهولة كفيلم فرنسي مكلف، ومتقن سينمائياً، ويعتمد علي حكاية انسانية تستند علي اعادة الاعتبار لـ130.000 جندي شاركوا في صفوف الجيش الفرنسي ضد الاحتلال النازي .

بينما تنافس 15 فيلماً روائياً طويلاً هي: بركات لمخرجته الجزائرية جميلة صحراوي، البلد رقم واحد لمخرجه الجزائري رابح عامر زعيمش، أوقات فراغ لمخرجه المصري محمد مصطفي، ظل الحرية لمخرجه الغابوني ايمونغا أيفانغا أحلام لمخرجه العراقي محمد الدراجي، دنيا لمخرجته اللبنانية جوسلين صعب، بوسطة لمخرجه اللبناني فيليب عرقتنجي، باب البحر لمخرجه المغربي داود أولاد سياد، باماكو لمخرجه الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، انتظار لمخرجه الفلسطيني رشيد مشهراوي، علاقات عامة لمخرجه السوري سمير ذكري، دارات (موسم جاف) لمخرجه التشادي محمد صالح هارون، آخر فيلم لمخرجه التونسي النوري بوزيد، عرس الذيب لمخرجه التونسي جيلالي سعدي، بابا عزيز لمخرجه التونسي الناصر خمير.

علي حين كانت الأفلام القصيرة المتنافسة هي: خيط الحكاية للجزائرية فاطمة الزهراء زعموم، النهار ده 30 نوفمبر للمصري محمود سليمان، منقاد للأثيوبي دانيال تاي ووركو، بي كونكو للغيني شيخ فانتاماداي كامارا، هز يا وز للبناني وسام شرف، المرحوم للمغربي رشيد الوالي، عائشة للنيجيري نيوتن أدواكا، ع سكت للفلسطيني سامح الزغبي، وراء الوجوه للسوري أيهم عرسان، الغسالة للسوري هشام الزعوقي، بهجة للتونسي وليد الطايع، نسمة وريح للتونسي الأسعد دخيلي، العز للتونسي لطفي عاشور، الرندوفو(الموعد) للتونسية سارة العبيدي.

وفي بانوراما الأفلام الطويلة تم عرض 15 فيلماً روائياً، وتسجيلياً طويلاً من الجزائر، الكاميرون، مصر، غينيا، المغرب، سورية، تونس، جنوب أفريقيا.

وفي بانوراما الأفلام القصيرة عُرض 25 فيلماً من الجزائر، مصر، المغرب، قطر، سوريا، تونس.

وفي القسم الدولي عُرضت أفلام من ألمانيا، فرنسا، سويسرا، الولايات المتحدة، بريطانيا.

وقد بلغ عدد أفلام الفيديو المُتنافسة للحصول علي الجوائز (12) فيلماً طويلاً، و(17) فيلماً قصيراً من بوركينا فاسو، مصر، العراق، لبنان، الموزمبيق، فلسطين، السنغال، سوريا، تونس، السعودية، الغابون، الأردن، ليبيا، المغرب.

وفي القسم الاعلامي للأفلام المنجزة بالفيديو عرض (13) فيلماً طويلاً و(16) فيلماً قصيراُ من الجزائر، كمبوديا، الكاميرون، فرنسا، العراق، لبنان، مالي، فلسطين، السنغال، تونس، مصر، الأردن.

وقد حفلت أيام قرطاج السينمائية (كما العادة) بتظاهرات جانبية متعددة، ومتنوعة .

* أشرطة قصيرة فيديو من معاهد السينما.

* نظرة حول سينما التحريك في المغرب العربي.

بينما كانت التكريمات من نصيب المخرج الايفواري هنري دوبارك، المخرج المصري يسري نصر الله، الروائي المصري نجيب محفوظ، والسينما المغربية اليوم.

بينما حظيت سينما أمريكا اللاتينية علي مكانة خاصة في المهرجان بعرض مختارات من أفلامها، وسُلطت الأضواء بشكل خاص علي السينما في الأرجنتين، ومن الطرف الآخر من العالم احتفي المهرجان بالسينما الأسيوية، وأضواء خاصة علي السينما في كوريا الجنوبية.

ومن ثم برنامج خاص للأفلام التي حصلت علي جوائز (الرابطة الدولية لسينما الفن، والتجربة)، وأفلام تم دعمها من طرف القناة التلفزيونية الألمانية (آرتي).

بالاضافة الي ورش مشاريع في كل من لبنان، وفلسطين.

جوائز الدورة الحادية والعشرين لأيام قرطاج السينمائية 2006:

تكونت لجنة التحكيم الدولية للأفلام السينمائية من الروائي اللبناني الياس خوري (رئيساً)، وعضوية كل من المخرجة فانتا ريجينا ناكرو (بوركينا فاسو)، الممثلة رقية نيانغ (السنغال)، الممثلة هند صبري (تونس)، المخرج محمد عسلي (المغرب)، مدير التصوير رمسيس مرزوق (مصر)، المُنشط، والاداري سيرج سوبزينسكي (فرنسا).

ومنحت الجوائز التالية :

الأفلام الروائية الطويلة :

·         التانيت الذهبي: آخر فيلم للمخرج التونسي نوري بو زيد.

·         التانيت الفضي: دارات، موسم جاف للتشادي محمد صالح هارون.

·         التانيت البرونزي: انتظار للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي.

·         جائزة لجنة التحكيم الخاصة: باماكو للموريتاني عبد الرحمن سيساكو.

·         جائزة أفضل ممثلة (ثريا علوي) عن دورها في الفيلم المغربي (باب البحر، طرفاية) لداود أولاد سياد.

·         جائزة أفضل ممثل: لطفي عبدلي عن دوره في آخر فيلم للمخرج التونسي نوري بو زيد.

·         جائزة أفضل ممثلة مساعدة: فاطمة بن سعيدان عن دورها في آخر فيلم للمخرج التونسي نوري بو زيد.

·     جائزة أفضل ممثل مساعد: بشير المجيدي عن دوره في أحلام للمخرج العراقي محمد الدراجي. شهادة تقدير لفيلم عرس الذيب للتونسي جيلاني سعدي.

الأفلام الروائية القصيرة:

·         التانيت الذهبي: ع سكت للفلسطيني سامح الزغبي.

·         التانيت الفضي: خيط الحكاية للجزائرية فاطمة الزهراء زعموم.

·         التانيت البرونزي: النهار ده 30 تشرين الثاني (نوفمبر) للمصري محمود سليمان.

·         جائزة لجنة التحكيم الخاصة: بي كونكو للغيني شيخ فانتامادي كامارا.

جوائز أفلام الفيديو:

تكونت لجنة تحكيم الأفلام المنجزة بالفيديو من المخرج ادريسو مورا كباي (بينين)، الباحثة قمر بن دانة ـ كشير (تونس)، الناقد والمبرمج غي بروكور (فرنسا).

ومنحت الجوائز التالية:

·         أفضل فيلم طويل: من يوم ما رحت للمخرج الفلسطيني محمد بكري.

·         أفضل فيلم قصير: ديوينتي للمخرجة السنغالية ديانا غايي.

·         جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم التسجيلي الطويل: البنات دول للمصرية تهاني راشد.

·         جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم التسجيلي القصير: يا لها من قوارير للتونسي الفيتوري بلهيبة.

·         شهادة تقدير لفيلم (مارغريت غارنر) للمخرج التونسي مصطفي حسناوي.

تعليقات: 

ايا م قرطاج

يعتبر عمل اى كاتب سرقه اذا استقاه من كاتب واحد ويعتبر اقتبا سا بل دراسه علميه اذا استقاها من عدة كتاب لا جديد فى رساله مندوبكم لا سيما المهرجان انتهى مع الاسف الرساله ماخوذة من الجرائد لم يكلف خاطره بكتابه نقد يليق ومن عين المكان رايت صلاح يركض وراء الخراط من اجل الاستضافه اتحدى اذا حضر اى ندوه وتقريره ماخوذ من الوكالات حبى للقدس العربى هو الذى جعلنى اكتب دائما فى تونس ناخذ على المهرجان وجود نفس الوجوه شرف الكلمه يا سيد صلاح يقتضى ان تكون امينا فى نقل الحدث لا ان تاتى الى تونس تشم الهوا انت وغيرك فانتم عبء على المهرجان سماح بنت الاخضر تونس

مهرجان ومنافسه

تعددت المهرجانات حتى اصبحت المنافسه شديده والثشابه اشد واصبح العديد من المخرجين يطوفون بين المهرجانات حاملين نفس الفيلم ومرددين عبارات الانبهار التى تتماشى واتجاة كل مهرجان اخت سماح اصابت كبد الحقيقه كنت اتمنى على صلاح ان يكتب عن مثالب المهرجان لكن كيف يكتب وهو القاسم المشترك فى ايام قرطاج سينما ومسرح وكنت اتمنى ان يكتب لم لا يكرمون العقاد ويكرمون يسرى اكثر من مرة طبعا حتى يضمن الاستضافه فى ايام المسرح صدقت سماح فى كل مهرجان هو موجود ويقضى الوقت يوسط فلان وعلان عند الخراط وناديه عطيه حتى اذا كتب كلامه يجافى الحفيقه المنصف الزهار سيدى بوسعيد

كلهم صلاح

من عدنان مدانات الى ناجح الى البيطار الى الشناوى الىحكمت الحاج الى محمد سيف وقائمه طو يله هى شلة فتحى الخراط وناديه عطيه تنتهى بالما سترو وعازف الطبله صلاح وزير الثقافه غير قادر عليهم كان الاولى بصلاخ ان يكتب عن مشهراوى وفوز فيلمه مع ان المشهراوى فى دورات سابقه استبعد لان افلامه تمول من اسرائيل وهو من عرب 48 حتى رئيس المهرجان بوغد ير عليه اكثر من علامه سؤال كان الاولى بالسيد صلاح ان يكتب عن هذا كما كانت جريدة الصريح اما مداناث فلم يكتب فى حياته وهو دائما حاضرا اي كلمه عن المهرجان شكرا لسماح وشكرا للمنصف ورجاء حار للوزير ان يستدعى الخراط ويطلب منه ما فائده صلاح وغيره للمهرجان المهرجان للخواطر ومهرجان شلليه سليم الحامد دمشق

القليل من الشجاعة

سماح, المنصف, سليم,... الشجاعة تتطلب أن تكتبوا أسماءكم الحقيقية, والأمانة تتطلب البراهين, والإثباتات, ومن المؤسف بأن تتحدثوا عن أشخاص لم يحضروا الدورة الأخيرة أصلاًً. من المفيد بأن تشمروا عن سواعدكم, وتفعلوا أشياء مفيدة للسينما, لقد فاحت رائحة هذا الشخص الذي يختبئ وراء أسماء مستعارة, ويسبّ, ويشتم, ويشوه صورة هذا, أو ذاك. الرد الوحيد على هذا الشخص هو العمل, وكي أريحك, أو بالأحرى أريح بال سماح أقول : لم أقرأ حرفاً واحداً في أي جريدة, أو مجلة, أو موقع عن الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية. ألم يكن من المفيد لمعلوماتك(معلوماتكم) بأن تعرف من حضر, ومن لم يحضر, وماذنب السيدة نادية عطية في دورة لم يكن لها أي دور فيها ؟ للأسف, كنت أظنك كبيراً, وعاقلاً... ماكنت أتوقع بأن تصل إلى هذا المستوى. صلاح سرميني

القدس العربي في 27 نوفمبر 2006

حياة مشاهير الأدباء في السينما

بقلم : عدنان مدانات 

كان الفيلم الفرنسي الإيطالي البلجيكي المشترك الإنتاج «ساعي البريد» للمخرج ميشيل رادفورد أحد اكثر الأفلام الأوروبية نجاحا في العام 1994، وهو العام الذي شهد إطلاق الفيلم في صالات العرض السينمائية. سبب أساس من أسباب إعجاب المشاهدين النقاد بالفيلم كون أحداثه تتعلق بجزء من سيرة حياة شاعر تشيلي الكبير بابلو نيرودا والذي عاش حياة غنية بالأحداث، خصوصا السياسية، حياة جعلته يعلن بصوت عال في قصيدة له: «أشهد أنني قد عشت». و قد كان فيلم «ساعي البريد» شهادة إضافية من السينما، على أن بابلو نيرودا قد عاش فعلا، وأن في ما عاشه الكثير مما يجب أن يروى.

لم يرو فيلم «ساعي البريد» وقائع متسلسلة من تاريخ حياة بابلو نيرودا الذي عاصر أكثر وقائع بلاده المصيرية بكل جوانبها، ولم يختر أكثرها إثارة، بل اكتفى بسرد بعض تفاصيل الفترة التي عاش فيها بابلو نيرودا منفيا في قرية إيطالية، والتي تميزت بعلاقة خاصة نشأت تدريجيا بين الشاعر وبين ساع للبريد انبهر بشخصية نيرودا وبشعره فانتقلت إليه العدوى وصار يكتب الشعر.

أما شاعر إسبانيا فديريكو غارسيا لوركا الذي مات غيلة في العام 1936 وهو في ريعان شبابه، إذ لم يدعه أتباع كتائب الجنرال الفاشي فرانكو، الذين اختطفوه من منزله ذات صباح، يعيش حياة مديدة، فإن سنوات حياته القصيرة اتسمت بغنى في الأحداث جعلته يكتب قبل موته قصيدة يقول فيها: «أريد أن أنام لبرهة، لبرهة أو لقرن.. لكن دعوا الجميع يعلمون أنني لم أمت»، وهو الذي قال ذات يوم: «أهم شيء بالنسبة لي هو أن أحيا». وقد استجابت السينما الإسبانية بعد نحو نصف قرن من الزمن لرغبة شاعر إسبانيا الكبير، وذلك من خلال الفيلم السينمائي «لوركا.. موت شاعر» الذي يروي وقائع الأيام الأخيرة من حياة لوركا التي سبقت اختطافه ومن ثم اغتياله، وهو واحد من سلسلة من سبعة أفلام سينمائية أنتجت لحساب التلفزيون الإسباني تروي سيرة حياة لوركا قام بإخراجها المخرج الإسباني الشهير خوان انطونيو بارديم.

هذان مجرد مثلين عن سينما تخلص لمبدعين شعراء فتعرف بحياتهم وسيرتهم الأدبية وتخلدهم من خلال الأفلام التي تحكي عنهم.

لا يقتصر نشاط السينما الروائية العالمية على التعريف بالشعراء المبدعين وحدهم، بل توجد في السينما العالمية عشرات الأفلام التي تخصص مواضيعها لسرد سير و وقائع من حيوات مبدعين كبار في مجالات الموسيقى والرسم والرواية، مستفيدة في ذلك ليس فقط من قيمتهم الإبداعية والتاريخية، بل أيضا، وفي أحيان كثيرة، من تجاربهم الحياتية التي تتضمن قدرا كبيرا من الدراما، سواء منها الدراما ذات البعد التاريخي الاجتماعي أو ذات البعد الشخصي. من أحدث الأمثلة في السينما العالمية المتعلقة بأفلام روائية طويلة أنتجت في السنوات الأخيرة وتحدثت عن مشاهير المبدعين نذكر الفيلم الأميركي «الساعات» الذي يروي في جانب منه جزءا من سيرة الكاتبة فرجينيا وولف (2002)، وفيلم «فريدا» عن الرسامة فريدا كاهلو (2002)، والفيلم الإسباني «غويا في بيردو» عن الرسام فرانشيسكو دي غويا (1999).

واحد من افضل الأمثلة الصارخة التي تدل على بعض جوانب من حياة المبدعين المليئة بالدراما والتي تناولتها السينما، وإن ليس بالعمق الكافي، هو سيرة الكاتب الأميركي إرنست هيمنغواي الذي عاش حياة مليئة بالتجارب وبالمغامرات المثيرة والمخاطر على المستويين الشخصي والجماعي وعايش وتفاعل مع أكثر حوادث التاريخ المعاصر له تأثرا في القرن العشرين، مثل الحرب الأهلية في إسبانيا، وهي الحياة التي كانت وقائعها مادة أساسية استمد منها مواضيع أعماله الأدبية الروائية والقصصية والصحفية وحكاياتها وأفكارها، ثم أنهى حياته بفعل درامي عندما ختمها برصاصة قاتلة من بندقيته التي طالما استخدمها في رحلات الصيد في أدغال أفريقيا، فكان انتحاره المفاجئ والصادم، بما تضمنه من أبعاد ودلالات لا يقل إثارة عن حياته.

لا يفتقر العالم العربي إلى فنانين وادباء مبدعين كبار عاشوا حياة ثرية متعددة الأبعاد وتجارب تستحق الذكر وأنتجوا أعمالا أدبية أو فنية مهمة، سواء أكانوا ينتمون إلى الماضي السحيق أم إلى التاريخ القريب، كما لا يفتقر العالم العربي إلى مبدعين معاصرين ما تزال تجري الدماء في عروقهم. والعديد من أولئك المبدعين يمكن أن يكونوا، كما يمكن أن تكون تجاربهم الحياتية والشخصية وحتى الإبداعية ومصائرهم، مادة لدراما سينمائية حقيقية ومؤثرة. لكن السينما العربية تفتقر حقا إلى أفلام تحكي عنهم وعن مجتمعهم وتعرف بإبداعهم وأفكارهم. وما يتوفر من أفلام سينمائية عربية روائية طويلة منذ بداية السينما العربية قبل نحو ثمانية عقود من الزمن وحتى الآن يعد بالأصابع وأبرزها: الفيلم السوري «تراب الغرباء» عن المفكر عبد الرحمن الكواكبي، والفيلم المصري «المصير» عن المفكر ابن رشد، والفيلم المصري «كوكب الشرق» عن المطربة أم كلثوم، وقبله بزمن طويل الفيلم المصري «سيد درويش». ويمكن أن نضيف إلى هذه القائمة الفيلم المصري «عصفور من الشرق» عن جانب من سيرة شخصية كتبها توفيق الحكيم وتحدث فيها عن فترة دراسته في فرنسا، وكذلك ثلاثية المخرج يوسف شاهين التي افتتحها بفيلم «الإسكندرية ليه» والتي يتتبع فيها مراحل تاريخه الشخصي والإبداعي. وباستثناء الفيلم التونسي «حبيبة مسيكة» الذي يروي سيرة حياة مغنية تونسية من أصل يهودي اشتهرت في عشرينيات القرن الماضي، لا نعثر على أفلام تستقي مواضيعها من حياة المبدعين في باقي الدول العربية، في المشرق والمغرب، والتي يوجد فيها إنتاج للأفلام السينمائية الروائية الطويلة.

يثير غياب أفلام تستقصي سيرة مبدعين عرب قضيتين رئيسيتين، خصوصا عندما يتعلق الأمر بإنتاج أفلام سينمائية روائية عن مبدعين معاصرين، أو ينتمون للقرن العشرين بكل ما جرى فيه من أحداث مصيرية متلاحقة تفاعلوا معها وعبروا عنها في أعمالهم الإبداعية.

تتعلق القضية الرئيسية الأولى بالوضع الإنتاجي للسينما العربية عامة والذي يمكن تقسيمه تقسيما أوليا إلى نوعين، الأول منهما ينتمي إلى السينما التي تسعى وراء النجاح الجماهيري التجاري فتحصر اختيارات مواضيعها وحكاياتها ضمن اشتراطات التشويق والجذب الجماهيري، والنوع الثاني يرتبط بأجيال السينمائيين الشباب الذين تتوفر لهم فرص خاصة لإنتاج أفلامهم، سواء عبر التمويل الخاص أو عبر الدعم الحكومي أو عبر الإنتاج المشترك مع دول أو مؤسسات سينمائية أجنبية فتخضع اختياراتهم إما لاشتراطات الإنتاج المشترك أو لتوجهات المخرجين لصنع أفلام تنتمي إلى ما يسمى «سينما المؤلف» و تعكس أفكارهم ومواقفهم الخاصة وتستمد مادتها، في معظم الأحيان، من خبراتهم الحياتية، أي بتعبير أدق، هم يصنعون أفلاما تحكي عنهم وليس عن مبدعين آخرين.

أما القضية الرئيسية الثانية فهي ترتبط بحدود وإمكانات تقديم السيرة الذاتية لأشخاص يعيشون في مجتمعات ذات تقاليد أخلاقية واجتماعية محافظة من خلال الأفلام السينمائية الروائية، حيث يصبح «الكش « في أحيان كثيرة بمثابة «فضيحة». وهنا لا بد أن نلاحظ أن حجم الحرية المتاح للسينمائي الذي يريد أن يروي سيرته الذاتية أو سيرة غيره من المبدعين هو حجم أقل بكثير من الحجم المتاح للكاتب الروائي، ففي السينما ثمة الكثير من الخطوط الحمراء التي لا يمكن للسينمائي العربي أن يتجاوزها، والتي بمقدور الأدب المكتوب أن يتخطاها أو، على الأقل، أن يتحايل عليها. وما جرؤ عليه الكاتب المغربي محمد شكري في سيرته الذاتية الفضائحية «الخبز الحافي» ما كان ليجرؤ عليه لو أن اختار السينما وسيلة للتعبير وليس الأدب المكتوب.

والخطوط الحمراء في السينما العربية متشعبة ولا تقتصر على جانب واحد، فهي سياسية وأخلاقية وثقافية ونفسية، تكون مجتمعة أحيانا أو متفرقة أحيانا أخرى. خطوط ترسم بعض حدودها الرقابات الرسمية ويرسم حدودها الأخرى المجتمع.

يتفرع عن القضية الثانية جانب مهم يتعلق بالمفهوم الأخلاقي للشخصية ذات الأصل الواقعي المعاد تجسيدها في العمل الأدبي أو السينمائي، والذي يتسبب في إبراز فقط ما هو إيجابي في سلوك الشخصية وتاريخها الحياتي وإخفاء أو تجاهل ما هو سلبي فيها. هكذا تظهر الشخصية من الناحية البنائية مسطحة وذات بعد واحد، أي أنها تصبح شخصية غير درامية، وبالتالي غير مشوقة وغير مؤثرة. كما إن التركيز على الجانب الإيجابي وإغفال الجانب السلبي يفقد الشخصية مصداقيتها سواء من حيث هي شخصية داخل الفيلم، أي شخصية سينمائية، أو من ناحية مرجعيتها الواقعية.

من جانب آخر، تعرف السينما العربية بعض الأفلام التي يمكن تصنيفها تحت بند السيرة الذاتية. لكن السيرة الذاتية في معظم هذه الأفلام اقتصرت على وقائع تستعيدها ذاكرة مرحلة الطفولة، أي المرحلة التي تستبعد احتمالات الفضيحة، كما إن معظم تلك الأفلام زاوج بين التاريخ الشخصي والتاريخ الاجتماعي، جاعلا الذاتي في خدمة الاجتماعي ومبررا لتناوله. لهذا تظل هذه الأفلام مقصرة في مجال التعريف بتجربة المبدع.

مع كل تلك التحفظات، فإن القضية تبقى مطروحة، ففي العالم العربي، تاريخا وحاضرا، الكثير من المبدعين في شتى المجالات الإبداعية الذين يوجد في تجاربهم الإبداعية والحياتية الكثير مما يستحق أن يروى وأن يشاهد.

* ناقد سينمائي أردني

الرأي الأردنية في 22 ديسمبر 2006

 

بعد تكريمه فى مهرجان السينما الفنان عمر خيرت:

صداقتى بعزت أبو عوف لا علاقة لها بالتكريم

محمد إدريس - منصور فهمي

يقضى الموسيقار الكبير عمر خيرت وقته حاليا بالكامل، فى مكتبه للانتهاء من الموسيقى التصويرية الخاصة بفيلم الرهينة ويشعر بلحظات صعبة، خاصة مع قرب حلول العيد الكبير حيث سيتم عرض الفيلم بعد عدة تأجيلات بسبب عدم الانتهاء من تصوير الفيلم. عمر خيرت تم تكريمه من خلال مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وتعد حياته مشوارا كبيرا من العطاء نال الكثير من التكريمات والجوائز ومعه كان لنا هذا الحوار:

* بداية صف لنا شعورك لحظة تكريمك فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الأخير؟

- شعور جميل أن الفنان يكرم على مشواره الكبير المليء بالعطاء والإنجازات، ونلت خلال مشوارى العديد من التكريمات والجوائز، وأجمل شيء أن الفنان يكرم فى بلده فهو يجد متعة عن أى تكريم يتم خارج البلد، لأن أهلى هم الذين يكرموننى.

* كيف بدأت علاقتك بالموسيقى والبيانو؟

- منذ سن خمس سنوات، وهذا راجع للبيئة التى نشأت فيها وهى أسرة تهتم وتحترم الفنون من جدى محمود خيرت والذى كان أديبا ورساما وشاعرا، مهتما بالفنون، وكان يوجد صالون فى بيتنا يضم أئمة وقمم الفنون والآداب أمثال سيد درويش ومحمد مختار والمنفلوطى وغيرهم من الفنانين العظماء، وعلى فكرة كان أول لقاء لعبد الوهاب وأم كلثوم وهما فى شبابهما فى بيتنا، وهذا الاهتمام الكبير بالفن جعل جدى يعلم أولاده تذوق الفنون، ومنهم الموسيقار أبو بكر خيرت الذى نبغ وأصبح رائدا للموسيقى ومؤسسا للكونسرفتوار، وبالتالى أحببت الموسيقى والبيانو وتفوقت فيها.

* حدثنا عن مؤسس الكونسرفتوار أبو بكر خيرت وعن مدى تأثيره فى مشوار حياتك الفنية؟

- أبو بكر خيرت قدوة ومثل أعلى بالنسبة لى، وتعلمت منه الكثير وهو علامة بارزة فى حياتنا وفى مصر، وهو دائما كان ينادى بإيجاد نهضة موسيقية ببلادنا، ونجح فى ذلك من خلال الكونسرفتوار ومعهد الموسيقى، وأصبحنا على الخريطة العالمية.

فروق فنية

* ما الفرق بين المؤلف الموسيقى، والموزع، وعازف البيانو، خصوصا وأنت تجمع بين كل هؤلاء، وكيف تستطيع التوفيق بينهم وبين كونك كمؤسس لعمر خيرت جروب؟

- الموزع هو دارس العلوم الموسيقى، لكى يستطيع أن يوزع أوركسترالى، والمؤلف هو الذى يؤلف ويوزع فهو يجمع بين الاثنين، أما البيانو فهو أبو الآلات الموسيقية وكلما كان المؤلف ماهرا فى العزف على البيانو ساعده ذلك على التأليف بصورة أكبر.

صورة موسيقي

* اعتبر العديد من النقاد والخبراء الموسيقيين بمصر وخارجها، أن موسيقى خيرت من أنضج جسور ربط الموسيقى العربية المعارصة، بين الشرق والغرب حتى الآن وجعل منك رائدا من رواد الكتابة الموسيقية كيف ذلك؟

- طبعا أول من نادى بهذا الأسلوب هو الرائد أبو بكر خيرت من حيث كيفية استخدام العلوم الموسيقية الأكاديمية فى موسيقانا الشرقية العربية كى تصبح عالمية، وهذا لا يتأتى إلا بدراسة الموسيقى أكاديميا إلى جانب الحس الموسيقى الشرقى فهذه هى المعادلة.

* تعرض ابنك لمشكلة كبرى فى قضية شهيرة مع مطلع التسعينيات، وصرحت وقتها للصحف بأنك سوف تأخذ ابنك وتهاجر إلى إحدى الدول الأجنبية التى عرضت عليك العمل والجنسية، ما مدى صحة هذا الكلام، وهل تقبل أن تحمل جنسية أخرى غير جنسية بلدك؟

- هذا الكلام عار تماما من الصحة ولا أقبل أى مزايدة على وطنيتى، لا أقبل أى جنسية أخرى غير جنسية بلدى وأنا من أوائل الناس التى كانت لى مشاركات كبيرة بعد نصر أكتوبر مثل بانوراما العبور للموسيقى، وهو قصيد سيمفونى إلى جانب تأليف موسيقى لأوبريت روح أكتوبر، ومشاركتى بالعزف فى حفلات أكتوبر.

وضع مؤلم

* كيف ترى حال الغناء المصرى بعدما أصبحنا نسمع أغانى للحمار والعنب وكيفية المعالجة من وجهة نظرك؟

- والله الحال الآن لا تسر عدوا ولا حبيبا، والفكرة ببساطة هى الاستسهال والكسب السريع وراء هذه المشكلة وعدم وجود المنتج الراعى المقدر لأهمية الفن للشعوب ولكن هناك أعمالا جيدة وفكرا موسيقيا راقيا ولكن مايهم الإعلام المكاسب المادية فهى عملية مادية بحتة، وعموما هذه الأعمال لا تعيش وهى تصعد وتهبط بسرعة والمعالجة تأتى من خلال احترام الفن واحترام قدسيته، والاهتمام بالشعب، ارتقينا بوطننا، والفن مرآة تعكس أحوال الوطن بصدق.

محطات

* وأهم المحطات فى حياتك؟

- كل مرحلة فى حياتى محطة، من النشأة فى الصغر إلى الوجود الحالى فى عالم الفن والموسيقى، فى البدايات الأسرة والبيئة محطة والتحاقى بالكونسرفتوار محطة أخرى وعزفى للدرامز وموسيقى الجاز فى العزف فى الستينيات محطة مهمة، لأنها كونت لدى الفكر الموسيقى، ثم بداية التأليف ووجودى فى الحقل السينمائى والتليفزيون محطة والتقائى بالجمهور بصفة دائمة شهريا فى الأوبرا وساقية الصاوى محطة من أهم المحطات، لأن العزف للجمهور على الهواء بصورة مباشرة له تأثير إيجابى على الفنان وجمهور المستمعين.

* هل صداقتك بعزت أبو عوف لها دخل فى التكريم؟

- أنا وعزت كنا زملاء فى الكونسرفتوار، وهو موسيقى فاهم وواع ويستطيع أن يقدر الموسيقى ولكن الصداقة شيء والتكريم شيء آخر إلى جانب وجود لجنة تقييم الشخصيات التى سوف تكرم وقبلهم وزير الثقافة.

* كيف تقضى وقتك الآن؟

- أقضى وقتى فى مكتبى وأمر بلحظات صعبة وعصيبة، حتى أنتهى من الموسيقى التصويرية لفيلم الرهينة خاصة أنه سوف يعرض مع قدوم العيد الكبير، لذلك فأنا متفرغ حاليا لهذا العمل.

* ماذا عن حياتك الخاصة؟

- لدى ولد وبنت البنت هى شيرين خريجة الجامعة الأمريكية وتحمل ماجستير والابن عمر فى كلية الإعلام.    

الأهالي المصرية في 20 ديسمبر 2006

 

الأفلام القصيرة قوة... هل نحسن تقديرها؟

منصورة عبدالأمير  

على ما يبدو فإن نادي البحرين للسينما هو الجهة الوحيدة، في البحرين، التي تدرك ما يجب تقديمه تجاه نسبة لا بأس بها من الشباب البحريني المهتمة بصناعة الأفلام القصيرة.

ذلك الإدراك يأتي متمثلا في صورة دعم معنوي يقدمه النادي لهؤلاء الشباب عبر تخصيص ليلة أسبوعية لعرض آخر إنتاجاتهم. طبعاً لا يتوقع من النادي تقديم أكثر من ذلك وهو الجهة الأهلية التي لا تحصل على أي دعم حكومي أياً كان شكله، لكنه على أية حال دعم مشكور للنادي وخطوة تحتسب للقائمين عليه. وليس ذلك بمستغرب من النادي الذي تضم قائمة أعضائه أسماء لعدد من المثقفين والفنانين البحرينيين الذين يعون جيدا أهمية الخطوة التي يقومون بها.

خطوة النادي عموما جاءت على ما يبدو مدفوعة بحجم الحماس الذي يحمله الشباب البحريني، وكذلك قدراتهم في مجال صناعة الأفلام القصيرة. وهو حماس وإن لم تقدره الجهات الرسمية في البحرين إلا أن دولا خليجية أخرى فتحت أذرعها لهذه المحاولات، والمقصود هنا مسابقة الأفلام القصيرة التي تقام سنويا بإمارة أبوظبي والتي يجد بعض الشباب البحريني الموهوبين طريقهم إليها بكل سهولة ويسر.

المأمول من الجهات الرسمية أن تضع في اعتبارها تلك المحاولات، وان تتعامل معها بوعي وجدية وطريقة لا تشبه بأي حال من الأحوال تعاملها مع كثير من الملفات الشبابية. هذه الجهات عليها أن تراقب ما يجري في العالم من حولها في كل شأن من الشئون الشبابية، وان تعي جيدا أن أية محاولة شبابية اليوم تؤخذ في العالم بجدية أكبر احد المحاولات الفيلمية الشبابية التي كان لها صدى كبير هو ذلك الفيلم الوثائقي الذي أنتجه شاب أميركي يدعى ديلان افيري، وناقش من خلاله حوادث11 سبتمبر/ أيلول طارحا وجهة نظر مختلفة لما يمكن أن يتوقعه كثيرون.

افيري الذي اعتمد على كثير من التقارير والأخبار الصحافية استنتج أن الحادث لم يكن سوى عمل دبرته جهات من داخل أميركا وان كل الاتهامات التي توجهها الإدارة الأميركية والتي تشير إلى تورط القاعدة وأسامة بن لادن في الحادث لا يمكن التعويل عليه.

محاولة افيري لم تتطلب أية خلفية في صناعة الأفلام، بل مجرد كاميرا ومجموعة من أصدقائه الذين بدوا على استعداد كاف لتجميع كل ما كتب بشأن 11 سبتمبر من تقارير وأخبار ومقالات وتغطيات إعلامية. أفيري لم يكن يحلم بأن يحصل فيلمه الذي لم يكلفه أكثر من 2000 دولار، على الاهتمام الذي حظي به، كل ما حلم به هو أن يتمكن من أن ينتج 2000 نسخة ليتمكن قلة من الناس من مشاهدته والتأثر بطرحه فيها.

الغريب أن هذا الفيلم الذي يوجه اتهاما مباشرا للحكومة الأميركية من شاب لا يتجاوز 22 من عمره، يصل إلى قائمة موقع غوغلز لأفضل 100 فيلم ويشاهد من قبل ملايين من الأفراد من جميع أنحاء العالم ربما شاركوا افيري غضبهم من عجز وسائل الإعلام الأميركية عن الإجابة على كثير من التساؤلات التي امتلأت بهم رؤوسهم.

الفيلم أنتجت منه نسخة ثانية معدلة، بسبب مزيد من النتائج التي توصل إليها افيري، كما يحتمل أن تصدر منه نسخة ثالثة هي التي يأمل افيري أن يشارك بها في مهرجان صندانس في العام المقبل.

الطريف أن هذا الشاب يبدو الآن بفضل الدعم المعنوي الذي حصل عليه مصرا على مواصلة التحقيق في قضية 11 سبتمبر حتى تنجلي الحقيقة كاملة! طبعاً لا يمكن المقارنة بين وضع شاب يعيش في أرض الأحلام، وآخر بحريني، لكن لا يمكن إنكار ان جزءا كبيرا من انجاز افيري يعود للحرية المعطاة من قبل الأجهزة الرسمية لأمثاله، حرية يحلم بها صناع السينما والدراما التلفزيونية الحقيقيين في البحرين وليس الهواة.

حرية تنعش الإبداع، أكاد أجزم أن جميع صناع الفن في البحرين يحلمن بمثلها، ويتساءلون عن اليوم الذين يمكن أن يعي فيه المسئولون أن صناعة الأفلام القصيرة يمكن لها أن أحسن الشباب استخدامها ان تكون ذات أثر وفاعلية وقدرة على توجيه الرأي العام، كذلك الذي تحمله المدونات الالكترونية (البلوغرز) أو المنتديات على أقل تقدير.

الوسط البحرينية في 21 ديسمبر 2006

 

حـوارات مع ســينما أمــريكا اللاتينية

كتب: د‏.‏مصطفي أحمد فهمي 

شارك عدد كبير من الفنانين والفنيين في سينما أمريكا اللاتينية بمهرجان القاهرة في اطار اختيارها ضيف الشرف هذا العام وقد التقت صفحة السينما مع اربعة منهم حيث يتحدثون عن دعم حكومتهم للسينما‏,‏ وتأثير المناخ السياسي في انتعاش الافكار والانتاج‏,‏ وتأثير السينما الامريكية‏.‏

*‏ المخرج البرازيلي سيرجيوريزنديه شارك في المسابقة الرسمية بفيلم زوزو أنجل يقول‏:‏ عاش الشعب البرازيلي حالة من الخوف من أن تكون حكومة حزب العمال الجديدة ديكتاتورية‏,‏ لكن هذه الحالة اختفت مع تطبيق الديمقراطية وتحسنت الأوضاع التي انعكست علي صناعة السينما من خلال دعم الشركات الحكومية خاصة شركات البترول‏,‏ فهناك نظام أقرته الحكومة بأن من يدعم صناعة السينما يعفي من الضرائب مما أدي لانتاج خمسين فيلما في العام مابين أفلام تسجيلية وروائية طويلة وهذا الوضع جاء بديلا عن دور المؤسسة الوطنية التي أغلقت في عهد الرئيس فريناندو بسبب اقتناعه بأن الحكومة يجب أن تتدخل في السينما‏.‏

ويضيف قائلا‏:‏ رغم حالة الانتعاش الآن إلا أن الاقبال الجماهيري ضعيف لأن ثمن التذكرة يتراوح بين سبعة وعشرة دولارات في حين أن المجتمع مازال فقيرا‏.‏

*‏ الممثلة المكسيكية ماياول أكدت أن قانون التبادل التجاري بين أمريكا والمكسيك سيؤدي إلي اضرار بالغة علي السينما المكسيكية التي تعيش مرحلة صراع علي مستوي الصناعة‏,‏ لكن هناك دعم لصناعة الفيلم يقوم علي تقديم المخرج فيلمه إلي شركة الانتاج التي تحدد قيمة انتاجه وفقا لطبيعة الربح التي سيأتي بها عند العرض‏.‏

وتضيف‏:‏ السينما تقدم المرأة والأم ككيان أساسي ومهم في مجتمعنا فهي المسئولة عن التربية وترتيب أمور الأسرة وتدبير اقتصاديتها‏,‏ وتستطيع أن تدير أمور الحياة بشكل جيد في حضور وغياب الرجل والسينما الجديدة عبرت عن المرأة بشكل جيد‏.‏

*‏ سيزار باديلك الممثل الكولوميبي‏,‏ بدأ حديثه عن الحرب الأهلية التي تعيشها بلاده وكيف تؤثر علي السينما فقال‏:‏ علي الرغم من الدعم الذي تشهده هذه الصناعة منذ أربع سنوات إلا أن تركيز الحكومة متجه ناحية الحرب ولكن في ظل هذه الظروف ارتفع عدد الافلام إلي مابين عشرة وخمسة عشر فيلما في العام يعبر جزء كبير منها عن حالة الحرب‏.‏ ووعي الجماهير بالسينما بدأ يتزايد لكن مازالت السوق الأساسية لافلام هوليوود التي نواجهها الان للتعبير عن الواقع في كولومبيا وعن الانتاج قال ان من يريد عمل فيلم يقدم مشروعه لتمويل الحكومة التي تحدد طبيعة الانتاج ويميز سينما كولومبيا الحرية الكاملة وعدم وجود رقابة من أي نوع‏.‏

*‏ أمارتينا جوسمان الممثلة والمنتجة الأرجنتينية فقد شاركت بفيلم ولد وشب وقد أرجعت عدم انتشار سينما بلدها في كثير من دول العالم إلي سوء التوزيع وإحتكار هوليوود‏85%‏ من صالات العرض الموجودة في العالم إلي جانب عدم معرفة الكثيرين باللغة الإسبانية‏,‏ وأكدت أن الفيلم الأرجنتيني معروف في أوروبا خاصة إسبانيا وإيطاليا وفرنسا من خلال المشاركة في المهرجانات وعن الإنتاج قالت أنه يعتبر مغامرة ليس فقط لسوء التوزيع‏,‏ وإنما لأن ميزانية الإنتاج محدودة لذلك يقوم الانتاج بعمل أفلام إنتاج مشترك مع أوروبا‏.‏

الأهرام اليومي في 20 ديسمبر 2006

 

سينماتك

 

أيام قرطاج السينمائية في دورتها الحادية والعشرين..

إغناء الحوار البصري بين الثقافات والحضارات

بقلم : ناجح حسن

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك