جاءت الجنوب أميركية كاميرون دياز الى نيويورك وهي في الثامنة عشرة لتتعلم مهنة عرض الأزياء معتمدة على جمالها الصارخ، لكن القدر شاء أن تعثر على فرصة عمل في السينما، وأن تنجح فيها الى درجة أن هوليوود حضنتها ومنحتها أجمل الأدوار الى جوار كبار نجومها، من أمثال توم كروز في فيلم «فانيلا سكاي»، وآل باتشينو في «جحيم يوم الأحد»، وجوليا روبرتس في «زواج صديقي المفضل»، وبين ستيلر في «شيء ما عن ميري»، الذي جلب لها جوائز عدة أهمها جائزة أحسن ممثلة التي تمنحها هيئة نقاد نيويورك، ثم ترشيحها كأفضل ممثلة لجوائز «غولدن غلوب»، كما رشحت ثانية للجائزة نفسها عن دورها في فيلم «داخل جون مالكوفيتش». تعتبر كاميرون دياز النموذج المثالي للفتاة التي عاشت حكاية خيالية، فهي قدمت من المكسيك الى نيويورك في مراهقتها لتقضي بضعة شهور تتعلم خلالها عرض الأزياء وتجرب حظها في هذه المهنة، ثم تعود الى المكسيك لتمارسها هناك. واضطرت لرعاية الأطفال في غياب أهلهم لتكسب لقمتها وتدفع بدل دروسها. لكنها تعرفت ذات يوم الى عائلة كانت على علاقة وطيدة بوكيلة فنية معروفة، ما أدى الى تقديم الفتاة الجميلة جداً الى الوكيلة المخضرمة التي سرعان ما عثرت فيها على طاقة جديرة بالاهتمام وعرضت عليها إجراء اختبار أمام كاميرا المخرج السينمائي راسل مولكاهي الذي كان يحضّر الفيلم الكوميدي «القناع» من بطولة النجم الفكاهي جيم كاري. فوافقت دياز من دون أي اقتناع حقيقي بالفكرة وإنما لمجرد التسلية، وتوجهت الى الموعد لتكتشف ان عدد المتقدمات الى الاختبار يفوق ما تصورت، إذ كان هناك أكثر من ثلاثين فتاة في غرفة الانتظار، وكان المخرج يختبر كل واحدة منهن بمفردها لمدة خمس أو عشر دقائق. وعندما جاء دورها دخلت دياز الى غرفة المخرج ووقفت أمام الكاميرا لتعيش ما تسميه أقسى لحظات حياتها وأكثرها إحراجاً، بعدما طلب منها مولكاهي أن تبتكر ما توده من دون أن يعطيها أي تعليمات محددة سوى ضرورة التفوه بألفاظ فكاهية هدفها إضحاك الرجال. كادت دياز أن تغادر الصالة لكنها تشجعت وفكرت في ضرورة إقناع هذا الرجل الذي كان يطلب منها مثل هذه الأشياء انها لا تخافه وتجرؤ على فعل ما يطلبه حتى ولو فشلت في الحصول على الدور بما ان الموضوع لم يكن يهمها. وبدأت الفتاة تروي بعض الحكايات الفكاهية التي سمعتها من قبل هنا وهناك من أصدقائها والتي تتضمن عبارات لا تناسب الذوق العام، فهي فهمت حكاية إضحاك الرجال بأنها لا بد من أن تشتمل على كلمات إباحية وإلا فلماذا لا تضحك النساء أيضاً؟ ولبت طلب المخرج مستخدمة السلاح الذي وضعه هو في يدها وتمادت الى درجة أنه اضطر الى إسكاتها أمام ضحك المصور وراء الكاميرا. وبعد ثلاثة أيام من الحادثة حصلت دياز على دور البطولة في فيلم «القناع». ومنذ ذلك اليوم أصبحت نجمة هوليوودية حقيقية تساهم ملامحها وإجادتها الرقص والحركات الرياضية الصعبة في حصولها على أدوار جيدة مثل «ملائكة شارلي» بجزءيه، الذي تطلب منها ممارسة الملاكمة والكاراتيه والجودو بطلاقة. في باريس حيث جاءت دياز للترويج لأحدث أفلامها «العطلة» الذي تتقاسم بطولته مع النجمة البريطانية كيت وينسليت التقتها «الحياة». · حدثينا عن فيلمك الجديد «العطلة»؟ - ينتمي هذا الفيلم الى اللون الرومانسي، إذ يروي حكاية امرأة شابة مقيمة في لوس أنجليس، وأمثلها شخصياً، تصاب بخيبة أمل على الصعيد العاطفي بعد اكتشافها خيانة خطيبها، فتراسل عبر شبكة الانترنت، امرأة ثانية مقيمة في إحدى ضواحي لندن، بهدف السفر الى انكلترا والبقاء فيها فترة كي تنسى مصيبتها وتضمد جراحها، فتقترح عليها السيدة الانكليزية – وتؤدي دورها كيت وينسليت – اجراء تبادل في البيتين بما ان الأخيرة ترغب بدورها في مغادرة انكلترا لفترة معينة، كي تنسى خطيبها الذي خانها أيضاً. وهكذا تجد كل واحدة منهما نفسها في بلد غريب، إلا أن الحب لا يعرف الحدود الجغرافية، والشيء الذي كان من المفترض في بادئ الأمر ألا يتعدى مرحلة العطلة والانسجام، سيتحول مع الأيام حكايتين غراميتين جديدتين بما يتضمنه ذلك من لوعة وفرح ومواقف عاطفية جميلة. أحببت العمل في الفيلم، وأعتبر دوري فيه نوعاً جديداً بالمقارنة مع أعمالي السابقة، لأنه يمزج بين العاطفة والكوميديا مع شيء من الدراما في بعض الأحيان. · لكنك لعبت في السابق الكثير من الأدوار الرومانسية، فأين يكمن الجديد؟ - أعرف ذلك، لكن أفلامي السابقة لم تدمج بين الفكاهة والجدية والعاطفة في آن، الأمر الذي يميز «العطلة» عن أفلام هوليوودية كثيرة مبنية على نمط واحد. وأنا كممثلة عثرت فيه على فرصة جيدة لإثبات الأوجه المتعددة لموهبتي التمثيلية، وهذا حلم أي ممثلة. · الفيلم أخرجته نانسي مايرز صاحبة العمل الناجح جداً «ما ترغبه النساء» مع ميل غيبسون، فهل تفضلين مثلاً، العمل تحت إدارة امرأة؟ - لا شك في أن المرأة المخرجة تتمتع بإحساس مرهف يفوق إحساس الرجل، وأعني ما يتعلق بسرد حكايات نسائية بحتة، كما هي الحال في «العطلة». ولا يعني ذلك انني أفضل العمل تحت إدارة امرأة، فتجربتي الخاصة بالسينما الرجالية مملوءة بالمواقف الإيجابية والذكريات الحسنة وبالأفلام الجيدة. وكل ما أستطيع قوله هو انني أشعر فعلاً بتبادل عاطفي وفكري أكبر مع مخرجة، إذا كان السيناريو يحكي قصة مبنية في إطار عالم النساء مثلما هي الحال في «العطلة». · وماذا عن العمل مع كيت وينسليت؟ - كيت من أفضل ممثلات جيلنا الحالي، على المستوى العالمي، حتى انني أغار منها بسبب قدرتها الاستثنائية على العبور من «تايتانيك» الى «العاطفة» مروراً بأفلام مثل «الأطفال الصغار» و «كل رجال الملك»، إضافة الى قيامها بواجباتها كأم وزوجة، ولا أعرف ماذا تفعل هذه المرأة حتى تعثر على الوقت الضروري لإنجاز كل هذه الأشياء وفي شكل متقن. صدقني عندما أقول «في شكل متقن»، فأنا رأيتها أثناء التصوير تتعلم المشهد المقبل، وتتصل بزوجها هاتفياً، ثم بالمربية لتعرف إذا كانت ابنتها قد تناولت وجبة طعامها، من دون أن تفقد في لحظة واحدة ابتسامتها المضيئة، أو السيطرة على أعصابها، أو التركيز على عملها الفني. أعتقد بأن الانكليزيات خُلقن هكذا، على عكس الجنوب أميركيات، وأنا منهن. · وما هي صفات الجنوب أميركية إذاً؟ - التركيز على شيء واحد أساساً، هو الاستفادة من ملذات الحياة. لا، أنا أمزح بعض الشيء، ولكن صحيح انني، مثلاً، عاجزة عن القيام بأكثر من عمل في الوقت نفسه. فإذا عملت، أعمل وحسب، وإذا اهتممت بعائلتي، لا اقبل تدخل أي عنصر خارجي يلهيني عن هذا النشاط، وإذا قرأت أو استمعت الى الموسيقى، طلبت من الغير احترام ذلك وعدم مقاطعتي إطلاقاً، إلا إذا احترق البيت. لذا أنظر الى كيت وينسليت وكأنها هبطت علينا من كوكب المريخ. · لكنني أكرر سؤالي، ماذا عن العمل معها؟ - أجبت عن السؤال، بمعنى أن معاشرتها أمر يجلب لامرأة مثلي عقدة نفسية. · هل نشأت صداقة ما بينكما؟ - لن أسميها صداقة، لكننا اتفقنا ووجدنا الكثير من المواضيع الشيقة لنتحدث عنها بين اللقطات المختلفة. وربما كانت الصداقة نشأت لو عملنا معاً فترة أطول، فالعدد الأكبر من مشاهد كل واحدة منا في الفيلم، لا يتضمن الثانية. · أنت أيضاً بطلة أفلام مغامرات مثل «ملائكة شارلي» بجزءيه، و «عصابات نيويورك»، فهل تميلين الى هذا النوع السينمائي؟ - نعم وبشدة، خصوصاً كمتفرجة، فأنا منذ صغري أتابع أفلام الحروب والعصابات والكاراتيه والمبارزة، وأتلهف الى تمثيل المواقف الخطرة التي يعيشها البطل، ثم الى المشهد الختامي الطويل الذي يستطيع فيه قهر الأشرار. وطبعاً عندما أصبحت ممثلة، تمنيت المشاركة في أفلام من هذا النوع تسمح لي بمعايشة الحلم من الداخل، لكنني بقيت حبيسة الأدوار الرومانسية والفكاهية فترة طويلة قبل أن أعثر على فرصة ذهبية مثل «عصابات نيويورك»، وأشكر عليها السينمائي مارتن سكورسيزي الذي تخيلني في فيلمه، فضلاً عن ممثلة ثانية. ثم طبعاً «ملائكة شارلي» الذي فتح أمامي باب الملاكمة والرياضة الآسيوية واسعاً. لقد تمتعت بالعمل في هذه الأفلام الثلاثة، «ملائكة شارلي» بجزءيه، و «عصابات نيويورك»، أكثر مما فعلته في أي فيلم آخر طوال سنوات عملي في الفن. · هل امتنعت إذاً عن اللجوء الى بديلة في المواقف الخطرة في هذه الأفلام؟ - نعم، الى حد كبير. لكن الشركات المنتجة اشترطت البديلة في اللقطات الخطرة أكثر من اللازم، ولم أستطع الرفض، لكنني كنت على استعداد تام للمشاركة في هذه المشاهد بنفسي. · يقال انك خضعت لعمليات جراحية عدة لمعالجة كسور متكررة في أنفك، فما مدى صحة هذا الخبر؟ - الخبر صحيح، فأنا كبرت مثل الصبي، بمعنى انني كنت أتشاجر في شكل شبه مستمر مع صبيان ومع بنات من عمري، وأصبت بكسور متكررة في أنفي أجبرتني في كل مرة على معالجتها بواسطة الجراحة. واستمر الأمر بعدما كبرت، فأنا حتى فترة زمنية قريبة كنت أتدخل كلما رأيت مشاجرة بين رجلين مثلاً، حتى ولو كنت غريبة تماماً عن الحادثة وعنهما، وكم من مرة جُدع أنفي في هذه الظروف، خصوصاً بسبب حساسيته وماضيه الحافل بالكدمات. ووصل بي الأمر الى فقداني القدرة على التنفس، ما يجعلني الآن أخضع لنصيحة الأطباء وأبتعد عن أي مشاجرة أراها، على رغم الإغراء الشديد الذي أشعر به في هذه الحال والذي يدفع بي تلقائياً الى حشر أنفي بالتحديد، في الحكاية، من أجل الدفاع عن الأضعف. الحياة اللندنية في 15 ديسمبر 2006
جيمس بوند.. في الشام! يوخنا دانيال طال انتظار عشاق السينما في العالم أجمع لمشاهدة بطل سلسلة أفلام جيمس بوند الجديد، الممثل الانكليزي القحّ «دانييل كريغ» في المغامرة الأخيرة للجاسوس الأشهر، والمسماة «الكازينو الملكي». وللعلم، فإن هذه هي أولى حكايات جيمس بوند التي كتبها إيان فلمنغ، وتعود القصة الى نهاية الخمسينات أو مطلع ستينات القرن الماضي، ويقال ان فلمنغ كتبها من وحي جلساته الطويلة في الكازينو المذكور. وبالطبع، فقد تم «تحديث» القصة وعولمتها الى أكبر حد ممكن، لتتوزع الاحداث من افريقيا الى الكاريبي... الى ميامي ثم الجبل الأسود وأخيراً فينيسيا، مروراً بلندن بالطبع. الارهاب الدولي كان حاضراً في الفيلم كخلفية، وكذلك تفجير الطائرات كحدث، إضافة الى الاستغلال المالي لهاتين الظاهرتين... في سورية تمكن عشاق جيمس بوند من مشاهدة الفيلم في صالة سينما «الشام» الفخمة – الوحيدة تقريباً – حتى قبل العرض العالمي للفيلم بيوم واحد على الأقل، وقبل معظم العواصم العربية بالتأكيد. وفي حديث مع مجموعة من المشاهدين الانكليز اتفقنا على أن الفيلم كان جيداً الى حد ما، ودانييل كريغ كان مناسباً تماماً للدور، على رغم أنه لم يكن سلساً مثل بيرس بروسنان... لكنه كان خشناً ورجولياً مثل شون كونوري. وهذا بالضبط ما اتفق عليه النقاد في كبرى الصحف ووسائل الإعلام العالمية، اذ اعتبر بعضهم الفيلم الحالي افضل افلام بوند منذ افلام كونوري، وأن كريغ ينافس في حضوره «الشرير» كونوري، ويتفوق على بروسنان بالتأكيد. ويلاحظ أن الفيلم افتقد الى المعدات والتقنيات البوندية «السحرية» التقليدية، كما افتقد الى سيناريوات تدمير العالم وإنقاذه. لكنه تضمن قصة حب جميلة بين بوند والبطلة فيسبر ليند (التي لعبت دورها الحسناء ايفا غرين)... دفعت بوند الى تقديم استقالته الى مديرته الشمطاء الجميلة M (السيدة جودي دنش). لقد أخذت قصة الحب هذه حيزاً كبيراً ومقنعاً، وحفلت بمشاهد رومانسية تقليدية مطوّلة دفعت العديد من المشاهدين للخروج من صالة العرض بشكل مبكر... اعتقاداً منهم بأن هذه هي نهاية الفيلم «السعيدة»، وان بوند قد ترك مهنته القذرة ليستمتع بالحياة الهادئة المرفهة مع الحسناء فيسبر وعشرات الملايين من الدولارات التي كسبها في مقامرة «شريفة» ضد خصمه «لو شيفر» مموّل المنظمات الارهابية الدولية... بالطبع هناك مفاجآت تنتظر المشاهدين. وكالعادة، بدأ الفيلم بمشهد قتال طويل بالأسلحة البيض والأيدي ومطاردات راجلة في مناطق مزدحمة وقفز من الأعالي وتدمير ممتلكات وإهدار لأرواح لأسباب لا يعرفها الا الراسخون في العلم... مشهد يستمر لعشر دقائق في افريقيا، لينقلنا بعدها الى جزر البهاماس والى ميامي ويدخلنا في حبكة تفجير الطائرات المدنية والارهاب الدولي – الحمد لله، لم يكن إسلامياً أو عربياً هذه المرة... الى أن نصل الى القسم الرئيسي في الفيلم، وهو المقامرة «الدولية» الكبرى التي تحتل حوالى نصف ساعة أو أكثر من وقت الفيلم، وتتضمن تمثيلاً Acting... وليس فقط حركة أو Action. وللحق، فقد كان هذا القسم متميزاً أو مقنعاً الى حد بعيد، مثل قصة الحب اللاحقة. ويبدو أن أداء كريغ أصدق وأكثر ملاءمة من بروسنان الذي كانت تتغلب عليه وسامته ورقته، وتقلل من صدقية وعنفوان الشخصية التي يلعبها، وكأنه جيمس بوند من فرساتشي أو أرماني. وبالتأكيد، فإن الافلام المقبلة في السلسلة سوف تكون أقوى وأغنى وأكثر إثارة... خصوصاً، إن كريغ استطاع أن يشق طريقه الى قلوب المعجبين عبر شباك التذاكر وينسيهم رمينغتون ستيل... عفواً، أقصد بيرس بروسنان الفاتن. تبدو شخصية جيمس بوند بتفسير كريغ في الفيلم الحالي أكثر عاطفية، أكثر ضعفاً، وحتى أكثر سذاجة أحياناً... وبالتأكيد اكثر انسانية، وخصوصاً في مشهد تعذيبه عارياً... وكأنه مناضل أو ناشط سياسي في أحد البلدان العربية او الافريقية (يذكر قليلاً بمشهد تعذيب طه الشاذلي في فيلم «عمارة يعقوبيان»...). ويبدو أن صنّاع الفيلم لم يكتفوا باستبدال الممثل الرئيس فقط، لكن حاولوا إعادة ترتيب الاحداث واعادة رسم الشخصيات أيضاً... كي يكون الفيلم بداية أو انطلاقة جديدة لهذه السلسلة السينمائية العريقة... وعلى المشاهدين أن يظهروا التفهم وحسن الاستقبال بدورهم... كي تستمر السلسلة الى ما لا نهاية! الحياة اللندنية في 15 ديسمبر 2006 |
«أنا التي تحمل الزهور الى قبرها» للمخرجين عمار البيك وهالة العبدالله ... فيلم سوري ينتصر للشعر ضد السينما دمشق – فجر يعقوب يأخذ فيلم «أنا التي تحمل الزهور الى قبرها» للمخرجين السوريين عمار البيك وهالة العبدالله المشاهد في رحلة طويلة ومضنية (ساعتان وعشر دقائق). إذ يقدم ثلاث معتقلات سوريات سابقات، يروين قصصهن عن السجن السياسي والتجارب التي مررن بها. بدت المعتقلات الثلاث في الطريق نحو التعافي من شروخ نفسية ألمت بهن جراء ظروف الاعتقال، إذ سردن رواياتهن بهدوء وتأمل لافتين، وكأنهن يعشن في ماض بعيد لم يعد قائماً الآن... وكان في وسع هذا الماضي، مسرح تقاسم الذكريات، أن يقدم للفيلم قوة لولا افساده بشروحات لا لزوم لها. إذ يتسرب الفيلم بتلقائية إلى هوية أخرى يتنكر فيها للغة التي يفترض أن يقوم عليها في بنائه كفيلم تسجيلي. ويذهب المخرجان البيك والعبدالله في تعاون أول بينهما إلى خلق «عداوة» بين أداتين مختلفتين في التعبير الفني (الشعر والسينما)، ذلك أن اتكاء الفيلم على شروحات قصيدة للشاعرة السورية الراحلة دعد حداد التي لم تنل الكثير من الشهرة خارج حدود بلادها، صنع هذا الانسداد أمام لغة بصرية لا تعترف بكل هذه التوضيحات. توضيحات نسمعها على لسان شاعر آخر هو نزيه أبو عفش، ترسم علاقات مضللة بما يخص السيدات الثلاث اللواتي جئن على رواية قصص سجنهن. ويكاد السؤال الذي تسأله إحداهن: «ليش صار هيك؟»، يختصر جدول هذه المنازعة مع الصورة الشعرية التي يستقوي بها الشاعر أبو عفش في الفيلم، وهو يشرح «أنا التي تحمل الزهور الى قبرها وتبكي من شدة الشعر»، وهذه الشدة بحسب – أبو عفش - لا تليق إلا بالشعراء العظام... رامبو مثلاً! الصورة السينمائية تنحسر هنا في حضورها التجريبي لحساب الصورة الأدبية التي يصر أبو عفش على توضيحها على مسامعنا، فإذا قسنا معنى الشدة هنا، فإنها ترمز الى نضوج في المخيلة، والانحسار يشير الى العكس. لهذا ربما بدت كاميرا المخرجين السوريين عاجزة عن الذهاب الى أبعد من التفسيرات التي قدمها أبو عفش، ومتطفلة على عالم امتاز بهدوء وسكينة بطلاته وهن مصغيات لأصوات من الماضي البعيد تتبعثر في داخل كل واحدة منهن. هنا ذهبت الكاميرا الى تجريب شكلي دللت عليه صولاتها وهي تدعي الأحقية بالابتكار لجهة الزاوية والمساحة المعطاة للقطة نفسها. كما تبدو رواية المعتقلات السياسيات الثلاث فائضة على الشروحات التي تقدم بها الشاعر أبو عفش، ناهيك ان الدور الذي ارتضت به الكاميرا هو دور مضلل بامتياز لأنها عملت على إبداع مساحة موازية للتفسير تستدعي فيه الشعر، وقد تأرجحت (الكاميرا) بين صور دعد حداد الناضجة، والضمور الذي أصاب أداءها وهو يتعقب هذا التفسير الوحيد في الفيلم لمعنى «أنا التي تحمل الزهور الى قبرها» بدل أن تقوم به البطلات المفترضات. «أنا التي تحمل الزهور الى قبرها» فيلم عادي يستمد «أهميته» من استعداده الكامل لدحض هويته، وهذه هي المفارقة الكبرى التي يغرق فيها تلقائياً بعد الانصياع الكلي الى الشعر... كبديل جاهز عن السينما. الحياة اللندنية في 15 ديسمبر 2006
وداعا "شيخ السينمائيين التونسيين"مصطفى العدواني صابر سميح بن عامر عرفت الرجل، شامخاً، أبيّاً، جوّاداً فى الحياة وفى حبه لها، كثير العطاء فى عمله، مخلصاً له، لا توجد حدود بينه وبين الناس، وفى حبه لهم، فأحببناه واحترمناه وكرّمناه، فالكرم يأتى دائما على قدر أهل العزم.. فقيد السينما التونسية وأحد شيوخها الأُوَلُ الراحل مصطفى العدوانى وافته المنية يوم الخميس عن عمر ناهز الستين سنة، فوافتنا إثرها الفاجعة، رغم علمنا بمرضه الذى عايشه سنين طويلة.. والشيخ لمن لا يعرفه، أو كما عرفه كل السينمائيين التونسيين وأيضاً العالميين، له من سنوات العمل السينمائى والتلفزيونى نحو سبعة وثلاثين عاما. فقد عمل بالتلفزيون التونسى منذ بداياته البكر من خلال أول عمل تلفزيونى تبثه المؤسسة لمشاهديها حمل من العناوين "آخر الستة" لمحمود الحاج سليمان فى سنة 1969، لتتواتر اثره الأعمال التلفزيونية وأيضاً السينمائية خاصة، لعل آخرها فيلم "باب العرش" لمختار العجيمي، الذى صوره الشيخ وهو مريض إلى أبعد حد، حتى أن من شاهد الفيلم لم يعرفه نتيجة الهزال الذى ألمّ به. لكن صوته الأجش الشهير، ظل كما هو -أو لعله تعاظم أكثر فأكثر.. وللتدخين حكمه- وهو ما جعلنا نسترق الاكتشاف. وللرجل ما يفوق السبعين فيلماً تونسياً وعالمياً رغم قلة الانتاج المحلي، وللرقم أكثر من دلالة و"موهبة". أذكر أنى شاهدت الشيخ منذ نحو شهر فى الشارع الرئيسى لتونس العاصمة متوجهاً إلى مقهاه المعتاد ليحتسى قهوته المسائية المعتادة بنزل "أفريكا"، صافحته، فضمنى بحرارة، وابتسم... لست أدرى لماذا؟ سألته عن حاله وقادم أعماله، رغم ما لاح لى فيه من وهن واسترخاء واستفحال للمرض على جسمه الذى تقوّس، وشعره الذى ابيضّ، ووجهه الذى ترهل. فمن يعرف الشيخ من قريب، يعرف جيداً أن المرض لا يثنيه عن مشروع جديد، وعن حلم جديد. لكن الشيخ أجابنى عن صحته بأنها على ما يرام، أما بالنسبة للأعمال والمشاريع القادمة فهى ليست على ما يرام.. قبّلته وانصرفت متألما لحاله وأعماله. وأتذكر الآن قوله فى حوار جمعنى به سنة 2004 لجريدة العرب، حين قال بالحرف الصارخ فى ختام لقائنا: " السينما طريق وتاريخ كله أشواك، إما أن تكمله وتنجح فيه، أو تذهب فى حال سبيلك!؟". حينها فقط وعيت معنى الابتسامة.. لكننى كنت أكابر القدر أسوة به، على أمل مصافحة جديدة تجمعنا فى قادم "الصحبة". لكن القدر لم يمهلنى كرم اللقاء! نم قرير العين - شيخي- فما خلفته من صور وأطر وأعين -أليست السينما عيناً على عصرها- لن تموت، وأكيد أن من يزور "أيكك" فى لاحق الاخلاص لعطائك سيجد على شاهدة القبر... سيناريو فيلم جديد! ولتعذروا أيها القراء رعشة القلم فى يدي. العرب أنلاين في 15 ديسمبر 2006
كنوز فريد الأطرش.. تبحث عن منقذ سعد زغلول سمح لوالدته بدخول مصر وجمال عبدالناصر حل مشاكله كتب - محمد النقيب ومصطفي البلك: يحتفل هذه الأيام بذكري رحيل الموسيقار فريد الأطرش الذي توفي في 26 ديسمبر ..1974 ورغم مرور 32 عاماً علي رحيله لكن تظل هناك العديد من المفاجآت والأسرار التي يكشف عنها أعضاء جمعية فريد الأطرش فيقول محمد زكي رئيس الجمعية: هو فنان ارتبط بمصر وبالمصريين فتعتبر نشأته وحياته وفنه قد عاشت وترعرعت في أحضان مصر لذا طلب أن يدفن في ترابها وأصبحت بلده الأولي. وعندما حضر إلي مصر مع والدته علياء المنذر واخته أسمهان لم يسمح لهم بدخول مصر وهم علي الحدود مما جعل والدته تطلب زعيم مصر سعد زغلول الذي جاء لهم بالاذن لدخول مصر.. واستضافهم وأولاهم رعايته حتي مات.. وقد عاش فريد حياة حرمان وشق طريقه وسط الصعاب ولهذا جاءت ألحانه وأغانيه قريبة من الناس. رغم أنه بدأ حياته بالعمل في توصيل الطلبات للمنازل من أحد المحلات بالموسكي نظير أربعة جنيهات في الشهر وعمل في كازينو بديعة مصابني عواداً في الفرقة الموسيقية المصاحبة للمطرب إبراهيم حمودة.. وانتقل بعد ذلك للعمل في الاذاعات الأهلية كممثل وملحن نظير ثمانية جنيهات في الشهر إلي أن سجل أغنيتين قامت عليهما شهرته الأولي وهما "بأحب من غير أمل" و"يا ريتني طير". وأفلام فريد كانت دائما تعبر عن حياته والمصاعب التي عاشها فدائما نجده الانسان الفقير الذي يعشق فنه ويسافر من أجله ويعمل في الكباريهات وصالات الغناء حتي يصل إلي ما يتمناه. لحن فريد الأطرش ما يزيد عن 500 لحن خلال مسيرته الفنية وكان يتميز بنقلاته الموسيقية التي أثرت في تاريخ الموسيقي ووصل للعالمية فهو المطرب العربي الوحيد الحاصل علي وسام الكمال الفني من فرنسا وهو لم يمنح إلا لاثنين فقط هما شوبان وفريد الأطرش.. وبهذه المناسبة نطالب أسرة الفنان الراحل بالافراج عن التركة الفنية الخاصة به التي تحتوي علي أربع عشرة أغنية من تلحين وغناء فريد الأطرش كان قد أعدها لمطربين ومطربات وثماني أغنيات من ألحان فريد الأطرش سجلت بصوت شقيقته الراحلة اسمهان.. ومن الألحان ما قدمه لفيروز بعنوان "الحب الأولاني" من كلمات الاخوان رحباني.. ولحن للفنانة نجاة من كلمات مرسي جميل عزيز وسجلته الفرقة الماسية برئاسة الموسيقار الراحل أحمد فؤاد حسن. تاريخ طويل ونتمني أن يتم انتاج مسلسل درامي يتناول حياة هذا الفنان العظيم الذي أعطي الفن والموسيقي العربية الكثير فمثل في 31 فيلما منهم 18 فيلما من انتاجه ولحن وغني أكثر من 500 أغنية وأوبريت ودويتو وقصيدة وأعد 18 قطعة موسيقية وأكثر من غني من ألحانه شقيقته اسمهان حيث غنت 20 أغنية. ونال فريد في حياته 15 وساما وقلادة ونيشانا وزار 40 دولة وغني في 18 دولة. وكان يمتلك 300 بدلة و100 كرافتة.. وأعد لعبدالحليم حافظ أغنيته "أنا هنا وقلبي هناك" لكن الأخير رفض أن يغنيها فقدمها فريد للمطرب كمال حسني فصنعت شهرته. ثم طلب منه عبدالحليم غناء أغنية "اضنيتني بالهجر" فرفض فريد أن تكون الأغنية هي إحدي أغنيات فيلم "الخروج من الجنة" وكان يفكر قبل وفاته القيام ببطولة مسلسل تليفزيوني غنائي يمثل قصة حياة اسمهان لكن موته قضي علي المشروع. مفاجآت أخري وهناك مفاجآت تكشفها سامية الرفاعي من جمعية أصدقاء فريد فتقول: فريد كان يعمل لفرقته "زي خاص بهم" علي حسابه الخاص لأنه يعتبرهم الواجهة المشرفة له فكان يختار لهم أفخر الأقمشة لاهتمامه البالغ بفنه والقائمين عليه.. ورغم انه لاقي حروبا كثيرة في فنه وشخصه إلا أنه كان يجعل فنه وأعماله ترد عنه. اكتشف صوته الجميل واعجاب الجماهير به من خلال حفلة أقامها رشيد باشا رضا في جبل الدروز وغني فيها فريد وهو طفل ونال اعجاب الحضور وقد ورث هذا عن والدته علياء المنذر لأنها كانت ذات حس موسيقي عال لكونها عازفة جيدة علي العود. فريد وحليم عندما وصل خبر الخلاف بين عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش للرئيس عبدالناصر تدخل الرئيس لحل هذا الخلاف وكان ذلك في فرح خاص بأسرة عبداللطيف البغدادي الذي كان يحييه عبدالحليم عندما عاتب الرئيس جمال عبدالناصر "حليم" علي ما فعله مع فريد الأطرش وحدث الصلح فورا بينهما. غرامياته تضيف لقد مر فريد بالعديد من الغراميات وكان منها حبه للراحلة سامية جمال وأنهما كانا علي وشك الارتباط لولا تدخل أسرة فريد لانهاء هذه العلاقة مما أثر عليه نفسيا. تقول: مر فريد بالكثير من الأزمات في حياته منذ صغره وذلك بعد الحروب التي دارت في بلاده وهجرته مع عائلته إلي القاهرة وأنهم كانوا يعيشون علي اعانة 3 جنيهات في الشهر رغم أنهم كانوا ذوي نفوذ من قبل. وتطالب بمقر للجمعية واقامة تمثال له في الأوبرا مثل أم كلثوم وعبدالوهاب. الجمهورية المصرية في 15 ديسمبر 2006
|
جمالها الصارخ وعفويتها الطبيعية فرضاها على هوليوود... كاميرون دياز : كيت وينسليت هبطت من المريخ... وعقّدتني! باريس – نبيل مسعد |