> رأيتها لأول مرة علي خشبة المسرح العسكري تقول كلاما لا معني له لكنني أحسست فورا أنني أمام جوهرة نادرة

> هناك كهرباء سحرية كامنة في جسدها الذي يتلون مع الكلمة وينفعل مع المعني

> صوتها يتراوح بين النغمة الموسيقية والآهة.. ونظرتها تدخل كالسهم الناري في القلب  

لم أكن أظن عندما رأيتها للمرة الأولي علي خشبة المسرح العسكري في دمشق أنها ستلعب دورا مهما في حياتي الفنية وأن اسمي سيرتبط في فترة ما باسمها لنقدم معا أجمل أعمالنا وأ كثرها التصاقاً بالقلب والوجدان.

كنت هناك ملبيا دعوة صديقي «محمد شاهين» الذي كان يشغل منصب مدير هذا المسرح العسكري الذي انشأه جهاز التوجيه المعنوي بالجيش السوري ليقدم سهرات ترفيهية للجنود وليذكرهم بشكل مباشر أو غير مباشر بالقيم القومية والوطنية التي عليهم أن يدافعوا عنها.

وكنت في ذلك الوقت قد أسست مع مجموعة من مثقفي سوريا وفنانيها فرقة «الفكر والفن» التي كنت أنا مخرجها الوحيد والمسئول عن نشاطها المسرحي والتي كانت تضم عناصر كثيرة اخترتها من طلاب وطالبات الجامعة وأبناء وبنات الأسر الدمشقية العريقة التي كنت ارتبط معها برباط المودة والصداقة والمحبة.

هذه الفرقة التي ولدت بعد أن خرجت من المسرح القومي معترضا علي سياسته الجديدة وشكلتها من خير مثقفي دمشق موسيقيين ورسامين وكتابا وشعراء وممثلين.. والتي قدمت في باكورة أعمالها مسرحية أنتيجونا لسوفوكليس واتبعتها بمسرحية «الليلة الثانية عشرة» لشكسبير ثم الاعترافات الكاذبة لماريفر، كما بدأ الإعداد لمسرحية تاجر البندقية لشكسبير أيضا، وهذه الأعمال جميعها كانت تقوم ببطولتها نجمتان كبيرتان اعتزلتا المسرح اليوم هما السيدة كوثر ماردو التي تزوجت دبلوماسيا إسبانيا وغادرت سوريا نهائيا، والسيدة ارليت عتحوري التي كانت قنبلة مسرحية موقوتة بجمالها وموهبتها وقوة شخصيتها علي المسرح وقدرتها الفائقة علي خلق التجارب مع جمهورها كائنا ما كان هذا الجمهور.

حيرة كبيرة

لبيت دعوة صديقي «شاهين» إذن لرؤية عمله المسرحي الجديد «حزين القلب» تملأني الهموم لأن نجمتي الكبيرة «أرليت عتحوري» قررت الزواج واعتزال الفن بعد أن أدت بروفات مسرحية تاجر البندقية ثلاثة أيام فقط ووقفت في حيرة كبيرة إذ لم أكن أتصور أني سأجد في سوريا كلها ممثلة أخري يمكنها أن تلعب دور بورشيا في هذه المسرحية ذات الخلفية السياسية والنفسية الشديدة الأهمية.

لكنني أتابع العرض الضاحك أمامي دون انتباه كبير غارقا في همومي وأفكاري عندما رأيتها للمرة الأولي تتحرك علي المسرح لتقول كلاما لا معني له في أجواء ترفيهية خلقت لتسلية الجنود لا للمسرح الحقيقي .. واحسست فورا بالكهرباء السحرية الكامنة في جسدها.. الذي يتلون مع الكلمة وينفعل مع المعني مع صوتها الذي يتراوح بين النغمة الموسيقية وبين الآهة الصاردة من القلب، احسست بالنظرة التي تبعث من الأعماق لتدخل كالسهم الناري إلي القلب.

لقد كانت تقول كلاماً لا معني له ولكن طريقة نطقها به وطريقة تحركها وهندسة وقوفها أو جلوسها كان يعطي معا في كثير لما لا معني له ويجبرك علي أن تتابع وتشهد وتنفعل وتري. لم يكن هناك مجال للشك أنني أمام جوهرة نادرة لم يوضع لها الإطار الخليق بها وتاهت بين احجار مزينة لكن بريقها الخاص لم يكن يخفي علي البصر الحادق.

وسألت شاهين مدير المسرح عن هذه الفتاة ومن تكون .. فأجابني باسما والفرحة تعلو شفتيه إنها تدعي «مني واصف» إنها زوجتي القادمة وأنت ربما تراها الآن لآخر مرة علي المسرح.. لأنني قررت أن تعتزل الفن بعد زواجنا فهذا العمل لا يليق بها ولا بي.

كانت الصدمة بالنسبة لي أكبر مما أتوقع فما كدت المس المخرج لأزمتي حتي أقفل الباب بكل قوة بوجهي.

لم أحاول التعرف عليها أو تهنئتها وخرجت من المسرح مسرعا.. لأستقبل ليل دمشق وأسأل نجومه المشعة في سمائه الرحبة لم تغار هذه النجوم السماوية من نجوم الأرض فتحجبها وتمنعها من منافستها.

لقد خيل لي لحظة أني امسكت بنجمة ولكني عندما استفقت لم أجد إلا أصابعي المحروقة وغصة ثقيلة في القلب.

وعدت إلي حياتي وإلي البحث المضني عن نجمة لكن أن تحل مكان «عتحوري» في دور مورشيا وتأملت عددا كبيرا من طالبات الجامعة ومن صديقات الأسرة ولكن في كل مقابلة كان يتراءي لي وجه هذه الممثلة وجسدها وطريقة تعبيرها وصوتها ونظراتها والألق الذي ينهمر من كل حركة من حركاتها دون أن يعلمها أحد أو يوجهها أحد وكأن ملاكا حارسا إلهيا يقف وراءها ويهمس لها بما يجب أن تفعل أو لا تفعل.

في منزل الزوجية

وتم زواج محمد شاهين من مني واصف وأسدل الستار علي عملها كممثلة بالمسرح العسكري واستقرت سيدة آمنة مطمئنة في عش الزوجية.. تعطي موهبتها وقدراتها لرجل واحد بينما كان جمهور لا حد له في انتظارها ليحييها ويحبها ويرفعها إلي منزلة الملوك.

وتعقدت الأمور بالنسبة لتاجر البندقية وبطولتها النسائية وكنت كلما اخترت ممثلة لاختبرها أحس كأن ستارة رقيقة شفافة تفصلني عنها حتي لو كانت موهبتها ظاهرة وممكنة.

كان هناك قدر يترصدني .. قدر أعمي لا يري إلا في اتجاه واحد وهذا الاتجاه كان يذهب مباشرة نحو ممثلة صغيرة.. كانت تقول كلاما سريعاً علي خشبة خاصة لمسرح الجنود وكانت تحيط بها هالة سرية من نور خفي يلقي عليها وعلي شخصيتها ظلالاً عملاقة.

وريثما تبدأ البروفات العملية لتاجر البندقية التي توقفت بسبب غياب البطلة كما قمت بإعداد سريع لإخراج مسرحية توفيق الحكيم «الخروج من الجنة» لتلعب بطولتها نجمة الفرقة الثانية كوثر ماردو، أما البطل الذي سيلعب دور الكاتب العاشق فقد ظل خاليا ينتظر الممثل الملائم لكي يقوم به.

وهنا ابتدأ حسي المسرحي يلعب دوره في توجيه قراراتي وقررت أن العب لعبة خاصة بي تعتمد علي الممثل الدمشقي القديم «إذا أردت أن تأخذ فتعلم كيف تعطي» وان أحقق لمحمد شاهين حلما قديما كان يداعبه منذ زمن وهو أن يعتلي خشبة المسرح ويمثل !! وكان وضعه العسكري يمنعه من تحقيق حلمه هذا.

استطعت بمناورة خاصة بي أن أحصل علي إذن بالتمثيل من قيادته ورحت ابشره بتحقيق حلمه علي أن يحقق لي حلمي بدوري وأن يسمح لزوجته المعتزلة بأن تعود للمسرح وتلعب بطولة تاجر البندقية.

وهكذا كان وتناثرت العقبات الكؤود التي كانت أمامي وأتت «الحورية ذات الأجنحة الذهبية» أخيرا بقدميها لتقوم بالبروفات الأولي لشخصيتها الجديدة أمام العملاق هاني الروماني الذي كان يلعب دور «شايلوك».

ومنذ اللحظة الأولي منذ الجمل الأولي منذ الحركة الأولي أحسست فورا أن ماردا كبيرا ينطلق من قمقمه وأنني أمام موجة هادرة من الموهبة المختفية التي كانت تنتظر أصبعا صغيرا يمسها كما تنطلق شعلة من ضياء ينيرها وينير العالم كله معها.

فشل صغير

لم يعد يهمني فشل مسرحية الخروج من الجنة التي لعب بطولتها محمد شاهين، فقد كان في جبعتي رصيد ضخم لا حد لنهايته سيعوضني عن هذا الفشل الصغير الذي كسبت بسببه الجائزة الكبري في حياتي.

وانطلقت بعد الإعلان عن بطولة مني واصف لتاجر البندقية ضجة كبيرة واتهامات شتي من اعضاء الفكر والفن.. الذين كانوا يدافعون باستماتة عن المستوي الثقافي لكافة العاملين بالفرقة.

فكيف يسمح مدير الفرقة ومخرجها لنفسه بأن يعهد ببطولة مسرحية صعبة لشكسبير لممثلة كل خبرتها كانت في تمثيل الاسكتشات الضاحكة للجنود!!

كانت مني تستمع إلي هذه الاعتراضات تأتيها من كل طرق وكانت ترد عليها بابتسامة ملكية وبمضاعفة جهودها في البروفات لتقديم هذه الشخصية كما رأتها وكما فهمتها .. وبخصوص التحدي الهائل الذي يقف أمامها كالجدار واثبات قدرتها وسيطرتها علي جميع من يقف في وجهها «صفة أصبحت بعد ذلك طبيعية أخري لها تميزها عن كل ممثلات جيلها «العناد والثقة بالنفس والتحدي».

لا أنسي تلك اللحظات المجيدة التي ملأت أيام البروفات لا أنسي استماتة الممثلة وهذا السيل من الموهبة الذي كان ينطلق منها هادرا لا توقفه حواجز ولا جدران.

وحدها عرفت كيف تتحرك كيف تسير وكيف تتوقف لوحدها عرفت كيف تقطع حروفها وجملها كيف تستقر علي جملة أحبتها كيف تنطقها وتجعل كيانها كله ينطقها معها.. وكيف تتمايل علي مواقف شعرت أن من يقف أمامها يحتاج إلي معونتها.

وخصوصا في المواقف التي كانت تجمعها بوصيفتها «فيريسا» والتي كانت تقوم بدورها فتاة رائعة الجمال ولكن محدودة الموهبة.

أما مواجهتها لعملاق المسرح هاني الروماني فقد كانت قصة أخري أحست فيها مني أن عليها أن تخرج مخالبها كلها دفعة واحدة وأن تدخل معه في معركة مميتة ستحدد لها بعد ذلك مستقبلها كله.

كبرياء عفوي

كانت المعركة بينهما أشبه بمعركة بين هاني بشخصيته ودهائه وتمكنه ومني بعذوبتها وقسوتها وعاطفيتها المبثوثة وذكائها المستنير.

إنها المعركة التي أدارها شكسبير بين بورشيا وشايلوك والتي جسدها الممثلان الكبيران بروعة لا تدانيها روعة ورغم أن سنين طويلة جاوزت الربع قرن علي تقديم هذه المسرحية علي خشبة مسرح الحراء بدمشق فإن ذاكرة المسرح وعشاقه لا تنسي تلك الليلة المجيدة ليلة الافتتاح والعيون كلها مشرئبة نحو المسرح والتيار الكهربائي العالي الفولت يشتعل بين الخشبة والجمهور ومني واصف تطل بقامتها الشامخة بكبريائها العفوي بحركاتها الملكية بذوبان العاطفة في كلماتها.. وبهذا الشبق المسرحي الذي يميز أداءها كله.

لتقول إن المارد قد انطلق من القمقم .. وإن الصدفة قد أخرجت لؤلؤتها النادرة وإن مني قد قطعت أخيرا الطريق الملكي الذي ستسلكه ولم تقف حواجز الدنيا كلها أمامها لتمنع مسيرتها.

لقد اكتشفت مني واصف نفسها، واحتلت في ضربة واحدة مكانها كسيدة من سيدات المسرح السوري، وكواحدة من أكبر فنانتنا العربيات شموخا وموهبة وكبرياء.

جريدة القاهرة في 12 ديسمبر 2006

في "كيف الحال".. الحال لم تكن على ما يرام؟

عرض وتحليل: عماد النويري 

وصف الممثل خالد سامي مشاركته في بطولة الفيلم السينمائي السعودي الأول 'كيف الحال' بأنها فرصة لا تعوض من أجل إبراز موهبته وخوض غمار تجربة فنية جديدة، مؤكدا في الوقت نفسه أن مشاركة كوكبة من نجوم الدراما المحلية والعربية ستساهم في دعم العمل.

وبين سامي أن دوره الذي يلعبه في الفيلم هو دور الجد مشيرا إلى أن هذا الدور هو الخط الكوميدي الأول والسبب المباشر في اقتناعه بالمشاركة في العمل الذي سيكون نصيبه النجاح على حد قوله.

وقال سامي إن الميزانية الكبيرة التي رصدتها روتانا للعمل والأسماء الكبيرة التي ستشارك ستساهم في تقديم دراما خليجية راقية، مشيرا إلى أن الدراما العربية تحتاج إلى الدعم لتصل إلى العالم . يذكر أنه يشارك في بطولة الفيلم أيضا الممثل تركي اليوسف، وفاطمة الحوسني ومشعل المطيري وهند محمد ومحمد الصيرفي وميس حمدان ونجم ستار أكاديمي هشام عبد الرحمن. والفيلم من إخراج ايزادور مسلم.

قصة وتعديل

بلال فضل الذي ساهم بجهد كبير في اعداد سيناريو الفيلم يقول عن تجربته في 'كيف الحال': 'بعدما شاهد المسؤولون في شركة روتانا فيلمي 'ابو علي' ارسلوا إلي معالجة الناقد محمد رضا لعمل فيلم سعودي يدور حول الزواج في الأسرة السعودية ولأنهم أرادوا ان تكون التجربة الجديدة قوية فقد قرروا الاستعانة بالمحترفين في مختلف مجالات العمل السينمائي فعرضت عليهم تصوري للقصة بحيث ندخل فيها قضايا ورسائل تهم المجتمع السعودي مثل قيادة المرأة للسيارة هناك والصعوبات التى يمكن ان تواجه هاويا للمسرح والمشاكل التى تواجهها امرأة تهوى العمل بالصحافة وتضطر للكتابة باسم مستعار. ورحب المسؤولون بالشركة بالقصة بعد تعديلها.

تدور الأحداث لتصور أسرة مكونة من أب ثري منفتح التفكير يؤمن بتعليم ابنته ويتيح لها قدرا معقولا من الحرية ويناقش زوجته بمودة وهدوء وأم تقليدية تلعب دور 'المتفرج'، وجد مرح صقلته التجارب يهوى الغناء ويلعب بعض التمارين الرياضية فوق السرير، وابن متشدد يميل الى العزلة والانطواء و يبحث عن تحقيق أفكاره في الواقع وابنة تتخرج من الجامعة فيحاصرها الخطاب، وأبرزهم صديق أخيها معلم المدرسة الابتدائية، وابن عم يهتم بالفنون ويحلم بأن يكون مخرجا، وتحظى ابنة عمه بمساحة من اهتمامه، ويحتدم الصراع بين الابن المتشدد من ناحية وبين الأسرة، خاصة أخته وابن عمه، وإن كان الأمر ينتهي نهاية سعيدة .

تعديل وتحوير

في الفيلم 'السيناريو' نحن أمام شخصيات مقولبة تقليدية تعرفنا عليها في مئات الأعمال الدرامية العربية سواء السينمائية او الإذاعية او المتلفزة الأب المنفتح (يوسف وهبي او فاخر فاخر) وابن العم الذى يقع في غرام ابنة العم (عمر الشريف او كمال الشناوي) والعزول الشرير الرجعي ابن العم او ابن الخال (فريد شوقي او مجدي وهبه).

نحن اذن امام عملية استنساخ لشخوص درامية جرى استهلاكها مئات، بل آلاف المرات في توليفات درامية جرى تعديلها وتحويرها واستنساخها لتتلاءم وطبيعة الحبكات المختلفة ضمن إطار مثلث العشق الشهير 'صراع اثنين حول واحدة او صراع اثنتين حول واحد'. في 'كيف الحال' الحال لم يكن على مايرام بالنسبة إلى الشخصيات فنحن لا نعرف على وجه التحديد ما أسباب التزمت وحالات الغضب التي تنتاب الابن باعتباره من المتشددين الإسلاميين وكان من المهم إلقاء الضوء على التركيبة الاجتماعية والثقافية التي أوصلته الى تلك الحالة لكن السيناريو اكتفي بالمرور على الشخصية مرور الكرام من دون الإغراق في التفاصيل. وبالنسبة إلى الابنة سحر في ماكياجها وملابسها في البيت وفي دبي كانت تعيش في هامش حرية كبير من المفترض ان يكون وراءه موروث ثقافي واجتماعي يتناسب ومساحة الحرية لكن ردور أفعال البنت في مواجهة الواقع كانت مثل ردود اي بنت تنتمي الى الأسرة العربية في الدراما هناك اختلاف والفن لايلتقط شخصيات من الواقع بشكل مجاني فسحر من المفترض ان تكون رمزا للبنت السعودية المتحررة والتي تؤمن بقضية تحررها كانسانة أولا واخيرا لكن في 'كيف الحال' لم تتلاءم ردود أفعال سحر مع كينونتها كرمز كبير. وبالنسبة الى شقيق سحر والعريس المتشدد كان تصويرهما كشخصيات بطريقة كاريكاتورية تماما كما يحدث في اغلب الدراميات العربية، كما شاهدنا في 'العائلة' وفي 'الارهابي' وفي 'طيور الظلام' وغيرها وكأن المتشدد جلباب ولحية طويلة وجلباب قصير، ولم يتعرض الفيلم الى مناقشة موضوع المرأة بشكل عام بالنسبة إلى هؤلاء المتشددين. كان من المهم المرور على صورة المرأة عند هؤلاء ومنهم من يبجل ويكرم المرأة في البيت وخارج البيت. وفي رسم الشخصيات أيضا لم يوضح لنا كاتب السيناريو لماذا تحول الابن المتشدد في نهاية الفيلم من دون ان تقدم لنا التبريرات الواضحة لدافع الشخصية. لماذا ظهر الابن في النهاية وهو موافق على كل شيء على 'حرية' اخته وعلى 'فن' ابن عمه وعلى تصوير فيلم يخرجة الجد. كما يبدو ان كاتب السيناريو اراد ان ينهي فيلمه بنهاية توفيقية تفتقد إلى منطق الأحداث ومنطق الأحداث يقول ان الواقع اشد قسوة من الفيلم وان النهايات في موضوع التشدد وحرية المرأة اما ان تقود الى القتل او الى حبل المشنقة 'في اغلب الحالات'. لم يرغب الفيلم وكما يبدو ان يدين أحدا حتى يخرج الجميع من دار العرض في حالة سعادة وانتشاء. لم يرغب الفيلم ان يقول صراحة مع من يقف ولمن يدق أجراس الخطر.

عملية خداع

وفي الفيلم 'الفن' نحن بصدد عملية خداع كبرى يبدو ان االدعاية ساهمت فيها بشكل كبير وعلى رغم وجود إمكانات ضخمة كما قالت هذه الدعاية وعلى رغم وجود خبرات عالمية كما قالت هذه الدعاية فإن الفيلم في صورته الأخيرة جاء بشكل اقرب الى تمثيلية تلفزيونية فقيرة سيئة التنفيذ. نجد مثلا ان 80 في المائة من مشاهد الفيلم جرى تصويرها في الاستديو 'هذا ليس عيبا'، ولكن العيب ان نجد كاميرا ساكنة خائبة لا تتحرك لتقدم لنا اي ابداع من اي نوع. ومع احترامنا لبعض اللقطات الخارجية في دبي وفي المملكة لم اشعر ابدا ان هناك حياة من اي نوع تتصارع فيها الشخصيات والافكار. وانما هناك مجموعة من الممثلين جاء ليقدموا بعض مشاهد الهواء على خشبة مسرح تفتقد الى خطاب بصري او رؤية سينغرافية واضحة، وكانت الموسيقى التصويرية بمنزلة ذلك المزعج الدائم الذى يأتي بمناسبة وغير مناسبة وكما يبدو فإن صانع الموسيقى التصويرية كان بعيدا تماما عن اجواء منطقة الخليج واستخدم منذ بداية الفيلم تيمات بكائية من دون تقديم تنويعات تتلاءم وطبيعة الانتقالات من مشهد الى مشهد.

على مستوى التمثيل لابد من الاشارة الى الممثل السعودي مشعل المطيري الذي جسد دور المدرس الاصولي ببراعة وكذلك نجحت الاردنية ميس حمدان في تجسيد شخصية سحر في حدود الدور المرسوم لها، ونجح خالد سامي في الظهور بمظهر الجد اللعوب الحاضر في حياة الاسرة بقوة، وكان من المهم ان يهتم قليلا بدراسة حركة الشخصية الداخلية والمفترض انها فوق السبعين.

اما هشام عبدالرحمن فقد حاول جاهدا ان يكون على قدر المسؤولية ونجح في بعض المشاهد ولم يوفق في البعض الآخر فمازال يحتاج الى قدر من التدريب ليخرج من دائرة الهواية الى دائرة الاحتراف.

إشارات لابد منها

وهناك إشارات لابد منها: لا شك في ان دخول روتانا مجال الإنتاج السينمائي هو حدث مهم وكم نادينا مرات كثيرة ان تساهم الفضائيات في إنتاج الأفلام وفي اكتشاف المواهب وفي تقديم أفكار مغايرة من اجل واقع سينمائي افضل واذا كان 'كيف الحال' هو التجربة الأولى في هذا المجال فان التجارب الأولى دائما لها أخطاؤها ومن الصعب وضع كل شي في سلة واحدة.. وهنا نقصد التجارب الاولى في انتاج الفضائيات.

والإشارة الثانية انه مع ميزة التنوع في الخبرات التي حرص الفيلم على تقديمها (كاتب القصة لبناني وكاتب السيناريو مصري والمخرج فلسطيني والممثلون من الكويت والسعودية والاردن) مع هذه الميزة كان من المهم الالتفات للواقع الخليجي وما يضمه الآن من خبرات اثبتت جدارتها واثبتت انها قادرة على القراءة الصحيحة لواقع الحال ولا يعني ذلك اننا ضد التنوع فنحن مؤمنون ان الفن لا وطن له ولكن مع واقع مثل الواقع الخليجي تتقاذفه التناقضات والمورثات والحساسيات القبلية وطموحات المجتمعات المدنية فان الأمر مختلف ويحتاج الاقتراب منه الى جرأة وشجاعة اهل الوطن.

وفي كل الأحوال تحية لتجربة وليدة تستحق التشجيع.

القبس الكويتية في 12 ديسمبر 2006

 

سينماتك

 

رفيق الصبان يتذكر تلك الأيام الدمشقية البعيدة:

حققت لمحمد شاهين حلم التمثيل مقابل أن يسمح لزوجته مني واصف بالعودة من الاعتزال والقيام ببطولة «تاجر البندقية»

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك