بعد الفيلم الأول الذي أخرجه عام 1993 وكان بعنوان "إي برونكس تايل"، يعود النجم الأميركي روبرت دينيرو إلى الإخراج في فيلم جديد بعنوان "ذا غوود شيفيرد" أو الراعي الصالح.
الفيلم من بطولة مات دامون، وهو يتناول تاريخ وكالة الاستخبارات الأميركيّة "سي آي إي" منذ الحرب العالميّة الثانية وحتّى تورّطها في خليج الخنازير (كوبا). التاريخ الاستخباراتي ذاك يسرد من خلال قصّة حياة إدوارد ويلسون، العميل الذي يعمل في جهاز التجسّس المضاد وينخرط في الحياة السرّيّة التي يقتضيها عمله.

دينيرو الذي يبلغ من العمر اليوم الثالثة والستين، قضى ثمانية أعوام في تحقيق الفيلم المذكور وقد أشرك فيه ممثلين متميّزين أمثال مات دامون، أنجيلينا جولي، ويليام هارت، وأليك بالدوين.

بيليندا لوسكومبي، الصحافيّة في مجلة "تايم" الأميركيّة والمعروفة بقدرتها الاستثنائيّة في الكلام وطرح الأسئلة، زارته في مكتبه المحاذي للـ"غراوند زيرو"، موقع أحداث 11/9 في مدينة نيويورك، وأجرت معه الحديث التالي (المنشور في العدد الأخير من "التايم" 11 كانون الأول 2006):

·         ما الذي يثير اهتمامك في ما يخصّ الحرب الباردة والـ"سي آي إي"؟ هل هما السريّة والخفاء؟

ـ أجل، كل هذه الأشياء. الأفلام التي سبق وشاهدتها، أفلام الجاسوسيّة الأخرى، ما عدا أفلام جون لو كارّي، لا تبقّي الأشياء أبداً في الحجب. على الدوام ثمّة من سيقتل. هناك دائماً هذا النوع من الأحداث القصوى. لقد سعيت لطرق أكثر ابتكاراً في إظهار طريقة معاقبتهم لشخص ما. شيء يشبه ما حصل لـ"ليتفينينكو" في لندن منذ أيام (الجاسوس الروسي المسموم اليكسندر ليتفينينكو).

·     عندما يقوم الممثلون بدور الإخراج فهم غالباً ما يختارون القصص الأكثر حميميّة والتي تتطلّب أداء تمثيلياً كبيراً. إلاّ أن هذا الفيلم يحوي الكثير من الأكشن. هل كنت خائفاً من تجربة شيء بالغ الجدّة؟

ـ كان من الصعب جداً انجاز وإنتاج ودعم هذا الفيلم، هذا من غير التحدث عن العقبات والأشياء الأخرى التي قد لا تخطر على بالك. في بعض الأحيان كان الأمر يتطلّب نهاراً بأكمله، في أحيان أخرى كان الأمر يتطلّب خطوة أو برهة واحدة. الآن، وبعد كلّ ما خبرته خلال العمل في الفيلم، ما زلت مبهوراً بكونه قد أنجز.

·         كنت أفكر بأنّه لو أراد روبرت دينيرو القيام بإخراج فيلم، فإنه سوف يقوم بذلك حتماً؟

ـ إنّه ليس بالأمر السهل. خصوصاً بالنسبة لهذا الفيلم. مات (دامون) كان حاسماً. فقد قال، "أعشق هذا النص. سأؤديه بلا مقابل". وقد فعلها. ليس بلا مقابل طبعاً، لكن بما معناه. لولا ذلك لما تمّ انجاز العمل. كثيرون من الناس كانوا سيطلبون مالاً أقل. ما حققناه كان غالي الثمن.

·         هل شعر الممثّلون برهبة أن يقوم مؤدّي "ترافيس بيكل" في (تاكسي درايفر) و"جايك لا موتّا" في (رايجنغ بول) بإدارتهم؟

ـ أعتقد أن الممثلين يثقون بالممثلين، فهم يقدّرون الحالة التي يكون بعضهم يختبرها. وحين تكون منخرطاً في عمل هو مهنتك في الأصل، فإن الأشياء الأخرى سرعان ما تتبدّد.

·         كيف تغيّر التمثيل خلال ثلاثين سنة منذ تلك الأفلام؟

ـ حسناً، مات هو ممثّل شاب لكنّه شديد التفاني والجدّيّة تجاه ما يقوم به. وليوناردو دي كابريو هو كذلك. إنّه رائع في ذا ديبارتد.

·         لقد اخترته لهذا السبب؟

ـ نعم، لكن وضع برنامج للعمل كان غاية في التعقيد. ليو ومات كلاهما يتعاطى مع الأمور بجدّية تامّة.

·         أداء مات في "الراعي الصالح" (ذا غوود شيفيرد) يبدو شديد الاعتدال؟

ـ لقد عملنا على ذلك. فقد أردنا التأكّد من أن شخصيّته خاضعة للسيطرة. كان من الضروري عدم الظهور بمظهر السهل أو المتوفّر. أعود دائماً إلى ما يفعله الناس في الواقع. هل يفعلون هذا الأمر أو ذاك في الأحوال العاديّة؟ عندها سأقول له، ليس عليك النظر إلى ذلك الشخص. أو ليس عليك إبداء أي ردّ فعل. يمكنك أن لا تقوم بأي شيء. وكان لهذا تأثير وقوّة فاقا أي فعل.

·         كممثّل، أنت على الدوام تحضّر نفسك بشكل جيد. هل تعمّقت في أساليب السي آي إي؟

ـ قرأت أشياء وقابلت أشخاصاً وأمضيت أوقاتاً مع عملاء سابقين. عملنا مع ميلت بيردن الذي كان مستشارنا التقني. لقد خدم في سي آي إي مدة ثلاثين سنة، وكان مفيداً جدّاً جدّاً بالنسبة لنا. كنت أقول له مثلاً، أريد شيئاً لهذا المشهد من شأنه المساعدة في إضفاء أجواء معيّنة والتقليل من العموميّة ـ كتفاصيل لشيء ما. عندما يسقط الشعر من داخل الكتاب (ليشير أنّه كان قد فتح من قبل)، يمكن حين ذاك تذكّر ميلت .

·         هل طلبت منك الـ"سي آي إي" عدم تناول أشياء معيّنة؟

ـ لا، فقد كانوا متعاونين جدّاً.

·         هل كنت على تواصل مع مارتن سكورسيزي؟

ـ من وقت إلى آخر كنت أتحدّث مع مارتي حول أشياء معيّنة، نعم. (ضحك)

·         لماذا كل هذا الوقت الفاصل بين عملي إخراج؟

ـ عملت على هذا الفيلم طيلة ثمانية أعوام. وفي الحقيقة لم يعرض علي الكثير.

·         هل كنت سترحّب بعروض أكثر؟

ـ لا أعرف. أعتقد أنّه لو قمت بإخراج خمسة أفلام في حياتي ـ أي بزيادة ثلاثة أفلام عما أخرجت حتى الآن ـ فإن ذلك سيكون مرضياً. الأمر يتطلّب الكثير من العمل. أحب أن أقوم بذلك، لكن بشكل جيّد، وهذا يتطلّب الكثير.

·         هل تلاحظ أن ثيمتي الشرف والخيانة هما ثيمتان مركزيتان في كلي الفلمين اللذين أخرجتهما؟

ـ م م م م م ـ ه م م م

·         ما سبب ذلك باعتقادك؟

ـ لست متأكّداً من هذا الشيء. بالنسبة لـ"إي برونكس تايل" فقد كان النصّ لتشاز بالمينترز، وقد كان ما كان.

·     والشيء الآخر الذي يبدو دائم الحضور في كلي الفيلمين هو تلك العلاقة بين الآباء والأبناء. وإنّي أتساءل إن كان الأمر يشغلك إلى هذا الحد.

ـ نعم.

·         لديك أربعة أبناء.

ـ هذا صحيح.

·         ووالدك (الفنان روبيرت دي نيرو الأوّل) كان شديد التأثير في حياتك؟

ـ نعم.

·         هل تعتبر فيلمك هذا فيلماً سياسيّاً؟

ـ لا أعرف. لن أقول.

·         لا تعرف أو لن تقول؟

ـ لا أعرف. أعتقد أن على الناس تصنيفه كما يرغبون.

·         حسناً، أنت هنا تماماً بمحاذاة الـ"غراوند زيرو". والأمر بالنسبة لك على ما يبدو يتعدى كونه مجرّد اختبار ثقافي.

ـ عندما وقعت أحداث 11 أيلول لم أفكّر أن بمقدور هذا الفيلم أن يتحقق.

·         والسبب...؟

ـ حين تشاهد ذاك فقط (يشير من النافذة إلى الموقع حيث كان البرجين)، سيكون هذا (ويشير إلى مكتبه) لا يعني شيئاً. حتّى انّه غير متّصل بالموضوع. فقد تغيّر كلّ شيء.

·         لقد واجهت بعض النقد في الآونة الأخيرة لابتعادك عن الأداء الذي ميّزك في العرّاب وفي "تاكسي درايفر". ما شعورك إزاء ذلك؟

ـ مارتي (سكورسيزي) وبول شرادر (الكاتب) وأنا كنّا نحاول تحقيق شيء ما من خلال ترافيس (ترافيس بيكل في تاكسي درايفر) ـ وكان هذا منذ خمسة عشر عاماً ـ إلى أين كنّا سنصل به في هذه المرحلة؟ لكن يبدو أن الفرصة لم تسنح لنا.

·         هل تؤدّي الأدوار الكوميديّة لأنك تودّ استكشاف هذا الجانب منك أم لأنّك لم تحظ بالأدوار الجدّية الكبيرة؟

ـ إنني استمتع بالأدوار الكوميديّة لأنّه من المسلّي أداؤها. خاصة مع جاي روش (مخرج "ميت ذا بيرنتس"). إنني أستمتع في هذه الأدوار. "أنالايز ذيس" و"أنالايز ذات" كانا مسلّيين.

·         هل تقصد أن الأدوار الجدّية غير مسلّية؟

ـ إني أحبّها أيضاً. الأمر نسبي. كلّ شيء له ميزته.

·         لكن جميع المعجبين بك هم في غاية الارتباك...

ـ آمل أن لا أخيّب ظنّهم فيما بعد. ربما في فيلمين مقبلين. كما تعلم، على أن يتاح لي ذلك.

·         لا أعتقد أنّك في مرحلة من حياتك المهنيّة تضطرّك للتسرّع في الحصول على عمل؟

ـ أجل. لكن من الجميل أن تقوم بأداء ما قد يسلّيك فعلاً، حتّى لو كان ذلك كوميديّاً أو دراميّاً، أو ربّما مزيجاً من الإثنين، هذا الأخير الذي غالباً ما يكون الأفضل. الأشياء المسلّية والتي تكون جدّيّة. السخرية في الشخصيات والمواقف.

·         ماذا بعد؟

ـ هناك فيلم نعمل عليه، إنّه استعادة لفيلم فرنسي عنوانه 36. الفيلم يخرجه باري ليفينسون وهو يستند على كتاب ألّفه آرت لينسون (منتج سينمائي). أنّه يروي قصّة منتج أفلام في هوليوود. أؤدّي فيه دور المنتج. إنّه مبني على تجارب واقعيّة خبرها آرت بنفسه.

·         هل تشاهد أفلامك القديمة؟

ـ لا.

·         هل تستوقفك إن صادف عرضها وأنت تقلّب محطات التلفزيون؟

ـ حسناً، نعم، قد أفعل هذا أحياناً. عندما لا أكون أتوقّع مشاهدتها، أكون أكثر موضوعيّة، حينها قد أفعل ذلك.

·         هل لديك ما هو مفضّل من بينها؟

ـ من الأعمال التي لعبتها؟ حسناً، كلما تلقّيت استحساناً أكبر من قبل الناس تجاه أفلام يحبونها بالفعل، كلّما أحببتها بدوري، على ما أعتقد. (ضحك).

·         هل حقيقة قيامك بمجهود كبير في "رايجينغ بول" تجعله استثنائيّاً؟

ـ هذا كان واحداً أحببته. لقد بلغنا شيئاً في هذا الفيلم. وكان ذلك مع مارتي. أريد أن أحقق مزيداً من الأفلام مع مارتي. فيلمان على الأقل. ليس أقل من ذلك. حينها سنكون قد حققنا معاً عشرة أفلام.

·         لم تشأ القيام ببطولة "ذا ديبارتد"؟

ـ لا بل أردت القيام بذلك. المشكلة كانت في البرنامج. فقد كنت منهمكاً في "الراعي الصالح" (ذا غوود شيفرد). مارتي يعرف بأنني أشعر بالأسف جراء عدم تمكّني من القيام بالدور.

·         كلاكما قد يترشّح لجائزة الأوسكار وقد تتواجهان. أنت على الأرجح تعرف ما يكفي عنه للقيام بحملة سلبيّة ضدّه.

ـ (ضحك) لا. لا. أتمنّى أن يكون هو الفائز. ذلك سيكون متعلّقاً يالزمن.

·         هل ثمّة شيء آخر ما زلت تودّ القيام به؟

إن حالفني الحظ أودّ تحقيق جزءٍ ثان من هذه القصّة. لقد عقدت ميثاقاً مع أريك روث يقول، إن قمت بإخراج "الراعي الصالح" بنفسي فعليه ساعتئذ كتابة فيلمٍ ثانٍ يدور حول المصائر التي انتهت إليها كلّ من الشخصيات. أمّا الفيلم الأخير الذي سأخرجه فسأكتبه أنا بشكل كامل.

·         (انقّل النظر في أنحاء المكتب) لا أرى في مكتبك أيّ من ملصقات أفلامك.

ـ يعجبني الأمر هكذا كما هو. صور لما قمت به أو لأفلام أديتها... أرى في الأمر شيئاً من الـ...لا أعرف. هذا ما أفضّله.

·         ما هذا السكين؟

ـ إنّه هديّة من تومي فرانكس. الجنرال تومي فرانكس.

·         بعد معركة سكاكين؟

ـ لا، بعد زيارة إلى مقر يو أس أو (مركز الادارة العسكرية).

·         والفأس؟

ـ لقد أعطاني إياه (يعاين ما حفر عليه)، آآآ، بعض الأصدقاء.

·         يحب الناس أن يهدوك أسلحة على ما يبدو؟

ـ لا، لا يحبون ذلك.

·         هيّا، إني أرى أثنين منها؟

ـ هذا فأس رجل إطفاء. إنّه لعبور الأيام الصعبة.

·         كم مرّة في الأسبوع تصادف من يقول لك "هل تتكلّم معي؟" (محطّ كلام يكرّره في فيلمه الكوميدي "أنلايز ذات")

ـ من وقت إلى آخر. في حال مصادفة الأولاد فإن الأمر يبلغ حدّاً لا يحتمل.

المستقبل اللبنانية في 10 ديسمبر 2006

 

نضال الدبس ومحرّمات المجتمع السوري سينمائياً

دمشق ـ حسن سلمان 

يعالج المخرج السوري نضال الدبس في فيلمه "تحت السقف"، مشكلات باتت مثار جدل في المجتمع السوري، لعلّ أهمها العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ومن ثم مسألة العنف ضد المرأة التي تبحث عن التحرر بصيغ متعددة.

ويخوض الدبس في العمق ليكشف عن هشاشة الواقع عبر سقفه الذي يمطر الحكايا والذكريات الأليمة، لكنه يشكل مع ذلك ملاذاً آمنا لأبطاله، فمروان الذي يمضي دهرا تحت هذا السقف مستغرقاً في مختبره لتصوير الأفلام دون أن يعي ما يحدث حوله يستفيق فجأة على واقع مختلف لم يألفه، ويحاول لاحقا نسف الواقع السابق من خلال إتلاف مكتبته التي تحوي كتباً يسارية أصبحت غير مجدية، ليعمل فيما بعد على تصوير الحفلات والإعلانات.

ولينا التي بدأت حياتها بذكرى أليمة تتلخص في محاولة أخيها الاعتداء عليها لتعاني أزمة نفسية ترافقها طيلة حياتها وتزداد حدة بعد وفاة زوجها، تحاول الثورة على واقعها من خلال رغبتها الحصول على طفل عبر علاقة غير شرعية مع مروان.

ما يميز الفيلم النفحة الواقعية المأسوية التي تغلفه وتبدأ من المشاهد الأولى بوفاة فارس لتنسحب على مجمل الفيلم، الأمر الذي جعل البعض يتهم المخرج بالسوداوية.

غير أن نضال الدبس يؤكد أنه لم يقرأ حتى الآن نقداً حقيقياً لفيلمه، مشيراً إلى أن جميع الآراء التي قرأها لا تتعدى الانطباعات الشخصية، والسبب برأيه يعود لغياب النقاد السينمائيين بسبب تواضع الإنتاج السينمائي في سوريا الذي لا يتعدى فيلمين في العام، وبالتالي غياب الطقس السينمائي الذي من دونه لا يمكن ولادة نقد سينمائي حقيقي.

ولا يخفي الدبس تأثره بعدد من المخرجين السوريين، غير أنه يكشف عبر فيلمه الطويل الأول عن تجربة سينمائية غنية قلّما نجدها لدى المخرجين الشباب.

ويؤكد الدبس أن فيلمه لم يعرض جماهيرياً حتى الآن في سوريا رغم مشاركته بحوالى 15 تظاهرة سينمائية عالمية، ويرد ذلك إلى عدم وجود صالات عرض جيدة، مشيراً إلى أن صالات العرض الموجودة تفتقر لشروط العرض السينمائي، كما أن الصالات الجيدة تطلب رسوم دخول كبيرة بالنسبة للسوريين تصل إلى 3 دولارات.

ويؤكد الدبس أن هناك اتهاماً للسينما السورية بأنها لا تخرج من إطار سينما المؤلف لكنه يعتبر ذلك سمة جيدة لأن العالم يتجه اليوم نحو سينما المؤلف.

ويضيف: "نحن الآن مطالبون كمخرجين بإنتاج سينما جماهيرية، وأعني بمصطلح "جماهيرية" أي على الطريقة الأمريكية "أكشن" أو على الطريقة المصرية "مشاهد ساخنة"، وهذا ناتج عن وجود ذائقة لونية أحادية تشكلت لدى الناس عبر سنوات طويلة".

ويعتقد الدبس أن مشكلة السينما السورية تتجلى في قلة الإنتاج، ويرد ذلك لعدة أسباب منها قلة الدعم الحكومي وغياب القطاع الخاص بشكل كامل عن الإنتاج السينمائي لتوجهه نحو الدراما التلفزيونية إضافة إلى المشاكل الإدارية والبيروقراطية.

ويضيف: "لا يوجد في أجندة أي شاب سوري الذهاب إلى السينما بسبب غياب سوق سينمائية في سورية إضافة إلى تردي وضع صالات العرض الموجودة، كما أن الأندية السينمائية التي تتيح المشاهدة المجانية غائبة، ويقتصر عرض الأفلام على تظاهرة وحيدة كل عامين هي مهرجان دمشق السينمائي".

ويعتقد الدبس أن المؤسسة العامة للسينما تتحمل جزءاً كبيراً من المشكلة حيث لا يتعدى عدد الأفلام التي تنتجها المؤسسة سنوياً أكثر من فيلمين، كما أنها تتحمل مسؤولية ترميم صالات العرض التابعة لها واستحداث صالات جديدة.

ويشير الدبس إلى أن الأمور السابقة دفعت بالشباب لحمل كاميراتهم الشخصية ليحاولوا عمل شيء عبر مجموعة من الأفلام القصيرة، لكنه يعتقد أن هذه التجارب على أهميتها تبقى ناقصة لأنها تحتاج لرؤوس أموال لدعمها، كما أنها لن تخلق سينما جديدة في سوريا ضمن إمكانياتها المتواضعة.

ويقترح استحداث صالات جديدة وترميم الصالات القديمة، إضافة إلى استيراد أفلام جيدة وعرض الإنتاج السينمائي السوري الجديد والقديم، وإنشاء نواد سينمائية ومحاولة استدراج الجمهور مرة أخرى للصالات عبر خلق ثقافة سينمائية وزيادة الإنتاج السينمائي من خلال إشراك القطاع الخاص فيه.

ويضيف: "نحن كسينمائيين سوريين قدمنا منذ 5 سنوات ورقة عمل للحكومة عرضنا من خلالها اقتراحاتنا حول كيفية الخروج من أزمة السينما في سوريا، وقد تبنت الحكومة جزءاً كبيراً منها واتخذت عدة قرارات منها إلغاء حصر استيراد الأفلام بالمؤسسة العامة للسينما، لكن تطبيق هذه القرارات مازال بطيئا".

المستقبل اللبنانية في 10 ديسمبر 2006

مصطفي محرم يذكر من يريدون فرض رقابة دينية علي الفن والثقافة

نجيب الكيلاني.. الأديب الإخواني الذي لم يخجل من معالجة الجنس في أدبه  

>> من يقرأ أعماله لا يصدق إن كاتبها من الإخوان المسلمين وقبض عليه في حادث المنشية وان له روايات ودراسات إسلامية

>> الإنسانية موضوع كل كتاباته.. فعالج القهر الإنساني وطغيان المقام وتقديس الحب وإدانة الخطيئة وأبرز عشقه للحرية والعدل والمساواة

>> ظللت لأكثر من سنة أكتب سيناريو فيلم «ليل وقضبان» عن رواية له دون أن أعرف عنه سوي إسمه وبعدعناء طويل عرفت أنه طبيب يعمل في دولة الامارات

>> تحمست لعمل روايته «ليل الخطايا» فيلم سينمائي ولكن جرأتها فاجأت عاطف سالم فامتنع عن تنفيذها.. ونفاذ الرواية من الأسواق منعني من كتابتها لأشرف فهمي

>> لم يرشحه أحد لجائزة الدولة التقديرية رغم إنه أحق من كثيرين حصلوا عليها .. وعزائي أن الجوائز لا تخلد فنانا أو أديبا فقط أعماله أما تفرض خلوده أو تجعله كأن لم يكن  

كنت ألمح رواية بعنوان «الطريق الطويل» التي كانت مقررة علي تلاميذ المدارس ولكن لا أذكر أية سنة دراسية بالضبط ولا أذكر مع رأيتها ربما أحد من إخوتي يصغرني بسنوات طويلة وربما عند باعة الكتب المستعملة التي كنت أكثر من التردد عليهم. كنت ألمح علي هذا الكتاب اسم «نجيب الكيلاني» فظنت في أول الأمر أن مؤلفها هو كامل كيلاني الأديب المعروف الذي كتب للكبار واشتهر بقصصه للصغار. وفي إحدي المرات دفعني الشك لمعرفة اليقين وأمسكت بالكتب بين يدي وتأكدت أن مؤلفها يدعي نجيب الكيلاني ولم أكن أعلم عنه حتي تلك اللحظة شيئا رغم اهتمامي الشديد بقراءة الأدب المصري وقرأت لأناس مجهولين أو غير ذي قيمة علي الاطلاق. وفي عام 1969 تقريبا وقعت في يدي رواية أخري لنفس الكاتب بعنوان «ليل العبيد» وكنت وقتها مشغولا بكتابة سيناريو عن قصة قصيرة ليوسف إدريس وهي «حادثة شرف» كان المخرج شفيق شامية قد أحضرها لي ورشحني لكتابة السيناريو ليبدأ به مستقبله السينمائي. وبعد أن انتهيت من كتابة سيناريو «حادثة الشرف» لتقوم مؤسسة السينما بإنتاجه تفرغت لقراءة رواية «ليل العبيد»، ولكن في الحقيقة دون حماس وإنما يدفعني الفضول لمعرفة مستوي هذا الكاتب الذي قررت وزارة التربية والتعليم إحدي رواياته علي تلاميذ إحدي السنوات الدراسية الثانوية وكانت الرواية بمثابة مفاجأة لي في موضوعها وجرأة التناول إذ تدور حول مدير ليمان صارم وقاس وعلاقة زوجته بأحد المساجين عنده. ولاحظت أن وصف الكاتب للعلاقة الجنسية بين السجين وزوجة مدير السجن أكثر جرأة في ذلك الوقت مما كان يكتبه أمين يوسف غراب واحسان عبدالقدوس. ووجدت أنها تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا يجذب المشاهدين لما تحتويه من مضمون وتشويق ولكن في نفس الوقت كنت أشك في أن الرقابة ستسمح أو بمعني آخر توافق بمعالجة هذا الموضوع في فيلم سينمائي. وأعطيت الرواية إلي شفيق شامية لأعرف رأيه فربما لم أكن مصيبا في تقديري لهذه الرواية. وعندما قرأها شفيق شامية قابلني وهو منبهر ولا يصدق أن مثل هذه الرواية ظهرت في مصر وإذا بحماسه لها يقرر أن تكون فيلمه الأول فأخبرته بأن سيناريو فيلم « حادثة شرف» جاهز ولم يبق إلا موافقة لجان المؤسسة ومعرفة رأي يوسف إدريس. ولحسن الحظ وقعت بيني ويوسف إدريس خلافات حادة وفوجئت بأن شفيق شامية يؤيده في كل شيء وانتهي الأمر بيننا كما سبق أن ذكرت بالتفصيل كل ما حدث إلي قطيعة بيني وبين يوسف إدريس وشفيق شامية. وعندما شاهدت الفيلم حمدت الله علي أن اسمي لم يوضع علي السيناريو المسلوب وحمدت الله أيضا علي أنني قطعت صلتي بهذا المخرج المتواضع في مهنته وأتذكر الآن المثل الذي يقول «رب ضارة نافعة». وكانت صلتي قد توثقت بأشرف فهمي وأصبحنا صديقين أقرب إلي التوأمين فأعطيته رواية «ليل العبيد» فأثارت إعجابه الشديد وقررنا أن تكون فيلمنا القادم بعد كارثة سينمائية بعنوان «واحد في المليون». قمت بكتابة ملخص سينمائي للرواية حيث قمت فيه بتغيير بعض الأحداث وتغيير النهاية وقدمناه إلي مؤسسة السينما التي كان يرأسها في ذلك الوقت الأديب عبدالحميد جودة السحار. ونال الموضوع إعجاب أعضاء مجلس إدارة المؤسسة وأدرجوه في خطة الانتاج. استغرق العمل في السيناريو ما يقرب من العام حيث قمت بكتابته ثلاث مرات كل ذلك ونحن لا نعلم شيئا عن صاحب الرواية سوي اسمه. حاولت أن أصل إلي عنوان نجيب الكيلاني من خلال نادي القصة ودار الأدباء ولكن فشلت حتي الناشر الذي قام بنشر الكتاب يبدو أنه أوصد أبوابه أو انتهت علاقته بعالم النشر. وفي النهاية توصلت عن طريق أحد أصدقائي الأدباء لا أذكر الآن حتي اسمه إلي أن نجيب الكيلاني طبيب يعمل في دولة الامارات. وقابلت صديقي الأديب والناقد علي شلش وسألني عما اكتبه وقتذاك فأخبرته ثم سألته هل يعلم شيئا عن نجيب الكيلاني فأخبرني بأنه طبيب أديب كان ينتمي إلي الإخوان المسلمين وقبض عليه بعد حادث المنشية وكان قد حصل علي جائزة وزارة المعارف عن رواية «اليوم الموعود» عن الحملة الصليبية بقيادة لويس التاسع وقد اشترك علي شلش في هذه المسابقة عن نفس الموضوع. وعرفت من علي شلش أن نجيب الكيلاني يعمل في وزارة الصحة في دولة الامارات. وعلي الفور قمت بكتابة خطاب إلي نجيب الكيلاني علي عنوان وزارة الصحة بدولة الإمارات وأخبرته بكل شيء بالنسبة لروايته وأنه لابد من حضوره لتوقيع العقد مع مؤسسة السينما وأخبرته بأن المبلغ 300 جنيه ثلاثمائة جنيه وهو مبلغ يعتبر كبيرا في ذلك الوقت بالنسبة لكاتب ليس لديه شهرة إحسان عبدالقدوس الذي كان يحصل علي ألف جنيه ونجيب محفوظ الذي كان يحصل علي ثمانمائة جنيه. ولم يستطع نجيب الكيلاني الحضور وأرسل زوجته بتوكيل منه لتوقيع العقد وصرف قيمته.

اعترضت الرقابة علي عنوان «ليل العبيد» ولست أذكر السبب في ذلك ولكن أذكر أنني لم أكن أنا نفسي متحمسا لهذا العنوان فقمت بتغييره إلي «ليل وقضبان». وخرج الفيلم إلي النور من بطولة محمود مرسي وسميرة أحمد ومحمود ياسين وتوفيق الدقن في شكل تحفة سينمائية ونال إعجاب كل من شاهده من الجمهور والنقاد الذين كتبوا عنه صفحات من المدح واعتبروه بعد ذلك من أهم كلاسيكيات السينما المصرية. وجعلني ذلك أوالي قراءة بقية أعمال نجيب الكيلاني بعد أن أرشدني في خطاب عن المكتبة التي أحصل منها علي مؤلفاته.

فوجئت بعد ذلك بنجيب الكيلاني يزورني في عطلته الصيفية هو وزوجته وأصبحنا منذ ذلك اليوم أصدقاء. وعندما كنت أجلس معه لم يكن يتحدث معي في أي شيء يتعلق بالدين بل كنا نتحدث في أمور الأدب والفن. واكتشفت أنه قاريء نهم للآداب الغربية وأنه قرأ الكثير باللغة الانجليزية التي كان يجيدها. وكانت قراءاته في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي واسعة. كانت آراؤه متفتحة واضحة ويعرضها بيسر ووضوح وكان يتميز بخفة الدم ويجيد النكتة ثم يمزجها ببعض مآسي الحياة بشكل عام.

لم يتحدث أمامي عن عبدالناصر ولكني أدركت مدي كراهيته له ولعصره من خلال الكثير من رواياته. وكان يرمز له دائما بأي ديكتاتور أو طاغية. لم يتحدث معه عن سجنه عندما قبضوا علي أفراد جماعة الإخوان المسلمين بعد محاولة اغتيال عبدالناصر في الإسكندرية بميدان المنشية. البعض يري أنها كانت تمثيلية مدبرة لتكون ذريعة للقضاء علي هذه الجماعة الذي كان عبدالناصر يود التخلص منهم كما تخلص محمد علي باشا في مذبحة المماليك. كنت أود أن يحدثني عن سيد قطب الذي تحدث نجيب محفوظ عن فضله عليه كناقد أدبي متميز ولكن أعدمه عبدالناصر ولم يقبل فيه شفاعة فخسر الأدب كثيرا. لم أحاول أن استدرجه للحديث عن سيد قطب لأنني أحسست أنه لا يريد أن يتحدث عن هذه الفترة حديثا شفويا وآثر أن يضمنه الكثير من رواياته.

فاكتفيت بما كتبه لبعض كتاب جماعة الإخوان المسلمين بعد موت عبدالناصر وما كتبه الشيوعيون وما حكاه بعض من عرفتهم ممن دخلوا السجون في أيام عبدالناصر من الإخوان ومن الشيوعيين. فأخبرني البعض بأن صلاح سالم كان شديد الكراهية للإخوان المسلمين. كانت تسليته الوحيدة كل ليلة الذهاب إلي المعتقل للإشراف علي تعذيبهم والسخرية منهم والتشفي فيهم وأن أحد زعماء الإخوان دعا الله أن يتمني صلاح سالم الموت ولا يناله. وبالفعل أصيب صلاح سالم بسرطان المعدة وكان يصرخ صراخا فظيعا من شدة الآلام وعندما كان يزوره في مستشفي القوات المسلحة بالقبة كان صلاح سالم يتوسل إليه أن يطلق عليه الرصاص ليريحه من تلك الآلام. لم يذكر لي نجيب الكيلاني شيئا عن تلك الأحداث.

كان العمل السينمائي التالي من أعمال نجيب الكيلاني قصة قصيرة طويلة أو رواية قصيرة بعنوان «قلوب هائمة» أثارت إعجابي لطرافة موضوعها الذي يدور عن سجين يصاب بمرض خطير بعد قضائه في السجن عشر سنوات فيرسلونه إلي مستشفي قصر العيني لاجراء جراحة صعبة وإذا شفي منها يعود إلي السجن مرة أخري لقضاء عشر سنوات أخري. وفي المستشفي تنشأ علاقة بينه وبين الاخصائية الاجتماعية التي يحبها الجراح الذي سوف يقوم بإجراء العملية له. ويكتشف الطبيب العلاقة ولكنه يجري للسجين العملية بنجاح وتفرح الاخصائية الاجتماعية ويأتي خبر الافراج عنه ويتواعدان علي الزواج بعد تمام شفائه ومغادرته المستشفي ولكن القدر يرسل إليه غريمه فيقتله. وعندما طلب مني الصديق المخرج علي عبدالخالق أن أبحث له عن قصة ليحولها إلي فيلم سينمائي للتليفزيون رشحت له هذه القصة فأعجبته. كان الذي يرأس إدارة أفلام التليفزيون في ذلك الوقت هو المخرج عادل صادق. طلب مني علي عبدالخالق أن أنتهي من كتابة السنياريو في خلال أسبوع. ولست أذكر الآن الظروف التي جعلته يتعجل كتابتها بهذه السرعة فقد استغرقنا مايقرب من العام في كتابة سيناريو فيلم «أغنية علي الممر». وربما كان علي عبدالخالق في حاجة ملحة إلي المال لأنه كان قد تزوج حديثا. وعلي الفور ذهبت للاقامة في فندق خلف دار سينما ديانا وأقمت فيه اسبوعا أعمل ليل نهار. أصبحت حجرتي في هذا الفندق بمثابة استراحة لكل أصدقائنا من السينمائيين. كان كل من يجد نفسه في وسط البلد ويريد أن يستريح أو ينتظر موعدا يمر علي ويقضي فترة من الوقت وكان ممن زاروني الأصدقاء رأفت الميهي وحسين فهمي وسعيد شيمي وأشرف فهمي وغيرهم ممكن لا أتذكرهم الآن وكان بالطبع يمر علي عبدالخالق ليطمئن علي سير العمل وليقرأ ما انتهيت منه ثم يأخذه معه لكتابته علي الآلة الكاتبة حتي لا يضيع وقتا. وانتهيت من كتابة السيناريو في الموعد المحدد وقد صرفت آخر ما في جيبي من نقود. لم يعجبني اسم «قلوب هائمة» فقمت بتغييره إلي «أغنية للموت والحياة». وأرسلت إلي نجيب الكيلاني أطلب منه أن يحضر لتوقيع العقد مع أفلام التليفزيون ولحسن الحظ كانت زوجته موجودة في طنطا فجاءت بدلا منه وحصلت من التليفزيون علي مبلغ مائة جنيه أما أنا فحصلت علي 175 جنيها كانت تقريبا مصاريف إقامتي في الفندق في ذلك الوقت.

قمنا بترشيح عزت العلايلي وماجدة الخطيب وسمير صبري ويوسف وهبي وبدأنا التصوير. وبعد ما يقرب من أسبوع حدثت في مصر حالة أشبه «بالمكارثية» في أمريكا. فقد أنقلب السادات علي أصحاب الفكر اليساري والمشتبه فيهم من الكتاب والفنانين وأصدر وزير الإعلام في ذلك الوقت قرارا بمنع التعامل معهم في الصحف والتليفزيون. وكان من هؤلاء المغضوب عليهم المخرج علي عبدالخالق الذي لم يكن له «في الطور ولا في الطحين» وكذلك من مخرجي التليفزيون إبراهيم الصحن وإبراهيم عبدالجليل وحسين حامد الذين هاجروا إلي العراق وتزوج إبراهيم عبدالجليل ومات هناك. وتحمس عادل صادق لهذا القرار وحصل علي موافقة عبدالرحيم سرور رئيس التليفزيون في ذلك الوقت بوقف تصوير الفيلم والاستغناء عن خدمات المخرج علي عبدالخالق والبدء في البحث عن مخرج آخر. والحق يقال إن ماجدة الخطيب رفضت التعامل مع مخرج آخر وتركت العمل في الفيلم. حاولت أن انسحب وكدت أتشاجر مع عادل صادق فأخذني وصعدنا إلي رئيس التليفزيون الذي كان يعرفني جيدا منذ أن كان مديرا للرقابة علي المصنفات الفنية فأخبرني الرجل بهدوء بأن وضعي القانوني مختلف لأن التليفزيون أصبح مالكا للقصة والسيناريو وهو الوحيد الذي له حق التصرف. وكدت أدعي بأنني أنا الآخر شيوعي ولكني صرفت نظر عن هذه الفكرة لأنني أكره الشيوعية كره العمي، رغم أنني اتهمت بها أثناء عملي في المركز القومي للأفلام التسجيلية واتهمتني بها نادية الجندي عندما اختلفت معها.

اختاروا بعد ذلك مخرجا موظفا في أفلام التليفزيون وهو المخرج حسن حافظ وجاءت ليلي طاهر بدلا من ماجدة الخطيب. قاطعت حضور تصوير الفيلم وكان المصور سعيد الشيمي يشكو لي من الفارق الابداعي بين علي عبدالخالق وحسن حافظ. وجاءت النتيجة النهائية للفيلم بالنسبة لي غير مرضية رغم امتداح بعض النقاد.

قرأت بعد ذلك رواية «ليل الخطايا» وهي رواية في غاية الجرأة موضوعا وأسلوبا تدور الرواية عن علاقة زوجة شبقة جنسيا بشقيق زوجها الأصغر. ذكرتني هذه الرواية بالقصة الفرعونية التي كتبت علي إحدي البرديات وتدور حول هذا الموضوع وربما استوحاها نجيب الكيلاني منها. عندما طلب مني المخرج عاطف سالم موضوعا أعطيته هذه الرواية وكانت تقريبا قد نفدت من السوق وأصبح من الصعب الحصول عليها. لم يتحدث عاطف سالم بعد ذلك عن هذه الرواية ويبدو أنه قد فوجيء بجرأتها الشديدة ولكنه لم يعدها إلي وعندما طلبتها من نجيب الكيلاني من أجل أن أعطيها لأشرف فهمي أخبرني بأنه هو الآخر لا يملك نسخة وعندما يعود إلي مصر سوف يعيد طبعها.

انقطعت بعد ذلك الصلة بيني وبين نجيب الكيلاني وأعماله إلي أن وقعت في يدي روايته «الذين يحترقون» فإذا بي أمام عمل روائي آخر علي درجة كبيرة من التميز وكالعادة علي درجة كبيرة من الجرأة في التناول وظهر فيها لأول مرة التعصب في الصراع بين الطبيب المسلم والطبيب المسيحي. ولذلك عندما فكرت في معالجتها قررت أن أجعل الطيبين من المسلمين. ولكن رغم ذلك فقد كانت هذه الرواية سيئة الحظ معي ونسيتها بعد ذلك وسط مشاغلي السينمائية الكثيرة. وعندما تذكرتها كان وجه السينما المصرية قد تغير إلي الأسوأ ولم يصبح للموضوعات الجادة ذات القيمة الفكرية والفنية مكان ولذلك فأنا أفكر حاليا في أن تكون مسلسلا تليفزيونيا. فوجئت منذ حوالي سبع سنوات تقريبا بوفاة الصديق الأديب المتميز نجيب الكيلاني ولم أكن أعرف عنوانه في مدينة طنطا. حزنت عليه كثيرا ومازالت أشعر أن هذا الكاتب لم يأخذ حقه وأنه أفضل من كثير من المشاهير في عالم الأدب.

والحقيقة أن من يقرأ أعمال نجيب الكيلاني لا يصدق أن كاتبها من جماعة الاخوان ولا ينفي الحقيقة هذه أنه قام بكتابة بعض الروايات الإسلامية وكذلك الدراسات فقد قام بمثل ذلك بعض الأدباء الذين لا ينتمون إلي الجماعة مثل طه حسين وعبدالحميد جودة السحار، وعلي أحمد باكثير. ويدل ذلك علي أن هناك بين أفراد جماعة الإخوان المسلمين من يتمتعون بحرية الفكر والجرأة في معالجة الأعمال الأدبية والفنية ويؤمنون بأن الفن لا يقبل التزمت. ولذلك دهشت كثيرا عندما قام صاحب «دار مصر للطباعة والنشر» بحذف بعض السطور من روايات الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس وذلك من أجل أن تروج بين المتزمتين وأصحاب الفكر المتخلف من القراء. وحمدت الله كثيرا أن محمد عبدالقدوس وشقيه أحمد عبدالقدوس، ولدي إحسان قد قاما بتقديم أصول أعمال أبيهما إلي دور نشر أخري تؤمن بحرية التعبير وتحترم تراث كبار الكتاب. ويبدو عشق نجيب الكيلاني للحرية والعدل والمساواة في كل أعماله. فهو يعتبر الإنسانية كلها موضوعا لكتابته وتدور أحداث رواياته في كل زمان ومكان. تعالج رواياته القهر الإنساني وطغيان الحكام وتقدس الحب وتدين الخطيئة. وقلما تجد عنده موضوعا لا يستهوي القاريء. والغريب أن قراءه كثيرون فإن كتبه طبعت عدة طبعات وتنفد سريعا وهي في أغلبها صالحة لأن تثري الشاشة الكبيرة والشاشة الصغيرة إذا التفت إليها كتاب السيناريو.

ونجيب الكيلاني كاتب غزير الانتاج كتب الرواية والقصة القصيرة والمسرحية والشعر والدراسات . ففي مجال الرواية أذكر له: الطريق الطويل ـ في الظلام ـ عذراء القرية ـ اليوم الموعود ـ رأس الشيطان ـ الربيع العصف ـ النداء الخالد ـ الذين يحترقون ـ أرض الأنبياء ـ طلائع الفجر ـ ليل الخطايا ـ ابتسامة في قلب الشيطان ـ ليل العبيد ـ الكأس الفارغة ـ نور الله ـ قاتل حمزة ـ مواكب الأحرار ـ الظل الأسود ـ الرايات السود ـ حكاية جاد الله ـ ملكة العنب ـ إمرأة عبدالمتجلي ـ اعترافات عبدالمتجلي، وغيرها. وفي مجال القصة القصيرة أصدر عدة مجموعات قصصية أذكر منها: موعدنا غدا ـ دموع الأمير ـ العالم الضيق ـ عند الرحيل ـ الكابوس. وكتب مسرحية بعنوان «علي أسوار دمشق» وله ديوانان من الشعر وهما: أغاني الغرباء وعصر الشهداء. أما في مجال الدراسات فله عدة كتب أذكر منها: إقبال الشاعر الثائر ـ شوقي في ركب الخالدين ـ الإسلامية والمذاهب الأدبية ـ المجتمع المريض ـ الطريق إلي اتحاد إسلامي ـ أعداء الإسلامية.

حصل نجيب الكيلاني علي عدة جوائز ولكن لم يرشحه أحد لجائزة الدولة التقديرية رغم أنه كان أحق بها من كثير من الذين حصلوا عليها وهم لا يستحقونها ولكن الجوائز لا تخلد أديبا أو فنانا بل إن أعماله هي التي تفرض الخلود أو تجعله وكأنه لم يكن.

جريدة القاهرة في 12 ديسمبر 2006

 

فيشبورن يؤكد في مهرجان دبي السينمائي شعوره بـ«العار من أداء الإدارة الأميركية»... نجوم «بوبي»: الفيلم لمحاربة قوى الظلام وقتلة الحريري

دبي - إبراهيم توتونجي 

«هذا الفيلم موجّه ضد قوى الظلام في العالم، بمن فيهم قتلة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري». بهذه الكلمات عبّر منتج فيلم «بوبي» غيري والترز الذي افتتح أمس عروض مهرجان دبي السينمائي الدولي، عن رأيه رداً على سؤال لـ «الحياة» عن توقيت عرض هذا الفيلم والانتكاسات التي منيت بها السياسات الأميركية في العراق أخيراً.

ولم تكن لدى الممثل الإفريقي الأصل، لورانس فيشبورن حماسة أقل في انتقاد السياسة الاميركية الخارجية في الشرق الأوسط، اذ قال: «أشعر بالعار من سياسة إدارة بلادي خلال السنوات السبع الماضية».

وأضاف: «هناك، للأسف، سمة في الشخصية الاميركية تمجّد الحرب ومظاهرها، وإن زرت بعض مراكز التسوق في واشنطن، لاحظت رواج النصب التذكارية المقدّسة للشخصية العسكرية. لكننا، كأميركيين، نملك جوانب أخرى في هويتنا، جسّدها خطاب الرئيس المغتال ادوار كنيدي (بوبي).

صنعنا هذا الفيلم لاستنهاض الروح الخيّرة في الشخصية الاميركيــــة»، فمجمل أفلام هوليوود في السنوات الأخيرة خدمت لغة الحرب التي ينطق بها المحافظون الجدد لذا أرجو أن يكــــون هـــذا الفيلم أوّل خطوة نحو التغيير».

اللحظات الاخيرة

ويروي فيلم بوبي، الذي اختارته ادارة المهرجان للافتتاح، الساعات الأخيرة التي سبقت مقتل كنيدي، في فندق «امباسادور» مركز حملته الانتخابية، عبر سرد حكايات شخصياتٍ عدة تعمل في الفندق أو تقيم فيه.

وفي جوّ يخيّم عليه البؤس والعجز، يمضي الفيلم بشخصياته الى مراحل رسمت مسيرة بوبي، لتصل بهم الى اللحظات الاخيرة من حياته، تلك الدقائق التي لفظ فيها أنفاسه الاخيرة، على أرضية مطبخ الفندق التي سقط عليها برصاصات اخترقت قلبه فيما كان منهمكاً في مصافحة العمال، ومعظمهم من المهاجرين المكسيك والسود.

وعلى خلفية خطاب شهير ألقاه كنيدي ذات يوم مشدّداً فيه على أهمية تحلّي المجتمع الأميركيّ بقيم الأخوّة والسلام، انطلاقاً من معادلة «العنف يولد العنف»، ينتهي الفيلم بمشهد يصــــوّر عبــــارة «ملك اليوم هو ملك المستقبل»، على حائط المطبخ، مغطاةً بدم الرئيس والجرحـــى الذيـــن سقطوا معه، في دعـــوة مباشرة الى الحلم بتغيير مقبل والتخلّص من سياسة بوش الحالية.

نبذ العنف

وعلّق سايمون فيلد، المدير الفني للبرنامج الدولي في المهرجان، إن «اختيارنا بوبي للافتتاح يترجم رسالة المهرجان في التركيز على قيم الاخوة والسلام ونبذ خطاب العنف».

وكان لافتاً توجه فتاة محجبة حضرت المؤتمر الصحافي الذي أقيم قبل العرض الى نجوم الفيلم ومنتجـــه بالقـــول: «لقد فهمنا رسالة الفيلم. نتمنى أن تنقلوا رسالتنا معكم. نحن شعوب ذكية، منفتحة، محبة، حكيمة وتكره الحرب وتريد السلام»، مما استدعى تصفيق الفريق والحضور في القاعة.

وحضر كل من فيشبورن وجوشيا جاكسون ونيك كانون وجوي برانيت الى دبي أمس، كموفديـن عن طاقم الفيلم الذي يضم أيضاً شارون ستون وانطوني هوبكنز وديمي مور وآخرين.

وقد لاحقت الفتيات الممثل الوسيم الكندي الأصل جاكسون، فيما اصطف الشبان لالتقاط الصور التذكارية مع برانيت، عارضة الأزياء السابقة.

الحياة اللندنية في 11 ديسمبر 2006

 

سينماتك

 

حوار مع روبرت دينيرو عن فيلمه الجديد

"هذا فأس رجل الإطفاء. إنه لعبور الأيام الصعبة"

ترجمة فادي طفيلي

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك