يحاول المخرج التونسي الياس بكار أن يكون مختلفاً عن المخرجين الآخرين، وهو يريد أن يغرّد خارج السرب حقاً. فبعد أن درس في قسم الاخراج السينمائي في باريس، ثم واصل دراسته في لوس أنجليس لاحقاً، عاد في خاتمة المطاف الي تونس لكي يعمل كمساعد مخرج أول الأمر مع مخرجين تونسيين لهم خبرة متراكمة، وباع طويل في السينما. وبالفعل تحقق له ما أراد بعد أن ساهم في عدة أفلام مثل حرب النجوم ، و حلق الواد و لا تموت في القدس وسواها بدأ بترسيخ تجربته الإخراجية بأفلام وثائقية وروائية قصيرة مثل زنقة الماضي المفقود ، المرآة الممنوعة ، آخر سفرة ، باكستان 6، 7 ، مدْرستي قبل أن يبدأ مشروعه الروائي الطويل الأول الذي حمل عنوان هي وهو وكما يشير هذا العنوان فإن الشخصيات مجردة من هوياتها وأسمائها، وتتحرك، فضلاً عن ذلك، في فضاء ضيق لا يخرج عن إطار البيت المغلق إلا لماما. وفي أثناء مشاركته في مهرجان الفيلم العربي في بروكسل التقته القدس العربي وكان لنا معه هذا اللقاء.

·     وضعتَ المشاهد أمام تحديين، التحدي الأول هو المكان الضيّق وعدم الخروج منه الي الفضاء الخارجي. والتحدي الثاني هو تجريد الشخصيتين الأساسيتين من هويتيهما أو اسميهما. ما الذي دفعك الي تبني هذين التحديين الخطيرين الي حد ما؟

كان التحدي الأول لنفسي كمخرج أو ككاتب سيناريو هو لكسر بعض القواعد المتعارف عليها في الكتابة والإخراج، فكيف لكاتب سيناريو أن يتعامل مع شخصيات من دون هوية، أو من دون اسم. والتحدي الثاني بالنسبة لي كمخرج هو تحدٍ تقني، فكيف يتعامل المخرج أو المُصوِّر مع الفضاء الضيق الذي تتحرك فيه شخصياته الرئيسية والثانوية التي اقتصر حضورها عند باب المنزل فقط. كما أردت من خلال هذين التحديين أن أبتعد عن كثير من الأمور المألوفة التي اعتدنا عليها في السينما العربية مثل اختيار القصة، أو تطويعها بصيغة سينمائية. لقد فهمت ما أريده جيداً، وأمسكت بروح الفكرة، وليس بالمرجعيات الأساسية لها مثل الهوية أو الاسم أو المهنة، ومن نقطة الإدراك العميق تلك انطلقت في بناء الفيلم.

·     هل اعتمدت في هذا الفيلم علي مقاربات لأفلام سينمائية أخري، أو لتجارب مماثلة تنطوي علي هذه التحديات، أم أنك شحذت ذهنك وأنجبت هذه الفكرة؟

قبل يومين من بدء تصوير فيلمي شاهدت في تونس فيلماً سينمائياً لم أره من قبل. وكان هذا الشريط السينمائي الذي ينتمي الي فترة السبعينات هو العرس في تونس للمخرج فاضل الجعايبي. وحينما رأيت الفيلم كان بمثابة صدمة كبيرة بالنسبة لي، بل أوشكت أن أوقف تصوير فيلمي المعنون بـ هي وهو نظراً للشبه أو للتطابق الكبير بين فيلمي وهذا الفيلم الذي شاهدته أول مرة علي الرغم من أن المدة الزمنية التي تفصلنا هي ثلاثون سنة، غير أن الممثلين والتقنيين وبقية فريق العمل قالوا لي لماذا نتوقف؟ إذ من الممكن أن تكون نظرتك التي تنتمي للقرن الحادي والعشرين مختلفة تماماً عن نظرة الجعايبي التي مرّ عليها أكثر من ثلاثين سنة. وهناك أكثر من فيلم عالمي أعطاني شحنة فنية، غير أن الذي عشته مع محمد علي، وتعرفي العميق علي الممثلة أنيسة داوود هو الذي حفزني لأن أتصور الفيلم علي هذا المنوال. وفي الوقت نفسه فان الحالة النفسية التي كنت أعيشها في ذلك الوقت هي التي دفعتني لأن أصوِّر شخصيتين من هذا النوع، ومن الممكن أن أكون أنا نفسي فاقداً لهويتي في ذلك الوقت وأبحث عن هويتي، أو كنت أشعر أنني من دون هوية. باختصار كنت في قاع البئر في ذلك الوقت، وقد وجدت نفسي في هذا العمل الذي ساعدني في التعرف علي هويتي الداخلية.

·     تتضمن ثيمة الفيلم الأساسية العديد من الجوانب والإشكالات النفسية المهمة التي تعاني منها الشخصيتان الرئيسيتان في الفيلم. فالفنان محمد علي الذي أدي شخصية هو يعاني من فكرة الاضطهاد والتعامل السادي الذي أظهرته أنيسة داوود التي جسدت شخصية هي . هل لهذه المشكلة جذور في شخصيتك، أم أن الفيلم مجرد من هذه الإسقاطات الذاتية؟

أظن أن كلمة الاضطهاد هنا قد جاءت في الوقت المناسب، فمن حق الشخصية الذكرية أن يقال عنها انها مُضطَهدة، لأن هذا الاضطهاد ان لم يكن سياسياً فهو اجتماعي بالتأكيد. ولقد أحسست أنا بهذا الاضطهاد، ليس في ذلك الوقت، بل لا أزال أشعر به حتي الآن. فهذه الشخصية المُضطهدة من قبل المجتمع في قيمها أولاً، كما تضررت قيم هذه الشخصية في عمقها. وهذا ما أشعر به أنا أيضاً. ففي تونس، في ظل هذا الزمان الذي يعير المادة أهمية كبيرة، ممكن أن يدفع بالإنسان لأن يترك ويتخلي عن الجانب المهم في الحياة، ويذهب صوب جانب آخر يعتقد بحسب رأيه أنه الأهم. بالنسبة لي هذه الشخصية اضطهدت اجتماعياً، وثقافياً، وهذا الأمر له انعكاسات علي العاطفة، والرؤية المستقبلية لهذه الشخصية. أما الاضطهاد السياسي فهو واضح لأن عدم المشاركة في الخطاب السياسي هو بحد ذاته اضطهاد. لا أدري إذا كنتَ تتذكر ما يقوله هو لـ هي عندك رأي في السياسية فتجيبه إلا في السياسة . يبدو أننا تعودنا علي هذا الأمر. إن المواطن التونسي حتي بعد خمسين سنة من الاستقلال لا يختار أو لا يعرف حقه الطبيعي في الخطاب السياسي. يمكن أن يقول نعم أو لا لكن دعنا نعطه الفرصة لكي يعبر بحرية وبشكل طبيعي عن رأيه، غير أن الأخطر في كل هذا هو أنه فقد التعامل الطبيعي مع المادة السياسية. هنا أنا رأيي واضح جداً وهو أن مشكلتي هي: كيف نبني مواطناً، هذا المواطن الذي رفض العالم الخارجي، والتلفزيون، والراديو وكل أدوات التواصل المعروفة، يعني من بين ما يعنيه هو رفضه لهذه المنظومة التي يجب أن تحتوي المواطن ككلمة وليس كفعل، ولذلك فقد عزل نفسه عن هذه المنظومة عزلة إضافية بسبب الحُكم القاسي الذي صدر بحق المواطن التونسي، وفضَّل أن يعيش في عالم آخر كأن يكون عالم الجسد، أي أن يأكل ويشرب ويتنفس فقط. أما الذهن والروح فكلاهما غائب.

·     اخترت شخصيات معقدة أو مركبة في الأقل، وهذا يعني أنك تفاديت تناول شخصيات سهلة أو بسيطة أو منسجمة مع الواقع التونسي. هل اخترت هذه الشخصيات المعقدة والمركبة والمستديرة عن عمد، خصوصاً وأنها تنطوي علي أبعاد نفسية وسياسية واجتماعية، ولم تختر الشخصيات البسيطة أو المنسجمة مع الواقع كما أشرنا سلفاً؟

أكيد، لأنه في مثل هذه الموضوعات ليس للشخصيات المسطحة مكان، كما أن المسألة التي تناولتها هي معقدة نوعاً ما. ولو حللنا هذه القضية بعمق سنجد أن الوضع خطير نسبياً لأن الإنسان العادي نفسه يجد في داخله شخصية معقدة أو مركبة، كما أشرت في سؤالك، وحقيقة هذه الشخصيات بالنسبة لي علي ما هي عليه في الداخل، وليس في سطحها الخارجي، مجردة من كل الثياب التي يمكن أن تعطيها صفة اجتماعية أو وضعاً ثقافياً محدداً. أحببت أن أتعامل مع هذه الشخصيات كمظْهَر ليس بمعني السطحية، وإنما أردت ألا يكون لها قاسم مشترك مع المجتمع الخارجي، بل تبدو غريبة عنه بسبب أسباب الاغتراب التي أشرت اليها سلفاً، ولعل أبرزها مصادرة الحرية الشخصية لهما.

·     بغض النظر عن كون هذا العمل هو أول فيلم روائي طويل بالنسبة لك، أنت لديك أفلام وثائقية غير قليلة، هل فكرت وأنت في بداية مشوارك الفني أن تنتمي الي تيار اخراجي محدد كأن يكون أوروبياً أو عربياً ان سمحت التجربة العربية بهذا التوصيف علي انحسارها في هذا المضمار؟

أنا بحسب انتمائي العائلي ابن وحيد. عشت حياتي الماضية منعزلاً ومنزوياً الي حد ما، ولو أن لدي بعض الأصدقاء، بمعني أن انتمائي الاجتماعي لم يحدد علاقاتي نهائياً، ولم يحرمني منها، لكنني أشعر في داخلي بالغربة نوعاً ما، وهذا الإحساس بالغربة القوية هو الذي دفعني لعدم الانتماء إلا الي نفسي، وهذه الغربة، حتي السينمائية منها، ربما تكون موجودة في اللاوعي هي التي دفعتني لأن أتّبِع الإيقاع الروحي الداخلي لي. أحاول دائماً أن أكون وفياً لهذا الإيقاع الداخلي. وإذا صادف أن انسجَمَ هذا الإيقاع الداخلي مع ايقاع المجموعة فلا ضير في ذلك، وإذا فضّل هذا الإيقاع عزلة داخلية متفردة فلا بأس في ذلك أيضاً. أنا أشعر بأنني لا أنتمي الي أحد، كما لا أنتمي الي هذه العائلة الثقافية، ممكن أن أنتمي كمهنة، أما كوجهة نظر فليس لدي خطة للانتماء الي نسق فني أو سينمائي معين. أحاول أن أكون وفياً لصوتي الداخلي فقط.

·     إذا لم تنتمِ الي أي تيار سينمائي محدد فما هي التيارات أو المدارس السينمائية التي تفضل مشاهدة أعمال أساطينها وكبار مخرجيها؟

إذا وضعتني في هذا الإطار الذي يتعلق بالمشاهدة والاستمتاع فأنا أفضل مشاهدة السينما البيرغمانية نسبة الي بيرغمان الذي أعتبره أقرب شيء الي نفسي، كما أحب مشاهدة أعمال تاركوفسكي، والي حد ما أحب مشاهدة أفلام فيدريكو فلليني الأولي، وونكرواي، والمدرسة التايوانية، لكن دعني أقل ان الشيء الوحيد الذي أحس أن بيني وبينه قاسماً مشتركاً علي صعيد الرؤية السينمائية هو الأب بيرغمان.

·         أحسستُ من سير هذا اللقاء أنك تريد أن تدوّن سيرتك الذاتية بشكلٍ مرئي. أتوافقني علي هذا التوصيف؟

إن سنّة الله تقتضي بأن يبقي خلقُه مدة زمنية محدودة علي الكرة الأرضية. وبالنسبة لي من المهم، قبل الذهاب الي العالم الآخر، هو أن أخلّد شيئاً علي الأرض أو أخلِّف رسالة ما، أُدوِّن فيها وضعاً معيناً، في زمن معين، وعن شخصية معينة، كأن يكون من 1980 الي 2050، أو قل فيها أنا شخصياً رأيت الشاب التونسي هكذا. من الممكن أن يعرضوا في عام 2050 فيلماً لي ويقولون هكذا رأي الفنان الحياة في تونس. وهذه هي السينما بالنسبة لي. أنا أتعامل مع الحاضر وكأنه سيكون يوماً ما تاريخاً بعيداً.

·     بعد عرض فيلمكَ هو وهي أثار الحاضرون في سينما فوندوم ببروكسل العديد من الأسئلة. ما هي أهم الأسئلة من وجهة نظرك، وهل تنم عن فهم كامل ودقيق لبنية الفيلم ورسالته الداخلية؟

إن هذا النوع من الأفلام يضع المشاهد في الربع ساعة الأولي من الفيلم أمام خيارين، إما أن يمكث في القاعة ويواصل مشاهدة الفيلم علي الرغم من صعوبته، أو أن يغادر الصالة غير آسف علي فوات هذه الفرصة. دعني أكن صريحاً معك. المشاهدون تجاوبوا مع الفيلم، ولكن هذا التجاوب لا يمنع من القول بأن بعضهم قد جاءني بعد نهاية الفيلم وقال: لقد شاهدت الفيلم ولم أفهم منه أي شيء؟ أما بصدد الاسئلة التي أثيرت بعد مشاهدة الفيلم فقد كانت بمستوي جيد. أحد الاسئلة كان يتعلق بكيفية انبثاق فكرة الفيلم، فقلت لمثيرة هذا السؤال: كان هناك مثلث يتكون مني ومن محمد علي وأنيسة داوود. وقد عشت مع الفنان محمد علي نحو ست سنوات، وطبعاً أنا أعرفه منذ عشرين عاماً كصديق للطفولة وأعتبره حقيقة من أبرز الممثلين في تونس، ثم دخلتْ علي هذه الصداقة أنيسة داوود عندما عادت من باريس الي تونس، وعرضتُ عليها سيناريو فيلم آخر اسمه الليالي السود . وللمناسبة ان أنيسة هي التي أجبرتني علي أن أغيّر في طبيعة الركود الذي ساد حياتي في ذلك الوقت. دخلت مثل الشعلة وغيَّرت أشياء كثيرة في حياتي الساكنة، وبدأ هذا الثلاثي يبتكر، ويخلق اشياء جديدة. صارت خلي نقول قصة حب أو عشق مختصرة بيني وبين أنيسة. كانت هذه القصة التي تجاوزت حدود الصداقة تقتصر علي تبادل الكتب، أي كانت مركزة علي الجانبين الأدبي والفني. أبادلها كتاباً أو أريها لوحة لكي أحبها عبر الممر الثقافي. وقبل أن تغادر الي باريس أعطتني فكرة هذا الفيلم وهي تتلخص بقصة شاب منعزل في منزل مغلق الأبواب، وفجأة تدخل عليه امرأة لتغيّر مجري حياته.

أما السؤال الآخر الذي أجده مهماً فقد كان عن الرقابة في تونس، وكيف تتعامل هذه الرقابة مع المخرجين التونسيين. وقد اشرت ضمن الإجابة الي دعم بعض الأفلام التي تمثل تونس في المحافل الثقافية. سؤال ثالث عن رد فعل الجمهور التونسي بعد مشاهدته هذا الفيلم، وللأمانة أقول لك كان رد الفعل إيجابياً، وقد دهشت لردة فعل الجمهور الذي كان يضم خليطاً غير متجانس من الشباب وكبار السن والنساء المتحررات والمحجبات.

·     نتوقف عند أفلامك الوثائقية، وخصوصاً أن بعضها قد فاز ببعض الجوائز المهمة مثل فيلم باكستان 6، 7 . هل لك أن تحدثنا عن تجربتك في الفــيلم الوثائقي والروائي القصير في آن معا؟

أول أفلامي الوثائقية هو زنقة الماضي المفقود وهو فيلم مكرس لجدتي الطاعنة في السن التي تسكن في بيت عتيق. كان عمرها قد بلغ الخامسة والثمانين وهي تعيش بمفردها في المدينة العتيقة. وعلي الرغم من أن بيت أبي كان عامراً ومكتظاً بالمناسبات والعائلات التي تأتي إليه أثناء الاحتفالات التي كنا نقيمها إلا أن جدتي كانت تفضل العيش بمفردها، ومقتنعة بحياتها التي كانت تلفها غرابة محددة ربما لم يرها غيري، ولذلك وثقت حياتها بفيلم زنقة الماضي المفقود . الفيلم الثاني هو المرآة الممنوعة وهو شريط روائي قصير. أما الفيلم الثالث آخر سفرة فهو روائي قصير يحكي قصة شاب تونسي ذهب الي فرنسا وأصيب بمرض السيدا وعاد لكي يموت في تونس. كما أخرجت فيلماً وثائقياً عن باكستان 6 ، 7 بعد الزلزال الذي ضربها في 5 تشرين الاول (أكتوبر) 2005. وقد حصل هذا الفيلم علي الجائزة الأولي في مهرجان الجزيرة الدولي الثاني للانتاج التلفزيوني في الدوحة. وقد سلّط هذا الفيلم الضوء علي الآثار النفسية والاجتماعية والصحية التي لحقت بأطفال الباكستان نتيجة لذلك الزلزال المروع من خلال لقاءات مع أطفال يروون اللحظات المخيفة التي عاشوها أثناء الكارثة. وهناك شريط آخر بعنوان مدرستي وهو فيلم عن المدارس في باكستان وهو كما أظن من أفضل الأفلام الوثائقية التي عملتها، وهو يحكي عن الدراسة والتعليم للأطفال الباكستانيين علي اختلاف طبقاتهم والمشمولين بالدراسة. وأنا الآن بصدد التحضير لفيلم سينمائي جديد بعنوان تونس الليل .

القدس العربي في 9 ديسمبر 2006

"استغماية".. حالة مختلفة عن السينما السائدة

رياض ابو عواد-الفرنسية 

اعتبر عدد من النقاد الفيلم المصرى "استغماية" لعماد البهات الذى عرض مساء الثلاثاء ضمن اطار المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى شريطا واعدا وبعيدا من الموجة التجارية التى تسود حاليا السينما المصرية.

والفيلم الذى حاز عنه مؤلفه ومخرجه البهات جائزة أفضل سيناريو من ورشة السيناريو فى مهرجان قرطاج التونسى قبل عامين، يصور العالم الداخلى لمجموعة من الشباب العاملين فى المجال الفنى فى فترة لا تتجاوز ساعات اليوم الواحد.

وابدى المخرج خيرى بشارة اعجابه بتصوير الفيلم حالة منفلتة للعالم الداخلية لمجموعة من الشباب ضمن ايقاع خاص له جماليته".

ومن جهته، اعتبر الناقد طارق الشناوى أن المخرج الشاب فى تجربته الأولى كان عارفا ماذا يصنع، ولكنه أكثر التداخل بين الشخصيات والأزمنة وكان يفترض أن يكون هناك حالة من التتابع تجعل المشاهد متابعا لما يدور فى الحوار".

وأضاف استطاع المخرج أن يقدم عملا بإيقاع جميل مع مجموعة من الشباب يعملون للمرة الأولى فى السينما، وهذا الفيلم يقدم إلينا مخرجا واعدا".

ورأت الناقدة علا الشافعى أن الفيلم يمثل حالة مختلفة عن السينما السائدة فى اختيار مؤلف الفيلم ومخرجه شكل السرد الدرامى واللجوء إلى الاسترجاع". وقالت هذا يحتاج إلى تركيز عال أثناء المشاهدة، والمخرج لم يعتمد سردا تقليديا أو بناء دراميا تقليديا بل قدم تجربة مختلفة تأخذك إلى عالم من السينما لم نعد نشاهده ويقترب كثيرا من السينما الفرنسية التى تجعل الحوار نفسه للفيلم أكثر من شخصياته".

وأضافت بغض النظر عن التطويل الذى شاب بعض المشاهد، فإن الفيلم يمثل تجربة أولى للمخرج والكاتب الذى وفق فى إدارة الممثلين". ولفتت إلى أن اختياره هذا النوع من السينما يولد حالة من التعاطف معه فى ظل ظروف الانتاج، وخصوصا أنه عمل على انتاج فيلم قد لا يجد فى الظروف الحالية للسينما المصرية اقبالا تجاريا".

وصور الفيلم حالات عاشها أبطاله عبر لعبة تبادل الأدوار بحيث يقوم كل شخص بتأدية دور الآخر فيكتشف كل واحد نفسه من خلال قيامه بتمثيل الآخر الذى اختاره.

فسلمى التى ادت شخصيتها هيدى كرم ابنة عائلة تعمل فى السعودية وبقيت فى مصر لاستكمال دراستها فى الطب وأحبت طالب معهد السينما يوسف الذى أصبح مخرجا. وتتبدل حياتها فى صراع بين أهلها المتدينين والذين يعيشون فى السعودية وحبيبها، فتتحجب تحت تأثير أهلها ولكنها تكتشف ذاتها وتخلع الحجاب وتسعى لإعادة العلاقة مع يوسف الذى يعيد أيضا التفكير فى حياته.

وهناك مهندسة الديكور الفلسطينية التى تسعى إلى الزواج من راقص فى الفرقة المسرحية التى يعملان فيها، لكنها تكتشف أنه لا يزال حائرا فى اتخاذ قراره نتيجة معرفته بعلاقتها السابقة مع أحد أصدقائه.

وفى الفيلم أيضا ابن الطبقة الثرية الذى يرفض حياة الترف ويفضل عليها العيش مع أصدقائه وصحافى متحدر من عائلة ريفية فقيرة يحقد على ابن الاثرياء.

ومن خلال هذه العلاقات ينكشف أمام المشاهد عالم حقيقى ينطوى على الواقع الذى يعيشه الشباب المصرى والعربى راهنا.

وهذا الفيلم هو ثالث الأفلام المصرية المشاركة فى المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائى إلى جانب "قص ولصق" لهالة خليل و"ما فيش غير" كده لخالد الحجر.

ويتنافس 18 فيلما من 12 بلدا على جوائز المهرجان التى تعلن الجمعة المقبل.

وكان المهرجان بدأ فعالياته قبل اسبوع بمشاركة 165 فيلما تمثل 51 دولة واحتفى خلاله بسينما اميركا اللاتينية عبر عرض عشرة افلام من دولها.

العرب أنلاين في 7 ديسمبر 2006

 

بعد حصوله على جائزة أفضل ممثل فى قرطاج الـ 21

لطفى العبدلي: «آخر فيلم» أول الغيث!

صابر سميح بن عامر 

لطفى العبدلى شاب تونسى من الألف إلى الياء، ممثل، كورغرافي، مسرحي، وبالأساس مجنون، جنون الفن، جنون العظمة، بتواضع، جنون جيل مسرحي، وآخر سينمائى آمن أن فن التمثيل فن تعشقه، تعيشه، تؤمن به، أو لا يكون، لطفى العبدلى التقيناه فى هذا الحوار اثر حصوله على جائزة أفضل ممثل عن دوره فى فيلم "آخر فيلم" للنورى بوزيد فى أيام قرطاج السينمائية الـ21. فكان اللقاء صريحا كعادة لطفى المشاغب، واليكم نص الحوار:

* ما هو شعورك وأنت تقف على منصة التتويج بعد حصولك على جائزة أفضل ممثل فى الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية؟

- لحظة سعادة طافحة بالمسؤولية، لم أعشها قبل اليوم، وأتمنى أن أعيشها كل يوم.

* الجائزة وبعد؟

- مسؤولية، حب تدعم أكثر لهذا الحقل الفنى الذى أتيته مؤخرا، لكننى أرانى ولدت وأنا أحبه.

* لنعد قليلا إلى أحداث الفيلم الذى منحك الجائزة الأولى لأفضل آداء تمثيلى "آخر فيلم" و"Making off" هل هو تلطيف للأحداث، أم خرق للحاجز الرابع "البرختي" بطريقة سينماتوغرافية.

- سؤال جميل، وفى كلمات أقول هما الاثنان معا.

* المتابع الرقيب للفيلم يخلص إلى استنتاج أكيد أن هذا الدور جهّز خصيصا لك ولجنونك الفني. فهل هو استنتاج حقيقي، أم أن أداءك الجيد هو الذى يحيلنا إلى مثل هذا الانطباع؟

- صراحة، نعم، الدور جهّز خصيصا لي، فقد عملت مع النورى بوزيد قبل "آخر فيلم" فى فيلم "عرائس الطين"، وقد أعجب بى وبتقمصى الجيد للدور، حينها فقط فكر فيّ، وفى اسناد دور البطولة لى فى فيلمه الأخير. وقد أرهقنى هذا الدور إلى حد الموت. ولأجل ذلك ربما كان الأداء جيدا كما يتفق على ذلك النقاد.

* فى الفيلم تقلبات عنيفة وطريفة فى آن، أى المشاهد التى بقيت عالقة فى ذهنك بعد انتهاء التحميض الفعلى للفيلم؟

- حقيقة هما مشهدان، أولهما ضاحك، وثانيهما باك مخيف. الاول حين سرقت ملابس الشرطى من ابن خالتى وذهبت إلى المقهى. وثانيهما حين فجرت نفسى فى آخر الفيلم.

هى لحظة مرعبة، حقيقة أحسست حينها أننى من مات.

* لطفى وقبل أن نختم أود أن أسألك بعض الأسئلة السريعة، رجاء الاجابة عنها فى شكل برقي

- تفضّل

* "آخر فيلم"؟

- أول الغيث

* النورى بوزيد

- شرف لكل ممثل تونسى أن يتعامل معه.

* بهتة "شخصيته فى الفيلم".

- حلم مؤجل لكل شاب عربى أراد أن يكون فلم يكن، فآثر الموت حتى يكون فى مكان أبدى "حسب قناعاته طبعا".

* القرآن

- أفضل هدية منحها الخالق لعباده.

* الوالدان

- أنا الطفل الوحيد والمدلل لديهما واليوم صرت أنا من يدللهما. وهذا واجب أعتز به؟

* تونس

- أكسيجاني

* الكتابة

- أنا قلم من الأقلام التى يكتبون بها.

* كلمة الختام

- لا أريد أن أموت وأنا حي، وحتى إن مت بعد حين، أود أن أعيش لسنوات.

العرب أنلاين في 7 ديسمبر 2006

 

سينماتك

 

المخرج التونسي الياس بكار:

أشعر بأنني لا أنتمي الي أحد محاولا أن أكون وفياً لصوتي الداخلي!

التقاه: عدنان حسين أحمد ـ بروكسل:

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك