ثلاثون عاماً مضت على الدورة الأولى لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، رياح شتى وأنواء قوية كادت تعصف به، لكنه ـ في النهاية ـ صمد، ربما لم يخرج من العاصفة قوياً، لكن بقاءه ـ في ذاته ـ أمر مهم يستحق الالتفات.

الدورة الثلاثون لمهرجان القاهرة، أتت بوجوه جديدة ومتغيرات مستحدثة في إدارة المهرجان وتمويله، وربما تكون أولى دورات المهرجان التي تشهد خلافات حادة قبل تدشينها. لم تتوقف الحالة الخلافية في مهرجان القاهرة هذا العام عند هذا الحد، بل إن الأشرطة السينمائية المعروضة في فعالياته تمثل هي أيضاً حالة من الجدل القوي حول مضمونها وشكلها سواء تلك المشاركة في مسابقات المهرجان، أو التي تشارك في أقسامه الإعلامية والتكريمية والبانورامية.

حتى اللحظات الأخيرة لم يكلّ الممثل المخضرم عزت أبو عوف الذي عين رئيساً للمهرجان في آب الماضي، خلفاً لشريف الشوباشي الذي استقال من رئاسة المهرجان لعجزه عن تدبير مصادر تمويلية، من الاتصال بالنجوم والنجمات ليساندوه، حتى اللحظات الأخيرة لما قبل الافتتاح "الذي تم في دار الأوبرا المصرية الثلاثاء الماضي"... المهرجان في السنين الأخيرة بات يفتقد النجوم المصريين إذ ذهبوا إلى مهرجاني مراكش المغربي ودبي الإماراتي في العامين الماضيين، واللذين تزامنا تقريباً ومهرجان القاهرة.

النجوم ـ وبخاصة الشباب من جيل التسعينيات ـ استجابوا لأبو عوف الذي قال لهم إن هذه مساندة شخصية له، فهذه هي الدورة الأولى في رئاسته المهرجان، ويجب أن يبدي للجميع ثقله في الوسط الفني، وإلا كيف تكون صدقيته في الأوساط الدولية إن لم يكن قادراً على استقطاب نجومه المحليين؟! لكن استجابة هؤلاء النجوم ليلة الافتتاح وتوافدهم منذ الخامسة مساء أعطت للافتتاح شكلا جديداً من الحيوية ولا سيما مع أناقة الحفل ذاته واشتماله على فقرات فاجأت الجمهور، لكن هذه لم تكن إشكالية هذه الدورة، بل إن الكثير من الإشكاليات والتساؤلات سبقتها وتلتها أيضاً...!

الراعي الرسمي

ربما كان "التمويل" هو "أم الاشكاليات" في هذه الدورة، ولفهم حجم هذه الإشكالية تحديداً ينبغي أن نعود بتاريخ المهرجان إلى الوراء... أي الى 9 سنوات مضت.

ففي أيام التحضير النهائية للدورة رقم 21 من المهرجان، رحل سعد الدين وهبه، أهم رؤساء المهرجان على الإطلاق. كان وهبه جاء خلفاً للكاتب كمال الملاخ في رئاسة المهرجان الذي ظل على قمته لـ18 عاماً تقريباً، استطاع خلالها أن يحوّله إلى مؤسسة فنية مستقلة عن ذمة الدولة تماماً من الناحيتين المالية والإدارية، فضلاً عن أنها تحقق أرباحاً ممتازة.

وبرحيل سعد وهبه، تكشفت أزمة خطيرة في دولاب المهرجان ذاته، فالأرباح والعلاقات والدعاية التي نجح سعد وهبه في تكوينها لمصلحة لمهرجان، والتي جعلته يرتقي من مهرجان محلي إلى مهرجان يحمل الصفة الدولية، جميعها كانت جهداً شخصياً من سعد وهبه نفسه، وبرحيله انتهى هذا "العصر الأبوي" للمهرجان، وتكشفت أزمات عدة كابدها خلفاه ـ على الترتيب ـ حسين فهمي وشريف الشوباشي.

أولى هذه المشاكل كانت في التمويل، وثانيها ضحالة العلاقات التي تربط المهرجان بنجوم دوليين تمكنه من استقدامهم لحضوره طبقاً لتقاليد المهرجانات الدولية، وأضيفت إليهما إشكالية ثالثة هي ظهور مهرجانات إقليمية جديدة ـ كدبي ـ أغنى مادياً، وهذا الغنى مكّنها من الحصول على مزايا لم تحصل عليها القاهرة برغم عراقة مهرجانها ودوليته، أهمها كثافة حضور النجوم، وعلى رأسهم النجوم المصريون.

ومثلما فشل حسين فهمي واستقال بعد أربع سنوات، فشل الشوباشي واستقال بعد أربع سنوات، وكان عدم وجود "رعاة" من رجال الأعمال، يدعمون المهرجان في صورة إعلان لشركاتهم ومنتجاتهم أو تبرعات مباشرة، هو السبب الرئيسي لاستقالتيهما.

وظهر بعد وفاة سعد وهبه إشكال رابع، أرَّق المثقفين المصريين الذين طالما نظروا إلى مهرجان القاهرة بوصفة حدثاً يخصهم، وفعالية مستقلة عن فعاليات المؤسسة الثقافية الرسمية، ونجاحها يدل على مدى نجاح النشاط الثقافي ـ الفني المستقل، لكن هذه الثمرة "المقدمة" آلت إلى وزارة الثقافة إدارياً ومالياً بعد وفاة وهبه، وصار تعيين رئيس المهرجان بقرار من وزير الثقافة، لقاء دعم تقدمه الوزارة للمهرجان.

لكن استقالة الشوباشي دفعت وزير الثقافة فاروق حسني إلى استغلال صداقته برجلي الأعمال نجيب ساويرس وعمرو بدر، ليدخلهما إلى قلب المهرجان، كراعيين وممولين وداعمين إدارياً.

صار ساويرس الراعي الرسمي للمرجان، لم يخف ساويرس أنه تبرع للمهرجان، ووقف في المؤتمر الصحافي الذي عقده قبيل المهرجان ليؤكد أنه تبرع للمهرجان لكنه أبداً لن يذكر الرقم الذي تبرع به أو أنه لا يهدف إلى الربح من دخوله المهرجان بل إنه دخله حباً بالسينما... وأكد أنه لم يبتعد عن الإنتاج السينمائي ـ الذي هجره رسمياً منذ 6 سنوات ـ كاشفاً وجود حصة له في "الشركة العربية" التي يملكها رجل الأعمال الأردني علاء الخواجة وتديرها زوجته الممثلة إسعاد يونس، والتي تحرك جزءاً كبيراً من سوق السينما في مصر، وهو سرّ يكشف للمرة الأولى.

وبدلاً من أن يطمئن مؤتمر ساويرس الصحافي خواطر الغيورين على المهرجان الذين رأوا في وجوده راعياً رسمياً للمهرجان شكلاً من أشكال "التخصيص" أو توجهاً لبيع المهرجان لأفراد، فإنه أكد لهم ظنونهم أو في أحسن الأحوال جعلهم يتحسرون على زمن الاستقلالية المالية لمهرجان القاهرة.

وعموماً فإن دخول ساويرس راعياً رسمياً للمهرجان، ودخول عمرو بدر ضمن أمانة المهرجان ـ وكرجل سياحة، منظم لحركة واستضافة الوفود الأجنبية ـ أكسبا المهرجان نمطاً اقتصادياً مغايراً لما كان عليه من قبل، حفل الافتتاح الذي حظي بتنظيم رائع وحيوية.

ملحوظة: تمّ الاتفاق مع شركة أميركية فأخذت حقوق تسجيله وتسويقه عالمياً ليصبح من مصادر دخل المهرجان. جوائز المهرجان ـ بمختلف مجالاتها وأقسامها ـ تم رفع قيمتها المادية، وأمكن استقدام عدد من النجوم العالميين كجاكلين بيسيه الفرنسية إلى المهرجان، كما أمكن إقناع عمر الشريف بأن يتولى الرئاسة الشرفية للمهرجان... وبعلاقات ساويرس وبدر أمكن لمطبوعات المهرجان الحصول على حصص إعلانية جديدة، أنعشتها تمويلياً، لكن مرارة فقد الاستقلال ظلت في حلق المثقفين المصريين الذين رأوا في المهرجان جسداً جميلاً من دون روح.

هذه أولى الإشكاليات في الدورة الثلاثين التي يبدو أنها لن تحل إلا بعد دورات عدة، تنجلى فيها بوضوح آثار الاستعانة برجال الأعمال بصورة مباشرة في تمويل وتسويق وتنظيم المهرجان ويمكن من خلالها إصدار حكم منصف على هذه التجربة الخلافية!.

أزمة المفتاح

"مفتاح الحياة" هو أحد رموز الديانات المصرية القديمة، كان المصريون يتبركون به في الدنيا ربما تطيل الآلهة أعمارهم وتمنحهم الصحة الموفورة، وفي الأخرى هو من علامات الخلود.

وشعار مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثلاثين، جرى استبداله من الهرم إلى مفتاح الحياة، وبالتالي تغير شكل جائزته الكبرى من "الهرم الذهبي" إلى "مفتاح الحياة الذهبي".

قامت الدنيا ولم تقعد ضد عزت أبو عوف الرئيس الجديد للمهرجان حين أعلن هذا التغيير قبل ثلاثة أسابيع من المهرجان. رفض نقاد وسينمائيون تغيير الشعار والجائزة، وبخاصة أن أياً من المهرجانات الدولية لم يقدم على مثل هذه الخطوة التي رأوا أنها تقلل من قيمة المهرجان أمام ضيوفه.

وقال أبو عوف إن خطوته هذه جاءت في إطار التطوير الذي يشهده المهرجان هذا العام في مختلف الاتجاهات، وخاصة أن مفتاح الحياة له قيمته التاريخية والأثرية العالمية، ولا يفيد المهرجان أن يتغير شكل جائزته ما دام يحرص على تميّزه ـ بحسب تعبير أبو عوف.

وتذرع أبو عوف بأن اطاحة الهرم لمصلحة مفتاح الحياة إنما تم لكون الشكل الهرمي يسبب مشكلات للحاصلين عليه أثناء تكريمهم ويربكهم في طريقة حمله أو استعراضه خلال تصفيق الجمهور لهم، وقال إن بعض النجوم من عدة دول شكوا له هذه الارتباكات.

وانقضت أزمة المفتاح لكنها تركت أثراً مهماً في المهرجان، فمضى بعض النقاد يهاجم شخصية عزت أبو عوف ويصفها بالاهتزاز والتردد، وتنفيذ كل ما "يمليه" الرعاة عليه، بل تساءل بعضهم حول أهلية عزت أبو عوف لرئاسة المهرجان أصلاً.

لكن الإنصاف يقتضي إن نقول أن أبو عوف إلى الآن لم ينهزم في إدارته للمهرجان، فهو استطاع بقوة علاقاته داخل الوسط الفني جذب النجوم لحضور فعاليات المهرجان المختلفة، وتمكن بشخصيته خفيفة الظل وإتقانه للغات أجنبية عدة أن يتعاون جيداً مع الناقد يوسف شريف رزق الله، المسؤول التنظيمي للمهرجان لاستقدام أشرطة مهمة للمشاركة في المهرجان من القارات الست، ودعوة نجوم عالميين للمشاركة، وبعضهم لبى الدعوة بالفعل. كما أن أبو عوف أبدى قوة شخصية مكنته من صد الحملة التي شنت ضده، وسكب الماء البارد على خصومه، مما أبطل قوة الحملة وأبقاه خارج دائرة الملاسنات والمساجلات، وكأنه يلعب أحد أدواره "اللايت" التي عرف بها في السينما المصرية، غير أن ذلك لا يعني أن إشكالياته داخل المهرجان انتهت، وسيكون عليه أن يواصل تنظيمه للمهرجان بالقوة ذاتها، وأن يتحمل الاتهامات التي على رأسها اهتزاز شخصيته أمام أقطاب إدارة المهرجان القدامى كسهير عبد القادر، أمينة المهرجان، ورزق الله المشرف على التنظيم والعلاقات الأجنبية.

منافسون عرب

قبل المهرجان بأيام، اختتم مهرجان "قرطاج" السنمائي فعالياته الضخمة، وبعد المهرجان بأيام سيستهل "دبي" أيامه المهرجانية. النجوم المصريون سيشد بعضهم الرحال إلى الخليج لينضموا بأشرطتهم إلى العرض أو التسابق فيه، أو مجرد الحضور كمدعوين مرحب بهم. فقيمة الجوائز في مهرجان دبي لا تزال تماثل قيمة جوائز مهرجان القاهرة ست مرات "بعد رفع قيمة جوائز مهرجان القاهرة في دورته هذه..."، والحضور في دبي يحظى بمزايا لا تتوافر للقاهرة...!.

هذه الإشكالية طفت على سطح مهرجان القاهرة مع انتعاش مهرجان مراكش، وظهور مهرجان دبي في السنتين الأخيرتين، لدرجة أن دبي دشّن فعاليات دورته السابقة متأخراً بيوم واحد عن تدشين فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان القاهرة، الأمر الذي جعل الأخير شبه خال من النجوم.

هذه الدورة كان ثمة تنسيق جعل مهرجان القاهرة يقع زمنياً بين "قرطاج" و"دبي" و"مراكش" ما أنقذه من "فقر النجوم"، وربما تطفو المسألة ذاتها على سطح المهرجان في دورته المقبلة إذا لم يتم هذا التنسيق.

كما أن هذا التنسيق لم يعف مهرجان القاهرة من بعض الأضرار، فثمة سينمائيون كانوا يصوّرون أشرطتهم على قدم وساق بعد انقضاء شهر رمضان، وتعمدوا التأخر في مونتاجها وطبعها لكي لا يضعوا أنفسهم في حرج ويضطروا ـ تحت إلحاح أبو عوف ـ لتقديم أشرطتهم للمهرجان، فهم يرغبون في إلحاقها بالمسابقة الرسمية لمهرجان دبي، ولعل أبرزها شريط "خيانة مشروعة"، "الذي كان عنوانه خيانة شرعية، وتم تغييره لخيانة مشروعة لكي لا يغضب الأزهر أو المتدينون!!" بطولة سمية الخشاب ومي عز الدين وهشام سليم وهاني سلامة، وإخراج وتأليف خالد يوسف وغيره من الأشرطة.

حضور مصري

لعل الإشكالية الوحيدة التي انفرجت بحسم في المهرجان هذا العام، هي إشكالية الحضور المصري في مسابقات المهرجان. ففي الدورات الماضية كان ثمة أزمة متكررة في كل مرة، هي عدم وجود شريط مصري صالح لدخول المسابقات الرسمية المتعددة للمهرجان، والسبب وراء ذلك غاية في الوضوح: فالمهرجان لا يقبل في مسابقاته أشرطة كوميدية ويعرضها فقط خارج المسابقات، والسينما المصرية ظلت غارقة في الإضحاك لنحو 8 سنوات كاملة، أفاقت منها بصعوبة بعد النجاح المدوي لشريط "عمارة يعقوبيان" و"عن العشق والهوى" لأحمد السقا ومنى زكي، و"واحد من الناس" لكريم عبد العزيز و"أوقات فراغ" لمجموعة من النجوم الشباب، هذه الأشرطة كانت استكمالاً لتيار بدأ يتسلل على استحياء خلال السنوات الأربع الأخيرة بدءاً بشريط "سهر الليالي" (2002)، ثم "أحلى الأوقات" (2003)، و"حب البنات" (2004)، و"بحب السيما" (2004)، وهو تيار عاند الكوميديا وسلك الدراما الاجتماعية ليلطم الكوميديا لطمة قوية.

ونشط الإنتاج نحو هذا الاتجاه حين رأى أنه بات يحقّق مكاسب مالية أكبر من الكوميديا، ما وفّر لمهرجان القاهرة هذه الدورة أربعة أشرطة مصرية دفعة واحدة، دخلت منها ثلاثة أشرطة المسابقة الدولية للمرجان (المسابقة الرئيسية) أما الرابع فألحق بمسابقة الأشرطة العربية.

الأشرطة الثلاثة التي أُلحقت بالمسابقة الدولية هي "ما فيش غير كده" الذي تعود به نبيلة عبيد بعد غياب 4 سنوات عن السينما بعد الفشل التام لشريطها الأخير "قصاقيص العشاق"، ويشارك نبيلة عبيد كل من سوسن بدر وخالد النبوي، كتبته عزه شلبي وأخرجه خالد الحجر.

أما الشريط المصري الثاني في المسابقة الدولية فهو "قص ولصق" وهو لحنان ترك وشريف منير وفتحي عبد الوهاب وإخراج هالة خليل، وهذا آخر شريط لعبت حنان ترك ببطولته وهي سافرة قبل أن ترتدي الحجاب في أيار الماضي، وهي صورت أربعة مشاهد منه بعد ارتدائها الحجاب واضطرت لخلعه أثناء تصويرها لها، بعد أن توصلت إلى رأي مفاده ـ على حد تعبيرها ـ أن التسبب في الخسارة للمنتج "حرام شرعاً".

الشريط المصري الثالث في هذه المسابقة هو "استغماية" وهو اسم للعبة مصرية مشهورة يلعبها الأطفال تعتمد على الجري والاختباء والتخفي، ويمثل الشريط التجربة الأولى في الإخراج لعماد البهات، أحد المساعدين للمخرج الكبير يوسف شاهين، وهو من بطولة أحمد يحيى راقص الأوبرا المصرية الذي اكتشفه شاهين كممثل وقدمه بطلاً لشريطه الماضي "إسكندرية ـ نيويورك" قائلاً عنه إنه يذكر بشبابه...!

أما الشريط المصري الرابع في المهرجان والذي يشارك في مسابقة الأشرطة العربية، فهو "آخر الدنيا" لنيللي كريم وعلا غانم والممثل الشاب يوسف الشريف.

"آخر الدنيا"، هو أيضاً من إخراج أحد مساعدي يوسف شاهين وهو المخرج الشاب أمير رمسيس، ويدور في قالب يجمع بين الرومانسية الناعمة وأجواء الإثارة والغموض البوليسي في آن.

وهكذا أهدى يوسف شاهين للمهرجان هذا العام شريطين جادين بصورة غير مباشرة من خلال اثنين من مساعديه، وفي ظل هذا العدد من الأشرطة المصرية المشاركة بفعاليات المهرجان، يتوقع عدد من السينمائيين أن تتحقق مفاجآت حسنة للسينما المصرية في حفل ختام المهرجان الذي يشهد توزيع الجوائز.

ملامح جديدة

تتعدد الملامح الجديدة للمهرجان في دورته الحالية. في حفل الافتتاح جاء شريط سينمائي مدته 20 دقيقة عن تاريخ المهرجان على مدى 30 عاماً، وقدم للضيوف بانوراما شديدة التكثيف ـ والدقة ـ لأهم رؤساء المهرجان وأهم الأشرطة التي فازت بجوائزه، وأبرز ضيوفه من كبار نجوم السينما العالمية، وأهم أحداثه وفعالياته، وهو الشريط الذي أهدته المخرجة إيناس الدغيدي للمهرجان.

وفي الافتتاح أيضاً عرض شريط روائي قصير (22 دقيقة) عن حياة شيخ الرواية العربية نجيب محفوظ، تكريماً له من المهرجان، وتم عرض عدد من أهم الأشرطة المأخوذة عن رواياته في إطار أحد أقسام المهرجان، وهو قسم "بانوراما السينما المصرية" كأشرطة "السمان والخريف" و"ثرثرة فوق النيل" والشريطين المكسيكيين المأخوذين عن روايتيه "زقاق المدق" و"بداية ونهاية".

ضيف الشرف هذا العام هو سينما أميركا اللاتينية، وشريط الافتتاح كان الشريط البرازيلي "ولدي فرانسيسكو"، وهو الشريط الذي رشحته البرازيل من قبل ليمثلها في مسابقة الأوسكار، كأحسن شريط أجنبي، كما أنه الشريط البرازيلي الأكثر رواجاً لسنة 2005,. عموماً، فإن ثمة 28 شريطاً تنتمي لثماني دول من أميركا اللاتينية، هي ضيفة شرف المهرجان في دورته الحالية، فيما تشارك في المسابقة الدولية الرسمية 15 دولة بـ18 شريطاً "ثلاثة منها لمصر كما ذكرنا..."، وشريطان للمكسيك وواحد لكل من البرازيل والأرجنتين وتشيكيا وفرنسا والمجر والهند وإيران وإيطاليا والصين وإسبانيا وسويسرا وسريلانكا.

أشرطة المسابقة الرسمية تتطرق إلى نوعيات درامية مختلفة فتراوح بين الحب والسياسة والعلاقات الأسرية والتاريخ، وللمرة الأولى في تاريخ المهرجان تقام مسابقة لأشرطة الديجيتال (الرقمية) الطويلة، وتمنح جائزة ذهبية قيمتها 10 آلاف دولار لأفضل شريط، هذا فضلاً عن قسم "الأشرطة العربية"، وهو قسم يضم الأشرطة ذات المستوى الجيّد، ولكنّها لم تلحق بمسابقة المهرجان، ويضم القسم في هذه الدورة 14 شريطاً من بنيها شريط مصري واحد.

وبعد اختفاء استمر دورتين، عادت "سوق الفيلم" وهي من المصادر المهمة لأي مهرجان دولي، فمن خلالها يمكن تسويق الأشرطة وفتح الأسواق الجديدة والتعرف إلى إنتاج الصناعات السينمائية المختلفة، ويشارك في السوق العائدة بعد اختفاء شركات من مصر والعالم العربي وآسيا وأميركا اللاتينية إلى جانب جزء خاص بلبنان.

وإذا كان المهرجان نجح في أن يكتسب ملامح جديدة في دورته الثلاثين ويوشك أن يكون صيغة فاعلة للوصول إلى مفتاح لتطوير صناعة السينما في مصر، فإن المهرجان يواجه إشكاليات عدة لم تحسم بعد: هل هو قطاع خاص أم عام، وما مدى تدخل "البيزنس" فيه؟ وهل إدارته الحالية تصلح، "صيغة انتقالية" أم سيكتب لها النجاح الدائم؟ وبنهاية الدورة الحالية ربما تتضح الإجابة.

المستقبل اللبنانية في 3 ديسمبر 2006

 

سينما الرومانسية والحب فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولي

سهام العقاد 

شهدت الدورة الثلاثون لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى العديد من المفاجآت السارة والمدهشة، بداية من حفل الافتتاح الذى بهر الجميع من حيث الإعداد والفخامة والتنظيم والضيوف الأجانب والفنانين والسينمائيين العرب والمصريين.

نجم الافتتاح

كان النجم فى حفل الافتتاح الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الذى استقبل وسط حفاوة كبرى وتصفيق حاد لعدة دقائق متصلة من كل السينمائيين والمثقفين والصحفيين تأييدا وتضامنا مع موقفه المنادى بحرية الرأى والتعبير فى تلك الأزمة الأخيرة التى اختلقها بعض الدعاة الظلاميين.

السينما البرازيلية

عرض فى حفل الافتتاح الفيلم البرازيلى الساحر «ابنا فرانسيسكو» وهو أحد أبرز الأفلام البرازيلية الغنائية، ويحمل قصة كفاح إنسانية رائعة لأسرة تعيش تحت خط الفقر بمراحل، استطاع مخرج الفيلم برينوا سيلفييرا أن ينقل ببراعة صورة حية للواقع البرازيلى وأجاد معه فريق العمل فى تجسيد أدوارهم بمنتهى الصدق والبراعة فجاء الفيلم مدهشا.

السكان الأصليون

شهدت الأيام الأولى للمهرجان - حتى كتابة هذه السطور - العديد من الأفلام المهمة والمتميزة التى تؤكد على نجاح إدارة المهرجان ورئيسه الفنان عزت أبو عوف ولجان المشاهدة والمسئولين عن اختيار تلك الأفلام.. وفى المقدمة الفيلم الجزائرى «السكان الأصليون» - خارج المسابقة الذى أحدث ضجة عندما عرض بمهرجان كان السينمائى الدولى العام الماضى، وفاز أبطاله الأربعة بجائزة أحسن ممثل ورشحته الجزائر ليمثلها فى مسابقة أوسكار أحسن فيلم أجنبى، وقد عرضه المهرجان فى قسم «عرب فى السينما العالمية» وهو للمخرج الجزائرى رشيد بوشارب الذى أعاد للذاكرة تلك القصة لقدماء المحاربين العرب والأفارقة الذين حاربوا تحت لواء فرنسا فى سبيل حريثها ضد النازية الألمانية وحلفائها فى الحرب العالمية الثانية وتحديدا فى عامى 1944، 1945 حيث شارك ما يقرب من 220 ألف جندى من شمال إفريقيا ودول إفريقية مختلفة واستشهد الآلاف منهم وانتصرت فرنسا بفضل هؤلاء المحاربين الذين سخروهم للدفاع عنها دون اعتراف يذكر من جانب الفرنسيين.

الحب والتحدي

وفى أول أيام المهرجان عرض الفيلم الإيرانى المتميز «مكان ما بعيد جدا» للمخرج خسرو ماسومى الذى نجح فى الكشف عن أدق خصوصيات البيئة الإيرانية المحاطة بخيرات الطبيعة ومساوئ البشر فى الوقت نفسه، ففى ظل الفساد والفوضى وانتشار العصابات التى تدوس البشر والقوانين والقيم الاجتماعية فى سبيل مصالحها الخاصة نجد عاشقين يتصدون لهذا الواقع المر، فالبطلة تقاوم عبر أسلوب مبتكر، بالامتناع التام عن الكلام والصمت حتى أن بطل الفيلم ونحن معه اعتقدنا أنها فتاة خرساء، إلا أن الحب والإرادة والقدرة على التحدى جعت العاشقين ينجحان فى الفرار من تلك الأوضاع.

سالومى.. روح المرأة

كما عرض الفيلم الإيطالى المثير «اسمى سالومي» - داخل المسابقة - إخراج كالوديوسيستيرى، وهو مأخوذ عن مسرحية لأوسكار وايلد، والفيلم مليء بالدلالات السياسية، رغم أنه يتناول الرغبة والصراعات الداخلية، فهناك صراع للقوة يمثله القيصر وصراع الغواية وتمثله سالومى التى تتمتع بجمال وسحر بالغ كما تتمتع فى ذات الوقت بقدرة شريرة وقسوة تفوق كل التوقعات فنراها تقوم بغواية الملك زوج أمها من أجل أن تحصل على ما تريد، وما تريده هو رأس «يوحنا المعمدان» على طبق من فضة!!.

وفى الندوة التى عقدت عقب الفيلم قالت الفنانة التى لعبت دور الأم باقتدار أن الفيلم يكشف عن الصراع بين الرجل والمرأة بعمق وأن هذه الشخصية استطاعت أن تجسد كل خصال المرأة فهى خلاصة لروح المرأة المليئة بالعذابات والمشاعر الإنسانية الرقيقة، وقال المخرج إن مسرحية «سالومي» قد قدمت عدة مرات لكن النص استهواه لأنه يدور حول الرغبة مشيرا إلى أن الأعمال الخالدة يجب أن يتم تناولها لأنها ستظل باقية وتعبر عن الزمن المعاصر.

قص ولزق

لعلها المرة الأولى التى تشارك فيها مصر فى مهرجان القاهرة السينمائى بثلاثة أفلام نظرا لتغيير قواعد اشتراك الدولة المضيفة فى المسابقة الرسمية وتلك الأفلام هى «استغماية» إخراج عماد البهات، وفيلم «مفيش غير كده» بطولة نبيلة عبيد، والفيلم الثالث هو «قص ولزق» الذى عرض ثانى أيام المهرجان واستقبل بحفاوة وترحاب كبيرين، من قبل النقاد والصحفيين، وهو للمخرجة المتميزة هالة خليل بطولة شريف منير وفتحى عبد الوهاب وحنان ترك وحنان مطاوع، ويدور حول إحباط الشباب وانكسار أحلامهم وآلامهم فى ظل الأوضاع البالية التى يعيشها المجتمع المصرى اليوم من خلال عدد من النماذج.      

الأهالي المصرية في 6 ديسمبر 2006

زوزو أم ناهد أم دوللي.. من يحصد الجوائز غداً؟

ماجدة موريس 

* تري. من تفوز غداً بجائزة التمثيل في حفل توزيع جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الثلاثين. هل تحصل عليه باتريشيا بيلار البرازيلية بطلة فيلم "زوزو أنجل" أم كارولينا قلين وكاترينا فيرتوفا بطلتا الفيلم الإيطالي "اسمي سالومي". أم هي ماجا كوروفسكا بطلة الفيلم المجري "اليوم الثامن" أو كارينا كابور بطلة الفيلم الهندي "أومكار".. أم ان واحدة من ممثلاتنا المصريات سوف تكون الفائزة.. حنان ترك "قبل الحجاب" بطلة فيلم "قص ولزق" أو نبيلة عبيد وسوسن بدر بطلتا فيلم "ما فيش غير كده" الذي يطرح علينا بطولة جماعية تتضمن أيضاً ممثلتين صاعدتين وغيرهما... انني أكتب بعد رؤية نصف أفلام المسابقة الرسمية التي جاءت كالعهد بها في مهرجان القاهرة السينمائي. جيدة وقوية. وقد لا تكون أفلام المسابقة هذا العام أقوي من الأعوام الثلاثة الفائتة. ولكنها علي الأقل تتساوي معها. ومن الملاحظ فيها الحضور النسائي الملفت. سواء علي مستوي الأدوار الأولي والثانية. أو علي مستوي اسهام المرأة كمخرجة في أفلام المسابقة وكنا منذ عدة سنوات نفرح حينما نكتشف اسم امرأة علي فيلم أخرجته. الآن تقدم المخرجة التشيكية مارتا نوفاكونا فيلمها "مارتا" الذي يتعرض لإنسانية الحرب بين الأعداء عندما يعثر شاب علي جندية جريحة فينقذها ويداويها برغم تعرضه للإعدام لإيوائه جندية من الأعداء. ومن المجر تقدم المخرجة جودي اليك فيلماً كتبته هي أيضاً عن موضوع جديد تماماً علي السينما التي تأتي إلينا من أوروبا. ولكنه قد يكون مألوفا لدينا جداً هو مافيا العقارات التي وصلت للمجر. وحيث تفقد سيدة أعمال سابقة مسكنها بعد وفاة زوجها بفعل عصابات نهب العقارات القديمة التي تستعين بمحامين و"محاميات" يراوغهن الضحايا بحيل مختلفة وهو ما حدث مع بطلة الفيلم التي انتهي بها الحال مشردة في محطة السكة الحديد تجلس علي الأرض ومعها عشرات النساء والرجال غيرها ضحايا مافيا الاستيلاء علي المساكن القديمة.. فيلم شديد الإنسانية والقسوة في آن واحد..

زوزو أنجل والعسكر

* ومن "اليوم الثامن في الأسبوع" إلي الفيلم البرازيلي "زوزو أنجل" وهو اسم بطلة الفيلم التي اشتهرت في منتصف القرن الماضي كمصممة أزياء لها لمسة خاصة معتمدة علي الزهور البرية في تزيين الأزياء. ولكن أزياء زوزو تصبح سوداء في السبعينيات. قاتمة وصارمة وفقاً لتغيرات صعبة طرأت عليها حين اعتقل الحاكم العسكري في البرازيل آنذاك ابنها الشاب الصغير "ستيوارت" ولم يظهر بعدها أبداً.. والفيلم المأخوذ عن قصة حقيقية دارت أحداثها بين سنوات 1973 إلي 1976 يقدم دراما امرأة صلبة استغلت كل امكانياتها كامرأة عاملة ميسورة ومشهورة من أجل البحث عن الابن الضائع الذي أنكره الجميع. البوليس والجيش والمخابرات. حتي عاشت زوزو كابوسا طويلا تحققت فيه من موت ابنها والقائه في المحيط فأقسمت علي أن تفضح ذلك النظام حتي اليوم الأخير في حياتها.. والفيلم ليس الحكاية.. وانما كيف قدمها مخرجه سيرجيو ريزيه الذي شارك في كتابته مع ماركوس برنشتين. في توازن نادر بين المحتوي الفكري والقيم الفنية..

قص ولزق

* في الفيلم المصري الأول الذي عرض في المهرجان تقدم المخرجة هالة خليل. التي كتبت فيلمها أيضاً. رؤية شديدة الحساسية وربما التناول لقضايا الشباب الذي يبحث عن حياته ويحصي الأيام وهي تفر منه. بطلا الفيلم جميلة فتاة في الثلاثين تعمل سمسارة لأي شيء تقدر انه يصلح للبيع بأعلي من سعره حتي تجمع مبلغاً تهاجر به إلي نيوزيلندا وأثناء جولاتها للشراء والبيع تلتقي بشاب يعمل في تركيب أجهزة "الدش". وهو يوسف "شريف منير" الذي يمتلك سيارة قديمة ورثها عن والده المتوفي بينما ورث شقيقه الوحيد الشقة.. تتقاطع مصائر الشابين قبل أن تتعانق من خلال فكرة الهجرة لكنها تصل في النهاية إلي طريق مختلف. فبديلاً عن الهجرة إلي الخارج يكتشف يوسف وجميلة ان هجرة كليهما إلي الآخر قد تكون بداية الحل الصحيح الذي لم يكن الاثنان يحلمان به.. ويترك لنا الفيلم رسائل عديدة عن الحب والخير والجمال.. وهل هي خارجنا أم داخلنا.. وهل هي مولودة معنا أم من الممكن أن نكتسبها.. ويشارك في بطولته فتحي عبدالوهاب وممثلة جديدة هي مروة مهران التي تمتلك وجهاً وملامح مصرية شعبية وأداء تلقائياً وبينما قدمت حنان ترك واحدا من أهم أدوارها إذا لم يكن أهمها علي الاطلاق فإن "شريف منير" يقدم أوراق اعتماده من جديد كبطل له أداء وملامح مميزان بينما يؤكد فتحي عبدالوهاب وجوده السينمائي في وجه آخر للأداء غير ما قدمه في "فرحان ملازم آدم" وأغلب أدواره الأخري..

دوللي التي اغتالها الجميع

* في ميلودراما هندية عالية المستوي الفني. بل مبهرة في مشاهد عديدة كان التصوير والاضاءة أبطالاً لها تدور أحداث فيلم "أومكارا" وهو اسم بطل الفيلم الضابط الذي خرج علي القانون وأصبح زعيم عصابة كبري تستخدم سياسياً في إرهاب الخصوم المنتمين لحزب آخر غير الذي ينتمي إليه السياسي الفاسد "بهيساب". وتتداخل السياسة مع الحب حين يقع "أومكارا" أو أومي في حب الجميلة "دوللي" التي أحبته أيضاً. ويخطفها في يوم زفافها بواسطة أكثر أعوانه قسوة "لانجدا". لكنه بعد أن يشكل عصابته يعين آخر قائداً من بعده هو الشاب "كيسو" القادر علي جذب أصوات الشباب إلي حزب بهيسان في الانتخابات القادمة. لكن الفيلم بعدها يترك السياسة كلية إلي الغدر والانتقام في قصة تقترب من دراما عطيل لشكسبير وحيث يغدر "لانجدا" برئيسه فيزرع الشك بداخله تجاه حبيبته "دوللي" وتجاه كيسو وينتهي الأمر بأن يقتل "اومكارا" دوللي ليلة زفافها. وهو يذكرها بما قاله له أبوها يوم أن خطفها "ان من تترك أياها سوف تترك أي رجل آخر".. تموت الزوجة المحبة بواسطة تخطيط دنيء. فيقتل الزوج نفسه بعدها. وتقتل أخته الواشي. وكان كيسو قد قتل قبلها علي يد "أومكارا".. الغريب ان براعة المخرج فيشال بهاراد فاج وقدرته علي إدارة ممثليه بنجاح كبير ورسم ملامح المأساة من خلال أماكن التصوير الخارجي والديكورات والمناخ البصري والصوتي الذي خلقه لفيلمه جعلنا نتقبل كل هذه المأساة التي لا تنتمي لفن الميلودراما بمبالغاته.. وربما نبكي مصير دوللي..

مافيش غير كده..كوميديا نبيلة عبيد

* ما فيش غير كده.. هو الفيلم المصري الثاني في المهرجان وهو أيضاً آخر صورة للتغيير في مسار بطلته نبيلة عبيد كممثلة ونجمة وبطلة مطلقة في أغلب أعمالها. لكنها هنا. من خلال سيناريو كتبته كوثر مصطفي وعزة شلبي وأخرجه خالد الحجر وشارك في بطولته سوسن بدر وخالد أبو النجا وأحمد عزمي ورولا محمود وأحمد كمال وممثلة جديدة كانت صاحبة الدور الأكبر علي الشاشة لأنها "الفرخة" التي خططت الأم ناهد "نبيلة عبيد" أن تبيض ذهباً للأسرة من خلال جمالها ودلالها اللذين كانا جواز مرور إلي مسابقة لاختيار موديل تقف أمام المغني الكبير "قام بدوره محمد منير" ومن الموديل يقرر المنتج نادر "خالد أبو النجا" أن يصعد بطلته لتصبح مغنية هي الأخري وتتمايل وترقص كما تفعل مغنيات اليوم لكن أمرا واحدا نغص عليه صفقته هو وجود "ناهد" والدة النجمة الجديدة وراء ابنتها ومعها صديقتها "سوسن بدر" التي تولت أمور الدعاية. ويركز الفيلم علي هذا الموضوع بعد أن بدأ بموضوع أكثر قوة هو حق الأم في قيادة الأسرة بعد أن خرج الأب ولم يعد.. وكيف يرفض الابن "أحمد عزمي" هذه القيادة بتحريض المجتمع الذي يعتبره المسئول وهو لايزال يأخذ مصروفه من الأم.. ترفض ناهد هذا المنطق وتقرر أن تقود الأسرة. وأن تنتشلها من الفقر من خلال استغلال جمال ابنتها وبذلك يضرب السيناريو عصفورين بحجر واحد. أن يناقش قضية هامة. وأن يقدم مشاهد رقص وغناء وكليبا كاملا من أجل جمهور الكليبات. وبرغم أن القضية تاهت في الكليب إلا أن دخول الفيلم عالم الدراما الموسيقية وبحثه عن طريق مختلف للحكي يعتمد علي تقديم أجزاء من السيناريو والحوار من خلال الغناء والموسيقي الجذابة للفنان عمر خيرت جعل له مذاقاً جديداً. وأدخله في إطار مختلف. خصوصاً عندما تحول إلي لعبة بطولة جماعية شارك فيها الجميع بالتمثيل والغناء والرقص بخفة ظل أحياناً. وطرافة أحياناً أخري لدرجة أن نبيلة عبيد وسوسن بدر كونتا ثنائيا كوميديا مدهشا. أما خالد أبو النجا فكشف عن قدرات جديدة كممثل وكذلك رولا محمود صاحبة الطاقات التي لم تُكتشف بعد.. برغم ترهل إيقاع الفيلم قليلاً إلا أن خالد الحجر يكتسب المزيد من اللياقة كمخرج يعيد اكتشاف العاملين معه.. ومن المؤكد ان هناك أدواراًَ أخري. لممثلات أخريات قد تكون أفضل في بقية أفلام المسابقة الرسمية. وفي مسابقة الفيلم العربي وفي مسابقة الديجيتال.. سوف أتحدث عنها تباعاً. فالجوائز هي قمة أي مهرجان برغم ان كثيراً من التحف السينمائية قد تكون كامنة بعيداً عنها سواء لأنها عرضت في مهرجانات أخري وأحضرها مهرجان القاهرة ليراها جمهوره مثل الفيلم الإيطالي "النمر والجليد" للمخرج روبرت نيني والفيلم الأسباني "ايبريا" لكارلوس سادرا. وكلاهما عرضا في القسم الرسمي للمهرجان ولكن خارج المسابقة وهو ما يحتاج لمقال آخر قادم..

الجمهورية المصرية في 7 ديسمبر 2006

 

قبل يوم من نهاية ماراثون المسابقة الرسمية للمهرجان

الأفلام البرازيلية خطفت الأضواء.. سينما أوروبا وأمريكا اللاتينية في المقدمة

حسام حافظ 

تعقد لجنة التحكيم الدولية مساء اليوم اجتماعها الأخير قبل تحديد الأفلام الفائزة بجوائز مهرجان القاهرة السينمائي الثلاثين الذي ينهي عروضه صباح الغد ويقام حفل الختام وتوزيع الجوائز في المساء بالمسرح الكبير بدار الأوبرا.

وقد استمرت عروض أفلام المسابقة الرسمية والتي بلغت 18 فيلما يمثلون أربع قارات. حيث تم عرض 7 أفلام من أوروبا وأربعة من آسيا ومثلها من أمريكا اللاتينية وثلاثة أفلام من مصر ولم تشارك الدول العربية وأفريقيا السوداء بأي فيلم في المسابقة الرسمية. واقتصرت مشاركتهم علي المسابقة العربية أو في القسم الرسمي خارج المسابقة أو القسم الاعلامي والبعض نافس علي جوائز أفلام الديجيتال.

سينما المؤلف

الملاحظ أن أكثر من نصف أفلام المسابقة الرسمية هذا العام تنتمي لما يعرف بسينما المؤلف حيث يكتب المخرج سيناريو الفيلم الذي يخرجه. والأفلام المصرية الثلاثة المشاركة في المسابقة الرسمية ينتمي اثنان منها لتلك النوعية من السينما. حيث كتبت هالة خليل قصة وسيناريو فيلمها "قص ولزق" وكتب عماد البهات سيناريو فيلمه "استغماية". ونفس الظاهرة نجدها في أفلام: السويسري "قمر علي الجليد" اخراج بيلار ماكاي. والسيريلانكي "سنكارا" اخراج براستا جاياكودي والأسباني "رافال" اخراج انطوني فيرداجير والمكسيكي "حياة حصينة" اخراج رامون سيرفانتس والايراني "في مكان بعيد" اخراج خسرو ماسومي وكذلك الفيلم الهندي والمجري. أما باقي أفلام المسابقة فقد شارك المخرج في كتابة السيناريو ماعدا الفيلم الأمريكي الكندي "واجب وطني" للمخرج جيف رنفرو الذي كتب له السيناريو وحده أندرو جونير. وبالطبع تلك سمة تقليدية في أفلام هوليود التي لا تحب انفراد المخرج بكتابة فيلمه وغالبا ما يشاركه أكثر من كاتب للسيناريو.

أفلام المرأة

وقد حظيت الأفلام التي أبدعتها المرأة فيما يعرف ب "سينما المرأة" باهتمام العديد من النقاد وضيوف المهرجان. حيث شاركت في المسابقة الرسمية وحدها خمس مخرجات: المكسيكية باتريسيا جوردان والمجرية جوديت إليك والسويسرية بيلا ماكاي والمصرية هالة خليل والتشيكية مارتا نوفاكوفا. والطريف أن فيلم الأخيرة هو مشروع تخرجها في معهد السينما بمدينة زيلين التشيكية. وهي تبلغ من العمر 31 عاما بينما تنافسها المخرجة المجرية جوديت إليك وهي تبلغ من العمر 70 عاما وهي أكبر المخرجات المشاركات.

لكن فيلم المخرج البرازيلي سيرجيو ريزيندا "زوزو أنجل" ينتمي هو الآخر الي سينما المرأة رغم ان مخرجه رجل. لأنه يحكي عن مأساة أم برازيلية فقدت ابنها الطالب الجامعي المعارض لنظام الحكم في السبعينيات. وكيف انها سعت الي كشف الحقيقة بحثا عن العدالة حتي وصلت الي هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي في تلك الفترة لكن السلطات الحاكمة تخلصت منها في حادث سيارة. ولعل الممثلة البرازيلية باتريسيا بيلار المرشحة الأقوي لجائزة أفضل ممثلة في المهرجان وقد قامت بدور مصممة الأزياء الأم "زوزو" التي خطفت أنظار النقاد والمتابعين لفعاليات المهرجان بسبب قدرتها علي التعبير عن لوعة الأم التي تفقد ابنها الشاب. وفي نفس الوقت يتفتح وعيها السياسي علي حقيقة النظام الديكتاتوري الفاشي في برازيل السبعينيات والذي كان يلقي بالمعارضين من الطائرة في قلب المحيط.

الاهتمام بالسياسة هو الغالب علي أفلام أمريكا اللاتينية. والسياسة هي أيضا موضوع الفيلم الأمريكي الكندي الوحيد الذي جاء ليمثل الولايات المتحدة وهو فيلم "واجب وطني" الذي يتحدث عن الهواجس والخوف المرضي من المسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. ويقوم الممثل المصري الشاب خالد أبو النجا في هذا الفيلم بدور الباحث طالب الدراسات العليا "جابي حسن" الذي جاء ليدرس في الولايات المتحدة ويقع ضحية شكوك جاره المحاسب الأمريكي تيري ألن في فيلم المخرج جيف رنفرو. معني ذلك أن خالد أبو النجا يشارك في مسابقة هذا العام بفيلمين: المصري "مفيش غير كده" اخراج خالد الحجر والأمريكي "واجب وطني".

أما الفيلم الهندي "أومكارا" المأخوذ عن مسرحية عطيل لوليم شكسبير. فهو يستحق لقب فيلم المشاعر الانسانية لمخرجه بهاردافاج الذي أعطي لأشعار شكسبير صورة شديدة الحساسية والرقة والقدرة علي التأثير في المشاهد رغم علمنا بأن عطيل سوف يقتل ديدمونة وينتحر في نهاية الفيلم لكن القدرة علي إثارة الشجن باقية مهما كانت الأحداث معروفة مسبقا للمشاهد! وعكس ذلك حدث في الفيلم المصري "قص ولزق" للمخرجة هالة خليل التي أخلصت لأفكارها أكثر من اخلاصها للسينما لأن "جفاف المشاعر" كان السمة الغالبة علي الفيلم وبالتأكيد فان المخرجة المتميزة حرصت علي تقديم تلك الصورة السلبية للحب في هذا الزمن الذي نعيشه. لكن الفيلم في النهاية أحبط المشاهدين.. فهي نهاية سعيدة لكن العجيب أن تأثيرها علي المشاهد عكس ذلك تماما!

ترشيحات

من المرجح أن تتقاسم أوروبا وأمريكا اللاتينية جوائز هذا العام. لأن التمثيل الآسيوي في المهرجان كان دون المستوي. ونظرا للاهتمامات السياسية لرئيس لجنة التحكيم الأرجنتيني "لويس بوينزو" مخرج الفيلم الشهير "القصة الرسمية" 1985. فان الترشيحات معظمها موجه الي أفلام أمريكا اللاتينية: البرازيلي "زوزو أنجل" والمكسيكي "حياة حصينة" وفيلم الولايات المتحدة الوحيد "واجب وطني" وبالطبع الأفلام الأوروبية السبعة التي شاركت في المسابقة الرسمية ومنها الأسباني "رافال". والمجري "اليوم الثامن في الأسبوع" والتشيكي "مارتا".

الجمهورية المصرية في 7 ديسمبر 2006

 

سينماتك

 

بعد أن دخل مهرجان القاهرة السينمائي مرحلة الرعاة...

ثلاثون عاماً من السينما الجميلة والجدل الصاخب

القاهرة ـ حمدي رزق

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك