نانت: لعلّها المرّة الأولى، أو ربما من المرّات النادرة في تاريخ هذا المهرجان المتخصّص بسينما القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، التي يغيب فيها النتاج السينمائي الأفريقي بشكل شبه كامل في برنامج العروض السينمائية الخاصّة ب<مهرجان نانت للقارات الثلاث>. فلولا اختيار فيلمي <باماكو> للمالي عبد الرحمن سيساكو و<في الصباح الباكر> للغيني غاهيتي فوفانا، اللذين عُرِضا في تظاهرة <سهرات خاصة>، لغابت أفريقيا كلّياً. لا ضرر في ذلك، طالما أن المشرفين على اختيار الأفلام لم يعثروا على ما يُرضي طموحاتهم السينمائية المتوافقة مع النظام الداخلي للمهرجان، فحافظوا، بهذه الطريقة، على مصداقية فنية وثقافية في التعاطي مع النتاج السينمائي، بعيداً عن حسابات الجغرافيا. ذلك أنهم معنيون بالسينما، ومثابرون على البحث عن الجديد والمختلف، في المسابقتين الرسميتين الروائية والوثائقية وفي البرامج المرافقة، وساعون إلى ابتكار تظاهرات جانبية تتكامل مع سياسة المهرجان وأهدافه وموقعه الثقافي في خارطة المهرجانات الدولية. غياب أفريقي غابت أفريقيا، وكاد العالم العربي يغيب أيضاً عن برنامج الدورة الثامنة والعشرين التي انتهت مساء أمس الأول الثلثاء. لكن اختيار <فلافل> للّبناني ميشال كمّون و<أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها> للسوريين هالة عبدالله يعقوب وعمّار البيك (في المسابقتين الروائية للأول والوثائقية للثاني) جعل بعض السينما العربية في موقع المنافسة على الجوائز، ودفع مشاهدين كثيرين إلى <التمتّع> بجماليات الفيلم الأول ومعاني الفيلم الثاني. لا شكّ في أن هناك اختلافات عدّة بين العملين، وأن هناك أسلوبين في معاينة التجربة الفردية على ضوء الواقع والذاكرة والتفاصيل الإنسانية، وفي قراءة الجماعة من خلال المشاركة الذاتية في عيش الحكايات وصوغها. لكن مشاركتهما معاً في دورة واحدة، أتاحت فرصة اكتشاف نمط جديد في صناعة الفيلم العربي الحديث، وفي الاطّلاع على جزء من التاريخ الآنيّ للواقع العربي، اجتماعياً وإنسانياً وثقافياً. في فيلمه الروائي الطويل الأول <فلافل>، استلّ ميشال كمّون بعضاً من انفعالاته كي يرسم ملامح جيل أو أكثر من الشباب اللبنانيين الغارقين في متاهة الآنيّ، ومأزق الحاضر. وفي فيلمها الوثائقي الطويل الأول (أيضاً) <أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها>، لم تجد هالة عبدالله يعقوب مادة درامية أفضل من تجربتها الخاصّة في مقاربة الحياة وتحوّلاتها، في المجتمع والثقافة والسينما. وإذا تشابه الفيلمان في كونهما <العمل الأول> لمخرجيهما (أنجز ميشال كمّون خمسة أفلام روائية قصيرة، في حين أن هالة عبدالله يعقوب أمضت حياتها المهنية كلّها في تحقيق مشاريع سينمائية لمخرجين سوريين ولبنانيين في فرنسا، وها هي تنتقل إلى الإخراج بالتعاون مع المخرج السوري الشاب عمّار البيك، الذي قدّم أفلاماً قصيرة متنوّعة)، فإن الاختلاف واسعٌ بينهما على مستويي الشكل والمضمون. ذلك أن <فلافل> يبقى أسلس وأجمل، درامياً وفنياً، في معاينته الذات وقلقها ومتاهتها الفردية والجماعية على حدّ سواء، في حين أن <أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها> ظلّ ملتصقاً بالمخرجة وبتجربتها الإنسانية الخاصّة، على الرغم من انفتاحه على تجارب آخرين، لم تكن مختلفة كثيراً عن تلك التي عاشتها طويلاً بين سوريا وفرنسا. أفلام الذات وتمزّقاتها على الرغم من غياب النتاج السينمائي الأفريقي في المسابقتين الرسميتين على الأقلّ، إلاّ أن الدورة الثامنة والعشرين (21/28 تشرين الثاني الجاري) ل<مهرجان نانت للقارات الثلاث> زخرت بأفلام آسيوية وأميركية لاتينية جديرة بالمشاهدة والنقاش، بسبب تمتّعها بجماليات بصرية ودرامية وإنسانية متنوّعة، وإن تفاوتت مستوياتها الفنية والتقنية، وأساليب المعالجة الدرامية في مقاربة التمزّق الإنساني الفردي، والتوغّل في ثنايا الوجع والقهر والانكسار. هذه أمثلة: الفيلمان الأرجنتينيان <في غضون ذلك> لدييغو ليمان و<ولادة واستيلاد> لبابلو ترابيرو، <في أي وقت قريب> (إكوادور) لأناهي هوينايسن ودانيال أندراد و<كلاب المطر> للماليزي يوهانغ هو (هذه تراجم حرفية عن اللغتين الفرنسية أو الإنكليزية، اللتين ترجمتا العناوين عن أصولها الآسيوية والإسبانية). ما يثير الانتباه في هذه الأفلام كلّها، مشاركتها في مقاربة الهمّ الإنساني المتعلّق بالفرد وبموقعه في داخل الجماعة، سواء من خلال شخصية واحدة تقع في محور الأحداث والديكورات والعلاقات والمآزق والتفاصيل المختلفة، أو من خلال مجموعة من الشخصيات المحطّمة والقلقة والمتألمة. ففي هذه العناوين، المشغولة بنَفَس درامي موغل في قسوته، تتمزّق الأقنعة فتظهر حقائق العيش اليوميّ في بؤرة التحوّلات الإنسانية الخطرة، وترسم الحكايات وجوهاً مشحونة بالألم والانكسار، وتكشف الأرواح شيئاً من احتضارها الدائم. لا يعني هذا أن الأفلام المذكورة متشابهة، أو أنها منساقة إلى المسار نفسه في مقاربة المادة المختارة من واقع الفرد وتجاربه المتنوّعة، أو أنها ذاهبة إلى <النتيجة> الواحدة. فهي، بتشابه المناخات العامّة، تستقطب أساليب متنوّعة في ملاحقة تحوّلات الفرد في مواجهته الحتمية أقداراً وتفاصيل. وهي، بانتمائها إلى الجغرافيا الإنسانية المفتوحة على الاحتمالات كلّها، تمارس نوعاً من تشريح درامي للبؤس والموت والألم والضياع وسط مجتمعات مسحوقة، ومختبرات يومية للانفعالات والأحلام والعيش. من ناحية أخرى، لا تعتمد الأفلام الأربعة الكوميديا أداة لمواجهة القهر والانسحاق في منعرجات اليومي، بل ترتكز على المناخ الدراميّ والإيقاعات الهادئة التي يعتمل في داخلها كَمّ هائل من الغضب والبؤس والتمزّق. هذه سمة أفلام أخرى أيضاً، غاصت في الدراما الإنسانية والفنية وهي تصنع من واقع الحياة صُوَراً متنوّعة عن الجوانب المعتمة فيها. في الإطار نفسه، أي في الحيّز الدراميّ للقلق والتمزّق والمتاهة، ابتعدت هذه الأفلام عن التجريبية التي قدّمتها إدارة <مهرجان نانت للقارات الثلاث> في عرض خاصّ بعدد من الأفلام الروائية القصيرة التي أنجزها مخرجون تشيليون شباب، تتراوح أعمارهم بين الرابعة والعشرين والثانية والثلاثين. كأن الجيل السينمائي الشاب في العالم كلّه تقريباً يميل أكثر نحو التجريب في بحثه عن معاني الحياة والموت والعلاقات والعيش والمواجهة والتحدّيات، على الرغم من أن مخرجي بعض الأفلام المذكورة أعلاه ينتمي إلى هذا الجيل نفسه. أو كأن التجريبية بحدّ ذاتها تحرّض البعض على استخدامها البصري للتنقيب في عمق التحوّل الفردي والجماعي، ولتحليل بعض مكامن الخلل والارتباك في العالم المعاصر، إذ تبدو التجريبية أكثر الأساليب الفنية قدرة على مقارعة الخلل، ربما لأنها، بشكلها الغرائبي، لا تختلف عما يدور في العالم نفسه من أحداث غرائبية. قسوة اليوميّ وانكساراته بعيداً عن التجريبية ومسائلها الفنية والجمالية الخاصّة، قدّمت الأفلام الأخرى أشكالاً متنوّعة من قوة الشقاء الإنساني المعتمل في عالم اليوم. لذا، يُمكن القول إن التشابه في جعل المآزق الإنسانية مادة درامية أساسية، لم يفرض تشابهاً في استخدام آلية واحدة لتنفيذ أفلام بدت منشغلة بهذا الهمّ المفتوح على الأسئلة المعلّقة. مثلٌ أول: يختلف الفيلمان الأرجنتينيان عن بعضهما البعض في مقاربة التمزّق الروحي والنفسي والحياتي. فالأول (في غضون ذلك) يروي فصولاً من الحياة المجتمعية في بوينس أيريس، من خلال معاناة أناس محطّمين ومتألمين، في حين أن الثاني (ولادة واستيلاد) لا يرتبط بحيّز جغرافي واحد، بل ينفتح على البُعد الإنساني العام، وإن دارت أحداثه في الأرجنتين. مثلٌ ثان: تلتقي الأفلام الثلاثة، <في أي وقت قريب> و<كلاب المطر> و<ولادة واستيلاد> عند الانفتاح الإنساني العام المُصوَّر في بقع جغرافية لا تتمّ قراءة تفاصيلها المختلفة، لأن المخرجين الثلاثة ارتأوا الخروج من المحلّي إلى الشموليّ، وإن حافظوا على مناخ البيئة والثقافة والجوانب التي تخصّ بلادهم في طريقة اشتغالهم البصري وتحليلهم الفني. في هذه الأفلام الأربعة، هناك أناس منبوذون في داخل الحيّز الجغرافي الذي يقيمون فيه، وهناك الموت والفوضى والارتباك والتشنّج في العلاقات القائمة بين الأقارب والأصدقاء، وفي داخل العائلات التي تواجه مصائرها وأقدار أبنائها بأشكال مختلفة. هناك، أيضاً، حالات مشحونة بتوتّر فردي وعام، وتداخل فظيع بين مأساة الفرد ومآزق الجماعة. بالإضافة إلى هذا، فإن أساليب المعالجة تلتقي عند الإيقاع الهادئ (كي لا أقول البطيء) في مقاربة المادة الدرامية. لكن الهدوء يخفي في طياته غضباً وارتباكاً، والبطء يعكس نمطاً حياتياً تتميّز به المجتمعات والثقافات التي يقيم فيها السينمائيون. هذا النمط يظهر في الأفلام الآسيوية أكثر منها في أفلام أخرى، كما في <صراصير الليل> (كريكت) للياباني شينجي آأوياما و<بزرة الكوثل (شجر من النخليات)> (بينغ لانغ) للصيني يانغ هينغ و<بين الكلب والذئب> للكوري جيوان سو إيل. في حين أن البطء في أفلام أميركية لاتينية لا يعني بالإيقاع حركةً وتشويقاً، بل يبقى مرآة حادّة تنعكس عليها معالم الوجع والتمزّق والمرض، كما في فيلمي <في غضون ذلك> و<في أي وقت قريب> مثلاً. في حين أن الفيلم الماليزي <كلاب المطر> يقف في الوسط بين هذين النوعين من الإيقاع، إذ إنه لا يلتحق بالأسلوب الآسيوي، ولا يُسرف في استخدام الأسلوب الأميركي اللاتيني، بل يتّخذ منهما ما يفيد نسقه في بلورة التعبير البصري عن المآزق الإنسانية. إنه، بهذا كلّه، يتوغّل في تشرذم الذات الفردية وتمزّق الجماعة، ويُقدّم جانباً من المعاناة الناتجة من فوضى اليومي وغياب الأمان الشخصي في مجتمع غارق في متاهة العيش في قلب التناقضات اللامتناهية. يروي الفيلمان الأرجنتينيان حكايات متفرّقة عن أناس يواجهون مآزق الوجود والحياة والمرض والقلق (في غضون ذلك)، أو يعجزون عن مقارعة اللحظة السوداء التي تحيل الفرح إلى جحيم، والتي تصنع من الصدمة طريقاً إلى الخراب الداخلي (ولادة واستيلاد). في الأول، هناك شخصيات مختلفة تعاني قسوة العيش في بيئة مرتبكة. تبحث كل واحدة منها عن لحظة أمان مفقود، وتسعى إلى حب ينكسر سريعا، وإلى صداقة مشوبة بالألم. في الثاني، يعجز الأب عن مواجهة <جريمته>: تسبّب بوقوع حادث سير كاد يُفقده زوجته وابنتهما، فيهرب بعيداً كي ينسى ألمه وخيباته ووجعه. لكن شيئاً ما يُظلّل المناخ العام للسياق الدرامي: هل قُتلت زوجته وابنته، أم إن خياله المحطّم جعله يعيش في المتخيّل للانتقام من وحشية ما ارتكبه ذات يوم من دون قصد؟ تبقى النهايات معلّقة. ففي الفيلمين، تمرين على الغوص في بؤرة القلق الذاتي، من خلال شخصيات مقيمة في خرابها. وهذا ما يظهر واضحاً في فيلم <في أي وقت قريب>: هنا، تذهب الشخصيات بعيداً في استعادة أيام قديمة، لعلّها بهذه الاستعادة تمتنع عن الغرق في أزمة الآنيّ أو في قسوة اليوميّ. خمس صديقات فصلت أعوام طويلة (خمسة عشر عاماً تقريباً) بينهنّ، اختبرن فيها أصناف العيش وألوان الحياة وتناقضاتهما، وها هنّ اليوم يلتقين، كأنهنّ على موعد مع الخيبات والألم. كل واحدة منهنّ أرادت شيئاً يسيراً من الهدوء والسكينة، لكن العيش ظالم في عالم مسحوق في حُفر لا قرار لها. وكل واحدة منهنّ تبحث عن منفذ، فلا تجده إلاّ في دمارها الداخلي: مرض أو عزلة أو ألم أو انكسار. لا يختلف <كلاب المطر> عن المناخ الإنساني الضاغط. هنا، يواجه شاب في مقتبل العمر قسوة الحياة عند زيارته الأولى إلى المدينة، بمقتل شقيقه. المدينة عالم واسع يحتاج إلى زمن لاكتشاف معالمه وتفاصيله. والصدمة الأولى تأخذ الشاب إلى رحلة في الذات والأحلام المجهضة والعيش المديني القاسي. في حين أن <بين الكلب والذئب> يتابع رحلة سينمائي إلى قريته، حيث يلتقي امرأة تبحث عن زمن ضائع أو شخصاً تائهاً في أعماق روحها القلقة. السفير اللبنانية في 2 ديسمبر 2006
نانت/ الحياة رجعت المدينة إلى أهلها، ورجع زائرو مهرجان «نانت السينمائي» مشبعين بصور وحكايات من القاعات المعتمة، من أفلام شاهدوها وأخرى مروا عليها وباقية تعذرت عليهم رؤيتها. 120 فيلماً، الخيار صعب يطيح أحياناً بالصبر ويحول النظرة عن الشاشة لتبحث عن الضوء الأخضر الصغير الذي يعلو «مخرج» أملاً في الخروج واللحاق بفيلم آخر. مشكلات الأجيال الشابة، البحث عن الحب، العنف، الملل، الضياع في مجتمعات لا ترحم. شخصيات تريد الهرب من اليومي... مواضيع الشباب فرضت نفسها على أفلام المسابقة، التي كانت هذا العام جريئة منوعة لاحتوائها على النتاج الأول لشباب جدد، كالأرجنتيني اليكس دو سانتوس الذي فاز فيلمه «غلو» بجائزة الجمهور الشاب. واللبناني ميشال كمون، والإيراني سامان سالور. نلحظ إذاً في هذه الدورة، أن أفلام أميركا اللاتينية وآسيا هي التي طغت، فأفريقيا نادراً ما تظهر على الشاشة، «هناك، يحتاج الأمر إلى عمل كبير وإلى بناء أسس». كما تزداد الصعوبة في الحصول على أفلام ذات طابع محلي، «الفيلم لم يعد محلياً بما فيه الكفاية»، والحق على العولمة التي تساهم في توزيع أكبر، بيد أنها تسلب الأعمال هذه الخصوصية التي يبحث عنها مديرا مهرجان نانت فيليب وآلان جالادو، ويجداها في عشرة في المئة فقط من الأفلام كما عبرا في حفلة الافتتاح. اكتشاف الآخر محور مهرجان نانت، و «المفاجأة الكاملة» كانت في الحضور السعودي، وفي «بضعة كيلوغرامات من التمر من أجل الجنازة» للإيراني سامان سالور، الذي نال المنطاد الذهبي وجائزة الجمهور معاً. فهذا الفيلم الذي تميز بابتكار النظرة، يشرح بلغة سينمائية متينة، وصورة قوية شاعرية وجميلة، حلم الإنسان بالحب وبحثه عن المشاركة والأمل. مفاجآت عدة وشخصيات جاذبة لا يمكن للمرء إلا الشعور بالتعاطف نحوها، و «سينما إنسانية تصل للجميع» كما جاء في قرار الجائزة. والسينما الإيرانية التي يتجاوز إنتاجها المئة فيلم في العام حصدت أيضاً الجائزة الخاصة التي تمنحها لجنة التحكيم، فذهبت تلك إلى أصغر فرهادي عن فيلمه «جهار شنبه سوري» أو «احتفالات الأربعاء» لقوة القصة والحبكة والسيناريو ولإنسانية الفيلم وشخصياته المؤثرة. الماليزي «هو يوهانغ» الذي نال جائزة الإخراج عن «رين دوغز» وهو فيلمه الثاني، أعلن وهو يستلم الجائزة أنه كلما ازداد عدد أفلام ساتيا جيت راي التي يراها كلما شعر بنفسه صغيراً. واعترف أنه كان يهرب من المقابلات الصحافية في المدينة لتتسنى له متابعة اكبر قدر ممكن من أفلام هذا المخرج العظيم، الذي عرض المهرجان كامل أعماله وهو ما يحدث للمرة الأولى عالمياً. بعض الأفلام المشاركة عانى من التطويل، كأن المخرج كان يود اختبار مدى قوة تحمّل المتفرج وصبره، أو أراد له الشعور بالملل الذي أحسه أبطاله المراهقون كما حدث في فيلم «بيتل نات» أو «بزرة الفوفل» للصيني يانغ هينغ الذي نال جائزة نظرة جديدة بسبب «مفهومه الخاص» ولأنه «يدهشنا بمرحه»(!). وقد تجلى هذا المرح للمشاهد، الذي يحسد على صبره ساعتين مدة الفيلم، في مشهد ركز لدقائق طالت على شاب يمارس الرياضة على عوارض، فيما صديقته جالسة على دراجة نارية تراقبه وهي تدخن وتلوح بساقيها نحو الأمام والخلف. وبعد فترة طويلة من الصمت، طرحت وبلا مبالاة عليه السؤال: «أنت تستمتع؟» فرد بالإيجاب. ثم عاد كل منهما إلى صمته... وهنا، ضجت الصالة بالضحك ما أيقظ، وربما أزعج، بعض الذين ارتفع شخيرهم. أما المشاركة العربية في المسابقة فقد اقتصرت على «فلافل» لميشال كمون. الفيلم الذي لقى إقبالاً وإعجاباً من الحاضرين حيث افترش بعضهم الأرض بعد تعذر الحصول على الأمكنة لامتلاء الصالة الكبيرة على وسعها. أحداث الفيلم تجري في يوم واحد. ليلة من ليالي التيه في حكايات بيروت وفي أماكنها، مع أهلها في لقاءاتهم الحميمة تارة والعنيفة تارة أخرى. يعبر «توفيق» الشاب المدينة على دراجته النارية في رحلة تنقل أجواء المكان، خفاياه، وشخصياته... ما في الفيلم هو من الحقيقة، من المجتمع «الآن»، يؤكد لنا ميشال كمون، إنه «الآني» الذي تلى الحرب. الحرب، لا يريد التحدث عنها فقد مل الناس هذا الحديث. لكنها حاضرة ولها «تأثيراتها الجانبية على كل شيء لأن كل شيء هو نتيجة لما مضى». إنها فترة غريبة يراها المخرج ملأى بالتناقضات. فصحيح أن الحرب ليست هنا، لكن «مشكلاتها لم تهضم ولم تحل بعد». والناس يتعايشون مع هذا الوضع، وتملأهم الرغبة في الحياة. يتوجه اهتمام المخرج نحو الشباب بوجه خاص، نحو هذا الجيل الذي «يريد أن يعيش حياته، وأن يحقق تطلعاته الإنسانية وأحلامه وطموحاته كأي جيل في أي مكان». ولكن هل هذا ممكن؟ يبدو من الأحداث أن «حتى هذا الشيء البسيط ليس سهلاً» كما يقول مخرج العمل. في «فلافل» يتحرك الرجال لكن بلا نتيجة، والنساء ينتظرن عودة، نظرة... قد يرى فيه البعض نظرة سوداوية بالنسبة الى المستقبل، لكن ليس هذا ما يراه كمون، أردت التفاؤل والنهاية هي المؤشر. فتوفيق ينفصل جسدياً عن السلاح. النهاية متفائلة، مع ما فيها من مرارة وفشل. ثمة رغبة في التغيير، في العمل. وإن انتهت تلك إلى طريق مسدود. فأحياناً يكون الفشل في الحياة، ايجابياً، حلواً». الحياة اللندنية في 8 ديسمبر 2006
هدى اراهيم-الفرنسية- لقى فيلم فلافل للمخرج اللبنانى ميشال كمون ترحيب الجمهور والنقاد فى مدينة نانت الفرنسية حيث شارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان القارات الثلاث الذى اختتم مساء الثلاثاء بفوز الايرانى سامان سالور بالجائزة الأولى عن فيلمه الاول بضعة كيلوات من التمر لمراسم الدفن". وإضافة إلى المنطاد الذهبى فاز الفيلم الايرانى أيضا بجائزة الجمهور الذى يحضر باهتمام لمشاهدة عروض هذا المهرجان الذى يقترح افلاما من آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية وقد اقبل على المهرجان هذا العام فى دورته ال28 نحو 40 الف مشاهد. وفاز فيلم ارجنتينى بعنوان فى غضون ذلك بجائزة المنطاد الفضى التى يمنحها المهرجان وهو للمخرج دييغو ليرمان. وشارك فى المسابقة الرسمية 13 فيلما بينها ثلاثة افلام من الارجنتين وفيلمين من ايران اضافة الى افلام من ماليزيا والصين واندونيسيا والاكوادور وكوريا الجنوبية واليابان ولبنان. وكان فيلم فلافل الفيلم العربى الوحيد فى مسابقة الافلام الروائية الطويلة وهو العمل الاول لميشال كمون وسوف يشارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان دبى السينمائى التى تستهل فى 10 كانون الاول/ديسمبر. وسبق لفيلم فلافل أن فاز بالجائزة الكبرى لمهرجان مدينة نامير السينمائى الفرنكوفونى فى فرنسا، كما حاز توفيق فروخ الذى وضع الموسيقى التصويرية للفيلم جائزة افضل شريط موسيقى فى هذا المهرجان. تدور أحداث الفيلم فى أجواء متوترة وحيوية وخلال ليلة واحدة فى مدينة بيروت وضواحيها فى فترة زمنية تلت الحرب وتصور عالم الشباب. ويقول المخرج إن فيلمه "أقرب الى الكوميديا السوداء ويعكس روح الطرافة والمرح الموجودة فى حياة اللبنانى وايضا فى فلسفات ونظريات الشارع". ويضيف كمون أن كثيرا من الافلام اللبنانية تكلمت عن الحرب فيما هو أراد الكلام عن الحاضر وضعت السيناريو فى المرة الاولى عام 2000 ثم وبانتظار ايجاد التمويل أدخلت تعديلات لأجعل الفيلم على علاقة أكثر بالأحداث العامة المستجدة فى لبنان والمنطقة". وصور الفيلم عام 2004 وانتهى قبل أشهر قليلة لكن المخرج يعتبر أن هذه المغامرة تحمل جانبا ايجابيا ويقول الجانب الايجابى فى تاخر الانتاج مكننى من اعادة صياغة السيناريو وانضاجه ليظهر بصيغته النهائية التى رايتها والتى احبها الجمهور ووصل الى تفاصيلها الصغيرة . من خلال شريحة شابة يدخل المخرج الى دقائق وخصوصيات المجتمع اللبنانى مصورا مخاوف هذه الشريحة واحباطاتها واصطدامها بالحائط رغم محاولتها للخروج. ويوضح كمون صورت شبابا فى مرحلة العبور من سن المراهقة الى سن الرجولة وذلك من خلال مراقبتى للقصص التى تدور من حولى فى المجتمع ومن ضمن الاشياء التى صورتها رفض الشاب التنازل عن كرامته فمن السهل فى لبنان ان يفقد الشاب براءته". ويؤدى الممثل الشاب ايلى مترى المتخرج للتو من كلية الفنون دور توفيق الذى يطوف فى ليل المدينة وسط جو مشحون ويمثل هذا الشاب الجيل الجديد حين يتعرض فى طوافه لكافة المواقف ويسعى وراء اهداف لا تتحقق. ويصور الفيلم الارتباك القائم فى العلاقات بين جيل الحرب بنفسيته المحطمة والجيل الجديد لكن ايضا فى العلاقة بين الشباب والنساء من نفس الجيل. ويحكى الفيلم بنبضه السريع وحيويته عن الشغف بالحياة لدى الشباب مهما جرى من حولهم وهذا ليس سهلا فى لبنان او فى اى بلد آخر يعيش اوضاعا صعبة تجعل الاولويات تتغير. بيروت مزيج من اشياء متناقضة جدا تنبض بالحياة وحيث العنف والخطر حاضرين دائما فى المكان يقول المخرج ويضيف هذا التوتر اقرب الى نوع من الغاز المتفشى فى المدينة ويكفى ان يولع احدهم شعلة حتى تتفشى النار فى كل مكان وتنفجر". ويلعب فى هذا الفيلم نحو 30 شخصية يؤدى ادوارها بين آخرين عصام بوخالد وجاد حورانى اضافة الى اطلالة للمخرج المسرحى روجيه عساف.اردت تركيز الفيلم فى ليلة واحدة ليأتى كصورة اشعة عن الحياة كما يوضح كمون عن شريطه الذى لا يخلو من الشاعرية والجنون الذى تبعثه المدينة. ويرى ميشال كمون ان الموسيقى التى وضعها توفيق فروخ للفيلم شخصيتها من شخصية الفيلم وهى تنبض به. العرب أنلاين في 30 نوفمبر 2006 |
أسامة أنور عكاشة ل «الأهالي»: الدراما المصرية.. فى سوق الإعلانات والأرباح! نجوى إبراهيم الكاتب المبدع «أسامة أنور عكاشة» أحد فرسان الفن الراقى، وصاحب رصيد تليفزيونى كبير، وهموم بقضايا وطنه، قدم العديد من الأعمال الدرامية ذات الشهرة والبريق، تميزت أعماله برصد الواقع المرير الذى نعيشه، ومن أهم أعماله فى التليفزيون «ليالى الحلمية» و«الشهد والدموع» و«زيزينيا» و«أهالينا» و«امرأة من زمن الحب» وفى السينما «الهجامة» و«دماء على الأسفلت» و«كتيبة إعدام»، وفى المسرح «الناس اللى فى التالت». أكد «أسامة أنور عكاشة» أن الدراما المصرية تعانى من عيوب كثيرة، وعلاجها يتطلب فصلها نهائيا عن إعلانات السمن والشاى، وقال: إن مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون هدفه الحقيقى تغييب المواطنين عن الواقع المرير الذى نعيشه، وأشار إلى أنه ضد المناخ الحالى للسينما، ولذلك ابتعد عنها. جاء ذلك ردا على أسئلة «الأهالي» وفيما يلى نص الحوار.. مهرجان التليفزيون · بمناسبة انتهاء الدورة الثانية عشرة لمهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون، ماذا حقق المهرجان على مدى الدورات السابقة؟ وهل يتقدم أم محلك سر؟ - المهرجان مشروع فاشل، وليس له من اسم المهرجان نصيب، ورغم محاولة القائمين عليه بتجميله بالحفلات والولائم، وتوزيع الجوائز، إلا أنه لم يقم على أساس المهرجانات الحقيقية، فالمسابقات ضعيفة والجوائز لا تسر من يحصل عليها، خاصة أن عددها كبير، وهذا لا يعطى فرصة حقيقية للتنافس، كما أن أى جائزة تفقد قيمتها، عندما تقدم لأكثر من متسابق، وفى اعتقادى أن الهدف من المهرجان ليس إشعال التنافس بين الأعمال الدرامية، ولكن هدفه تسلية المواطنين وتغييبهم عن المشكلات الحقيقية. · وكيف يمكن تطوير المهرجان وتفعيله لكى يكون مهرجانا بالمعنى الحقيقي؟ - هذا يتطلب أن تكون له معايير وقواعد ثابتة، وهيئة ثابتة خارج موظفى التليفزيون، تشرف على المهرجان، خاصة أن السمة الغالبة على المهرجان هى الطابع الوظيفى، فالقائمون عليه هم كبار الموظفين فى الإذاعة والتليفزيون، فى حين أن إدارة المهرجان تتطلب هيئة مستقلة من كبار النقاد، وأن يتم تحجيم عدد الجوائز، ولا تمنح الجائزة إلا لأحسن مسلسل، وأحسن ممثل، وأحسن سيناريست، وليس هناك داع لتنويع الدراما إلى مائة فرع، وألا تخضع الجوائز تحت أى ظرف من الظروف إلى المجاملة، ومحاولة الترضية للوفود العربية، لأن هذا يفقد المهرجان قيمته الفنية. · استطعت أن تكون أحد مكونات الطقس الرمضانى حيث كنت تقدم معظم أعمالك فى شهر «رمضان»، ورغم ذلك هاجمت هوجة دراما رمضان فلماذا؟ - أعلنت أكثر من مرة أن العرض فى رمضان لا يبهجنى، وعدم العرض لا يحزننى، والحمد لله أن أهم أعمالى لم تعرض فى رمضان كمسلسل «الراية البيضاء»، و«رحلة السيد البشري»، والجزء الأول من «ليالى الحلمية» و«عصفور النار»، و«الشهد والدموع» فأنا لا أحتاج العرض فى رمضان. · ولماذا هاجمت مولودراما رمضان رغم كثافة المشاهدة فى هذا الشهر؟ - بالفعل هناك كثافة مشاهدة فى هذا الشهر، والأعمال الدرامية تنال أعلى نسبة مشاهدة عن أى توقيت آخر، ولكنى هاجمت كثرة الأعمال المعروضة، فهذه التخمة لا تفيد المشاهد، وتجعل الشهر الذى يتمتع بنسبة مشاهدة عالية مجرد مولد والأعمال الجيدة تتوه وسط الزحام، فالدراما الرمضانية أصبحت مجرد تسلية كالياميش، وأصبحت الإعلانات هى الطرف المؤثر فى دراما رمضان. روشتة للدراما · لايزال الحديث مستمرا حول عيوب الدراما المصرية، فما أسباب تدنى مستوى أعمالنا الدرامية من وجهة نظرك؟ - الدراما المصرية نزلت سوق تسيطر عليه الإعلانات، وأصبح الهدف الحقيقى هو الربح، ولذلك يتم سلق الأعمال لكى تلحق بموسم الإعلانات، كما أن النجم أو النجمة أصبح اهتمامهم بالظهور فى صورة مثالية على الشاشة، ولم يعد هناك اهتمام بتدقيق اختياراتهم، ومن ناحية أخرى نجد الكم الرهيب من الفضائيات، الذى يحتاج إلى ملء فراغات على الشاشة بالدراما حتى لو كانت غير جيدة، وأصبح كل من يستطيع أن يملأ صفحات «يقال عنه كاتب»، ويضطر المنتج إلى إنتاج العمل لمواجهة الطلب المتزايد والنتيجة أننا أصبحنا نرى إعلانات تتخللها فواصل درامية. · وما هو العلاج فى رأيك؟ - العلاج هو فصل الدراما عن الإعلان، والاهتمام بالكيف وألا يكون معيار جودة العمل هو النجم الفلانى أو النجمة الفلانية، ولكن الموضوع والقضية المطروحة. · وكيف يتم فصل الدراما عن الإعلان من وجهة نظرك؟ - اقترحت قبل ذلك أن تكون الإعلانات إما قبل عرض المسلسل أو بعده، أو أن يعهد للمؤلف أو المخرج عمل فواصل فى الحلقة لكى يعرض قبلها الإعلان، والمؤلف قادر على عمل ذلك بشكل يفيد العمل الدرامى، ولابد أن تعى وزارة الإعلام أنها تقدم خدمة للمواطنين وأن دورها لا يقتصر على عرض الإعلانات فحسب. · ما دور لجنة المشاهدة التى يتم تشكيلها لاختيار أفضل الأعمال التى سوف تعرض فى رمضان؟ - اللجنة بالفعل اختارت أفضل 20 مسلسلا لعرضهم فى رمضان، ولكنها لا تقرر العرض والذى يختارهم رؤساء القنوات، ووقع اختيارهم على المسلسلات التى تبشر بالإعلانات، ولذلك وجدنا مسلسل مثل «حدائق الشيطان» نال إعجاب كثير من المشاهدين لم يتم عرضه على القنوات المحلية، وتابعه المشاهدون من خلال القنوات الفضائية. الفنانات المحجبات · ما رأيك فى عودة الفنانات المحجبات إلى التليفزيون؟ - هوجة الفنانات المحجبات هى مؤامرة مقصود بها تفريغ الفن من محتواه، وتحويله إلى وهابى وعودة هؤلاء المعتزلات هو تنفيذ لمخطط خليجى الغرض منه تقديم أعمال درامية مصرية دون المستوى، وبالفعل بدأت البشائر تظهر عندما وجدنا إحدى الفنانات تريد إعادة كتابة السيناريو ليتناسب مع الحجاب، فهى تريد سيناريو تفصيل، وكأن مهنة الكاتب هى تفصيل سيناريو حسب المقاس وفقا لوجهة نظر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لتتحول الفنانة المحجبة إلى واعظة ومصلحة اجتماعية. الدراما السورية · هناك رأى يقول إن الدراما السورية بدأت تتفوق وتجذب المشاهد العربى فما رأيك؟ - بالطبع الدراما السورية تحققت فيها نهضة حقيقية ملحوظة، خاصة فى الأعمال التاريخية، فالقائمون على الدراما السورية اهتموا بالكيف، واستعانو بالخبرات الأجنبية، لكى يحققوا مستوى غير مسبوق، ولكن ليس معنى هذا أنها تفوقت على الدراما المصرية، لأن لدينا بعض النماذج التى لا يمكن أن تنافس، فنحن نحتاج إلى العودة للجودة والموضوع الجيد حتى نسترد الريادة المصرية. ورشة كتابة · أنت تخوض تجربة الإشراف على كتابة عمل درامى يكتبه عدد من الكتاب الجدد، كيف بدأت هذه التجربة وإلى أين انتهت؟ - هذه الفكرة تحمس لها قطاع الإنتاج ووافق عليها، وتم اختيار عدد من الكتاب الجدد لكتابة مسلسل بعنوان (القاهرة 2000)، حوالى 40 حلقة، وكنت أشرف عليهم، وأقرأ ماذا يكتبون وأناقشهم وانتهينا بالفعل من كتابة العمل ولكن اختيار المخرجين لم يكن على المستوى، وأما الكتاب فكانوا جيدين. · قدمت أنت والمخرج «إسماعيل عبدالحافظ» العديد من الأعمال المتميزة منها «ليالى الحلمية» و«الشهد والدموع» و«أهالينا» و«امرأة من زمن الحب» ألن نستمتع بهذه الثنائية مرة أخري؟ - سوف نكرر هذه الثنائية فى العمل القادم «خماسية المصراوية»، وقد انتهت بالفعل من كتابة الجزء الأول منه، وسوف نبدأ التصوير مع بداية العام المقبل. السينما · أين أنت من السينما؟ - أين هذه السينما؟!، فالأفلام التافهة التى يتم عرضها الآن وتربح 24 مليون جنيه تؤكد انحدار الذوق المصرى، حتى الأفلام الجيدة وهى استثناء من القاعدة مثل «عمارة يعقوبيان» و«سهر الليالي» و«ملاكى اسكندرية» لا تنجح تجاريا وهذا لا يشجع المنتجين على تكرارها. · وماذا عن آخر أعمالك المسرحية؟ - خلال الشهر الجارى سيتم عرض مسرحية على المسرح القومى من تأليفى بعنوان «ولاد الذين». الأهالي المصرية في 6 ديسمبر 2006
لعبة الحب.. اسمه أقل من أحداثه القاهرة - إيمان إبراهيم: أساء صناع ''لعبة الحب'' إلى فيلمهم باختيار عنوان يتناقض مع مضمون الفيلم، ويوحي بأن الحب مجرد ''لعبة'' بين طرفين أو أكثر، وفي الوقت الذي يبدو فيه ان الكاتبين الصديقين أحمد الناصر وسامي حسام يكرران نفس المزاج المغرم بالألعاب، الذي ورد في فيلمهما الأول ''ملك وكتابة'' الذي شارك فيه أيضا هند صبري وخالد أبو النجا، تشير وقائع أخرى إلى ان الثنائي المتناغم في الكتابة قدم السيناريو إلى جهاز السينما التابع لمدينة الانتاج الاعلامي المصرية بعنوان ''بأمر الحب''، وورد هذا العنوان في الصحف كثيرا في سياق مشاكل متعددة حول الفيلم بعد استبعاد المرشح الأول للبطولة حينذاك الفنان خالد النبوي، وقيل إن ممدوح الليثي رئيس الجهة المنتجة هو الذي أسند بطولة الفيلم الى شريف منير، ورد الليثي بأن ذلك قرار المخرج، واندلعت حرب تصريحات قادها النبوي ضد الليثي والكاتبين معا، وأكد أنه صاحب عنوان الفيلم، وأنه ظل أكثر من عامين يناقش السيناريو وأجرى التعديلات مع سامي حسام في منزله، خاصة أن سامي كان يفكر في إخراج الفيلم بنفسه كأول تجربة روائية له، وذكر النبوي ان الاسم الأصلي للسيناريو كان ''لعبة الحياة''· واتضحت معلومات اخرى عن المسار العجيب للفيلم ان ليلى علوي كانت المرشحة الأولى لبطولته، وأنها قدمت السيناريو بنفسها لجهات الانتاج ومن بينها مدينة السينما، كما كان مرشحا لإخراجه في البداية المخرج الكبير علي بدرخان، وعندما اعتذر سعى النبوي لاقناع الليثي باسناد الاخراج لحسام الذي كان متحمسا لظهور أول فيلم له، لكن الرياح أتت بما لم يشته خالد وحسام معا، وتم إسناد الاخراج لمحمد علي في أول تجربة طويلة له، وتوقف الفيلم طويلا قبل أن يظهر هذا العام بفريق مختلف عن التصورات التي بدأ بها قبل خمس سنوات بعد مشاركة هند صبري وبسمة وبشرى وخالد أبو النجا ومحمد سليمان، ومعتز التوني· ملك وكتابة والفيلم لا يختلف كثيرا عن ''ملك وكتابة'' وربما كان أسبق منه في الكتابة، لكنه تأخر في العرض لأسباب انتاجية، حيث يبدو وكأنه إطار عام لفيلم ''ملك وكتابة'' الذي ركز على حالة واحدة من الحالات المتعددة التي طرح فيها هذا الفيلم المفاهيم المختلفة عن العلاقات بين الرجال والنساء من خلال علاقة عصام وليلى اللذين يلتقيان لأول مرة بشكل عابر ويتصادمان منذ اللحظة الأولى، ويتبنى كل منهما فكرة مختلفة عن مفهوم العلاقة بين الرجل والمرأة، ويحاول فرضها على الآخر· وعندما يلتقيان مرة أخرى بعد عدة سنوات تكون الحياة قد انضجتهما· والفيلم هو رحلة التحول في علاقتهما واكتشافهما أن علاقة الرجل والمرأة هي علاقة شراكة وليست حربا يجب أن تنتهي بانتصار أحدهما على الآخر· والفيلم يبدو ناعما، ويذكرنا بتيار الكوميديا الرومانسية في السينما الأوروبية من دون ان يصل إلى فلسفة الفرنسي جان لوك جودار، أو التشريح النفسي للسويدي انجمار برجمان، لكن جوهر الفيلم عنيف ومحبط، ويناقش بجرأة قضايا خطيرة تمس الأخلاق والحرية والقيود الاجتماعية، من دون أن يهاجم أي طرف، مفضلا عرض الأحداث والمواقف تاركا الحكم للجمهور· هناك ''ليلى'' (تقوم بدورها هند صبري) مصممة الازياء التي تقيم علاقة مع طبيب الاسنان ''عمر'' (يقوم بدوره محمد سليمان) وهي فتاة متحررة تعرف ما تريد، وترفض سيطرة الرجال على المجتمع، وعندما تكتشف أن ''عمر'' متردد وأناني وأسير لرؤية تقليدية عن المرأة تهجره وتحاول ان تبدأ حياتها من جديد· على الطرف الآخر هناك خالد أبو النجا فى شخصية ''عصام'' الذي يعمل أيضا في مجال تسويق الأزياء، ورغم أن دراسته ومهنته والمجال الاجتماعي الذي يتحرك فيه يتيح له فرصة اكبر لتفهم الحرية بكل أعبائها، فإنه نموذج للرجل التقليدي الذي يحب بطريقة ويتزوج بطريقة أخرى، فهو ينحاز للتقاليد ضد المشاعر، ويرفض سلوك ''ليلى'' صديقة شقيقته، ويقرر الزواج بطريقة تقليدية، ويفضل أي فتاة جميلة رقيقة من أسرة طيبة، والأهم ألا تكون قد ارتكبت جريمة حب رجل آخر قبله، ويجد ذلك في ''حنان'' (قامت بدورها بسمة)، ولكن بعد ثلاث سنوات من زواجه، يكتشف مدى تعاسته، ويصيبه الملل، وينهمك في العمل، مهملا زوجته التي اعتادت غيابه· وتبدو ''حنان'' زوجة مهضومة الحق، منسية المشاعر، باحثة بلا جدوى عن حب لم ينبت في تربة ''خرس الأزواج''، وعن هذا الدور الملتبس قالت بسمة: كنت قلقة من شخصيتي فيه، كنت أخشى كراهية الرجال لحنان، لأنها زوجة نكدية، متذمرة دوماً في الشق الأول من الفيلم، قبل وضوح الظلم الذي تعانيه· وفي واحدة من المصادفات يلتقي عصام وليلى في محطة مصر للقطارات أثناء سفرهما إلى الإسكندرية، وتنضم ليلى كمصممة أزياء الى الشركة التي يعمل بها عصام· وجوه وأقنعة ويبدأ نوع من الصراع الداخلي المستتر حول أقنعة زائفة يحاول من خلالها كل طرف أن ينتصر لطريقته في الاختيار والحياة، مشيرا الى سعادة كاذبة، لكن ''اللعبة'' كما يصورها الفيلم تنتهي بمشاعر حب متوترة، تشهد نوبات من الشد والجذب، والاقتراب والابتعاد، وفي إحدى هذه النوبات التي ابتعد فيها عصام، تقرر ليلى الابتعاد لتفكر في حياتها وعلاقتها المرتبكة، وفي الطريق إلى الإسكندرية يكتشف عصام مدى حبه لها فيلحق بها في نفس المحطة التي شهدت لقاءهما الأول· ثنائيات ''عصام وحنان''، و''ليلى وعمر''، ثم ''عصام وليلى''، لم تكن هي النماذج الوحيدة في ''لعبة الحب''، فهناك ''سمر وبلبع'' (لعب دورهما بشرى ومعتز التوني)، وسمر نموذج لفتاة مترددة غير قادرة على حسم اي قرار في حياتها، فاستسلمت للارتباط الاجتماعي كبديل للحب وهمومه وتزوجت من قريبها بلبع، بلا حب، أو اقتناع، مستجيبة لرغبات والديها، ولنداء الزواج المستمر في داخلها، ثم تشعر بعد ذلك بقليل من الندم وتبوح لصديقتها ليلى برغبتها في الطلاق لكنها لا تجرؤ على مجرد اعلان رغبتها· وهناك ايضا ضيفا شرف الفيلم منة شلبي وتامر حبيب كاتب السيناريو الذي استهواه التمثيل مؤخرا، في دور زوجين أدركا ضياع الحب منهما، لكنهما قررا الاستمرار في العلاقة والتعامل مع حياتهما كأنها مباراة للمشاكسة، وهذا النموذج العابر هو المبرر الوحيد لعنوان الفيلم، ويدعمه دور ''عطية'' بواب العمارة التي تسكنها ''ليلى'' والذي تربطه بها علاقة مطاردة وتلصص، فهو لا يرضى عن طريقة حياتها ويظهر كلسان حال لتقاليد المجتمع، ويوجه النصح والسخط في مواجهة سلوك ليلى الغريب، وإقامتها مع رجل بلا زواج· ورغم الصدمة التي أحدثها الفيلم للتيارات المحافظة، والتي دفعت نائبا إخوانيا في البرلمان لتقديم استجواب ضد الفيلم الذي يصور علاقات كاملة بين الرجل والمرأة بلا زواج، فإن الفيلم على الشاشة لم يقدم أي مشاهد مبتذلة، ولم يلجأ الى مغازلة الجمهور بالعري او الرقصات، وناقش موضوعه بدقة واحترام من دون اسراف، مع جرعة كوميدية محسوبة خففت من وطأة الميلودراما ومشاهد الهجر والفراق والطلاق، ونجح المخرج محمد علي في إدارة الممثلين بأسلوب سلس، وساعده على ذلك تمكن ابو النجا وهند صبري من أداء دورين تخصصا فيهما من قبل، كما بدا المونتاج موفقا في اسلوب الانتقال من مشهد الى آخر بطريقة ''الاظلام التدريجي'' لتحقيق قدر أكبر من النعومة والسلاسة، بعيدا عن القطع المفاجئ الذي لا يلائم الأحداث وطبيعة الموضوع، ولعب التصوير بقيادة سامح سليم دورا واضحا في تلقائية المشاهد، حيث كانت الكاميرا في مستوى النظر العادي، بلا زوايا غريبة، ما أضفى جوا من الحميمية، واتاح للمشاهد فرصة أكبر للتشبع بتعبيرات الوجه ومشاعر النفوس القلقة التي جسدتها موسيقى تامر كروان التي صاحبت الانفعالات النفسية من دون ان تسرق المشاهد من الفيلم· الإتحاد الإماراتية في 7 ديسمبر 2006
|
"مهرجان نانت للقارات الثلاث" في شبه غياب لأفريقيا والعالم العربي صراع الأفراد داخل جماعاتهم مع المعالجة الدرامية والإيقاع البطيء نديم جرجورة |