سجل المخرج العماني خالد الزدجالي اسمه كواحد من رواد السينما في الخليج بإطلاقه أول فيلم عماني “البوم” الذي عرض في القاهرة في إطار فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي متنافسا في مسابقة أفضل فيلم عربي، وبأول أفلامه فتح “الزدجالي” بابا طال إغلاقه للتأسيس للسينما في سلطنة عمان، ولم يكتف بهذا الدور التاريخي، لكنه حمّل فيلمه فكرا جديراً بالاحترام فجاء حاملا للهوية العمانية وهو ما أكسبه أهمية اكبر لكونه فيلماً يعبر بإخلاص عن قضايا جوهرية في المجتمع العماني الزدجالي حرص على أن يحشد لفيلمه أسباب النجاح رغم انعدام أسس صناعة السينما في السلطنة مستعينا بطاقم تصوير من الهند التي أنجز فيها أيضا المراحل التقنية من مونتاج وتحميض وطبع، ومن مصر استعان بالفنان سعيد صالح في دور مدرس مصري وبخبرة د. كامل القليوبي كمشرف فني ولعب أدوار البطولة فيه فنانون عمانيون منهم، طالب البلوشي، زهي قادر، أمينة عبد الرسول، صالح زعل، سعود الدرمكي، زكريا يحيى، عصام يحيى، فريدة نور، سالم بهوان.

المخرج خالد الزدجالي  الذي شارك قبل أيام كعضو لجنة تحكيم في فعاليات مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون  درس السينما في المعهد العالي للسينما في القاهرة ثم نال الدكتوراه عام 1999 في نظرية الفيلم من جامعة فلوريدا بالولايات المتحدة، ثم تلاها بدكتوراه ثانية في دراما الطفل في المسرح والسينما والتلفزيون من جامعة “هال” البريطانية، ويلعب عدة أدوار مهمة في الساحة الفنية العمانية فهو رئيس الجمعية العمانية للسينما ورئيس مهرجان مسقط السينمائي، ويشغل منصب مدير عام قطاع الإنتاج بالتلفزيون العماني، وفي رصيد الزدجالي الفني رحلة فنية متنوعة بين الكتابة والإخراج للمسرح والتلفزيون إلى جانب عدد من الأفلام التسجيلية.

في القاهرة باركنا خطوته الرائدة وسألناه:

·         ما ظروف ميلاد فيلمك والعقبات التي تجاوزتها لإنجازه؟

 كنت أريد أن يأخذ الفيلم الأول صيغة سينمائية تماما لذلك رفضت أن أصوره بكاميرا ديجيتال، وإنما بكاميرا سينما 35 مللي وسكوب أيضا، فلأنه الفيلم العماني الأول وليس فقط الأول بالنسبة لي كانت عندي إشكالية الحساسية تجاه التاريخ فكأنه يسجل تاريخا تماما كما تعلمت كيف سجل كمال سليم تاريخا لبداية سينما الواقع المصري، أردت فيلما يحمل مواصفات السينما كما أحبها والصبغة العمانية من المكان والممثلين وقبلهم القضية التي يقدمها، فهذا هو ما يخلق خصوصية سينما ما في نظري وليس استيراد عناصر أجنبية أو تقديم قضايا لا تشتبك مع الواقع.

وفي التنفيذ واجهتنا في البداية عقبة التمويل، وعدم الوعي بأهمية صناعة فيلم عماني من أصحاب رؤوس الأموال، لكن تجاوزناها بإنتاجه من خلال الجمعية العمانية للسينما وبمساهمة من وزارتي التراث والثقافة والإعلام.

·         وكيف تغلبت على مشكلة غياب المعدات والكادر الفني؟

 استعنا بفريق تصوير هندي محترف وأجرنا الكاميرا من الهند واشترينا بعض المعدات الأرخص وقمنا بتدريب عدد من الفنيين العمانيين، وشارك د. القليوبي بدور كبير في ذلك والنتيجة الايجابية من وراء التجربة أننا مهدنا الطريق لتجربة الفيلم التالي بإيجاد بعض المعدات والفنيين والمساعدين الذين خاضوا التجربة العملية.

·         لماذا اخترت الذهاب إلى عالم الصيادين تحديداً؟

 لأن عمان اشتهرت على مدار التاريخ بالنزول للبحر، والسفر للهند وزنجبار، وحتى عام 1964 كانت عمان إمبراطورية تتبعها عدة مدن على سواحل أخرى غير عمانية مثل الجواده والشهباره وزنجبار نفسها، فارتباط العماني بالبحر كبير.

·         ألم يكن الذهاب إلى هذا العالم بعيداً عن الواقع؟

 لا فهذه مشكلات وحوادث حقيقية تحدث في حياة الناس الذين يعانون من الدور الذي تقوم به الجرافات التي تنتشر بكثرة على السواحل وتضر بمصالح الصيادين الصغار ويرتبط أصحابها بمصالح شركات عالمية وتستخدم أساليب ضارة في الصيد من استخدام المتفجرات وغيرها وهي جريمة، لذا أثار الفيلم حفيظة كثير من أصحاب المصالح مقابل الأثر الجيد الذي وجده عند المثقفين والجمهور باعتباره بداية حديث عن المسكوت عنه وانتقاد الأوضاع التي تضر بمصالح البسطاء وكان هذا هو التحدي بالنسبة لي لأن الفكرة السائدة عن الدول النفطية أن الناس فيها لا يعانون مشكلات اقتصادية.

·         للمرأة دور مميز في فيلمك فهي فاعلة ومؤثرة هل المرأة هكذا بالفعل في المجتمع العماني أم الفيلم محاولة لدفعها للمشاركة؟

 قبل عشر سنوات كان من الصعب الحديث عن مشاركة المرأة في الحياة العامة لكنها في الفترة الأخيرة صارت موجودة في مختلف الأعمال والمواقع وعينت أربع وزيرات إضافة إلى مشاركة مماثلة في مجلس الدولة، هناك توجه رسمي لدعم مشاركة المرأة، في فيلمي أردت أن أعطي دفعة لدور ومشاركة المرأة في الحياة اليومية.

·         كان لافتا أن تعطي هذه الأهمية لدور المرأة سينمائيا رغم قلة عدد الممثلات عندكم، فهل وجدت صعوبات في اختيار الممثلات؟

 بالفعل نعاني من النقص الحاد في العنصر النسائي رغم أن المرأة العمانية دخلت مجال التمثيل منذ عام 1968 وكانت بداية مبشرة إلا أن هذا التوجه تراجع وبالفعل شهدنا تجارب ممثلات كثيرات ينسحبن من العمل الفني بعد الزواج لكن هذا أدعى للبحث عن دور لها، في فيلمي شاركت الفنانة أمينة عبد الرسول وهي من المؤسسات والكوادر الهامة في المسرح العماني وزها قادر اشهر نجمات الدراما العمانية الشابة، عموما لا ادع مشكلة نقص عدد الممثلات تحدد أفكاري ففي أعمالي الدرامية للتلفزيون هناك تسيد لحضور المرأة التي تشغل قضاياها كل أعمالي ففي الفيلمين التلفزيونيين “العرس” و”المناطحة” ناقشت سطوة التقاليد وأثرها على المرأة في عادات الزواج وفي مسلسلي “البريق” و”الوهج” تتبع لتجربة امرأة تعمل بالفن والصحافة بما لها وما عليها.

·         ماذا عن أعمالك الأخرى تلفزيونيا؟

 قدمت للأطفال مسلسل “أيام العز” وشاركت في مشروع مجلس التعاون الخليجي “افتح يا وطني أبوابك” وهو الجزء الثاني من برنامج الأطفال “افتح يا سمسم”، وقدمت فوازير رمضان “البلادين” و”إحنا وين” لمدة عامين ودراما توعية سلوكية في سلامتك وكمنتج شاركت بإنتاج عدد من الأعمال الدرامية والبرامج مع مصر وسوريا منذ عام 1990 من خلال شركتي “عمان للإنتاج الفني”.

·         ماذا عن تجربتك في المسرح؟

 تجربتنا في المسرح العماني هي الأهم في تكويننا الفني، بالنسبة لي بدأت كالعادة في المسرح ممثلا منذ الدراسة الثانوية واستمر العمل في المسرح إخراجا وكتابة قدمت فيها عدة مسرحيات قصيرة منها “المياشين”، موظف مهم”، “مستشفى المجانين” و”شكراً حاول مرة أخرى” وغيرها، وللأطفال مسرحيات “التفوق”، “الدب والحجارة” و”توتي وتيتي”.

·         وماذا عن التجارب في السينما التسجيلية والقصيرة؟

 قدمت عدة أفلام تسجيلية منها.. “اليمن من الدمار إلى العمار”، فيلم عن العداء العماني محمد عامر المالكي، إضافة إلى العديد من الأفلام عن قرى عمانية وعن المتاحف والقصور.

·         هل يعني هذا أن نرى فيلمك الثاني قريباً؟

 اعمل الآن بالفعل على مشروعين أحدهما مازلت أكتبه والآخر فيلم أمريكي لكاتب السيناريو الكندي ستيج دور الذي يعمل الآن على إنجاز فيلم عن الانتهاكات الأمريكية في العراق سنتناول فيه جريمة اغتصاب جنود أمريكان لفتاة عراقية وقتل عائلتها، من المنتظر أن نبدأ التصوير فيه في شهر مارس في ميتشجان، وهو فيلم موجه للغرب بممثلين أمريكان يفضح دعاوى السياسة الأمريكية وجرائمها في العراق.

الخليج الإماراتية في 4 ديسمبر 2006

 

مهرجان السينما الأوروبية بدأ حاشداً ثم تفرق جمعه

"صيف في برلين".. والنسق اليومي لحياة مملة

نديم جرجورة  

افتتح <مهرجان السينما الأوروبية> دورته الثالثة عشرة مساء الخميس الفائت. بدا الحشد في القاعة الكبيرة ل<قصر الأونيسكو>، الذي لبّى دعوة <بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان>، وكأنه يساهم في بلورة أفق هذا المهرجان السينمائي السنوي الأقدم في بيروت. فعلى الرغم من التوتّر الذي يخيّم على المدينة وناسها، أصرّت إدارة المهرجان الأوروبي أن تحتفل بالسينما، بإطلاق دورة ضمّت عدداً من العناوين السينمائية القديمة والجديدة. وبافتتاح هذه الدورة، بدت <البعثة الأوروبية> وكأنها تقول علناً إن مهرجانها السينمائي مستمرٌ في مقارعة الموت والفوضى والتمزّق والانكسار، بتحويل الشاشة الكبيرة إلى مساحة حرّة للنقاش والبحث عن صُوَر مقتبسة من واقع العيش والتفاصيل الإنسانية. غير أن الحشد تفرّق سريعاً في الأيام القليلة اللاحقة للافتتاح، على الرغم من أن المهرجان الأوروبي هذا يُعتبر أكثر المهرجانات المُقامة في بيروت جماهيرية.

مهرجان في بيروت

بدأت العروض السينمائية الخاصّة بهذه الدورة بعد ظهر الجمعة، أي بعد ساعات قليلة على إطلاق المعارضة اللبنانية اعتصامها المفتوح ضد السلطة القائمة حالياً. في الصالتين التابعتين ل<أمبير صوفيل> في الأشرفية، تُعرض أفلام مصنوعة بهواجس البحث عن أجوبة للأسئلة الإنسانية المعلّقة. وفي ساحتي رياض الصلح والشهداء، يُعيد لبنانيون طرح أحد الأسئلة اللبنانية المعلّقة في فضاء النزاعات والأحقاد، ويحاول آخرون العثور على جواب عن موعد انتهاء مسلسل البؤس والمتاهات القاسية التي يغرق فيها الجميع، لأن المعنيين بالشأن العام لا يستمعون إلى صرخة مواطن، ولا يأبهون بالموت اليومي الذي يعيشه اللبنانيون جميعهم، جرّاء سياسة رعناء وصدام عنيف بين المسؤولين السياسيين. والمشكلة الأبرز، في هذا الإطار، كامنةٌ في أن ما يجري في هاتين الساحتين ارتدّ سلباً على الصالتين السينمائيتين الأوسع من تلك الساحات المنغلقة على نزاعات المصالح الضيّقة والتشرذم المجتمعي الخانق.

اختارت إدارة <مهرجان السينما الأوروبية في بيروت> الفيلم الألماني <صيف في برلين> لأندرياس دريسن لافتتاح الدورة الثالثة عشرة، المستمرة لغاية العاشر من كانون الأول الجاري. هذا تقليد سياسي متّبع منذ ولادة المهرجان: فيلم الافتتاح يكون دائماً من الدولة التي تترأس الاتحاد الأوروبي في فترة انعقاد الدورة السنوية. لا يهمّ أي شيء آخر له علاقة بالجانب الفني الإبداعي. السياسة تلعب دوراً أكبر من البحث عن الأفضل والأجمل. فعلى الرغم من أهمية الحضور الثقافي الذي صنعه المهرجان منذ إنشائه عام 4991، وعلى الرغم من قدرته على تأسيس جمهور سينمائي متواضع، فإن السؤال الأهمّ يبقى معلّقاً: ماذا عن آلية اختيار الأفلام كلّها، وليس فيلم الافتتاح فقط؟ سؤال مشروع لا يزال بعض الزملاء يطرحه، كلّما كشف البرنامج عن <عشوائية> ما في اختيار أفلام أوروبية وطالبية لبنانية تُعرض سنوياً على مدى عشرة أيام. بالنسبة إلى الأفلام الأولى، لا قواعد واضحة تحدّد آلية الاختيار، باستثناء التعاون الوحيد الذي تقوم به <بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان> مع سفارات الدول الأعضاء في <الاتحاد الأوروبي>. وبالنسبة إلى الثانية، تترك إدارة المهرجان قرار الاختيار لإدارات المعاهد السينمائية (التي يغلب عليها اسم <الدراسات السمعية البصرية>) العاملة في لبنان. أما بخصوص التجربة <الجميلة> والمستمرّة منذ أعوام قليلة بتقديم نسخ <مرمّمة> سينمائياً (!) أو على أشرطة <دي في دي> لأفلام لبنانية قديمة، قامت بها <مؤسّسة سينما لبنان>، فالاختيار يبقى مرتبطاً بما تستطيع هذه <المؤسّسة> أن تحصل عليه من أفلام قديمة، وأن تنهي ترميمه ونسخه وتجهيزه للعرض في الوقت المناسب.

<صيف في برلين>

يتناول الفيلم الأخير لأندرياس دريسن حياة مدينة وناسها. يلتقط نبضاً متوتّراً لأناس ضائعين في العزلة والألم، ولمدينة تتحوّل إلى حيّز صاخب يحاصر هؤلاء، ويمنع عنهم بعض حرية وهدوء. الصديقتان نايكي وكاترين تختصران الحكايات. تنزويان في مغامراتهما الليلية المتنوّعة، وتذهبان إلى بؤس الحياة في نهارات الصيف الحار لبرلين. تشتغلان من أجل عجائز أو أولاد. تبحثان عن فسحة أمل. تمارسان يوميات قاتلة من القهر ووهم العيش. تجدان في صداقة نشأت بينهما أداة حيّة لمواجهة طغيان الشقاء. تسكن نايكي في أعلى المبنى، وتقيم كاترين مع ولدها في طابق أرضي في المبنى نفسه. بين الطابقين، مسافة حب وانكسار. وبين الصديقتين، أيام تمضي وتفاصيل تنشأ ووجع لا ينتهي.

على الرغم من جمالية الحكاية التي تروي فصولاً من السيرة الذاتية لهاتين الصديقتين، إلاّ أن المعالجة الدرامية الخاصّة ب<صيف في برلين> لم تكن على قدر كبير من الأهمية الفنية والتقنية. ذلك أن السرد بطيء، والإطالة تسرق شيئاً كثيراً من الحكاية ومن قوة نصّها الدرامي. هناك تكرار واضح لمشاهد ومواقف. وهناك إعادة مملّة للنسق اليومي لحياتهما معاَ، أو لما تواجهانه من تحدّيات.

السفير اللبنانية في 4 ديسمبر 2006

 

«رهانات السينما المغربية» لحميد اتباتو.. تأصيل المتخيل

عمان - ناجح حسن 

يواكب كتاب رهانات السينما المغربية ـ الفاعلية الإبداعية وتأصيل المتخيل الصادر حديثا للناقد والباحث السينمائي المغربي الدكتور حميد اتباتو حالة الغزارة الإنتاجية في السينما المغربية اليوم ويقترح في مؤلفه هذا إيجاد رؤى لتلك الإسهامات تستفيد من الموروث التاريخي في المجتمع المغربي وتأصيله إبداعيا على الشاشة البيضاء.

ولهذا الغرض يركز المؤلف في أكثر من موضع وفصل في الكتاب على عناصر الوعي ووضوح الرؤية وتطوير الفعل الإبداعي وتعميق الانفتاح على القضايا التي تتوارى خلف دائرة النسيان.

يشير الناقد في مقدمته إلى ظاهرة اغتناء السينما المغربية بالإضافات الجمالية والفكرية والتقنية والتي تشكلت كابدالات جوهرية تسمح بتمييزها عن المواصفات التي درجت عليها في مخزونها القديم من الأفلام .. والذي ستوجب إعادة فحصه وقراءته نقديا من جديد لما يساعد على انطلاقة مستقبلية بعد تغير وسائل الإنتاج والتوزيع السائدة اليوم في عملية التحكم بصناعة الفيلم المغربي.

وتحت عنوان الواقعي والمتخيل في الإبداع السينمائي المغربي .. بين زيف الحقيقة وبين صدق الموقف الفني يناقش اتباتو جوهر العملية الإبداعية في الصناعة السينمائية عبر طرح موضوع إشكالية الواقع والمتخيل في الفن السابع تاريخيا وحدود التباساته في استظهار مجموعة من العلامات ضمن مفاهيم الواقعي ، المتخيل ، التسجيلي ، الحقيقي ، الوثائقي .. لهذا كله يغوص الكتاب في التحليل الشاق والمتكىء على نظريات علم السينما والجمال من مصادر أصيلة بغية إيصال قارئه إلى جدل حيوي عاصف حول تصنيفات أفلام مثل : عشرة أيام هزت العالم في نسخته الروسية التي حققها ايزنشتاين ، و معركة الجزائر لبونتكورفو ، و نشوء لويس الرابع عشر لروسولليني، و روما فيلليني .. الخ وقد حضرت تلك الأمثلة نتيجة التشابه بين عوالم الإبداع السينمائي وعوالم الواقع .. وإن ما يعطيه قيمة اكبر للعملية الإبداعية في السينما هو قدرتها على الإيهام بالواقع في عملية التلقي .. فكل الفنون على اختلاف أنواعها ـ والسينما بصورة خاصة ـ تتوجه بشكل أو بآخر إلى إحساس الواقع عند المشاهد بيد أن ما يقصده المؤلف في تلك النماذج السينمائية إحساس الواقع لدى المشاهد وكيف بامكانه أن يصبح شاهدا وحتى مشاركا في الحدث الدائر مباشرة على الشاشة البيضاء مهما كانت أحداث الفيلم غارقة في الخيال.. وهكذا فالمشاهد لا يلبث أن يتعايش مع الحدث بإحساس انفعالي خاص رغم انه يدرك بين الحين والآخر إن ما يراه على الشاشة مجرد أحداث خيالية لا تتماشى مع الواقع .

يسترسل المؤلف بالحديث عن إبداعية العمل السينمائي الذي ينحصر بأغلبيته في الحديث عن عنف الزيف والإيهام ويقود القارىء معه إلى مستويات أخرى من أشكال التزييف: تزييف الكائن الإنساني وتزييف المكان وتزييف الزمن وصولا إلى تزييف الحدث.

وكما كل أبداع شيدت السينما المغربية عوالم أفلامها انطلاقا من تسجيل الواقع المباشر من داخل النوع الوثائقي أو السعي إلى استنساخه .. وكيف تتحول الوقائع الحقيقية في الفيلم السينمائي إلى علامات ذات رموز ودلالات مختلفة.. وهو ما يستعرضه الكتاب في نماذج من السينما المغربية بأفلام : باديس لعبد الرحمن التازي ، مبروك لادريس شويكة ، علي ربيعة والآخرون لأحمد بولان ، بيضاوة لعبد القادر لقطع ، و حلاق درب الفقراء لمحمد الرقاب وجميعها تبرز ضمن معالجاتها الفنية والفكرية صورا ومواضيع من أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتطرح من جملة ما تطرح مسائل البؤس وقضايا الفقر وعنف الهجرة و تجليات الآخر ونزوع المحافظة والتجديد والذاكرة والهوية وملامح عزلة الفرد وتفسح للمشاهد أن يعاين ويتقرب من رقعة واسعة في تفاصيل الحياة اليومية.

يمتلىء كتاب رهانات السينما المغربية بالكثير من المصطلحات الصعبة على القاريء العادي كونه قادما من جهد إبداعي أكاديمي يمتلك رصانة البحث والتقييم المتكئة على حقول فلسفية وعلمية وجمالية ونفسية تشتبك مع لغة الصورة واشاراتها ودلالاتها .. وهو ما يسد فراغا تعاني منه المكتبة العربية.

الرأي الأردنية في 4 ديسمبر 2006

سينما القمم الشاهقة تكشف مفاتن الطبيعة المنسية

*بدل رفو المزورى  

مثلما ان للجريمة أفلامها، وللحب أفلامه، فان للطبيعة أفلامها أيضا. والطبيعة لا تكتمل من دون جبال.

وكانت افلام مغامرات الجبال، التى بلغت ذورتها فى اواسط القرن الماضي، محاولة لاعادة اكتشاف مفاتن الطبيعة المنسية ولتجسيد مغامرة الحياة نفسها، حيث تمتزج القوة بالتضحية، والبطولة بالحماقة، والعزلة بالأمل، والفردية المطلقة بالجماعية المطلقة أيضا. وكانت أفلام الطبيعة ومغامرات الجبال شهدت نهضة قصيرة بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت فرنسا منبع هذه النهضة، وبعدها فشلت كل المحاولات من أجل استعادة الزخم لسينما القمم الشاهقة.

وحاول ممثلون كبار ومن النخبة، مع مخرجين كبار ايضا، ان يعيدوا هذه الأفلام الى صالات السينما، ومنها "خمسة أيام وصيف واحد"، و"على حافة الهاوية"، مع الممثل العالمى شين كونرى والمخرج النمساوى والحاصل على جائزة اوسكار فريد سينمان "وهو متسلق للجبال"، إلا ان هذه المحاولات فشلت فى تحقيق النجاح المطلوب. ومنذ الثمانينيات، تحول "الفيلم الجبلي" الى مسلسلات وثائقية للتلفزيون، وكانت مصدراً جلب الكثير من الاموال.

ولكن غياب الأفلام "الجبلية" عن صالات السينما لم يمنعها من دخول المهرجانات. حيث أقيم "المهرجان العالمى لأفلام الجبال والمغامرات" فى مدينة غراتس النمساوية من 8/11 ولغاية 11/11 الماضي، وهو الثامن عشر فى تاريخه والذى يقام سنويا فى هذه المدينة، أما رئيس المهرجان فهو متسلق الجبال روبرت شاور.

تم تقسيم افلام المهرجان الى عدة أقسام:

- أفلام وثائقية عن الألب، وهى عن الرحلات والاكتشافات وتسلق الجبال ومتعلقة بروابط تاريخية،

- افلام تسلق فى الصخر والجليد، وتعرض مشاق هذه الرياضة ودوافع التعلق بها،

- افلام المغامرات وهى الافلام التى تركز على الاعمال البطولية للمغامرين،

- افلام الطبيعة والبيئة والتى تحض على الدفاع عن التوازن البيئى للأرض "الكوكب الوحيد الذى نستطيع العيش فيه".

- أفلام الالب والحضارات الغريبة وهى عروض لمواضيع اثنولوجية وحول حضارات غنية وجديرة بالحماية.

 

لقد خصصت عدة صالات لعرض هذه الافلام ومن الصالات هي: دار عرض شوبارت، صالة شتيفانى فى قاعة المؤتمرات، قاعة جبل شلوس بيرك، وقاعة شتايامارك.

وشارك فى هذا المهرجان، منتجون من عدة دول: المانيا، النمسا، فرنسا، سويسرا، ايطاليا، بلجيكا، النرويج، امريكا، بريطانيا، الارجنتين، سلوفاكيا، ولكن الحصة الكبيرة للمشاركات كانت من النمسا وبحضور ابطال الافلام.

عرضت صالة شوبارت السينمائية الافلام: "أبحاث فى القمم الجليدية"، "يد فاطمة"، "أسرار كليبرتون ـ أتول"، وهى جزيرة فى المحيط الهادئ وعلى شكل حلقة دارية وفى وسطها ايضا الماء، وفيلم مغامراتى فى كندا. ويتحدث فيلم "يد فاطمة" عن نرويجية عمرها سبع وعشرون سنة واسمها كارينا هوليكيم تزمع مع صديقتها تسلق جبل اسمه "يد فاطمة" فى مالي، ويبين الفيلم الطريقة المغامراتية والصعبة والظروف القاهرة فى درجة حرارة اربعين درجة فى الظل لتسلقهما للجبل والنزول بالباراشوت.

واستغرق عرض الفلم اربعين دقيقة. وتدور احدا الفيلم الايطالى "لا ثانية مثلما كان" حول مجموعة ستة طلبة تربطهم صداقة وهم فى صف واحد، يزمعون، بعد امتحانات البكالوريا، على رحلة فى جبال دولوميت فى ايطاليا. وبالرغم من ان الفيلم يدخل ضمن افلام المغامرات، فقد كانت له قصة رائعة ابدع ابطالها فى رسم معالم للتراجيديا الاوروبية وصورة التلاحم الشبابى واعطاء نموذج للصداقة بعد موت صديقهم فى الجبال اثناء البحث عن الصديق المفقود. وبقدر ما استمتع الجمهور بمغامرات الطلاب الستة، لكن الفيلم استطاع ان يبكيهم ايضا. واستغرق الفيلم مائة وست دقائق. وعرضت صالة شتيفانى فى قاعة المؤتمرات مجموعة من الافلام الوثائقية الرائعة، منها:

-"القمة المختفية"، وهو يتحدث عن رئيس المهرجان روبرت شاور وتسلقه قمة جبل يبلغ علوه ثمانية الاف واربع وستون مترا فى منطقة كاراكورم قبل احدى وثلاثون عاما. وعرض الفيلم لاول مرة بمناسبة المهرجان. وكان أبطاله ثلاثة أصدقاء من مدينة غراتس، وقام شاور بتصوير الرحلة. وكان شاور وضع حجر الاساس لرحلات عديدة من مقاطعة شتايامارك لتلك المنطقة. واستغرق الفلم ثلاثين دقيقة.

- "امتحان فى الصخر والجليد"، وهو فيلم المانى ومن اخراج وتصوير فريدولين باور ويتحدث حول ثمانية شباب من المانيا ورحلة تسلق جبل دريفيكا فى كاراكوم ومواجهة المخاطر، ولكن الرحلة تبدأ بمغامرات من باكستان. واستغرق سبع وعشرون دقيقة.

- "اُستاذ التأمل بوكار ريم بوجي"، ويدخل ضمن دائرة التعريف بحضارات الشعوب، واستغرق ست وخمسون دقيقة. وبصفته الابن الروحى لكالو ريم بوجى والقريب من دالاى لاما، اصبح بطل الفيلم استاذا للتأمل وقد ورث كما هو مشخص لحكمة قديمة والتى جاءت من جبل ويبعث التساؤلات عن معنى الحياة والمحبة والموت والفلم يدعونا ان نكتشف الحياة اليومية لهذا الاستاذ الكبير الروحى ومن خلال مرافقتنا له فى رحلة عبر مناطق الهملايا الهندية.

- "باتاكونيا ـ رحلة الى نهاية العالم"، وهو فيلم مغامراتى مثير واستغرق الفلم اربعين دقيقة من النرويج. وتدور احداث الفيلم حول باحث نرويجى "بيركى اوسلاند" ومتسلق سويسرى للجبال "توماس اولريخ"، يعملان فى احدى قرى تشيلى ومن هناك يتوجهان عاليا فى تحدى كبير لعبور ثالث اكبر قبعة جليدية فى العالم وحيث هناك تهب الرياح العاتية وهم يجرون وراءهم قواربهم المليئة بحاجاتهم وزادهم. واستغرقت الرحلة اربع وخمسين يوما.

- "فى ظل الصحراء"، وهو فيلم لبتينا هاسن من المانيا، وتدور احداثه فى النيجر، ويروى قصة طفل يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما واسمه جبريل، يرافق للمرة الاولى قوافل الملح، وتستغرق الرحلة 30 يوما ومسافة الف كلم مشيا على الاقدام فى اكبر صحراء جافة فى العالم، وحين تصل القافلة الهدف تقوم بالمقايضة مع اشياء اخرى وشراء بعض السلع الغير متوفرة فى بيئة جبريل وذلك بعد ان تكون القافلة قد تعرضت للعطش وللجوع. واستغرق ثلاثة واربعين دقيقة.

كما عرضت افلام أخرى فى المهرجان العالمى ومنها: "ضوء على الهملايا"، "البرج الاحمر"، "كومباي"، "ليبرى"، وأخرى تحمل اسماء جبال شهيرة. وفى الغالب فقد جاء ابطال الافلام لمشاهدة اعمالهم.

* شاعر ومترجم كردى مقيم فى غراتس -النمسا

العرب أنلاين في 4 ديسمبر 2006

 

مساحات سينمائية:

جائزة الأوسكار.. متى تأسست وكيف؟

كتب: جاسم المطير 

استفسرت قارئة كريمة عن أصول جائزة الأوسكار وتاريخ تأسيسها وآلية عملها، وقد وجدت ان الاستجابة ضرورية لتعريف ذلك الى جيل القراء الجدد، خاصة من الشباب الذين قالت انهم يسمعون بجائزة الأوسكار ولا يعرفونها. وها أنذا أكتب عن فعالية الأوسكار وجائزتها على أرض الواقع كشهادة فنية كبرى في ميدان السينما العالمية، حيث جرى منذ أول احتفالية لجائزة الأوسكار في 1929 وحتى الآن توزيع 2578 جائزة هي تماثيل صغيرة مغطاة بالنحاس والنيكل والفضة والذهب.

انبثقت فكرة تأسيس جائزة الأوسكار اثر ولادة فكرة تأسيس 'أكاديمية العلوم والفنون السينمائية' في اجتماع خاص في يناير عام 1927 بمنزل المنتج السينمائي الأميركي المعروف لويس ماير مدير استديوهات مترو غولدين ماير. وكان قد شارك في هذا الاجتماع ست وثلاثون من ابرز الشخصيات والنخب المهنية والابداعية السينمائية الأميركية آنذاك. وبعد عدة شهور من الأعمال التحضيرية والتكميلية جرى في الرابع من شهر مايو 1927 تسجيل طلب التأسيس رسميا تحت اسم 'أكاديمية العلوم والفنون السينمائية' في ولاية كاليفورنيا التي اقرته في الحال. كما عقد المؤتمر التأسيسي الأول في فندق بالتيمور بالولاية نفسها.

وقد نص النظام الداخلي لطلب تأسيس الأكاديمية على تشكيلها من خمسة فروع سينمائية هي:

1 ـ فرع الانتاج.

2 ـ فرع التمثيل.

3 ـ فرع الإخراج.

4 ـ فرع الكتاب.

5 ـ فرع المهنة السينمائية.

وفي ضوء النظام نفسه شكلت لجنة خاصة من الأكاديمية تتكون من سبعة أعضاء مهمتها التحضير لمنح جائزة سينمائية تحت اسم 'جائزة الأوسكار'، وفي مايو 1928 وضعت قواعد الجائزة وهي: ان تكون الأفلام قد عرضت في محيط مدينة لوس انجلوس، في الفترة من أول اغسطس 1927 حتى 31 يوليو ،1928 وان تتقدم الشركات بقوائم بها في موعد أقصاه 15 أغسطس، ويقوم كل فرع من الفروع الخمسة للأكاديمية بتقديم 10 تسميات في الجوائز التي تخصه، ثم يكون القرار الأخير، باختيار من يفوز بالجائزة، بيد ان شخصا واحدا، هو ممثل الفرع في مجلس ادارة الأكاديمية.

يذكر ان عدد الجوائز كان 12 جائزة، وبمرور الأعوام زاد عدد الجوائز الى 23 جائزة، تمنح من فروع الأكاديمية كلها، أو من لجان خاصة، وفي عام 2001 زادت الجوائز جائزة جديدة لأول مرة منذ سنة ،1980 وهي جائزة لأفضل فيلم رسوم متحركة طويل.

أول حفل لتوزيع الجوائز اقيم في 16 مايو .1929

اما الجائزة التي يحصل عليها الفائز فهي معنوية وليست مادية. تقتصر الجائزة على تمثال صغير لا تتجاوز كلفته اكثر من ألف دولار. تمثال الأوسكار يرمز الى رجل عار. يضم سيفا رأسيا امامه، ويقف فوق بكرة سينمائية فيها خمس فتحات فقط، رمزا لعدد فروع الأكاديمية.

وقد وضع تصميم التمثال ـ الجائزة الفنان الشهير سيدريك جيبونز، ونفذه خريج احد اساتذة الفنون الجميلة يدعى جورج ستانلي، وقد اختلفت آراء الباحثين عن سبب تسمية الجائزة ب 'الأوسكار' التي قيلت بشأنها آراء كثيرة، ومنهم من قال ان التسمية جاءت عفويا على لسان أمينة مكتبة الأكاديمية مارغاريت هيريك، عندما شاهدت نموذج التمثال للوهلة الأولى صاحت قائلة: 'انه يشبه عمي أوسكار'، فأصبح اسمه تمثال الأوسكار.

استمرت احتفالية الأوسكار السنوية منذ تأسيسها وحتى الآن أي طيلة 78 عاما، ولم تلغ اي احتفالية حتى في سنوات الحرب العالمية الثانية، لكنها تأجلت لبعض الوقت في ثلاث دورات: الأولى عام 1938 بسبب فيضان لوس انجلوس، والثانية سنة 1968 بسبب اغتيال داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، والثالثة سنة 1981 اثر محاولة اغتيال الرئيس الأميركي رونالد ريغان.

تمنح الأوسكار ثلاث جوائز لأفضل فيلم ناطق بالانكليزية، وأخرى للفيلم الناطق بغير الانكليزية، وثالثة لأفضل فيلم رسوم متحركة طويل، وهناك 4 جوائز أخرى: اثنتان للأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة، واثنتان لما يسمى أفلام الموضوعات القصيرة: واحدة للتمثيل الحي، وأخرى للرسوم المتحركة، وبإضافة جائزتين للتمثيل المساعد، أصبحت جوائز التمثيل .4 وقد استقر السيناريو بعد تعديلات عديدة على جائزتين لأفضل نص أصلي، وأفضل نص مأخوذ عن نص وسيط آخر.

جوائز التصوير والمناظر أصبحت واحدة فقط، وأضيفت جوائز لتصميم الأزياء، بينما بلغت جوائز المؤثرات الهندسية 4 جوائز للمؤثرات الخاصة، والصوت وتوليف الصوت والماكياج، كما اضيفت جوائز للمونتاج، بالاضافة الى مجموعة من الجوائز الخاصة، التي لا تخضع لنظام التسمية التقليدي، ولا تعلن في حفل توزيع الجوائز.

القبس الكويتية في 5 ديسمبر 2006

 

سينماتك

 

يستعد لفيلم عن فضائح أمريكا في العراق

خالد الزدجالي: "البوم" يؤسس للسينما العمانية

القاهرة - انتصار محمود:

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك