بورات: رحلة تعليمية لامريكا لمنفعة شعب قازاخستان العظيم فيلم كوميدي كتبه الممثل اليهودي البريطاني ساشا بارون كوهن (35 عاما) وهو ممثل يـأخذ الكوميديا بعيدا في التطرف من اجل الضحك والفضح. في بورات: يواصل كوهن قفشاته التي بدأها بعلي جي وهي الكوميديا التي اقامها علي تصرفات ابناء الاحياء واستخدم فيها لغة وحركات الشبان ولهجة الافروكاربيين. منذ ان وسع كوهن اهتمامه من التلفزيون الي السينما كان يلقي نوعا من الضحك والضحك فقط، ولكن فيلمه الاخير "بورات" وان حصد الكثير في شباك التذاكر الامريكية والبريطانية الا انه كان محلا للجدل والنقاش والتهديد من الذين شاركوا فيه او كانوا موضوعا لمقالبه برفع دعاوي قضائية ضد الممثل والمخرج والشركة المنتجة. والاتهام القائم هو اساءة تقديم مشاركات الذين كانوا موضوعا للمقالب ودفاع كوهين وشركته ان المشاركين وافقوا علي الظهور في الفيلم. الان الذين ظهروا في رحلة الصحافي بورات صاقكدييف الي امريكا يقولون انهم خدعوا وجروا لقول ما قالوا من تعبيرات ظهر انها عنصرية. بورات هو شخصية خيالية ظهر اولا في علي جي حيث يحمل كل مظاهر السذاجة والذكاء، يؤمن بثقافته المتخلفة ولكنه لا يبالي في صدم الذين يستضيفونه.

وقد كان بورات بمثابة الوجع لحكومة قازاخستان التي تساءلت عن هذه البلية التي نزلت عليها وتساءلت عن السبب الذي جعل هذا الممثل اليهودي المولود في غرب لندن (هامر سميث) ولم يزر قازاخستان ان يتبلي علي امة وشعب لا تشبه تلك التي يقدمها هذا الصحافي الاحمق للمشاهد البريطاني، والان قرر ان يقدمها في نسخة امريكية للعالم. كان رئيس قازاخستان، مؤدبا او اضطر لذلك عندما زار حاضرة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الاسبوع الماضي إذ قال ان بورات كان جيدا ومفيدا لصناعة السياحة في بلاده، لا اعتقد ان المئات الان يصطفون في مطار هيثرو لقضاء عطلة اعياد الميلاد هناك.

بورات قطعا ليس عن قازاخستان ولا عن الصحافي الذي يريد التعلم بل قازاخستان وسكانها البدائيون المتوحشون واللأخلاقيون، كما يظهرون في الفيلم هو عن الاخر، عن امريكا وعنصريتها او عدم اهتمامها او مبالاتها بوجود العنصرية داخلها، وهو ايضا عن البلاهة الامريكية وعن طبيعة الكوميديا او القالب الساخر الذي يضحك سكانها. بورات هو عبارة عن سلسلة من المقالب المعدة بشكل ذكي يشارك فيها اشخاص حقيقيون يوافقون علي تعليم بورات شيئا عن اخلاق امريكا، وبورات بحمقه وسذاجته وربما ذكائه كان قادرا علي الحك علي الجرح وعندها يخرج المكتوم والمكبوت. الآن يقول الذين شاركوا او قدموا تعبيرات عنصرية ان ما حدث هو عملية خداع. من سكان القري الرومانية الذين قالوا ان الشركة استغلت فقرهم ودفعتهم للتصرف امام الكاميرا بطريقة غبية مقابل حفنة من الدولارات، الي الناشطة الانثوية، والنائب في الكونغرس، وطلاب جامعة سكروا مع بورات في الطريق واخرجوا كل المضمر في انتقاد اليهود.

كوهين يقول عن نفسه انه يهودي ملتزم ويأكل طعام الحلال اليهودي الكوشير ولكن رحلته التعليمية باسم الشعب القزقي العظيم هي من اجل تعرية العداء لليهود في امريكا. عداء لليهود او السامية في امريكا؟ امر غريب ومستغرب هكذا كتب تشارلس كروثمار في واشنطن بوست يوم الجمعة، كيف يحق لهذا اليهودي الاوروبي ان يأتي لامريكا ويستفز سكانها خاصة الانجيليين ويتهمهم بالعداء للسامية، يقول كروثمار ان من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة، ففي النهاية العنصرية تطل بانيابها في اوروبا والعالم الاسلامي، خاصة ايران التي دعا رئيسها محمود احمدي نجاد لابادة اسرائيل.

ويذهب بعيدا المعلق هذا للقول ان امريكا هي البلد الوحيد التي قدمت لليهود الدعم والمساندة والنظيفة تماما من معاداة السامية، وان بحث كوهين عن العداء لليهود هو كمن يبيع الماء في حارة السقائين او الذي يستبضع التمر في هجر . كروثمار يتهم النخبة اليهودية الليبرالية التي صفقت لهذا الفيلم ويقول صحيح ان روزفلت، الرئيس الامريكي كان يضحك ويسخر من اليهود، وكذلك اوثر عن نيكسون كذلك الا انهما كانا اعظم رئيسين خدما اليهود الاول امن وطنا لهم والثاني انقذهم من الابادة في حرب اكتوبر او تشرين الاول او يوم كيبور (الغفران). ماذا يقدم لنا بورات في هذه الرحلة؟

يبدأ الفيلم المعمول بكاميرا فيديو عادية في قرية في قازاخستان حيث الناس يعيشون في حالة من الفقر المدقع، الشوارع متسخة، البيوت متداعية والسكان بؤساء ومتوحشون، هنا يدخلنا بورات الي بيت عائلته ويعرفنا علي زوجته البلدية المتوحشة، واخته التي فازت بكأس قازاخستان بالعهر، وامه العجوز الشمطاء وجاره الذي لا هم له الا مراقبته وشراء او امتلاك ما يحضره للبيت، واخيرا الماشية التي تعيش في نفس البيت وقريبا من غرفة الروبابيكا التي يعيش فيها بورات. تودع القرية بورات ومنتجه عزمت من التلفزيون القازاقي في رحلة لامريكيا. عزمت او عظمت، حيث يصلان الي مطار جي اف كيندي، ويخرجان حاملين معهما حقائبهما التي تعود الي العصور السحيقة والادهي من ذلك ان حقائب بورات كانت تحتوي علي دجاج يقفز في قطار الانفاق ويلاحقه بورات بين صراخ ركاب القطار. المضحك ان بورات الفضولي يحب ان يحيي الناس ويصر علي تقبيلهم وهنا موقف الامريكي من هذا الضيف العنيد والثقيل الذي يقابل بالتهديد من ناس عدوانيين او اشخاص يهربون ويجرون في الشوارع هربا من قبلة بورات. في الايام الاولي وبين انشغالاته بالمقابلات، يمارس بورات اعماله البدائية، يقعي للتبرز قرب الشوارع العامة، ويذهب الي الينابيع لغسل ملابسه الداخلية.

بعد وصول بورات امريكا يأخذنا الفيلم في رحلة مع عالم السياسة حيث يضطر نائب لان يبلع نكتة باردة من بورات ورجل علاقات عامة يتحدث عن طبيعة النكتة وما يضحك الامريكيين ولا يضحكهم، هنا يتمسك بورات او علي جي بقفشاته او كما يقولون بالعامية بهبلنته وقد يكون مدارا للضحك او لا، خاصة في محاولته لتعلم سياقة السيارة وصبر المرشد علي بورات. في واحد من المشاهد يقوم بورات بمقابلة عدد من الناشطات النسويات ويستفزهن عندما يقول ان النساء يسرن خلف الرجال في بلاده، ويسخر من فكر النسويات، حيث تقرر احداهن ترك اللقاء. في مشهد آخر، في ملعب وسباق للخيول او الكاوبوي يلبس بورات لباس الكاوبوي المطرز بالعلم الامريكي ويخطب علي مسمع الجمهور الذي يؤمن علي كلامه عندما يتحدث عن حرب بوش علي الارهاب، ويتمني لو قام بوش بشرب دم كل عراقي وابادة العراق ومن فيه او عليه بحيث لا تبقي فيه الا السحالي، وهنا يؤمن الناس ولكنه عندما يقوم بانشاد النشيد الوطني القزقي مستعيرا لحن النشيد الامريكي ضج الجمهور من قلة ادب هذا الضيف. بورات يريد ان يقول لنا ان هناك قشرة رقيقة تخفي عدوانية امريكا وتحيزها وعنصريتها، ففي زيارة لعائلة راقية كجزء من رحلته لتعلم الاداب والاخلاق الامريكية، وهو في الحقيقة اعادة لمشهد ظهر في سلسلته التلفزيونية، حيث يقوم باحراج القس عندما يتحدث عن قبح زوجته، ولكن اللافت في هذا المشهد ان بورات الذي تعود الاقعاء عند التبرز يجد صعوبة في استخدام الحمام الامريكي او الافرنجي ويعود حاملا برازه لسيدة البيت في كيس، وتتفهم سيدة البيت الارستقراطية جهل بورات بالعادات والتقاليد، خاصة انه من بيئة متخلفة وتقوم بتلقينه درسا حول كيفية تنظيف نفسه بورق التواليت. ما يثير في هذا المشهد انه عندما احضر فتاة سوداء من البنات اللواتي التقاهن في المواخير لا تحتمل هذه السيدة دخول الفتاة السوداء الي بيتها وتطلب من بورات مغادرة البيت حالا. بورات نفسه وصديقه عظمت ينتميان لثقافة تكره اليهود، ففي المشهد الاول في الفيلم نتابع سباقا شعبيا يتم فيه التشنيع بصورة اليهودي في قازاخستان، وفي رحلة بورات الامريكية يجد نفسه مع عظمت في ضيافة عجوز يهودي وزوجته حيث يستقبلان بطيبة ولكن مشاعر الخوف والرهاب من اليهودي تلاحق بورات وصديقه وعندما يحضر العجوز الطعام لهما في الغرفة يتردد بتناول الطعام خوفا ورهبا ويضطر لمضغ لقمة يرميها في منشفته عندما يتحول نظر العجوز الي صور علي الجدار وفي ليلة ما فيها ضو يهرب بورات من البيت بجلده وجلد صديقه عظمت.

بورات القادم من ثقافة تحتقر اليهود وتخاف منهم يجد ايضا عداء لليهود في امريكا عندما ينشد اغنية دعنا نرمي اليهود في ينضم اليه اشخاص اخرون في الحانة للانشاد وذلك في اريزونا، وعندما ينقطع في الطريق لكاليفورنيا حيث يرغب بمقابلة باميلا اندرسون من مسلسل بي ووتش يستضيفه طالبا كلية يسكران حتي النخاع وفي حالة السكر ينسي الطالبان نفسيهما ويطلقان كل المشاعر العنصرية المكبوتة داخلهما. سلسلة القفشات والمقالب تقود بورات من كارثة لاخري، يخسر عظمت في الطريق ليلتقيه في كاليفورنيا وقد اصبح مهرجا علي شاكلة هتلر، وتتعطل السيارة الكوميدية في الطريق، ويهشم مقتنيات محل للتحف الامريكية، ويتصارع عاريا مع عظمت في مشهد مقزز، وعندما تصل باميلا اندرسون، التي كانت توقع كتابها او مذكراتها يحاول اختطافها .. في النهاية يجد بورات نفسه وحيدا في السيارة المكركبة في حقل. وبعدها يعود الي بلاده ليجد ان شيئا لم يتغير سوي ان زوجته القاسية ماتت تحت عجلات القطار ورقص للخبر عندما كان في امريكا، الفلاحون وجدوا لعبة جديدة للكراهية.

بورات ومن خلال موقفه المعادي للسامية او الاقليات يحاول دفع الناس للحديث عن تحيزهم بدون خجل، وهنا يتساءل ان كان الناس معادين لليهود بطبعهم ام لانهم لا يهتمون، وعدم الاهتمام هو ما يقود الي هولوكوست جديد بالنسبة للذين شاركوا في الفيلم فبورات او ساشا خدعهم، واوقعهم في الفخ ولهذا يفكرون بمقاضاته.

ولكن حديثاً عن هولوكوست جديد في امريكا بسبب موقف الامريكيين وعدم اهتمامهم لم يعجب المعلقين اليهود في امريكا، لانهم يرون ان كل شيء قابل للتصديق والاحتمال في خارج امريكا، اما هنا في امريكا، فلا. يقول كوهين في مقابلة مع صحيفة الاندبندنت ان الفيلم والكوميديا ليسا عن قازاخستان وانما عن الاشخاص الذين يصدقون النكات التي يعملها، ويقول من سيصدق ان الشاذين جنسيا في هذا البلد يلبسون قبعات زرقاء والنساء يعشن في اقفاص ويشربن بول الخيول وان عمر الزاوج القانوني صار تسعة اعوام؟ .

ولكن ما الذي جعله يختار قازاخستان من دون بلاد الدنيا، يقول ان اختياره جاء لان الكثير من الناس لا يعرفون شيئا عن هذا البلد ولبعده ثقافيا وجغرافيا يسهل صناعة نمطيات عن هذا البلد وتقديمها في القفشات والوصلات الكوميدية. كل هذا وكوهين درس التاريخ في جامعة كامبريدج، وعمل قبل ان يصبح ممثلا في البنك الاستثماري المعروف غولدمان ساش. بورات يعتمد في اضحاكه للذين ضحكوا في صالات السينما علي فكرة الكوميديا المتطرفة، ولا اعرف السبب الذي جعل الامريكيين يضحكون خاصة ان السخرية البريطانية تختلف عن السخرية او النكتة الامريكية، كما قدمتها مسلسلات كوميدية معروفة، وتختلف عما يعرف بالنكتة اليهودية في نيويورك خاصة، حيث يسخر اليهود من انفسهم ويضحكون ويضحكون الاخرين. والكثير ممن حضروا الفيلم خرجوا بانطباعات متناقضة، بعضهم لم يضحك، واخرون غطوا وجوههم وهناك من خرج من الصالة. هناك مشاهد مضحكة ولحظات ساخرة في الفيلم ولكن ان يجمع المخرج هنا بين القرف والنكتة الفاضحة والسخرية كان عملا صعبا، ولا اعتقد ان شعبا اي شعب يحب ان يكون موضوعا للسخرية كما اختار كوهين قازاخستان، يكشمك !
اخرج الفيلم لاري تشارلس، وكتب النص بارون ساشا كوهين وانتوني هاينز.

ناقد من اسرة القدس العربي

القدس العربي في 27 نوفمبر 2006

 

غزل جديد بين الدراما والأدب

مسلسلات درامية وأفلام تبشر بمرحلة فنية مختلفة

القاهرة-العرب أونلاين- وصفى أبو العزم  

بعد سنوات من الخصام بين الدراما والأدب تعود الشاشة الصغيرة لتغازل الأدباء وأعمالهم، بعدما لجأ صناع الدراما إلى إبرام عقود أكثر من عشرة أعمال أدبية دفعة واحدة على رأسها الجزء الثالث من الحرافيش لنجيب محفوظ، وخيوط من مسرح العرائس لإحسا ن عبد القدوس، والنمل الأبيض لعبد الوهاب الأسواني، خليها على الله ليحيى حقي، وحياتى أنت لحسن شاه الذى عرض فى شهر رمضان، وحارة الزعفرانى لجمال الغيطاني، لا أحد ينام فى الإسكندرية، الذى كان من المفترض عرضه خلال شهر رمضان وطيور العنبر لابراهيم عبد المجيد.

البعض فسر عودة التليفزيون إلى الأدب بأنها محاولة لإنقاذ الدراما المصرية من أزمة بدأت فى رمضان الماضى بعد افتقاد الدراما التليفزيونية لأهم مصادرها باعتبار أن الأعمال الأدبية عصب الدراما الفنية، بينما يرى آخرون أن الأمر لا يمثل ظاهرة وأن اجتماع هذه الأعمال مع بعضها فى وقت متقارب هو من قبيل الصدفة، وفى الوقت الذى يجرى فيه حالياً تصوير معظم هذه الأعمال تشهد الساحة السينمائية حضوراً مكثفاً لفيلم عمارة يعقوبيان، المأخوذ عن رواية بنفس الاسم لـ د. علاء الأسواني، وبالرغم من أنه العمل الوحيد الذى انتقل من الأدب إلى شاشة السينما فى الفترة الأخيرة إلا أن الضجة أثارت العلاقة من جديد بين الأدب والسينما، والتى وصفت بالتراجع فى الفترة الأخيرة.

ومن جانبه يؤكد المؤلف السيناريست أسامة أنور عكاشة أن الأعمال الأدبية كانت، وستظل، من أهم مصادر الدراما الفنية، وخاصة التلفزيونية، مشيراً إلى أنه لم يحدث أن افترقت الدراما الفنية عن الرواية الأدبية، فالشاشة الصغيرة دائماً ما تستعين بروايات كبار الكتاب والأدباء، لكن على الرغم من ذلك فإن الأعمال الدرامية التى عرضت هذا العام لم تكن جيّدة، كما لم يتم عرض أعمال مأخوذة عن كبار الكتاب.

وأرجع عكاشة كثرة الأعمال المأخوذة عن روايات التى تم تأجيل عرضها لوقت آخر إلى كثرة الأقاويل التى ترددت مؤخراً عن تدهور مستوى الدراما التليفزيونية، وخاصة مسلسلات رمضان، مما أدى إلى البحث عن المضمون لتحقيق الأهداف الكيفية.

ويضيف عكاشة أنه لا يجيد الاعداد والاقتباس عن روايات أخرى لأنه فى الأصل روائى وقصاص، ولكن هناك كتاب آخرون يطلق عليهم سيناريست، وقال عكاشة : هناك فرق بين المؤلف والسيناريست، فالأول يكتب للفن مباشر، أما الثانى فهو يجيد عملية تحويل الرواية الأدبية إلى نص فنى ودرامي، وأضاف إن تحويل الأعمال الأدبية شيء مشروع، خاصة أن الكتاب يسبق العمل الفنى أى أنه حقق نجاحاً وأحدث تلامساً مع إحتياجات البشر وهمومهم وهذا التلامس لفت نظر السيناريست، أو المخرج، لدرجة جعلته يتبنى الرواية ويحولها إلى نص درامى يمنحها مزيدا من النجاح والشهرة باعتبار أن الأعمال الفنية لها مساحة أكبر من عدد المتلقين والمهتمين، لكن فى النهاية يظل للكتاب قيمته الأدبية الأكبر.

الدراما التلفزيونية

المخرج داوود عبد السيد يوضح أن اعتماد الدراما التليفزيونية على أعمال أدبية أسهل بكثير من السينما وأنه دائماً ما تشهد الشاشة الصغيرة محاولات من وقت لآخر، ولكن الأمر يختلف تماماً مع السينما، ويرى أن الأعمال الأدبية تصلح للتليفزيون فى الوقت الراهن ولا تصلح للسينما، فالمسلسل الذى يتناول قصة على مدار 30 حلقة قد يستوعب الرواية بأكملها ويكون فى النهاية مسلسلاً غنياً بالشخصيات والأحداث لكنه قد يحقق النجاح أو يفشل فى ذلك، ولا يعتبر عبد السيد كثرة الأعمال التليفزيونية المأخوذة عن روايات أدبية ظاهرة تقدم مؤشراً على نجاح مرتقب أو تفوق درامى تليفزيونى معللاً بأن المفهوم التجارى انتقل من السينما إلى الشاشة الصغيرة وأصبحت هناك مسلسلات تجارية.

ويضيف عبد السيد أن عملية تحويل الرواية الأدبية إلى عمل فنى ليست بالسهولة التى يتخيلها البعض فقد تفقد الرواية عظمتها عندما تتحول إلى عمل سينمائى أو تليفزيوني، لأن تحويل العمل من جنس إلى آخر يعنى أننا نخون العمل الأصلى وهى خيانة واجبة، ومهمة أخلاقية بالمعنى الفنى ولابد من حدوثها حتى تتوج الأعمال الأدبية الناجحة بالشهرة والأضواء التى تستحقها، بينما يرى المخرج مجدى أحمد على أن العودة إلى الأعمال الروائية فى الوقت الراهن حل مؤقت يتناسب مع المرحلة الانتقالية التى تعيشها السينما المصرية والحياة الفنية بشكل عام.

ويضيف أن اختيار الأعمال الأدبية وتحويلها إلى سينمائية يخضع للعديد من المعايير أهمها اقتناع صناع العمل السينمائى بأهمية الرواية وقدرة المخرج على تبنى وجهة نظرها للعرض، وكيفية العرض مع الوضع فى الاعتبار أن العمل الأدبى يختلف كثيراً عن العمل السينمائى لأن الأول يحتاج إلى خبرة وحرفية أعلى من خبرة السينارست والمخرج لتحويله إلى عمل فنى يتناسب مع احتياجات الجيل الذى سيراه ويتابعه وهو المتلقى للعمل المقدم، ومن هنا يرى مجدى أن المخرج لابد أن يكون لديه رؤية مستقلة على اعتبار أن أى عمل أدبى هو عبارة عن مجموعة من الأفكار التى تصاغ بشكل جديد وتختلف النظرة إلى هذه الأفكار من مخرج إلى آخر وهذا هو سر اختلاف المخرجين الذين يتعاملون مع الأعمال الروائية، لأن كل عمل إبداعى يعبر عن منهج المخرج الذى يتبناه فكرياً وفنياً.

العرب أنلاين في 27 نوفمبر 2006

خمسة أفلام لبرهان علوية على "دي.في.دي" بمبادرة "لكل الناس"

السينما في حيواتها الكثيرة ولجمهور غير منظور

ريما المسمار 

طوال العام الفائت شُغِل نادي "لكل الناس" بالتحضير لمشروع سينمائي هو حدث على الصعيد المحلي وخطوة لافتة تنطوي على الكثير من الحب والاصرار. تُوِّج ذلك الجهد قبل أيام بصدور خمسة أفلام للمخرج برهان علوية على "دي.في.دي".

* * *

لم يحظَ شريط "بيروت اللقاء" لبرهان علوية بعرض جماهيري وقت إبصاره النور في العام 1982 قبل عام واحد على الاجتياح الاسرائيلي. حالت ظروف الحرب دون ذلك كما يحلو لنا ان نعتقد. ولكن المشكلة أبعد. انها مشكلة السينما اللبنانية مع الانتاج والتوزيع او باختصار مع مقومات الصناعة. من هنا تتخذ خطوة النادي أهمية قصوى لجهة اعادة مد الجسور بين السينما اللبنانية والجمهور. ليس مشاهدو "بيروت اللقاء" المحتملون فقط ممن فاتهم الفيلم بسبب الحرب وظروفها بل هم ايضاً الشباب الذين لم يكونوا قد ولدوا بعد حينها. فإذا كان الـ"دي.في.دي" في أماكن أخرى من العالم هو من يؤمن الحياة الثانية للفيلم السينمائي، فإنه في بعض الحالات ­ومنها حالة علوية­ يبعث الحياة في فيلم اقترب من الموت بسبب انعدام طرق تواصله مع المشاهد.

"بيروت اللقاء" هو واحد من خمسة أفلام في المجموعة التي تضم العناوين التالية: "كفر قاسم"، "رسالة من زمن المنفى"، "لا يكفي ان يكون الله مع الفقراء" و"إليك أينما تكون". برزت فكرة إصدار المجموعة بعيد التكريم الذي نظمه النادي قبل عام في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 لعلوية في عنوان "برهان علوية اللقاء" وتضمن عرض الأفلام المذكورة.

"جمهور جديد فوجئ ببرهان علوية الغائب منذ عشر سنوات وبرهان ايضاً فوجئ بالشباب" يقول نجا الأشقر أحد مؤسسي نادي "لكل الناس" والمشرف على المشروع الحالي. بعد التكريم، تلقى النادي اتصالات كثيرة من أشخاص يرغبون في الحصول على نسخ للأفلام. "الغريب ان كثيرين ممن طلبوا الأفلام هم من خارج الحقل السينمائي كالمهندسين مثلاً الذين اهتموا بشريط لا يكفي ان يكون الله مع الفقراء". هكذا تبلورت فكرة إصدار الافلام على "دي.في.دي" بالاتفاق مع شركة الصبّاح للانتاج والتوزيع. الا أن الأحداث التي تلت بدءاً باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري قذفت بكل المشاريع الى أجل غير مسمّى. قرر النادي الاستمرار بالمشروع محصناً بثقة علوية الذي منحهم حقوق الافلام لنسخة "دي.في.دي".

يصف الأشقر العملية قائلاً: "بدأنا العمل في مضمار جديد علينا تماماً. كانت تنقصنا الرعاية المالية. تلقينا بعض المساعدات الصغيرة من جهات غير سينمائية ولكنها وجدت في الأفلام شيئاً مختلفاً. ثم واجهنا مشكلة أرشيف برهان المشتت والصور الضائعة."

المرحلة التالية تمثلت باختيار الأفلام الأمر الذي كان محكوماً بشرطين: الأول توفر نسخة سينمائية من الفيلم والثاني امتلاك علوية حقوقها. بعدها جرى العمل التقني من تنظيف الافلام ووضع الترجمة في "بيريتيك" بالتعاون مع مؤسسة سينما لبنان.

على الرغم من توافر نسخ الافلام، يؤجل النادي إطلاقها في الأسواق لتتزامن مع حدث آخر هو عرض الفيلم الروائي الجديد لعلوية "خلص". لا تختلف مسيرة الأخير كثيراً عن مصير "بيروت اللقاء" إذ يواجه مشكلات انتاجية تركته حبيس العلب منذ العام 2001 الى ان تولته "كفالات" مؤخراً وبات صدوره وشيكاً حيث سيقدم في عرض اول مطلع السنة المقبلة بالتعاون بين وزارة الثقافة والنادي.

أتاحت هذه الخطوة للنادي التفكير في مشاريع مشابهة في إطار ما أسماه الأشقر "الحفاظ على أرشيف السينما اللبنانية". فهناك أفلام لبنانية كثيرة مطلوبة او غير معروفة ولكنها غير متاحة كأفلام مارون بغدادي مثلاً الذي خصها النادي بأسبوع في العام 2001 او افلام الطلاب والافلام القصيرة التي تُعرض في مناسبة او اثنتين ومن ثم تنتسى. ولكنها مغامرة ايضاً تدخل في نطاق العمل المتخصص وتنطوي على ضرورة المعرفة بأصوله وتقنياته. "هذا ليس مجال عملنا في الأساس ولكن حبنا للأفلام أدخلنا المغامرة وجعلنا نسأل ونتعلم ونفهم أكثر من دون ان نتنازل عن القيمة الفنية والتقنية. مازالت مسألة التمويل هي الأصعب ولكننا نجد في هذا النوع من المبادرات من قبل جمعيات وأشخاص ما يمنع هيمنة المؤسسات والشركات الكبرى واحتكارها للافلام وحقوقها وتوزيعها." وهذه حال النادي ليس فقط مع الافلام وانما مع أنشطته الاخرى لاسيما الموسيقية حيث تتحول الحفلات الى مناسبة لعرض تسجيلات الفنان وبيعها بما يحول النادي مؤسسة وربما شركة انتاج في المستقبل للفنانين المستقلين في مواجهة احتكار الشركات الكبرى والاتجار غير المشروع بأعمال الفنانين.

الافلام والتحولات

ترتبط أفلام علوية بمحطات في حياته وتختزل منعطفات وتحولات. والأفلام الخمسة الصادرة على "دي.في.دي" تقدم مثالاً حياً على ذلك بدءاً بتجربته الروائية الأولى "كفر قاسم" عام 1974. كان الفيلم تعبيراً عن مرحلة سياسية وفكرية عاشها المخرج منذ وصوله الى باريس في العام 1968 بعد ترحال طويل ليحط في قلب ثورة الطلاب ومفاعيلها. هكذا انتقل من التيه الى الالتزام فأمضى سبع سنوات كاملة في العمل على افلام عن فلسطين ودرس خلال تلك الفترة السينما في بلجيكا. ولكن دراسته كانت تقنية فقط إذ ان نظرته الى السينما كانت قد شكلتها ثورة 68: السينما وسيلة للدفاع عن القضية والصورة سلاح ايديولوجي. كان "كفر قاسم" تجسيداً لذلك المفهوم السينمائي. ويروي علوية كيف انه تساءل غير مرة ان كان من الأجدر ان يذهب تمويل الفيلم الى دعم المقاومة الفلسطينية. تناول الفيلم المجزرة التي ارتكبها الاسرائيليون ضد مدنيين فلسطينيين في قرية كفر قاسم عام 1956 على الرغم من انها لم تكن حدثاً كبيراً قياساً على أحداث ومجازر أخرى. ولكن السينمائي الشاب وجد فيها استشفافاً لمستقبل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي عبر حكاية الغدر والدولة الديمقراطية الزائفة. على الرغم من انشغال المخرج بسينما القضية، الا ان فيلمه لم يخلُ من السينما كفن وجمالية. فقد اشتغل على تكسير الحدث وقدم في ادوار البطولة أشخاصاً ليسوا ممثلين محترفين. يبقى عالقاً من ذلك الفيلم ظهور لشخصية الشاعر محمود درويش في بداياته وخطاب جمال عبد الناصر في أعقاب هزيمة 1956.

برغم سوداوية الأحداث التي يرويها، جاء "كفر قاسم" من ايمان مخرجه بأن الثورة موجودة والنصر ممكن. كانت الحرب اللبنانية ضربة تُسدَّد الى "كفر قاسم" وتالياً الى آمال المخرج. حينها، امتلأ بالشك. قبل الحرب، كان المخرج يظن نفسه عارفاً عما يتحدث. لم تكن السينما بالنسبة اليه سوى تعبير عن واقع يدركه ومؤمن بإمكانية تغييره. ولكن الحرب كما يقول ألغت كل يقين لديه. عاد السينمائي الى السفر، فكانت رحلته الى مصر والسودان التي التقى خلالها المهندس المعماري المصري حسن فتحي. أثمرت الرحلة فيلمه الثاني الوثائقي "لا يكفي ان يكون الله مع الفقراء" عام 1978. ولكن الموضوع الجامد ظاهرياً (العمارة) كان في الواقع بحثاً في مشكلات العالم العربي وقصوره وكان تساؤلاً عن معنى الهوية ومكوناتها.

بعد انقضاء نحو ست سنوات على اندلاع الحرب اللبنانية وفي مرحلة سلم موقتة فاصلة قبيل الاجتياح الاسرائيلي، غاص علوية على الهم الداخلي والذاتي. أنجز فيلمه الروائي الثاني والذي سيظل أخيراً سنوات طويلة: "بيروت اللقاء" عام 1982. جاء الشريط في أعقاب التنظير المطول للسينما البديلة منذ اواخر الستينات على يد مجموعة من السينمائيين والنقاد اللبنانيين والعرب في مقدمهم علوية والراحلين مارون بغدادي وسمير نصري وجان شمعون ووليد شميط وآخرين. اختلفت اللغة السينمائية في "بيروت اللقاء" وهو ما يفسره علوية بالتحول الاول في مفهومه للسينما منتقلاً من سينما القضية الى سينما الذات. فهذا الشريط الذي يصور بيروت أثناء الحرب من خلال حكاية حبيبين تفرقهما الحرب والحدود بين شقي بيروت، أعطى المخرج نظرة سينمائية جديدة فأصبح يرى "اللغة حاملة للموضوع". بمعنى ما، كانت نظرة علوية الى بيروت في هذا الفيلم بسيطة، تختصر معاناتها في انعدام التواصل. ولعل مرد ذلك تصوير الواقع بفاصل زمني قصير او معدوم ربما عن الحدث.

أسست الأحداث المقبلة لاسيما الاجتياح الاسرائيلي لعلاقة مختلفة مع بيروت. من باريس، منفاه الاختياري، يخاطب علوية بيروت بفيلمه الوثائقي "رسالة من زمن المنفى" عام 1984. يجبل حكايته مع حكايات أربعة أصدقاء، يعيشون جميعاً خارج الوطن ويدركون في مرحلة متأخرة ان سفرهم هو قدر أبدي وان منفاهم في كل مكان. الفيلم واحد في مجموعة رسائل ـ أفلام كتبها المخرج الى مدينته التي يسميها "مدينة طريق، تتقاطع عندها الطرق ولا تنتهي فيها".

"إليك اينما تكون" كان ايضاً رسالة بصرية خطها عام 2000 حيث يصور السينمائي علاقة أكثر تعقيداً ببيروت. فعندما كان يخاطبها من الخارج من باريس، كان مازال في داخله إحساس بأنها الملاذ او ربما المحطة الأخيرة. ولكنه في "إليك أينما تكون" يعكس علاقة أكثر قسوة تربطه بها. انها ايضاً منفى، منفى المهمشين، كائنات الليل الأرقة المسكونة بماضٍ مرعب، لا تستطيع نسيانه.

المستقبل اللبنانية في 27 نوفمبر 2006

 

سينماتك

 

بورات: رحلة تعليمية لامريكا لمنفعة شعب قازاخستان العظيم:

 نكتة متطرفة صادمة وعنصرية تزيح الستار عن عنصرية امريكا.. وتدعو لان يشرب بوش دم العراقيين!

ابراهيم درويش*

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك