كانت مدة عرض الفيلم ساعتين ونصفا، تململت فيها أحيانا وابتسمت أحيانا أخرى وشعرت بالتوتر طول الوقت، وكنت أفكر بين الحين والآخر فيما يمكن أن أكتبه عن الفيلم الذى أعادنى إلى الماضى أكثر من ثلاثين عاما، حين كنا نرى مثل هذه الأفلام ونشعر بنشوة فائقة لم نكن نعرف لها سببا محددا، أما الآن وقد أصبحت - بعد مزاولة النقد أحيانا - أكثر وعيا بما تصنعه هذه الأفلام فى وجداننا، فإن الخدعة لن تنطلى على أمثالي!

خرجت من قاعة العرض وقد شعرت بأننى غير مضطر للكتابة عن هذا الفيلم التجاري الذى يحتشد بالعديد من التوابل السينمائية التقليدية، وعندما جلست على عجلة قيادة السيارة وجدتنى دون أن أشعر أمسك بها بطريقة مختلفة، وأنعطف يمينا ويسارا فى نزق، وحانت منى التفاتة إلى المرآة ففوجئت بأن وجهى تعلوه تلك الابتسامة المغرورة المتعالية، ونظرتى كأنها تخترق الأشياء والأشخاص الذين تقع عليهم عيناي، لم يكن ذلك وجهي، لقد كان وجه.... جيمس بوند!

للمرة الثانية ينجح المخرج الأمريكى مارتين كامبيل فى خداعى رغم أن محاولتى مقاومته، كانت الأولى مع الفيلم الذى أحيا أسطورة قديمة عرفتها فى طفولتي: قناع زورو، وهذه المرة عندما بدأ سلسلة جديدة من أفلام جيمس بوند بفيلمه الأخير كازينو رويال، وفى المرتين تسلل البطل السوبر بداخلي. إننى على يقين من أنه بطل لو وقفت وأمثالى فى طريقه لسحقنا جميعا بكل أنواع الأسلحة التى يملكها، لأنه بطل من إنتاج مصانع العالم المتقدم مهمته أن يكرس قيم هذا العالم ويسفه قيم العالم الذى أنتمى إليه، ومع ذلك - وآه منها مع ذلك هذه! - فقد امتلك حواسى ووعيى للحظات حتى كدت أتوحد معه.

وإن بدا لك أن صناعة فيلم جديد عن السلسلة القديمة تمثل مأزقا فنيا بحق فهذا له ما يبرره، فبين ذلك القناع الفنى القديم لجيمس بوند الأول: شون كونري، الذى لم يكن يواجه الأشرار بالأسلحة المتطورة بقدر ما كان يستخدم سرعة البديهة وخفة الظل على نحو يذكرك أكثر بأرسين لوبين، وبين قناع جيمس بوند الجديد بوجه بيرس بروسنان الخالى من التعبير لكن الحيل السينمائية الكومبيوترية كانت تساعده على أن يفعل الأعاجيب، بين هذين القناعين أين يمكن لجيمس بوند الأخير أن يقف ليقول ها أنذا!؟! هنا يأتى دور صناع الفيلم، ومن بينهم كاتبا السيناريو نيل بيرفيس وروبرت ويد اللذان استعانا بالكاتب والمخرج بول هاجيس صاحب فتاة بمليون دولار وكراش، ليقرروا جميعا أن يعودوا بجيمس بوند إلى أيامه الأولي، لتأتى الحلقة الجديدة لتحكى كيف بدأ العميل السرى حياته المهنية، وكيف اكتسب خبراته ومهاراته، والأهم كيف تبلورت فلسفته فى الحياة، وتلك هى الحيلة الدرامية ذاتها التى عادت بها سلسلة حرب النجوم ورأينا باتمان يبدأ.

تقدم هذه الحيلة الدرامية العديد من الحلول لصناعة فيلم جديد من حلقات سينمائية قديمة، ليس على المستوى الإنتاجى وحده ولكن على مستوى التأثير فى المتفرج أيضا، فعندما ترى جيمس بوند وهو يتكون أمام عينيك فإنك لن تتردد لحظة واحدة فى التوحد معه والإيمان بأفكاره وسلوكه، وأرجو أن تتأمل المشهد الافتتاحى الطويل شديد الإثارة - وعادة ما يبدأ مارتين كامبيل أفلامه وينهيها بمثل هذه المشاهد - عندما يطارد جيمس بوند فتى أفريقيا إرهابيا سوف لا يضع الفيلم بالطبع فرقا بين المقاومة المشروعة والإرهاب، فالمطاردة تبدأ على الأرض وتمتد إلى أعلى نقطة يمكن تخيلها على رافعات وسقالات ترتفع فى الفضاء. إن الفيلم يجعل بوند أحيانا أضعف من فريسته، لذلك عندما ينتهى المشهد وقد مزق بطلنا منافسه إربا سوف تتنفس معه الصعداء، وتتمنى لو استطعت أن تمد يدك إلى الشاشة لتمسح عن وجهه الجروح التى تنبثق منها الدماء!

إن جيمس بوند هنا يكسب عيشه بعرق ودم جبينه، وأرجو ألا تنسى أيضا أن تحت جلده الأبيض يسكن رجل مهذب، يقف أدبا وكياسة إذا قامت امرأة تجالسه من على مقعدها، لذلك فإن بين مهنته - القتل بأكثر الدماء برودا - ومشاعره الرقيقة خيطا رفيعا سوف يجعل الفيلم أكثر تأثيرا، وإن أردت تلخيصا لحدوتة الفيلم فإنه يمكن بالفعل إيجازها فى سطور قليلة برغم أن السيناريو والإخراج قد امتدا بهذه الحدوتة فى مشاهد شديدة التوتر تارة للمعارك والمطاردات، وأخرى لطاولة القمار التى سوف يفوت مغزاها على أمثالى ممن لا يعرفون قواعد ألعاب الورق. تدور الحكاية حول منظمة متخصصة فى غسيل الأموال يديرها الشرير لوشيفر مادس ميكلسين الذى يبدو أن اسمه تنويع على لوسيفر أو الشيطان، وهو يقوم بتمويل الإرهابيين فى كل أنحاء العالم، أما الخطة للقضاء عليه فهى أن يذهب جيمس بوند لكى يلعب معه القمار فى كازينو رويال ويكسبه ليؤدى به إلى الإفلاس، ولكن ليس قبل المعارك الدامية التى تتطاير فيها الأشلاء.

إنها حبكة كوميدية بحق، لذلك فإن المعالجة السينمائية الأولى لرواية إيان فليمنج كازينو رويال كانت بالفعل كوميدية من بطولة بيتر سيلرز، لكن المعالجة هنا جادة تماما لأنها تسجل التكوين النفسى لجيمس بوند، الذى شاركته مغامرته المرأة الحسناء فيسبر إيفا جرين، التى رأيتها من قبل فى فيلم بيرتولوتشى الحالمون لكننى لم أستطع التعرف عليها هنا لأنها فى دور ومظهر مختلفين تماما، ومع فيسبر سوف يعيش بوند مغامرة رومانسية تبدأ كالمعتاد بالشجار والنقار وتنتهى بحالة حب هائلة تستولى عليه حتى أنه يفكر فى التقاعد لكى يتزوجها، لكنها عندما تموت بين ذراعيه يتأكد له أنه ولد ليقتل، وأنه يملك رخصة دائمة للقتل، فكأنه تم تعميده وأصبح جديرا باسم جيمس بوند، الذى تقول له معلمته السيدة إم جودى دينش إنه قد تعلم الدرس عندما أدرك أن عليه ألا يثق بأى إنسان، وأنه أحيانا نركز على أعدائنا بحيث نهمل مراقبة أصدقائنا، وهكذا يتأكد جنون العظمة والارتياب الذى تؤمن به أمريكا اليوم، ويصبح من المبرر سلوك المقامرة الحمقاء تحت الشعار الزائف لمحاربة الإرهاب. إن ذلك يؤكد لنا أن العالم قد يحتاج - أحيانا - إلى زورو، لكن من المؤكد أنه فى حاجة أكثر للتخلص من جيمس بوند!

العربي المصرية في 26 نوفمبر 2006

 

إيناس والصبان يطالبان بحق الشواذ فى مصر!

ما تيجى نرقص.. الوصفة السحرية لحل كل أزمات المجتمع!

منى الغازي 

هل تعانى من الاكتئاب، الفتور العاطفي، الملل من الحياة، الضيق من الزحام؟ هل لديك أزمات اقتصادية، نفسية، عاطفية، عامة أو شخصية؟ فالحل موجود فى نصيحة دغيدية بأن ترقص.. ما تيجى نرقص!

من تلك الأشياء تعانى سلوى المحامية الكبيرة بعد عشرين عاما من الزواج المستقر وفى وجود ابن لطيف ومنزل فاخر وزوج له منصب وعمل مميز إلا أنها تعانى ضيقا ومللا وفتورا يدفعها ذلك إلى التسلل إلى عالم مدرسة سوزى للرقص لتجد فى الرقص نهاية كل مآسى الحياة ولتجد فى مدرسة الرقص عالما كاملا من البؤساء الذين يعانون مآسى الحياة مثلها، بدءا من أصحاب الأزمات العاطفية، وانتهاء بالشواذ، وينجح الرقص فى انقاذ الجميع من أزماتهم!

وكعادة المخرجة إيناس الدغيدى فأزمات الحياة كلها محصورة داخل إطار عنوانه الجنس متفقة دائما مع وجهة نظر فرويد التى تحيل كل تصرفات البشر لأسباب جنسية، فأزمة سلوى الحقيقية فى الفتور العاطفى والجنسى بينها وبين زوجها عزت أبو عوف، وفى المدرسة نجد سوزى ليلى شعير صاحبة المدرسة تحاول استمالة المدرب الشاب تامر هجرس رغم فارق السن الكبير بينهما، بينما هو يميل جنسيا لسلوى هروبا من أزمة عاطفية جنسية مع حبيبته السابقة وهناك ماجى أو هالة صدقى التى تبحث عن رجل أيا كان، وهناك التلميذان الجديدان اللذان يبحثان عن ملجأ جنسى من خلال الرقص وفتيات محجبات يهربن من الكبت الجنسى فى الدين إلى الرقص، وشابان شاذان يبحثان عن مكان للجهر بعلاقتهما.

ومن هنا جاء اختيار إيناس الدغيدى لنص جنسى مباشر متفقا مع اتجاهاتها السابقة، وقد فشل تماما كاتب السيناريو أسامة فهمى وصاحب الرؤية الدرامية للعمل رفيق الصبان فى إيجاد صيغة درامية متماسكة تضم هذا الزحام الجنسى وتربطه بالمجتمع المصري، فامتلأ العمل بالمتناقضات والثغرات التى بدأت من النص وأثرت على باقى العناصر، ما أدى إلى فجاجة التعامل مع العلاقات الجنسية وبشكل خاص العلاقات الشاذة التى تمت مناقشتها فى مشهد فج ومستفز، جاء تاليا لرقصة تعبيرية جمعت الشابين الشاذين فى حركات تعبر عن تلك العلاقة. انتهت بمناقشة حول حقهم افى ممارسة الشذوذ وأهمية أن يتقبل المجتمع تلك النماذج حتى يخرج من التخلف إلى التحضر، وكأن صاحب الرؤية الدرامية وباتفاق مع المخرجة يطالبان بإباحة الشذوذ الجنسى فى مصر، وكأن الحكاية ناقصة شذوذ!!

ولا ينسى السيناريو الدفع بنموذج يمثل الاتجاه الدينى فنرى فتيات ينتمين الى عالم الطبقة المتوسطة محجبات ويتم افتعال ازمة يسببها التيار الدينى الرافض تماما لمدرسة الرقص التى لا يرى فيها سوى وكر للدعارة والشذوذ والتحريض على الفسق وهى حقيقة يفرضها الفيلم للأسف ورغم الانسياق الامنى خلفهم فى البداية إلا أن البراءة تأتى لتؤكد نقاء وصفاء وطهارة الرقص!

يحدث كل ذلك من خلال إيقاع مفتت غير منتظم مما جعل المخرجة إيناس الدغيدى تأتى لأول مرة فى أسوأ حالتها الإخراجية على مدار تاريخها الفني، فجاء إخراج العمل اقرب إلى التكنيك التليفزيونى معتمدا على اللقطات القريبة والمتوسطة مما أضاع الكثير من مجهود مجموعة الممثلين الذين جاء أداؤهم على الشاشة غير متصل وأصبح من الصعب إدراك المشاعر الحقيقية للشخصيات، فما هو شعور سلوى تجاه معلم الرقص وما هو إحساسه تجاهها وما دور السكرتيرة اللعوب فى حياة زوجها؟! وينطبق ذلك على باقى الشخصيات لنصل الى فشل كامل فى رسم أى شخصية من شخصيات العمل، ومما زاد الطين بلة وجود مصمم الرقصات وليد عونى الذى حول الرغبات الجنسية فى العمل الى شكل تعبيرى راقص يبدو مبهرا ولكن يتناسى حقيقة مهمة الا وهى أن العمل يقدم مدرسة رقص وليس فرقة راقصة، وكان من المفترض أن يعتمد فى التدريب على الرقصات الكلاسيكية كأغلب المدارس مرتكزا على التانجو والفالس وهو ما لم يحدث، كما فشل فى ربط التدريبات بالرقصات النهائية، وقد استخدم مودى الإمام فى موسيقاه إيقاع التانجو والتقط لحن فريد الأطرش وأعاد توزيعه ورغم ذلك هربت الرقصات الحديثة أو التعبيرية من عالم التانجو إلى عالم وليد عوني.

بدا العمل مضغوطا ما لم يتح الفرصة لمدير إضاءة كبير كمحسن احمد سوى تقديم إنارة وذلك رغم تميز حركة الكاميرا ونعومتها وهو ما يحسب للمصور وائل خلف.

أما المونتير معتز الكاتب فقد اكتفى بعملية القص واللصق ولم يقدم اى إيقاع داخل العمل سواء على مستوى المشاهد أو فى الاجمالى رغم وجود مشاهد رقص مع موسيقى كانت ملعبا مهما له يمكن فيه صنع إيقاع.

إن فيلم ما تيجى نرقص شعار من جيل مضي، قرر أن يرقص مع جيل لا ينتمى إليه، ففشل واكتفى بالرقص على سلالم عمارة لا يصعدها احد.

العربي المصرية في 26 نوفمبر 2006

 

المخرج النورى البوزيدى يتوسط بطلى الفيلم

شريط "آخر فيلم.." اتباع الرؤية السائدة

رشيد حسني 

اختار المخرج التونسى النورى بوزيد موضوعا شائكا وفى غاية الصعوبة فى شريطه "آخر فيلم" الذى فاز بالتانيت الذهبى للدورة 21 لأيام قرطاج السينمائية.

وتبدو علامات صعوبة المسألة المعالجة حتى فى العنوان الأولى للشريط أى "كاميكاز" أو"انتحاري"، ويعتبر النورى بوزيد الذى سبق له أن فاز عام 1986 بجائزة التّانيت الذهبى لمهرجان قرطان السينمائى عن فيلمه "ريح السدّ"، أحد أعلام الموجة الجديدة للسينما التونسية فى الثمانينات، إذ أخرج عدّة أفلام، نذكر منها "صفائح من ذهب" و"عرائس الطين". كما شارك فى كتابة سيناريوهات أفلام تونسية أخرى حققت نجاحا كبيرا مثل"حلفاوين" لفريد بوغدير، و"صمت القصور" لمفيدة التلاتلي.

وبدل أن يعالج النورى بوزيد ظاهرة "الانتحاريين" لدى الشباب فى بعض المناطق العربية، اتبع رؤى سائدة، تستنكر وتدين شرائح اجتماعية هامة من مجتمعاتنا، تولدت طيلة سنوات عديدة، وتراكمت نتيجة لسوء التسيير، وكثرة الهفوات السياسية والحلول الآنية المستعجلة.

لطالما انتظر النقاد والجمهور العريض على السواء، هذا العمل السينمائى الجديد الذى يعتبر تتويجا لمسيرة حافلة للرجل فى مجال كتابة السيناريو والاخراج السينمائي، وهو الذى لديه خبرة كافية تمكنه من توجيه نظرة ثاقبة، تتفحص خفايا المسألة المعالجة وتسعى إلى تقديم قراءة فنية من شأنها إزاحة الغموض واللبس.

لقد عُرف النورى بوزيد بأنه ذلك المخرج المثقف الذى يجمع فى أفلامه بين التقنية والمهارة وبين الرؤية الجريئة والمسحة الشعرية، بل نشر ديوانا شعريا باللهجة العامية بعنوان "البحارة"، جسّد فيه صورا دقيقة عن رهافة الحس وعمق نظرته الوجودية.

غير أننا نجده فى شريط "آخر فيلم" يكتفى بمحاولة التجديد فى بعض جوانب الاخراج وحركة الكاميرا، خاصة عندما يتعمد الدخول فى حقل العدسة لاقناع البطل "بهتة" بوجهة نظره وابداء غاياته من وراء العمل ككل. فلقد رفض الممثل الشاب لطفى العبدلى مواصلة القيام بدوره فى تجسيد معالم الشخصية الرئيسية للشريط التى تتعرض لضغط تعبوى واستقطاب محكم..

ويبدو أن المشهد غير المألوف لظهور المخرج والممثل مشهد موظف، لكنه مبالغ فيه إلى حد ما، بما أنهما خاضا نقاشا حادا وحوارا مريرا لإبداء قناعات كل منهما قصد التفاهم حول خطورة الدور ومصير البطل إثر مشاهدة الفيلم.

وجرت العادة أن يقرأ الممثل السيناريو ويتشبع بتفاصيل دوره سلفا، ويتم اختيار المناظر، قبل أن يظهر أمام آلات التصوير. وإذا أراد المخرج أن يبقى على بعض المشاهد من الكواليس بعد قص الصور، وتركيب المشاهد -أو يضمنها الشارة النهائية للفيلم "الجنريك"- فما عليه إلا أن يجعلها موظفة لتدعيم أدوات فهم وتحليل اللغة السينمائية، لا أن تبدو وكأنها مقحمة اقحاما فى الشريط ومدرجة لمزيد تضخيم الصورة الهزلية للبطل، فهو انتحارى منبوذ ويمارس العصيان حتى أثناء التصوير.

وفيما نبه الممثل بأنه ضحية عبث ما، كان يشير فعلا إلى أنه اشترك فى أقصى درجات العبث. وتكمن علامات العبث خاصة فى مشهد المطاردة، الذى سبب دخول البطل فى مناخات الخطأ والعماء.

وكما كسر بريخت الحاجز الرابع فى المسرح حاول النورى بوزيد خرق هذا الحاجز فى شريطه لإشراك الجمهور فى الحكاية ولتلطيف الموقف.

وأبدى بطل الفيلم لطفى العبدلى طاقات وملكات درامية هائلة فى بداية الشريط وكان أقرب إلى اتباع معالجة تستبطن مأساة شاب عربى وتصور مواطن الألم لتشير إلى أن سبب المأساة هو محرك الدمى والعابث الكبير الذى خطط سلفا لصنع "الانتحاريين" ومطاردتهم.

لقد نال شريط 3آخر فيلم3 الجائزة الأولى، ومنحت جائزة أفضل ممثل لبطله، كما تحصل الفيلم على جائزة أفضل دور نسائى ثانوى بينما فشل فى تقديم معالجة تصدم المشاهد وتوضح له مواطن الغموض وفق رؤية فنية تنمى "الروح السينمائية" التى لا زالت تنبض فى افريقيا وتجعل الفن ابنا للحرية والديموقراطية.

والفن اسم آخر للحرية، بل هو أنبل أسمائها،كما قال الكاتب اللبنانى إلياس خورى رئيس لجنة التحكيم لأيام قرطاج السينمائية فى حفل الإختتام.

العرب أنلاين في 26 نوفمبر 2006

مهرجان نانت: التشدد والقمع في فيلمين سعوديين والخيانة الزوجية في فيلم إيراني

نديم جرجورة  

نانت:

تنتهي، مساء غد الثلثاء، الدورة الثامنة والعشرون ل<مهرجان نانت للقارات الثلاث>، التي بدأت في الواحد والعشرين من تشرين الثاني الجاري. تتوقّف آلات العرض عن بثّ أفلام قديمة وحديثة الإنتاج. تُعلن النتائج النهائية الخاصّة بالمسابقتين الرسميتين الروائية والوثائقية. يغادر المدعوون، ويعود الجميع إلى همومهم اليومية، وإن ظلّت السينما أحدها. لا أعرف ما الذي تفعله المدينة من دون مهرجانها. لا أعرف ما الذي يُشغل بال عشّاق السينما بعيداً عن احتفال يأخذهم في كل عام، منذ سنين طويلة، إلى حضارات وثقافات وعوالم إنسانية مختلفة. لكن الصالات تستمرّ في تقديم هذه الثنائية السينمائية بين قديم وجديد، إذ إن إداراتها <تخترع> عناوين كبيرة لتحتفل بالسينما من خلالها، كأن تخصّص أسبوعاً كاملاً بالسينما البريطانية في إحداها، أو كأن تنظّم أمسية متعلّقة بالسينما والتحليل النفسي في أخرى. والمدينة، في اللحظات القليلة السابقة لموعد اختتام هذه الدورة، تبدو مفعمة بالسينما وعوالمها المختلفة ومسائلها المتنوّعة وقضاياها الإنسانية.

قبل وقت قليل على إعلان النتائج ومنح الجوائز لمستحقّيها، بحسب ما يرتئيه أعضاء اللجنتين، لا تزال أروقة المقرّ الرسمي للمهرجان تضجّ حياة وصخباً. في <كوزموبوليس>، أي في المكان الذي يضمّ إدارة المهرجان ومركز بيع البطاقات والمقهى الذي حمل اسم المهرجان والمكتب الصحافي، عالم آخر لا يختلف عما تعيشه صالات السينما التي تعرض الأفلام المشاركة في المهرجان، بقدر ما يعكس جانباً مشوّقاً من حيوية المشهد السينمائي. هنا، يلتقي ضيوف وزوّار. يجلسون معاً ويتناقشون في كل شيء. يأكلون ويشربون القهوة أو الخمرة ويستمعون إلى موسيقى مقبلة إليهم من دول تنتمي إلى تلك القارات الثلاث التي تحتفل مدينة نانت بسينماها في خلال أسبوع كامل. يتسامرون في المساء، ويتحدّثون طويلاً في أوقات النهار كلّه. في المكتب الصحافي، يعلو الصخب من دون إزعاج. يتابع كثيرون أعمالهم عبر أجهزة <إنترنت>، أو يقرؤون بريدهم والصحف، ويطّلعون على كل جديد في السياسة والثقافة والفنون. يكتب زملاء مقالاتهم. يرسلونها إلى صحفهم، قبل أن يهرعوا إلى صالة أو مقهى آخر أو زيارة أو موعد أو لقاء. في هذا المقرّ، يرضخ المرء لطبيعة الحركة. وفي المحيط المديني الأوسع، تزخر الحياة بالتنويع البصري والجمالي، على الرغم من قسوة الحياة ومنعرجاتها القاتلة.

مدينة السينما الدائمة

أما الصالات، فموزّعة في أمكنة قريبة من <المقرّ العام>. كل واحدة منها متخصّصة بتظاهرة ما: ففي الصالات الأربع التابعة لمجمّع <كاتورزا> مثلاً، يُمكن للمهتمّ أن يُشاهد الأفلام كلّها المُشاركة في المسابقتين الرسميتين. وفي <غومون>، يتابع آخر <الأعمال الكاملة> لستياجيت راي، وفي <المكتبة السينمائية> و<إسباس 44>، تُعرض أفلام من التشيلي وكوريا. وأما المقاهي والمطاعم، فتنتشر هنا وهناك. والمدينة مزهوّة بنفسها. جمالها طاغٍ: في الأزقة الضيّقة ذات البلاط الصغير، في عمارتها، في الإنارة المستخدمة لإضاءة ليل يرتسم فيه مطر الخريف وأوراقه المنسدلة على جبينها، في الحركة اليومية التي تصنع حياتها، في مكتباتها ومحلاتها الفخمة والمتواضعة، في ساحاتها. والمهرجان حاضر: فالحفلات الصباحية تستقطب أناساً من أعمار مختلفة، كأن لا همّ لهم إلاّ متابعة ما تنتجه السينما في أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، أو استعادة قديم عرفه بعضهم وأراد أن يحمل نفسه إلى ذكرى مرّت، ولم يعرفه بعضهم الآخر فوجد في عرضه مناسبة مشوّقة لاكتشاف جزء من الذاكرة السينمائية والحياتية والإنسانية. والحفلات المسائية لا تقلّ حشداً عمّا تشهده بعض الصالات في الصباح. هذه حركة تبدأ في العاشرة قبل الظهر، وتنتهي بُعيد منتصف الليل بقليل. والحشد كبير في أحيان كثيرة، لكن الصمت قوي، لأن المقبلين إلى مشاهدة فيلم سينمائي يُدركون حرمة الصالة وطقوس المُشاهدة، ويحترمون ما تقدّمه الشاشة الكبيرة لهم من صُوَر وتفاصيل وحكايات وجماليات، ويسعون إلى التماهي بما تضخّه الأفلام من قصص ومعانٍ، ويحاولون أن يساهموا في صناعة الفيلم من خلال قراءته والتعمّق في الدلالات التي أرادها مخرجه.

في صباح كل يوم، يطلّع الضيوف ومتابعو المهرجان على نشرة يومية خاصّة يُصدرها المكتب الإعلامي ل<مهرجان نانت للقارات الثلاث>: نشرة أنيقة ومتواضعة في شكلها وزخرفتها وطباعتها، وغنيّة بتحليلها النقدي ومعلوماتها القيّمة وأخبارها الصغيرة وحواراتها التي تمزج عمق التشريح بالبساطة اللغوية وبالحرفية المهنية. لا يرى المعتادون على حضور مهرجانات دولية في هذه النشرة ما يثير الدهشة، لأنهم يعتبرونها عادية قياساً إلى النشرات التي تصدرها مهرجانات أخرى. لكن الوافد إلى هذا المهرجان الفرنسي من <أيام قرطاج السينمائية>، يجد نفسه مضطراً إلى إقامة مقارنة بين النشرتين، لن تكون لمصلحة النشرة العربية التي تمتلئ بالأخطاء اللغوية والطباعية، وتكتفي بمقالات مسطّحة لا تقدّم ما يفيد القارئ المتابع ليوميات المهرجان التونسي، وتغرق في العموميات، وتنشر حوارات تبدو غالبيتها الساحقة بعيدة كل البُعد عن السينما. في النشرة الفرنسية الخاصّة ب<مهرجان نانت>، يختلف الأمر تماماً: هنا، تنكشف الحرفية المهنية والصحافية والنقدية لكتّاب المقالات، وتمتزج المعلومة بالتحليل والتشريح والخلفيات التاريخية والفنية والثقافية، المتعلّقة كلّها بمخرج أو نتاج سينمائي أو قضية مرتبطة بما يطرحه هذا الفيلم أو ذاك، في مقالاتهم المتنوّعة. لا تخلو هذه النشرة من لقاءات مختصرة جداً، تتضمّن ثلاثة أسئلة ثابتة في كل عدد، تُطرح على مخرجين مشاركين في الدورة الأخيرة. كما أنها تحتوي على البرنامج اليومي، بشكل لائق يسمح بالانتباه إلى عناوين الأفلام ومواعيد عرضها، وهي مواعيد لا تتبدّل ولا تتغيّر أمكنة عرضها المُعلن عنها سابقاً.

إلى ذلك كلّه، فإن <عجقة> الأفلام تنتج فوائد ومتعاً. هذه ضجّة ليست من أجل لا شيء، بل تهدف إلى إثراء المشهد، وإلى طرح تصوّرات حول السينما والمعالجة الدرامية والمسائل التقنية والفنية، إلى جانب البحث النقدي والثقافي بالعلاقات القائمة بين السينمات المحلية ومجتمعاتها وأنظمتها الثقافية والسياسية والإعلامية. والخيارات صعبة، أحياناً، على الرغم من أن أفلاماً عدّة تُعرض أكثر من مرّة. مع هذا، لا بُدّ من التوقّف النقدي عند بعضها، ك<شاهار شانبي سووري> للإيراني أصغر فرهادي و<بينغ لانغ> للصيني يانغ هنغ و<كووروغي> للياباني شينجي آ أوياما (المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة)، والفيلمين الروائيين الطويلين السعوديين <كيف الحال> للمخرج الكندي الفلسطيني الأصل إيزيدور مسلّم و<ظلال الصمت> للمخرج السعودي عبدالله المحيسن (التكريم الخاصّ بالسينما السعودية).

خطابية سعودية

ينضمّ فيلما إيزيدور مسلّم وعبدالله المحيسن إلى تجربة سينمائية جديدة تشهدها المملكة العربية السعودية منذ أعوام قليلة فائتة. في تلك المملكة، التحق شباب سعوديون بآخرين خليجيين بحثاً عن آلية ما لتحقيق أفلام تعكس هواجسهم وأفكارهم وأحلامهم. لا يعني هذا أن هناك <صناعة> سينمائية ستولد قريباً. ولا يعني أن ما تنتجه حماسة الشباب السعوديين قابلة لأن تكون كلّها أفلاماً ذات قيم سينمائية تشبه ما تصنعه مخيّلة السينمائيين العالميين. لكن التجربة مهمة، والخطوات جادّة في تثبيت حضور ما لسينما تولد في المملكة وتمنح الصورة مدلولاتها الاجتماعية والثقافية والفنية الخاصّة. في التكريم السعودي الذي أقامته إدارة <مهرجان نانت للقارات الثلاث>، عُرض فيلمان آخران هما الوثائقيان <نساء بلا ظل> لهيفاء المنصور و<سينما 500 كلم> لعبد الله العيّاف. يختلف الوثائقيان عن الروائيين في جوانب عدّة: يعالج فيلما المنصور والعيّاف موضوعين سعوديين بحتين، في حين أن فيلمي مسلّم والمحيسن يتناولان موضوعين إنسانيين عامين، من دون تحديدات صارمة في الجغرافيا والهوية. يتعاون <نساء بلا ظل> و<سينما 500 كلم> مع فرق عمل سعودية (تقنيون، شخصيات حقيقية)، في حين أن <كيف الحال> و<ظلال الصمت> وسّعا دائرة خياراتهما المتعلّقة بالتقنيين والفنيين والممثلين والسينمائيين المنتمين إلى دول خليجية ومتوسطية (الكويت ولبنان وسوريا مثلاً). يغوص الفيلمان الوثائقيان بقضيتين تهمّان المجتمع السعودي، وتسلّطان الضوء على بعض ما يعانيه الرجل والمرأة السعوديان، في حين أن الفيلمين الروائيين يُقدّمان صُوَراً مرتبطة بهمّ عربي وإنساني أكبر من أن تحدّه جغرافيا، وأوسع من أن تحدّده هوية. مع هذا، فإن التجربة السينمائية العامة تحاول أن تؤسّس نمطاً تعبيرياً خاصّاً بدولة لا تملك حدّاً أدنى من المقوّمات التقنية والبنى التحتية، في حين أنها لا تزال خاضعة لنظام سياسي وثقافي وإعلامي محافظ، إن لم يكن متشدّداً في بعض الأحيان.

رسم <كيف الحال> صورة مختصرة عن واقع التشدّد الديني في مجتمع محافظ، لا يخلو من أناس مؤمنين وملتزمين دينياً، من دون تزمّت أو عصبية أو أصولية أو انعزال عن الآخر. وروى <ظلال الصمت> حكاية النظام القمعي الذي يصنع رجالاً <أوفياء> له على حساب وجودهم الثقافي والإنساني والروحي. لم يكتف الأول بقراءة بصرية متواضعة لواقع التشدّد الديني والمصائب التي يُمكن أن يسبّبها. ولم يقف الثاني عند العلاقة المرتبكة بين قامع ومقموع. فالأول مرّ على تفاصيل أساسية في المجتمع السعودي، مرتبطة بنظام اجتماعي يحرّم على المرأة أن تقود السيارة، ويسخر من شاب يمارس حقّه في اختيار الفنون طريقة في التعبير. والثاني ذهب إلى التفاصيل الجانبية كلّها التي تصنع القمع السلطوي. إلى ذلك، فقد اختار إيزيدور مسلّم الفكاهة والكوميديا البسيطة أداة فنية لإنجاز فيلمه، في حين أن عبد الله المحيسن أسرف في اعتماد أنواع عدّة، كالأكشن والمطاردة البوليسية والخيال العلمي.

تدور الأحداث الدرامية ل<ظلال الصمت> في معهد علمي أوجدته السلطة في قلب الصحراء (بعيداً عن أعين الجميع) كي تدرّب فيه أناساً قد يشكّلون خطراً عليها لو ظلّوا خارجه. في حين أن حكاية <كيف الحال> تسلّط الضوء على عائلة تضمّ ابناً شاباً متشدّداً في المحافظة على القشور الظاهرة من الممارسة الدينية، بدل أن يكون شبيهاً بوالديه وأقاربه الذين يمارسون شعائرهم الدينية من دون تعصّب أو تزمّت. في الأول، توغّل واضح في ثنايا صناعة القمع، لأن المعهد لا يختلف أبداً عن السجن، وإن كان مركزاً يحتوي على أبرز التقنيات الحديثة في المراقبة والتدبير والعيش اليومي. وفي الثاني، رسم شبه مفصّل للحياة الاجتماعية القادرة على أن تمزج الانفتاح بالإيمان، والعيش الكريم بالتسامح والغفران. في الأول، خلاصة مبسّطة لمسألة الرقابة والتلصّص عبر استخدام الكاميرات (المشهد الأخير يلخّص المضمون العام للحكاية كلّها: كلنا مراقبون). وفي الثاني، تعالج القضية كلّها بشيء من الكوميديا التي تفضي إلى <النهاية السعيدة> (يمكننا أن نعيش في هدوء وسلام ومحبّة مع بعضنا البعض، من دون أن نفقد الرابط العائلي المهمّ والالتزام الديني الأهمّ). رسائل أخلاقية وإنسانية؟ ربما. لكن التجربتين الروائيتين السعوديتين تحاولان أن تجعلا السينما أداة لخطاب إنساني ما، وإن تحرّرتا قليلاً من تلك الخطابية في المعالجة الدرامية العادية.

تنويعات آسيوية

في فيلمه الروائي الطويل الثالث <شاهار شانبي سووري>، حافظ المخرج الإيراني أصغر فرهادي (مواليد أصفهان، 1972) على وحدة المكان والزمان، في فيلم يصوّر التمزّق العائلي والعلاقات العاطفية التي تعكس جانباً من الخيانة الزوجية، والقهر الانفعالي، والقلق الإنساني. هذا كلّه، من خلال امرأة تعاني أزمة ثقة بزوجها وزواجها، تأتيها خادمة تستعدّ لزواج من حبيبها، فتنكشف أقنعة كثيرة في الساعات القليلة التي تمرّ عليهما معاً. لكن فرهادي يتوغّل أكثر فأكثر في جوانب عدّة من الحياة اليومية للإيرانيين، ويصوّر الأحداث الدرامية لفيلمه هذا في اليوم السابق لعيد رأس السنة الإيرانية، في منزل المرأة وعائلتها، وفي البناية التي تقيم فيها، وفي بعض الشوارع الجانبية. الشكّ محور أساسي، والتدخلات الخارجية محور آخر، والعيش في الوهم واستمرار القلق والخوف من المستقبل، أمور متنوّعة يقدّمها الفيلم بلغة سينمائية جميلة، وبأداء تمثيلي لافت للنظر لأبرز ممثلي الأدوار الرئيسة، كهدِيا طهراني وتاراني عليدوستي وحامد فاروخ نيجاد. فيلم جميل: بسلاسته اللغوية في إعادة صوغ المشهد الحياتي، في قراءته المبطّنة عادات وتقاليد، في رسمه التفاصيل الذاتية والتمزّق الروحي، في التقاطه نبض الشارع المحتفل بالعيد، بالتقطيع والإضاءة وإدارة الكاميرا.

أما الصيني يانغ هينغ، فصوّر فيلمه <بينغ لانغ> معتمداً (بشكل شبه كامل) على لغة الصمت، إذ إن حواراته قليلة، والكاميرا تتجوّل في الأزقّة والناس لتلتقط تفاصيل حيّة من يومياتهم. في حين أن الياباني شينجي آ أوياما، فجعل من العلاقة الغريبة بين شابة وعجوز أعمى نموذجاً لمزيج الأسطورة بالواقع، وللحكايات المتداولة بالآنيّ في فيلمه <كووروغي>. في الأول، حكاية صديقين (علي وكسياو يو) لا يزالان في مقتبل العمر، يمضيان وقتهما في التشرّد في أزقة مدينتهما الصغيرة، ويعتاشان غالباً مما تجنيه لهما سرقة السيارات. في الثاني، تبدو الصبية الشابة كاووري منجذبة إلى الغرائبيات المختلفة في الحياة: تعاشر عجوزاً أعمى لا ينطق بكلمة، وتقيم في منزل يطلّ على جمال باهر في طبيعة تأسرها ببهائها، وتحاول أن تكتشف ذاتها من خلال البحث في أسطورة قديمة عن مسيحيين جاؤوا تلك البلاد (مدينة إيزو) قبل مئات السنين. يسود الصمت في غالبية المشاهد الخاصّة بالفيلم الصيني، وهو لا يختلف كثيراً عن صمت الفيلم الياباني. لكن الفرق بين الاثنين كامنٌ في أن الصمت الياباني كاشفٌ قاسٍ لقوة التمزّق الداخلي، علماً أنه أقلّ حضوراً من ذاك الذي يحتلّ مشاهد الفيلم الصيني، ويدفع المتلقّي إلى البقاء محاصراً في متتاليات بصرية تكاد تُفقده وعيه وحريته (لعلّ هذا ما قصده المخرج يانف هينغ).

هناك فرق آخر بين الفيلمين الياباني والصيني: فالأول يستند إلى الأسطورة في معاينته وجع المرء في حياته اليومية، في حين أن الثاني يتوغّل في الواقعية كي يكشف بؤس المرء وألمه وتعبه. غير أن الأسطورة تبدو أعمق في ارتباطها بالواقع في الفيلم الياباني، بينما ترتكز اللغة السينمائية في الفيلم الصيني على الإيقاع البطيء الذي يواكبه تقطيع بصري أبطأ وتكرار مشهدي للقطات عدّة.

السفير اللبنانية في 27 نوفمبر 2006

 

سينماتك

 

يبرر سلوك المقامرة الحمقاء تحت الشعار الزائف لمحاربة الإرهاب

هل العالم فى حاجة حقا إلى جيمس بوند؟

أحمد يوسف

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك