* في فيلمك الجديد «مليون» والذي يتناول حكاية شقيقين لم يبلغا سن الرشد بعد، يقرران في احد الايام استعادة مال كان مدفونا منذ سنين ليست بالطويلة.. يكتشفان ان المال المدفون قد اصابه العفن، ولم يعد ذا قيمة، والسؤال هو ان فيلمك هذا يحاكي فيلمك السابق «قليل من الموت بين الاصدقاء» 1994؟ - لا تنس ان الزمن الذي أنجز فيه الفيلمين مختلفين، وباختلاف الزمن اعتقد جازما ان الانسان يتغير بدوره فعندما كنت اصور فيلم «قليل من الموت..» كانت تتزامن هذه الفترة مع الفترة التي شهدت نهاية رئيسة وزراء بريطانيا «مارغريت تاتشر»، وعندما جاءت حكومة «انطوني بلير» اعادت انتاج افكار الحكومة السابقة ضمنيا، ولكن بشكل آخر بينما جوهر السياسة هو نفسه، وهذا الشيء يتحمل مسؤوليته الشعب نفسه، خاصة طلبة الجامعات، ولذلك تبادر لذهنك المحاكاة في الفيلمين تماما كالاختلاف بين حكومة تاتشر وحكومة بلير، واعادة مشاهدة الفيلم بعد اجابتي على سؤالك هذا ستجد بان ما سبق وقلته صحيحا. فالموضوع ان صناعة فيلم يتناول حب المال في الوقت الراهن فسوف يدق جرس الانذار بطريقة او باخرى. * الاطفال في فيلمك اجدهم يمتلكون حالة من النبوغ المتميز ويتصرفون كالبالغين، وهذا الطرح غير قابل للتصديق؟ - اختلف معك في هذا الرأي، بل اردتهم ايضا اكثر فطنة وذكاء من آبائهم، وكنت حريصا جدا على اختيارهم للقيام بدوريهما الاساسيين ليس على مستوى المحادثة، واستخدامهما لتعابير لا يمكن ان يقولها ممن هم في عمرهما، فالمجتمع الاستهلاكي آخذ بالاتساع وهذا بلا شك ينعكس على سلوك الافراد بمختلف اعمارهم، الا انني اود الحديث عن الاطفال هذه الفئة العمرية الحساسة، فاجدهم الان ومستقبلا محظوظين، وذوي امتيازات افضل من قبل، حيث تجدهم وقد اندمجوا مع «الرأسمالية». * لنتحدث عن موضوع آخر، فقد جاء الفيلم متعثرا من حيث المعالجة السينمائية وبطيئا في تناوله له، فهنالك المفهوم الكاثوليكي الذي كان يوحي للمشاهد وبشكل غير مباشر عن حالة الذنب التي يشعر بها احد الشقيقين «داميان» وفي المقابل هنالك المفهوم البروتستانتي والذي يوحي ايضا وبشكل غير مباشر سلوك «داميان» البراغماتي تجاه شقيقه، ولكنك لم تحددها بوضوح للمشاهد العادي؟ - «ضاحكا» لقد تلقيت تعليما كاثوليكيا في صغري وعندما بلغت الرابعة عشرة من العمر اردت ان اصبح قيسا وهذا «الصراع بين الشقيقين» ناتج عن الذرية والتناسل الآخذ بالازدياد والذي ينتهي بهم الحال الى العمل في صناعة اللهو والتسلية وصولا للجريمة! وعن نفسي، فانا رجل مؤمن -من الناحية الدينية- وهذا يبدو واضحا في جميع افلامي، الا فيلم «قليل من الموت بين الاصدقاء» لدرجة ان بعض النقاد وحتى المشاهدين بدا لهم نقيضا لما سبق من افلامي. * في جميع افلامك نرى بانك دائما تصور بعض اللقطات الى السماء، وهل هذا نوع من اجل استدعاء واستحضار ما ابعد من ذلك؟ واذا اردت رأيي الشخصي، فاعتقد بان هذا شيئا من السذاجة، أليس كذلك؟ - كلا، ليس كذلك، هناك شيء او شكل محدد للبساطة او السذاجة والتي تنطبق على شخصية «داميان» والتي تشكل وجهة نظر بالنسبة الى هذا الصبي الصغير الذي يتصف بالكرم والسخاء، شخصيا، اردت من اللقطات التي صورتها للسماء استدعاء واستحضار ايطاليا وشمال انجلترا. * يشعر المشاهد في فيلمك هذا «مليون» بانك مصر على الاستمرار في اقتسام الرغبة في نيل اعجاب المشاهد واستفزازه بنفس الوقت.. البعض كان رأيه بانك لم تكن جادا «في مشهد حيث احد الصبيين عندما كان يدخن». - هذا غير صحيح؟ ان لا اخذ على محمل الجد!! هذا غريب.. وعلى كل حال انا احب الاثارة واستفزاز المشاهد، ولكن بالمعنى الايجابي للكلمة، كما انني اقوم بدس افكار اراها ضرورية وغير مكتوبة في السيناريو او الحوار، تماما كمن يقوم بعملية تهريب. السينما بالنسبة لي هي وسيلة اتصال مع الناس، ولست مثل بعض السينمائيين الذين ترى اعمالا لهم وكأنها دروسا في مدرسة ابتدائية. * ولكن في افلامك السابقة نراك تلجأ الى الصيغة النمطية، الصراع بين الخير والشر..؟ - الخير والشر موجودان لكن هنالك من يتناولهما على انهما شيء مطلق، وآخرين يتعاطون معهما بشكل نسبي وهذه القضية تمس الاخلاق ايضا، ولاكون واضحا معك، لدي آرائي الخاصة ولا افرضها على الآخر، وهناك من يختلف معي في هذا الرأي، وهذا حقه، ولكن حظيت باحترام كبير من سينمائيين بمختلف تخصصاتهم والمشاهدين ايضا، وهذا لا يعيبني اطلاقا. * على الرغم من الانتقادات لفيلمك، الا ان هنالك جوانب فنية جميلة تستحق الذكر خاصة المونتاج الدقيق والرشيق، والموسيقى الجميلة وكذلك المؤثرات البصرية وتوظيفها، ولكن الا تتفق معي بانك تهتم بالشكل اكثر من الموضوع؟ - لقد كنت حريصا على ان تكون العلاقة بيني وبين مدير التصوير «انطوني دود فانتل» متميزة، والتي انعكست ايجابيا على الفيلم، وهذه العلاقة ايضا اقمتها مع مهندس الديكور، وطاقم الانتاج، وكاتب السيناريو. دعني اقول لك شيئا، في بريطانيا لدينا ايمان عميق بعقلية وذهنية طاقم الفيلم بأكمله، وهذا يختلف كثيرا عما هو في فرنسا، وكتاب السيناريو ايضا، تماما كما هي طريقة المخرج «مايك لي» في العمل حيث يعرف عنه انه يترك لممثليه الارتجال في الاداء ولكنه يضمن مادته الضرورية والتي يريدها هو في سينماه. * فيلمك السابق «بعد 28 يوما» صنف سينمائيا كفيلم من الدرجة الثانية وقد نال نجاحا واضحا، لماذا اذن لم تستمر في صناعة افلام من هذه النوعية؟ - لقد طرح علي هذا الرأي من قبل شريكي الاميركي «في مجال الانتاج» ايضا، ولكن عملي موجه الى قلب المشاهد في الفيلم الذي ذكرته، فاختيار موضوع لنقله الى الشاشة الكبيرة تماما مثل الوقوع في الحب حيث لا يمكن للمحب ان يتصرف تجاه محبوبته بذهنية او عقلية منطقية فالحب يعطل العقل ولكن المهم ان الفكرة يجب ان تصل للمشاهد، المشاهد الذي يفكر في الفيلم بعد نهاية العرض وما هو المقصود بهذا المشهد او ذاك، بالتالي تتولد حالة من التوازن بين العقل والقلب. من اهم اعمال المخرج «داني بويل» البريطاني فيلم «قليل من الوقت بين الاصدقاء» مع الممثل البريطاني «إيوان ماك غريغور» عام 1994، وفي العام 1996 اخرج فيلم «ترانسبوتنغ» مع الممثل البريطاني «ايوان ماك غريغور» ايضا و«روبرت كاراليل»، وفي العام 2000 حقق فيلم «الشاطئ» مع النجم الشاب «ليوناردو دي كابريو» والفرنسية «فرجينيا لودويان»، واتبعه بفيلم «بعد 28 يوما» مع سيليان مورفي وناعومي هاريس. * مترجم اردني عن مجلة «بريميير» الفرنسية الرأي الأردنية في 24 نوفمبر 2006 |
جمهور رام الله يشيد بـ"دنيا و"عمارة يعقوبيان"
حسام عز الدين-الفرنسية
فاز فيلم "دنيا" للمخرجة اللبنانية جوسلين صعب وفيلم "عمارة يعقوبيان" للمخرج المصرى مروان حامد بجائزة الجمهور فى مهرجان السينما الدولى الذى نظم للمرة الأولى فى الأراضى الفلسطينية واختتم مساء الاربعاء.
وفاز الفيلمان من بين ستين فيلما عرضت خلال المهرجان الذى افتتح فى الحادى عشر من الشهر الجارى فى رام الله بالضفة الغربية.
وقال القائمون على المهرجان إن التنافس الأخير على جائزة الجمهور جرى على 18 من الأفلام التى تم عرضها.
وكان القائمون على هذا المهرجان اطلقوا عليه فى حفل الافتتاح اسم من رام الله إلى العالم بدون حواجز".
واختار منظمو المهرجان للعرض الختامى الفيلم الفلسطينى "أحلام وأهداف" من اخراج الفلسطينية الشابة مايا صنبر المقيمة فى بريطانيا.
ويروى الفيلم كيف تم تجميع اعضاء المنتخب الفلسطينى لكرة القدم للمنافسة على التأهل لتصفيات كأس العالم الأخيرة.
وقال مدير المهرجان خالد عليان إن سبب اختيار هذا الفيلم هو أنه يعبر حقيقة عن استمرار حلمنا بأن نضع اسم فلسطين على خارطة العالم". وأضاف عرضنا هذا الفيلم فى الحفل الختامى لنقول ان لدينا أهداف وسنواصل الحلم بتحقيقها".
وكان المنتخب الفلسطينى بحاجة إلى الفوز على اوزبكستان ليتأهل للدور التمهيدى الثانى للتصفيات التمهيدية لكأس العالم الأخيرة مما دفع رجال أعمال فلسطينيين يقيمون فى الخارج لتمويل استعدادات المنتخب.
ويروى الفيلم على مدار ساعة ونصف تفاصيل تجميع أعضاء المنتخب ذوى الأصول الفلسطينية وبثقافات مختلفة من دول فى أميركا اللاتينية والولايات المتحدة واسبانيا ودول عربية مثل لبنان وسوريا.
ويركز الفيلم على صعوبة خروج عشرة لاعبين من قطاع غزة إلى مصر للالتحاق فى المعسكر التدريبى للمنتخب بسبب اغلاق معبر رفح الحدودي، وكيف تمت إعادتهم عن المعبر خمسة مرات قبل أن ينجحوا بالخروج قبل المباراة بأيام.
وتم تصوير الفيلم فى الاسماعيلية وقطر حيث جرت مباراة المنتخب الفلسطينى مع اوزبكستان وخسرها 3-0 وتشيلى التى يسكنها حوالى 604 فلسطينى وغزة ومخيم نهر البارد فى لبنان.
وتضمن الفيلم مقابلات مع لاعبى المنتخب الذين أعربوا عن حلمهم فى وصول المنتخب الفلسطينى إلى كأس العالم رغم ظروفهم السياسية الصعبة.
وعرض خلال الفيلم مقابلة مع مدرب المنتخب الفلسطينى حينها النمساوى الفرد ريدل، الذى قال احتاج إلى مدرسى لغات للحديث مع اللاعبين الذين قدموا بلغات مختلفة، عربية، انكليزية واسبانية".
وأضاف أن المنتخب عانى من تكتلات ثقافية واثنية أيام المعسكر، كون اللاعبين جاؤوا من عدة دول وإن كانت جنسياتهم الأصلية فلسطينية".
ويروى الفيلم أيضا قصة لاعب فلسطينى مراد فريد، من الولايات المتحدة الأميركية وذو جذور فلسطينية.
ويقول فريد فى الفيلم كنت أسمع عن فلسطين وحبى لها هو ما دفعنى للالتحاق فى المنتخب، لكنى أيضا أحب مكان مولدى اميركا".
ويضيف فريد، الذى لا يتحدث العربية مطلقا كرة القدم ليست سياسة لكنى وجدت أنها طريق سهل لتثبيت فلسطين على الخارطة العالمية، لكن ذلك يحتاج إلى جهد وتنظيم".
وعرض المهرجان حوالى ستين فيلما عربيا وأجنبيا وفلسطينيا من بينها 25 فيلما فى محور المهرجان الرئيسى بانوراما من دول عدة، كما قال مدير المهرجان.
وجاءت هذه الأفلام من مصر ولبنان وسوريا وتونس واليمن والعراق وفرنسا وألمانيا واسبانيا وايطاليا وهولندا والبرتغال وتركيا والبرازيل.
كما عرض الفيلم الفلسطينى الذى رشح للأوسكار "الجنة الآن" للمخرج هانى أبو اسعد وخمس أفلام لمخرجين فلسطينيين عن الثورة الفلسطينية.
العرب أنلاين في 23 نوفمبر 2006
ايطاليا تحتفل بذكرى لوكينو فيسكونتي: الدفاع عن الحرية دفاع عن الحياة ضد الموت روما – موسى الخميسي قبل أسابيع قليلة حلت الذكرى المئوية لولادة لوكينو فيسكونتي، كما تحل هذه السنة أيضاً الذكرى الثلاثون لوفاته. هو أحد ابرز رواد الواقعية الإيطالية في السينما، واحد كبار سينمائيي العالم على الإطلاق. وصادف يوم ولادته يوم الأموات الذي يحتفل فيه الكاثوليك من كل سنة، وهو اليوم الذي قدمت فيه اوركسترا ديللا سكالا الشهيرة في ميلانو أول عرض لرائعة الموسيقار فيردي اوبرا «لاترفياتا». يقول فسكونتي عن حياته: «نعم جئت من عائلة ثرية، وكان أبي من أرستقراطية عريقة، يحب الموسيقى والمسرح والفن، كنا ستة اخوة، وكانت العائلة تتمتع بسمعة طيبة للغاية وبتربية متحفظة راقية الا انها صارمة، لكنها قدمت لأبنائها كل ما من شأنه ان يساعد في تذوق الفنون وبخاصة الموسيقى والمسرح والفن التشكيلي. لقد نشأت وترعرعت في أحضان خشبات المسرح في ميلانو، وكان لنا مسرح صغير، ومن بعدها جاء مسرح ديللا سكالا الذي كان في بدايته مسرحاً خاصاً للجد ومن بعده العم، وكانت أمي من عائلة بورجوازية اهتمت ببيع المواد الطبية، وحتى نهاية حياتها ثائرة على التقاليد القديمة متعلقة بمحبة الحياة العصرية الجديدة». ثنائية الموت والحياة، السقوط والصعود، المكان والزمان، كانت هاجس هذا المثقف الأرستقراطي النبيل الذي ظل حتى آخر أيامه، واقعاً تحت تأثير أفكار ماركس وغرامشي، على السواء، وهما شغلاه منذ صباه وحتى يوم وفاته في 17 آذار( مارس) 1976 بعد ان ظل مقعداً على كرسي سنة كاملة لينجز آخر أفلامه «البريء» والذي عرض بعد وفاته مباشرة. هو فنان ومفكر في آن معاً، كان تأثيره عميقاً في تطور الفن السابع، وقد اعتبره النقاد السينمائيون، الصورة الجديدة المعبرة عن الاتجاهات الجديدة للسينما العالمية بعد الحرب العالمية الثانية. هو الذي احدث ثورة جمالية وتعبيرية داخل تيار الواقعية الجديدة، كما ان طريقة عمله الفني المبدع ومعالجاته في كل من السينما والمسرح والأوبرا غيرت المفاهيم الدرامية وجددتها. اعتمد وحدة النظرية مع الممارسة الفكرية كمحور ومركز ارتباط لتحليلاته وأعماله الفنية في السينما التي اخرج فيها 17 فيلماً روائياً رائعاً، وللمسرح الذي قدم فيه 28 مسرحية لكبار المؤلفين العالميين، والاوبرا التي قدم لها 160 عملاً أوبرالياً داخل ايطاليا والعديد من عواصم الغرب. كان فناناً حقيقياً ينتقي من الأشياء والناس لغة رمزية تمتلك الأشياء والطبيعة والأشخاص لتخلق لها أسبقية أساسية باعتبارها رموزاً للغة بصرية جديدة. أراد فيسكونتي على الدوام ان يقول ان الفيلم، الذي يخلق رموزه من أشياء الواقع ويحولها الى أسلوب تعبير من طريق إقامة العلاقات» المونتاجية» الفكرية في ما بينها، لا يحتاج الى قاموس لان أشياء الواقع ومواضيعه اللانهائية هي القاموس الوحيد الممكن للكتابة السينمائية. تأثير رينوار تعرف في باريس بعد هربه من مطاردة السلطات الفاشية، الى الفنان المخرج الفرنسي جان رينوار فاصبح مساعداً له ليحققا معاً العديد من الأفلام الروائية والوثائقية. الا انه وبعد عودته الى إيطاليا عام 1942، سرعان ما اصطف مع تيار الواقعية الإيطالية في انعطافها نحو الواقع لتلتقطه، وهي تمجد قيمة الإنسان، وتؤكد حقه في الحياة الكريمة، وتؤكد أحلامه المشروعة في الحرية والعمل والحب والمستقبل، ولتقيم المحاكمات، وتعلن الاتهام، وترفع شعار الرفض والاحتجاج، بأساليب سينمائية جديدة متميزة، ساخنة، تبهر العالم، وتجذب جمهوراً واسعاً، من خلال اقترابها من الوثائقية اكثر منها سينما روائية. باعتمادها التصوير في الأماكن الطبيعية وبين الناس العاديين، واستغنائها عن الممثلين المحترفين، وابتعادها عن الحوارات المنمقة والمفخمة. انه ينتمي بأفلامه الى لغة سينمائية جديدة، تبتعد مما هو مألوف ومعتاد، وتخترع إيقاعات تضرب بقوة جدار المخبوء داخل النفس البشرية. لقد احدث شرخاً أساسياً عير معهود في صناعة السينما لينتقل بها من عالم الأحلام الوردية الى الواقع. قال وهو يساند حركات الاحتجاج ومؤيداً الثورة الطالبية عام 1968: «لقد أخرجت فيلم «الملاعين» للأجيال التي لا تعرف كيف كانت النازية تتصرف وتنمو. يجب ان تعرف الشبيبة العالمية ان غياب المقاومة الاحتجاج والاعتراض، هو الذي يخلق الشيطان الأسود في حياتنا». لقد اهتم هذا الأرستقراطي بالواقع وحياة الناس ومطاليبها اليومية، تحت تأثير دراساته المتعمقة لفكر مؤسس الحزب الشيوعي الإيطالي انطونيو غرامشي بعد عودته مباشرة من باريس، واصبح يؤمن بنظرية غرامشي حول المثقف العضوي الذي يعني ارتباطه الحقيقي وغير المزيف بالجماهير الصاعدة. في البداية كان مأخوذاً بفكرة المخرج رينوار الذي نصحه بتحويل رواية «ساعي البريد يطرق الباب مرتين» للكاتب الأميركي جيمس كين، بعد ان اصطدم برفض الرقابة إجازة مشروع فيلمه «الأرض تهتز» عن رواية أحد ابرز رواد الواقعية الإيطالية في الأدب جوفاني فيرغا، حيث كان الفاشيست في آخر أيامهم توصلوا الى التخبط والتضييق على الأفكار الجديدة، يشجعون كل ما هو تبسيطي ونفعي وغائي للأفكار والقيم والمفاهيم وتوظيفها بهذا الشكل أو ذاك لخدمة نظامهم، وشخص واحد، هو رئيس الدولة. وبتأثير سيطرة الواقعية الجديدة على الثقافة الإيطالية على شكل اتجاهات ومواقف وأفكار، على صفحات الجرائد والمجلات الأدبية والفكرية والتي قادها كل من فيتوريني، وفيرغا، وبافيزي، وكورادو الفارو، والبيرتو مورافيا، وبيبو فينوغليو... الخ والتي بزغت أفكارها وطروحاتها، منذ البدايات الأولى لأربعينات القرن الماضي، جنباً الى جنب ما قدمه عدد من المخرجين الإيطاليين امثال سولداتي وبوجولي ودماركي وكابونا وبلازيتي، ودي روبرتيس، الذين ارتبطوا بتنظيمات ثقافية معارضة لتوجهات النظام آنذاك، وكانوا يكتبون في مجلتي «سينما» و «اسود وابيض» السينمائية انتقاداتهم، وتزامن ذلك مع ظهور مجموعة من الأفلام الواقعية المغايرة لما يطرحه مثقفو النظام الفاشي، أمثال فيلم دي سيكا «الأولاد ينظرون الينا» و «تريزا يوم الجمعة» وكذلك افلام بلازيتي «أربع خطوات بين الغيوم» و «رجال في العمق» لدى روبيرتيس وغيرهم، حمل فيسكونتي الى الشروع بإخراج فيلم «الوسواس» المأخوذ عن رواية» ساعي البريد» ليجسد فيه متطلبات الواقعية الجديدة، متأثراً بأستاذه الفرنسي رينوار. وبعد اندحار الفاشية مباشرة عام 1945 شرع فيسكونتي تحقيق حلمه بإخراج فيلم «الأرض تهتز» عن رواية فيرغا الذي يتحدث عن ثورة لعائلة من الصيادين الصقليين ضد مستغليهم متأثراً بأجواء الواقعية السوفياتية في صناعة الأفلام. ثم بدأ فيلمه الشاعري «الأجمل»عن رواية كتبها الأديب الشيوعي شيزار زافاتيني ومن ثم فيلم «الحس» عام 1952 الذي جمع به عوالم المسرح والأوبرا والسينما معاً، يصور به السقوط والأنانية في النفس البشرية». وبعدها جاء فيلمه الشاعري «الليالي البيض» 1957 عن إحدى روايات دوستويفسكي» وفيلم «روكو واخوته» 1960 في شكل حداثي عن السقوط بعيد عن أساليب الواقعية الجديدة، وكانت بطلته الممثلة القديرة آنا مانياني التي قامت بدور الأم. أما فيلم «الغريب» فجاء عام 1967 وهو مقتبس من رواية للكاتب الفرنسي البير كامو بالاسم نفسه، حيث حيرة الإنسان النامي وقلقه وسط تناقضات الواقع السائر نحو الجحيم. فهد ايطالي أما فيلم «الفهد» عام 1962 الذي يعتبره العديد من النقاد العالميين الأفضل والأجمل بين كل ما أنتجته السينما الإيطالية طيلة تاريخها الطويل، قام ببطولته بيرت لانكيستر، وآلان ديلون، وكلوديا كاردينالي، فهو مأخوذ من رواية الكاتب الايطالي جوزيبي دي لامبدوزا. بعد ذلك انجز فيسكونتي رائعته» الملعونون» التي تدور أحداثها أثناء الحقبة النازية وطموحات السلطة، والرغبات المجنونة، والقتل واغتيال الحب، وبالتالي سحق كل من يعترض الطريق. أما فيلمه الشاعري الرائع «موت في البندقية» 1971 عن رواية بالاسم نفسه للكاتب توماس مان، التي كانت في بداية صدورها عام 1911، بمثابة بداية وفاتحة لاقتراب الكاتب نحو الانتماء للتقدم، فهي تعبير عن المأساة الفردية باعتبارها نتاجاً لواقع اجتماعي لا يهيئ الا للانهيارات النفسية والاغتراب الذاتي، إنها أزمة وعي وانحدار فردي بمواجهة عالم ساحق. لقد أبدع فيسكونتي بتحفته السينمائية التي حاول فيها مقاربة الرواية، التي قال عنها بعض النقاد السينمائيين انه استطاع ان يلتقط اكثر من كاتبها حركتها الكاملة من خلال تناوله زاوية التنقيب عن مداها وعوالمها المعقدة والمرتبكة، في الإفصاح عن الجمال الجسدي، حيث ان جسد الصبي «تاديسو» وملامحه وهدوءه العظيم وكبرياءه الوادع، صورة تبعث على التجربة الأكثر محسوسية في النفس البشرية. بعدها قدم رائعته «لودفيك» أو «غروب الآلهة» 1972، ثم فيلم «عنف وعاطفة» 1974، قبل أن يحقق في عام موته آخر أفلامه «البهائي» عن رواية لدانونزيو. الحياة اللندنية في 24 نوفمبر 2006
مهرجان دبي السينمائي يكرّم أوليفرستون وشاه روخان ونبيل المالح أعلنت اللجنة المنظمة لمهرجان دبي السينمائي الدولي أمس عزمها تكريم كل من أوليفر ستون و شاه روخان ونبيل المالح في الدورة الثالثة للمهرجان التي تقام في دبي بين 10 و17 ديسمبر المقبل. وقال عبدالحميد جمعة، رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي إن حضور ومشاركة هؤلاء الفنانين الكبار في المهرجان يعكسان مكانة المهرجان كمنصة للاحتفاء بالإنجازات السينمائية من مختلف أنحاء العالم. واعتبر أن إعادة عرض أبرز الأعمال السينمائية للفنانين المكرمين سيعزز أهداف المهرجان في تشجيع ودعم جيل جديد من صناع السينما. وكان المهرجان قد كرم في العام الماضي وضمن برنامج «في دائرة الضوء» الممثل الأميركي مورغان فريمان، وعادل إمام والمنتج والمخرج الهندي ياش شوبرا. وتعتبر أفلام أوليفر ستون ملاحم سينمائية تعكس تأثير حركة التاريخ على الفرد والعكس بالعكس. وتتميز أفلامه بحركة الكاميرا ونوعية الفيلم الخام، كما ظهر في فيلم JFK عام 1991، وفيلم «قتلة بالفطرة» عام 1994. حاز ستون 3 جوائز أوسكار تضمنت أفضل سيناريو عن فيلم «ميدنايت إكسبرس» (1978)، وأفضل مخرج عن فيلم «بلاتون» (1986) وفيلم «مولود في الرابع من يوليو» (1989). آخر أفلام ستون «وورلد تريد سنتر» الذي يوثق أهم أحداث 11 سبتمبر2001. من جانبه، يعد شاه روخان، الذي يمثل السينما الآسيوية في برنامج التكريم ضمن المهرجان، أحد أشهر الممثلين في السينما الهندية. شارك حتى الآن في أكثر من 55 فيلماً. ورشح اثنان من أفلام خان، «دفداس» و«باهلي»، لنيل الأوسكار عامي 2002 و 2006. وحاز خان على جائزة بادماشري، التي تعد رابع أهم الجوائز في الهند، كما حصل على أكثر من 13 جائزة أخرى منها جائزة أفضل مواطن من الحكومة الهندية، وجائزة راجيف غاندي للتميز في قطاع السينما. ويملك خان شركتي إنتاج «دريمز أنليمتد»، و«ريد تشيليز انترتينمنت». أما المخرج والشاعر والرسام السوري نبيل المالح الذي يكرمه المهرجان لإنجازاته المبتكرة في السينما العربية، فهو يعتبر من رواد صناعة السينما السورية المعاصرة، وقد درس فن السينما في تشيكوسلوفاكيا في أوائل الستينات من القرن الماضي، وعاد إلى دمشق وأخرج عددا من الأفلام السينمائية القصيرة والطويلة والتسجيلية للتلفزيون السوري. وكان نبيل المالح من أوائل صناع السينما العرب الذين استخدموا أساليب فنية تجريبية، والتي مهدت الطريق بدورها أمام بزوغ لغة سينمائية جديدة، وتمكن من خلال فيلمه «نابالم» الذي تبلغ مدته 90 ثانية عام 1970 من التأثير على الجماهير في سوريا والعالم بأسره. وحصل المالح عن أول فيلم روائي طويل «الفهد» عام 1972 على الجائزة الأولى في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي في تلك السنة. وفي عام 2005 اختير فيلم «الفهد» كأحد أهم روائع الأعمال في تاريخ السينما الآسيوية في مهرجان «بوسان» السينمائي الدولي. أما فيلمه «كومبارس» 1993، الذي قام المالح بكتابته، فيعتبر من أفضل وأهم أعماله حتى اليوم، ويرصد فيه هموم ومشاكل شابين يعيشان تحت وطأة الفقر والاضطهاد الحكومي. حصد الفيلم عدة جوائز عربية وعالمية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان السينما العربية الذي ينظمه معهد العالم العربي في باريس كل عامين، إضافة إلى مهرجان «ريميني» السينمائي الدولي في ايطاليا. دبي ـ البيان البيان الإماراتية في 23 نوفمبر 2006
|
ترجمة: تيسير ابو شومر* |