"أبحث انا وشقيقي آلان عن أفلام نريد ان يكتشفها الجمهور"، يردد مدير مهرجان "القارات الثلاث" (آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية) الذي انطلقت دورته الـ28 مساء امس في مدينة نانت الفرنسية، مضيفاً انه منذ الدورة الاولى عام 1979، كان يريد لمهرجانه أن يقدّم اعمالاً غير معروفة وذات جودة عالية، تندرج في اطار ما يسمّى "سينما المؤلف" التي تعكس خصوصية كل بلد وثقافته. "لا يهمّنا الجانب التجاري"، يؤكد فيليب جالادو باعتزاز، "لكن ذلك لا يعني اننا نلغيه من وجه المهرجان. فحتى بعض الافلام التجارية يسيطر عليها الهاجس الثقافي. ان نضع في تصرف النقاد والجمهور اعمالاً همّشتها مستلزمات السوق وقيود العرض والطلب، امر يحثنا على المتابعة والاستمرار". اصيب جالادو بحمّى السينما في عمر الـ17، فكان يدرس في نانت ويذهب الى نادي السينما في اوقات فراغه. كان برغمان اول مخرج يكتشفه ويغيّر نظرته الى الفن السابع. قبل ذلك، لم يكن يشاهد الا افلام الحركة الاميركية. "لاحقاً، اهتممت بجميع المؤلفين في العالم بمن فيهم المخرجون الاميركيون الكبار"، وصولاً الى "الموجة الجديدة" التي قلبت المفاهيم كلياً حين كان لا يزال جالادو في العشرين من العمر. شكّل أول فيلم لغودار صدمة له، فما جاء به المخرج السويسري في هذا الشريط، كان ثورياً ومدهشاً واضفى نظرة مختلفة وجديدة على عالم السينما. ثم ذهب جالادو الى كاليفورنيا للدراسة. يتذكر: "من المضحك انهم لم يكونوا يحبّون السينما الهوليوودية في المعهد حيث كنت ادرس. وأُجبرت على النضال لكي اقنعهم بأن هناك مخرجين كباراً في هوليوود. هؤلاء كانوا يميلون الى السينما الاوروبية. فذات يوم، قررت ان اعرّفهم الى احد أفلام نيكولا راي، فقالوا لي اني مجنون بدعوى ان هذا لا يهمّ احداً. لكني قررت ان اخاطر وألفتهم الى مزايا هذا الفيلم وجماليته ومستوى اخراجه، فاستطعت ان ابيّن اني على حق. كان ذلك في الستينات من القرن المنصرم؛ كانت السينما الاميركية تعيش مرحلة من التحولات، مع بروز مخرجين مثل كوبولا وسكورسيزي انتزعوا القرار من أيدي المنتجين". بعد عودته الى فرنسا، لم يعد جالادو مهتماً بالسينما الهوليوودية، فاتجه نحو آفاق جديدة، مكتشفاً السينما الهندية والمصرية، وساهم مع آخرين في انشاء الـ"سينماتيك" الفرنسية. الالتزام الشديد حيال سينما الدول النامية، هو الذي جعله رحّالاً يجوب القارات الثلاث بحثاً عن سينمائيين شبان وانماط فيلمية تخرج عما هو سائد في السلك التقليدي. "إذا اردنا شيئاً متماسكاً، أصبحنا مجبرين على الذهاب للبحث عنه"، يعلق سريعاً قبل ان يروي بعضاً من تفاصيل رحلته الى افغانستان بحثاً عما يغوي بصيرته في بلد دمره التخلف الطالباني والارهاب الذي مارسته مجموعة من الاصوليين على شعب فقير، بدءاً من الغاء كل ما له علاقة بالسينما. عام 1979، عندما قرر وشقيقه تأسيس مهرجان "القارات الثلاث"، كانت المهرجانات كافة تشهد اكتساح الافلام السياسية. فمهرجان قرطاج مثلاً، يقول جالادو، "كان في ايدي مسؤولين يفكرون سياسياً فحسب، وكانت الافلام التونسية في تلك المرحلة سيئة فنياً، لكنها شائقة سياسياً. بين 1968 و1975 مررنا بمرحلة لم تعد السينما تعتبر فناً. وكانت تلك الامور تثير امتعاضي، فالفن لا يزال حياً ونكتشف سنوياً مخرجاًً سواء في مهرجان كان او في مهرجانات اخرى". ليس لبنان بلداً غريباً بالنسبة الى جالادو، فقد زار بيروت مرات عدة، وهو مطّلع على اسماء مخرجينا والناشطين في مجال السينما ويحفظ ذلك كله عن ظهر قلب. بعضهم مرّوا بنانت مثل جان شمعون الذي قدّم "طيف المدينة"، او دانيال عربيد التي عرضت هناك "معارك حب"، وآخرون مثل غسان سلهب - واليوم ميشال كمون الذي يتسابق لنيل الـ"مونغولفيير" عن فيلمه "فلافل" - كانوا في بداية مسارهم، عندما اعطاهم جالادو فرصة الظهور. "عدد لا يستهان من المخرجين الكبار لم يكونوا معروفين قبل 25 عاماً، وقد توجّهوا للمرة الاولى خارج بلادهم الى نانت. هذا ما جعلنا نهتم بالمواهب الجديدة وبعدم إلقاء الضوء على المخرجين المعروفين فحسب. نرمي الى اظهار جميع ثقافات الدنيا، لأنها مهددة بسبب عولمة السينما. اما التحدي الاكبر فيتمثل في العثور على افلام من انحاء العالم، تجسد الحضارات المختلفة، ولا تكون متشابهة. ما يسمّى اليوم "السينما العالمية"، يشكل خطراً على السينما، إذ نرى ان جميع الافلام تتشابه إن من حيث السيناريو أو الموسيقى، وغالبها يخلو من أي فرادة. ويعزى ذلك الى المنتجين الذين يعملون وفق منطق استهلاكي، او الى المخرجين الذين يقدمون التنازلات غير مكترثين بالمستوى الفني لاعمالهم، ظناً منهم ان هذا ما يريده الاجنبي. على سبيل المثال، ما أبحث عنه كمدير لمهرجان "القارات الثلاث"، هو فيلم لبناني يبرز حضارة هذا البلد، ولا يكون مصوَّراً بهدف تقليد الاميركيين". هل انت راض عن الصورة التي يعكسها المهرجان اليوم؟، نسأل جالادو فيجيب متفادياً الوقوع في الادعاء، ان المطلعين على السينما يعلمون بوجود مهرجانه، حيثما ذهب في العالم: "نحن معروفون في فرنسا وفي الخارج ايضاً"، يقولها، وهو شبه متيقن من موقع الريادة الذي يحتله مهرجانه. بيد ان التكريس لا يلغي الصعوبات التي اصبح المهرجان عرضة لها منذ بعض الوقت، شأنه شأن الكثير من التظاهرات السينمائية التي تؤمن بالحق في الاختلاف وسط الـ"ستاندارات" التي تسعى الى تسطيح فكر المشاهد، من دون ان تولد لديه رغبة في التأمل وتحسين الذائقة. يعترف المدير، الذي يهتم بشؤون هذا المهرجان مع شقيقه الان، ان المشكلات التي تعترض مساره ناتجة من عدم مبالاة الجهات التمويلية والراعية حيال تدني ثقافتها السينمائية. "المؤسسات التي لا تأبه لفيلم لبناني او مكسيكي، لا تعرفنا. هي ترغب مثلاً في رؤية نجوم فرنسيين، وتريد ان تكون رئيسة لجنة التحكيم كاترين دونوف على سبيل المثال. اما التلفزيونات فليست مهتمة كثيراً بالمهرجان، لأني لا املك برنامجاً خاصاً كالذي في مهرجان كان. وسائل الاعلام عموماً والتلفزيونات خصوصاً تريد نجوماً عالميين، فيما انا منجذب الى نجوم من الهند مثل اش كابور". لكن ألا يلقى المهرجان اهتماماً حتى من محطة مثل "آرتي"؟ يردّ: "لا تعرض "آرتي" برامج عن السينما، بل ريبورتاجات. انها شريكة في المهرجان. لكني اتحدث عن التلفزيونات الرسمية". في ظل تقصير وسائل الاعلام، يرى جالادو ان من الصعب تنظيم مهرجان سنوي هاجسه دعم سينمات الدول النامية. "لكننا تعوّدنا"، يقول بمزيج من الاسى والاقتناع. "ثم ان المحترفين والجمهور يعرفوننا في فرنسا، وهذا ما يهمنا. بصراحة، لا يهمني اذا كانت محطة TF1 تغطّي الحدث او لا، فنحن نسجّل اكثر من 40 ألف مشاهد في كل دورة. علماً اني لن انزعج اذا خصّصت احدى الشاشات الرسمية برنامجاً عن المهرجان، ولو لبضع دقائق. فليس هذا ما يهم، بل ان نقوم بعمل مثمر". ولأجل تعزيز النشاطات الموازية، كتنظيم المحترفات ودعوة مخرجين من الخارج، لا بد من ايجاد مصادر تمويلية. لذا كان لا بد لادارة المهرجان من ان تتعاون مع شركاء خاصين، علماً ان الممولين الاساسيين هم مؤسسات الدولة. فاذا امتنعت مدينة نانت ووزارة الخارجية ومركز السينما عن اعطائها المال، يصعب عليهم الاستمرار. "ليس كما في لبنان حيث التمويل يأتي من مؤسسات خاصة، فنحن نعتمد على الدعم المادي الذي تؤمنه الدولة بنسبة 75 في المئة تقريباً". ماذا عن المدعوين، الذي يبلغ عددهم بضعة مئات في هذه الدورة التي تترأس لجنة تحكيمها المخرجة الاميركية ذات الاصول الارجنتينية - التشيليانية ناتاشا فيولا، ما دام المهرجان لا يعني عرض الافلام فحسب، بل انشاء حوار بين المشاهدين واصحاب الافلام؟ يجيب: "نحن ندعو جميع المخرجين المشاركين في المسابقة واحياناً الممثلين والمنتجين، لكننا ندفع فقط تذكرة سفر المخرج". ويرى هذا السينيفيلي الشغوف اننا عدنا بالسينما الى الوراء، اذ ان المنتجين قابضون على دفة المخرجين. والحل بحسب جالادو: "يجب النضال من اجل هذا الاختلاف. لكل بلد طريقته في تصوير الافلام. فمشاهد الحب في الافلام الايرانية مختلفة عن مشاهد الحب في الافلام الاوروبية، ذلك لأن الايرانيين في حياتهم اليومية لا يتصرفون مثل الاوروبيين. واذا شاهدت فيلماً هندياً فقد تظنّه بطيئاً جداً لكن ايقاع الحياة في الهند مختلف. الاميركيون مثلاً وجدوا ان الايقاع السريع في التصوير يناسب حياتهم". نشاطات كثيرة تندرج في سياق هذا المهرجان الذي يستمر الى 28 من الجاري في هذه المدينة التي ولد فيها المخرج الراحل جاك ديمي. نحو من عشر صالات لن تلبث ان تحتضن عطش الجمهور المحلي للسفر على متن أفلام من القارات الثلاث، آسيا، أفريقيا وأميركا اللاتينية. هذه الدورة مهداة ايضاً الى السينمائي الهندي الكبير ساتياجيت راي الذي تجري استعادة كاملة لاعماله البالغة 37. أفلام روائية من الارجنتين واندونيسيا واليابان وايران والصين تعرض في اطار المسابقة الرسمية الى جانب القسم المخصص بالافلام الوثائقية. ثمة "بست أوف" لعام 2006 يتضمن آخر الاعمال لمخرجين انطلقوا من منصة "القارات الثلاث"، من مثل التركي نوري بيلغي سيلان، والتايواني تساي مينغ - ليانغ، والصيني جيا زانغي، والارجنتيني بابلو رومانو. ويوجه المهرجان تحية الى بدايات السينما السعودية عبر تخصيص عروض للافلام الاربعة التي أنجزها مخرجون سعوديون. ويقدم المهرجان خمسة أفلام مهمة من تايلاند، "سقطت في النسيان"، بحسب المنظمين، بالاضافة الى كوريا الحاضرة ببضعة أفلام جميلة، في مقدمها "يوم سقط الخنزير في البئر" لهونغ سانغ - سو (1996). واخيراً، يلقي المهرجان الضوء على الجيل الجديد من السينمائيين التشيليانيين ويكرّم افلام التحريك التي انتجتها استوديوهات يابان الشهيرة 4C◦. النهار اللبنانية في 22 نوفمبر 2006
مهرجان نانت للقارات الثلاث> تكريم راي الذي هو مدرسة وحده نديم جرجورة نانت : منذ العام ,1979 يُقدّم <مهرجان نانت للقارات الثلاث>، الذي افتتحت دورته الثامنة والعشرون، مساء أمس الثلثاء، مجموعة كبيرة من أحدث إنتاجات السينما العالمية المصنوعة في القارات الثلاث: أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا. ومنذ سبعة وعشرين عاماً، يحافظ هذا المهرجان على سويته الإبداعية في مقاربة صناعة بصرية يغلب عليها الطابع الإنساني، فتنعكس فيها مرايا الذات والمجتمعات والعلاقات والانفعالات. غير أن التخصّص الجغرافي هذا، الذي يُعتبر السبّاق في فترة تأسيس المهرجان، لا يختصر هويته، ولا يختزل توجّهاته الفنية والثقافية. وبحسب التفسير المُقدّم عن العلاقة بين المهرجان وفضائه السينمائي، فإن التخصّص الجغرافي ليس إلاّ نمطاً من أنماط حيويته ومساره واشتغاله الإبداعي في مجال الفن السابع، علماً أن المهرجان يتّسم أيضاً ب<الحشرية>: إضافة إلى متعة الاكتشاف المنبثقة من اللقاءات المقامة في أروقة المهرجان وحركته اليومية، وتفعيل الأبعاد الجمالية والإبداعية، والتحريض الدائم على <حبّ السينما>، سواء أكانت شعبية أم نخبوية. بدأت الدورة الجديدة للمهرجان، مساء أمس، وتنفتح الشاشة الكبيرة على كمّ هائل من التنويعات البصرية المختلفة. تستعيد المدينة وهجها السينمائي الذي يستمر لغاية مساء الثلثاء المقبل، قبل أن تعود إلى هدوئها وبساطتها وشغفها لسلوكها الخاصّ في اكتساب متعة العيش. ولعلّ إحدى الإشارات البديعة التي أطلقتها الدورة الحالية، تكمن في تكريم المخرج السينمائي الهندي ساتياجيت راي، بعرض أفلامه الروائية والوثائقية كلّها (ثلاثون فيلماً طويلاً وسبعة أفلام وثائقية وقصيرة)، في إطار يتجاوز منطق التكريم العادي، كي يؤسّس علاقة جديدة بمخرج ارتبط اسمه بعدد من الروائع التي لا تزال فاعلة في المشهد السينمائي والإنساني العالمي. والعلاقة الجديدة المقصودة هنا لا تعني أن ساتياجيت راي لم يعد حاضراً في وجدان محبّي السينما العالمية وانفعالاتهم وأفكارهم، إذ إنه، بحسب ما قاله الناقد الفرنسي شارل تيسّون، صنع لوحده ما فعلته الموجة الفرنسية الجديدة فيما بعد بجهد جماعي. كما أن نتاجه الإبداعي بات مرجعاً في صناعة الصورة وتقنياتها، وفي معاينة الحالات وتفاصيلها. ويأتي هذا التكريم، الذي يفتح مجالاً واسعاً أمام الراغبين في التعرّف إليه أو الساعين إلى لقاء جديد معه، بعد خمسة عشر عاماً على رحيله. سينما قارات لكن السؤال المطروح على زائر يصل مدينة نانت قبل ساعات عدّة من بدء دورتها السينمائية الجديدة هذه، هو: كيف يُمكن مشاهدة جديد السينما في القارات الثلاث، والتمتّع بمشاهدة أفلام لساتياجيت راي، ومتابعة ما يحدث في التظاهرات الجانبية، ومنها: أفلام من تايلندا، ونتاج الجيل الجديد في تشيلي، والسينما الكورية، وأفلام الحب، وإبداع الجنوب، وأفلام سعودية وغيرها. لا شكّ في أن البرنامج مكثّف، والعناوين كثيرة، والدرب إلى السينما يمرّ في صالات ومقاه وحكايات وشاشات تكاد لا تنتهي. مع هذا، فإن متعة البحث عن المختلف، لا تضاهيها أي متعة سينمائية أخرى. هناك أربعة وثلاثون فيلماً مشاركاً في المسابقة الرسمية، تشاهدها لجنتا تحكيم، تألّفت الأولى المتخصّصة بالأفلام الراوئية من السينمائية الأميركية ناتاشا فيولا (من أصل أرجنتيني تشيلي) وديفيد روبنسون (مدير <أيام السينما الصامتة في بوردونون>) وهاينر وينكلير (مخرج وسيناريست ألماني) ومايكل غالاسّو (مؤلف موسيقي وعازف على آلة الكمان وقائد أوركسترا أميركي) ورونا هارتنر (ممثلة رومانية من أصل ألماني) ومارسيل هووين (منتج سويسري) وديتو تسنتسادزي (مخرج جيورجي)، ستوزّع ست جوائز، وتشكّلت الثانية المتخصّصة بالأفلام الوثائقية من جينيت لافيني (مخرجة فرنسية وعاملة في المونتاج) ومرسيديس آلفاريز (مخرجة إسبانية) ويان أوليفييه ويخت (مخرج)، ستمنح ثلاث جوائز أساسية. هناك، أيضاً، عشرات الأفلام الموزّعة في التظاهرات الجانبية، وهناك المدينة وناسها وأرصفتها وفضاؤها وحكايتها مع السينما والحياة. النهار اللبنانية في 22 نوفمبر 2006
يوسف شاهين.. مازال يحصد الحب أشرف بيدس عندما نتكلم عن يوسف شاهين، يجب علينا أن ننتقى ألفاظنا، ونختار من وسط تلال الكلمات ما يناسب مسيرة الرجل الفنية والإبداعية، فرغم تخطيه الواحد والثمانين - أطال الله عمره- مازالت كاميرته تدور فى البلاتوهات ولم تتوقف، والمدهش فى الأمر أنها تزداد مع الأيام توهجا وإبداعا وتميزا، وتفاجئنا مع كل مشهد وجملة وحوار أن هناك أبعادا أخرى تختفى بين السطور، يتركها المبدع للزمن، تفاصيل صغيرة ربما يرى البعض أنها غير ذات قيمة، أو أن رصدها قد لا يقدم أو يؤخر فى النتيجة النهائية.. لكن حرصه على رصدها يجعلنا نكتشف - فيما بعد- أن وجودها كان ضرورة إنسانية فى المقام الأول، ورغم أننا نتهمه أحيانا بأنه ذاتى أكثر مما يجب، فإننا نتغافل - وعن جهل- بأن رؤيته الخاصة حق مشروع وأصيل، وقد تتفق أو تختلف مع وجهات النظر الأخرى - ونحن بالطبع- وهذا الخلط يجعلنا متربصين فى معظم الوقت لأعماله، ولأنه أيضا عنيد يبدو التمسك بآرائه ومعتقداته مسألة غير قابلة للنقاش، ولا يجدى معها أى جدل، ويظل يردد بطريقته المعهودة (مش مشكلتى أنكم مش بتفهموا). حتى يتبين فيما بعد أن وجهة نظره كانت الأصوب والأنفذ. يحرص «شاهين» دائما على التوحد والاندماج بكل ما يؤمن به ويدافع عنه بكل ما أوتى من قوة وصبر وأحيانا بالخروج عن المألوف والسياق العام للحوار، فقد يتبادر إلى ذهنه بعض الأشياء التى قد لا تكون ملهمة بالنسبة للكثيرين ورغم علمه بأنها لن تلقى هوى وسوف تستحث نفورهم واستياءهم يظل متمسكا بها. لم تكن مهمة الفنان فقط التأثير فى محيطه والتعبير عنه بصدق وشفافية، وهى رسالة أصيلة ورائدة ليت الكثيرين يضطلعون بها، وأنما أيضا التأثير فى الثقافات الأخرى ومد جسور التواصل بيننا وبينهم، والعبور من نفق المحلية الضيق عبر قنوات مختلفة لعالم أرحب وبث إبداعاتهم والتعلم من الآخرين، وهذا ما نجح فيه «شاهين» وبلغ فيه قدراً لم يصل إليه أحد من قبل - سينمائيا-، والمدهش فى الأمر أنه مازال يلقى ببذوره فى كل أجوائه الخصبة سواء كانت قريبة أو بعيدة، ويطرح داخل كادراته وجهات نظر شخوصه بمنتهى الأمانة. رغبته فى العمل تختصر كثيرا من الأسئلة الساذجة، وتؤكد أن «شاهين» مازال يتنفس سينما، واعتكافه يعنى ببساطة نهاية المشوار الكبير الملئ بالنجاحات والأفكار البكر غير المسبوقة أو المتداولة. جرى العرف فى مختلف الأوساط أن يطلق البعض ألقابا -على سبيل التكريم- لكل من تقدم به العمر، كشيخ أو زعيم أو رائد، ورغم الاحترام والتقدير لهذه الألقاب إلا أن يوسف شاهين غير مؤهل لها ولا تناسبه شكلا أو موضوعا، وأقرب لقب إليه هو الأستاذ فمازال يعطى دروسه دون كلل أو ملل وفى حماس يفتقده الكثيرون من الشباب، كما أن أعماله تحمل دائما الجديد الذى يطرح حراكا حوله. لم يتغير اندفاعه وسكونه منذ أيامه الأولى فى سان مارك والكلية الإنجليزية حتى عندما ذهب إلى معهد باسادينا حتى وقتنا الحاضر، مازال الوهج يملأ عينيه فى معرفة وتفسير وتحليل كل ما يدور حوله، ومازال الطفل داخله يحبو فى إصرار ونهم وشوق ودون مراعاة لأى قواعد أو بروتوكولات. فهو دائما داخل أقواس مغلقة على جانبيها تلال من الأعمال العظيمة والاستثنائية، ومحاولة كتابة تاريخ السينما دونه، يعنى ببساطة رسم حروف دون وضع النقاط عليها. يثير الجدل فى أفلامه وآرائه ومواقفه، ويصنع حولها الضوضاء والفوضى المنظمة دون قصد أو بقصد، يقتحم دون تهور ويحسب جيدا المسافات التى تفصله عن الأجسام الصلبة والمشتعلة حتى تكاد أنفاسه تلامسها لكنها لا تحدث فى وجهه أى إصابات.. يحرض على الفكر والتأمل والمتابعة، ويترك للتجربة مهمة التحصيل، يعرف جيدا كيف يختار أسلحته وأدواته عند الإقدام على خوض التجارب الجديدة.. يذاكر.. يقرأ..يراجع.. يناقش، ويكرر دون ملل أو كلل مقرراته، حتى يحفظها عن ظهر قلب، وكأنه تلميذ مقبل على الامتحان الأخير، مرددا داخل نفسه كلمة هاملت الخالدة «أكون أو لا أكون».. النبوغ لا يأتى مصادفة أو حتى بمرور الزمن، هناك دائما مؤشرات تلمح فى البدايات الأولى تنبئ بوجود هذا العبقرية، ومنذ فيلمه الأول «بابا أمين» عام 1950 والذى كسر فيه كل ما هو سائد، بطرح فكرة غير مسبوقة، وحتى آخر أفلامه الذى مازال قيد التصوير «هى فوضي»، ظل «شاهين» مثيرا للجدل، فريق يؤيده بقوة ويقف وراءه، وفريق آخر يهاجمه بشراسة ويتهمه بالتعالى والغموض، لكن الفريقين يتفقان فى النهاية إنه أهم مخرجى مصر على الإطلاق. أهم ما ميز أعمال شاهين هى حالة التمرد المستمرة على القوالب الفنية الثابتة والمتجمدة والعبور إلى مناطق أخرى كان له السبق فى اختراقها، وقد اعتبر النقاد هذه النقلة جنونا وجنوحا منه، لكنه كان يحسب حسابات دقيقة قبل أن يخطو أى خطوة، كما تميزت أعماله بجرأة الطرح، فمازال شغوفا بتقديم رؤى مختلفة بصورة لم يعتد عليها الجمهور المصرى، وربما هذا ما أثار الجدل حول أعماله، فلم يستسلم لحالات الكساد التى انتابت السينما، ولم يرضخ لإغراءات السينما التجارية وأفلام المقاولات، وظل حتى يومنا هذا وفيا لقناعاته رغم هبوب بعض العواصف، إلا أن ثقته بنفسه أثبتت عبر الأيام أنه كان بعيد النظر، فى عام من الأعوام بلغت إيرادات أحد الأفلام التجارية عشرة أضعاف ما حصل عليه فيلم «المصير» لكن ذلك لم يزعزع الثقة داخله، ولم يعر الأمر كثيرا من الاهتمام، كان يصنع أفلاما لتعيش مع الناس، وليس لإحداث فرقعة سرعان ما تخبو، أعماله محفورة فى الأذهان مثل ابن النيل، المهرج الكبير، سيدة القطار، صراع فى الوادى، صراع فى الميناء، باب الحديد، الأرض، جميلة الجزائرية، الناصر صلاح الدين، بياع الخواتم، الاختيار، العصفور، عودة الابن الضال، إسكندرية ليه، حدوتة مصرية، الوداع بونابرت، اليوم السادس، المهاجر، المصير، الآخر، اسكندرية نيويورك.. كلها أعمال عظيمة أثرت السينما المصرية وأرّخت للحالة وللمتغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية التى كانت تحدث فى وقتها. تقترب شخصيات يوسف شاهين من جموع الناس على مختلف خلفياتها الاجتماعية والثقافية.. فهى شديدة الصلة بهم وبمعاناتهم، تحمل همومهم التى يقاسونها ويعانونها فى حياتهم اليومية، فنجد أمين أفندى، حميدة، شحتوت، جمال، صابر أفندى، عصام، رجب، فريد، قناوى، هنومة، جميلة، عيسى العوام، فرجينيا، أبو سويلم، وصيفة، الشيخ حسونة، بهية، محمد المدبولى، الشيخ بكر، عوكا، على، صديقة، يحيى، رام، سيمهت، اميهار، الشيخ رياض، ابن رشد، ملك، مارجريت، جينجر، الباشوات، الأفندية، العمال، الصنايعية، الطلبة، الفلاحون، الصعايدة، الفواعلية، المثقفين، كل هؤلاء الشخوص الذين رصدتهم كاميرا شاهين حاولت قدر إمكانها أن ترصد أنفاسها. قدم شاهين وعلى مدار ستين عاما رؤيته لمعاناة الإنسان وحتى ولو كان ذلك من خلال تجربته الذاتية التى تملأها الأحداث والمواقف التى يمكن أن تتشابه أو تختلف مع الآخرين، ودائما يسعى لتعرية الواقع بكل أخطائه لطرح أفكار جديدة أكثر نبلا وتحضراً أو أكثر قسوة وإيلاما، لم يعبأ كثيرا بأهواء الجماهير أو متطلبات السوق، فهو مازال قادرا على أن يطرح رؤاه التى لا تنفصل عما يشعر به الإنسان البسيط، ويضع أمام عينيه الآخر بعيدا عن حدود الدين واللون والجنسية، ولا يؤرقه كثيرا الاختلافات الشكلية والرمزية فهو دائما يسعى للربط بين الآخرين فى حلم واحد يعلى من القيم الإنسانية والروحية. ويرى شاهين أن الهموم الخاصة هى فى حقيقتها هموم عامة لا يجب تجاهلها، أو علاجها فى منأى عن الآخرين. الأهالي المصرية في 22 نوفمبر 2006 |
عودة العميل السري 007 شخصية جيمس بوند تحاول البحث عن دور جديد الوسط - نبيل عبدالكريم على مدى ساعتين حاول العميل البريطاني السري جيمس بوند (007)العودة إلى عهده السابق. فالشريط الجديد الذي يعرض الآن في سينما الدانة تحت عنوان: »كازينو رويال« يتضمن إشارات تدل على وجود نية في تطوير الفكرة التي مضى عليها نحو أربعة عقود. بدأ مسلسل بوند خلال فترة »الحرب الباردة« وأصاب النجاح بسبب تركيزه على تلك المعارك السرية التي تقوم خلف الكواليس بين أجهزة المخابرات السوفياتية والصينية من جهة وأجهزة المخابرات الغربية (الأميركية والبريطانية تحديداً) من جهة أخرى. وسبب نجاح الفكرة آنذاك يعود إلى وجود رابط سياسي خفي بين موضوعات الأفلام والواقع المتشنج الذي كان يسود العلاقات الدولية بين المعسكرين الشرقي والغربي. ولكن الفكرة دخلت في حال جمود منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي عندما حصل بعض التقارب الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة وتم التقارب السياسي بين الاتحاد السوفياتي وأميركا في شأن الحد من التسلح النووي والصواريخ البالستية. آنذاك ارتبك العميل السري ولم تعد مهماته واضحة خصوصاً حين حاول المشرفون على مسلسل جيمس بوند إنتاج أفلام تتحدث عن التقارب والتعاون المخابراتي لملاحقة منظمات سرية خارجة على القانون. وبسبب ضعف الفكرة وعدم تصديقها سياسياً أخذت الأفلام تدخل في حال من التكرار الممل بسبب عدم اقتناع الجمهور بالفكرة. إلى ذلك لعبت شخصيات جيمس بوند دورها في إضعاف صورة البطل بسبب تعددها وتنقلها من ممثل إلى آخر. وبسبب اختلاف كل ممثل في مستوى تجسيده شخصية العميل السري تشتت صورة البطل ولم تعد تنال إعجاب المشاهدين. وحين انهار الاتحاد السوفياتي وتبعثر المعسكر الاشتراكي ازدادت مشكلات العميل السري إذ لم يعد هناك من طرف دولي يشكل ذاك التحدي اليومي أو الخطر المصيري على الغرب. ونتيجة غياب الخصم التقليدي كان لابد من إعادة النظر بالعدو والعمل على إنتاج خصم سياسي يرقى إلى مستوى المخابرات السوفياتية. وعندما لم يجد المشرفون على السلسلة تلك الهيئة المطلوبة لجأ هؤلاء إلى اختلاق القصص واختراع الأعداء وتصوير الخصوم بطريقة سخيفة ومتخلفة الأمر الذي زاد من ضعف الموضوع وتردد المشاهدين في الاهتمام بالبطولات الوهمية التي يقوم بها العميل السري. أزمة بوند تحولت إلى مادة نقاش وطالب الكثير من النقاد بوقفها خصوصاً حين انحرفت السلسلة عن نهجها السابق وأخذت تسوق للقصص السياسية والمغامرات لدوافع تجارية احياناً أو لإغراض سياسية مكشوفة في أحيان أخرى كما كان أمر الفيلم ما قبل الأخير الذي عالج مشكلة كوريا الشمالية وكاد أن يفجر أزمة معها. الفيلم الأخير الذي يعرض حالياً في »الدانة« لا يخلو من تلك الأخطاء ولا يتردد في إثارة أجواء من المغامرات والملاحقات. ولكنه قياساً بما سبقه يعتبر خطوة متقدمة لأنه حاول الاستفادة من الثغرات وإعادة الترويج لشخصية بوليسية تجمع ما بين خفة الدم والذكاء والمروءة والشجاعة والإنسانية والاستعداد للتضحية وبين مهمة سياسية مكلف بها صاحب الرقم الشهير 007. قصة الفيلم الأخير تتحدث عن عصابات دولية لتنظيف الأموال تقوم باستخدامها لشراء الأسلحة وتوريدها إلى بلدان آسيوية وإفريقية لتفجير الحروب وقتل الأبرياء. الفكرة واقعية ومقبولة فهي سياسية من جانب وإنسانية من جانب آخر. لذلك لم يأت السيناريو في سياق موحد ومبرمج ضد فئة معينة. فالقصة تتحدث عن شبكات دولية تمتد من أوغندا إلى الباهاماس وصولاً إلى الجبل الأسود في يوغوسلافيا السابقة. أصحاب السيناريو تعمدوا قدر الإمكان تجنب تقديم هوية قومية أو دينية أو لونية لشبكات التهريب أو الإرهاب أو تجار الأسلحة. فالكل مشارك في هذه الجرائم وهناك منظمات سرية من مختلف الجهات والدول منخرطة في هذه الأعمال القذرة التي تعمد إلى قبض الأموال وتهريبها وتدويرها في البورصات حتى تصبح شرعية. وبعد ذلك تبدأ الدائرة الثانية في العمل حين يتم تحويل الأموال غير النظيفة سابقاً إلى أرقام حسابات سرية بهدف شراء الأسلحة وتصديرها. مهمة جيمس بوند في الفيلم الأخير كانت ملاحقة تلك المنظمات لمعرفة مصادرها وأسلوب عملها وتداخل أنشطتها. فالشبكات دولية لذلك كان على العميل 007 التنقل من إفريفيا إلى أميركا إلى أوروبا وبتوجيه من دولته (بريطانيا) للكشف عن الوجوه السرية التي تدير الهيئات والاستيلاء على أموالها في طرق مختلفة لمنع تحويلها واستخدامها في شراء الأسلحة. وطبعاً ينجح العميل السري في مهمته بعد تعرضه لمشقات ومصاعب واعتقال وتعذيب ومطاردات كادت تودي بحياته... ولكنه كان دائماً وكعادته السابقة ينجو منها بسبب تفوقه المتعدد المستويات والمواهب. الشريط الأخير من السلسلة ناجح قياساً بالفيلم ما قبل الأخير. فالبطل هو نفسه ولكن الممثل الذي جسد شخصية بوند في إطار مغامر وظريف في آن... تغير في محاولة لإعادة الثقة بدور عميل تجاوزه الزمن وشارف على التقاعد. الوسط البحرينية في 22نوفمبر 2006
بعد نجاحه في »جعلتني مجرماً« عمرو عرفة: نجحت مع الزعيم في »السفارة« ومع الشباب بـ »أفريكانو« القاهرة - الوسط المخرج السينمائي عمرو عرفة تم تصنيفه من قِبل النقاد والجمهور على أنه واحدٌ من أفضل المخرجين في الساحة الفنية حالياً، على رغم أنه لم يقدم إلى السينما سوى 3 أفلام، فإنه استطاع أن يبرز موهبته وإمكاناته الإخراجية العالية، التي مكنته من تقديم 3 أعمال ناجحة بدأها بفيلم »السفارة في العمارة« مع النجم عادل إمام، والثاني من خلال فيلم »أفريكانو« مع أحمد السقا ومنى زكي، أما الثالث الذي يعرض حالياً فهو فيلم »جعلتني مجرماً« للفنان الكوميدي أحمد حلمي ومعه غادة عادل، التي يراهن عليها عمرو عرفة بأنه سيقدم إلى السينما »شويكار« أخرى. وفي هذا اللقاء يؤكد عمرو أن أفلام الشباب أحدثت فجوةً هائلةً بين الأجيال القديمة والجديدة، ويرفض بشدة تكرار النجوم في أفلامه» لأن هذا - على حد قوله - يصيب الجمهور بالملل، وكان معه هذا الحوار. · بعد نجاح فيلمك الأخير »السفارة في العمارة« وحصده جوائز عدة هل تأثرت اختياراتك الفنية وطريقة أدائك؟ - فعلاً نجاح »السفارة في العمارة« أكسبني قدراً كبيراً من الثقة والتقدير لفكري وذاتي، بالإضافة إلى تقدير وتكريم الآخرين من الجمهور والنقاد، وشعرت بعدها بقوة كبيرة تقودني أكثر نحو الإبداع والعطاء وخصوصاً بعد نجاح فيلم »أفريكانو« الذي سبق »السفارة في العمارة« وكان مع نجوم شباب مثل: منى زكي وأحمد السقا، ما يؤكد أني شريك فعلي لعادل إمام في نجاح هذا العمل، أي أنيّ نجحت مع الشباب وأيضاً مع النجوم الكبار، وجاء نجاح فيلمي الأخير »جعلتني مجرماً« ليؤكد أني على الطريق السليم. · ألم تجد مخاطرةً في أن تقدم فيلماً لأحمد حلمي بعد أن قدمت فيلماً ناجحاً مع الزعيم عادل إمام؟ - أفخر بتعاملي مع عادل إمام ونجاحي في فيلمه، ولكني أيضاً نجحت من قبل في »أفريكانو« مع أحمد السقا وفي النهاية أنا أبحث عن الموضوع والقضية وليس النجم، فالقصة هي الأهم عندي، وقد ينجح الفيلم بقصة قوية ونجوم متواضعين، وبالتأكيد لن ينجح فيلم لا يقدم شيئاً حتى لو قدمه نجوم كبار، هذه هي قناعاتي. ونجحت أيضاً مع أحمد حلمي أخيراً. · ما الجديد الذي راهنت عليه خلال »جعلتني مجرماً« وجعلك قادراً على منافسة سيل الأفلام هذا الموسم؟ - الجديد يتمثل في طريقة قيادتي أبطال هذا العمل وتقديم كل بطل بشكل جديد يختلف عما قدمه من قبل، ففيلم »جعلتني مجرماً« يعيد اكتشاف غادة عادل كفنانة كوميدية تتفوق على نفسها وعلى ما قدمته من قبل، ووجدت من خلال هذا العمل في غادة عادل موهبةً تجعلها تكون شويكار القادمة، كما أن العمل يعتمد على كوميديا الموقف وليست الإفيهات، فأبطال هذا العمل لا يجيدون الإفيهات بل يقدمون ضحكاً حقيقياً ومختلفاً، ضحك من العقل قبل القلب. · لكن، ألا ترى في هذه المرة تكراراً آخرَ لشخصية أحمد حلمي كممثل كوميدي؟ - لم أقدم أحمد حلمي بشخصية ساذجة ليضحك المشاهد، بل قدمته شخصية ذكية جداً، ولكنها مسالمة وطيبة وتتعامل بمشاعرها قبل عقلها، وهذا الأنموذج موجود بشكل كبير جداً حولنا، ومن خلال هذه الطيبة تحدث كثير من المواقف التي تقوم على استغلال غادة هذه الطيبة لتحقيق أغراضها في مواقف كوميدية ليس لها مثيل وليست تكراراً أو مسخاً لما قدم من قبل. · ماذا عن أصعب المشاهد التي واجهتك في الفيلم؟ - قمة الصعوبة أن تقوم بعمل فيلم كوميدي ناجح، لذلك فأنا أعتبر كل مشهد من الفيلم إن لم يكن صعباً فهو على الأقل ليس سهلاً، وخصوصاً أني أبحث عن كوميديا حقيقية، وأيضاً هناك مشهد صعب كان عبارة عن تخيل حلم يجمع بين أحمد حلمي وغادة عادل، والصعوبة كانت تكمن في صعوبة تحقيق الصدقية والبساطة والأمل في وقت واحد وحلم واحد! · »ابن الوز عوام« هل تنطبق هذه المقولة عليك بعد مشاركة أحد أبنائك في إخراج الفيلم؟ - فعلاً أرى هذا المثال ينطبق على أسرتي فلديّ ولدان أحدهما التحق بالتمثيل من دون تفكير وهو طارق عرفة، وأيضاً لأول مرة يشاركني ابني في دور مساعد إخراج خامس، وهذه التجربة أسعدتني كثيراً. · هناك أزمة صنعها المخرجون وهي تكرار اختيار أبطال بعينهم في عمل من دون الآخرين، واتُّهِمتَ بأنك واحدٌ منهم؟ - هذه قضية تتمثل في بعض المخرجين وليس الجميع، والتكرار قد يكون مصادفةً، وقد يكون بتنسيق مسبق مع المنتج نفسه، وفي كل الحالات أنا ضد هذا الأسلوب ولست معه، فالتنوع هو سر النجاح، والتكرر لابد من أن يوقع الظلم سواءً على باقي النجوم أو على الجمهور نفسه، الذي يصبح مجبراً على دخول السينما ليشاهد الوجوه التي لا يوجد غيرها، ما يصيبه بالملل حتى إن كان العمل جيداً. سُنّة الحياة · لماذا صنع المخرجون فجوةً بين الجيلين أو الأجيال الموجودة من الفنانين في السينما؟ - لم يصنع المخرجون فجوةً بل هذه هي طبيعة الأفلام أو أفلام الشباب» لأنها تتحدث عن مشكلات الشباب وقضاياهم وحياتهم، وهذه هي سمات كل عصر، فالنجوم الكبار سبقوه وكانوا شباباً يسيطرون على السينما، ولكن هذا لا يلغي الكبار، ولكنه قلل من مساحة حضورهم في العمل، وهذه هي سُنّة الحياة، وهذا أصبح واقعاً» لأن جمهور السينما أصبح هو أيضاً باباً لكن هناك اليوم محاولات لضبط الميزان وتحقيق توازن في الأدوار لنخرج بسينما سوية. · لكن البعض يعيب عليك تناولك قضايا مهمة في قالب كوميدي يقلل من أهميتها؟ - المقصود بهذا السؤال هو فيلم »السفارة في العمارة« ولكني أختلف مع من انتقدني، فأنسب وسيلة لعرض المشكلة الكوميديا، وأسرع الطرق للعقول والقلوب الكوميديا، وكثيراً ما تحدث الآخرون في قضايا سياسية وعن »إسرائيل« بشكل متكرر، ما أشعر الناس بملل ولو علم نصف الجمهور أن الفيلم يتحدث في السياسية لخسر نصف هذه الجماهير بل نحن أذكياء وأوصلنا الفكرة إلى جماهير أذكياء بقالب كوميدي لا يشعرهم بملل وهذا هو الفن. الوسط البحرينية في 22نوفمبر 2006
|
مــهـــرجـــان "الـقــــارات الـثــــلاث" فـي دورتـــه الــ 28 الكـــشـــف عـن المـخــــبـــوء في الـدول الـنـــامــيـة نانت - من هوفيك حبشيان: |