نتيجة لذلك تبدل الدور الذي مارسته السينما من محاولة للتوعية إلى تزييف للوعي ومن ثم تعطيل له. نواصل في الجزء الثالث من هذا المقال الذي يستعرض محاولات السينما المصرية في غرس الوعي السياسي والاجتماعي، عبر قراءة موجزة لبحث أعده الدكتور ناجي فوزي، الحديث عن بعض من تلك المحاولات وعن محاولات أخرى كان لها أهداف مناقضة لسابقتها. استمرت الانفراجة الرقابية على الأفلام السينمائية في عقد السبعينات وبالتحديد فترة حكم » أنور السادات«. ويقسم فوزي هذا العقد إلى فترتين، تفصلهما حرب أكتوبر/ تشرين الأول 73، تمتد الأولى بين العامين 1970 - 1973، بينما تمتد الثانية في الفترة التالية لذلك. في الفترة الأولى سمحت الرقابة للمخرجين بنقد الظواهر الاجتماعية والسياسية، فظهر » ثرثرة فوق النيل » لحسين كمال (1971)، ليدين الكثير من مظاهر الحياة في مصر إبان هزيمتها 1967، وليستعرض المدى الذي تسبب فيه بعض المسئولين في الإساءة إلى الوطن. بعدها جاء فيلم » الظلال في الجانب الأخر الذي أخرجه غالب شعث العام 1975، ليستشرف قدرة المصريين على تخطي الهزيمة العسكرية مستقبلا. تلا ذلك بعض المحاولات السينمائية للاقتراب من حرب 1967 ، وذلك من خلال 3 أفلام هى »أغنية على الممر«، »العصفور«، »أبناء الصمت«. في الفيلم الأول الذي عرض العام 72 يتنبأ على عبد الخالق بانتصار للمصريين الصامدين بعد الهزيمة، وذلك من خلال قصة إحدى وحدات الجيش التي تظل محاصرة بعد انسحاب الجيش المصري فيقرر عناصرها الدفاع عن موقعهم حتى آخر رجل. أما فيلم »العصفور« ليوسف شاهين فيدين الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي هيأت الدولة لهزيمتها العسكرية، بما في ذلك القهر السياسي ومصادرة الحريات وإطلاق الشعارات البراقة الكاذبة. فيلم » أبناء الصمت » الذي أخرجه محمد راضى العام 1975، جاء ليدين المقدمات المنطقية لهزيمة 1967 خارج حدود الأسباب العسكرية المباشرة، مشيرا بصراحة للدور الكبير الذي لعبه الإعلام المصري الكاذب إبان الستينيات. بعدها جاءت أفلام مثل » زائر الفجر« (إخراج : ممدوح شكري، 1975) ليتعرض لقضية القهر السياسي والاجتماعي للمواطن المصري. في المجال نفسه ظهرت أفلام مثل » الكرنك« (إخراج على بدرخان ، 1975) الذي ينتهي نهاية تصالحية من خلال الإشارة إلى حرب أكتوبر 1973، ثم »وراء الشمس« (إخراج : محمد راضى ، 1978) الذي تحذر نهايته بأن ما حدث في الماضي ما قبل 1967 وما بعدها، هو ما يمكن أن يحدث في كل وقت ، وأن الأمر في كل الحالات يتوقف على المواطن ذاته. أما »الهارب« الذي قدمه كمال الشيخ العام 1974 فقد تم تجاهله من قبل كثيرين رغم كونه صيحة تحذير مبكرة إلى حد ما في مواجهة القهر وخرق القانون وفساد الإعلام الصحافي، ومطاردة الأبرياء بدون وجه حق إلى حد تصفيتهم جسدياً . ويأتي فيلم » على من تطلق الرصاص » لكمال الشيخ العام 1975 كصيحة تحذير قوية في مواجهة الفساد القادم، وصيحة تحذير أخرى من أن يكون العنف الميكانيكي الذي يصل للتصفيات الجسدية هو الطريق المتبقي لمواجهة الفساد. أما فيلم »انتبهوا أيها السادة » لمحمد عبد العزيز، 1980، فيحذر من وقوع خلل فى التركيبة الاجتماعية فى المجتمع المصري، يعاصر سياسة الانفتاح الاقتصادي. بينما يأتي فيلم » أهل القمة لعلى بدرخان (1981) ليؤكد وقوع هذا الخلل ويحذر من استمراره. فيلم » البريء« لعاطف الطيب (1986) يناقش فكرة تزييف السلطة لوعي المواطن بغرس أفكار غير صحيحة في وجدانه. ثم يأتي فيلم » الجوع » لعلي بدرخان (1986) ليحذر من تصديق شعارات الحكام البراقة في بداية توليهم السلطة، وليؤكد على حق المواطن في مقاومة الظلم وأن أي تغيير نحو الأفضل لا يمكن أن يتم إلا من خلال الوعي الحقيقي لجموع المواطنين . تزييف رقابي لا توعية سينمائية لم تساهم السينما المصرية في غرس الوعي إلا عبر حالات نادرة هي ما استعرضناه عبر هذه القراءة الموجزة، لكنها في المقابل عملت على تزييف وعى جمهورها بشكل كبير وعلى مختلف الأصعدة. هذا التزييف أتى جزء منه لأسباب رقابية مباشرة، كما حدث مع فيلم »لاشين« الذي عدلت نهايته لصالح القصر الملكي حينها، إذ تم تحويل ثورة الجياع ضد الحاكم الظالم في الفيلم إلى ثورة ضد حاشيته الفاسدة، كما تم التصريح بأن الثورة ضد القصر والرغبة في تغيير نظام حكمه هو ضرب من ضروب المستحيلات. كذلك غيرت الرقابة زمن الأحداث في فيلم »المتمردون« لتجعلها تدور ما قبل ثورة 1952، كما ألغت إحدى أفكار الفيلم الأساسية القائمة على مبدأ علاج إخفاقات الثورة بما كان هو الداء، أي ثورة أخرى. وآخر مقصود ومبيت النية أفلام أخرى جاء تزييفها للوعي مقصودا وليس ناتجا من ضغوط رقابية مثل فيلم » الكذاب« لصلاح أبو سيف (1975) الذي يتناول مسألة تخريب القطاع العام من داخله، فضلاً عن تجاوز حقوق عمال المصانع. إلا أنه يجعل كل ذلك يأتي في إطار مغامرة صحفية ساذجة، هي التي تبقى في ذهن الملتقى. وعندما تتعرض السينما المصرية لقضية الإرهاب ، فإنها تتناولها بنوع من الميوعة والتحريف، فيتجاهل فيلم »الإرهاب« لنادر جلال ، (1981) توضيح الهوية الحقيقية للمجموعة الإرهابية التى يقدمها الفيلم، وكذلك القضية التى يتبنوها، بل يصل التزييف إلى حد محاولة نسبة الإرهابيين إلى قوى أجنبية غير محدودة الهوية. فيلم »اللعب مع الكبار« لشريف عرفه (1991) هو الآخر يزيف وعي متلقيه إذ يصور الحرب على الفساد بلعبة هي أقرب إلى النزهة تتحول فيما بعد إلى كابوس. أما فيلم »الإرهاب والكباب« لشريف عرفة، (1992) فهو على الرغم مما يوحى به إسمه، لا يضم إرهابياً حقيقياً واحداً، بل يقدم حالة من الإرهاب المفتعل. وعوضاً عن ذلك يوحى بأن الإرهابي إما أن يكون صناعة حكومية، أو منسوباً إلى بعض الجماعات الدينية المتطرفة. أو دغدغة للوعي. يؤكد فوزي أن ما هو أكثر مراوغة من تزييف السينما لوعي المتلقين هو »دغدغة الوعي«، وهي حالة سينمائية واقعة بين غرس الوعي وتزييفه. ويعتقد أن هذه الدغدغة أكثر خطورة من التزييف، ذلك أن هناك أفلاماً تحمل في سماتها الظاهرية، رسالة بالوعي، بينما جل ما يمكن أن توصف به أنها تخدر وعى المواطن. من بين هذه الأفلام »النوم في العسل« لشريف عرفة (1996)، الذي يوحي لمشاهديه بأن السلطة هي التي تحاسب ذاتها نيابة عن المجتمع الذي لا يملك من أمره شيئاً. أما فيلم »معالي الوزير« لسمير سيف (2003)، فيوحى بأن فساد رؤوس السلطة التنفيذية، الوزراء تحديداً، ليس ناجماً عن سوء اختيارهم، بل لأنهم جاءوا بالصدفة (خلط في الأسماء). أما الوزراء الذين لم تختلط الأمور بالنسبة لأسمائهم فهم مواطنون شرفاء لا تشوبهم أية شائبة. ويوحى فيلم » زوجة رجل مهم » لمحمد خان (1988) بأن السلطة تصحح ذاتها بذاتها، فضابط أمن الدولة الذي يتجاوز حدود القانون يتعرض لمحاسبة رؤسائه وإنهاء خدمته من الشرطة بصفة عامة. تعطيل الوعى أخيرا يتحدث فوزي عما يسميه بـ » تعطيل الوعى«، ذلك أن صناع الأفلام قد يقدمون على إنتاج أعمال فنية تسهم فى غرس الوعي، لكن السلطات الرقابية تناهض هذه الأفلام بوقف عرضها أو منعه. من أمثلة ذلك الأفلام التى تناقش هزيمة 1967، كفيلم »زائر الفجر« ، و«العصفور«، وقد تسبب التأجيل الرقابى لهذه الأفلام من حرمانها من جدارتها بتحقيق فكرة استشراف المستقبل. ويتحقق هذا التعطيل من خلال طرق أخرى لا علاقة لها بالرقابة، ففيلم »أبناء الصمت« تأجل تنفيذه عدة سنوات لأسباب انتاجية، ويذكر الناقد السينمائى » على أبو شادى » ان هناك فيلماً من تأليف الكاتب السينمائي »عبد الحى أديب » انتزع موافقة الرقابة على السيناريو الخاص به بإسم »سيد الرفاعي« يعالج مسألة التطرف الدينى ، ولكنه لم يجد منتجاً ولا مخرجاً ولا ممثلاً يتحمس للعمل فيه. كذلك تم تأجيل عرض »المومياء« لعدة سنوات بحجة تعاليه على جمهور المشاهدين وعد قدرته على تحقيق أرباح تجارية. أخيرا يؤكد فوزي بأنه فى كل الحالات، وفي كل الفترات الزمنية، سواء تلك التي سمحت فيها السلطات بانفراجة رقابية كبيرة أو تلك التي ضيقت فيها الرقابة السبل على الانتاج السينمائي، لم يتمكن الانتاج المصري من أن يساهم بشكل أو بآخر في غرس وعي سياسي أو اجتماعي لدى متلقيه وظلت انتاجاته في هذا المجال، في أفضل حالاتها، متواضعة لا تضيف شيئا لوعي متلقيها، ولا يمكن وصفها سوى بكونها محاولات متواضعة ليس إلا! الوسط البحرينية في 15 نوفمبر 2006
الوسط - نبيل عبدالكريم فهذا المخرج بنى شهرته العالمية على أساس سياسي. فهو مخرج سياسي من الطراز الأول وشهد النقاد له بهذا الامتياز. وبسبب احترافه هذا القطاع من الأعمال الفنية تشكلت لدى المشاهد صورة ثابتة عن أعماله التي تناولت فيتنام واغتيال الرئيس جاك كيندي وحياة ريتشارد نيكسون وغيرها من قضايا كانت مثار جدل حين أسهمت أفلامه في كشف الكثير من الزوايا. استخدم ستون دائماً أسلوب الشك في الروايات الرسمية ولجأ إلى فتح أبواب نقدية للدخول في محرمات سياسية، ما أعطاه ميزة خاصة في الجمع بين العنف والدراما والأرشفة. هذا الفيلم يتحدث عن هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 التي وقعت صباح الثلثاء من ذاك العام. وحتى الآن لايزال العالم يتذكر تلك المشاهد وهو لا يصدق أن ما يراه حصل فعلاً. لذلك كان على المخرج ستون أن يراعي هذه المسألة الذهنية. فهو لا يروي قصة مجهولة ولا يعالج مسألة غامضة ولا يحاول تقديم رواية نقدية لحوادث معينة يمنع التطرق إليها نظراً إلى حساسيتها. ستون لاحظ هذا الفارق بين قصة غير مرئية قام بتصويرها ونقلها إلى الشاشة وبين مشاهد مرئية لاتزال طرية وحديثة العهد وتابعها العالم على محطات التلفزة مرة بعد أخرى. فالمشاهد التي نقلتها الفضائيات لحظة بلحظة شكلت صورة ذهنية في عقل المشاهد من الصعب زعزعتها لأن المقاطع حفرت في ذاكرة المتلقي مجموعة ذكريات لا تُنسى. لاشك في أن محاولة ستون التطرق إلى حادث محفور في ذاكرة الإنسان تعتبر مغامرة فنية. لأن المشاهد يعرف الكثير عن الموضوع وهو ليس سرياً أو تشوبه الألغاز كحادث اغتيال كنيدي أو ووترغيت (نيكسون) أو فيتنام. وبسبب وضوح صورة المشهد تعتبر كل محاولة لنقل الوقائع إلى الشاشة مغامرة سينمائية وخصوصاً إذا كانت التوقعات تنتظر من مخرج سياسي مهم وعالمي سوية عالية المستوى تتجاوز الحادث وتعيد إنتاجه بطريقة مقنعة. ستون في فيلمه عن هجمات سبتمبر كان أقل من التوقعات وغير مقنع في مبالغاته البكائية والملودرامية. والسبب يعود إلى أن الحادث في حد ذاته أقوى بكثير من إمكانات السينما وما توصلت إليه الاستديوهات وآلات التصوير ووسائل الخدع. وحتى الآن لايزال الكثير من المخرجين يتجنبون التطرق إلى الهجمات وتحديداً الهجوم على »مركز التجارة العالمي« في نيويورك خوفاً من السقوط الفني باعتبار أن ما حدث يعتبر أقوى من السينما ولا يقوى أي مخرج في العالم أن يعيد بناء المشهد بما يوازي الوقائع أو تلك اللقطات التي نقلتها الفضائيات مباشرة من منطقة الحادث. وبسبب هذا الخوف من السقوط الفني تجنب ستون مشهد الاصطدام بالبرج. فالمشهد السينمائي مهما استخدم أو ابتكر من قدرات وإمكانات وآلات سيكون فنياً أقل من المستوى. لذلك لجأ ستون إلى لغة أخرى. وهي تصوير ظل طائرة وليس الطائرة. كذلك اعتمد على الصوت بدلاً من الصورة. فالمشهد اكتفى بالظل وصوت الارتطام. وهذه كانت لفتة ذكية من ستون لتجنب السقوط في المهنة. إلا أن المشاهد الذي تعود على أفلام هذا المخرج السياسية توقع منه أكثر من ذلك ولم يتنبه إلى حراجة الموقف. كذلك توقع المشاهد من مخرج تعود طرح القضايا السياسية في أفلامه أن يتطرق إلى هذا الجانب الغامض الذي لايزال يثير الجدل في الغرف السرية، إلا أن ستون قرر أيضاً ألا يتحدث في السياسة مكتفياً بإشارات سريعة وباهتة وأقل بكثير من معلومات المشاهدين. ستون إذاً غادر في فيلمه عن انهيار »مركز التجارة العالمي« أقوى النقاط التي اشتهر فيها وقرر فجأة الانتقال إلى الجانب الإنساني من المأساة محاولاً الحفر فيها وصولاً إلى بكائيات طويلة ومضجرة غير متوقعة أصلاً من مخرج اشتهر بأفلامه السياسية ونقده للسلطة الأميركية. عمَّ إذاً يتحدث فيلم »مركز التجارة العالمي«؟ خوف ستون من إعادة تصوير المشاهد الخارجية اضطره إلى الاكتفاء بإعادة بناء دراما شريطه السينمائي من الداخل. فالقصة تروي حكاية شرطة الإطفاء في نيويورك مع الحادث المأسوي. فالمخرج دخل إلى البرجين وتناول قصة شرطيين من الإطفاء سقطت عليهما الحجارة وعلقا في الداخل. الهروب إلى الداخل جعل ستون يختصر المأساة من خلال رؤية حالات انتظار الموت التي يمر فيها الإنسان. وكيف أن الإنسان يتمسك بالحياة ويصارع الأوجاع ويتحمل كل الأثقال من خلال صور حياة يستعيدها في لحظات. والصور ليست معقدة كثيراً فهي عن العائلة والأسرة والزوجة والأطفال وغيرها من جوانب بسيطة، ولكنها تصبح مهمة وأساسية حين يشعر المرء أنه على خطوات قصيرة لمغادرة الدنيا. هذا الجانب الإنساني مهم في الشريط السينمائي ولكن ستون السياسي بالغ في تطويره إلى درجة التضخم. وهذا أيضاً مهم ولكنه غير متوقع من مخرج سياسي. ومثل هذه الدراما ليست جديدة على المشاهد. فهناك الكثير من الأفلام الوثائقية صدرت عن شرطة نيويورك ودورها وبطولاتها وتضحياتها ونقلت مباشرة حالات إنسانية كانت كافية لتقديم فكرة موجزة عن مشاهد الخوف والرعب والهلع التي أصيب بها كل من تصادف وجوده في البرجين. القصة التي بنى ستون دراما الفيلم عليها كانت عادية وشبه مستهلكة ولكنه نجح في إعادة بناء تفصيلاتها بأسلوبه الخاص من داخل منطقة البرج مستخدماً لغة الصوت وقرقعة الإسمنت والحديد وتداعي ذكريات الإنسان في لحظات سريعة تسبق مغادرته الحياة. هذا جانب جميل في الشريط السينمائي ولكنه فشل في تعويض النقص في الجانب الآخر وهو السياسة. فالمخرج تهرب من هذا الموضوع ولكنه نجح في التطرق إليه من زاوية مجند من قوات »المارينز« قرر الالتحاق بعمله من دون دعوة. فالجندي هزه المشهد واعتبر نفسه معنياً بالمسألة ولابد له من القيام بدور ما لخدمة دولته »المنكوبة«. وعلى قاعدة تأنيب الضمير والإحساس بالواجب يرتدي الجندي ملابسه العسكرية ويتوجه إلى منطقة البرجين محاولاً خدمة النزلاء والضحايا باحثاً بين الركام عن إنسان يريد إنقاذه. وتكون المصادفة أنه يلتقي مجنداً آخر ويبحث معه إلى أن تقوده المصادفة أيضاً إلى المكان الذي علق به الشرطيان. المصادفة إذاً قادت إلى المكان. ولكن ستون ربطها بصحوة الضمير وإحساس المواطن العادي بالإهانة واستعداده لعمل شيء ما لمسح العار والفضيحة. وهذا ما قاله »المارينز« في نهاية المشهد وبعد إنقاذ شرطة نيويورك رفيقيهم من تحت الأنقاض. فالجندي يقول: انتهت الآن مهمة الإنقاذ وبقي علينا أن ننتقم. مفردة الانتقام ربما تكون الكلمة السياسية الوحيدة في الفيلم وهي تشير إلى حالات الجنون والغضب والهياج الذي أصيبت به دولة كبرى في لحظة زمنية فأرادت الانتقام من العالم بذريعة الدفاع عن ضحايا سقطوا مصادفة من دون ذنب. عمل ستون في النهاية متميز وقوي ومتماسك حتى لو جاء مستواه دون التوقعات. فالمخرج السياسي حاول استعراض مشكلة سياسية في إطار ميلودرامي (بكائي) متجنباً قدر الإمكان تصوير المشهد الخارجي خوفاً من الفشل الفني. وهذا التهرب جعله يعتمد على لغة صوتية اجتهدت في ملاحقة تداعيات الانهيار من داخل المبنى. الوسط البحرينية في 15 نوفمبر 2006 |
شيء من الخوف، كثير من الرقابة (1) السينما المصرية من الوعي السياسي إلى التسلية الجوفاء
شيء من الخوف.. عنوان لفيلم عرضته دور السينما المصرية العام 1969... حسين كمال كان مخرجه، وجمال عبدالناصر كان هو من أجاز عرضه بعد حضوره عرض خاص للفيلم، تم في شهر اكتوبر/ تشرين الأول قبل أربعة عقود من الآن. حضور عبدالناصر لم يأت تفضلاً على صناع الفيلم ولا ليرفع من قيمته الفنية أو ليعطيه برستيجاً خاصاً، لكنها كانت العادة حينها، تحديداً في الفترة الواقعة بين الأعوام 1967 - 1970، الفترة التي اعقبت النكسة من جهة وسبقت وفاة عبدالناصر من جهة أخرى. لكن اختيار الفيلم لم يأت اعتباطاً، إذ كان واحداً من مجموعة أفلام واجهت اعتراضات رقابية بسبب مضامينها الروائية واسقاطاتها السياسية على واقع مصر السياسي في ذلك الوقت. ولم تطل قائمة تلك الأفلام بل جاءت محدودة العدد نذكر منها (المتمردون) لتوفيق صالح 1968، (المخربون) لكمال الشيخ 1967، (العيب) لجلال الشرقاوي 1967،(القضية)68 لصلاح أبوسيف في 1968، وأخيرا (ميرامار) لكمال الشيخ العام 1969. جميع هذه الأفلام خلقت توجهاً جديداً لدى صناع السينما المصرية، أعطى للسينما دوراً أكبر وأكثر قيمة، دور غير العلاقة بينها وبين السياسة، وجعلها تلعب دوراً مهماً في تشكيل الوعي السياسي لدى الجماهير، أو حتى تغيير ذلك الوعي وقلب المفاهيم وخلق نزعات وتوجهات سياسية جديدة. حول الدور الجديد للسينما المصرية، نشأته وعوامل ازدهاره ثم تراجعه، كتب ناجي فوزي بحثاً مطولاً ناقش فيه عدداً من العوامل التي ساهمت في تكوين سينما الوعي السياسي في مصر والدعوة للإصلاح .سينما الوسط تحاول إستعراض تلك الدراسة بإيجاز، عبر عدة حلقات، وإلقاء الضوء على بعض أهم محاورها. يؤكد فوزي أن السلطات حاولت منذ البداية، وعبر اجهزتها الرقابية، منع السينما من تحقيق دورها في صنع الوعي السياسي، سواء في مصر أو غيرها من الدول التي لا تحترم حرية الرأي والتعبير. ولعل مصر تحظى بشرف أقدمية محاولات خنقها لحرية صناع الأفلام تلك منذ البدايات، إذ ترجع أولى محاولاتها تلك الى العام 1938 ومع بدايات تطور الأفلام السينمائية. في ذلك العام قامت الدولة بتسليط جهاز الرقابة على المصنفات الفنية لديها على فيلم »لاشين« الذي أخرجه الألماني فريتز كرامب والذي قام ببطولته مجموعة من فناني تلك الفترة يأتي على رأسهم حسن عزت، نادية ناجي، وحسين رياض. اعتراضات الرقابة حينها جاءت على قصة الفيلم، التي كتبها هنريش فون ماين، والتي تدور حول لاشين، قائد جيوش أحد الحكام، الذي يحاول تنبيه الحاكم لمحاولات رئيس وزرائه الفاسد في السيطرة على الحكم والتلاعب بمقدرات الشعب. لكن الملك الضعيف لا يكترث لنداءات قائد جيوشه وينشغل بعلاقاته النسائية الكثيرة، الأمر الذي يجعل رئيس وزارئه يتمادى ويتمكن من تلفيق تهمة للاشين يودع على أثرها السجن. تتأزم الأوضاع بسبب فساد رئيس الوزراء ويثور الشعب احتجاجاً على أفعال الحاكم ورئيس الوزراء الظالم، وفي النهاية تنتصر الثورة الشعبية ويتم إطلاق سراح لاشين وتعم العدالة البلاد. الفيلم أشار بوضوح إلى مسئولية الحاكم عن شعبه، وإلى إمكان قيام ثورة على الحاكم الذي يتآمر ضد شعب بلاده، أو على الأقل لا يعمل لصالحه، خصوصاً مع وجود حاشية تعرقل وصول صوت الشعب إليه. لهذا تعرض الفيلم للمنع أولاً، ثم إلى محاولات تعديل نهايته مرتين، بما يساير رغبة القصر الملكى فى مصر فى ذلك الوقت. وعلى رغم كل التغيرات، لم يعرض الفيلم سوى مرة واحدة، ليظل بعدها محرماً على المشاهدين 53 عاماً بحجة امتلائه بالإسقاطات السياسية التي تسيء للذات الملكية في ذلك الوقت. المصادفة وحدها مكنت المنتج جمال الليثي من شراء الفيلم من معرض للأفلام القديمة في ألمانيا العام 1991، إذ فوجئ بعرضه، فقام بشرائه وبيعه للتلفزيون المصري، ليرى النور لأول مرة على الشاشة الصغيرة. بعد ذلك لم يحمل أي من صناع الأفلام في مصر الجرأة على تقديم فيلم على تلك الشاكلة، واكتفوا بتقديم ما أرادت لهم السلطات وأجهزتها الرقابية أن يقدموا من تسلية وامتاع فقط على حساب الفائدة والهدف. بعدها بثلاثة عقود وبعد ثورة 52 ، أجري تعديل على قانون الرقابة على الأفلام إذ ألحقتها الدولة بوزارة الداخلية. وبحسب فوزي فقد كشف ذلك عن نظرة متدنية للسينما، بوضعها ضمن » الملاهي« حتى تضع أصحابها فى موضع الشبهة منذ البداية، وتعزل فنان الفيلم عن أصحاب الرأى، الأمر الذي كان له تأثير واضح على فن الفيلم، إذ ظل الإنتاج السينمائي حبيس أهداف التسلية. ويؤكد فوزي أن المتتبع للأفلام السينمائية المصرية يستطيع أن يلاحظ بسهولة عجزها عن تقديم أي مساهمة فى غرس الوعي السياسي، كما إنها »في الوقت نفسه سينما كسولة، خائفة من ممارسة هذا الوعي، استكانة للإنتاج السهل، ومن ثم فنحن لا نستطيع أن نعفي عنها تهمة التنصل من هذه الوظيفة الثقافية المهمة التي يقوم بها هذا الفن في التاريخ السينمائي للشعوب المتقدمة عموماً. على رغم ذلك يعود الباحث ليضيف بأنه كانت هناك بعض المحاولات القليلة جداً التي تصل إلى حد الندرة في هذا المجال، لعل أشهرها الأفلام المذكورة أعلاه (المتمردون، العيب، المخربون، ميرامار، القضية 68). ويتطرق أول هذه الأفلام الذي اخرجه توفيق صالح بشكل واضح إلى الثورة في مصر وإخفاقاتها، وذلك من خلال قصة نزلاء مصحة صدرية يقومون بالثورة على طاقم إدارتها السيئ، ويقومون باختيار أحد نزلاء المصحة من مقيمي الدرجة الأولى قائداً لثورتهم، وهو طبيب صدر مريض مثلهم. إلا أن الثوار وعلى رأسهم قائدهم الطبيب المريض يفشلون فى إدارة المصحة، إذ إن قائدهم الثوري لا يملك سوى أحلامه الخالية ليقودهم بدلاً من أن يكون قادراً على التخطيط العلمي السليم. بالطبع واجه الفيلم مشكلات كثيرة مع الرقابة التي حاولت منعه لعامين ثم طلبت تغيير نهايته، خصوصاً لتزامنه مع الوقت الذي كان الوضع السياسي في مصر في انهيار تام. يقول صالح في أحد لقاءاته التلفزيونية معلقاً على ذلك »في نهاية الستينات أو يعني من أيام حرب اليمن وإحنا نازلين سياسياً خطوة خطوة، أنا بدأت تصوير(المتمردون) يوم خمسة يونيو/حزيران سنة 1966، الوضع السياسي في مصر كان في انهيار واحدة واحدة كده، هنا بتلاقي إدارة لا تخدم شعبها... يعني لا تخدم المرضى والمرضى في ثورة بدون وعي، هم بيغضبوا آه وييجوا على حاجة ويعملوا تمرد ومظاهرة بينما مش ده اللي هايحل المشكلة«. وبشأن تشديد الرقابة على الفيلم الذي قام ببطولته كل من شكري سرحان وزيزي مصطفى وزوز شكيب، يقول صالح »المتمردون لما راح الرقابة تأخر... يعني عادة بيأخذ ثلاث أيام أربع أيام وبتطلع النتيجة فده تأخر فأنا رحت علشان أشوف سبب التأخير ليه، لقيت واحد جاي يقول لي المياه في الفيلم ترمز لإيه؟ والثاني يقول له لا الشمس ترمز لإيه؟ المياه مياه والشمس شمس، هم ابتدوا يفكروا إن كل لقطة وكل شخصية ترمز لحاجة وكانوا رافضين يكتبوا تقرير لأن الفيلم قطاع عام«. الوسط البحرينية في 18 أكتوبر 2006
شيء من الخوف، كثير من الرقابة (2) النكسة... انفراج رقابي وجدية سينمائية الوسط - محرر سينما منذ بدايات عهد السينما في مصر، سلطت الدولة على انتاجاتها، السياسية خصوصاً، يد الرقابة التي خنقت كثيراً من المحاولات الجادة فيها،وهي التي كانت كفيلة برفعها من المستوى المتأخر الذي تعاني منه اليوم. وطوال عقود ظلت محاولات السينمائيين المصريين في مجال التوعية السياسية متذبذبة لا يحكمها سوى تقلب الحوادث التي تمر بها البلاد، وطبيعة القائمين على الحكم فيها. في الحلقة الأولى من هذا المقال استعرضنا، بإيجاز، ومن خلال موجز لورقة بحثية قدمها ناجي فوزي، بعض المحاولات السينمائية الداخلة ضمن إطار تشكيل الوعي السياسي وصوغه لدى الجماهير، والتي أجازتها القيادة الحاكمة آنذاك، فيلم »المتمردون« لتوفيق صالح تحديداً. نواصل اليوم الحديث عن المزيد من تلك المحاولات وعن تأثيراتها على الوعي السياسي، وعن ردود الفعل الرقابية تجاه كل منها. وكما يؤكد فوزي فإن أفضل فترات انتعاش الفيلم السياسي هي تلك التي جاءت إبان حكم الرئيس جمال عبدالناصر التي بدأت العام 1967، حدث حينها تحول كبير في موقف الرقابة على السينما من قضية الوعي السياسي، إذ سمحت السلطات بقدر من الانفراج الرقابي عقب وقائع الهزيمة. وهو تحول اعتبره الباحثون في السينما المصرية، نوعاً من التنفيس، أو التسريب السيكولوجي للغضب الكامن في النفوس، وأشادوا بذكاء القيادة الحاكمة في تشريعه آنذاك، إذ أرادت ذلك لكي تتحول بعض التعليقات اللاذعة والنكات السياسية المحرمة في الشارع المصري إلى حوار مشروع على ألسنة أبطال الأفلام. »المخربون«... »العيب« والفساد الاجتماعي هكذا كما يضيف فوزي، ظهرت الكثير من الأفلام المندرجة تحت فكرة غرس الوعي السياسي، تحدثنا في الحلقة السابقة عن احدها وهو فيلم »المتمردون« لتوفيق صالح. من »المتمردون« ينتقل فوزي إلى فيلم » المخربون« الذي أخرجه كمال الشيخ العام 1967، وعرض في العام نفسه. هذا الفيلم، الذي يقوم ببطولته أحمد مظهر ولبنى عبدالعزيز، يعتبر أول فيلم يشير بوضوح إلى فساد بعض موظفي الدولة، وذلك من خلال قصة مهندس يدفع ثمن نزاهته حين يكلف بمعاينة حادث انهيار مدرسة حديثة البناء، ليكشف النقاب عن أحد أوجه فساد موظفي الدولة في المجتمع المصري. كذلك عرض في العام نفسه فيلم »العيب« للمخرج جلال الشرقاوي، الذي يتناول الفساد من زاوية مشابهة، إذ يتحدث عن مافيا الموظفين الفاسدين في الدوائر الحكومية. ويختلف هذان الفيلمان عن فيلم »المتمردون« الذي يقدم إدانة واضحة للنظام الحاكم حينها وينتقد خططه الثورية، في أن الأخيرين ينسبان الفساد في الدولة إلى أفراد معينين وليس النظام الحاكم، معتبرين هؤلاء استثناءً خاصاً داخل المنظومة الإدارية للدولة. »القضية 68« وإدانة النظام الحاكم بعدها جاء فيلم »القضية 68« الذي أخرجه صلاح أبوسيف العام 1968 والذي يتناول في قالب كوميدي حكاية صاحب منزل معرض للانهيار على ساكنيه، متردد في اتخاذ قرار بشأن المنزل. صاحب المنزل أو العم منجد، يحب سكان عمارته، إلا أنه ضعيف ومتردد، في مقابل سكان المنزل المتمسكين بشدة بمنزلهم المتهالك. الفيلم يؤكد أن قيمة حب المسئول لسكان العمارة في مقابل تمسكهم بمنزلهم، لا يمكن أن تتحقق فعلياً إلا باتخاذه لقرار حاسم بتأسيس بناية أخرى يشارك الجميع في بنائها. وكما يؤكد فوزي، فإن إدانة الفيلم لتجربة التنظيم السياسي الواحد وهو الاتحاد الاشتراكي بدت واضحة للغاية، هذا عدا عن انتقاده للبيروقراطية الخانقة واستغلال النفوذ وتضارب القوانين التي أدت إلى انهيار البيت/ الدولة. نقد لعبدالناصر، ومصرع الديمقراطية لعل أحد أكبر تلك الأفلام التي واجهت اعتراضات رقابية، شهرة فيلم المخرج حسين كمال »شيء من الخوف« الذي عرض على الشاشات العام 1969. الرقابة فرضت على الفيلم حصاراً امتد لعامين كاملين لم ير فيهما النور الا بعد تدخل القيادة الحاكمة المتمثلة في الرئيس جمال عبدالناصر آنذاك. اعتراض الرقابة كان بسبب مضمونه الروائي الذي يدور حول زعيم عصابة مسلحة يحكم إحدى القرى الريفية بالحديد والنار، مهيمنا على كل مقدراتها الإنسانية والاقتصادية معاً، إذ وجد موظفو الرقابة حينها أن هذه الشخصية هي بمثابة تعريض بالرئيس جمال عبد الناصر تحديداً. صالح يناقش العدالة المفقودة يكتب فوزي أنه في العام 1969 عُرض فيلم » يوميات نائب في الأرياف » للمخرج توفيق صالح، وفيه تناول صالح بشيء من التفصيل قضايا العدالة المفقودة في المجتمع المصري، والديمقراطية المغيبة، بل المقتولة في هذا المجتمع، فضلاً عن الترديين الاقتصادي والاجتماعي لمعظم أعضائه. ومع أن كلا الفيلمين يدوران في نطاق زمني خارج حاضر زمن العرض (أي ما قبل 1952) إلا أن وضوح الإشارة إلى الديكتاتورية والتسلط والعنف في الفيلم الأول، كان يقابله غموض الإشارة إلى مصرع الديمقراطية وانتفاء العدالة وتردي المجتمع في الفيلم الآخر. ميرامار في العام نفسه (1969) تكرر اعتراض الرقابة على فيلم يتناول التجربة السياسية المصرية وواقعها المعاصر (في ذلك الوقت) بالنقد المباشر الجريء، وهو فيلم » ميرامار« لكمال الشيخ، لمهاجمته عددا من نماذج العهد الثوري وبعض رجالاته. طبعاً استدعى الأمر تشكيل لجنة سياسية رفيعة المستوى رأسها أنور السادات، تشاهد الفيلم وتجيز عرضه. »حكاية الأصل والصورة« كذلك يشير فوزي إلى الفيلم الروائي »حكاية الأصل والصورة« الذي أخرجه مدكور ثابت العام 1972 عن قصة لنجيب محفوظ، كثالث قصة ضمن الفيلم ثلاثي القصة »صور ممنوعة«. على رغم عرضه بعد عامين من وفاة عبدالناصر، التي ختمت فترة الانفراج السياسي، إلا أنه يمكن ضمه إلى أفلام الفترة الماضية لطبيعة الموضوع الذي يناقشه. تشير حوادث الفيلم بصورة غير مباشرة إلى حرب 1967، من خلال استعراض صانعيه للتحقيقات في جريمة قتل لامرأة مجهولة. صناع الفيلم لمحوا إلى أن لجميع الأبطال علاقة بمصرع هذه المرأة متعددة الهوية اسماً وفعلاً، التي ينشر خبر قتلها في الصفحة الأولى إلى جانب نبأ عن إحدى العمليات العسكرية للقوات المسلحة المصرية على الجبهة في مواجهة العدو المحتل. وبحسب فوزي فلا يمكن تجاهل هذه الإشارة المرئية المقصودة، التي يتكرر ظهورها من دون أي تعليق لا على شريط الصورة ولا شريط الصوت، بل يراها المشاهد تطفو على سطح مياه النيل بصفحتها ذات الخبرين البارزين. المخرج يريد أن ينقل أن هذه المياه نفسها، التي تبتلع هذه الصحيفة حديثاً، هي التي نشربها لنرتوي منها. يقول فوزي إنه وعلى رغم كل تلك الإشارات لم ينل الفيلم ما يستحقه من بحث في هذه الجزئية متوارية الحساسية، والبعد السياسي الذي لا يمكن تجاهله. البحث عن الهوية المفقودة وإلى جانب تلك الأفلام التي اعتمدت الإشارة إلى بعض المظاهر الاجتماعية ذات البعد السياسي، فإن هناك نوعاً آخر من رد الفعل إزاء هزيمة 67، تمثل في فكرة إعادة البحث عن الهوية الحقيقية للوطن المصري. هنا جاء فيلم »المومياء« العام 1975 الذي أخرجه شادي عبدالسلام، الذي تأجل عرضه ما يزيد على 5 أعوام، على رغم كونه محاولة سينمائية مصرية على درجة عالية من الرقي الفني. الوسط البحرينية في 25 نوفمبر 2006
|
شيء من الخوف.. كثير من الرقابة (3) السينما المصرية... تخنق أحلام المصريين وتزيف وعيهم الوسط - محرر سينما |