علي مدي دورتين فقط من انطلاقه الشتاء قبل الماضي استطاع' مهرجان دبي السينمائي الدولي' أن يحجز مقعدا له علي شاشة فعاليات السينما العالمية بعد أن حقق نجاحا أشاد به النقاد قبل الرواد ومن خلال استقطابه شرائح عديدة من المشاهدين, فضلا عن الاهتمام التقني الملحوظ من صناع السينما ومبدعيها في العالم..وقد سعت إدارة المهرجان إلي العمل علي تطوير صناعة السينما العربية من خلال العديد من المبادرات في دورته الجديدة' الثالثة' والتي ستبدأ في العاشر من ديسمبر المقبل بعرض مالايقل عن100 فيلم عربي, من بين تلك المبادرات رصد ميزانية للجوائز بلغت2,1 مليون درهم وتنظيم مسابقة لأفضل3 أفلام روائية وقصيرة وتسجيلية, إضافة إلي جوائز لأفضل3 سيناريوهات, و جائزة لافضل المواهب السينمائية الشابه, وغيرها من المبادرات يعرضها المشرف العام علي المهرجان عبد الحميد جمعة نائب المدير العام بسلطة منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والإعلام في حوار معه بنادي دبي للصحافة, ويتحدث حول الجديد في مهرجان2006 لـ الأهرام العربيوكيف تتفاعل السينما مع الواقع العربي, ومدي مساهمتها في صياغة مستقبل الفن السابع, وأسباب اختيار' المهر للإبداع السينمائي العربي' شعارا للمهرجان. ** قبل الحديث عن الدورة المقبلة, ماذا قدم المهرجان في دورتيه السابقتين للسينما العربية وللسينمائيين؟ - لقد حققت دورة المهرجان الماضية زيادة ونموا بلغ حوالي%100 مقارنة بالدورة الأولي, ودعني أفسر ذلك من خلال العروض السينمائية فقد شهدت الدورة الماضية حضورا جماهيريا قارب30 ألف مشاهد, بزيادة قدرها60% علي الدورة الافتتاحية عام.2004 كما حققت الأفلام المشاركة في المهرجان ما يعادل23 فيلما من أصل98 فيلما, تم بيع تذاكرها بالكامل, وتم إدخال72 عرضا من أصل186 عرضا سينمائيا في قائمة الانتظار, وهو ضعف ما تم تحقيقه تقريبا في دورة عام2004. أيضا استضاف المهرجان حوالي100 نجم سينمائي, إلي جانب420 مخرجا وضيفا وممثلا عن القطاع من مختلف دول العالم. هذا بالإضافة إلي الاهتمام الإعلامي الواسع الذي حظي به المهرجان, إذ استضاف أكثر من650 ممثلا لوسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية. لقد عبر الضيوف والفنانون من ممثلين ومخرجين وفنيي السينما وأدبائها وجمهورها الذين توافدوا من مختلف دول المنطقة والعالم عن إعجابهم بالتنوع الكبير في الأفلام وبالفرصة التي أتيحت لهم للتواصل والتفاعل مع المخرجين وممثلي القطاع, فضلا عن التجربة الفريدة والغنية التي عاشوها في ربوع دبي. أيضا نحرص علي تشجيع الإبداع في السينما العربية ومنح صناع السينما الإماراتيين فرصة التفاعل مع نخبة من خبراء ونجوم السينما العرب والأجانب. ** ماهو جديد الدورة الثالثة وشعارها, وما أهدافكم الجديدة؟ لدينا مجموعة من العناصر المهمة في الدورة الثالثة أهمها جائزة' المهر' للإبداع السينمائي العربي وتهدف إلي دعم السينمائيين العرب في كل أنحاء العالم ومنحهم فرصة إبراز إبداعاتهم علي المستوي الدولي ونيل التقدير الملائم لتلك الإبداعات, إضافة إلي زيادة مساحة التعريف بثقافتنا ومجتمعاتنا العربية علي الصعيد الدولي عبر شاشة السينما. أيضا تم استحداث مسابقة للأفلام بمستوياتها الثلاثة الروائية والقصيرة والتسجيلية وخصصنا لها3 جوائز بفئاتها الذهبية والفضية والبرونزية, إضافة إلي أربع جوائز للأفلام الإماراتية, ثلاث منها لأفضل سيناريو بينما ستخصص الرابعة لتكريم أحد المواهب المتميزة من السينمائيين الإماراتيين, وقدرت قيمة جوائز المسابقة بحوالي1.2 مليون درهم إماراتي( حوالي325 ألف دولار). وجاء اختيار اسم' المهر' للجائزة باعتبار كلمة المهر تمثل خلفية تراثية تعكس اعتزاز العرب بجذورهم وقيمهم الأصيلة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالخيل رمز الفروسية والأصالة العربية, في الوقت الذي يمثل فيه المهر الروح الوثابة وعنفوان قوة وطموح الشباب, ويتميز الشعار بخطوطه القوية والانسيابية حيث استوحي التصميم لونيه وهما الأبيض والأسود من فكرة الصورة والنيجاتيف في الفيلم السينمائي, وأنها تمثل انعكاس صورة الواقع علي شريط السينما. ويخدم التضاد بين اللونين الأبيض والأسود في إبراز الشعار وجعله أكثر وضوحا للعين وأسهل لكل من يشاهده في التعرف علي مكوناته. ** هل هناك مستويات ومجالات متخصصة للأفلام المشاركة؟ - كل فنون السينما ونوعيات الأفلام مدعوة للمشاركة, وأيضا الدعوة مفتوحة لكل السينمائيين العرب للمشاركة في المهرجان, ونسعي إلي جذب اهتمام مجتمع صناعة السينما في العالم العربي في إطار منافسة ستتم طبقا لمعايير فائقة الجودة والموهبة. ونسعي إلي الابتكار والتميز في الوقت الذي تسعي فيه الجائزة أيضا إلي تمهيد الطريق أمام جيل جديد من المواهب السينمائية لإثبات ذاتهم وقدراتهم الحرفية والثقافية من خلال استقطاب المشاهير من صناع السينما العالمية لتأكيد البعد الدولي للمهرجان وتأصيل فرص التواصل بين خبراء ونجوم الصناعة في المنطقة والعالم ومنح المشاهد العربي تجربة التعرف والاحتكاك بالخبرات والتجارب العربية والعالمية, ومن المؤكد أن صناعة السينما العربية تشهد نموا وتطورا ونسعي إلي إظهار هذا التطور من خلال دبي, كما أنها تعد منصة مثالية أمام السينمائيين العرب لعرض أعمالهم أمام نخبة من أبرز صناع السينما العالميين. ** كما تعلمون فإن السينما لاتنفصل عن الواقع, والأحداث في لبنان فرضت نفسها بقوة, هل هناك مساحة أو صدي لهذا الواقع في المهرجان؟ لاشك أن ما حدث في لبنان يهتم به كل عربي, ولذلك فإن المهرجان يرحب بكل السينمائيين في البلد الشقيق, ويقدم لهم كل العون للمشاركة, وإنني أوجه الدعوة إلي كل السينمائيين في لبنان لعرض أعمالهم السينمائية إلي العالم عبر المهرجان. ** لماذا قررتم في هذه الدورة تخصيص جوائز مادية, وما مستويات الجوائز؟ - ليس غريبا علي مهرجانات السينما في العالم تخصيص جوائز مادية, فمعظم المهرجانات تخصص جوائز مادية للأفلام الفائزة, وعندما يفعل ذلك مهرجان دبي فإنه منطقي, والهدف من الجوائز المادية هو مساعدة السينمائيين العرب علي توفير أدوات جيدة للإنتاج والتميز, وتبلغ قيمة الجائزة الذهبية الكبري للفيلم الروائي الفائز185 ألف درهم( حوالي50 ألف دولار), وإجمالي الجوائز التي ستقدم لصناع السينما الإماراتيين ضمن فئة الأفلام القصيرة150 ألف درهم, بواقع50 ألف درهم للفائز الأول و40 ألف درهم للفائز الثاني و30 ألف درهم للفائز الثالث, بالإضافة إلي جائزة' أبرز موهبة سينمائية إماراتية واعدة' وقيمتها30 ألف درهم. ** كيف تحدد إدارة المهرجان الأفلام المشاركة, وماهو موعد تقديم الأفلام المرشحة وشروط الاشتراك؟ -تحدد الموعد النهائي لتقديم الأعمال المشاركة في مسابقة الأفلام العربية الأولي يوم25 سبتمبر2006, بينما سيستمر المهرجان في تلقي الأعمال الإماراتية المشاركة ضمن فئة أفضل سيناريو حتي15 نوفمبر.2006 ** كيف تري مستقبل السينما العربية في المساهمة في صياغة الغد؟ السينما العربية لن تتقدم بعيدا عن إقامة جسور التواصل والتعاون والاحتكاك بينها أولا ثم التواصل مع المجتمعات الأجنبية وفنانيها, ولذلك نتحاور ونتعاون مع جميع المهرجانات العربية والعالمية وخبرائها في القاهرة ودمشق وتونس وغيرها, إضافة إلي المهرجانات العالمية, أيضا لن تتقدم السينما بعيدا عن العناصر الجديدة والدماء الشابة, وهذا يتحقق بالاهتمام بإنشاء معاهد وأكاديميات للسينما تقدم لطلابها الجديد والمبتكر لكي تتفاعل عقولهم ومواهبهم في بيئة توفر لهم سبل الإبداع, وقد شرعنا بالفعل في إنشاء أكاديمية للسينما في مدينة دبي للاستوديوهات وشروط الاشتراك تم وضعها علي موقع المهرجان. ** ماذا تتوقعون للدورة الجديدة, وكيف يحقق المهرجان أهدافه؟ بالقطع فإن اهتمامنا في الإمارات وخاصة دبي بصناعة السينما لايقل عن اهتمامنا بالتطور والسعي إلي التميز في غالبية القطاعات, والدليل هو الاهتمام الشخصي ورعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم, نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بالمهرجان والذي يرأسه الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم, رئيس دائرة الطيران المدني الرئيس الأعلي لطيران الإمارات, كما أن القطاعات والشركات الوطنية المهمة هي التي تدعم المهرجان وتسانده, وقبلها حكومة دبي من خلال المنطقة الحرة للتكنولوجيا والإعلام بمدينة دبي للاعلام, أي أن كل رموز دبي المرتبطة بالمهرجان, من قريب أو بعيد, ستساهم بشكل جاد في إنجاح المهرجان الذي يستمر لمدة8 أيام, خصوصا من حيث الضيافة التي تضطلع بها إحدي كبريات الشركات المتخصصة في الفنادق, إضافة إلي الشركة الوطنية المهتمة بالنقل الجوي, إضافة إلي الجهات الخدمية التي توفر أفضل مالديها لأنها تتحدث باسم دبي* الأهرام العربي في 28 أكتوبر 2006
11 متدرباً يشاركون في تنظيم وإدارة الدورة المقبلة مهرجان دبي السينمائي الدولي يطلق برنامج «المتدربون»
دبي ـ البيان: أعلن أمس، مهرجان دبي السينمائي الدولي عن إطلاق الدورة الثانية من برنامج «المتدربون»، الذي يستهدف تعزيز نمو صناعة السينما المحلية والتأكيد على التزام المهرجان بتشجيع صناع السينما العرب ودعم قطاع صناعة السينما في العالم العربي. وسيتم اختيار 11 مشاركاً من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة والمقيمين فيها من مجموعة من طلاب الجامعات وصناع السينما المحليين وعدد من الخريجين الجدد، وذلك للمشاركة في عمليات تنظيم وإدارة مهرجان دبي السينمائي الدولي 2006، وسيتم نشر التفاصيل الخاصة بالتسجيل في البرنامج عبر الموقع الرسمي للمهرجان ابتداء من 29 أكتوبر الحالي.وفي تعليق له على البرنامج، قال عبد الحميد جمعة رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي: «أبرز نجاح البرنامج في السنة الماضية مدى الاهتمام الذي يوليه المجتمع المحلي لصناعة السينما وحرصه على المشاركة في المهرجان». وأضاف: «يسر إدارة المهرجان وللمرة الثانية أن تفتح المجال أمام المهتمين بصناعة السينما لتنمية مواهبهم وإغناء تجاربهم من خلال مشاركتهم الفعالة في تنظيم دورة هذا العام والاستفادة من خبرات وتجارب المتخصصين في هذا المجال. ومن جهة أخرى، يستطيع المشاركون استخدام المنتدى الخاص بمهرجان دبي السينمائي الدولي لاكتساب معارف متخصصة بصناعة السينما والتفاعل مع نخبة من خبراء السينما في دولة الإمارات العربية المتحدة وكافة أنحاء العالم». ووفقاً لشروط البرنامج، سيخضع المتدربون لبرنامج إرشاد تحت إشراف إدارة ومنظمي المهرجان ويدور حول العمليات الإدارية والتنفيذية الداخلة في تنظيم مثل هذه المهرجانات الدولية، كما سيقوم المشاركون بدور حيوي ضمن الفريق المسؤول عن متابعة برنامج المهرجان والاهتمام بضيوف وزوار المهرجان. يهدف مهرجان دبي السينمائي الدولي من خلال هذه المبادرة إلى إتاحة الفرصة أمام المتدربين للاستفادة من التخصصات العديدة الداخلة في نسيج فريق العمل المنظم للمهرجان، والذي يضم خبرات عالمية في مختلف مجالات العمل السينمائي بما في ذلك مدراء برامج المهرجانات السينمائية، مدراء الاستوديوهات التنفيذيين، موزعي الأفلام، مندوبي المبيعات، المبرمجين، الصحافيين، وكالات الدعاية والإعلان ووكلاء توظيف المواهب. وستوكل للمشاركين مهام عدة في مختلف أقسام المهرجان، حيث سيشكلون حلقة الوصل بين كافة أعضاء اللجنة المنظمة وإدارة المهرجان، كما سيقومون بدور كبير في تنسيق برنامج المهرجان وتقديمه على أفضل وجه. من جهته، قال سعيد الظاهري أحد المتدربين المشاركين في مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورة عام 2005: «استفدت كثيراً من هذه التجربة الفريدة التي أتيحت لي للمشاركة في إدارة المهرجان، حيث تمكنت من اكتساب مهارات جديدة في هذا المجال وتعرفت على إمكانية مواصلة هذا الطريق كمهنة مستقبلية لي. وذلك بعد إتباعي لكافة الملاحظات التي كان المسؤولون يوجهونها لي وبذل كل ما من شأنه إحراز نجاح كبير يوازي في حجمه أهمية هذا الحدث، أضف إلى ذلك أن المهرجان يمثل منصة مثالية للانطلاق في عالم صناعة السينما». وفي إطار حرص المهرجان على الاستفادة من خبرات المتدربين السابقين في البرنامج، فقد تم اختيار اثنين من المتدربين في دورة 2005، وهما سعيد الظاهري وإيمان العمراني، إلى جانب موظف جديد هو خالد المحمود لمساعدة مسعود أمرالله آل علي المدير الفني للقسم العربي لمهرجان دبي السينمائي الدولي في مهامه ضمن المهرجان. وأعلنت إدارة المهرجان عن فتح باب التسجيل في البرنامج من خلال الموقع الرسمي للمهرجان www.dubaifilmfest.com، كما تم تحديد تاريخ 12 نوفمبر موعداً نهائياً لقبول طلبات التسجيل، ليبدأ برنامج المتدربين في الأول من ديسمبر وحتى نهاية فعاليات المهرجان، وذلك في أعقاب إجراء مقابلات مع المتقدمين لاختيار المتدربين خلال يومي 19 و 20 نوفمبر. البيان الإماراتية في 30 أكتوبر 2006 |
لماذا لا نشاهد أفلاماً راهنة في التظاهرة التي تقام كل عام؟ البؤس والتسلط والقهر عناوين أفلام <سينما في طور البناء> نديم جرجورة ليست المرّة الأولى التي ينظّم فيها <معهد سرفانتس> في بيروت أسبوعاً سينمائياً كهذا، إلى جانب اهتماماته السينمائية الأخرى التي تشكّل جزءاً من نشاطه الثقافي والفني في لبنان. فهو، بإحيائه تظاهرة <سينما في طور البناء>، يعكس شيئاً من الواقع السينمائي في البلاد الناطقة باللغة الإسبانية. وهو، بعرضه أفلاماً مستلّة من تظاهرة تُقام بفضل التعاون بين <المهرجان الدولي للسينما في سان سيباستيان> (إسبانيا) و<لقاءات سينما أميركا اللاتينية في تولوز> (فرنسا)، يسمح بالتعرّف على نتاجات تُنفَّذ بجهود فردية، وتتلقّى دعماً من مهرجان دولي لا يكتفي بعرض الأفلام ومناقشتها، ولا يقف عند حدود الاستعراض البصري والفني، بل يلعب دوراً ثقافياً وصناعياً مهمّاً، يتمثّل بدعم مشاريع سينمائية متعثرة بسبب نقص في الإمكانيات المالية. مساحة ثقافية وفنية إذا كان مهرجان سان سيباستيان لم يبلغ مرتبة الشهرة الدولية، كتلك التي وصلت إليها مهرجانات <كان> و<برلين> و<البندقية> مثلاً؛ وإذا بدت <لقاءات سينما أميركا اللاتينية في تولوز> مساحة ثقافية وفنية متخصّصة بما يحدث في هذه القارة الناطقة باللغة الإسبانية، على مستوى صناعة الصورة السينمائية؛ فإن تظاهرة <سينما في طور البناء> (تُقام في عدد من الدول التي افتتح فيها المعهد فروعاً له) تبقى لحظة مطلوبة لإتمام المشاريع المتعثرة، وللبحث الدائم عن سبل عرضها في دول مختلفة، بهدف تعميم إحدى الفوائد الجمّة التي يُمكن لأي مهرجان سينمائي متواضع أن يُنتجها في دوراته السنوية: المشاركة في إنتاج أفلام محلية تقترب من <سينما المؤلّف>، وتقارب مسائل إنسانية مستلّة من الواقع الحيّ. هذا ما يرغب المرء فيه محلياً: أن تلعب المهرجانات المُقامة في بيروت دوراً إنتاجياً، يتعدّى عقد لقاءات بين منتجين أجانب وسينمائيين لبنانيين لديهم مشاريع سينمائية قابلة للتنفيذ، إلى مرحلة <تبنّي> مشاريع معينة وفقاً لقواعد خاصّة بكل مهرجان، وتسويقه في المحافل الإنتاجية المعنية. في تظاهرة <سينما في طور البناء>، التي تُقام حالياً في <مسرح بيريت> في <معهد الدراسات المسرحية والسمعية البصرية> في <جامعة القديس يوسف> لغاية يوم الأربعاء المقبل، يُمكن للمرء أن يطّلع على نماذج مأخوذة من بلدان مختلفة (ثلاثة أفلام أرجنتينية، ورابع كولومبي وخامس من إكواتور)، أراد مخرجوها أن يذهبوا بها إلى الوجع الإنساني المرتبط بالمأزق الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي أو الذاتي. مساء الجمعة، عُرض الفيلم الأول من سلسلة الأفلام الخمسة المختارة لهذه الدورة اللبنانية الثالثة، بعنوان <الخروج المقبل> للأرجنتيني نيكولاس تيوزّو، في حين أن مساء السبت عُرض فيلم أرجنتيني ثان بعنوان <الأشعة فوق البنفسجية> لسانتياغو بالافتشينو. الأول من إنتاج عام ,2004 في حين أن إنتاج الفيلم الثاني يعود إلى عام .2003 فهل هناك سبب يدعو إلى اختيار أفلام أنتجت قبل أعوام عدّة (يُذكر أن الأفلام الثلاثة الأخرى أنتجت في العامين 2002 و2003)؟ وأين هي الأفلام المنتجة حديثاً، طالما أن تظاهرة <سينما في طور البناء> تُقام في بيروت بشكل سنوي؟ لا بأس في التنويع، فهو يسمح باكتشاف أنماط مختلفة من الهواجس والتطوّرات الفنية والجمالية والدرامية. لكن غياب أي إنتاج حديث، قد يمنح المهتمّ فرصة الاطّلاع على جديد هذه السينما، يثير سؤال آلية الاختيار والتنويع، من دون أن يلغي أهمية الحدث. البُعد الإنساني في الفيلمين الأرجنتينيين، يلاحظ المرء تشابهاً في البُعد الإنساني البحت. يعثر المُشاهد على سلوك بشري غارق في البؤس والقهر والاستبداد. ينتبه المتابع إلى كَمّ من المشاعر والتفاصيل التي تجمع البشر في الألم والتمزّق. في <الخروج المقبل>، هناك تسلّط أدّى إلى حالة من عدم الأمان الاجتماعي والحياتي، إذ شكّل فصل رجال عن العمل إلى نزع بعض الأقنعة المنسدلة على وجوه وحالات. وفي <الأشعة فوق البنفسجية>، لا يختلف مشهد التسلّط عمّا عاناه رجال الفيلم الأول: فالقهر السياسي أفضى إلى العزلة والموت. في حين أن القهر اليومي أخذ المرء إلى تخوم بحثه المضني عن منفذ للخلاص. في الأول، محاولة سينمائية متواضعة للتوغّل في متاهة البؤس الاجتماعي وتفاعلاته المرّة. في الثاني، تقطيع بصري مُضنٍ للمُشاهد. وهو مُضنٍ لأنه اقتبس آلية صنع متتالياته هذه من التقطيع الحياتي للمسارات التي تعيشها الشخصيات. في الأول، تنقيب عن حالات جماعية من خلال قصص فردية. في الثاني، تغيب الجماعة، ويبرز الفرد في مقارعة مصيره وعزلته ووجعه وسكينته المشوّهة. أياً يكن، فإن تظاهرة <سينما في طور البناء>، التي احتفلت في السادس والعشرين والسابع والعشرين من أيلول الفائت بعيدها العاشر، تبقى حاجة سينمائية لبنانية، تُضاف على لائحة تظاهرات سينمائية لبنانية وأجنبية عدّة، تنظّمها مؤسّسات ثقافية وجمعيات سينمائية، تقدّم كلّها نماذج حيّة من النتاج السينمائي المتنوّع والمختلف. لكن، لا بُدّ من التنبّه إلى عامل التوقيت: ففي ليلة واحدة، هي ليلة أمس الأول السبت، عُرض الفيلم الثاني في هذه التظاهرة، وأقيمت أمسية خاصّة بأفلام التحريك في <صالة مونتاني> التابعة ل<المركز الثقافي الفرنسي> في بيروت. وعلى الرغم من العدد القليل جداً لمشاهدي الفيلم الأرجنتيني، إلاّ أن تداخل الحدثين السينمائيين في ليلة واحدة حرم بعض هؤلاء المشاهدين فرصة مشاهدة أفلام تحريك في زمن سينمائي مفتوح على احتمالات إبداعية باهرة في إطار سينما التحريك هذه، التي تُسخّر أحدث التقنيات لخدمة الإبداع الفني والمخيّلة الفنية والجماليات الآسرة (أحياناً) في صنع الصورة وسرد الحكاية وتحويل التقنيات إلى مشاهد جميلة. السفير اللبنانية في 30 أكتوبر 2006
مخرج تستحوذ عليه المخاوف العصبية سيرة حياة وأعمال ستانلي كوبريك محمد هاشم: يتتبع الكتاب في الجزء الأول منه، ''برونكس 1928 - 1948'', رحيل أجداد ستانلي الأوائل من النمسا وهجرتهم إلى أمريكا وإقامتهم في برونكس بنويورك، ثم ينتقل بنا إلى الطفل ستانلي صغيرًا، ويتتبع مسيرته المتعسرة بعض الشيء في المدرسة، وولعه بالتصوير الفوتوغرافي، وعمله وهو في سن الدراسة كمصور فوتوغرافي لمدة تزيد عن أربع سنوات لصالح مجلة (لوك). أما الجزء الثاني، ''نيويورك: 1948 - 1956 ''، فيبدأ بأول زواج لستانلي وبداية توجهه للإخراج السينمائي ويتطرق بالتفصيل إلى الظروف والملابسات التي مكنت ستانلي من صنع أفلامه التجيلية القصيرة الأولى ''يوم النزال'' ,1951 و''القديس الطائر'' ,1951 و''الملاحون'' .1953 ويختم الكاتب هذا الجزء من الكتاب بأول فيلم روائي طويل قام كوبريك بإخراجه وكان بعنوان ''قبلة القاتل'' .1955 الجزء الثالث من الكتاب، ''هوليوود: 1956 - 1960'', يدخلنا بالتدريج إلى عالم هوليود ويبين لنا كيف شق المخرج الشاب طريقه وسط العمالة، وتأسيسه لشركة الإنتاج ''هاريس - كوبر''، وبداية تعاقده مع كبار الممثلين، وذيوع اسمه وإخراجه للأفلام التالية ''الخوف والرغبة'' ,1953 ''قبلة القاتل'' ، ''القتل'' ,1956 ''دروب المجد'' ,1957 ''سبارتاكوس'' .1960 أما الجزء الرابع من الكتاب والذي جاء تحت عنوان ''إنجلترا: 1960 - 1964'', فنتابع فيه خلفيات صناعة فيلم ''لوليتا'' ,1962 وكيف أقنع كوبريك ناباكوف بكتابة السيناريو، بعد تردده ومشاكل كوبريك مع الرقابة، والتصنيف (X) الذي صنّف الفيلم على أساسه، وغيرها من الموضوعات الشائقة الخاصة بالرقابة وقراءات كوبريك المتنوعة، وبخاصة الروايات، وينتهي بإخراجه لفيلمه ''الدكتور سترينجلاف أو: كيف تعلمت الحد من القلق وأن أعشق القنبلة'' .1964 حمل الجزء الخامس، وهو أطول أجزاء الكتاب، عنوان ''الانعزالية.. العزلة.. التنسك: 1964 - 1987'', وفيه نقترب بشدة من كواليس صناعة فيلم كوبريك الرائع ''2001: أوديسا الفضاء'' ,1968 والحفاوة التي قوبل بها من جانب كبار المخرجين وقتها، فيلليني وأنطونيوني وزفيريللي وغيرهم. وكذلك يطلعنا على حلم كوبريك الذي أجهض ولم يتمكن من تنفيذ على الرغم من أنه كان قاب قوسين أو أدنى من ذلك، وهو فيلم ملحمي يتناول قصة حياة نابليون الإنسان بكل أعماقها، وكيف أنه أثناء عمله على، كتابة وإخراج، فيلمه التالي ''البرتقالة الآلية'' ,1971 حاول إقناع أنطوني بيرجس، صاحب رواية البرتقالة الآلية، بكتابة رواية وليس سيناريو عن حياة نابليون، وكيف صرف بيرجس النظر عن ذلك في النهاية. ثم شروعه في إخراج فيلمه ''باري ليندون'' ,1975 وفيلم ''البريق'' ,1980 عن رواية لستيفن كينج، واستخدمه لنوع متطور من الـ(ستيديكام) واستفادته منها. وينتهي هذا الجزء بذكر التفاصيل المتعلقة بفيلمه ''طلقة بغلاف معدني'' .1987 أما الجزء السادس والأخير وهو أصغر جزء في الكتاب، ثماني صفحات، فقد جاء تحت عنوان ''اللانهاية''، وفيه لم يضف الكتاب إلى الكتاب ما هو جديد، ويلمح إلى المشاريع التي اعتزام كوبريك إخراجها وتراجع عن ذلك، واحتمال قيامه بإخراجه لفيلم يجمع بين نيكول كيدمان وتوم كروز تحت عنوان '' عينان مغلقتان باتساع''. يقول '' فنسنت لوبرتو '' في مقدمته للكتاب، ''اشتهر ستانلي كوبريك بانعزاله وانطوائه عن العالم. فالسمعة السيئة التي شابت السرية التي انطوت عليها أعمال كوبريك واستحواذه بالكمال المطلق والفترات المتباعدة بين أفلامه قد أثارت سيلاً عارمًا من الروايات المشكوك في صحتها مما أدى إلى النظر إليه كميثولوجيا أكثر من كونه إنسانًا عاديًا. إن أسطورة ستانلي كوبريك تصوره على أنه عبقري سينمائي حاد التركيز هادئ مبغض للبشر وشديد العناية بالتفاصيل، يعيش حالة وجودية اعتكافية وقلما يسافر وتستحوذ عليه المخاوف العصبية الرهابية. لذلك كان هذا الكتاب بمثابة المحاولة للاقتراب من عالم ستانلي كوبريك الذي يعتبر من أعظم مخرجي السينما العالمية. وهذا الكتاب كما تشير المقدمة، هو السيرة الأولى الشاملة عن حياة ستانلي كوبريك. وينصب هدفي فيه على تفنيد هذا الغموض والأساطير المحاكة حول كوبريك من خلال سرد حياته بدءًا من ولادته في مقاطعة (برونكس) بنيويورك عبر عقود من إنجازاته السينمائية إلى المفهوم الحالي المبالغ فيه حول اعتباره مخرجًا مبدعًا معتكفًا يعيش في حالة من النسيان''. وأعتقد أن الكاتب قد نجح من خلال كتابه هذا في تغيير الفكرة السائدة عن ستانلي كوبريك، فمن قراءتنا لهذا الكتاب نرى كم هو إنساني محب للبشر، يتعامل مع الصحافة وغيرها من الوسائل، يتنقل كثيرًا هنا وهناك، يرتاد المطاعم والأماكن العامة، ربما محافظته الشديدة على وقته الثمين وانشغاله بالقراءة ومشاهدته الأفلام والإعلانات التجارية وسماعه لكافة أنواع الموسيقا من الكلاسيكية وحتى الجاز وغيرها من الموسيقا الحديث، يبرر لنا عكوفه لفترات طويلة في البيت، أما سبب الفترات المتباعدة بين أفلامه فأعتقد أن قارئ الكتاب سيدرك من خلال القراءة أن السبب الرئيسي في هذا هو حب ستانلي الكبير لعمله وتقديره وتخطيطه إشرافه على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بالفيلم، هذا إلى جانب كم القراءات الأدبية التي يقوم بها بحثًا عن فكرة جديدة يرها مناسبة ليقدمها على الشاشة. نقرأ في فقرة من الجزء الخامس متعلقة بقراءاته المتعددة قبل استقراره على رواية ستيفن كينج: '' طلب كوبريك من موظفيه إحضار كميات كبيرة من قصص الرعب وانكب في مكتبه على قراءتها. وكثيرًا ما سمعت سكرتيرة كوبريك كل واحد من تلك الكتب يرتطم بالحـــــائـــط عــنـــدمــــا يرميه المخرج فوق كومة من روايات الرعب التي لم ترق له بعد قراءة صفحات قليلة منها. وذات يوم لاحظت السكرتيرة مرور فترة طويلة لم تسمع فيها صوت ارتطام كتاب آخر على الحائط، فدخلت مكتب كوبريك لتستقصي الأمر فوجدته منغمسًا في قراءة رواية ''البريق''''. الوطن البحرينية في 1 نوفمبر 2006
|
مديره يؤكد مشاركة السينما اللبنانية 100 فيلم عربي في مهرجان دبي السينمائي أجري الحوار في دبي ــ ثابت أمين عواد |