بعيداً من التقويم النقدي، ما يلفت النظر، للوهلة الأولى، في سينما المخرجة الفلسطينية مي المصري هو صعوبة الجمع بين أفلام جارحة وقاسية وبين مخرجة رقيقة الملامح، باسمة المحيا. غير أن الحديث مع مي يبدد تلك الصعوبة، فهي سينمائية واعية لدورها، ومدركة لأهمية وخطورة الصورة. ومن هنا وعلى رغم إتقانها خمس لغات عالمية حية، تركت مفردات تلك اللغات التي بدت عاجزة عن ترجمة فيض مشاعرها، جانباً، وراحت تخاطب العالم بلغة الصورة. ومع أنها تعد واحدة من المخرجات التسجيليات البارزات في العالم العربي، فإنها تعترض على مصطلح «السينما التسجيلية»، فهي لا تكتفي بتسجيل وتوثيق اللحظات الحاسمة والموحية في الحياة، بل تحاول النفاذ إلى أعماق تلك الحياة باحثة عن أحلام منفية، مخبأة ومؤجلة!

نشأت مي المصري في بيئة أسرية متحررة، ملتصقة بالوطن، وهي تنتمي إلى ثقافتين مختلفتين. ثقافة عربية يمثلها والدها منيب المصري، وإنكليزية تمثلها والدتها آنجيلا كجلر، وهي أرضت الطرفين إذ درست في مدارس عربية، وتنقلت بين مدن عربية عدة من نابلس إلى عمان والجزائر ثم توجهت إلى الولايات المتحدة حيث نالت دبلوم الإخراج والتصوير من جامعة سان فرانسيسكو مطلع الثمانينات. وتعيش اليوم في بيروت منذ أن انتقلت أسرتها إلى لبنان منتصف الستينات.

هذا المسار ولّد لديها «حب الاكتشاف»، والاهم من ذلك خلق لديها سؤال الهوية والانتماء، وهي، بدورها، طرحت هذا السؤال على «الآخر» عبر أفلام كثيرة حققتها، بعضها مع زوجها المخرج جان شمعون في الثمانينات ومطلع التسعينات مثل «تحت الأنقاض»، و «زهرة القندول»، و «بيروت جيل الحرب»، و «أحلام معلقة»، وبعضها الآخر بمفردها، وهي، بحسب التسلسل التاريخي: «أطفال جبل النار» (1990) الذي حاز ذهبية مهرجان القاهرة للأفلام والبرامج التلفزيونية، وجائزة الجمهور في مهرجان فيلم المرأة الفرنسي، «حنان عشرواي، امرأة في زمن التحدي» (1996) ونال الفيلم جائزة افضل فيلم أجنبي في مهرجان العالم الواحد في لندن، وجائزة الجمهور في معهد العالم العربي في باريس، وجائزة في مهرجان باليرمو لحوض البحر المتوسط، «أطفال شاتيلا» (1998) ونال جائزة أفضل إخراج وجائزة أفضل تصوير في مهرجان الشاشة العربية المستقلة في لندن، «أحلام المنفى» (2001) وهو الفيلم الذي نال اثنتي عشرة جائزة من مختلف المهرجانات العالمية، وفيلمها الأخير «يوميات بيروت: حقائق وأكاذيب»، الذي عرض في مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الأخيرة التي كرمت المصري.

مرحلة جديدة

على هامش فعاليات المهرجان الأخير التقت «الحياة» المخرجة مي المصري التي بدت سعيدة بالتكريم، وكانت صورتها ـ التي تصدرت غلاف كتاب «مندوبة الأحلام: سينما مي المصري» الذي وزعته إدارة المهرجان على الضيوف ـ في كل يد، فيما العيون تبحث عن هذه المخرجة المكرمة الآتية من «جبل النار». تقول مي تعليقاً على فيلمها الأخير «يوميات بيروت...»: «بعد اغتيال رفيق الحريري شعرت أن ثمة مرحلة جديدة تتبلور ملامحها، فالحدث قلب الموازين، وأحدث زلزالًاً في لبنان والمنطقة. حدث الانفجار في المنطقة التي اسكن فيها، وأحسست أن ثمة أسئلة عميقة وراء هذا الاغتيال الذي حصل بغموض من دون أن ينكشف شيء حتى اللحظة».

وتضيف مي بنبرة موجعة: «انتقلت بيروت من استقرار دام خمسة عشر عاماً إلى الفوضى مرة أخرى، ففي لحظة تم نسف الاستقرار. بهذه المشاعر والانفعالات المتضاربة بدأ الفيلم يتشكل في ذهني، وعادت بي الذاكرة سنوات إلى الوراء عندما كانت الحرب الأهلية في أوجها وعندما كان الخوف والقلق يسودان الحياة، وشعرت أن الفيلم الذي يدور في مخيلتي مجسد على أرض الواقع حيث عاد الرعب والخوف على المصير والمستقبل المجهول الذي يحتفظ بخيط واه من الأمل. عندئذ شعرت بضرورة أن أترجم ما يعتمل في داخلي إلى لغة بصرية، فحملت الكاميرا ورحت ارصد هذا الغليان الشعبي الذي اجتاح بيروت عقب الحادث. الشباب كانوا أكثر اندفاعاً، وظهر على السطح الكثير من المسائل والقضايا التي كانت مدفونة. سجالات ونقاشات وحوارات ومواقف سياسية متباينة كان علي أن أوثقها، وركزت على شريحة الشباب بكل تناقضاتها، فهذا الجيل يعيش مرحلة انكسار الأحلام وموت القضايا الكبرى التي كنا نؤمن بها، ووسط هذا المخاض ثمة حلم يولد وأمل يخلق، فما يميز المجتمع اللبناني هو هذا التنوع والعيش وسط المتناقضات».

تبدو مي في فيلم «يوميات بيروت...» (70 دقيقة) أمينة للجانب التسجيلي، ففي رصدها التحولات التي يعيشها الشباب اللبناني، لا تميل إلى إلقاء اللوم أو المسؤولية على طرف محدد، هي حذرة وحريصة على توثيق الحراك الشعبي من دون انحياز، تعلق قائلة: «فيلمي، محدد بالزمان والمكان، وهو يعبر عن مرحلة معينة وقصيرة، لكن هذه المرحلة مفعمة بالدلالات، وكانت تؤسس، في اعتقادي، للعدوان الذي تعرض له لبنان أخيراً. أعود في هذا الفيلم إلى الماضي لأحمّله بعض الرموز، فقد كنت واعية للكثير من المسائل، ومعنية بسماع الرأي الآخر فأعطيته فسحة للتعبير. الحوار بين الشباب كان مهماً، وكان من الضروري رصد الآراء الكثيرة والمتباينة. كان المبرر درامياً إذ تفاعلت مع الوقائع في شكل حسي، وأحببت أن أتدخل في شكل مفتعل، وأتحت للشباب حرية الحوار لأعرف إلى أين سيصلون في محاولة للعثور على أجوبة لأسئلتهم عن الحلم والمستقبل. حاولت أن أصور كل ما من شأنه اختزال المأساة اللبنانية التي سعيت إلى توثيقها عبر تجربتي السينمائية التي بدأت فعليا في العام 1982 مع فيلم «تحت الأنقاض».

زمن الغليان

وفي الحديث عن المحطات التي صنعت سينماها، تفتح المصري دفاتر الذاكرة وتشرع في القول: «أنا من مدينة نابلس، جئت إلى لبنان، كغيري من الفلسطينيين في العام 1967، وتأثرت كثيراً بأجواء هذا البلد ومناخاته المتنوعة، ومجتمعه المتعدد. شاهدت أحداثاص سياسية عاصفة في الستينات والسبعينات والثمانينات تمثلت في الحركات الطالبية، والعمل الفدائي، والحرب الأهلية المدمرة حيث الملاجئ والقلق اليومي... كل هذا الغليان ظهر في أفلامي في شكل أو في آخر، وشعرت أن في داخلي شخصيتين: كنت واعية لمسألة كوني فلسطينية، وأعيش في المنفى، وكنت أشارك في الأنشطة السياسية والطالبية من دون أن انتمي إلى أي حزب سياسي، لكنني لم أرغب يوماً في أن أعيش حياة عادية، وهذا ما جعلني اتفق مع جان، فقناعتي أن الفن لا يخلق إلا من التمرد. عملت في أقسى الظروف ولذلك تجد في أفلامي التحدي والمغامرة والمواجهة. فيلم «أطفال جبل النار» ـ على سبيل المثال ـ صور في نابلس تحت الحصار ومنع التجول وتحت مرأى القناصة الإسرائيليين».

وحول شغفها بالسينما وظروف سفرها إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراستها، تقول مي: «سافرت إبان الحرب الأهلية التي قلبت مفاهيم المجتمع، وحطمت الآمال، وهزت القناعات وطرحت أسئلة مريرة حول مصير هذا البلد الصغير والجميل، وهناك اقتنعت اكثر بميلي الى السينما. كنت أميل إلى الصورة منذ طفولتي فأرسم ما أريد قوله. رأيت ذاتي في السينما، وهناك بدأت القراءة وتعرفت الى مجتمع متنوع، وتفاعلت مع حضارة أخرى مختلفة فتحت أمامي آفاقاً جيدة، وحين عدت إلى بيروت التقيت جان شمعون الذي كان يعمل في مؤسسة السينما الفلسطينية والتقينا على حب السينما وفلسطين، والى الآن يجمعنا هذا العشق، إضافة إلى محبة الناس والتفاعل مع قضاياهم، فأنا بطبيعتي انحاز إلى المهمشين والبسطاء وكثيراً ما أحاول وضع هؤلاء في متن أفلامي كتعويض لهم عن العيش على هامش الحياة».

وتضيف مي أنها وشمعون لا يحبان ما هو سائد بل يرغبان في التمرد، وينزعان نحو ثورية من نوع خاص، وهي تعترف بأن عملها مع شمعون أكسبها الخبرة، وتخص بالذكر هنا تجربتها معه في فيلم «زهرة القندول» التي تقول إنه طور لغتها السينمائية، عبر الحديث عن تجربة إنسانية في جنوب لبنان خلال الاحتلال الإسرائيلي، ثم جاءت المحطة المهمة الثانية مع فيلم «بيروت جيل الحرب» لتتيقن بأن «الرصيد النظري يحتاج إلى الممارسة العملية»، مشددة على أن السينما التي تطمح إليها «ليست تلك السينما التي تكتفي بالتسجيل بل تلك التي تذهب إلى رصد أكثر الحالات وجدانية، وتعكس جوهر الحياة لا قشورها». مع هذا الفيلم بدا الاتصال بمحطات التلفزة مثل «بي بي سي» وجهات تمويل أخرى، وهي ترفض بأن تتدخل أي جهة في عملها.

وتعتز مي بأصلها الفلسطيني وبكونها من «نابلس جبل النار»، وهي ترى أن «السينما لغة عالمية لا حدود أمامها»، أما السينما التي تؤمن بها فهي «سينما الإنسان»، ومهمة المخرج هي «القدرة على النفاذ إلى أعماق البشر»، أما متعة السينما فتتمثل في «التحليق والطيران نحو كل ما هو مدهش، وساحر».

الحياة اللندنية في 27 أكتوبر 2006

جائزة روسيلّيني لإعادة إعمار سينماتيك بيروت

روما - عرفان رشيد 

أعلن المنتج والمخرج الإيطالي رينزو روسيلّيني عن منح «جائزة روسيلّيني» السنوية لعام 2006 إلى «سينماتيك بيروت» للمساهمة في «إعادة إعماره وإصلاح ما تعرّض له المتحف من دمار إبان الحرب الأخيرة». وكشف روسيلّيني لـ «الحياة» أنه فكر بذلك خلال الحرب الأخيرة، «إلاّ أنني فضّلت الإعلان عنه خلال عيد الفطر كتعبير عن التقدير الكبير الذي أشعر به إزاء العالمين الإسلامي والعربي». وأضاف: «أريد لهذه الجائزة أن تكون هدية متواضعة تعيد الى ذلك الصرح الثقافي بعضاً من وهجه التنويري».

وتبلغ قيمة الجائزة 15 الف يورو، وتمنح سنوياً بالتعاون ما بين مؤسسة روسيلّيني الثقافية وبلدية مدينة مايوري الواقعة على ساحل آمالفي الجنوبي.

وعلاقة رينزو روسيلّيني الشخصية مع العالمين العربي والإسلامي ليست وليدة اليوم بل هي جزء من تربية والده وتعليمه، روبيرتو روسيليني، الذي تعرّف الى العرب والمسلمين بشكل عميق خلال زياراته المتكررة لبعض الدول الإسلامية ولشبه القارة الهندية خلال تصويره فيلمه التلفزيوني «ثلاثة آلاف سنة من تاريخ الإنسان». وكان رينزو روسيليني قدّم قبل وقت قصير في مهرجان «ريح السينما» الذي يديره الناقد الإيطالي إنريكو غيتزي، مشروعاً كان والده أعدّه بعنوان «الإسلام». وكشف هذا المشروع عن بصيرة مستقبلية لهذا الفنان الكبير، إذ بدت تلك الصفحات وكأنها كُتبت اليوم ولم تفقد راهنيّتها على رغم مرور 34 سنة على كتابتها. المشروع الآن قيد الترجمة ويرى رينزو روسيلّيني أن في الإمكان تنفيذه إذا ما توافرت شروط الإنتاج، إلاّ أنه لا يعرض نفسه مخرجاً للعمل ويشير الى أن «من العدل أن يتولى عملية الإخراج مخرج من العالم العربي». وكشف رينزو عن حلم ظل يراود والده، وقال: «كان لوالدي، روبيرتو روسيلّيني في المرحلة الأخيرة من حياته، حلم واحد. إذ كان يتمنى استخدام وسيلة اتصال جماهيري جبّارة، كالتلفزيون لمساعدة الناس على الإدراك وتحديد مسارات حياتهم. كان حلمه هذا مستنداً إلى القناعة في أنه إذا ما توافرت للمرء الثقافة والمعرفة فسيكون في إمكانه، إذّاك، رفض الديكتاتوريات والوقوف في وجه الظلم. وكان واثقاً أن في إمكان الإنسان الواعي والمدرك التمييز بين ما هو دعاية وما هو إعلام حقيقي. ذلك أن الوعي يتيح للمرء أن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع». وأضاف: «لهذا السبب خصص والدي المرحلة الأخيرة من حياته لإنجاز أفلام عن التاريخ. كان مقتنعاً بأن معرفة التاريخ تُتيح إدراك الحاضر والمستقبل. لقد أنجز الكثير من الأفلام التاريخية للتلفزيون. بعض هذه الأعمال كان على حلقات طويلة. إذ كان يسعى إلى تأسيس موسوعة بصرية عن التاريخ. في البدء أنجزنا مسلسلاً تلفزيونياً عن «العصر الحديدي». ثم صور مسلسلاً تلفزيونياً آخر بعنوان «كفاح الإنسان من أجل البقاء»، وكان يروي تاريخ الإنسانية. ضمن هذا المشروع كان هناك جزء اعتبره روبرتو روسيلّيني ضرورياً للغاية: ميلاد الإسلام. إذ كان والدي يعتبر ميلاد الإسلام وتطوّره أمراً ضرورياً للغاية. كان معنياً بنهضة العالمين العربي والإسلامي وبالأداء المبدع لهذا العالم إزاء الثقافة الغربية. كما كان ينوي التطرّق الى الحديث عن الاكتشافات الكبيرة التي توصّل إليها الغرب عبر الثقافة العربية والإسلامية. إذ لم يكن للرياضيات والجغرافيا وعلم الفلك وعلوم أخرى كثيرة أي وجود في الثقافة الغربية، لكنها وصلت إلينا في اللحظة التي حدث فيها التلاقي بين العالم الغربي، وبالذات شمال المتوسط، والعالم الإسلامي. ووفّر هذا اللقاء لأوروبا، وللثقافة التكنولوجية، إمكان إنجاز طفرة مهمة».

علاقة رينزو روسيلّيني الأولى مع العالمين العربي والإسلامي ابتدأت إبان الثورة الجزائرية عندما ساهم في إنشاء أول جريدة سينمائية جزائرية ما قبل الاستقلال، ثم «توطّدت هذه العلاقة عندما كنت أنشأت للتو شبكة الراديو «راديو مدينة المستقبل» التي كانت تطمح أن تكون بديلاً عن الصوت الرسمي وتعبيراً عن صوت قطاعات كبيرة من المجتمع الإيطالي المكافح من أجل التغيير. كانت تلك المحطة أيضاً ملتقى لأصوات شعوب عدة. وعندها اتصّل بي القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود وطلب مني مساعدتهم في إنشاء راديو للمقاومة الأفغانية ضد الاحتلال السوفياتي لبلادهم. وقد ساهمت في إنشاء ذلك الراديو الذي كان يبثّ عبر «جسور» أثيرية من الباكستان».

الحياة اللندنية في 27 أكتوبر 2006

 

عز الدين سعيد: «الزيارة» لن يكون آخر أفلامي عن أدب نجيب محفوظ

القاهرة - أحمد فرغلي رضوان 

يبدو أن علاقة نجيب محفوظ بالسينما لن تنتهي والسبب أن قصصه ورواياته لا تزال تمثل رافداً أساسياً للأفلام السينمائية التي تُحقق منذ العام 1960، تاريخ بداية تحويل روايات محفوظ الى أعمال سينمائية، أفضل النجاحات جماهيرياً بسبب واقعيتها وشخصياتها التي أسرت القلوب.

آخر هذه الأعمال الفيلم الروائي القصير «الزيارة» المأخوذ عن قصة لمحفوظ بالعنوان نفسه، اختارها المخرج عز الدين سعيد لتحويلها الى فيلم وكتب لها السيناريو والحوار بنفسه.

وحول هذا الفيلم يقول عز الدين: «هي المرة الثانية التي التقي فيها أدب نجيب محفوظ بعد فيلم «الغرفة 12». وبدأت علاقتي بهذا الأديب الكبير منذ كنت طفلاً صغيراً أشاهد الأفلام المأخوذة عن رواياته وقصصه وعرفته من خلال «الثلاثية» و «ميرامار» و «اللص والكلاب» وغيرها من الأعمال التي تأثرت بها، وفي فترة لاحقة بدأت أقرأ ليقودني ذلك الى عالم جديد خصوصاً في القصة القصيرة التي وجدتها اكثر عمقاً، واكتشفت أن محفوظ يكتب كشخصين أحدهما داخل العمل والثاني يراه من الخارج! فهو جزء وكل من تفاصيل عمله في الوقت نفسه، وأعتقد اننا ما زلنا بعيدين من اكتشاف هذا المبدع الذي أمامنا بالكامل».

ويتابع عز الدين: «حدث لي توحد مع «الزيارة» وغيرها من الأعمال إذ رحت أدخل في تحدٍ مع شخصياتها. وبالمناسبة اكتشفت ان تحويل النصوص الأدبية الى صورة سينمائية شيء مرعب. وشخصياً قبل بدء التصوير سافرت الى المغرب كي أعود شخصاً جديداً لأتعامل مع هذا الفيلم وشخصياته. إذ تدور قصته حول القهر. أما الحبكة في القصة الاصلية فتتحدث عن خادمة وسيدتها فيما حوّلتهما في الفيلم الى جدة وحفيدتها تعيشان معا من دون أن تنتبه الحفيدة الى انها صارت فتاة في سن الزواج، نظراً لسلوك الجدة التي تخشى ان تبقى وحيدة. لكن يحدث ان يظهر احدهم ذات يوم ليقلب حياتهما رأساً على عقب، اذ يبدأ في بث مشاعر الكره بينهما».

الفيلم الذي كان يتمنى صاحبه ان يشاهده محفوظ، كما يقول، هو الآن في مرحلة المونتاج، ويقوم ببطولته ايناس مكي وماجدة الخطيب وكمال دسوقي وليلى جمال. يذكر أنه الفيلم السادس في مسيرة عز الدين، وقد حصدت أفلامه السابقة، جوائز عدة، من هنا يرى أن الفيلم الروائي القصير سيظل عشقه الأول على رغم انه سيدخل العام المقبل تجربته الأولى مع الفيلم الروائي الطويل.

أما البطلة ايناس مكي صاحبة التجارب الناجحة مع الأفلام الروائية القصيرة وآخرها فيلم «الثلثاء 29 من فبراير» لجيهان الأعصر، فتقول: «أجد نفسي في الأفلام الروائية القصيرة التي اعتبرها فرصة للممثل كي يبدع ويمثل بعيداً من أي ضغوط. وبالفعل يعوضني ذلك عن غيابي عن السينما. اما ادب نجيب محفوظ فمذهل عندما تقرأه تقع في غرام شخصياته منذ اللحظة الأولى. وهو ما حدث لي مع شخصية «شريفة» العانس التي تعيش مع جدتها من دون ان تفكر في نفسها ومتطلباتها ومع ذلك الجدة تقهرها ويدور بينهما صراع نفسي كبير».

الحياة اللندنية في 27 أكتوبر 2006

 

سينماتك

 

مي المصري: بحثاً عن سينما الإنسان

الإسماعيلية - ابراهيم حاج عبدي

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك