منذ البداية، أعلنت المنتجة والمخرجة هالة العبد الله أنها كانت دائماً تريد صنع فيلمها، فمضى ربع قرن بين السجن والمنفى، مما جعل لديها العديد من مشاريع الأفلام المنتظرة التنفيذ. لكنها هنا، في هذه اللحظة، وفي هذا الفيلم، تقرّر أخيراً، وربما قبل فوات الأوان، أن تصنع كل أفلامها ضمن فيلم واحد، حمل عنوان <أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها>، وجاء على هيئة فيلم وثائقي طويل، مدته 110 دقائق (عُرض مساء أمس الجمعة في إطار الدورة السابعة ل<مهرجان بيروت السينمائي الدولي>، ويُعاد عرضه ثانية العاشرة ليل اليوم السبت في <أمبير صوفيل> في الأشرفية).

ربما كان اللقاء مع المخرج عمّار البيك هو أحد هذه الدوافع المحرّضة على الإقدام على تحقيق هذا التجربة، في هذا الوقت بالذات، وفي إطار هذا الشكل الفني تحديداً. إذ على الرغم من الاختلاف البائن بينهما على مستوى الجيل والتجربة، إلا أن الحوار الإبداعي المتواصل، والتناغم والتفاهم الفني، تحوَّل إلى مؤسِّس من طراز خاص، يشي بولادة تجربة إبداعية استثنائية في السينما السورية المستقلة. هكذا يمكن أن يصبح هذا العمل فيلم العمر لهالة العبد الله، تروي فيه حكايتها، حلمها، معاناتها، وأملها. حكاية جيل كامل، بل حكاية بلد، منذ مطلع القرن العشرين، حين غادره الأتراك واحتلّه الفرنسيون، إلى مطالع القرن الواحد والعشرين، حيث ما زال يقف أمام أسئلة مستقبل غامض. كما يمكن أن يصبح هذا فيلم التحقُّق لعمار البيك، بعد تجارب أولى مميزة، منذ <حصاد الضوء> (1996) و<إنهم كانوا هنا> (2000) وصولاً إلى <كلابر> (2003). إذ يبدو تماماً أن الاقتراحات الفنية الأولى التي ظهرت ملامحها في تلك الأفلام، تتسرَّب إلى هذا الفيلم لتبدو أكثر وضوحاً، وتأخذ صيغة أسلوب فني يسم الفيلم بطابعه.

في فيلم <أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها>، تلتقي خبرة ودراية وتجربة إمرأة مبدعة، تقف على رأس الخمسين من عمرها، منتجة ساهمت عبر خمس وعشرين مضت، في تحقيق عدة أفلام سورية متميزة، مع جموح مخرج شاب مبدع، في الرابعة والثلاثين من عمره، يتوق من جهته لتحقيق المزيد من الأفلام المتميزة، بهويته وخصوصيته، وربما جنونه.

<تصوَّري كيف صرنا>، تقول إحدى شخصيات الفيلم. وما بين الحشرة العالقة في شبكة عنكبوت واهية، عند مفتتح الفيلم، إلى انطلاقة النوارس، قبيل اختتامه، وفي السماع أصوات نعيق الغربان، نرى هالة تحمل كاميراتها، أخيراً، وتحقق فيلمها، وتنتظر المجهول.

يتكئ الفيلم في جوهره على ثلاثة نماذج من النساء (رولا، فادية، رغيدا). نساء من جيل السبعينيات، سقطت أحلامهن، من دون أن يدرين أي ذنب اقترفن. تتساءل إحداهن: <ليش هيك صار؟>. وخلف تلك الملامح المتماسكة والواثقة والقوية، تتوارى المرأة بكل توقها للحياة والحب والفرح. ذرى درامية متعدّدة يصلها الفيلم، وأهمها تلك اللحظات التي تحاول، مع الثلاثي الأنيق، استعادة الصورة التي كن عليها قبل 25 سنة، فتحضر الدموع المنفلتة على الرغم من صاحباتها، عندما ينتبهن إلى أن تجربة السجن والفقد والغربة قد دمّرت أجمل ما فيهن. لن يكتفي الفيلم بهذا الخيط الدرامي المؤثِّر، بل سيشابكه مع العديد من الخيوط الموازية، في نسيج متناسق. ففي الوقت الذي يبدو شريط الصوت على هيئة اعترافات المخرجة هالة العبد الله وبوحها، بصوتها ولغتها المتأنقة، يحضر الفنان التشكيلي يوسف عبدلكي ولوحاته اللافتة للانتباه، وحكايات الحب والسجن والغربة، التي أكلت من عمرهما، وعودة يوسف الشهيرة إلى دمشق بعد ربع قرن. وتحضر ابنتهما ليلى، ونتعرّف إلى أم يوسف، وحكاية جدّته الأرمنية الناجية من المذابح ويستدعي الشاعر نزيه أبو عفش ذكرى دعد حداد، المرأة الشاعرة، التي طواها الموت باكراً، وقصف تجربتها، فيتوقَّف ملياً منبهراً أمام قولها <أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها، وتبكي من شدة الشعر>، ويرى فيها نبرة من نبرات الشعر العظيم.

التجريب

يعتمد الفيلم أسلوباً فنياً فيه الكثير من التجريب والتجديد، عماده كسر السرد، وكسر الإيهام. فعلى مستوى السرد، يبدو الفيلم نموذجاً من حال <فرعطة أخت محلوشة>، يتناثر هنا وهناك، وينتقل من شخصية إلى أخرى، حتى إنه يبدو أحياناً كأن لا رابط بين حكاياته وشخصياته، ولا ضابط لتنقلاته الزمنية والمكانية. ولا تكفّ هالة عن القول، أكثر من مرة، إنه توليف من مجموعة أفلام. وفي الوقت الذي كان يمكن لهذا الأمر أن يهوي بالفيلم، إلا أن الاختيار الذكي والشجاع لأسلوب العمل الفني فيه، نهض بالفيلم إلى درجة كبيرة، تؤهّله ليكون أحد أبدع الأفلام التسجيلية العربية، عموماً، ودرَّة في السينما التسجيلية السورية، خصوصاً.

يقوم منهج السرد في الفيلم على اعتماد البدء من النهايات: من الآن، أي اللحظة التي انتهينا فيها من التصوير مع الشخصية، ومن ثم يقوم بالاستعادة لما مضى، عبر الاسترجاع بالوثيقة المصوّرة من قبل، أو بالكلام المسترسل، والنبش في الذاكرة التي انطوت عليها أيام أو سنوات. في شقّ منه، خاصة ذاك المتعلق بالشخصيات النسوية، يبدو استرجاعاً للحديث عن تجربة ناجزة بمراراتها كلّها، منذ سبعينيات القرن العشرين حتى لحظة التصوير (2006). وفي الشق الآخر، يتعلق الفيلم بالراهن، وتوالداته المباغتة، سمته الجولان الدائب في الطرقات والدروب، بحثاً عن موضوع الفيلم الذي يمكن أن يأخذ صبغة روائية، تطارد الآن، وتثير سؤال المستقبل.

إن اعتماد اللونين الأبيض والأسود، منح الفيلم مناخاً متناسقاً، بين ما مضى وما هو راهن، وجعل الوثيقة تبدو متناسقة مع البنية البصرية للفيلم، خاصة أنه اعتمد على كسر الإيهام، وإدخال الجميع في لعبة التصوير، من طراز الحديث مع الشخصيات عن شريط التسجيل، وتبادل السؤال عما تبقى فيه من دقائق تسمح بالتسجيل عليه، أو الطلب من الشخصيات المستهدفة إعادة ما تريد قوله أمام الكاميرا، أو إعادة تنفيذ حركة ما. كذلك الأسئلة المتبادلة بين الشخصية المستهدفة وصانعي الفيلم.

الكاميرا الحاضرة

ميزة هذا الأسلوب الفني أنه يشعرنا بوجود الكاميرا، سواء بحركتها المتأرجحة، أو النظر إليها، أو حضور الكاميرا أمام الكاميرا، أو ظهور بعض متعلقاتها. وفي حين أن المبدأ الأساس هو عدم الإحساس بوجود الكاميرا وحركتها، وعدم الإحساس بالقطع أو الانتقال المونتاجي، فإن الفيلم يتخلَّى عن هذا المبدأ، حتى يبدو الأمر وكأنه لعب بالكاميرا، وخرق لكل ما هو تقليدي ومتعارف عليه. صحيح أن هذا الأسلوب الفني ليس جديداً في مجال الأفلام والتجارب السينمائية في العالم، لكنه بالتأكيد جديد في التجربة السينمائية العربية عموماً، والسورية خصوصاً. هذا الأمر تطلّب جرأة في اتخاذ القرار بشأن الأسلوب الفني، تلك الجرأة التي تأخذ بالحسبان احتمال النجاح المميز، كما احتمال السقوط المدوي، ورفض الجديد، وذلك باعتبار هذا الجديد اقتراحاً فنياً قادماً من حقل ما هو غير سائد، وغير متعارف عليه، وما قد يثيره من اصطدام باعتياد التلقي، ومكوّنات الذائقة ومرجعياتها الثقافية والبصرية. ومع الانتباه إلى أن التلقي ذاته، هو شكل من الممارسة الإبداعية التي لا تنفصل عن المرجعيات الثقافية الفكرية والبصرية للمُشاهد، فإنه بمقدار ما تتطور عمليات التجريب والتجديد في مجال إنتاج الأشكال الفنية، لا بد من تطور مواز أو مماثل في عملية التلقي، فالركون إلى ما هو سائد وتقليدي محكوم لمشاهد وذائقة تلق تقليدية، بينما التجديد والتجريب ينظر إلى الحرية في العملية الإبداعية بوصفها حقاً للمبدع، والطموح إلى الحرية في التلقي بوصفها واجباً على المشاهد. وفي تاريخ التجربة الفنية ما يدلل على مأساة عدم التوازي بين هاتين العمليتين، خاصة عندما تسبق العملية الابداعية، وأبرزها تجربة فيلم <المومياء> لشادي عبد السلام، الذي احتاج إلى نحو عشر سنوات حتى تمت إعادة الاعتبار إليه.

يذهب فيلم <أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها> إلى أقصى مدى ممكن من التجريب والتجديد، متمكناً من المهارة البادية في التعامل مع الكاميرا، وتناغم المونتاج مع طبيعة الأسلوب الفني، والمؤثرات، والأغاني المنتقاة بعناية. هذا كلّه أهَّله بقوة للمشاركة الرسمية في مهرجان فينسيا الدولي لعام ,2006 ونيل جائزة السينمائيين الوثائقيين الإيطاليين. إنه نموذج يُحتذى للفيلم السينمائي المستقل، المصنوع بقدرات فردية، ومبادرات ذاتية لمبدعيه، ومتمكَّن من رفع علم بلاده في سماء السينما، بكل الحرية والبراعة والجنون. قالت ليلى لأمها هالة: <أنت تتقنين الجلي>. ينبغي علينا أن نقول لهالة، وعمّار: أنتما تتقنان صناعة الأفلام.

(دمشق)

السفير اللبنانية في 7 أكتوبر 2006

ختام أيام مهرجان كوبنهاغن السينمائي الدولي:

مخرج روماني يختطف الـ بجعة الذهبية وحضور قوي للسينما الالمانية

منير عبد المجيد 

للسنة الثانية علي التوالي يختطف سينمائي روماني بجعة كوبنهاغن الذهبية كأفضل ممثل.

العام الماضي كانت من نصيب رادو ميهايلينو عن فيلمه Live and become، أما هذه السنة فقد ذهبت الي كورنيليو بورومبوي لفيلمه قليل التكاليف 12.08 شرق بوخارست ، والذي تنبأت بامكانية حصوله علي جائزة في مقالة سابقة. ويجدر بالقول ان المخرج نال جائزة أحسن سيناريو أيضاً عن شريطه هذا.

أما أفضل اخراج، فقد ارتأت لجنة التحكيم أن تكون للممثل/المخرج الايطالي كيم روسي ستوارت عن فيلمه علي طول القمّة . دراما عائلية عولجت بحساسية عالية وبحرفية سينمائية رفيعة، في أداء مذهل من الأطفال قبل الكبار. ستيفانو فالفين حاز جائزة يستحقها بجدارة عن أفضل تصوير أيضاً.

جائزة أفضل ممثل رئيسي ذهبت الي الألماني أولريك موهه عن دوره الكبير في حياة الآخرين من اخراج فلوريان هينكل فون دونرسمارك، والفيلم اياه حاز جائزة المشاهدين بالتعاون مع الصحيفة اليومية واسعة الانتشار بوليتيكن . هذا الفيلم الذي تمنينا، كمتتبعين، أن ينال الجائزة االكبري، فهو، وبالرغم من صغر سن المخرج، عمل فني كبير يتعرض لحقبة سوداء اخري في تاريخ ألمانيا، عن فترة قبل سقوط جدار برلين وبعده مباشرة، عن دور جهاز الاستخبارات القمعي ستاسي في تقرير مصائر المواطنين وحياتهم.

أما جائزة أفضل ممثلة رئيسية فقد منحت الي الالمانية هايدرون بارتولوماوس عن دورها في فيلم Hay as one. جائزة أليس (تيمناً بالمخرجة الدانماركية من خمسينات القرن الماضي أليس اوفريدريكس) التي تُعطي لأفضل عمل سينمائي حققته مخرجة نسائية، كان من نصيب توْق لفاليسكا غرايسباك التي قدمت فيلماً واقعياً حاداً كنصل السكين عن حب شاب قروي لزوجته واخري في قرية مجاورة. البساطة التي عولجت فيها الأحداث تعود في المقام الأول، حسب قناعتي الشخصية، الي اعتماد المخرجة ممثلين غير محترفين.

الجائزة السنوية التي تُمنح لسينمائي مخضرم والتي تحمل اسم جائزة لانجازات الحياة كانت من نصيب الدنماركي هينينغ كارلسن (مواليد 1927)، مخرج الفيلم الشهير جوع من عام 1966 (أول عمل سينمائي اسكندينافي مشترك) والذي نال بير اوسكارسون السعفة الذهبية كأفضل ممثل عن دوره في الفيلم في مهرجان كان ذات العام. للذين فاتتهم مشاهدة هذا العمل الهام في تاريخ السينما العالمية، هناك نسخة جديدة مرممّة تُعرض الآن في دور السينما.

الأفلام خارج المسابقة الرسمية لم تكن أقل اثارة.

حضور قوي للسينما الألمانية هذا العام، يُسلّط الضوء علي أهم سينمات القارة الأوروبية في السابق، وعودة ملحوظة لها منذ بداية هذا القرن علي يد جيل جديد من السينمائيين، وخبرة وتجربة غنية من ألمانيا الشرقية.

من تركيا فيلم فتاتان لكولتوغ آتامان تأكيد علي اقتراب تركيا أكثر فأكثر من الغرب. عن المجتمع العلماني التركي بما يقتضي ذلك، وكما يبدو، من ثمن عال تدفعه الشبيبة: مخدرات، علائق عائلية مفكّكة وجنس. احدي بطلات الفيلم تسير في شارع اسطنبولي شبه خال من المارة، بعد أن مارست الجنس مع صديقها لأول مرة وتعرضت للاغتصاب من شاب آخر، ومن خلفها يرفرف العلم الأمريكي وعدة أعلام أوروبية علي احدي المباني. رمزية لا شكوك في وضوحها.

الفيلم الثاني قتل الظلال للمخرج ايزال آكاي يعرض لسيرة حصيفات وقراقوز، المهرجْين المعروفين من القرن الرابع عشر، اللذين أضحكا الامبراطورية العثمانية بكاملها، إذ لطالما ضحك المسؤولون من نكاتهما، واللذين عرضا نفسيهما للخطر حين عبّرا عن رأيهما بحرية. اشارة نفّاذة الي ما جري في الدنمارك تحت مظلة حرية التعبير العتيدة.

فيلم الاسرائيلي اودي ألوني المسامحة هو قصيدة حب معلن للشعب الفلسطيني. هذا الحب الذي لا يخفيه ألوني البتة، وهذا كفيل، بطبيعة الحال، باثــــــارة حنق اليمين اليهـــــودي، سواء داخل أم خــــــارج اسرائيل. فصحـيفة جيروزاليم بوست اعتبرت هذا الفيلم أسوأ فيلم اسرائيلي حتي هذه اللحظة. وردود الفعل تتفاوت هذه الأيام، وبعد انطلاق الفيلم، في الولايات المتحدة، علي نفس المقدار.

المسامحة يحكي قصة الجندي الاسرائيلي (الأمريكي) دافيد الذي يطلق النار، في لحظة تشبه لحظة غريب ألبير كامو، علي طفلة فلسطينية، لينتهي به المطاف الي مستشفي الأمراض العقلية. وهذه المستشفي لها موضع خاص. فبعد مجزرة دير ياسين التي ارتكبتها الميليشيات اليهودية قُبيل انشاء الدولة العبرية، قامت السلطات الاسرائيلية فيما بعد ببناء هذا المستشفي علي أنقاض البلدة، للناجين اليهود من المحرقة النازية.

يمكن بالطبع اختصار الحكاية في سطر واحد. لكن ألوني يسعي طيلة الفيلم الي الولوج الي عمق دافيد، تركيزه أو عدمه، هلوسته وانهياره، صحوته الآنية، المداواة، خروجه من المستشفي ولقائه وحبه للشابة الفلسطينية (أداء جميل من كلارا خوري) في نيويورك.

الصورة تفتقد التوازن، كما في عمق وعقل دافيد. والموسيقي هنا تلعب دورها أيضاً. خليط من العربية، العبرية ومروراً بموسيقي قبلية أفريقية بطبولها الرتيبة الاكزوتية. اللطيف في الأمر أن المخرج هنا أسند دور الطبيب اليهودي الذي يدير المستشفي للممثل الفلسطيني المعروف مكرم خوري.

قد لا يكون شريط ألوني قطعة فنية نادرة، وقد لا تكون قدرته علي ادارة ممثليه محكمة بالكامل، الا أنه قدم عملاً مثيراً للاهتمام، قد يصعب علي سينمائي فلسطيني أن يعبّر عن حبه للفلسطينيين كما فعل هو بهذا الحس المرهف.

بلديون ، أو الاسم العالمي أيام المجد ، هو أفضل مشاركة عربية من المخرج رشيد بوشارب، الذي يثير ضجة سياسية كبري في فرنسا هذه الأيام. وهو يعرض في أكثر من 500 دار عرض فرنسية ويلقي اقبالاً واسعاً من المشاهدين بسبب موضوعته.

الفيلم يحكي عن أكثر من 400 ألف متطوع مغاربي قاموا بمحاربة الألمان (الي جانب فرنسا) في الحرب العالمية الثانية، ومصير 4 منهم بالذات. دور هؤلاء المتطوعين التاريخي في الحرب وتهميش دورهم في كتب التاريخ الفرنسية، التي تنسب الفضل في دحر الغزاة الألمان الي الجيش الفرنسي الأبيض والمقاومة الشعبية الفرنسية، ومن ثم المعاملة العنصرية التي لاقاها هؤلاء المغاربة علي صورة دفع معاش تقاعدي بخس يعادل عُشر ما يتلقاه رفاقهم من الفرنسيين.

ومنذ أيام قليلة قرر الرئيس الفرنسي جاك شيراك رفع معاش هؤلاء عدة أضعاف، في خطوة توصف علي أنها ردّة فعل علي ما يدور من نقاش في البلاد، أو ربما (كما قال صديق باريسي مُقرّب) أن شيراك يريد هنا كسب أصوات الجالية المغاربية الكبيرة في الانتخابات القادمة.

والجدير بالذكر أن الممثلين الأربعة حازوا بشكل جماعي علي سعفة أفضل أداء في مهرجان كان الأخير.

أحلام للمخرج العراقي محمد الدراجي، ليس أكثر من جهاد سينمائي. فالحب دون حدود للسينما لا يولد بالضرورة سينما جيدة. والملفت للنظر أن طموح الدراجي لم يتعد حدود ما توفر له من دعم مالي وممثلين وكواليس بغدادية، فبدا الشريط بمجمله كطبخة تمت بسرعة، نضجت بعض محتوياتها وظلت الاخري فجّة وثقيلة علي المعدة. النتيجة :110 دقائق من لهجة عراقية جميلة، لا أكثر ولا أقل.

الجزائرية جميلة صحراوي كانت أطيب حظاً في تحقيق فيلمها بركات . اخراج بحرفية ماهرة وأداء كبير من الممثلتين رشيدة براكني وفطومة بوعماري. لكن لماذا كل هذا الايقاع البطيء الذي يذكّر بالمسلسلات التلفزيونية السورية الرديئة؟ ولماذا هذا العزف المنفرد علي العود كخلفية فجّة في كل أفلام الطليعة والنخبة السينمائية العربية؟

مسك الختام جاء هذه المرة من وودي ألين (مواليد 1935) في أحدث أفلامه سكوب . الذي وكما في فيلمه السابق ماتش بوينت حققه في انكلترا.

وودي ألين الذي ركز اهتمامه علي كوميديات اجرامية خفيفة في التسعينات وما بعد، تاركاً أجواء المثقفين النيويوركيين المشحونة بالنزاعات والخيانات الزوجية والعائلية، وزيارات هؤلاء، بما في ذلك هو نفسه، الي الطبيب النفساني.

هنا أيضاً تعمل معه الساحرة سكارليت جوهانسون، أما خفة روحه وفكاهته فانها لم تكن أفضل من قبل، فهذا الرجل هو كالنبيذ الجيد، كلما عتق كلما أصبح أفضل. * ناقد سوري مقيم في الدانمارك

القدس العربي في 7 أكتوبر 2006

 

سينماتك

 

"انا التي تحمل الزهور إلى قبرها" فيلم هالة العبدالله وعمار البيك

ثلاث نساء في عاصفة 25 عاماً

بشار ابراهيم

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك