تجربة جديدة لا أنكر انني شعرت بالخوف من اجتيازها.. ما أصعب هذا الاختيار الذي رشحني له زملائي من النقاد وكتاب السينما.. فإن النجاح أو الفشل سينسبان إليٌ.. وكم سيكون نصيبي من الحجارة التي يمكن أن أتلقاها.. وذلك بالرغم من انني خضت هذه التجربة من قبل ولكن من موقع آخر في كل الدورات السابقة علي مدي 22 عاما.. وتلقي هذا المهرجان الضربات من كل جانب.. فالبعض يركز علي السلبيات فقط متجاهلا ايجابياته.. لكن المتابع للسينما ومحبها استمتع في معظم دوراته بمشاهدة أفلام جديدة جيدة.

لا ننسي مثلا الفيلم الافغانستاني 'أسامة' الذي عرض لأول مرة في مصر في قسم البانوراما.. وهو الفيلم الذي جسد معاناة المرأة أثناء حكم طالبان.. ولاننسي دورات الناقد الكبير رءوف توفيق والمخرج الاستاذ الدكتور محمد كامل القليوبي.. ولاني عشت مهرجان الاسكندرية منذ بدايته وحتي الآن كان لابد أن ابدأ بالسلبيات منها التنظيم الذي افتقده المهرجان.. ولكي نتلافي ذلك قسمنا المسئوليات بالنسبة لفريق العمل الذي يعد علي الاصابع.. فأصبح كل مسئول عن العمل الذي يقوم به.. لم يكن احد يتدخل في عمل الآخر ومن ثم جاء الاحساس بالمسئولية.. أما الجزء الاهم فهو الميزانية التي استطعنا ان نجد لها حلا عن طريق الوزير الفنان فاروق حسني الذي بعث برسالة الي وزير المالية بتمويل المهرجان والذي تفضل مشكورا بصرف المبلغ المطلوب. التفكير يؤرقني والمهام لا تنتهي فلا استطيع النوم.. أو أنام ولا أدري بنفسي من شدة الارهاق.. وتمر الايام لنبدأ العد التنازلي لاقامة المهرجان وتتحول جمعية كتاب ونقاد السينما في شارع عرابي الي خلية من النحل.. الكل يعمل.. حركة الافلام التي تأتينا من الخارج في آخر وقت لأنها تجيء من مهرجان آخر وليس مباشرة من بلدها.. الرقابة والتي خصص فيها مدير الرقابة الاستاذ علي أبوشادي رقباء لمشاهدتها والسهر عليها حتي الانتهاء منها.. وقد رفض منها القليل واجيز الكثير.. وهو ما يدل علي تعاون الرقيب المستنير الذي يحس بالمسئولية فهو يقيم المهرجان القومي ومهرجان الاسكندرية والذي يعرف جيدا كيف يعمل مهرجانا ناجحا.. الكتالوج الذي لم تنته طباعته حتي اليوم الاخير.. لنبدأ في العد التنازلي لموعد المهرجان.. هل انتهينا من الدروع التي سنكرم بها الفائزين والمسئولين.. أين الدروع.. وأين عروس البحر.

الرسالة التي أسعدتني

وجاء يوم الافتتاح حيث يكرم المرء أو يهان.. لاتلقي رسالة رقيقة بعث الي بها وزير الثقافة الفنان فاروق حسني.. رسالة اثلجت صدري وطمأنتني هذه الرسالة الخارجة من القلب لتدخل قلبي واسمحوا لي أن أكتبها:

' كنت أود أن اكون بينكم لنحتفل معا بافتتاح مهرجان الاسكندرية الدولي في دورته ال 22 مقدرا مدي ما بذلتموه من جهد لافتتاح هذا المهرجان العزيز علينا جميعا ولمست بنفسي مدي اهتمامكم بالمهرجان وحرصكم الشديد علي اظهاره بالشكل اللائق لمكانة الاسكندرية وجمعيتكم.. كما كنت أود أن أكون بجانبك كأول سيدة ترأس مهرجان الاسكندرية منذ انعقاده لولا أن ظروفا طارئة حالت دون ذلك.. ولا يسعني الا تقديم خالص شكري وتقديري لجميع من ساهموا وشاركوا في هذا المهرجان متمنيا لهم ولك علي وجه الخصوص النجاح والتوفيق في هذه الدورة ليس فقط لما يمثله هذا المهرجان من أهمية ثقافية واطلالة واسعة علي الفن السينمائي.. ولكن بما يمثله من أهمية علي المستوي الشخصي وما أحمله له من ذكريات جميلة.. وأكرر أسفي لعدم التواجد معكم للاحتفاء بهذا المهرجان الذي نتمني له جميعا في هذه الدورة بالذات أن يلقي النجاح علي أيديكم كما أعرب لكم عن خالص أمنياتي للسادة القائمين علي المهرجان متمنيا أن يكتمل المهرجان علي أكمل وجه وبالصورة المشرفة التي تليق بالوطن الذي نحبه جميعا مع خالص اعزازي وتقديري.. وتفضلوا بقبول وافر الاحترام وزير الثقافة فاروق حسني'

ومر يوم الافتتاح بنجاح.. ونمت بعمق من كثرة الارهاق الذي يتطلبه الافتتاح.. ودارت عجلة العمل كل يوم يمر بنجاح أحس بالفرحة تغمرني.

أما الندوات التي اقيمت.. منذ حضرها عدد كبير من الجمهور السكندري خاصة ندوة الفيلم المصري 'لعبة الحب' الذي عرض بحضور كل فنانيه.. لقد تجمهر الشعب السكندري علي باب السينما لمشاهدة نجومهم المفضلين.. كم احسست أن الجمهور السكندري يحب نجوم الفن.. أيضا ندوة سينما الوجوه الجديدة التي امتلأت صالة العرض فيها بالجمهور.. وشارك فيها صناع السينما الجديدة التي يمكن أن تقف بصمود أمام السينما الكوميدية التي يطلق عليها سينما الشباب.. وهي التجربة التي نجحت بالنسبة لفيلم 'أوقات فراغ'.

بوسي.. نور حبيبي دائما

هل هي صدفة أن يكرم الفنان نور الشريف عن مجمل أعماله من خلال ندوة المقاومة.. وان يكرم هذا العام اثنان من الفنانين هما بوسي وعزت العلايلي.. وهو ما تعود أن يكرم كل عام نجمين.. لم يعتذر نور.. ولم تعتذر بوسي.. وأنا أحب الاثنين نور أحد رموز السينما المصرية التي سبق أن قدمت مذكراته منذ سنوات طويلة وكان مازال شابا يافعا.. وذلك لانني احسست انه سيكون نجما كبيرا ووجه لي البعض اللوم لماذا نور الشريف في ذلك الوقت وهو شاب مازال أمامه مستقبل طويل؟ وذلك بعد أن قدمت مذكرات كبار النجوم.. كتب هذه المذكرات وهو نائم علي سريره في المستشفي يعاني من انزلاق غضروفي ويحتاج لجراحة.. وكان نور يحس وقتها بقرب أجله.. ولا أعرف لماذا؟

لقد عاني 'جابر' هذا الشاب الذي ولد يتيما وربته عمته هو واخته عواطف في السيدة زينب عند عمه البقال وعمه النجار اللذين استفاد منهما الكثير الذي ترسب بداخله وأصبح يضم مخزونا كبيرا أجل تجسيده علي الشاشة ليصبح 'نور الشريف'.

انه توارد خواطر تأتيني وأنا اتابع نور وبوسي اللذين شهدت قصة حبهما منذ كانت بوسي تمثل في برامج الاطفال 'بندق ولوزة' مع الفنان الكوميدي عبدالمنعم ابراهيم ثم انضمت الي عائلة 'القاهرة والناس' المسلسل الناجح الذي اشتهر نور من خلاله. لقد مرت 34 عاما علي قصة حبهما وزواجهما وارتباطهما طوال هذه المدة ليضربا لنا اكبر مثل علي استمرار الحياة الزوجية بين الفنانين انتجا خلالها الكثير من الافلام.. والبنات 'سارة' و'مي'. كان نور نجم ندوة المائدة المستديرة عن المقاومة تحدث ببساطة وسلاسة كمناضل وسياسي: وكان الاقبال كبيرا علي الندوة التي شارك فيها المخرج اللبناني المعروف 'جان شمعون' بفيلم 'ارض النساء' عن دور المرأة في المقاومة لم تكن المناسبة تؤهله لتلقي أسئلة شخصية.. وأهدت ادارة المهرجان درع الجمعية وهو أكبر جائزة لنور عن أعماله في السينما.. ولكنها كانت توصله لندوة بوسي التي اقيمت بمناسبة تكريمها في اليوم التالي.. وقد يتساءل البعض لماذا تكريم بوسي؟ وردا علي هذا التساؤل.. رأيت بوسي طفلة عمرها حوالي 10 سنوات وهي تمثل مسرحية للأطفال اسمها 'الحذاء الاحمر' متمكنة من نفسها كممثلة مسرحية.. وفي 'لوكاندة الفردوس' كانت الاخت الصغيرة ضمن أربع فتيات.. بنات أمين الهنيدي.. وانطلقت بوسي من المسرح والتليفزيون الي السينما.. مثلت حوالي 80 فيلما .. الافلام التي شاركت فيها زوجها واستاذها نور الشريف.. وهي 'حبيبي دائما' و'العاشقان' و'آخر الرجال المحترمين' وغيرها.

لم اكن اتوقع هذه الاجابة الدبلوماسية وغزارة المعلومات التي تحدثت فيها بوسي بثقة وانطلاق.. لم ترفض بوسي الاجابة علي أي سؤال خاصة عن علاقتها بنور.. ولماذا انفصلا.. وهل هناك أمل في عودتهما.

أكدت بوسي انهما لم ينفصلا فهناك أشياء مهمة تربطهما أهمها بناته 'سارة' و'مي'.. وان نور رمز من رموز السينما المصرية تعتز به.. وحينما قيل لها هل هذا قرارك الاخير وهل يمكن أن ترجعا لبعضكما.. قالت: لست في علم الغيب.

وعندما سألها البعض الي أي مدي تحبين نور ضحكت ضحكتها المميزة 'المجلجلة' نور.. حبيبي دائما

كانت ندوة بوسي من أحسن وأنجح الندوات عشنا طوال ساعتين وأكثر رحلة بوسي الفنية والشخصية منذ طفولتها حتي الآن مرورا بزواجها من نور الشريف.

شمعون ومي.. زوجان في الحياة.. وفي النضال

عرفت جان شمعون مخرج أفلام المقاومة وزوجته المخرجة مي المصري من خلال مهرجان قرطاج في احدي دوراته في بداية الثمانينات حيث عرض له فيلم 'زهرة القندول' وهي زهرة جميلة ولكن اذا لمستها سيجرحك شوكها.. هذه الزهرة ترمز في هذا الفيلم للمقاومة.. هذا الفيلم الذي فاز بالعديد من الجوائز في مهرجانات دولية.. لقد درس شمعون السينما بسان فرانسيسكو وعاد الي لبنان ليقدم سينما المقاومة التي لم تكن موجودة في ذلك الوقت.. والوحشية التي تقوم فيها اسرائيل بقمع شعوب المنطقة.. استطاع جان شمعون منذ سنوات ان يرصد حالة الصمود والتحدي للمواطن العربي الذي يناضل من أجل قضيته العادلة ومحاولة التحرر من قبضة المحتل هذا رغم انه ماروني ينتمي لعائلة كميل شمعون الرئيس الاسبق للبنان والذي اطلق عليه لقب الخروف الاسود.. أو الخروف الضال.

The black cheep of the Family

ارتبط بمي المصري وهي فلسطينية لتصبح رفيقة كفاحه التي وهبت حياتها هي الاخري من أجل نفس القضية وقدمتها في ابلغ صورة في فيلم 'أحلام المنفي'.. لقد جاء شمعون مع فيلمه 'أرض النساء' وهو فيلم تسجيلي وثائقي عن نضال المرأة.. اختار فتاة من مخيم شاتيلا التي عاشت فيه وهي صغيرة.. وعندما وعت القضية كاملة بعد ان استشهد ثلاثة أشقاء لها ­ فقررت أن تذهب الي الجنوب تقاتل من أجل قضية الوطن وحريته.. فتسقط في أيدي هؤلاء العنصريين وتسجن في معتقل الخيام البشع الذي لاقت فيه العذاب.. حتي تحرر الجنوب اللبناني عام 2000 البطلة اسمها 'كفاح عفيفي' وهو الاسم الحقيقي لها جالت بنا في الاماكن التي عاشت فيها.. في السجن من وراء القضبان.. في المدافن التي دفن بها أشقاؤها الثلاثة.. لتحس بالصدق والحقيقة ولتثبت ان النساء ربما يكونون أقوي من الرجال في الصمود والنضال.

'يوم آخر'..  والثنائي الثالث

وثنائي لبناني آخر هما جوانا حجي وخليل حوريجي.. زوجان في الحياة وأيضا في النضال قدما فيلمهما 'يوم آخر' الذي نالا عليه جائزة أحسن انجاز فني في المهرجان وذلك للانسجام بين مخرجين في عمل واحد وتحقيق وحدة أسلوب مميز.

يقدم الفيلم مشكلة ازلية.. وهي مشكلة الحرب الاهلية المروعة التي عاشها لبنان علي مدي 15 عاما.. دمر فيها كل شيء .. مأساة انسانية بشعة يركز فيها الفيلم علي مشكلة المفقودين في الحرب الاهلية حوالي 18 ألف لبناني لا احد يعرف حتي الآن أين ذهبت جثثهم.. ويظل المأتم قائما سنوات حتي ينتهي الحداد ويبلغ أهاليهم. انه قدر .. مأساة الحرب والمفقودين وأهاليهم.

يناقش الفيلم محنة الأم التي تنتظر عودة زوجها المفقود في الحرب.. تنظر في المرآة الي حال جسدها الذي ذبل.. تخاف من شبح الزوج الذي يحاصرها في كل مكان كي يعاقبها علي نسيانها له بعد أن اخلصت له لابسة الحداد طوال هذه السنين.

وكانت قد انجبت منه هذا الشاب الذي يحاول طوال الليل البحث عن حبيبته لبنان.. تطوف بنا الكاميرا الي احياء لبنان الحزين.. لتبين ماذا فعلت الحرب بها.

وشباب لبنان الهائم علي وجهه في طرقات المدينة تحت الاعمار.. وذاكرة الحرب الاهلية.. وتلعب الموسيقي دورا هاما في تجسيد المأساة.

أهم جوائز للفيلم اليوناني.

فاز الفيلم اليوناني 'كورال هاريتون' بأهم جائزتين في المهرجان وهما جائزة أحسن فيلم، وجائزة أحسن اخراج لجريجوريوس كارانتيناس.. وذلك لانه يعبر بخيال مبتكر وبصورة سينمائية حية ومميزة في عالم قرية ترزح تحت الحكم الديكتاتوري كاشفا مساويء هذا النظام الذي يعمل ضد الحياة، ولتمكنه من خلق عالم مبهج بصورة ساخرة ولقدرته الفريدة علي الانتقال من الملهاة الي المأساة.

في هذه القرية الصغيرة التي يعيش أهلها علي الفطرة.. تدور حياة سكانها حول المسابقة الموسيقية السنوية التي تعتبر الحدث الرئيسي علي مدار 50 عاما.. حيث يقوم هاريتون ناظر المدرسة الذي يتمتع بشخصية ساحرة ويقود فريق مدرسته ليظهر فجأة قائد عسكري طموح 'ديمتريوس' بهدف اعادة النظام لهذه البلدة.. يمارس العنف بأسلوبه الديكتاتوري.. ويأمر أن يغير كورال هاريتون بأمر عسكري ليحل محله نشيد عسكري.. ويدور الصراع بينه وبين هاريتون حول هذا الموضوع.. كما يتنافس الاثنان علي حب المدرسة هيلينا.. يقدم الفيلم بشكل رومانسي ساحر كما تلعب الفانتازيا دورا هاما.. أيضا الحلم والحب والوفاء والتفاؤل وبراءة الاطفال رغم كل شيء لتحقيق حلم 'هاريتون'.

فرحة الفوز

فرحنا بالفيلم المصري 'لعبة الحب' انتاج جهاز السينما الذي فاز بجائزتين داخل المسابقة الرسمية للمهرجان الذي يضم هيئة تحكيم دولية.. وهما جائزة العمل الاول للمخرج الشاب محمد علي.. وجائزة أحسن ممثل لخالد أبوالنجا.. وذلك لتعبير الفيلم عن واقع العلاقة بين الرجل والمرأة بواقعية وصدق في مصر الآن.. واداء خالد أبوالنجا المتميز بالبساطة والصدق.

اعتقد ان هذه الدورة نجحت الي حد ما وذلك بتشجيع الوزير الفنان فاروق حسني.. والتنظيم المميز الذي حققه لنا محافظ الاسكندرية الجديد اللواء عادل لبيب والافلام المتميزة من دول المتوسط والندوات الناجحة وفرحة الفوز بجوائز الفيلم المصري.

أخبار النجوم في 14 سبتمبر 2006

 

"حبل" و"غسيل" و"شوربة سمك".. "صباح الفل" يا اسماعيلية

مهرجان السينما التسجيلية يحقق الهدف! ومشاركة مصرية قوية ولبنان وفلسطين صنٌاع الفرحة

محمد عدوي 

الناقد سمير فريد يرصد هو الآخر حركة المخرج رشيد مشهراوي أحد أضلاع المربع الذهبي من المخرجين السينمائيين الفلسطينيين كما يطلق عليه فريد ويقول: رشيد وضع مع زملائه فلسطين علي خريطة السينما في العالم بمواهبهم الأصيلة وثقافاتهم العصرية ومواقفهم السياسية الواعية التي تقوم علي استرداد حقوق شعبهم بالوسائل المناسبة في الأوقات المناسبة بما في ذلك المقاومة المسلحة.

ويقول عن الفيلم: عنوان الفيلم 'أخي عرفات' يوحي بأن المخرج يعتبر الزعيم الفلسطيني بمثابة أخيه ولكن الفيلم عن ياسر عرفات من خلال شقيقه في الحقيقة الطبيب فتحي عرفات مؤسس الهلال الأحمر الفلسطيني والذي ارتبط بصداقة شخصية مع رشيد مشهراوي وأكثر الناس يعرفون عرفات الزعيم ولكنهم لا يعرفون عرفات الطبيب.

فلسطين/ لبنان

دائما وأبدا لمهرجان الإسماعيلية دور سياسي ربما استمده من أرض المقاومة التي يقام عليها المهرجان وربما لأنه يأتي دائما في أوقات يشتد فيها الصراع ويصبح من الضروري أن يتخذ المهرجان موقفا تجاه هذه الأحداث.. في أعوام سبقت كانت فلسطين ولاتزال بالطبع محور الأحداث.. فتم تكريم طلال أبورحمة المصور الفلسطيني الذي صور للعالم صورة الدرة.. وبعده عرض الفيلم العراقي أمس بغداد واليوم يتم تكريم المخرجة الفلسطينية اللبنانية 'مي المصري' وهي المخرجة التي يحتفي بها المهرجان دائما منذ أن فازت في النسخة الخامسة من المهرجان عام 2001 بفيلمها المتميز 'أحلام في المنفي' فرأست لجنة التحكيم الدولية في العام الذي تلاه.. وها هي مكرٌمة هذا العام وسوف يعرض لها أحلام في المنفي الذي نال 14 جائزة دولية.. وكذلك فيلم 'بيروت الحقيقة.. الكذب والفيديو' الذي يقدم التحولات التي يعيشها الشباب اللبناني في بيروت منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحتي الآن.

ومي المصري مخرجة لبنانية من أصل فلسطيني ومتزوجة من المخرج جان شمعون.. ويقدم لها المهرجان كتاب 'سينما الأحلام' من تأليف فجر يعقوب.

الإمارات

يحتفي المهرجان أيضا هذا العام بالسينما الوليدة.. سينما الإمارات والتي يعرض لها 'دستة' أفلام كاملة من بينها 'عرج الطين' و'جذور وبذور' الأفلام التي أنتجت هذا العام للمخرجين سعيد سالمين المري وسعود مروش.

وهذه الإطلالة علي سينما الإمارات جاءت في وقتها بعد أن بزغت شمس بعض الأسماء الإماراتية مثل المخرج هاني الشيباني وجاسم السلطي ولمياء فرقاش في عالم السينما وآن الأوان ليتعرف شعب المهرجان علي هذه السينما التي تشق طريقها بنجاح.

المشاركة المصرية

تشارك مصر هذا العام بنخبة من الأفلام في المسابقة الرسمية وخارجها.. حصل معظمها علي جوائز مهمة فيعرض داخل المسابقة أفلام 'صباح الفل' للمخرج شريف البنداري وهو الفيلم الروائي القصير الذي حصل علي جائزة الصقر الذهبي في مهرجان روتردام وجائزة محمد شبل للأفلام الروائية القصيرة والفيلم من بطولة النجمة هند صبري.

كما يعرض الأفلام التسجيلية 'البنات دول' للمخرجة تهاني راشد وهو الفيلم الذي أحدث ضجة عند عرضه في مهرجان 'كان' السينمائي الدولي ومهرجان معهد العالم العربي بباريس ومهرجان كورنتر السينمائي الدولي في كندا.

كما يعرض فيلم مكان اسمه الوطن للمخرج تامر عزت وهو الفيلم الذي نال العديد من الجوائز وآخرها جائزة مهرجان روتردام السينمائي.. كما يعرض داخل المسابقة أفلام التحريك المياسسترو لمنصور محمد وصالة التحرير لزينب زمزم.

أما خارج المسابقة فتعرض أفلام 'الشباك' لياسمينا صلاح و'أنوش الظل' و'الفرسان' لعادل البدراوي 'وسكة حديد' لهديل حسن.

المسابقة

تشهد الأفلام المصرية كالعادة داخل المسابقة الرسمية منافسة قوية حيث تعرض أفلام أخري كبيرة.. ففي الأفلام الروائية تقدم إيطاليا فيلم 'الحبل' للمخرج ليو أليساندرو ليسوني وهو الفيلم الذي يحكي عن حبل يصل بين شرفتين تطلان علي نفس الشارع وتستعمله سيدتان ايطالية وعربية لنشر الغسيل فهل تكون مشاركتهم للحبل سهلة أن سوف تحدث مشاكل أخري.

ومن الحبل إلي 'الغسيل' وهو اسم الفيلم النرويجي الذي أخرجه السوري هشام الرعوقسي الذي يقيم هناك.. ويقدم فيلما جديدا للمهرجان بعد فيلم 'الباب' الذي شارك عام .2001

كما تقدم اليونان فيلم 'قواقع لولو' للمخرج باتايوني فاقوتي وتقدم استراليا فيلم 'شيء متميز' للمخرجة ديني ينتيكوست.

أما فرنسا والتي تنافس دائما علي مراكز متقدمة في المهرجان فتقدم هذا العام فيلم 'السيد إتيبن' للمخرج يان شايا.

ومن اسبانيا يأتي فيلم 'طول الموجة' للمخرج خوسيه ماري جوبناجا.. ويأتي فيلم 'اليوم الأول' في حياتي للمخرج ديفيد أولوث من كندا.

وفي مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة تعرض أفلام 'تصوير تحت النار' للمخرج الألماني ساشا مرزويف الذي يقدم مغامرة طويلة في مطاردة ثلاثة من مصوري رويترز.. ألماني وفلسطيني وإسرائيلي.. وهو الفيلم الذي عرض في مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي، ومن المكسيك يعرض فيلم 'لا أحد' ومن جمهورية التشيك يقدم المخرج الكسندر مانك فيلم 'دفتر أحوال شوتكا'.. أما المخرج دانيل شفاتس فيقدم من إنتاج فنلندا وفرنسا وألمانيا وسويسرا فيلم 'الإرهاب الأبيض' حول النازية الجديدة في السويد.

وفي مسابقة الفيلم التجريبي تعرض أفلام 'رادار' و'شوربة سمك' من ألمانيا، ومن أرمينيا يأتي فيلم 'أن تموت هو أن تعيش' و'شالازي' من أمريكا و'ووشي' من النرويج وفيلم المخرج الفرنسي جابريل بريو 'حتي لو كانت مجرمة' الذي شارك في نابولي وبرلين وروتردام وتورنتو سوف يتم عرضه داخل المسابقة.

وفي السينما التسجيلية القصيرة سوف يتم عرض أفلام 'العبور' من فرنسا، 'الحاجز' لقاسم عيد من العراق، و'أين الرجال المفقودين' من العراق أيضا.

ومن السعودية يشارك داخل المسابقة لأول مرة فيلم 'حلم الطريق' للمخرج نضال الدمشقي، ومن لبنان يعرض فيلم 'وجوه معلقة علي الحائط' للمخرج وائل ديب.

ورشة وندوة

يقام علي هامش المهرجان ورشة عمل تحت عنوان 'الذات والمدينة' وهو المشروع الذي يقام بالتعاون مع مشروع قافلة السينما العربية الأوربية وشركة عمان وتتيح الورشة إنتاج أفلام تسجيلية تعبر عن أوان صانعيها وتنقل إحساسهم بالمكان وهو فرصة لعشاق السينما في مدينة الإسماعيلية لتقديم أفلام جيدة لأول مرة.

كما يقام أيضا ورقة عمل وندوة حول شعرية الفيلم التسجيلي والقصير والفيلم الشاعري.

الجوائز

يمنح المهرجان العديد من الجوائز المالية والمعنوية فبالإضافة للمقابل المادي يمنح المهرجان للأفلام الفائزة في كل فرع من فروع المسابقة وهي مسابقة الفيلم التسجيلي القصير، ومسابقة الفيلم التسجيلي الطويل ومسابقة الفيلم الروائي القصير ومسابقة الفيلم التجريبي ومسابقة فيلم التحريك.. كما تقدم الجمعيات والمؤسسات السينمائية جوائز مالية وعينية أخري.

لجنة التحكيم

يشارك في لجنة التحكيم الرسمية للمهرجان نخبة من السينما في العالم علي رأسهم المخرج محمد كامل القليوبي رئيسا والناقد بندر عبدالحميد من سوريا والمخرجة سوثيا هرمان وولز من هولندا واندرو شريكنت مدير مهرجان أوسيان ستيلفيان من الهند والمخرج لوثارو ونوفمتيز دي اركو من الأرجنتين والمخرج دافيد ويفو من فرنسا.

بالإضافة إلي انغتال التميمي من العراق وهو مدير مهرجان الفيلم العربي بروتردام.

عروض

وكالعادة يواصل مهرجان الإسماعيلية عروضه داخل قصر الثقافة بالمجان لجمهور الإسماعيلية بالإضافة إلي العروض المجانية من الأندية والجامعات والشوارع وهي العروض التي تشهد إقبالا كبيرا كل عام.

أخبار النجوم في 14 سبتمبر 2006

أحوال البلقان

صربيا تفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية  

الفيلم التسجيلي الطويل 'دفتر أحوال شونكا' يصور مدينة بلقانية غائبة عن الخرائط، حاضرة في التاريخ.  

الاسماعيلية (مصر) - اعلن رئيس لجنة التحكيم الدولية للدورة العاشرة لمهرجان الاسماعيلية الدولي للافلام التسجيلية والروائية القصيرة محمد كامل القليوبي الجمعة فوز الفيلم الصربي "دفتر احوال شونكا" بالجائزة الكبرى للمسابقة التي تنظم في مدينة الاسماعيلية شمال شرق القاهرة.

والفيلم تسجيلي طويل من اخراج الكسندر مانيتش ويصور مكانا متفردا في البلقان وهي مدينة شونكا غير الموجودة على الخرائط ولكنها كانت يوما مدينة رومانية تاريخية.

كما فاز الفيلم ايضا بالجائزة التي تمنحها مجلة سينما الصادرة باللغة العربية في فرنسا.

وفاز الفيلم المصري "البنات دول" لتهاني راشد بجائزة افضل فيلم في الافلام التسجيلية الطويلة وفاز بجائزة لجنة التحكيم الفيلم الهندي "قوة السلطة الخاصة للقوات المسلحة عام 1958" لهاوبام بابان كومار وحصل الفيلم المكسيكي "لااحد" لتن دردامال على تنويه خاص من لجنة التحكيم.

وفي مسابقة الافلام التسجيلية القصيرة حصل الفيلم السويسري "سلام فيتنام" لروبرت مينيني ميورت على جائزة افضل فيلم.

وفاز الفيلم الفرنسي "مارغريت غارنر" للتونسي مصطفى الحسناوي بجائزة لجنة التحكيم ومنحت لجنة التحكيم تنويها خاصا للفيلم الفرنسي العراقي المشترك "اغنية الرجال المفقودين" لليث عبد الامير.

وفي مسابقة الافلام الروائية القصيرة فاز فيلم "محظوظ" لافي لوثرا من جنوب افريقيا بجائزة افضل فيلم وفي حين فاز الفيلم المصري "صباح الفل" لشريف البنداري بجائزة لجنة التحكيم ومنحت لجنة التحكيم تنويها خاصا للفيلم المكسيكي "اخبرني بماذا تشعر" لاريا جوميز كونشيرو.

وفي مسابقة افلام الصور المتحركة فاز فيلم "انيق" لدانييل وايروث من لوكسمبرغ بجائزة افضل فيلم وحصل الفيلم الفرنسي "نيران" لفلاديمير مافونياكا على جائزة لجنة التحكيم وقدمت لجنة التحكيم تنويها خاصا للفيلم السعودي "انتباه" لاكرم اغا.

وفي مسابقة الافلام التجريبية التي تمنح لاول مرة في المهرجان فاز الفيلم الالماني "شوربة سمك" لاليكسي تشيريني واولو براون بجائزة افضل فيلم وحصل الفيلم البريطاني "فيلم اسود" لاوزبرت باركر بجائزة لجنة التحكيم.

وعلى هامش المسابقات الرسمية منحت جمعية النقاد المصريين جائزتها للفيلم الارجنتيني"اعدام في فلورستا" لدييجو سيبالوس ونوهت بالفيلم الهندي "قوة السلطة الخاصة للقوات المسلحة عام 1958" الذي فاز ايضا بجائزة جمعية الاتصال من اجل التنمية.

ومنحت جمعية التسجيليين المصريين جوائزها لفيلم "البنات دول" و"اغنية الرجال المفقودين" و"مكان اسمه وطن" لتامر عزت.

الحياة اللبنانية في 10 يوليو 2006

 

على هامش مهرجان الإسماعيلية السينمائى الدولي

عندما ينتهك عرض البشر لا تقولوا: عادى!

أحمد يوسف 

خلال نشاطات مهرجان الإسماعيلية الدولى العاشر للأفلام التسجيلية والقصيرة، وفى الندوة التى أقيمت حول الفيلم اليابانى التسجيلى الطويل أيها المارينز عودوا لبلادكم من إخراج فوجيموتو يوكيشا، تقدم واحد من الرعيل الأول للنقاد السينمائيين المصريين، وأبدى اعتراضه لأن الفيلم ليس سينما لابد لها أن تحتوى على تقنيات وجماليات وأبعاد من ذلك النوع الذى يستغلق على الجمهور العادى فهمه، حتى تتاح للناقد الأخصائى أن يفحص الفيلم ويكتب الروشتة التى يجب على المشاهدين اتباعها للفرجة على الفيلم، وأعتقد أن ناقدنا الرائد كان يتحدث عن سينما بعينها فى رأسه، وليست السينما بالألف واللام، فإحدى مشكلاتنا المستعصية أن أغلب أساتذتنا قد توقف بهم الزمن عند كتاب قرأوه فى بداية حياتهم هو فى الأغلب الكتاب الوحيد الذى قرأوه أو حتى سمعوا عنه، وكان هذا الكتاب عن فيرتوف أو إيزنشتين مثلا، وبالكثير جان لوك جودار، ونسوا أن السينما ليست إلا وسيطا فنيا، يمكن ومن حقه وواجبه أن يستخدم أدواته لكى يصنع عشرات الأشكال والمضامين، مثلما تستطيع اللغة المكتوبة أن تنتج قصيدة أو ملحمة أو قصة قصيرة أو رواية أو مقالا أو تحقيقا صحفيا أو بحثا أو حتى معادلة رياضية، كذلك فإن السينما تمتد رقعتها إلى ما لا يمكن أن نحدده فى شكل فنى معين ذى مواصفات جاهزة.

وإذا كان مصطلح الفيلم الأنثروبولوجى على سبيل المثال كان أعجوبة عندما ظهر إلى الوجود خلال الستينيات والسبعينيات مع مخرجين جاءوا من ميدان علم الاجتماع مثل جان روش، فى فترة كان تحقيق مثل ذلك النوع من التوثيق والتسجيل صعبا باستخدام شرائط السليولويد والكاميرات المعقدة ومونتاج الموفيولا، فإن الفيلم البحث أصبح إحدى المنتجات المهمة فى عالم السينما التسجيلية العالمية المعاصرة، ليس فقط بسبب تقنيات الكاميرا الرقمية الخفيفة والمونتاج على أجهزة كومبيوتر منزلية، وإنما لأن ابتكار هذه التقنيات جاء فى نفس الوقت الذى احتشد فيه العالم بعشرات المشكلات الملحة خلال العقد ونصف العقد الأخيرين، بعد توالى كوارث مايسمى النظام العالمى الجديد الذى أنتجته السياسة الأمريكية المعاصرة الحمقاء، لكن الأهم من ذلك كله هو ظهور نوعية جديدة من السينمائيين، يدركون أهمية السينما كوسيط إعلامى جماهيرى، فدخلوا الساحة وقد عقدوا العزم على كشف مايقوم به الإعلام الرسمى هنا وهناك من التجهيل والتعتيم.

هل كان ظهور هؤلاء السينمائيين الجدد سببا فى زيادة الوعى الاجتماعى والسياسى لدى قطاع مهم من الجماهير التى تحركت لتمارس حركات نضالية حقيقية؟ أم أن ظهور هذا النوع من السينمائيين كان نتيجة وجزءا من تزايد هذا الوعى الاجتماعى؟ قد تكون هناك علاقة جدلية، فكلاهما سبب ونتيجة، كما أن وجود الوسائط الجماهيرية القادرة على تسجيل حركات النضال وتعزيزها ونشرها كان فى حد ذاته باعثا على وعى جماعى عالمى بالأخطار المحدقة بنا، وكان هذا الفيلم اليابانى أيها المارينز عودوا لبلادكم أحد تجليات هذا النضال، حين يحمل صانع الفيلم كاميرته ليسجل حركة نضالية محدودة لبضع عشرات من الناس العاديين ضد الاحتلال الأمريكى لقواعد عسكرية تقع بين اليابان وكوريا الجنوبية، تتخذها لتدريبات عسكرية لقاذفات القنابل التى يؤكد الفيلم أنها سوف تذهب بعد ذلك لكى تقتل شعب العراق ولبنان، حتى ينجحوا بعد سنوات فى تحقيق أهداف نضالهم. وعبر هذه السنوات الطويلة كان السينمائى يسجل الوقائع اليومية لهذا النضال، مثله مثل الآخرين، عليه أن يخوض نفس الأخطار التى قد تهدد حياتهم، وهو لا يعلم إن كان ذلك سوف يتيح له فى نهاية المطاف أن يصنع فيلما، وبعد ذلك نقول إنه لا يصنع سينما؟!

كان الفيلم البحث هو أحد الظواهر المهمة فى مهرجان هذا العام مثل الفيلم الفنلندى الفرنسى السويسرى المشترك إرهاب أبيض للمخرج دانييل شفايتسر، الذى ذهب إلى عدة بلدان تمتد من الولايات المتحدة حتى روسيا وعبر عدة بلدان أوروبية، ليسجل ظاهرة تصاعد النازية الجديدة التى تنتشر بين الشباب وتتذرع بضلالة الدفاع عن أسطورة نقاء الجنس الآرى، فى تناقض كامل مع أبسط مناهج العلم ومبادئ الأخلاق الإنسانية، ليدرك المتفرج أن العولمة بشكلها الأمريكى الراهن ليست إلا أكذوبة تخفى وراءها النزعة الإمبراطورية الأمريكية، التى تفرخ كل يوم تلك النزعات اليمينية المتطرفة، سواء كفعل مشارك أو رد فعل مناهض لهذه العولمة المزعومة، وبذلك تقسم العالم إلى مايطلقون على أنفسهم الجنس الأرقى والأنقى وآخرين لا يصلحون إلا عبيدا!! هناك أيضا الفيلم الأرجنتينى الرائع أُعدموا فى ميدان فلوريستا الذى يحكى كيف بدأت انتفاضة شعبية أطاحت برئيس الجمهورية الديكتاتور بعد صدامات مفرطة فى العنف، على إثر قيام أحد رجال الشرطة فى عام 2001 بقتل ثلاثة شبان فى مقتبل حياتهم دون سبب وهم يقضون وقتا طيبا فى مقهى ميدان فلوريستا، ومن هذا الحدث تولد وتنمو حركة سياسية يسجلها الفيلم بصبر بالغ وحساسية إنسانية مرهفة عبر سنوات، مما يجعلك تفكر كثير وتبكى كثيرا وتشعر بالمرارة العميقة.

هل هى المرارة من أن نقادا مصريين آخرين اعترضوا على هذه الأفلام لأنها ليست تسجيلية؟ هل تعرف لماذا هى ليست تسجيلية من وجهة نظرهم؟ لأنهم يقولون أن الفيلم التسجيلى يجب أن يتراوح بين عشر دقائق وعشرين دقيقة هكذا يمكن تعريف الأنماط الفيلمية بالمتر!! وجهل هؤلاء السادة أن الفيلم التسجيلى الطويل، الذى يعرض فى دور العرض الجماهيرية، أصبح أحد الأنماط الفيلمية المهمة، وبالصدفة فإن قاعات العرض الأمريكية نكرر: الأمريكية تعرض هذا الأسبوع وحده أربعة أفلام تسجيلية طويلة كلها تتمتع بوعى سياسى ناضج، مثل فيلم العراق للبيع: حول من أصبحوا أثرياء بفضل الحرب من إخراج روبرت جرينوالد، الذى يفضح تحالف شركات المقاولات والسمسرة التى يملكها عسكريون سابقون مع قادة البنتاجون لكسب عمليات البيزنس فى العراق، بل إن بعض هذه الشركات الخاصة تزعم أنها متخصصة فى المحققين والمترجمين الذين أرسلتهم لسجن أبو غريب مما أدى إلى موت المئات من العراقيين الذين لا علاقة لهم بالمقاومة. ومثل فيلم تعتيم أمريكى من إخراج إيان إينابا الذى يتهم الإدارة والإعلام الأمريكيين بسرقة نتائج الدورتين الأخيرتين من الانتخابات الرئاسية، أو فيلم الحقيقة من على أرض الواقع من إخراج باتريشيا فاولكرو الذى يسجل شهادات قدامى المحاربين الذين يؤكدون على تزييف حقائق التجنيد والتطوع فى الجيش، وتحويل الجندى الأمريكى إلى أداة للقتل بلا عقل ولا قلب، كما يحكى الفيلم عن تجارب حقيقية فى التعامل بعنف وحشى مع النساء والأطفال فى العراق، والقبض العشوائى على الأبرياء الذين قيدوا أحدهم من يديه أياما طويلة حتى أصيبت بالغرغرينا وانتهت إلى بترها، وبعد التحقيق اكتشفوا براءة الرجل!!

قلت إن هناك مرارة تغص بها النفس حين نقارن بين أحوالنا وأحوالهم، فنحن فيما يبدو لم يفهم أغلبنا ماذا تعنى السينما التسجيلية وكيف أصبحت متاحة للجميع بأبسط التكاليف والتقنيات لنصنع عشرات أو مئات الأفلام، ولن نحتار طويلا فى اختيار موضوعات الأفلام فنحن نعيش وسط ذلك الطوفان الكاسح من القهر الذى نعانيه وبذلك فإن السينما عندئذ سوف تؤدى جانبا مهما من دورها. كما أننا لم نبذل جهدا فى أن نرسخ من خلال مهرجان السينما التسجيلية هذا المفهوم الذى يمكن أن يكون مجسدا فى بانوراما حقيقية تجمع عشرات الأفلام التسجيلية التجارية خلال العام الذى مضى حتى نفتح الطريق أمام هذا النوع من السينما الذى مازلنا نجهله ونستهجنه لأننا مثقفون توقفوا عن النمو. كما أننا فى النهاية لا نملك ولو حركة سياسية واحدة فكرت أن تجعل السينما أحد وسائطها للتوثيق ونشر الوعى النضالى.

فى فلوريستا بالأرجنتين مات ثلاثة شبان على يد شرطى فتغير النظام السياسى، بينما ينتهك عندنا عرض الرجال والنساء على نحو روتينى ثم تمضى بنا الحياة كسابق عهدها ونقول تلك الكلمة المقيتة: عادى!! هناك قام السينمائيون والسياسيون من أجل تعميق الوعى الجماعى بعمل مشترك فى وحدة لا تنفصم باعتبار السينما سلاحا للنضال، فهل نعرف نحن حقا معنى النضال؟!

العربي المصرية في 24 سبتمبر 2006

 

مهرجان الإسماعيلية العاشر للأفلام التسجيلية

أفلام هذا العام أقل جودة من الأعوام السابقة

ماجدة عبدالبديع 

رغم وجود أفلام جيدة بمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية تستحق المشاهدة.. وهى حاصلة على جوائز دولية فى مهرجانات مهمة، إلا أن غالبية الأفلام جاءت دون المستوى، فهناك عدد كبير من الأفلام التى تتسم بالملل الشديد، وهنا تقع المسئولية على لجان المشاهدة والتى لا تتغير منذ سنوات، وكأنها مقررة على المهرجان، ولذلك يجب تجديد هذه اللجان ليس كليا ولكن على الأقل بإدخال عناصر جديدة قد تمثل إضافة وتساهم فى رفع مستوى الأفلام المشاركة بالمهرجان.

قوة السلطة الخاصة للقوات المسلحة 1958 وهو من أهم الأفلام التى عرضت بالمهرجان وقد حصل على"جائزة لجنة التحكيم"وهو فيلم تسجيلى طويل، من الهند، سيناريو وإخراج"هاوبام بابان كومار"ويمثل أقصى عنف للسلطة فى إحدى المقاطعات الهندية فى مواجهة الاحتجاجات الشعبية التى اندلعت عندما تم العثور على جسد سيدة تبلغ من العمر (32 عاما) بالقرب من التل فى ظروف غامضة، وقد اعتقد الناس أنه تم اغتصابها وبعدها قتلت.

وقد نال الفيلم من قبل جائزة لجنة نقاد السينما الدولية، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان"مومباى"السينمائى الدولى لعام 2006.

ومن الأفلام الجميلة والفائزة فى المهرجان، فيلم"صباح الفل"إخراج"شريف البندارى"وبطولة"هند صبرى"وهو فيلم روائى قصير، مدته 9 دقائق، وهو يتناول مأساة حياة المرأة العاملة فى مصر، والمعاناة اليومية الشديدة حتى تستطيع القيام بكل الأعمال الملقاة على عاتقها طوال اليوم، وحياتها التى تتشابه فيها الأيام، وفى حوار داخلى تكلم فيه البطلة نفسها، تقول لزوجها"أنا ساكتة على الشقا، وبادحلبلك عشان ساعة حلوة أقضيها معاك، لكن إذا كان الجواز كده، يبقى أنا عملت أكبر غلطة فى حياتى".

الفيلم يمتاز بالإيقاع السريع، والتدفق، من خلال الحوار المكثف على لسان البطلة"هند صبرى"التى استطاعت أن تعبر بجدارة عن تلك المعاناة، والتى أخطر ما فيها أنها أصبحت إنسانة"مبرمجة"، حيث إكتشفت بعد أن استيقظت من النوم، وأعدت طفلها على وجه السرعة كى تلحق بميعاد الحضانة، ثم ميعاد عملها أن هذا اليوم هو يوم"الجمعة"ففرحت فرحة غامرة وتمنت أن تكون كل الأيام فى حياتها"جمعة"حتى تستريح من هذا الشقاء الأزلي.

الفيلم فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة للأفلام الروائية القصيرة.

البنات دول

وفى مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة فازت المخرجة"تهانى راشد"بجائزة أفضل فيلم عن فيلمها"البنات دول"ويسجل الفيلم حياة عدة بنات تعيش فى شوارع القاهرة فى ظل عالم مليء بالعنف والقسوة من قبل المجتمع، وهن يعشن يوما بيوم، لا يعرفن كيف ستكون الحياة غدا، وليس لديهن أى تصور للمستقبل القريب.

والفيلم مدته 68 دقيقة وإنتاج عام 2006 ومخرجته"تهانى راشد"ولدت فى القاهرة، ولكنها استقرت فى كندا منذ عام 1966، وبدأت مشوارها كمخرجة فى عام 1973 بفيلمها التسجيلى"لإحداث التغيير".

محظوظ

ومن الأفلام"الروائية القصيرة"التى فازت فى المهرجان فيلم"محظوظ"إخراج"آفى لوثرا"من جنوب إفريقيا، وفاز بجائزة أفضل فيلم والمحظوظ هو اسمه وليس مصيره، إنه طفل الإيدز اليتيم الذى ترك قرية الزولو وهو فى حالة من اليأس الشديد بعد فراق والدته الراحلة، ولكنه كان عليه أن يتعلم الكثير عن الحياة الصعبة التى تنتظره.

أما الجائزة الكبرى للمهرجان فقد ذهبت لفيلم"دفتر أحوال شوتكا"وهو فيلم تسجيلى طويل مدته (78) دقيقة للمخرج"ألكسندر مانيتشى"وهو من"صربيا"وتدور أحداث الفيلم فى"مكان ما فى البلقان"، على حافة أوروبا، حيث يوجد مكان متفرد ليس له مكان على الخريطة، إنها"شوتكا"عاصمة روما فى العالم القديم.

وقد نال الفيلم عددا كبيرا من الجوائز العالمية.

وفى مسابقة أفلام التحريك فاز فيلم"أنيق"من"لوكسمبورج"بجائزة أفضل فيلم وهو من إخراج"دانييل دايروث".

وكان من أهم فعاليات المهرجان تلك الندوة التى أقيمت تحت عنوان"شعرية الفيلم التسجيلى والقصير""المفهوم والأبعاد"، وقد أعد ورقة العمل الكاتب والناقد"سيد سعيد".

إرهاب أبيض

من أهم الأفلام التى عُرضت فى المهرجان فيلم"إرهاب أبيض"وهو إنتاج"ألمانى، فرنسى، سويسرى"وهو فيلم تسجيلى طويل.. ويتناول قضية"النازية الجديدة"التى انتشرت من خلال شبكة مترامية فى أوروبا، وأمريكا الشمالية وروسيا.

هذا الفيلم من إخراج"دانييل شفاتيسر"وهو كاتب السيناريو كذلك.

يا مارينز عودوا لبلادكم

هو فيلم يابانى، تسجيلى طويل، إخراج"فوجيموتو يوكيشا"ويسجل المقاومة الشعبية الدءوبة والمنظمة لإحدى البلاد اليابانية التى ترفض وجود قاعدة عسكرية.

"مكان اسمه الوطن"إخراج"تامر عزت"، وهو فيلم تسجيلى طويل ويتناول أحوال أربعة شباب يتراوحون بين البرجوازية الصغيرة والمتوسطة.. وعدم قدرتهم على تحقيق أحلامهم وطموحاتهم فى مصر.. وتختلف رؤيتهم لمعنى كلمة"الوطن".

أغنية الرجال المفقودين

لقد حاول المخرج"ليث عبدالأمير"من خلال هذا الفيلم"العراق: أغنية الرجال المفقودين"أن يجيب عن هذا السؤال: ماذا يحدث فى هذه الدولة التى لم نعد نفهم ماذا يحدث بها؟ وأراد أن يقول إنه ميراث ثقافى واجتماعى وتاريخى شديد التعدد والتنوع والاختلاف، من خلال رجال وسيدات قضوا كل حياتهم فى العراق، والفيلم إنتاج"عراقى - فرنسى"مما أثار جدلا حول أثر التمويل الفرنسى على توجهات الفيلم، والنتيجة التى أراد الوصول لها.

مارجريت جارنر

هذا الفيلم من أجمل الأفلام التى عكست معاناة الزنوج فى الولايات المتحدة، وما لاقوه من عنصرية شديدة على مر السنين، وذلك من خلال قصة حياة"مارجريت جارنر"مغنية الأوبرا والتى قُتل زوجها، وكان الأمريكى الأسود فى تلك الفترة لا يعد إنسانا من وجهة نظر المجتمع الأمريكي.

والفيلم إنتاج"فرنسى"مدته 52 دقيقة، سيناريو وإخراج"مصطفى الحسناوى"وهو مخرج تونسى الجنسية.

وجوه معلقة على الحائط

فيلم لبنانى تسجيلى قصير، مدته (42) دقيقة، يصور معاناة أم لبنانية فقدت ابنها منذ سنوات عديدة، وليست لديها معلومات أكيدة من السلطات عما إذا كان ابنها مات أم تم اختطافه، وتعيش الأم"مريم"كل يوم على أمل أن يعود ابنها الغائب.

"بلا سقف"و"سراب"

هما فيلمان من الإمارات، استطاعا أن ينقلا لنا صورة واقعية للحياة هناك.. بدلا من الصورة الخاطئة التى تكرست لدى كثير من العرب والأجانب عن مستوى الحياة الاجتماعية والاقتصادية لشعب دولة الإمارات.. والتى يعتقد معظمنا أنهم يعيشون فى بزخ شديد.

واقع الحال كما جاء بالفيلمين.. أن هناك نسبة عالية من الشعب الإماراتى، وخاصة فئة الشباب يعانون من مشاكل البطالة، وعدم كفاية دخولهم لاحتياجاتهم الضرورية كالزواج وشراء مسكن، لدرجة أن الحصول على قرض أو منحة للحياة داخل منزل، أصبح حلما يتراقص أمام أعين الإماراتيين، وكان السؤال الذى طرحته"ميثاء إبراهيم"مخرجة فيلم"بلا سقف"هو: هل يتحول هذا الحلم إلى حقيقة يوما ما؟!!.

أما الفيلم الآخر"السراب"لمخرجه ومنتجه"عبدالحليم أحمد قائد"فقد اهتم بنظرة الأجانب والوافدين لشعب الإمارات، والذين يرون أن الخليجيين يعيشون على بئر كبير من البترول، ويتمتعون بثراء فاحش، بينما واقع الأمر أن هناك تناقضا شديدا فى أحوال الناس يتراوح ما بين الثراء الشديد والفقر.

حاجز سوردا

هو أحد الأفلام التسجيلية القصيرة - داخل المسابقة وينقل لنا المعاناة اليومية للفلسطينيين الذين يعبرون"حاجز سوردا"وهو نقطة تفتيش للجيش الإسرائيلى، تقع على الطريق بين"رام الله""وبير زيت"وهو من إخراج"قاسم عبد"وهو عراقى الجنسية وخريج معهد السينما بموسكو ومن إنتاجه كذلك.

الأهالي المصرية في 27 سبتمبر 2006

 

سينماتك

 

هل نجحت تجربة المرأة في رئاستها لمهرجان سينمائي دولي؟!

فرحة الفوز بجائزتي الفيلم المصري

بقلم: ايريس نظمي

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك