قبل المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار، والممثلة الإسبانية بينلوب كروز أن يقولا بعض الأشياء عن النساء والرجال في حياتهما. وهما قالا كل ما يمكنه أن يكون حميماً ومختصراً لشدة ارتباطاتهما المهنية. ولم تنس مجلة Inrockuptbles أن تقدم لفيلم "العودة" لألمودوفار باعتباره انتصاراً لتيمة سينمائية اسمها بينلوب كروز: فضائح ريموند فيلم "تربية سيئة" يروي قصة ذكورية. فيلم "العودة" على العكس منه يروي قصة أنثوية. "تربية سيئة" دراما يفرض إيقاعها نوعاً من السخرية والفكاهة المرة، فيما "العودة" يظل كوميدياً مع الموتى. "تربية سيئة" يدور من حول البطل، المبدع السينمائي، الذي يظل يلاحق القصة نفسها من خلال الأبطال أنفسهم، وكلاً على حدة (ذكريات الراوي، قراءة السيناريو، وفيما بعد الفيلم الذي يخرج من هذا السيناريو). وقد جاء أداؤهم ليركز على رسم مسار الحقيقة من جديد، وامتصاص الواقع السلبي الناشئ عن الذكريات، وفي القمة منها ذروة الخيال، وذلك من أجل مزج واستنباط كنه حياة الشخصيات. أما "العودة" فمن البديهي أنه يبدو أكثر تبسيطاً. هكذا مع كل فيلم تالٍ لآلمودوفار يصبح واضحاً أكثر فأكثر أن عمله ينصّب دائماً فوق الحكاية ـ وفوق الطرق البكر التي لم تتم دراستها فيها.. الطرق المباشرة التي تتضاعف وتتقاطع مع الطرق المميتة، وفيها كل تلك النهايات السعيدة، والندم الذي يحلق عالياً في أجوائها منذ البداية. والشيء الأخير المؤكد في هذا السياق أن فيلم "العودة" هو برهان على ذلك. وكما على الورق، كذلك على الشاشة، فيلم "العودة" يحكي قصة بسيطة عن ريموند، المرأة العادية التي تعيش وسط الناس العاديين (وهي قد ولدت لامانشا). ريموند في دورها ساهية وممتعة في آن، وصاحبة روح رائعة وقلب طيب (بينلوب كروز)، وهي ولديها زوج، ابنة، شقيقة، وخالة، ولكن ليس لديها أم، ولا تقوم بأي عمل، وهذه هي بداية الوضع الذي تتكدس من فوقه الأحداث قوية وميلودرامية وممتعة، ونتيجة ذلك تقلب ريموند كل شيء رأساً على عقب، وتستثير عاصفة من الفضائح من حولها. ووراء كل فضيحة ثمة فضيحة تلتصق بفضيحة أخرى حتى من قبل أن تجد ريموند حلاً لسابقتها، كما لو أن آلمودفار يحمل القصة ما يمكن أن يسمى في القواعد بـ"خرق الهدف"، أو تقطيع بنية الجملة، بحسب تعبير بتيت روبرت. وأكثر الأمثلة سطوعاً هو تعبير بلير باسكال الذي يقول فيه "لو أن أنف كليوباترة كان أقصر قليلاً، لتغير وجه الأرض". والسؤال الذي يلحق بكل هذا هو ـ ولكن لماذا؟ لماذا أراد آلمودوفار أن يدخلنا في هذه الكثافة الصاخبة من التداعيات؟ يمكن القول بطريقة أخرى إن فرادة "العودة" ثلاثية: أولاً لكي يمسك المشاهد بطرف الخيط، أو بكلمة أدق نهايات الخيوط المنفصلة في الفضائح، الأداء الذي يتطلب تمكناً كاملاً للقوانين الكلاسيكية، ولغة السينما. من جهة أخرى، فإن كل هذا الثراء لديه هدف واحد: آلمودوفار ينجح في أن يجعلنا نؤمن بوجود الشبح. هذه هي الأعجوبة الأولى. والثانية ليست بأقل أهمية، فالشبح الذي يدور الحديث عنه ليس واحداً، لذا يبدو الإيمان بوجوده بمثابة إعادة إنتاج شخصية مشابهة تظل ماثلة للعيان حتى عندما لا يعود بالإمكان رؤيتها. وهذا ما يجعل المشاهد يشكّ فعلاً بوجود واقعي للشبح، وفكرة الشك هي الأعجوبة الثالثة. فإذا لم يكن هناك شبح أما كان سيصبح الفيلم أجمل بكثير؟! لنعقد مقارنة ـ في الجزء الثاني من "شيميت" لهيتشكوك، وواقع أننا نعرف أن جودي (كيم نوفاك) ليست تقمصاً لمادلين، فإن هذا لا يخفف من البلبلة والرعب الذي نعيشه مع سكوتي "جيمس ستيوارت"، من خلال الظهور المباغت لجودي، كما إنه لا يمكن تفويت أن الشبح فوليفر (تعني بالإسبانية عودة) وقد أدته كارمن ماورا ـ الممثلة التي تواجدت دوماً في فيلم الإسباني (السادس من حيث الترتيب) قبل أن تختفي لسبعة عشر عاماً لم يكن اختيارها له بريئاً أو من دون دوافع. هذا هو "آلمودوفار" الذي لا يخفي أبداً تأثره بالكلاسيكيات الهوليودية العظيمة في أعماله وهو يحفر عميقاً في تقاليدها الفنية عندما يحفظ ملامحه كأوروبي (في فيلم "العودة" نحن شهود على تأثر آلمودوفار بالسينما الإيطالية فترة الخمسينات). في "العودة" يرجع آلمودوفار إلى مسقط رأسه في مدينة لامانشا، وبالتحديد إلى ذكرى أمه فيها. وهو يعود إلى شغفه المبكر بالسينما. وفي ظهوره الثاني في مهرجان كان (عندما حصل عام 1999 على جائزة أفضل مخرج عن فيلمه "كل شيء عن أمي")، تحول آلمودوفارإلى مخرج عالمي اشتغل على حكمة الفن السابع منذ زمن، وذهب في أبحاثه بعيداً، وقد استخلص كل العواطف التي تلزم أبطاله. واليوم لم يعد لديه أي سبب ليبرهن على ذلك، وما بقي له اليوم لا يتعدى أن يشهد هو نفسه فيه على حبه للنساء العاديات ـ كم هن شجاعات، وأرواحهن طيبة. فيلم "العودة" هو تكريم للمرأة وتقدير لتيمة سينمائية اسمها بينلوب كروز. بيدرو آلمودوفار: الفتاة العادية أكثر من أي شيء أمي: "العودة" معمول بتأثير ذكرى أمي، وأنا لا أتحدث فيه عنها بشكل مباشر، ولكن حضورها قوي فيه. الفيلم مستلهم منها، والبلدة التي صورنا فيها تبعد عشرات الكيلومترات عن مدينتنا لامانشا. والديكور الذي يحيط بها هو نفسه. وهي تمتلك الأجواء والأمكنة التي ترعرعت فيها: الحبو في مداخل البيوت قرب النهر. الحداد، فالناس هناك لديهم علاقة طبيعية مع الموت. وعندما بلغت أمي الخمسين من عمرها أوصت على لوازم الدفن ثلاثين عاماً قبل موتها، وهي لم تكن تعاني من أي مرض حينها. أنا لم أكن من الأطفال الذين يهرعون للجلوس في أحضان أمهاتهم. وكنت فتياً جداً عندما بدأت أحلم بمغادرة هذا المكان المتجهم. فالنساء فيه يلبسن الأسود، ولهذا أنا أحب هذا اللون. الحياة كانت تدور حول الدين، وأنا أردت أن أهرب على أن لا أعود أبداً. سافرت إلى مدريد، وأنا في السادسة عشرة من عمري، وكنت أعود في الصيف كي أرى أمي. في الواقع كنت أعيد اكتشافها بعد أن كبرت وبدأت أصنع أفلاماً. وهي كانت قد أصبحت مسنة وتذهب للقرية أحياناً لتعيش فيها. كانت مرحة إلى أبعد الحدود ولديها إطلالة امرأة حقيقية، ولا تتوقف عن المداعبة والمزاح أبداً، وكانت تكتب رسائل وأشعاراً للجيران. الكرنفالات في الحياة الإسبانية كانت ممنوعة بأمر من الجنرال فرانكو، ومع ذلك كانت تقيمها، وأنا من أجل هذا أنحني لها، فقد أدخلت السرور على قلب كل من عرفها فترة الظروف الصعبة بعد الحرب. أجبرتها على أن تمثل في أفلامي: (ماذا فعلت كي أستحق هذا؟ ـ نساء على حافة انهيار عصبي ـ كيكا)، وهي إطلاقاً لم تأخذ السينما على محمل الجد لاعتقادها أنني لا أعمل في مهنة جادة. وفي نفس الوقت كانت ممثلة رائعة، وشقيقاتي يقلن أن الأشياء الجيدة التي أملكها تعود إليها في واقع الأمر. شقيقاتي: لدي شقيقتان ـ أنطونيا وماري هيسوس ـ وشقيق واحد، أوغسطين، شريكي في إنتاج الأفلام. في "العودة" يدور الحديث عن شقيقتين، وعلاقتهما بأمهما. أنا أحب في الواقع أن أتحدث عن مشاعر الأخوة في أفلامي، فالعائلة، هي الموجه الذي يمكن الاعتماد عليه دوماً، وشقيقاتي اعتنين بأمي حتى آخر أيامها، وهن كن مستشاراتي في "العودة"، لأنهن يعرفن كل شيء عن تقاليد لامانشا، وساعدنني في مشاهد القرية، والأزياء، وهذا هو أول فيلم لي يساعدنني فيه. الجيران: هم جزء من العائلة. وفي آخر أيامها قضت أمي نصف وقتها في القرية، والجيران اعتنوا بها جيداً. في لامانشا، عندما يعود الرجال من أعمالهم ينتظرون من يخدمهم. وأبي كان كذلك أيضاً. النساء يعملن كل شيء في المنزل، الحقل، بمعنى ما هنّ عبيد. ولكن من جهة أخرى هن سيدات حقيقيات وأنيقات وحازمات، وأكثر تضامناً في ما بينهن. وفي القرى الإسبانية يستمر الوضع هكذا، ولهذا فإن الكثير من مواطني إسبانيا بكوا وهم يشاهدون "العودة"، فقد كان مرآتهم. الممثلات: ـ كارمن ماورا: التقيتها في مدريد فترة السبعينات وكانت قد أصبحت ممثلة مسرحية معروفة، وأنا كنت أعمل أفلام 8 ميللمتر، وهي شجعتني وآمنت بي كمخرج. عملت معي في كل أفلامي حتى "نساء على حافة انهيار عصبي". كنا ملتصقين بعضنا البعض، ودارت بيننا بعض المشاكل. وافترقنا بعد ذلك، وفي هذا الفيلم الذي تؤدي فيه دور الأم أردت أن أعبر لها عن امتناني، وهي قد وافقت على أن تظهر في فيلمي عجوزاً وغير متوازنة.. في الستين من عمرها، ولم تقم بأي عمليات جراحية. وكارمن لديها ملكة المحافظة على حسها الكوميدي حتى في أكثر المواقف درامية. أعبدها، أعبد هذه المبتسمة على الدوام. ـ جولييتا سيرانو، شوزلامبريفا، سيسيليا روت: لقد تعرفت إليهن في سنوات الثمانينات، وكان قد حل وقت موفيدا، أو المرحلة المسعورة في الإبداع والحياة. ومنذ البداية لعبن في أفلامي أدوار الفتيات العصريات الكارهات للريفيات وربات البيوت. لم يردن أن يرزقن بأطفال، وكما أجسادهن، كذلك كانت أرواحهن حرة وطليقة، وأنا أتحدث عنهن في فيلم "بيبي، لوسي، بوم وبقية فتيات الحي". وقد بقيت قريباً من جولييتا، وشوز لعبت دوراً في "العودة". ـ ماريزا بارديس: لقد عملت معي في كل أفلامي منذ البداية. لديها حضور طاغ واستثنائي، وهي بوسعها أن تهيمن على المحيط من حولها، بغض النظر عما إذا كانت في موقع تصوير أو على خشبة مسرح، وهذا الشيء فطري فيها للغاية. ـ فيكتوريا أبريل: كانت قد لمعت في حياتها المهنية وبطريقة عملها عندما بحثت عنها لأسند إليها درواً في "تعال وأحكم وثاقي". وأكثر ما يعجبني فيها هو حسها الكوميدي بالرغم من أنها تظل متوترة ومتحفزة على الدوام. ـ بينلوب كروز: جمالها يكمن في سموها، وهي تملك أجمل صدر في عالم السينما. بينلوب صديقة حقيقية. مثلت في فيلمين لي ("لحم حي" "كل شيء عن أمي") ـ أصبحت نجمة هوليودية، وهذا جيد جداً، ولكنّي أردت أن أستعيدها، وكان يلازمني إحساس دائم أن الأسلوب الذي يناسبها هو أسلوب الممثلات الإيطاليات الكبيرات في الخمسينات من القرن الماضي، ففيها شيء من كلوديا كاردينالي. أنا أردت في "العودة" أن أظهر شبهها بصوفيا لورين. نفس الماكياج، التجاعيد، العيون، وعدا ذلك، فهي مثيرة للغاية في أدوار فتاة عادية. وفي الواقع هي تشبه أودري هيبورن، فلديها المظهر الخارجي نفسه. وكان يجب عليّ أن أنتظر ردحاً من الزمن لكي تظهر في الدور المناسب. في "العودة" كانت رائعة وفاتنة. عن ممثلات أخريات: ـ جان مورو: لقد وقعتُ في غرام صوتها بعد مشاهدتها في مسرحية لبيتر بروك. لقد كان صوتها معبراً وغامضاً، ومثقفاً. وبعد أن شاهدتها في فيلم "الليل" لأنطونيوني سحرت بصوتها أكثر. وكثيراً ما أرغب بكتابة شيء خاص بها، وهذا ممكن، فهي ما تزال كما كانت من قبل. ـ بيتي ديفيز: أعبد فيلم "كل شيء عن حواء" لمانكفيتش، وأنا لطالما رغبت بالعمل معها. وعموماً إذا أحب الممثل أن يكون له فردانية معبرة بمعزل عن شخصيته، فإن الأولى تقلل من الثانية. ولكن في حالتها يبدو كما لو أن العكس هو ما يحدث. ـ كاترين هيبورن: لا أعرف كيف أوضح ذلك، فهي تظل بالنسبة لي بمثابة تقمص كلمة "ممثلة"..!!. ـ جينا رولاندز: المشهد الذي تصدم فيه السيارة الابن في "كل شيء عن أمي" هو إحياء لـOpening Night لجون كاسافيتس. وهذا الفيلم ـ المعايشة مع جينا يبين بأكثر الأدلة سطوعاً، العلاقة المتبادلة بين المخرج والممثلة، والقدرة على التخيل. إنني مخرج متطلب للغاية، فما أريده من الممثلين الذين يعملون معي هو إعطاء كل ما لديهم، وأنا أحرضهم على التجريب دائماً حتى يحصل ما أريده بالضبط. تصوير "تربية سيئة" كان كابوساً مرعباً، وتصوير "العودة" كان بسيطاً للغاية. ـ رومي شنايدر: كثيراً ما يثيرني ملمحها التراجيدي ويحرك الأسى بداخلي، وليس فقط في أفلامها الجادة مثل "المهم أن تحب" لأندريه جولافسكي، ولكن كامرأة أيضاً. "كل شيء عن أمي" مهدى لذكرى بيتي ديفيز، جينا رولاندز، رومي شنايدر. ـ فرانسواز دورليك: أعبدها، وأعبد الإشعاع الذي ينبعث منها. أعبد حيويتها، فأنا شاهدت كل أفلامها، و"جلد ناعم" لفرانسوا تروفو واحد من أجمل الأفلام التي شاهدتها طيلة حياتي. ـ آرليت: امرأة معاصرة لزمنها بشكل لا يصدق. وكنت غدوت سعيداً لو أتيح لي العمل معها. بينلوب كروز: بيدرو يريدني.. هذا مضحك الأب: لطالما ساعدني أهلي من دون أن يمتلكوا كثيراً من الإمكانات. قد دفعوا كل ما يترتب عليهم من مال لقاء دروس الرقص التي ساعدتني في سنوات عملي المقبلة كثيراً. أبي كان يغني على الدوام، وكان حنوناً للغاية. ومنه تعلمت الإعجاب بالموسيقى الكلاسيكية، ففي الخامسة من عمري تعرفت على بروكفييف وبيزيه. وفي يوم ما سوف أؤدي دور كارمن. أعرف ذلك تماماً..ها..ها..ها. كنا من أوائل العائلات الإسبانية التي امتلكت ماغنسكوب، وهذا أتاح لي أن أشاهد الأفلام دوماً. وكنت قد بدأت أمثل، وأبي كان يصورني. وهذا أعطاني حرية أن ألاحق أحلامي ورغباتي، وأبي هو من وافق على أن أترك البيت وأنا في السادسة عشرة من عمري من أجل أن أعمل وأسافر. الشقيق: هو السحر بعينه، وهو الآن في الواحدة والعشرين من عمره. وأنا كنت في الحادية عشرة من عمري عندما ولد. وكان مثل طفل لي. وهو بالنسبة لي مصدر إلهام كبير ومثال. وهو موسيقي ويمتلك موهبة كبيرة، وينتظر الآن أن يعقد اتفاقاً مع "وارنر بروذر لاتينا" في أي لحظة. كما أنه لم يستثمر إطلاقاً مكانتي كممثلة معروفة، لا بل هو يفعل العكس تماماً، وهو لم يقف بجانبي ولو لمرة واحدة ليتصور معي. وعندما عرضت عليه أن أشارك في الفيديو كليب الخاص به رفض بشدة. المخرجون: ـ بيغاس لونا: هذا أول مخرج آمن بي. كنت في الخامسة عشرة من عمري عندما ظهرت مع طاقم فيلمه (عجائز لولو) وهو يروي قصة امرأة شابة وقعت في العالم السفلي لمدينة مدريد. كنت صغيرة على الدور. ولكنه لم ينسني واتصل بي من أجل أن أصور معه في فيلم "لحم مجفف.. لحم مجفف". وهو من غيرّ حياتي. وقد نجح الفيلم نجاحاً ساحقاً، ورشحوني من بعده لـ"غويا" ـ الأوسكارات الإسبانية ـ عن أفضل دور نسائي، وكنت ما زلت في السابعة عشرة من عمري. هذا الدور المغامر لفتاة شبه عارية وتستخف بكل شيء من حولها أعطاني الثقة بمهنتي المقبلة. وأنا سوف أشعر دائماً بالعرفان نحو بيغاس، وسوف أشعر بالسرور عندما سأعمل معه، فهو يحب الحياة والمسرات الصغيرة. وأنا أرغب كثيراً بالتصوير معه، وأشاهد أفلامه كما لو أنني أمثل فيها. ـ بيدرو آلمودوفار: هو مخرجي المفضل وأكثر الرجال أهمية في حياتي. وهو المبدع الذي يهمني أكثر من أي شيء آخر، وقد تعلمت منه الكثير. هو مثل شقيق كبير لي، وأب ثان، وعشيق، ولكن من دون أي اتصال جسدي. في المرة الأولى التي بحث فيها عني لم أصدق: كنت أجفف شعري، عندما قالوا لي إن بيدرو ينتظر على الجهة الأخرى من الخط. وأنا أجبت: نعم.. هذا مضحك للغاية. واستمريت أجفف شعري. وعندما فهمت ما يجري، ذهبت إليه مأخوذة، وهو قال لي إنه أعجب كثيراً بدوري في فيلم "لحم مجفف.. لحم مجفف". وأراد أن يختبرني لدور فيكتوريا إبريل في "كيايا". فكرت أنني كنت أحلم. لم أقم بالدور المنوط بي كما يريد، ولكنه وعدني أن يبحث عن دور لي يلتصق بي كما قال. في فيلم "العودة"، أثناء التصوير، عندما كان يديرني بيديه أحسست أنني محظوظة للغاية. وكنت أتساءل: يجب أن أكون على مستوى الكنز الذي يمنح لي. بيدرو يستطيع أن يصل إلى أكثر الزوايا خفية في شخصية الممثل، وأن يلامس روحه بيديه، ومن دون أن يخدشها، لأن ما يقوم به ينّم عن الحب الرفيع الذي يحمله بداخله، وأنا عندي ثقة مطلقة فيه. في أفلامه السابقة كان لديّ بعض الأدوار الصغيرة، وهي الأدوار التي ساعدتني على اكتشاف الجوانب المجهولة بي كممثلة. لقد ساعدتني أفلامه للوصول إلى السينما الأميركية. وعندما قرأت سيناريو "كل شيء عن أمي" قلت في نفسي إن هذا لا يمكن أن يحدث، لأنه لا يمكن الحصول ببساطة. ولكن عندما فكرت أن هذا يخص آلمودوفار.. إيه.. إنه عبقري، ويمكن أن يشيع الثقة في كل قصة يعمل عليها. ـ لوك بيسون: هو زميل وصديق، وفيلمه (فانفان) كان سبباً في تعارفنا. عملت معه في فيلم "الشقيات"، وأنا معجبة بشغفه السينمائي إلى درجة أنني منحته فكرة فيلم لي سوف أقوم بإنتاجه. وللحقيقة أنا أعتمد على لوك في كل خطوة، وأعطي اقتراحات بخصوص الطاقم، وهو يؤكد أنه يوجد لديّ نوايا سيئة في هذه المهنة لأنني متطلبة، ومن الصعب على أي شخص أن يقول لي "لا"، وإذا ما كنت أريد ممثلاً، فيجب أن أحصل عليه. الممثلون: من الممثلين الإسبان لفت انتباهي فرناندو فيرنان غوميز الذي عمل معي في "كل شيء عن أمي"، ممثل مدهش. وهناك فرانسيسكو رابال الاستثنائي في أفلام بونويل (فيرديانا ـ حلوة النهار). وسأذكر بالطبع آل باتشينو، جان روشفور، جاك نيكلسن، مارشيلو ماستروياني، وجون مالكوفيتش الذي سحرني في "علاقات خطرة". ـ خافيير بارديم: صورنا معاً في "لحم مجفف.. لحم مجفف". وهو يملك قدرة على أن يعطي كل ما بوسعه في أي دور يقبل به. يمتلك إطلالة مدهشة، وأنا أعتقد أنه واحد من أفضل الممثلين في تاريخ السينما، وما لا أفهمه هو لماذا لا يقترحون علينا أن نمثل معاً دوماً، فأنا قد تفاهمت معه تماماً، والكيمياء المتبادلة بيننا ظهرت للتو على الشاشة..!! ـ جوني ديب: أنحني له حتى من قبل أن نمثل معاً في "الجرعة" للمرحوم تيد ديمي. كنا امرأة ورجلاً، ولقاؤنا ذهب أبعد مما كنت أنتظره. منذ اللحظة الأولى التي تقابلت فيها معه بدا لي أنه مميز جداً، كما لو أنه وفد من كوكب آخر. وهو واحد من أكثر الناس ثقافة وإمتاعاً من بين الذين التقيتهم، وليس لديه أي رغبة بالتسلط أو الضغط، وهذا ما يجعله قوياً أكثر. تعجبني حياته الخاصة..أي أب هو..؟! ـ سيرجيو كاستيلتيو: مصدر لا ينضب للإلهام كممثل وكإنسان. أعبده ويسحرني. ولم أمل من مراقبته وهو يقود طاقمه أثناء تصوير "لا تتحرك". الدور الذي عرضه عليّ ـ المرأة التي تصبح عشيقة مغتصبها، كان قوياً من وجهة نظر عاطفية، ولا يمكن لأحد غيره أن يقدمه. كنت ممتنة له كوني وجدت دوراً بهذه القوة أشعرني بالامتلاء، وخرجت منه ناضجة. ـ توم كروز: واضح للغاية.. لأنني قضيت معه ثلاثة أعوام من حياتي. إنسان جيد وسحرني كممثل بالطبع. وعندما صورنا معاً كنت مندهشة من تطلبه، وكان يعمل أكثر من الجميع، ويسأل دائماً ما إذا كان ممكناً الحصول على الأفضل ـ وهو لا يتوقف عن العمل من الصباح وحتى المساء ـ وهمه الأساسي يكمن في أن يتعلم وأن يظل مفتح العينين. ويقول دوماً إن أسوأ شيء يمكن أن يتعرض له هو أن لا يوجد ما هو أكثر ليتعلمه. صريح ومتواضع ويعشق السينما ويحترم كل من يعمل معه. وكمنتج هو نبع سعادة، ولا يمكنكم أن تتصوروا ما يقوم به ليعتني بكل الأشخاص العاملين معه. المستقبل اللبنانية في 1 أكتوبر 2006 |
سمير الجمل يكتب: محنة الدرما العربية هذا العام.. تكمن في السيناريو
الترجمة الحرفية لكلمة «توليف» في المفهوم السينمائي والفني.. تعني المونتاج.. لكنها في العرف الشعبي تعني تركيب الشيء مع الشيء.. وعند بعض مهندسي الإلكترونيات تعني توليف أو برمجة قناة مع جهاز الفيديو أو ترتيب المحطات في التليفزيون نفسه. والواضح علي صعيد النصوص الدرامية التليفزيونية علي المستوي العربي أن السواد الأعظم منها.. مكتوب بنظام «التوليف» حتة من هنا علي حتة من هناك.. بعضهم اختار حكاية فؤادة وعتريس وآخر.. قدم النسخة الحريمي من فيلم «الفتوة» لفريد شوقي وصلاح أبو سيف وثالث كتب نصه بطريقة من كل فيلم أغنية. معركة حربية والواضح أن الدراما التليفزيونية العربية من محيطنا إلي خليجنا تحولت في شهر رمضان إلي معركة حربية ترتفع فيها راية الإعلان والتسويق إلي عنان السماء تناطح أعلي المآذن بقدم الخليج العربي دراما محلية تدور أغلبها داخل قصور وبممثلات كلهن تقريباً امرأة واحدة تم تقسيمها إلي عدة عبوات من حيث الشكل والمكياج والدموع التي تكاد تبلك الشاشة الخليجية ويلعب الصراع الاجتماعي بين الأزواج والعيال والميراث الدور الأكبر في دراما الخليج التي تبدو كأنها مسلسل واحد تم توزيعه علي دول مجلس التعاون بالعدل والقسطاط.. ولا بأس أن يقدم الخليج نفسه ويطرح همومه مع الخادمات الفلبينيات.. ولذلك يعلو صوت بعض البرامج الكوميدية علي صوت المسلسلات.. ويظل «طاش ما طاش» بالجزء 14 أفضل محاولة خليجية.. وهو عمل يتطور ويتمتع بخفة ظل واقتحم مناطق شائكة بشجاعة ويحسب للكاتبة وداد الكواري أنها ذهبت هذا العام إلي «الهند» وصورت هناك معظم مشاهد مسلسلها الجديد «حمزة غفي» ولكن الحال هو نفس الحال حيث مشاكل الادمان والزواج والطلاق والميراث واضطهاد المرأة ولو أنها علي ما تبدو علي الشاشة جبارة ومستقوية وتختلط عليك الأعمال «القرية»، محاكو فكة، الرحي، حاير طاير، بين الهرب ومعه، بيوت نادحة. الدراما السورية ونأتي إلي الدراما السورية فإذا بها تستعيد روائح وعبق ليالي الحلمية في «باب الحارة» وبعد «ليالي الصالحية» ولكنها هذا العام أيضاً تقدم «خالد بن الوليد» و«جبران خليل» وتخوض المسلسلات أكثر في قضايا الفساد والمال العام والسلطة خاصة محاولات ياسر العظمة بعد أن قدم عشرات الحلقات في «المرايا» التي تعتبر علامة واضحة في الدراما السورية. وفي الدراما المصرية.. لن تجد ما يدهشك بين نصوص الأعمال لكنها تنويعات جديدة أو تبدو جديدة علي ألحان قديمة ويبرز هنا سيناريو «قلب الدنيا» للطبيب محمد رفعت أنه يتوغل وينطلق بذكاء إلي العراق وبطرح الأحداث الدولية بمنظور مصري عربي غير مسبوق.. وان حاول أسامة أنور عكاشة أن يمس هذه الأمور في «امرأة من زمن الحب» واقترب بشير الدين كثيراً نحو مفهوم عصري للدراما التليفزيونية في زمن الفضاء المفتوح بسيناريو «أماكن في القلب». اتهامات للعرب ولا يعقل في ظل وجود هذه المحطات العربية وملايين الدولارات التي انفقت علي المسلسلات أن نكلم أنفسنا في عالم يكيل التهامات ليل نهار للعرب عموماً والمسلمين والدراما تستطيع أن تلعب دوراً قيادياً هائلاً.. بأعمال ضخمة.. ويكفي كل رمضان أن تجتمع الأمة علي عمل دولي يتم ترجمته إلي عدة لغات ويراه العالم كله شرقا وغربا فإذا قلت لي إن نجدت نزور يقدم محاولة لا بأس بها من خلال مسلسل «المارقون» وقد قدمه من حيث الشكل في قالب جديد عبارة عن ثلاثيات كل مؤلف كتب ثلاث حلقات من خلال عشرة مؤلفين من أنحاء العالم العربي والخيط الذي يربط العمل كل هو «الإرهاب» ولكن للأسف نحن نعالج الأمر بعيون غربية.. وكما حاولوا هناك تعريف الإرهاب وتصنيفه لكن تظل المحاولة لامعه بوجود اسماء من نوعية وحيد حامد وحسن يوسف وعبد المجيد حيدر وعبد الكريم برشيد وهالة دياب وإيمان السعيد. والعمل يحسب له أنه كسر قاعدة المحلية واتجه إلي افغانستان وإلي أوروبا.. والعراق. الأسوار العالية «والمارقون» هو الحركة الثانية من اتجاه نجدت أنزور حول قضايا الإرهاب بعد «حور العين» في العام الماضي لكن تظل المسألة أبعد من هذه المحاولات وإن كانت مطلوبة ومهمة وجديرة بالاحترام خاصة إذا وجدنا كبار نجومنا أمثال نور الشريف ويحيي الفخراني يدوران في نفس فلك الأعمال المعتادة وإن اختلفت المعالجة.. وإذا لم يقتحم هؤلاء الكبار الأسوار العالية ويذهبوا بالدراما إلي ما هو عربي ودولي وإنساني فمن يفعلها. إن المحنة الواضحة في دراما العالم العربي التي قدمت هذا العام أكثر من مائة مسلسل تكلفت ما يزيد علي نصف مليار جنيه.. المحنة في غياب كاتب السيناريو الذي يري الدنيا كلها بعيون عربية ولا يسقط في فخ التكرار و«قلب الشراب» وكارثة الدراما.. أنها تكتفي بأن يعزف كل عربي علي ليلاه وهمومه هو دون الآخرين مع أن ألف باء الدراما أن تكون لكل العرب وخاصة أن الهم واحد.. بل اننا نأمل في دراما إنسانية بعيدة المدي شديدة التأثير.. ومسلسل مكتوب بحرفية عالية وترجمة لعدة لغات يستطيع أن يفعل ما تفشل جيوش السياسيين والمباحثات الثنائية والموائد المستديرة والمستطيلة ومؤتمرات الحوار. المشكلة أن أغلب من يكتبون السيناريو يعملون بنظام «التوليف» وليس «التأليف» ولهذا نري «سوء الدراما» رغم اتساع «السوق».. جريدة القاهرة في 3 أكتوبر 2006
الفنان نور الشريف: كثرة مسلسلات رمضان "مذبحة" لمبدعيها رياض ابو عواد-الفرنسية- انتقد الفنان نور الشريف كثرة المسلسلات التلفزيونية التى يعرض 301 منها على القنوات الفضائية العربية خلال رمضان هذا العام، معتبرا ان ذلك يشكل "مذبحة لها ولمبدعيها". ويرى الممثل المصرى أن عرض كل هذا الكم من المسلسلات افقدها جزءا من قيمتها لأن المشاهد يسعى لاختيار الأفضل فيشتت نفسه بحثا عن المسلسل الذى سيتابعه خلال رمضان وهذا يستغرق وقتا طويلا ولا يوجد طاقة بشرية ولا وقتا كافيا لمتابعة هذه المسلسلات". واقترح الا تعرض أى قناة فضائية أكثر من ثلاثة مسلسلات لاتاحة الفرصة للمشاهدين لملاحقة هذه الاعمال وعدم حصر كثافة العرض الدرامى خلال رمضان فقط بل المحافظة على الوتيرة نفسها طوال أيام السنة". وأكد أنه لا يجوز حشد كل المسلسلات لعرضها خلال شهر واحد. وتابع الفنان قائلا أنه شخصيا لا يتابع سوى بضعة مسلسلات بينها "حضرة المتهم ابي" الذى يقوم بدور أساسى فيه و+حدائق الشيطان+ لاسماعيل عبد الحافظ و+خالد بن الوليد+ لمحمد عزيزية" إضافة إلى "سكة الهلالى لاستاذى ومكتشفى محمد فاضل". واوضح أنه شاهد ايضا عدة حلقات من مسلسلات العندليب حكاية شعب و"درب الطيب و"ابناء هارون الرشيد الامين والمامون". وعن رأيه فى المسلسلات التى يتابعها، رأى نور الشريف أن "سكة الهلالى يعالج قضية بمنتهى الأهمية وهى قضية الانتخابات خصوصا بعد تفجيرات مركز التجارة العالمى فى نيويورك ومحاولات الغرب فرض رؤيته للديموقراطية علينا". وقال ان الانتخابات وحرية التعبير عن الراى اصبحت من القضايا الملحة التى تعيشها مجتمعاتنا العربية ضمن خصوصيتها وليس ضمن المفهوم الغربى الذى يحاول ان يفرض خياراته"، مشيرا الى الشعب الفلسطينى الذى اختار حركة حماس بكامل الروح الديموقراطية فحاربته امريكا واسرائيل. وتابع ان هذا ينطبق ايضا على موقفهم ايضا من حزب الله فى لبنان والاخوان المسلمين فى مصر . واكد "انه مع الديموقراطية فى سياقها العربى ولن ابالى اطلاقا فى ان تتولى السلطة جهات محافظة ما دام الشعب قد اختارها لتكون فى سدة السلطة". واشار الى اشكالية تاريخية فى مسلسل "خالد بن الوليد"، موضحا ان "هذه الشخصية من الشخصيات الجدلية فى التاريخ الاسلامى وكان يجب وضع بضعة اسطر فى مقدمة المسلسل تشير الى انها الرؤية الخاصة للمؤلف لان قراءة التاريخ تختلف بين انسان واخر". وكان نور الشريف قام بدور عمرو بن العاص فى مسلسل حمل نفس الاسم قبل ثلاثة اعوام. واكد انه قرأ الكثير من المراجع حول هذه الشخصية. ورأى ان مسلسل "خالد بن الوليد" وقع فى خطأ تاريخى عندما صور اسلام عمرو بن العاص على ايدى النجاشى ملك الحبشة لأن التاريخ اشار الى ان خالد بن الوليد وعمرو بن العاص ذهبا الى المدينة معا واسلما امام رسول الله فى الوقت نفسه". وحول مسلسل "العندليب حكاية شعب"، قال ان كاتب السيناريو مدحت العدل كان ذكيا عندما ربط بين شخص عبد الحليم وتاريخ المنطقة العربية والمد القومى فلم يركز على شخصية عبد الحليم بقدر ما كان مادة لقراءة التاريخ". وقال ان شادى شامل الذى اختير لتقديم شخصية عبد الحليم يقوم بدوره بشكل جيد". وحول مسلسل "درب الطيب" لنادر جلال وتأليف بشير الديك وبطولة هشام سليم وروجينا، رأى نور الشريف انه يقدم طريقا غير مطروق فى الدراما المصرية هو الدخول فى العالم الصوفى فى النوبة وهو عالم من "الواقعية السحرية". ومع أن نور الشريف شارك الفنانة الراحلة سعاد حسنى فى أكبر عدد من الافلام، لم يشاهد أى من حلقات مسلسل "السندريلا" لسمير سيف وتأليف عاطف بشاي. وبسبب ضيق الوقت طلب الشريف من صديقه الفنان صلاح السعدنى ان يسجل له بضع حلقات من مسلسل حارة الزعفرانى الذى يلعب فيه السعدنى دور البطولة. كما طلب الامر نفسه من صفوت غطاس منتج مسلسل دعوة فرح من بطولة سميرة احمد. وردا على سؤال حول منع عرض مسلسلات المحجبات، قال نور الشريف " أنا مع عرض جميع اشكال الدراما ولا اعتقد ان الفنانات المحجبات العائدات يشكلن تيارا بقدر ما انها صدفة". ولم ير الشريف مانعا امام مسلسلات المحجبات انطلاقا من مطالبتنا بالديموقراطية وحق كل شخصية فى ان تعبر عن نفسها وان تقول كلمتها بكامل الحرية وهنا يحسم الموقف حيال هذه المسلسلات موقف المشاهدين منها". العرب أنلاين في 5 أكتوبر 2006
الدورة السابعة لمهرجان بيروت الدولي تفتتح مساء اليوم بـ «بولبر» ألمودوفار... عيدان للسينما في شهر واحد والأفلام الجادة تصل الى جمهورها بيروت – ابراهيم العريس دليل حيوية أو دليل فوضى؟ هيام بالسينما او بالمنافسة من اجل المنافسة؟ مهرجانان سينمائيان في بيروت، لا تفصل بينهما سوى أسابيع قليلة، هل هما دليل عافية في بلد يقول كثر انه يعيش الآن على حبل مشدود؟ مهما كان الأمر تشهد بيروت بدءاً من اليوم، وللمرة الثانية منذ سكتت اصوات مدافع الحرب الأخيرة، مناسبة سينمائية تطلق على نفسها اسم مهرجان، ولكن من دون لجان تحكيم، من دون جوائز وربما من دون احتفالات صاخبة. وهذا أفضل طالما ان ما بتنا في حاجة إليه في لبنان اليوم هو شيء من التواضع. المهم ان السيدة كوليت نوفل ورفاقها من اصحاب المهرجان السينمائي، الذي كان يعقد سنوياً في بيروت خلال السنوات الأخيرة، يعودون بعد غياب ليقدموا دورتهم السابعة. الافتتاح في السابعة والنصف مساء اليوم، في قاعة قصر الأونيسكو، ما يضفي على المناسبة طابعاً رسمياً، افتقر إليه المهرجان الآخر الذي أقيم الشهر الفائت في بيروت ايضاً. في المقابل يفتقر المهرجان الجديد الى ما كان ميّز سابقه: عرض فيلمين روائيين لبنانيين جديدين. فمن لبنان في مهرجان اليوم، شرائط وثائقية منها ما هو عن الحرب الأخيرة («بيروت ما بتموت» لكاتيا جرجورة). ولكن يحسب للدورة السابعة لـ «مهرجان الفيلم الدولي» الذي ينتهي الأربعاء المقبل، انه يعرض افلاماً بارزة، حتى وإن كان بعضها شبع عرضاً. فالافتتاح سيكون بفيلم بيدرو ألمودوفار الرائع «العودة» (بولبر)، الذي كان أسال حبراً كثيراً واجتذب جمهوراً عريضاً منذ عرضه الأول في الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» (حيث فازت بطلاته مجتمعات بجائزة افضل ممثلة). والختام بفيلم «عمارة يعقوبيان» المأخوذ عن رواية علاء الأسواني ولم يعد في حاجة الى تعريف. أما بين هذا وذاك فأفلام آتية من بلدان عدة تعرض كلها تحت شعار «اصنع سينما... لا حرباً». من هذه الأفلام الجورجي – الفرنسي «3 انساميتي» واليمني الأول «يوم جديد في صنعاء القديمة» و «لونّي كوبريك» الإنكليزي الذي يحكي حكاية حقيقية طريفة عن نصّاب كان يحضر الحفلات والاحتفالات زاعماً انه المخرج ستانلي كوبريك مواصلاً «زياراته» حتى بعد موت هذا الأخير! ومن فرنسا يأتي فيلم «توقف قلبي عن الخفقان» بينما بعثت المكسيك بـ «الكمان» وألمانيا بـ «فاكتوتوم» وكردستان العراقية (بشراكة فرنسية) الفيلم الطريف «كيلومتر صفر» وكولومبيا بـ «ماريا المليئة النعمى»... وليس هذا كله سوى نماذج لسينما – معظمها غير تجاري – تدور افلامها المهرجانات لتحط رحالها اليوم في بيروت كاشفة عن انواع جديدة من سينما المؤلف، وللجمهور اللبناني عن انماط مدهشة من افلام أوروبية وعربية تغيب عن الصالات وربما حتى عن الشاشات الصغيرة. ومع هذا قد يكون هذا الجمهور ملماً ببعض هذه الأفلام عن طريق الصحف التي لا تتوقف عن الكتابة عنها... وغالباً انطلاقاً من ظروف فضائحية او قضائية، أو لمجرد تفردها الذي يمنعها من الوصول الى الجمهور. من هنا ترتدي المناسبة اهميتها، وعلى الأقل كأسبوع للسينما الحية والجادة، إن لم يكن كـ «مهرجان» بالمعنى الدقيق للكلمة... فأسبوع متواضع وحي يعرض «ملك وكتابة» (مصر) و «ماروك» (المغرب) و «خارج اللعبة» (للمميز جعفر باناهي – ايران)، وبقية هذا النوع السينمائي، هو في رأينا خير من ألف مهرجان يعرض ما لا يتمكن لا من اجتذاب الجمهور، ولا من الاستغناء عن جمهور عريض تعوّد سينما المهرجين الجدد، او سينما المغامرات غير المنطقية والأبطال الحلزونيين. الحياة اللندنية في 4 أكتوبر 2006
|
نساء بيدرو .. رجال بينلوب ترجمة فجر يعقوب |