كتبت منذ سنوات مطالباً نقابة المهن التمثيلية بترشيح النجم الكبير عادل إمام لجائزة مبارك للإبداع.. والحقيقة التي لا ينكرها أحد أن النقابة استجابت في حينها لهذه المطالبة لمنطقيتها وواقعيتها ولاستحقاقه للجائزة.. و هي استجابة تحسب للنقيب -يومها- الفنان القدير يوسف شعبان ولمجلس النقابة الذي كان سكرتيره العام- وقتها- د. أشرف زكي النقيب الحالي، إلا أن الرياح لا تأتي دائماً بما تشتهي السفن، حيث رشحت إحدي الجامعات في نفس العام أبو الثقافة المصرية د. ثروت عكاشة لنيل الجائزة ولأن الجائزة واحدة ذهبت إلي د. ثروت خاصة وأن الفنان الكبير عادل إمام تعرض -يومها- لحملة صحفية شرسة قادها رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة إحدي المؤسسات القومية. واليوم وبعد مرور 5 سنوات من هذه الواقعة أجد أن الفنان الكبير عادل إمام هو الأحق بالجائزة لذلك أطالب د. أشرف زكي بأن يعرض علي مجلس إدارة النقابة في أول جلسة قرار الفنان الكبير عادل إمام ليفوز بجائزة مبارك في الإبداع.. بل انني لا أدعو نقابة الممثلين فقط ولكنني أدعو جميع النقابات والهيئات الفنية التي تملك حق الترشيح إلي تبني هذا الترشيح. فالفنان الكبير عادل إمام يعيش الآن مرحلة من أهم مراحل حياته الفنية والإنسانية وهي مرحلة النضج الفني المقترن بالفكر الإنساني والسياسي. وهي مرحلة فرضتها مكانته وموهبته كفنان وسفير للأمم المتحدة أي للإنسانية جمعاء من أجل مهمة إنسانية راقية للدفاع عن اللاجئين في شتي بقاع الأرض.. وهي مهام فرضتها مسيرته الفنية علي مدار أكثر من 40 عاماً من الفني والإنساني. أكثر من 40 عاماً واجه خلالها الكثير من التحديات والعراقيل.. عاش أهم مراحل التحول في تاريخ مصر والعالم.. عاصر خلالها مشكلات أمته وأزماتها، انتصاراتها وانكساراتها أيضاً فحمل هموم هذه الأمة وآلامها وآمالها أيضاً ليخرجها لنا فن راقياً باسماً. وفي جميع هذه المراحل اختار عادل إمام أن ينحاز دائماً إلي المواطنين البسطاء الكادحين وهم السواد الأعظم بين ابناء الشعب العربي، خرج عادل إمام من بينهم وظل طوال مشواره الفني مرتبطاً بهم معبرا عنهم حاملاً همومهم وآلامهم وآمالهم أيضاً. ولم يكتف عادل إمام بدوره كفنان.. ولكنه عندما شعر أن هذا المواطن الغلبان يحتاج منه إلي وقفة أخري ودور مختلف لم يتوان أو يتراجع وسارع إلي حمل راية النضال والكفاح بالموقف والكلمة بعيداً عن كاميرات السينما وأمامها بعيداً عن خشبات المسارح وفوقها. نعم ناضل عادل إمام بكل الحب و الموهبة والوطنية والانتماء لتراب هذا الوطن. ناضل في مواقف كثيرة بعضها فني ومعظمها إنساني، مواقف كثيرة ومتعددة بل تعد من العلامات البارزة في مسيرة الفن المصري خلال القرن العشرين وبدايات القرن الجديد.. ناضل ضد جماعات الإرهاب التي تسترت بالدين.. كما ناضل ضد الديكتاتورية وكبت الآراء وقمع الحريات. نجوم القرن وإذا كان القرن الماضي قد زخر بالعشرات من الفنانين الأفذاذ من أمثال جورج أبيض، نجيب الريحاني، يوسف وهبي، علي الكسار، حسين رياض، إسماعيل يس، عبد المنعم مدبولي، أحمد زكي وشكري سرحان وغيرهم العشرات والعشرات فإن أحداً من هؤلاء رغم إيماني العميق بقيمة وقامة كل منهم وأثره في تاريخ الفن في مصر والوطن العربي وارتفاع قامة مواهبهم إلي عنان السماء. إلا أنني أري وهذا رأيي الذي قد يتفق معي فيه البعض ويختلف البعض الآخر، أري أن عادل إمام يملك موهبة تفوق كل هؤلاء رغم أسبقيتهم وريادتهم لأن كل هؤلاء رغم عظيم تقديري اكتفوا بأن يقولوا كلمتهم بالفن فقط في حين لم يكتف عادل إمام بهذا الدور وهو دور عظيم ولو اكتفي به لكفاه ولكنه وبعد أن أيقن أهمية دوره وحجم موهبته ومكانته لدي جمهوره ولدي زملائه.. وقف معهم في جميع المواقف، وقف معارضاً لجبروت الدولة عندما شعر أنها تحاول قمع الفن والفنانين بالقانون 103 فقاد المظاهرات واعتصم، وفي جميع المواقف الإنسانية التي وقفتها النقابات الفنية، أو حتي تلك التي وقفت فيها النقابات عاجزة عن أداء رسالتها بسبب قوانين مكبلة أو ميزانيات فقيرة، أو حتي محدودية فكر البعض.. كان عادل إمام سباقاً إلي معاونة زملائه والوقوف إلي جوار المحتاج منهم بالمال والفكر والقلب. ضد الإرهاب أما موقفه مع شعبه وأمته ضد الإرهاب والفكر المتطرف والديكتاتورية وكبت الحريات فهي عديدة وتؤكد أن هذا الفنان الكبير واحد من دعاة التنوير في مصر خلال القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين. القاهرة أسيوط وسوهاج ذهب عادل إمام إلي أسيوط حاملاً سلاحه الذي لا يقهر.. فنه.. وموهبته.. ليواجه أسلحة التخلف والجهل مؤمناً بدوره وقدره وقدرته. وهنا في القاهرة عندما اشتدت موجة الإرهاب باسم الدين وتعرض مقهي بسيط وسط العاصمة المؤمنة التي تضيء سماءها آلاف المآذن وأبراج الكنائس جنباً إلي جنب. أقول عندما تعرض مقهي بسيط وسط تلك المدينة لقنابل الظلام التي فتكت بالبسطاء الذين انحاز لهم دائماً عادل إمام بفنه وفكره ووجدانه. وعندما تعرض الكاتب فرج فودة لرصاص البغي والضلال كان عادل إمام هناك.. وعندما تعرض الكاتب الكبير نجيب محفوظ لاعتداء آثم من جاهل، وقف عادل إمام، وعندما اشتدت عادة الثأر وأودت بعائلة كاملة في سوهاج منذ سنوات قلائل لم يتأخر عادل إمام وسافر بفنه إلي هناك لكي يرأب الصدع ويقوم بدوره بين بني وطنه. قائمة الاغتيالات ونتيجة لكل هذه المواقف وغيرها وضعه الارهاب علي قائمة الاغتيالات، ولكن ايمان عادل بربه وبقدرة جمهوره علي حمايته وحماية رموز التنوير في مصر ذلك الإيمان جعله يمضي في طريقه لا يهاب الموت ولا يخشي الارهاب. قضايا سينمائية ومسرحية وفي السينما ناقش عادل إمام بكل الشجاعة قضايا الحرية والديمقراطية في «الإرهاب والكباب» وقاوم الارهاب في «الإرهابي» وقاوم حلف الإرهاب والفساد في «طيور الظلام» كما قاوم فساد رجال الأعمال في «المنسي»، وعلي خشبة المسرح ناقش قضايا الحرية والديمقراطية ووقف ضد الديكتاورية والفساد، في مسرحيات «شاهد ما شافش حاجة» و«الزعيم» و«بودي جارد». لم يخش عادل إمام شيئاً بعد أن منحه الجمهور ثقته فانحاز إلي المواطن البسيط وناقش بكل الحب والحرية والشجاعة قضاياه، في القرية والمدينة والنجع بابتسامة صافية مميزة نابعة من القلب والعقل أيضاً. وبإيمان لا يتزعزع بحق هذا المواطن في الحرية والحياة الكريمة. قضايا الوطن وفي كل القضايا الوطنية كان دائماً هناك يحمل موهبته - سلاحه- ليدافع عن هذا الوطن صاحب التاريخ والحضارة. من أجل كل هذا وغيره أرشح الفنان الكبير عادل إمام لجائزة مبارك للإبداع.. ترشحه مواقفه الوطنية والإنسانية وأدواره السينمائية والمسرحية والتليفزيونية كما ترشحه تلك الابتسامة الصافية النابعة من القلب فتزيل الهموم بوعي وفكر وفلسفة وحب وموهبة. وهذا هو سر عظمة عادل إمام.. وأهم مبررات ترشيحه. هل يفعلها أشرف زكي؟! أعتقد أنه سيفعلها! جريدة القاهرة في 12 سبتمبر 2006
ضوء ... مشروع مجلة سينمائية عدنان مدانات في حين يشكو المهتمون بالثقافة السينمائية من ندرة المجلات السينمائية المتخصصة التي تصدر في العالم العربي، تلوح في الأفق تباشير ولادة مجلة سينمائية عربية جديدة متخصصة، يريد منها محررها وناشرها، أن تحتفي بفن السينما وبالإبداع السينمائي قديمه وحديثه. ما يؤكد هذه الرغبة في الاحتفاء بفن السينما هو تبويب المجلة الذي يفترض فيه أن يتضمن ملفات وقضايا سينمائية ومقالات نقدية جادة. ومن ضمن هذه الخطة سيجري تخصيص ملف في العدد الأول الذي من المفترض أن يصدر في نهاية العام ،2006 حسب ما أبلغنا الناشر الناقد الزميل محمد رضا، لإنجازات السينما السوفييتية لا من منظور أيديولوجي بل من منظور فني إبداعي. هذا يعني أن المجلة الموعودة لن تسير على نهج المجلات الشعبية التي لا ترى السينما إلا من زاوية ملخصات الأفلام وأخبار النجوم وغيرها من المعلومات المختصرة، أو لن تحصر مهمتها بما تمارسه المجلات السينمائية الرصينة التي تكتفي بالتركيز على عروض ونقود الأفلام الحديثة والتي تتسلط الأضواء عليها إما لنجاحها التجاري أو لارتباطها بموضوع راهن أو لكونها من توقيع مخرج مشهور أو لفوزها بجوائز من مهرجانات سينمائية، أي إنها تكتفي بالحديث عن الأفلام، فيما لا تولي، بالمقابل، أي اهتمام بالمقالات التي تعالج مواضيع وقضايا سينمائية أو المقالات ذات الطابع النظري. مجلة سينمائية ثقافية جديدة طموحة لن تتأسس على فراغ، بل يمكن لها أن تستفيد من تجارب سابقة، بسلبياتها وإيجابياتها، صدرت في فترات متفاوتة في العالم العربي. هنا لا بد أن نلاحظ ونشير إلى أن أولى المجلات السينمائية التي صدرت في وقت مبكر من القرن العشرين، خاصة في مصر، كانت تضع على رأس اهتماماتها الحديث عن السينما كظاهرة فنية واجتماعية من دون أن تتجاهل منتجاتها من الأفلام ومشتقات هذه الأفلام، خاصة ما يرتبط منها بنجوم السينما. وإذا كان مرد هذا الاهتمام في بداياته يعود إلى الاندهاش بسحر السينما والفضول للتعرف إلى خصائصها وطبيعتها وأنواعها، فإن المجلات التي صدرت في مصر في الستينات، مثل مجلة “السينما والمسرح” ولاحقاً مجلة “السينما” انطلقت من وعي معرفي وتوجه ثقافي منهجي، وهذا ما كانت تعكسه الأبواب الثابتة التي تشتمل على معالجات لمواضيع وقضايا سينمائية مهمة ومقالات ودراسات سينمائية نظرية ومقالات مفصلة حول تجارب مخرجين مهمين وتحليلات نقدية للأفلام الجديدة الهامة وعروض للكتب الصادرة حول السينما، إضافة إلى نشر نصوص كاملة لسيناريوهات أفلام مميزة. نعثر على تجارب جادة أيضا في بعض دول المغرب العربي، كما في ليبيا التي صدرت فيها قبل بضعة عقود مجلة سينمائية متخصصة وجادة تحت عنوان “الخيالة” أو في تونس التي تصدر فيها، بجهود فردية من ناقد تونسي هو عمر المدني، مجلة صغيرة الحجم أقرب إلى نشرة مصورة نصفها بالعربية ونصفها بالفرنسية تحت عنوان “الفن السابع”. كما نجد تجارب جادة في المشرق العربي منها مجلة طموحة صغيرة بحجم كتاب الجيب صدرت في لبنان لبعض الوقت في سنوات السبعينات باسم “فيلم” أشرف عليها الناقد محمد رضا. وصدرت تحت نفس العنوان في دمشق وبحجم صغير أيضا بضعة أعداد من مجلة “فيلم” التي كان يغلب عليها الطابع النظري ويشرف عليها فريق من السينمائيين العاملين في المؤسسة العامة للسينما، وعن هذه المؤسسة صدرت في ما بعد المجلة السينمائية الفصلية المتخصصة “الحياة السينمائية” التي سارت على نهج مجلة “السينما” المصرية، وهي المجلة الوحيدة التي لا تزال مستمرة في الصدور ولكن في فترات متقطعة غير منتظمة مع اقتصار توزيعها على السوق الداخلية فقط. وحتى في دولة الإمارات، وعلى الرغم من عدم وجود إنتاج للأفلام السينمائية فيها في ذلك الوقت، صدرت بدعم من المجمع الثقافي في أبوظبي مجلة صغيرة بحجم الجيب ولكن طموحة باسم “سينما” أشرف على تحريرها الناقد صلاح صلاح، واستمرت المجلة بالصدور بانتظام عاما وبعض عام قبل أن تتوقف، وركزت المجلة على المقالات النظرية والمقابلات مع المخرجين وخصصت بعض أعدادها لنمط من الأفلام أو لفترة محددة من تاريخ السينما أو لتحليل تجربة مخرج متميز، وغير ذلك من مواضيع جادة ذات هدف معرفي. إضافة إلى هذه التجارب صدر أكثر من مجلة سينمائية جادة توقف معظمها عن الصدور باستثناء مجلة “سينما” التي تصدر في باريس بإشراف من الناقد قصي صالح درويش، وهي مجلة تعنى بعرض وتحليل الأفلام الجديدة من مختلف أنحاء العالم، ولكنها لا تتضمن مقالات نظرية. ويبدو أن المجلة تسعى للمواءمة بين النقد الجاد للأفلام وإمكانية الانتشار والاستمرارية. في الواقع ثمة حاجة ملحة لوجود مجلة سينمائية عربية، بل لمجلات متنوعة، تحتفي بالسينما ككل وليس بالأفلام وحدها. والفرق بين الحالتين كبير جدا وجوهري. ثمة حاجة ملحة لمجلة سينمائية عربية تعنى بالثقافة السينمائية وتغطي كافة المجالات النظرية المرتبطة بالسينما كفن وكفكر وكوسيلة اتصال وتحلل الأفلام من منظور ثقافي معرفي. الخليج الإماراتية في 11 سبتمبر 2006 |
د.وليد سيف يكتب عن النجم الذي هوي محمد سعد و كتكوت والمهمة المستحيلة > الجديد في كتكوت أن سعد يقدم «شو» كامل خاص به من البداية للنهاية ولا يسمح لأحد أن يشاركه التمثيل > رغم الجهد الكبير الذي بذله في رسم الشخصية بشكل متميز من خلال تفصيل الحركة وطريقة الكلام ولا يفسد هذه الروعة إلا الرغبة في تسول ضحكات المشاهد حقق فيلم (اللمبي ) كأول بطولة لمحمد سعد نجاحا مذهلا علي المستوي الجماهيري ,كما أثار جدلا كبيرا بين النقاد الذين رأي فريق منهم أنه فيلم جيد مع بعض التحفظات . ثم جاء فيلمه التالي ( إللي بالي بالك ) ليواصل فيه سعد نجاحاته وليحقق من خلاله أفضل مستوياته الفنية بالاشتراك مع اثنين من أفضل كتاب الكوميديا هما سامح سر الختم ونادر صلاح الدين ومع مخرج اللمبي وائل إحسان الذي أصبح من أهم مخرجي جيله والذي يقرر سعد أن يخوض تجربته الثالثة (عوكل) بدونه , كما يتصادف أن ينفصل الثنائي سامح ونادر فيحل محل نادر محمد نبوي . ثم يعود محمد سعد علي طريقة ( شالوا ألدو.. جابوا شاهين ) ليأتي بنادر مرة أخري بدلا من سامح وليتعاون مع المخرج رامي إمام في فيلمه الرابع ( بوحه ) .. ولكن سعد في فيلمه الخامس (كتكوت) يقرر أن يتوقف عن التعامل مع أي من رفاق النجاح ويستعين بمؤلف جديد هو طارق الأمير ومخرج ( كذلك في الزمالك ) و (كلم ماما ) أحمد عواض . ولا شك أن محمد سعد وأي نجم في الدنيا من حقه أن يتعامل مع فريق العمل الذي يرتاح إليه كما تتيح له أعراف السوق أن يبدل ويجدد في أفراده كيفما شاء . ولكن ما هي الإضافة التي تحققت لسعد من خلال تعاونه مع هذا الثنائي الجديد .. وهل استطاع بالفعل أن يقدم فيلما يليق به كنجم الشباك الأول السوبر الذي تحظي أعماله بأفضل الإمكانيات ويطبع منها رقم قياسي من النسخ - 100 نسخة - و تنتشر في جميع دور العرض بمختلف أنحاء الجمهورية؟ يتوصل المؤلف الجديد طارق الأمير إلي فكرة مبتكرة يفتتح بها فيلمه. حيث نجد كتكوت أو محمد سعد في موقف أقرب للكوميديا السوداء من فرط مأساويته فأسرته قررت أن تضحي به كقربان إتقاء لشر الأسرة العدوة الغاشمة تماما كما أهدرت الأسرة العربية دماء شعب لبنان إتقاء لشر إسرائيل ومن وراءها . وبالتالي فليس المطلوب من كتكوت أن يقتل من أجل الثأر كما اعتدنا أن نري في كل الحكايات والأفلام بل عليه أن يستسلم لمصيره في شجاعة وأن يضحي بحياته في سبيل بقاء أسرة من الجبناء . وهكذا تبدأ الأحداث من خلال هذه المفارقة و مع أزمة شديدة الغرابة ومع بطل في موقف لايحسد عليه ومع مزيد من التفاصيل الساخرة والأداء البارع لمحمد سعد يمكنك أن تعيش هذه اللحظات المليئة بالتوتر والكوميديا في نفس الوقت النابعة من طرافة الفكرة . ولكنك تستشعر أيضا بوجه بين بعض التفاصيل في شخصية كتكوت وما سبق أن شاهدته في فيلم محمد سعد السابق ( بوحة ). فهو الملاكم الذي يتظاهر بالشجاعة ثم سرعان ما يتحول إلي فأر مذعور عندما يري غريمه ولا تنتقل للمشهد التالي إلا وتري آثار الضرب المبرح علي وجهه . كوكتيل من عوكل وبوحه تنتهي هذه الحدوته تماما ولا تعود إليها طوال ما ستراه من أحداث لاحقة وذلك في صورة مطابقة تماما لنموذج البناء لمعظم أفلام محمد سعد. لتنتقل بعد ذلك إلي حدوته أخري تقليدية جدا وسبق أن رأيناها في العديد من الأفلام .فأجهزة الأمن تسعي لاستغلال التشابه الشديد بين كتكوت والإرهابي الميت إكلينيكيا يوسف خوري لتتمكن من معرفة المخطط الإرهابي المتوقع حدوثه في مصر. ومسألة تجنيد البطل للكشف عن العصابة هي أيضا الفكرة التي رأيناها في فيلم بوحة .. كما يكرر سعد موقف ( عوكل ) الأساسي حين يصحو من النوم ليجد نفسه في مكان غريب لا يعرفه . وهكذا يمكنك أن تلاحظ أن مواقف الفيلم وأحداثه هي عبارة عن كوكتيل من فيلمي ( عوكل ) و ( بوحه ) . ولكن هل تعتقد أن الفيلم يخلو من أي جديد . لا أعتقد ذلك لأن الجديد في كتكوت هو أن سعد أصبح يقدم (شو) كامل خاص به من البداية للنهاية ولا يسمح لأي أحد بمشاركته التمثيل أو أي شيء فدور حسن حسني يتقلص ليصبح شيئا هامشيا أما البطلة - طبقا لما هو مكتوب علي التيترات - هبة السيسي فإنها لا تظهر إلا في أربع مشاهد وهناك شخصية نسائية أخري كان لها مشهدان آخران تم الاستعانة بفتاة إعلانات لأدائهما . ولا داعي لأن تشغل بالك بشخصيات العصابة أو الأشرار أو البوليس فليس من المهم أن تعرف من مع من أو من ضد من أو من يخطط لماذا فهي تفاصيل فرعية من المفترض أن المشاهد لن ينشغل بها من فرط استمتاعه بكوميديا وغناء ورقص محمد سعد . والحقيقة أن الممثل يبذل جهدا غير عادي في رسم الشخصية بشكل متميز وتفصيل حركتها وطريقة نطقها للكلمات وإلقائها للجملة بحيث تبدو شديدة الطبيعية وبعيدة كل البعد عن المبالغة والتصنع والتكلف وهو يفعل ذلك مع شخصية كتكوت بطل الفيلم بنفس القدر الذي يفعله مع يوسف خوري الذي يؤديه ببراعه متناهية رغم محدودية مشاهده ثم يبدع سعد في التمثيل داخل التمثيل أو في أداء كتكوت وهو يتظاهر بأنه يوسف . لا يفسد هذه الروعة في الأداء إلا هذه الرغبة في تسول ضحكات المشاهد من حين لآخر عبر كل الأساليب المثيرة للقرف والاشمئزاز من التجشؤ إلي البصق إلي هز الأرداف . والكاميرا لا تكاد تفارق سعد للحظة وتستجيب لكل نزواته ورغباته وهي تصعد وتهبط وتأخذ الوضع الذي يتلاءم مع وجوده ويبذل مدير التصوير جهدا خارقا لإنارة المناطق التي يتواجد فيها البطل وفق رغباته دون أدني مراعاة لجماليات الصورة أو التكوين . وكذلك يشيد مهندس الديكور محتويات المشهد لتتناسب مع الطابع الحركي للممثل . وتصنع قطع الإكسسوار طبقا لما سيقوله من إفيهات مثل الكرسي الذي تجلس عليه العمة العجوز . ويتحدد إيقاع المشهد طبقا لرؤية الممثل الذي يمكنه أن يترك الكادر جامدا لمساحات زمنية طويله لأن سيراميك الفيللا أعجبه وهو يقوم برقصة الكلاكيت فوقه دون أي هدف درامي و دون أي مراعاة لإيقاعية المشهد.. مأساة أن تكون النجم الأول وهكذا قرر سعد أن يكون وحيدا ويتيما تماما مثل كتكوته و تتحول كل عناصر الفيلم من تصوير إلي مونتاج إلي ديكور إلي أغاني .. إلخ إلي أدوات لخدمة الممثل وتنفيذ نزواته ورغباته .. وربما يصبح دور كل العاملين في الفيلم هو مقاومة الضحك علي الإفيهات المرتجلة وإبداء الإعجاب بعبقرية محمد سعد الذي لا يثق في قدرات أي أحد والذي يتصور أنه هو وحده صاحب نجاح ومجد محمد سعد وأنه وفقا لتعبيره هو الوحيد الذي يعرف سر التركيبة المضمونة النجاح .. ربما بذلك نستطيع أن نفسر هذا الإصرار الغريب منه علي التخلص من كل من لهم نجاحات سابقة وأن يفضل الاستعانه بكاتب يضع اسمه علي استحياء ويحشره بين أسماء العاملين خلف الكاميرا وأن يتعاون مع مخرج حقق أفشل أفلام الموسم الماضي ( محامي خلع ). ولكن يبقي الأمل في النجاح الجماهيري لفيلم( كتكوت)هو الأمل الذي يراهن عليه سعد وهو الفيصل بالنسبة له للحكم علي اختياراته وتوجهاته . أتوقع أن هذا الفيلم سيحقق تراجعا ملحوظا في مستوي الإيرادات بالنسبة لأفلامه السابقة . وهو بالتأكيد لن يضمن له أن يبقي النجم الأول لهذا الموسم وربما ولا حتي الثاني . ولكني أعتقد أن الفرصة ما زالت متاحة لسعد لاسترداد عرشه في الموسم المقبل فهو ما زال يملك كاريزما النجم ومازال قادرا علي إضحاك المشاهد ولكنه في حاجة حقيقية لاسترداد ثقة الجمهور من خلال احترامه لفنه ولزملائه الذين لم يترك لهم شيئا يفعلونه سوي أن يضحكوا أمام الكاميرا وربما خلفها دون أن يجرؤ أحدهم بمن فيهم المخرج طبعا لأن ينبهه بأن هناك بضعة مشاهد أفلتت منه حتي كممثل لم يكن فيها كتكوت ولا خوري ولكنه كان محمد سعد الحقيقي الذي أنهكته ممارسة كل الأدوار فنسي دوره الرئيسي وهو التمثيل - وعليه أن يراجع مشاهده مع محمد وفيق ليتساءل أين ذهب الممثل - . بإمكان سعد أن يكون ممثلا عظيما فهو موهبة غير عادية و يمتلك كافة الأدوات وليس عليه سوي أن يتحرر من هاجس أن يفقد مركزه الأول بين النجوم وأن يمنح الآخرين فرصة أن يشاركوه نجاحه ليترك لهذا الممثل العبقري الكامن في داخله فرصة الظهور والانطلاق عبر شخصيات حقيقية مرسومة بإتقان في دراما محكمة وفي إطار صورة فنية بالفعل بعيدا عن الابتذال والركاكة والفجاجة . وهو في هذه الحالة سيقدم فنا حقيقيا ليقوم بمهمة وطنية أهم بكثير من مهمة (كتكوت). جريدة القاهرة في 12 سبتمبر 2006
|
هل تفعلها نقابة المهن التمثيلية وترشحه؟ عادل إمام يستحق جائزة مبارك للإبداع الأمير أباظة |