حذفت جوسلين صعب الجملة الشائكة التي ثبتتها على الشاشة السوداء معلنة نهاية فيلمها "دنيا". تنازلت عن تلك المعلومة الصادمة من ان "97% من نساء مصر مختنات" على الرغم من قناعتها بصحتها إذ أكدت مراراً انها صادرة عن اليونيسف. حدث ذلك في وقت ما بين عرضه الاول في مهرجان القاهرة في نوفمبر الفائت وعرضه اللبناني الذي بدأ أمس. في المناسبة الاولى، أضاءت الجملة الشاشة. وفي العرض الصحافي في بيروت كانت قد حُذفت. وبين العرضين، عاش الشريط حياة صعبة استكملت معاناة ابصاره النور بدءاً بعملية مخاض طويل لخروج السيناريو ولاحقاً بوقوف الاخير في قفص اتهام الرقيب وتحت حكم مقصه. وبعيد عرضه القاهري، ثارت الثائرة. انبرى "الغيورون" على "سمعة مصر" للاعتراض على "الصورة" التي يصدرها عن مصر (كأنه يمكن اختصار البلد بصورة واحدة) وشحذوا اسلحتهم القديمة من دون اي تجديد في الخطاب الاقدم "هذه ليست مصر". منطق ذكوري بامتياز، يضع الوطن بمصاف "العرض" ويعتبر ان من يمسه انما يمس عرضه. أما المعترضات فينظرن الى الامر بعين أخرى. انها عين الانكسار التي يراد لها ان تظل سرية في علاقة لا يشبه ظاهرها باطنها. فذلك الرابط بين الفرد ومجتمعه انما هو بعين اولئك مقدس لا يجوز الاعتراض عليه او الكشف عن خباياه. حول أفكار الشرف والقداسة والسرية تلتف معظم الشعوب العربية مكونة ما يشبه القبيلة او القطيع في علاقتها بمجتمعاتها واوطانها. وعلى هذا النحو، تتشكل داخل تلك المجتمعات فرقاً دفاعية متخصصة عن كل ما من شأنه ان يمس الحدود المحكمة للمجتمع او ان ينبش ما اتُفق على اخفائه بوصفه امراً داخلياً. ولهؤلاء طريقتان في رد "المعتدي": التكفير اذا كان المعتدي من الداخل فيُعامل كمنشق عن القطيع وتوجيه تهمة الاساءة الى سمعة مصر اذا كان "المعتدي" غريباً. لم تقتصر تهمة جوسلين صعب على انها غريبة اساءت الى سمعة مصر. ولكنها ايضاً قدمت فيلماً يكسر "أخلاق" السينما المصرية الجديدة التي استغرق تعزيزها تراكم سنوات من النفي المتواصل لكل ما هو حسي في السينما. "سينما العائلة" هو أحد توصيفات هذه السينما المنسجم تماماً مع فكرة ان الشعب ليس افراداً بل قبيلة او عائلة واحدة. و"السينما النظيفة" هو التوصيف الاكثر شيوعاً وربما ملاءمة لعملية ذوبان المجتمع المكبوت في صورة مثالية الى حد اختزال المجتمع بتلك الصورة الاحادية. بعكس ذلك تماماً، يمعن "دنيا" في تقديم حكايات افراد وان لم تنجُ من التحول رموزاً ـ يبحثون عن الحرية واللذة والانعتاق من الموروث بما هو سعي خارج على تقاليد القبيلة. رحلة الاكتشاف يروي الفيلم رحلة "دنيا" لاكتشاف الاحاسيس المرافقة لمتعة العيش. هي فتاة جامعية تدرس الادب لتكون اللغة مدخلها الاول الى الاكتشاف فتتخذ من "الحب في الشعر العربي" عنواناً لأطروحتها. الرقص مدخلها الثاني الى عالم الاحاسيس ولكنه ايضاً تحرر من بيئتها الصعيدية واقتفاء لأثر امها الراقصة المشهورة التي لم تعرفها. ربما لذلك تكثر لقطات "دنيا" مطلة برأسها من بين دفتي باب موارب او من نافذة مفتوحة. انه فعل التلصص أحياناً المرافق للاكتشاف ومحاولة الاطلال على عالم مليء بالغموض والاسرار. بين التجربتين النظريتين في اللذة (لذة الشعر ولذة الرقص)، تعيش "دنيا" علاقة مع شاب يحبها انما من دون لمس. حواسها باردة ولكن عقلها مشتعل بالهواجس والافكار والقلق. فهي ترغب في اختبار احاسيس الحب واللذة ولكن أحاسيسها الباردة تحول دون ذلك. العجز هو الوصف الملائم لدنيا: العجز عن تحسس معاني الشعر والعجز عن ان تذيب روحها وجسدها في بوتقة الحركة والايقاع وأخيراً العجز عن تذوق لذة الحب مع حبيبها ومن ثم زوجها. في مدار "دنيا"، ثلاث شخصيات رئيسية: "عنايات" (عايدة رياض) سائقة التاكسي، "أروى" (سوسن بدر) الاستاذة الجامعية و"بشير" (محمد منير) الاستاذ الجامعي أيضاً والمثقف. تلتقي "دنيا" مع الاولى عندما تقرر تجرع اللذة من خلال الزواج ومع الثانية بمحاولة استقاء الاحاسيس من العقل. اما مع "بشير" فتتقاطع حيواتهما عند الاحساس بالفقد والعجز. فالاستاذ الجامعي يفقد بصره بعد تعرضه لاعتداء على يد متطرفين عقاباً على موقفه المدافع عن حرية الادب وذلك عندما تُصادر النسخة الكاملة لكتاب "ألف ليلة وليلة" ويتم إحراقها (واقعة حقيقية حدثت منتصف الثمانينات والطبعة تسمى طبعة بولاق). كلاهما فاقد لشيء وباحث عن اكتشاف العالم من خلال حواسه الاخرى. "دنيا" التي فقدت الاحساس باللذة تبحث بعقلها وحركة جسدها. و"بشير" فاقد البصر يلجأ الى حواسه الاخرى كالشم والسمع واللمس ليتواصل مع العالم. كلاهما يلتقيان عند تحويل الجسد مركزاً للكون، "دنيا" من خلال الرقص و"بشير" من خلال تلمس طريقه انطلاقاً من ان جسده هو المحور الوحيد القادر على توجيهه. وفي النهاية عندما يلتقي جسداهما، يبرق النور في عيني "بشير" من جديد وتستيقظ حواس "دنيا" النائمة. تكتمل اللذة بلقاء الجسد والروح والعقل. عالمان تبني جوسلين صعب شخصيات واقعية ولكنها لا تتوخى الواقعية في تصويرها. انها تقذف بعالمها السينمائي داخل الواقع فتبقي على مسافة بينهما كالمسافة بين الثريا المدلاة من سقف غرفة والغرفة او كالمسافة بين زورق عائم في اناء والاناء. بمعنى آخر، هي مسافة الفضاء الذي يجعل من الثريا او الزورق العائم جزءاً من المكان وانما غير عضوي. لعل قدوم المخرجة من السينما الوثائقية يدفعها الى تحويل احداثها وشخصياتها حالات دراسية. فهي من جهة تخضعها لعناصر الرواية المحكمة ومن جهة ثانية تبقيها مفتوحة على المجهول (كما في العمل الوثائقي) في تصادمها مع الواقع. بين هذا وذاك، تضع الكاميرا وتلتقط تفاصيل تخبط العالمين. ربما لذلك اتهمت بالاستشراق. فصور الاحياء الشعبية التي تفتتح الفيلم بألوانها المشبعة تجعل المكان يبدو اقرب الى ديكور. ومشاهد الراقصات البدينات الكاريكاتورية تشير الى افراغ الحالة من سياقها الواقعي. ولكن ذلك ليس الا ثمرة تزاوج عالم الفيلم بالعالم الخارجي. تراكم تلك المشاهد في الذهن صوراً لحياة محاطة بالحسية (الملابس الداخلية المرصوفة على جانبي الطريق، الرقص، المشاهد السينمائية...) بما يتناقض مع حياة شخوصها المطالَبين بلجم النفس. ولعل أكثر المشاهد تعبيراً عن ذلك هو الذي يجمع بين "دنيا" وحبيبها: هي تشاهد من نافذة منزلها المطلة على شاشة سينمائية في الهواء الطلق مشهد حب سينمائي بطلته هدى سلطان بينما تمنع حبيبها من ان يحيط جسدها بذراعه. لكأن الانفعال حتى تجاه هذا المشهد امر محرم. والفيلم لم يدعِ بهذا المعنى واقعية ما. فمنذ اللحظة الاولى التي تتصاعد فيها الموسيقى الايقاعية من خارج عالم الفيلم لترقص عليها شخصياته تدرك ان ثمة تركيب مقصود لتلك الحالة. كذلك الأمر بالنسبة الى اماكن الفيلم الأخرى التي تتقصد المخرجة تغريبها عن الواقع باستثناء بيت "عنايات" التي هي شخصية اصيلة من الواقع غير المركب. اما الاماكن الاخرى (استديو الرقص، بيتها، الفندق...) فلا تعدو كونها فضاءات تختبر "دنيا" فيها علاقتها بالعالم الخارجي. أحياناً تتحول تلك الاماكن رمزاً كالصحراء التي يستعيد فيها "بشير" الصلة بين حواسه والعالم مضيئاً بعماه عقل طفل صغير يعلمه القراءة بينما يتنقل بين الظلمة والنور في واحدة من دلالات الفيلم الصوفية الكثيرة. في نهاية الفيلم يلتقي العالمان: دينا تخرج من الاستديو المغلق الذي كانت تتعلم الرقص فيه الى الفضاء المفتوح والافق اللامتناهي (البحر) لتؤدي رقصة الولادة الجديدة. "عنايات" هي اذاً الشخصية الواقعية بامتياز وهي دليلنا في شوارع القاهرة كما انها الشخصية التي تطرح المخرجة من خلالها قضايا ملموسة. فبعيداً من بحث "دنيا" عن اللذة وتلمس "بشير" لحدوده مع العالم الخارجي، تعيش "عنايات" حكايات يومية بسيطة كعلاقتها المحمومة بزوجها وخوفها على ابنتها من سعي جدتها الى تختينها. ولكن "عنايات" كما نفهم في سياق الاحداث هي النموذج المضاد لدنيا بمعنى ما. كلتاهما تعرضتا للختان وتتشاركان بتعبير مجازي شعور "الانوثة المشطوبة" (انطلاقاً من تعريف الفيلم للمرأة المختونة بمشطوبة) ولكن بينما تحاول الاولى التعويض عن ذلك بأساليب الالعاب الجنسية والمغالاة في اثبات قدراتها كأنثى، تعقلن "دنيا" الامور مدركة المسافة بين الرغبة واللذة. انها ترغب بالذذة ولكنها عاجزة عن ان تعيشها. تقع نقطة التحول في شخصية "عنايات" عندما تخضع ابنتها من دون علمها للختان. عندها فقط تعترف "عنايات" انها لم تكن تريد لابنتها ان تعيش مثلها اي "باردة". وهنا ايضاً ينكسر الوهم الشائع الموروث من ان اللذة تستعر بالزواج بصرف النظر عما اذا كانت الممرأة مختونة ام لا. مشهد الختان هو ايضاً ذروة الفيلم ونقطة تحرر "دنيا" من ماضيها. لكأن صرخة الفتاة اعادت اليها صوتاً بعيداً من ماضيها المكبوت. لكأن تلك الصرخة هي صرخة "دنيا" المكبوتة. بسبب هذا المشهد، كان على جوسلين صعب ان تحذف تلك الجملة من نهاية الفيلم الذي تحول بفعلها الى عمل وظيفته ان يقوم بذلك الاعلان في نهايته. أفكار ولا حكاية يراكم شريط "دنيا" حالات وشخصيات. يبدأ مع "دنيا" في بحثها عن الحسي في الشعر والرقص والجنس وما يترافق مع ذلك من شخصيات ومواقف. ويقدم "بشير" بخطاب المثقف المدافع عن الحرية بالمطلق. وعلى الهامش، تظهر "أروى" شخصية قوية تواجه المجتمع بمساكنة حبيبها و"عنايات" والشاب الجامعي حبيب "دنيا" الذي يعيش شيزوفرينيا أخلاقية بين الموروث الاجتماعي وانفتاح الحياة المعاصرة مكوناً هجيناً من الاثنين بحسب ما يتناسب مع قناعاته. الا ان هذا التراكم لا يؤدي في نهاية المطاف خلق حياة داخلية للشخصيات والاحداث. فكل شخصية تمضي في مسارها بمعرفة سابقة (منها ومن المشاهد) الى اين ستصل. تعزز ذلك حوارات لا تخلو من خطابية (عند بشير ومدرب الرقص تحديداً) ورصف غير متداخل للمشاهد وعلاقات مبتورة غامضة احياناً بين الشخصيات. لعل تصريح المخرجة السابق من ان الفيلم وصل الى اربع ساعات في نسخته الاولى يلوح سبباً اساسياً وراء ذلك البتر والتقطع. كذلك تبدو المخرجة مأخوذة بإيحاءات بعض المشاهد اكثر من موقعه في سياق الفيلم. العودة الى "بشير" في أكثر من مشهد متحسساً حدود الغرفة ومحاولاً تلمس طريقه هو من ذلك القبيل. بهذا المعنى، يتحول بعض المشاهد راية لأفكار فقط كما وعناوين ليست هجينة ولكن الفيلم لم ينجح في صهرها. تماماً كبطلتها "دنيا" التي تقرر كتابة أطروحة عن الحب لتكتشف الحب، صنعت جوسلين صعب فيلماً لتكتشف القاهرة. بصرف النظر عن الاحكام المسبقة، في الفيلم مقاربة خاصة لهذه المدينة ورؤية لا تخص سوى مخرجتها. في طريقها، اكتشفت صعب ممثلة اسمها حنان الترك. ليست ممثلة جديدة ولكن هكذا تظهر في "دنيا" كأنك لم ترَها من قبل. بمعنى ما، وبالتعبير السائد، تلبس الممثلة عباءة الشخصية تماماً. انفاعالاتهما تتداخل وكذلك مشيتهما وملابسهما. على هذا النحو، يشعر المشاهد ان ما يصدر عن "دنيا" انما نابع من حنان. الهواجس والافكار والقلق والبحث تبدو ملك الممثلة فتنقلها الى الشخصية بسلاسة وبقدرة على اللعب على حافة الاحاسيس. المستقبل اللبنانية في 8 سبتمبر 2006
حسام عزالدين-الفرنسية- اختارت مخرجات فلسطينيات شابات تجاربهن الشخصية وتجارب أسرهن محاور رئيسية فى أفلام وثائقية ستعرض فى مهرجان شاشات السينمائى الذى يبدأ الأسبوع المقبل فى قصر رام الله الثقافى بالضفة الغربية. فقد جعلت المخرجة نجوى نجار جدتها وجدها نعيم ووديعة محور فيلمها الوثائقى الذى تروى فيه أحداث رحيل أسرتها عن مدينة يافا العربية فى العام 1948. وعاشت نجوى نجار الحاصلة على الماجستير فى السينما فى الولايات المتحدة الأميركية قبل أن تعود إلى مدينة القدس فى العام 1999، لتمارس عملها فى الإخراج السينمائي. وعن سبب اختيارها جدها وجدتها، تقول نجار "طوال حياتى وأنا اسمع من والدى ووالدتى عن ترحيلنا وهجرتنا من يافا، واحببت أن اخرج الفيلم بطابعه الانسانى لأن لغة الطابع الإنسانى هى الأقرب للغرب على فهمها". وتقول نجار التى انتجت فيلمها بنفسها فى العام 1999 إنها أمضت حوالى ستة أشهر فى مكتبة الجامعة العبرية فى القدس وفى مكتبة السينماتيك الاسرائيلية للبحث عن مواد تاريخية مزجتها مع صور جدتها وجدها فى منزلهما فى يافا. وستعرض النجار فيلمها نعيم ووديعة إضافة إلى فيلم وثائقى آخر عن الجدار الفاصل الذى تواصل اسرائيل بناءه فى الضفة الغربية، حيث يروى الفيلم " ياسمين تغني" قصة حب بين فتاة تبيع الورد وشاب يفصلهما الجدار عن بعضهما البعض. من جهتها عرضت المخرجة ناهد عواد تجربتها فى اخراج فيلمها " 25 كلم" الذى يروى رحلتها اليومية من مكان عملها فى مدينة رام الله إلى منزلها فى بيت ساحور، وما تخلل رحلتها من حواجز اسرائيلية على الطريق ابعدت المسافة بين المكانين. وحصلت ناهد على منحة لتعلم الاخراج السينمائى فى الدنمارك، وحملت موادها التى جمعتها على مدار العام معها الى الدنمارك، وتقول إنها أخذت وقتها فى التفكير ومن ثم إخراج الفيلم وبشكل يروى قصتها الإنسانية التى تروى معاناة العديد من الفلسطينيين اليومية. وتقول ناهد " كل انسان فلسطينى لديه قصة يحكيها، والأرقام التى تنشر يوميا عن القتلى والجرحى لم تعد ذات تاثير مثل ما تفعله قصة انسانية". ولم تكن المخرجة ايناس المظفر تعلم أن التوثيق اليومى الذى قامت به على مدار سنة فى تصوير حياة والدها ووالدتها أمام منزلهما فى مدينة القدس، سيكون مادة صالحة لفيلم عن التغييرات التى أحدثها الجدار الفاصل فى حياة الفلسطينيين فى المدينة. وتقول ايناس " كنت أعمل مع مخرج سويدى وعرضت عليه فكرة إخراج فيلم وثائقى عن الجدار بطابع انساني، واقنعنى المخرج السويدى بأن المادة التى بحوزتى تصلح لفيلم وثائقى جميل ومؤثر". وأعدت إيناس فيلمها شرق لغرب الذى يروى حياة أسرة فلسطينية فصل الجدار ما بينها وجعل أحد افرادها فى الشرق والآخر فى الغرب. وتقول ايناس إن اشكاليات الإخراج والانتاج السينمائى فى الأراضى الفلسطينية تدفع بالمخرجات الفلسطينيات للاعتماد على التجارب الشخصية كمحور لأفلامهن الوثائقية. وأعلنت مؤسسة شاشات الفلسطينية عن انطلاق فعاليات مهرجان سينما المرأة فى فلسطين فى الأسبوع المقبل، حيث سيشمل المهرجان عرض أفلام لـ15 مخرجة فلسطينية، إضافة إلى عدد من الأفلام العربية والأجنبية التى اخرجتها نساء. وحسب مديرة مؤسسة شاشات علياء ارصغلى فإن هناك 35 مخرجة فلسطينية، منهن من يعملن فى الأراضى الفلسطينية ومنهن فى أوروبا والدول العربية لكن الفلسطينيين انفسهم لا يعرفوهن. وقالت ارصغلى لذلك يحاول المهرجان التعريف بالمخرجات الفلسطينيات، من خلال عرض أفلامهن فى الجامعات والقرى والمخيمات على مدار ثلاثة أشهر. وسيقدم متخصصون دوليون على هامش المهرجان ندوات ومحاضرات عن فعاليات ومؤسسات السينما الدولية. العرب أنلاين في 5 سبتمبر 2006
ملصقات السينما المصرية في كتاب جامع... وجوه وأسماء ملونة لاجتذاب جمهور مفتون الاسكندرية – خالد عزب بصدور كتالوغ «أفيش السينما المصرية» عن دار الشروق نستطيع أن نقول إن هناك وعياً ما بدأ ينمو نحو أرشفة تاريخ السينما المصرية. الكتاب يتميز بدقة الإخراج وروعته، مع مقدمة إضافية لمحمود قاسم، فأفيش الفيلم هو أول علاقة حميمة بين الفيلم والمرء حتى وإن كان المرء لن يشاهد الفيلم، وهو أول أداة إعلانية عن الأفلام وبالتالي جاء تصميمها ليحمل بين طياته عوامل نجاح أو فشل الفيلم. الملصق (الأفيش) إما أن يزرع بذور الحب في قلب المشاهد، أو يلفت انتباهه بصورة تجعله يهرول لمشاهدة الفيلم. كان الأوروبيون أول من صمم «أفيشات» الأفلام في مصر، خصوصاً الأرمن منهم اللذين جاؤوا للإقامة فيها. ثم بدأت المؤسسات الصغيرة في الظهور، الواحدة تلو الأخرى. ويعد نجوم الأفلام بأسماء أو صور بؤرة هذه الأفيشات، ونقاط التركيز فيها، ويتوقف ذلك على شعبية النجم، وقبول الناس له، فهذا يعني أن النجم موجود بقوة في الفيلم، مثلما هو موجود في الأفيش، أي أن الأفيش هنا يعتبر مدخل الفيلم أو مفتاحه، وبمتابعة هذه الملصقات طوال هذا التاريخ، تجد أن نجوماً كانت صورهم وأسماؤهم المكتوبة في شكل متفرد، سبب جذب الناس. مصممو الأفيشات (أو الملصقات) هم أكثر من يكشف عنهم هذا الكتالوغ الرائع الذي أعده سيف سلماوي وأخرجه رجائي عبدالله، ومنهم الفنان جسور الذي تعود شهرته وقدرته البارعة الى رسم الوجوه وصوغها. ومن يتتبع مراحل تطور جسور خلال ثلاثة عقود من الزمن يجد أن طفرات ملحوظة قد حدثت في رحلة هذا الفنان، ففي فيلم لقاء في الغروب، لم تكن ملامح الأبطال واضحة بالصورة نفسها التي رأيناها على أفيش فيلم «اعتداء»، ما يعكس أن الفنان قد تطور مع الزمن، ولم يلجأ إلى الاستسهال أو الاستعجال في تنفيذ ما يرسمه، خصوصاً بعد أن صار أكثر تمكناً. وجسور اسمه الحقيقي حسن مظهر، تخرج في كلية الفنون الجميلة، صمم الأفيشات لعدد من الأفلام منها «لقاء في الغروب»، و «أحمر شفايف»، و «بحبوح أفندي». ثم نلاحظ بروز المصمم اليوناني فاسيليو الذي شهدت مرحلة الخمسينات نشاطاً مكثفاً لعمله في تصميم ورسم الأفيشات في شكل مميز، ويمكن مراجعة هذا التميز في أفيشات أفلام تنتمي إلى تلك السنوات، ومنها: «قيس وليلى»، «شهر الحب»، «حبي الوحيد»، كان فاسيليو يرسم العاشقين العربيين على طريقته، بينما على أفيش «حبي الوحيد» يرسم عاشقين يتعانقان، من دون أي ملامح للأوجه، ما يعني أنه لم يغازل المتفرج بوجه أي من نجوم الفيلم الثلاثة، وهم عمر الشريف، كمال الشناوي، ونادية لطفي، أما في «الخرساء» فقد ركز على وجه صارخ لسميرة أحمد في منتهى الهلع، بينما رسم أفيش «نهر الحب» من خلال رسم وجهي عاشقين فقط. وقد دخل هذا المجال رسامو كاريكاتور بارزون على رأسهم مصطفـى حسين الذي صمم أفـيـشات أفلام منها: «إلى المأذون»، «يا حبيبي»، «سوبر ماركت». واستـعان عــدد من «الأفـيـشات» بالصور الفـوتوغـرافيـة للنجوم ممزوجة أحياناً بالرسوم. بلغ هـذا النـوع ذروته مع إدخال «الفوتو شوب» في تصميم الأفيشات. سيبقى الأفيش السينمائي طيلة ما تبقى للسينما من أعمار، بمثابة الواجهة الأولى، ولغة الخطاب، بين الفيلم والجمهور، سواء أكان مشاهداً له أو لا. وسيستفيد صناع هذه الأفيشات من التطورات التقنية، سواء من حيث التصميم، أو الطباعة، أو التوزيع، والنص، واختيار الأماكن، لكنها ستظل تعمل بالوتيرة نفسها، من حيث شدة التركيز على السبب الأول لنجاح الفيلم تجارياً، سواء كان اسم النجم، أو صورته، أو أسماء نجوم غيره، أو اسم المخرج، ولأنه لم يعد في بلادنا اسم مخرج يمكنه أن يجذب الناس للمشاهدة، فسيبقى النجم مسيطراً لعقود طويلة على الأفيشات. ومن المرجح أن تعرف النجومية انقلابات حادة، ووجوهاً غير مألوفة، مثل الصعود المذهل الذي حدث لمحمد هنيدي ابتداء من «صعيدي في الجامعة الأميركية» عام 1998، ومحمد سعد في فيلمه «أللمبي»، ومعظم هذه النجومية ستكون للرجال في المقام الأول. وهو ما سيظل الملصق يعكسه بالطبع. الحياة اللبنانية في 8 سبتمبر 2006 |
نجمة الصين الأولى أصبحت بطلة أفلام مغامرات هوليوودية... غونغ لي: الرقابة الصينية لا تسمح بأي لقطة عاطفية أو ... اباحية باريس - نبيل مسعد إنها النجمة السينمائية الأولى في بلدها الصين منذ مطلع التسعينات، وإحدى أجمل نساء العالم حسب التصنيف السنوي الذي تجريه مجلة «بيبول» الأميركية، إضافة الى أنها من سفيرات ماركة «تانغ» الصينية للثياب ولدار «لوريال» الفرنسية لمنتجات التجميل والشعر، مثل أندي ماكدويل وليتيسيا كاستا والهندية أيشواريا راي ملكة جمال العالم السابقة التي أصبحت أيضاً ممثلة. ولدت غونغ لي في عائلة من خمسة أطفال هي أصغرهم، واحتل والدها مكانة مهمة كأستاذ جامعي في الاقتصاد، وحلمت غونغ منذ صباها في أن تتعلم فن الغناء كي تصبح مغنية أوبرا كبيرة لكنها فشلت في إمتحان القبول في المدرسة التي تتخرج منها مغنيات الأوبرا الصينيات، فاتجهت مكسورة الخاطر نحو التمثيل وتفوقت فيه وعثرت فور تخرجها من معهد الدراما على دور أول في فيلم أخرجه السينمائي زانغ يي مو وصارت خطيبته بين يوم وليلة ما سهل عليها العمل في ما بعد وفتح أمامها باب النجومية في بلدها نظراً الى جودة أعمال خطيبها الذي لم يبخل عليها ببطولة كل أفلامه. وفازت غونغ لي في منتصف التسعينات بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان البندقية عن دورها في فيلم «كي جو»، وقالت عنها مجلة «بريميير» السينمائية الفرنسية عقب ظهور فيلم «الوداع يا عشيقتي» من بطولتها أنها من أفضل الممثلات في تاريخ الفن السابع على مستوى العالم. انتهت علاقة غونغ لي بزانغ يي مو في 1996 وتزوجت النجمة في ما بعد من رجل أعمال لا علاقة له بالسينما بل بصناعة التبغ، ما لم يمنعها من مواصلة نشاطها الفني بالرواج نفسه، إلى درجة أن فرقة «ريد هوت شيلي بيبرز» المعروفة أطلقت أغنية تحمل اسمها. واستحقت غونغ لي وسام الشرف الخاص بالفنون والأداب من وزارة الثقافة الفرنسية وهي تزور أوروبا بشكل دوري للترويج لأفلامها، وتحضر المناسبات السينمائية الكبيرة، وقد تغيرت الأمور في حياة غونغ لي أخيراً إذ أنها وافقت وللمرة الأولى على تولي البطولة النسائية في فيلم هوليوودي هو «رذيلة ميامي» إلى جوار كل من النجمين جيمي فوكس وكولين فاريل بعدما إشتهرت في الماضي برفضها المباشر أي عرض مهني فني غير صيني. ولمناسبة حضورها إلى باريس لتروج لهذا العمل التقتها «الحياة» وحاورتها. · كم مرة عبّرت من خلال اللقاءات الصحافية عن رفضك التام الظهور في أفلام غير صينية خصوصاً أميركية، فما الذي تغير؟ (تبتسم) أولاً لم أكن أتكلم أي لغة غير لغتي، وأقصد الصينية، ما كان يجعلني أحتاج بشكل مستمر إلى مترجمة تصطحبني إلى الندوات الإعلامية والمقابلات مع الصحافيين، ولم أكن بالتالي في وضع يسمح لي بالموافقة على العمل خارج بلدي إلا إذا مثلت الدور بلغتي وتمت دبلجته في ما بعد، وهذا أمر مزعج جداً ويعني أن الشركة المنتجة تود فعلاً أن تكون الممثلة هي التي تؤدي الشخصية وليست سواها. وأعترف بأنني تلقيت في الماضي أكثر من عرض أوروبي وأميركي وكانت السيناريوهات مغرية إلى حد ما لكنها جاءت دائماً مشروطة بتعلمي اللغة الإنكليزية ولو بشكل يسمح لي بالتفوه بها من دون إجادتها. وبصرف النظر عن لكنتي الأصلية، لكني لم أكن مستعدة اطلاقاً لذلك، فأنا لا أميل إلى تعلم اللغات أساساً غير أن شعوري الوطني القوي كان يثير عنادي ضد الأجانب ويحثني على التفكير بأنهم إذا أرادوا الاستعانة بخدماتي فعليهم تصوير افلامهم باللغة الصينية (تضحك). معذرة يا سيدي لكنني كنت لا أزال شابة جداً ومتهورة وعنيدة من دون أي دراية بواقع الأمور، لكنني مع مرور الأيام والأعوام تغيرت وحلت الحكمة مكان الروح الثورية وتعلمت الإنكليزية وبعض مبادئ الفرنسية فصرت مستعدة لقبول السيناريوهات وقراءتها بنفسي من دون الحاجة إلى مترجم أو مترجمة ثم الحكم عليها وإبداء رأيي في حكاية العمل مع هذا المخرج أو ذاك خارج الصين. والأهم في القصة كلها هو أنني أصبحت أتمتع بثقة كبيرة بنفسي وبقدراتي إثر تعلمي لغة إضافية أعتبرها الآن بمثابة نافذة على العالم. · أُعجبتِ إذاً بسيناريو «رذيلة ميامي» ولذا وافقت على الدور المطروح عليك في الفيلم؟ - نعم، أنا أعجبت إلى درجة كبيرة بالنص السينمائي المكتوب، ثم بالمخرج مايكل مان بعدما ألقيت نظرة عميقة جداً على أفلامه السابقة، مثل «علي» الذي روى حياة بطل الملاكمة محمد علي كلاي و«حرارة» مع روبرت دي نيرو وآل باتشينو، و «جانبي» مع توم كروز وجيمي فوكس شريكي في بطولة «رذيلة ميامي»، ووجدت هذه الأعمال ممتازة ولا علاقة لها بأفلام المغامرات الأميركية التقليدية وإن كانت تنتمي في جوهرها إلى هذا اللون. · هل كنت شاهدت في الماضي حلقات «رذيلة ميامي» التلفزيونية التي استوحي منها سيناريو الفيلم؟ - لا لأنها لم تعرض عندنا في الصين لكنني سمعت عنها وعن نجاحها العالمي. · هل تنوين قضاء وقتك المهني الآن بين هوليوود والصين أم أنك ستتفرغين للسينما الأميركية؟ - لا أقدر على فراق سينما بلدي ولا جمهوري العريض جداً في الصين، وما أنوي فعله هو تقسيم وقتي بين الولايات المتحدة والصين حسب متطلبات العمل. ولقد ظهرتُ أخيراً في فيلم «مذكرات غيشا» الصيني الذي يلاقي نجاحاً منذ حوالى ستة شهور، وأعترف لك بأن بعض السيناريوهات الأسيوية، من يابانية وصينية، لا تتمتع بأي منافسة حتى وان كانت ضئيلة من ناحية هوليوود لشدة ما هي قوية وجميلة فكيف أضحي بها في سبيل التفرغ لممارسة مهنتي في الغرب. · شاركتِ بطولة «مذكرات غيشا» بالتحديد مع نجمة صينية ثانية أصغر منك بعض الشيء هي زانغ زي يي وهي أيضاً تعمل في هوليوود، إلا أنها بدأت هناك قبلك ومن دون أن تتكلم الإنكليزية، فهل تعتبرينها شجاعة أكثر منك؟ - ربما أنها شجاعة أكثر مني في الحقيقة لكنها عثرت في بدايتها الأميركية على دور فتاة صينية شريرة لا تتفوه بكلمة واحدة طوال مدة عرض الشريط وتكتفي بممارسة الألعاب الرياضية الأسيوية الخطرة وإستخدامها لإغتيال من يعترضون طريقها إلى أن يقهرها بطل الفيلم جاكي شان في النهاية (تضحك). أنا لم أتمتع بالحظ نفسه، ولكل واحدة مصيرها وطريقها في الحياة وفي المشوار المهني وأعرف أنها أصبحت الآن تتكلم الإنكليزية بطلاقة تامة مثلي تماماً. · أنت النجمة الرقم واحد في بلدك وهذا أمر لا يستهان به إذا نظرنا إلى عدد سكان الصين، فكيف تعيشين هذا الوضع؟ - الجمهور الأسيوي من صيني وياباني وهندي يشبه العربي، حسب ما أعرفه في تعامله مع نجومه، بمعنى أنه يعيرهم أهمية بالغة تفوق كل ما يعرفه الغرب في هذا الميدان، وأقصد بكلامي إنني لا أستطيع التواجد في مكان عام أو في مطعم أو متجر من دون أن أحتاج لرعاية الشرطة لمجرد أن تظاهرات الحب والتقدير لدى جمهوري العزيز قوية وحارة، وأنا لا اشكو منها بل على العكس أقدرها وأتخيل أن أي ممثلة في الدنيا تحلم بأن تجد نفسها محاطة بحشود جماهيرية ترغب في مخاطبتها بكلمة واحدة هي «أحبك»، لكن الأمر يمكنه أن يؤدي إلى حوادث غير مرغوب فيها، فالذي يحدث هو ترددي فقط إلى أماكن يقصدها النجوم وأهل المجتمع الراقي، وهذه خسارة لأنني أحب الاختلاط بالناس ولكن ليس في هذا الشكل، وفي النهاية أفضل هذا النمط المعيشي على برودة المشاعر في الغرب مثلاً. · هل يمكن مقارنة أجرك في الصين كنجمة كبيرة جداً بما تتقاضينه عن الفيلم الواحد في هوليوود؟ - لا طبعاً، فالدور الصغير الحجم في هوليوود يجلب لصاحبته أكثر مما أتقاضاه عن بطولة مطلقة في بلدي، لكنني لا أشكو من ذلك فلكل بلد إمكاناته من هذه الناحية والفيلم الصيني مهما نجح لا يوزع في العالم كله مثل الهوليودي، والمسألة بالتالي تظل نسبية. · تظهرين في لقطة عاطفية حميمة جداً مع النجم كولين فاريل في «رذيلة ميامي» علماً أنك في أفلامك الصينية لا تفعلين مثل هذا الشيء إطلاقاً ولا تظهرين جسدك بالمرة، فكيف واجهت الموقف؟ - وضعت شروطي في شأن هذه اللقطة منذ البداية وعن طريق وكيل أعمالي، وضمنها أن يتم تصوير المشهد من قرب بحيث لا يظهر جسدي بكامله أبداً وبشكل يسمح لي بإرتداء قطعة من ثيابي من دون أن يلاحظها المتفرج ومع ذلك أعتبر نفسي إنني تجاوزت مرحلة في حياتي المهنية لأنني، مثلما تذكره أنت، لم أتصرف هكذا مطلقاً حتى الآن في أي فيلم من أفلامي الصينية وذلك بسبب الرقابة التي لا تسمح بتاتاً باللقطات العاطفية أو الإباحية. وهناك ممثلة إنكليزية إسمها ناومي هاريس شاركت أيضاً في «رذيلة ميامي» وتبدو مجردة من كل شيء وبطريقة واضحة جداً في لقطة تدور في الحمام مع جيمي فوكس الذي يؤدي شخصية حبيبها. مقص الرقيب · هل تتخيلين نفسك مع مرور الوقت توافقين بدورك على التصرف مثلها أي مثل أي ممثلة غربية في الوضع نفسه؟ - لا أتخيل نفسي هكذا، وأرد عليك بكلمة لا في الوقت الحالي، لكنني لا أضمن تصرفاتي المستقبلية لسبب بسيط يتعلق بقدرة المخرج على إقناعي بفعل شيء أو عدم فعله، حسب نوعية الفيلم والمشهد بالتحديد. · وماذا سيكون رد فعلك جمهورك الصيني أمام اللقطة المذكورة في «رذيلة ميامي»؟ - أنه لن يراها فوق الشاشة بسبب مقص الرقيب لكنه قد يراها عبر الفيديو أو على القنوات التلفزيونية الفضائية، وأنا بصراحة لا أعرف ماذا سيكون رد فعله. · أنت ذات جمال أخاذ وقد استخدمت السينما الصينية جاذبيتك ونعومتك بطريقة ملائكية في أفلام مبنية على حكايات رومانسية، وها أنت تؤدين دور الشريرة تاجرة المخدرات في فيلمك الهوليودي الأول، فأي لون تفضلين؟ - أنا الآن مسرورة جداً كوني مثلت دور شريرة وإستطعت من خلاله تقديم الدليل لنفسي أولاً ثم للجمهور على قدراتي الدرامية المتنوعة، وهذا لا يعني أنني أتمنى التخصص في الشخصيات السلبية. إن ما أحلم به بصراحة هو عمل فكاهي أمثل فيه دور بهلوانة أو إمرأة تثير الضحك بتصرفاها الغريبة وإذا فعلت ذلك سأنجح في كسر صورتي المبنية إلى حد كبير على حكاية جمالي الملائكي، خصوصاً في بلدي، لكنني في فيلمي الصيني الأخير «مذكرات غيشا» أديت دور إمرأة رخيصة ما قد يعني أن السينمائيين، حتى هناك، بدأوا يفكرون في توسيع نطاق عروضهم المقبلة لي. الحياة اللبنانية في 8 سبتمبر 2006
«ويش؟ ويش؟» في «بلاد رقم واحد» لرباح زيمش... بين الضاحية الفرنسية والوطن المنسي باريس - ندى الأزهري نشأ في ضاحية ساخنة كانت موضوعاً لفيلمه الأول «ويش؟ ويش؟» (ما الذي يجري؟). وها هو يعود في فيلمه الثاني «بلاد رقم واحد» الذي يستكمل فيه قصة كامل، الشاب المحكوم بما يطلق عليه في فرنسا تعبير «العقوبة المزدوجة». رباح عامر زيمش، المخرج والممثل الجزائري الذي نشأ ضمن عائلة كبيرة في «بوسكيه «الضاحية الباريسية المعروفة بـ «سخونتها»، سعى إلى إنجاز فيلمه الأول، الذي حققه عام 2002، من ماله الخاص ومال عائلته حرصاً منه على الحفاظ على استقلاليته وعلى خصوصية فيلمه الذي صوره في تلك الضاحية بكاميرا DV. فهو أراد أن ينفذ عمله ببساطة تتناسب مع أجواء المنطقة التي قد تنظر بعين الريب إلى الأجهزة الضخمة والعدسات المتطفلة التي تتغلغل في حيها. شريطه هذا لفت الأنظار إليه في فرنسا كمخرج جديد متميز ومتمكن من موضوعه وأدواته. في فيلمه الثاني «بلاد رقم واحد»، بقيت الشخصية وتغير المكان. كان على كامل أن يرحل. فبعد أن قضى فترة الحكم في أحد السجون، كان عليه مغادرة الأرض الفرنسية والرجوع إلى البلد الأصلي، تطبيقاً للقانون الذي يسري في فرنسا على ذوي الأصول المهاجرة الذين يرتكبون جرماً، حيث يعاقبون مرتين. الأولى بالسجن والثانية بالطرد! هذا المنفى الإجباري من الضاحية الفرنسية إلى قريته الجزائرية، يضع كامل في موقع المراقب، عينان تراقبان بصمت بلداً ممزقاً وأناساً تائهين. ما هو عملهم؟ في إخراج متين، آسر، يعرض الفيلم الواقع الجزائري اليوم في بلدة صغيرة تقع على شاطئ البحر. وعبر مشاهد تحتوي على قدر قليل من الكلام تعبر الفكرة. تدور العدسة على الشخصيات وعلى حكاياتهم وعاداتهم وحياتهم اليومية كما لو كانت توثيقاً لكل هذا، كأن الفيلم يتأرجح بين الوثائقي والروائي لكن من دون أن يؤثر ذلك على سلاسته وقوته. ومن خلال نظرة كامل (يجسد دوره المخرج بأداء بارع في تلقائيته)، مراقبته للمحيط، لهذا المكان الجديد، الغريب، لهؤلاء الناس القريبين البعيدين، الوادعين والعنيفين، يغوص العمل في الشخصيات وينفذ إلى مشاعرها، مشاعر الخيبة والاختناق، اليأس وعدم القدرة على الاحتمال والبقاء. حين يعود كامل إلى قريته، يبحث عن دور له وعن مكان، عن أناس يتماهى معهم. يبدو ذلك ممكناً في البداية عبر هذا الاحتفال الضخم الذي ينظم لعودته على تلة، حيث الثور يذبح، والريح تعبث بالأغصان، والأطفال يتراكضون، والسكان يتوافدون، في أحد أجمل مشاهد الفيلم وأكثرها تعبيراً عن المشاعر الحقيقية الحميمة وعن طيب العيش. بيد أن كل هذا يبدو في ما بعد وكأنه واجهة فقط لعنف كامن وتقاليد راسخة تقف حائلاً أمام الأحلام والرغبة بحياة هانئة. فقد كان مشهدا الوصول والاحتفال بداية الشريط والنهاية السريعة لحلم جميل، ليخيم بعده كابوس قاتم يكتم على النفوس. حياة يومية صعبة قاسية بمللها وفقرها، رجال لا نراهم إلا في المقهى. ولكن ما هو عملهم؟ (الرجل الوحيد الذي رأيناه يعمل كان النادل!) يتناولون الشاي، أو يتداولون شأن تنظيم ميليشيا لحماية البلدة من المتطرفين الذين لا يتورعون عن تطبيق أحكامهم وقوانينهم على السكان وبث الرعب في قلوبهم. امرأة مسكينة، تذل وتضرب بعنف وتحرم من طفلها لأنها تحلم بأن تصبح مغنية. زوجها يهينها وشقيقها يحبسها وأمها تؤنبها فلا تجد ملجأها الحقيقي إلا في مشفى المجانين. فيبدو الجنون هنا وكأنه المخرج الوحيد المتبقي. كامل يخشى على نفسه منه إن بقي حيث هو. إذ لا مكان له في هذا المكان الذي حين يتصرف المرء فيه بإنسانية مدافعاً عن المرأة المسكينة، فلأنه «لا يعرف» التصرف الحسن بحسب أهل القرية كونه غريباً! تكمن قوة الفيلم في إبرازه المتمكن للمكان وللعلاقات الإنسانية والمشاعر في أشد صورها تناقضاً. من جمال المكان (الطبيعة) وقباحته (البيوت، الشوارع)، انفتاحه (البحر) وانغلاقه (النافذة المسورة)، رغد العيش (الاحتفال) وقسوته (التسكع، الإهانة)، مروراً بالمشاعر المختلفة: الانسجام والكره، السعادة والدمار النفسي... صورة لمجتمع ونظرة عميقة لسينمائي على المكان والناس. نظرة سوداوية محملة بالكآبة، بالحزن على ما آلت إليه الأمور، على هذه الفوضى وهذا العنف، على الأمل المفقود. الحياة اللبنانية في 8 سبتمبر 2006
|
"دنيا" لجوسلين صعب في عرضه اللبناني فيلم يكسر "عادات" السينما المصرية الجديدة ريما المسمار |