هناك منطق غريب التزمت به السينما المصرية منذ بداياتها حيث حملت ملامحه الفيلم الروائي الأول في تاريخها الذي أنتج عام 1927 وهذا المنطق يعتمد علي ذلك الارتباط الشرطي بين الفيلم الرومانسي وعناصر الميلودراما سواء تلك التي تحدد النهايات التي تنتهي بها تلك النوعية الفيلمية، وعادة ما تكون نهاية مأساوية أو سواء تلك التي تصبغ الأحداث بتلك النزعات الميلودرامية التي تؤدي بالضرورة إلي تلك النهاية. وفي الواقع ليس هناك توثيق رسمي يؤكد مصدر هذا المنطق الذي التزمت به السينما وجعلته أحد ركائزها في معالجة النوعية الغالبة علي إنتاجها وهو ما يطلق عليه بالفيلم الاجتماعي وإن كنت أعتقد أن هذا الاتجاه تؤول أبعاده إلي طبيعة المصريين التي تجنح إلي الميلودراما علي اعتبار أنها نوع من التطهير النفسي كما يحللها علماء النفس أو كما يطلق عليها العامة «بالموعظة» هذا بجانب أن أسباب استخدام السينما لهذا الاتجاه ومبكرا يرجع إلي رغبتها في اكتساب عوامل جذب جماهيري عندما كانت فنا وليدا في حاجة إلي مثل هذه العناصر الجاذبة للجماهير لكي تحقق لها وجودا. أما الآن وبعد أن اكتسبت السينما تلك المكانة التي تسيدت فيها سوق الفرجة بلا منافس أو منازع، فما هي إذن ضرورة تمسك السينمائيين بهذا الالتزام الذي لم يعد ذا موضوع في مواجهة العلاقات الإنسانية المعاصرة شديدة التعقيد والتشابك؟ * مصيدة التكرار «العشق والهوي» من أنسب الموضوعات التي يمكن أن تحويها الأطر الميلودرامية. لذا فقد عرفتها السينما المصرية مبكرا وعالجت كافة حالاتها وتعاملت مع العديد من عناصرها واشتهرت بذلك المثلث الذي يضم العناصر المكونة لحكائيات هذه النوعية والذي يتعامل معها فإنه يستند إلي خلفية تراثية تضم تجارب سينمائية مداها قرابة قرن من الزمان هي عمر السينما المصرية الأمر الذي سوف يتيح له الفرصة أمام اختيار أفضل العناصر التي يمكن أن يتعامل معها في تشكيل البعد الدرامي لموضوعه. علي الجانب الآخر فإن الفرصة سوف تضيق أمامه للاختيار خوفا من الوقوع في مصيدة التكرار وهو الوقوع التقليدي لفرسان هذه النوعية وهذا ما حدث لـ.. تامر حبيب في تجربتيه اللتين قدمهما للسينما حتي الآن «سهر الليالي» و«العشق والهوي» مع استبعاد «حب البنات» لأنه ينتمي لنوعية أخري فقد كانت أمامه فرصة للاختيار الأفضل. غير أنه في لعبة الدراما وأمام صناعة الورق السينمائي التجاري الذي تفرض تبعاته وطرق وأساليب التعامل معه أوضاع سوق الفرجة السينمائية وقع تامر في محظور التكرار في «العشق والهوي» بعد أن نجح بصورة ما وبحرصه الشديد علي عدم الوقوع فيه في تجربته الأولي «سهر الليالي» ويبدو أن الوقوع هنا كان ضروريا لعدة اعتبارات، أولها- بل وأهمها- الحفاظ علي المساحة الكافية من نسيج الدراما لبطل الشباك في تجربته الجديدة البعيدة عن خيلاء الأكشن. ثانيا: حنين سوق الفرجة إلي العودة أو تذكر صورة «الجان» التقليدي والذي مضي بصورته بفعل كل التفاعلات ومحاولة إعادة صورته مرة أخري إلي الأذهان لعل هذه العودة تكون بمثابة الـ «ستايل» الجديد للبطل الجديد رغم وجود العديد من المنافسين في نفس المجال ومن هنا كان هذا السقوط الاضطراري وإن كنت أعتقد أن ذكاء تامر كان يستطيع أن يتغلب علي تبعاته غير أنه استسلم له دون مقاومة، الشيء الوحيد الذي بذله هو أن قام بتضفير الضلع الذي سقط بين براثن التكرار ووضعه في إطار تشابك العلاقات وهو ما يجيد التعامل معه. وبالفعل ومن خلال هذه الزاوية وفقط استطاع أن يدير أحداث الفيلم بأكملها. * بكاء حار جدا تمكن التراث السينمائي المصري من المخرجة كاملة أبوذكري خاصة فيما يتعلق بهذا الربط الذي جمع بين الرومانسية وزعقات الميلودراما في تلك النوعية الفيلمية التي تعمل علي الوجدانيات والتي يطلق عليها الفيلم الرومانسي واستطاعت بقدر كبير من المبالغة أن تطبق أبعاد هذا الرابط علي الأحداث خاصة عند الرجال الذين جعلتهم يخضعون لهذا القدر الكبير من الإحساس بالشجن عندما يواجهون حالات الحب ولا يجدون وسيلة للتعبير عنه إلا هذا البكاء الحار جدا ويبدو أن تأثرها لم ينل هذا الجانب فقط لكنه طال كافة الجوانب التي تمثل الأركان المحورية لبناء الفيلم وشخصياته فقد اشتركت في تجسيد السقطة التي وقع فيها تامر حبيب بين براثن التكرار بل إنها عملت علي زيادة حدة هذه السقطة عندما كشفت كل رؤاها الإخراجية في تجسيد شخصية «عمر» «أحمد السقا» من خلال اقتحامه وطغيانه علي كافة خطوط الشخصيات الأخري في الفيلم حتي بات وكأنه المحور الذي يدور العالم من حوله ومن خلال فلكه.. وإن كنت أعتقد أن هذا التوجه فيه قدر من الاضطرارية التي تفرضها قوانين السوق والإنتاج والتوزيع.. فقد كان الأجدر من صانعي الفيلم وأنا أثق في قدراتهما أن يتعاملا مع هذا الاضطرار بقدر من الذكاء حتي لا تبدو الشخصية مثلما ظهرت وقد وضح عليها بصمات «التلميع» الجارية علي قدم وساق من كل من شارك في صناعة هذا الفيلم وكأنهم قد جندوا «للتخديم» علي إبراز النجم في صورته الجديدة. وقد أدي هذا التركيز علي إبراز دور النجم إلي الوقوع في خطأ درامي ما كان يجب أن يقع فيه تامر وكاملة تحديدا نظراً لتجاربهما الناجحة السابقة وإن كنت أعتقد أنه خطأ شائع يمثل إحدي سمات السينما المصرية فهذا التركيز جاء بنتيجة عكسية وفي غير صالح بناء الشخصية وتشكيلها فقد بترت جميع خطوط شخصيات الفيلم لحسابه، للدرجة التي أصيبت فيها الشخصية بالتخمة وبدت وكأن الأحداث تدور من خارجها وليس من داخلها مما جعلها «الأحداث» تبدو وكأنها مقحمة والشخصية حيالها عاجزة غير قادرة علي استيعاب حتي العلاقات مع الآخرين والتي تبدو وكأنها ضرورية لكنها في حقيقة الأمر مفروضة علي الآخرين بقوة السطو والأذعان وقد يكون لكل خط عند كل شخصية بدايته لكن عنده لابد أن تنتهي كل الحكايات!! فهو يحب الأولي ويتزوج الثانية ويعشق الثالثة حتي أخيه أحب من كانت له علاقة بها.. والكل يدور في فلكه الأمر الذي أدي بطبيعة الحال إلي فقدان الصراع وهو أبسط القواعد التي يجب أن يتصف بها البناء الدرامي فجميع الأطراف متساوية في تكوينها وغير قادرة علي اتخاذ القرار الذي يمكن أن يصعد بالخط الدرامي أو حتي يهبط به حتي ثورة الزوجة لم تكن إلا نوعاً من الإيقاع الحركي لتركيبته السيكولوجية. بهذه التركيبة المصطنعة تم «بروزة» أحمد السقا في شخصية عمر ليحكي عن العشق والهوي.. وحده. * هروب السقا الفيلم كان بمثابة عملية «نيولوك» لأحمد السقا في محاولة للتغيير من صورته المعتادة أو محاولة للكشف عن قدراته وإمكاناته الحقيقية بعيدا عن خيلاء الأكشن الذي كان يعي تماما أبعاده والذي حقق من خلاله نجوميته وإن كنت أعتقد أن هروب السقا إلي هذا الإطار ليس استغلالا لقدراته العضلية أو إمكاناته الجسدية ولكنه كان نوعا من الاختلاف عن مجموعة الشباب الذين ظهروا معه واتجه أغلبهم إن لم يكن جميعهم نحو الكوميديا الهزلية حتي تشبعت بهم السوق وأصبحت غير قادرة علي استقبال وافد جديد وكان طبيعيا أن يتطلع السقا إلي طموحات البطولة مثله مثل الآخرين فألهمه ذكاؤه إلي هذا الاختلاف الذي لم يكن له فيه منافس. غير أن هذا الفيلم كشف له مدي الخسارة التي لحقت به من جراء ذلك الأكشن الذي اختاره إطارا له فقد ظهر وكأنه ممثل ناشئ يخوض تجربة التمثل لأول مرة. وأصبح كمن زرع شجرة وعندما أراد أن يقلمها أتي عليها بفأسه. لكن الفيلم رغم ظهور السقا الباهت فيه يعد في كل الأحوال نقطة تحول في مشواره الفني عليه أن يستغلها في تحقيق كشف حقيقي لإمكاناته وموهبته وألا يضيعها مرة أخري فيما يمكن أن يبترها!! وإذا كان لي أن تحدث عن ممثل آخر في هذا الفيلم فإنه لا تبقي إلا كلمة أخيرة للمتألقة دوما منة شلبي. أما باقي فريق التمثيل فعليهم باللجوء إلي القضاء لإقامة دعوي ضد المخرجة كاملة أبوذكري لأنها «أكلت حقهم» لحساب حد تاني!! جريدة القاهرة في 15 أغسطس 2006
العشق والهوي.. ما الفرق وما هى الحدود الفاصلة ؟
هبة عبد المجيد فيلم " العشق والهوي" قد يراه البعض مجرد قصة حب تتشابك خيوطها وتتقاطع بين الظرف الاجتماعى والعاطفي.. وآخر يبحث فيه عن قبلة ضلت طريقها من مقص الرقيب، أو إفيه يداعب غرائزه ويحلل ثمن التذكرة، ولكنه أحد تلك الأفلام التى تعيد لنا سحر السينما مؤكدة أنها ليست بضعة مشاهد تمر أمامنا على شريط السيلوليد بلا منطق ولا رابط درامى فى أغلب الحالات، ولكنها مشاعر وأحاسيس يجيد السيناريست تامر حبيب رصدها، تأملها وترجمها ببراعة، متجاوزا تلك المسافة التى تفصل بين الشاشة ومقاعد المتفرجين، فما تراه أمامك جزء من واقع يتلامس معك بشكل أو بآخر فهم شخوص مؤكد نعرفهم وربما تابعنا حكاياتهم عن قرب، حتى جمل الحوار كانت شديدة الصدق والحميمية وكلها تطرح تساؤلاً مهماً حول ماهية العشق.. والهوي، ما الفرق، وما هى الحدود الفاصلة؟ فهل العشق حالة ذوبان كاملة، لا مجال فيها للمقدمات الطويلة المملة بينما فى الهوى نتوقف عند طقوس الاشارات ومن ثم لا تحدث التحولات، أم أنه "العشق" نوع من الجنون يتحول فيه العاشق لطفل حافى القدمين يمارس طفولته بكل ما فيها من براءة وحرارة وصدق، فيما يبدو الهوى ليس إلا حالة سفر لا تلبث فيها أن تفتح حقائبك حتى تغلقها لترحل؟ هل وكيف وتساؤلات كثيرة ترك فيها تامر باب الاجتهاد مفتوحا فكل نماذجه مارست العشق بصورة أو بأخري، وكلها أيضا إما جرحت أو انجرحت بسببه، بدءا من عمر وعالية "أحمد السقا ومنى زكي" اللذين تدور حولهما الأحداث، تتشابك الأحداث معهما، وبهما خاصة عندما يحول الظرف الاجتماعى دون ارتباطهما بالزواج رغم الحب الذى غلف قصتهما، وذلك بعد اكتشاف عمر لحقيقة وضعية فاطمة "غادة عبد الرازق" أخت حبيبته ، مما يدفعه لإنهاء علاقته بها والارتماء فى علاقة زواج تتوافق بعناية مع ظرفه ومكانته الاجتماعية، وهو ما افتقده فى علاقته بعالية، ورغم سنوات الزواج التى أثمرت عن وجود سيف فإن قلبه ظل مغلقا وإن كان يمارس التواؤم ظاهريا مع زوجته قسمت "بشري" والتى نفهم انها كانت تهيم به عشقا منذ الصغر، مما رجح كفتها لحظة الاختيار، فيما كان مراد " طارق لطفي" شقيق عمر يحبها ويتحين الفرصة للارتباط بها ولكنه يكتم مشاعره حينما يتأكد أنه خارج حساباتها العاطفية تماما.. تشابك العلاقات وجرأة رصدها لا تتوقف عند عمر، مراد، قسمت، ولكنها تتصاعد بدخول طرف آخر هى سلمى "منة شلبي" مديرة مكتب عمر الجديدة، والتى تتطور علاقتهما دون تدبير أو تدبر، ما يدفعهما للارتباط بعدما بات من المحال أن يفترقا وكلاهما ما لبث أن وجد ضالته فى الآخر، وكيف ترتضى سلمى العيش على هامش حياة عمر، مكتفية بالتفانى فى اسعاده ومن ثم تصالحه مع ذاته والعالم من حوله، ما يجعله فى لحظة المواجهة لا يمكنه التخلى عنها، ومصارحة زوجته بحقيقة وجودها فى حياته وبطفله منها.. وفى تلك اللحظة أيضا يكتشف عمر حقيقة مشاعر شقيقه مراد تجاه زوجته قسمت، مما يجعله يحسم قراره بإنهاء هذا الزواج الذى أفسد أيضا علاقة الاخوة والتى كانت يوما ما مثالية، فى مشهد كان شديد الجرأة والحساسية جمع بين الشقيقين... على الجانب الآخر كانت عالية تمارس - دون إرادتها - الانتقام من ذاتها ومن الظروف التى تسببت فى إنهاء علاقتها بعمر، فنراها فى لحظة تخبط وانهيار وكنوع من التعويض أو الترميم لذاتها وقلبها المجروح تدخل فى علاقة غير متكافئة مع أشرف جارها "مجدى كامل" لمجرد أنه يحبها، خاصة وأنه الوحيد الذى يرضى بحالها وبحقيقة أختها، وبالطبع تسفر لحظة السقوط عن جنين تقرر عالية التخلص منه ليس فقط لأنها لا تريد الارتباط بأشرف بسبب إدمانه للمخدرات، ولكن لأن خالته هى فاطمة بطاطس كما يسميها زبائنها.. أما فاطمة فتقف عاجزة عن استعادة عالية، تتحسر على كل سنوات الشقاء والعذاب وحلمها فى أن تصل بحياة شقيقتها إلى بر الأمان، فها هى ودون إرادتها تعاقبها لأنها السبب فى فشل زواجها ممن تحب، والتى تتأكد فى نهاية المطاف أن علاقتهم لا تصلح للاستمرار، ولأسباب أخرى بعيدا عن ظروف الماضي... غير أن القدر يمنح فاطمة فرصة ذهبية للخلاص والتطهر عندما يلتقى بها مجدى "خالد صالح" الذى يتسامح بشجاعة مع ماضيها بعدما ينفذ لما بداخلها من مشاعر وأحاسيس وقدرة مذهلة على العطاء تبهره فلا يصمد طويلا... وهكذا قدم تامر حبيب قصص عشق مختلفة ومتنوعة، ساهمت فى تفجير قدر من الرومانسية أكدتها كافة عناصر الفيلم بدءا من التمثيل والذى كان أشبه بالمباراة بين الجميع ولصالحنا كمشاهدين وبخاصة السقا والذى خرج فيه من عباءة الأكشن ليرينا وجها آخر من موهبته، كذلك منة ومنى زكي، مجدى كامل وغادة عبد الرازق وخالد صالح فى أحد أجمل أدوارهم، مرورا بالموسيقي، المونتاج، التصوير، الديكور، انتهاء بالإخراج المتميز لكاملة أبو ذكرى والذى سيمنحها والفيلم حضوراً قويا فى ذاكرتنا وللأبد. العرب أنلاين في 21 يوليو 2006 |
فيلم يحمل عكس ما يدعيه غدر وخيانة.. لا عشق ولا هوى منى الغازي عمر يحب عالية.. عالية تحب عمر.. قسمت تحب عمر.. اخو عمر يحب قسمت.. اشرف يحب عالية.. عمر يحب سلمي.. حسين يحب بطاطس.. بطاطس تحب حسين.. المخرج يحب عالية.. عالية تحب المخرج. مجموعة من الحواديت الممزقة تربطها الصدف المفتعلة على مستوى القصة وعلى مستوى البناء الدرامى للسيناريو فنحن مطالبون بحذف السؤال لماذا فلا مبرر لأى شيء يحدث ما الرابط بين عالية وعمر هل هى كلمة الحب؟ وما الأسس التى تقوم عليها العلاقة بين الشخصيتين وكيف له وهو طالع نازل عندهم وساعات بيسهر وياهم بحد قوله ان يفوته ان أختها بطة ما هى إلا بطاطس بتاعة اللى يدفع ولكن أخوه الناصح دائما يكشفها من اللحظة الأولى وبذلك يؤسس تامر حبيب مؤلف الفيلم قاعدة ذهبية ألا وهى ألا نسأل عن شيء نتفرج وخلاص فيعتدى اشرف على عالية وتحمل منه وتجرى عملية إجهاض ورغم ذلك فإنها تغفر له لأنه جارهم وربى معها منذ الصغر حتى أختها العصبية بطة أو بطاطس ذات الصوت العالى والتجارب الكثيرة تنساق خلفها ولا تسأل لماذا؟ سلسلة من الموضوعات القديمة لقصص العلاقات الفاشلة فنرى قصة ابن الباشا الذى يحب الفتاه الفقيرة وترفض أسرته الغنية وأبوه المتسلط الذى لا نراه ذلك الزواج، وهناك حدوته الزوج الذى لا يربطه بزوجته سوى الابن والمعاملة الحسنه لأنهم متربيين مع بعض بالاشتراك مع قصة حب تليفزيونية بين رجل أعمال وسكرتيرته تتحرك من العشق للزواج مع توابل جانبية بقصة صعود نجمه وعشقها لمخرج وحب رجل أعمال غنى لساقطة وزواجه منها مع بعض الإرهاصات لخطورة الإدمان ونهاية طريقه المملوء بالدماء والحسرة. شخصيات مفككة صاغها تامر حبيب فى بناء مفكك يعتمد بشكل اساسى على المصادفة فحين يصرح عمر لسلمى بأنه يحبها يكون ذلك فى نفس المطعم الذى تغنى فيه عالية وبطاطس تصنع شعرها عند نفس الكوافير الذى تتعامل معه قسمت وفى نفس الكافيتريا وعلى بعد خطوات من سلمى تجلس عالية واشرف وحين ننزل الشارع فإننا لابد ان نلتقى بنصف أبطال الفيلم إنها قرية صغيرة فى جنوب أمريكا حيث المطعم الواحد والطرق الرئيسية المحدودة والكل يلتقى جبرا وهذا ان دل فإنما يدل على الثقافة البصرية للكاتب والنابعة بشكل كامل من أفلام السينما الأمريكية دون اى ارتباط بالمجتمع المصرى الذى لا يرى فيه سوى الإدمان والجنس ورجال المال والأعمال والطبيب النفسي، وما سبق ما هو إلا مفردات الكتابة عند تامر حبيب التى سبق أن قدمها فى فلمين سابقين هما سهر الليالي، وحب البنات. وقد اجتهد الممثلون كل على حده فى إطار المشاهد وليس العمل ككل وذلك لكون المشاهد كلها تقريبا مبتورة وغير متصلة مما جعل الأداء يبدو فى مجمله ركيكا وتقليديا خاصة مجدى كامل فى دور اشرف وغادة عبد الرازق فى دور بطة فقد لجأ الى مفردات قديمة لتقديم شخصيتين قديمتين، أما النجوم احمد السقا ومنة شلبى ومنى زكي، فقد اجتهدوا للامساك بالشخصيات ومحاولة صنع بناء نفسى يحدد تطور الشخصية وكان أضعفهم فى ذلك منى زكى التى لم توضح تطور الشخصية رغم مرورها بمجموعة من الأزمات من المفترض أن تغير فى شخصيتها، كذلك أخفقت منة شلبى حين حافظت فى عينها على نظرة الاندهاش التى لم تكن مقنعة فى اغلب المشاهد بينما اخفق طارق لطفى تماما فى إظهار مشاعر تم الكشف عنها فى النهاية دون اى إرهاصات أو لمحات تمثيلية توحى بها، كما حاولت المخرجة كمالة أبو ذكرى أن تقدم حالة من الاتصال البصرى طوال الفيلم ولكنها فشلت فى ذلك فجاء الفيلم إخراجيا ممزقا كنصه والإخراج جيد على مستوى المشهد وليس البناء. تبقى نقطة مضيئة فى العمل وهى ما ساعدت بقوة على جمع شتات الفيلم ألا وهى الموسيقى التصويرية لهشام نزيه التى كانت الشيء الوحيد الذى يتحدث عن العشق والهوى داخل الفيلم. العربي الصرية في 26 أغسطس 2006
فيلم عن العشق والهوي الرومانسية مش قصص حب خايبه وشوية عياط وتنهيدات سعيد شعيب أدهشنى فى فيلم عن العشق والهوى هذه القدرة الفذة لصانعيه، وعلى رأسهم السيناريست تامر حبيب، على لملمة هذه المشاعر الحساسة والعميقة وصنع عمل فنى بديع منها، فالحقيقة إنها مادة خام متناثرة فى أرجاء حياتنا جميعا، ومن المؤكد أنها توجعنا لأنها تعشش فى قلوبنا المتعبة، ولكن من الصعب تخيل أنها يمكن أن تكون مشروعاً لفيلم جميل وقوى بهذا الشكل الفريد.. ولكنه الصدق أولا وأخيراً، ثم المهارة فى صنع شخصيات من لحم ودم، ومن قبل ومن بعد القدرة على الخروج من التصور الساذج للرومانسية فى معظم أفلام السينما المصرية شوية تنهيدات وبكا وعياط يقطع القلب إلى رحابة الحياة، والى التأكيد الدائم فى كل حرف وكل كادر وكل جملة موسيقية على عمق ونبل هذه المشاعر. فالفيلم لا يستهين بالحب الأول، ولا بالحب عموماً، ولكنه يتعاطف بحساسية مرهفة مع قصص حب عظيمة تجهضها ظروف أكبر واقوى من البشر، ولا يطرح أيضاً الانقلاب عليها، أى انتقال المحبين من خانة العشاق إلى خانة المنتقمين لمجرد أن ما أرادوه فى لحظة لم يتحقق، كما أن صناع الفيلم يتعاطفون مع الأطراف التى تصاب بضرر بالغ بسبب انصراف من أحبوهم عنهم .. باختصار هذا الفيلم الجميل لا يدين أحداً، لأن لا أحد له ذنب فى أن يقع فى الحب، ولا فى أن يقع من يحبه فى الحب دون إرادته.. ولكنها الحياة. هذه الرهافة سببها الأول السيناريو البديع لتامر حبيب،بعد فيلميه سهر الليالى وحب البنات، فهو يخطو فيه إلى الأمام، فالحوار كثيف بلا أى زيادات، والشخصيات لها ملامح واضحة، وفيها المساحات الرمادية ومساحات التردد والحيرة النابعة منها ومن ظروفها،ناهيك عن البناء الدرامى المحكم .. بالإضافة إلى الممثلين والحقيقة أنهم جميعاً كانوا مفاجأة، وأولهم احمد السقا الذى لم يقدم نفسه هذه المرة فى صورة البطل القوي، ولكنه الإنسان العادى البسيط الذى يقع فى حب فتاة ولا يستطيع الزواج منها بسبب شقيقتها المشبوهة أخلاقيا، فتراه وهو يتألم وهو يمثل بخلجات وجهه وعينيه، فى حركته المعبرة عن حالته، والحقيقة أن الفريق كله كان على نفس المستوي، منى زكى التى قدمت دورها ببساطة عميقة، وخالد صالح الذى يقدم كل مرة طريقة مختلفة فى التمثيل، فهو يتقمص الشخصية بجد، وكذلك طارق لطفى العاقل مضطراً، ولكنه ينهار -فى مشهد بديع- عندما يعترف ضمنياً بأنه كان وما زال يحب الفتاة التى تزوجها أخيه.. ومجدى كامل الذى قدم شخصية المحب فاقد الأمل والمدمن دون خشونة أو ابتذال، وبشرى التى تخلت قليلاً عن حدتها وعاشت الشخصية، ولكن المفاجأة كانت غادة عبد الرازق التى قدمت أجمل أدوارها التى رأيتها على الشاشة، تلقائية وحساسية شديدة وتدفق ممتع للمشاعر. ولكن كل هذا كان سيفقد الكثير من وهجه لولا كاميرا سامح سليم الذى قدم أجواء مشحونة بالمشاعر والأحاسيس، أجواء تجعل المشاهد وكأنه يرى الشخصيات من داخلها.. ناهيك عن الموسيقى المعبرة لهشام نزيه .. والمونتاج المنساب والناعم وهو ضرورة فى مثل هذه النوعية من الأفلام لدينا فاروق. كما أن المخرجة كاملة أبو ذكرى كانت ممسكة بالحالة الروحية -إذا صح التعبير- للعمل كله بكل تفاصيله، وهذا ما فعلته فى فيلمها السابق ملك وكتابة ... ولكنها هنا أكثر تألقاً. الحقيقة أن فريق الفيلم كله كان فى حالة انسجام وتناغم غير معتادة .. ربما لذلك السبب ورغم أن الفيلم ليس فيه أى كوميديا أو أكشن، إلا أننى شعرت بأن البشر على الشاشة وفى الصالة كانوا ممتزجين فى حالة وجد إنسانى رفيع .. فرغم أن القصص دامية إلا أنهم لم يتناولوها بكآبة .. كما أن صناع الفيلم كانت لديهم مساحة مدهشة من الرحابة الإنسانية، الرحابة والتسامح التى لم تجعل من الحب الأول، أو أى قصة حب هى نهاية العالم، كما أنهم لم يعلقوا الشخصيات التى أخطأت على المقصلة .. إنهم يعيدون الاعتبار للحب، ولحب البشر، غير مشغولين بالإدانة ولكن بالفهم والحس الإنساني، باختصار قدم هؤلاء الموهوبون فيلمهم بروح بشر حقيقيين .. ومن الطبيعى أن يمتزج معهم البشر فى صالة العرض وفى كل مكان وزمان. العربي المصرية في 16 يوليو 2006
|
سؤال من وحي الفيلم الذي أبكي كل الرجال لماذا ترتبط الرومانسية عندنا بالميلودراما؟ محمود مسعود |