محفوظ عبد الرحمن من أهم كتاب الدراما المصرية, يملك موهبة خاصة ومتفردة في صياغة الأعمال التاريخية, أو الأفلام التي تقدم عن شخصيات عامة, ولكن فيلم حليم يظل حالة استثنائية لعبد الرحمن, خاصة أنه كان يرفض كتابة الفيلم وفي النهاية رضخ لحلم صديقه أحمد زكي, ولم يسلم محفوظ عبد الرحمن من الشائعات التي تحدثت عن أجره, وعن قيام مخرج الفيلم شريف عرفة بإجراء تعديلات علي السيناريو دون علمه, عن حليم والشائعات تحدث الكاتب المبدع لـالأهرام العربي. ** بعد عرض الفيلم تجاريا ماذا عن إحساسك به؟ الفيلم أعجبني جدا وشعرت أن وجود أحمد زكي بين أبطال العمل وجود مضيء جدا كما أنه موجود بشكل معقول وجيد علي الرغم من ظروف مرضه ولكنه هو أحمد زكي كما عودنا دائما علي الأداء الجيد حتي في أحلك حالاته المرضية, كما سعدت جدا بهيثم أحمد زكي وشعرت أنه موهبة حقيقية ملفتة للنظر هذا إلي جانب أن عناصر الفيلم كلها ممتازة والعمل بأكمله به جهد واضح وهو ما شعر به الجمهور أيضا. ** معني ذلك أنك راض تماما عن الفيلم؟ هذا السؤال يوجه لي يوميا مرات عديدة ولا أفهم ما المقصود به فهل المقصود أن أشتم الفيلم أو أشتم أي شخص آخر ولكن هذا لن يحدث ولن يصدر عني أبدا. ** هل أغضبتك التغييرات التي أجريت علي السيناريو وتردد أنها أجريت في غيابك وبدون علمك؟ هذا السؤال ليس له علاقة بالفيلم لأنني كتبت سيناريو لفيلم حليم وبدأنا العمل به وعندما توفي أحمد زكي كان لابد من إجراء تغييرات علي السيناريو لتتناسب مع الوضع الجديد والنجم الذي سيحل مكان أحمد زكي وكان لابد أن يقوم المخرج شريف عرفة بإجراء تعديلات في الخطوط الدرامية لتناسب التطورات. ** معني ذلك أنك لم تشارك في هذه التغييرات؟ شاركت في99% من هذه التغييرات الخاصة بالدراما ولكن المسائل التقنية والمتعلقة بالصورة خاصة بالمخرج ومدير التصوير. ** لكن تردد بعد وفاة أحمد زكي أنك لم تحصل علي باقي أجرك بعد أن تعاقدت علي العمل مع المنتج عماد أديب فهل هذا صحيح؟ لم يحدث ذلك علي الإطلاق وليس هناك أية مشكلات أو خلافات ولو كان هذا حدث ووقعت بعض المشكلات لن أقولها خاصة أن اتفاقي في الأساس علي الفيلم كان مع الراحل أحمد زكي وكل العمل يتم بيني وبين أحمد زكي أيضا. ** معني ذلك أنك بالفعل لم تتقاض باقي أجرك ولكنك ترفض الحديث عن الأزمات التي وقعت بينك وبين جهة الإنتاج في الفيلم؟ لم أقل ذلك أنا لا أثير خلافات مادية علي الإطلاق ولا أتحدث في الأمور المادية بشكل عام ولكن قد أثير خلافات ثقافية أو سياسية لكن ما يقال كلام فارغ, ومن العيب أن نردده, لأنني لا أعرف ما المقصود بذلك, هناك عمل جيد فهل من الواجب أن نسأل هو فيلم جيد ليه؟ ** هل كنت دائم الحرص علي زيارة مواقع تصوير الفيلم؟ أنا قمت بزيارة الاستديو مرات معدودة جدا لكن لم أحضر أغلب التصوير. ** بعد عرض الفيلم كان الملاحظ وجود أخطاء تاريخية كثيرة ضمن الأحداث مثل إنه في أول حفلة أقيمت لحليم قام فيها بغناء صافيني مرة, وليس علي قد الشوق, كما هو موجود في الأحداث وهو ما يؤكده كتاب حياتي عن قصة حياة العندليب؟ هذا ما أجري في المونتاج وهو أنه تم لصق أغنية علي قد الشوق في صافيني مرة ولم يأخذ البعض في باله أنه غني في البداية صافيني مرة وهذا ليس في عملي, وفعليا لن أستطيع القول إن هناك خطأ ما لأن في المونتاج كل شيء يختلف. ** كما تردد أيضا أن فيلم حليم ظلمته الحالة الصحية للفنان أحمد زكي ما تعليقك علي ذلك؟ هذا ليس من عملي ولا يمكن الرد عليه لأنه لو كانت هذه الآراء للجمهور فليس من عملي أن أعلق علي آراء الجمهور ولن أقول هل هي آراء منصفة أم لا, وكل واحد وله وجهة نظر. ** هل قصدت اختزال دور سعاد حسني وأنه يظهر في مشاهد بسيطة في الفيلم؟ بالفعل كنت أقصد ذلك لأنه كان من غير المفضل أن أكتب عن سعاد حسني في فيلم يتناول قصة حياة عبد الحليم حافظ والسيناريو كله عن حليم وسعاد حسني وجودها في الفيلم من المفترض أن يكون هامشيا تلك وجهة نظري وأنا أهدف أن تصل للجمهور بعض التفاصيل بشكل عام عن حليم, أما سعاد حسني فتستحق أن يقدم عنها مائة ألف عمل فلماذا أقف أمام سعاد حسني في فيلم يتناول قصة حياة عبد الحليم حافظ؟ ** بعد عرض الفيلم علي هامش مهرجان كان قال البعض إن منتج الفيلم عماد أديب خدع الجميع بأن الفيلم سيعرض في مهرجان كان وفي النهاية هو علي هامشه؟ فيلم حليم لم يشترك في مهرجان كان علي الإطلاق ونحن منذ عشر سنوات لم نشارك بعمل مصري واحد سواء في مهرجان كان أم في مهرجانات كبري أخري وأنا عن نفسي أعي ذلك جيدا والكل يعي أيضا أن فيلم حليم كان معروضا علي هامش المهرجان ولو بالفعل كان الفيلم اشترك في المهرجان كنت سأعتبر ذلك جائزة في حد ذاته. ** هل تغضب من النقد؟ أنا لا أغضب من النقد ولست ضد النقد حتي لو كان ظالما للعمل الفني وذلك لأنني أحترم كل النقاد ولكن عن الفيلم بالتحديد كل من كتب لم يكتب نقدا وإنما كتبوا عن الفيلم بشكل جيد لذلك لا أعتبر أن الفيلم تعرض لحملة نقد كبيرة. ** حليم ماذا يعني بالنسبة لك؟ هذا سؤال صعب جدا لأنه من الصعب أن أحدد علاقتي الشخصية بالفيلم لأن علاقتي بالفيلم ستصبح ممزوجة بعلاقتي بأحمد زكي وهو كان بالنسبة لي إنسانا كبيرا جدا, وهذا ليس معناه أنني أهرب من الإجابة أو أبخل بها, لكن علاقتي بأحمد زكي لن أستطيع الحديث عنها خاصة أن هذا الفيلم منذ البداية حلم لأحمد زكي وكان يبحث عن تقديمه وكنت أرفض أنا لأسباب شخصية ولكن في النهاية تحقق حلم أحمد زكي وهذا هو الأهم* الأهرام العربي في 22 يوليو 2006
محفوظ يتبرأ من «حليم» وعبدالرحمن يطالب الصغير بمليون جنيه
القاهرة ـ وصفي أبو العزم: لا تزال الصراعات تعصف بأفلام موسم الصيف في القاهرة وسط سباق 17 فيلماً على جذب الجمهور نحو شباك التذاكر للفوز بـ (ملايين) الموسم، وفي ظل هذه الصراعات برزت مشكلات فنية وقضائية بعضها كان قد بدأ أثناء التحضير والتصوير والبعض الآخر بدأ مع بدء موسم العرض. أولى قضايا الموسم تلك الدعوى القضائية التي أقامها المنتج فريد عبدالرحمن ضد المطرب سعد الصغير الذي يقدم هذا الموسم فيلمين في أول ظهور له على الشاشة الكبيرة، ويطالب فريد في دعواه بمليون جنيه قيمة الشرط الجزائي للعقد الذي أخل به الصغير، والذي كانا قد اتفقا فيه على أن يقوم سعد ببطولة فيلمين من إنتاج عبدالرحمن أحدهما فيلم «عبده مواسم» وهو يمثل الإنتاج الأول لفريد. أيضاً فيلم «زي الهوا» يأتي على قائمة الأفلام التي ثار حولها الخلاف وبدأت مشاكله منذ التحضير له، حيث كان مرشحاً لبطولته المطرب اللبناني جاد شويري، إلا أن جلسات العمل الأولى كشفت عن حاجته لتدريبات طويلة قبل أن يتمكن من تعديل لهجته والوقوف أمام الكاميرا فجاء مكانه خالد النبوي، وبعد تصوير ثلاثة أرباع الفيلم حاصرته الأزمات المالية ليتوقف التصوير أكثر من مرة، وليتم تعديل السيناريو وحذف عدد من المشاهد الخارجية في محاولة للتخفيف من ارتفاع التكاليف. أيضاً من ضمن أفلام الموسم فيلم «الفرقة 16 إجرام»، الذي شهد صراعاً قضائياً بين المنتج نافع عبدالهادي وأحد أبطاله المطرب «ريكو»، بعد أن تعدد غياب «ريكو» عن بلاتوه التصوير أكثر من مرة، الأمر الذي كبدّ عبدالهادي خسائر فادحة. أما فيلم «أوقات فراغ» فقد ناله نصيب من الصراع، إذ كان من المقرر أن يخرجه هاني خليفة الذي اختلف مع المنتج حسين القلا فاعتذر ليحل محله محمد مصطفى في أول تجربة إخراجية له، أيضاً اعتذر أحمد الفيشاوي ومحمد إمام وأحمد صلاح السعدني عن المشاركة في الفيلم، مما اضطر المنتج للاستعانة بوجوه جديدة وإسناد الأدوار إليهم مما يعد مغامرة غير محسوبة في عالم الفن. فيلم «حليم» تنتظره عدة مشكلات بعد أن تبرأ منه السيناريست محفوظ عبدالرحمن مؤلف الفيلم حين اكتشف أن المخرج شريف عرفة قام بإجراء عدة تعديلات على السيناريو من دون الرجوع إليه ومن دون وضع اسمه كمؤلف للنص السينمائي بعد وفاة أحمد زكي بطل العمل. لبلبة «وش إجرام» أما فيلم «وش إجرام» لمحمد هنيدي فقد واجه عدة مشكلات بدأت بهروب معظم الممثلين المرشحين له بسبب رغبة هنيدي الانفراد بالأفيش واقتناص أكبر عدد من المشاهد لنفسه، فكان أن اعتذرت ياسمين عبدالعزيز ومي عز الدين، لتذهب البطولة لـ «بشرى» وجاءت موافقة «لبلبة» للتعاقد بعد مفاوضات أقنعها بنتيجتها المخرج وائل حسان بالدور، فيما اشترطت هي التواجد في غرفة المونتاج حتى لا تحذف أية مشاهد لها مثلما حدث معها العام الماضي مع محمد سعد في فيلم «بوحة». أزمات وخلافات بدوره فيلم «عمارة يعقوبيان» مقبل على مشكلة تتمثل بالدعاوى القضائية التي رفعها ورثة أحد مُلاك عمارة «يعقوبيان» ضد الفيلم مطالبين بوقف عرضه لأنه يشوه صورة والدهم، فضلاً عن عدد من الدعاوى القضائية الأخرى المرفوعة من قبل مهندس زراعي ذكر فيها أنه المتهم بالشذوذ الجنسي مطالباً بتعويض عشرة ملايين جنيه. ومن المتوقع أن تزداد حدة الأزمات بعد عرض الفيلم، لأنه يتعرض لشخصيات بعينها، بعد أن أكدت مصادر مقربة أن هناك تهديدات وصلت لبعض صناع الفيلم بوقف عرضه. أما آخر أفلام الموسم «عجميسا» فمن المنتظر أن يشهد مشكلة بين مخرجه طارق عبدالمعطي ونقابة السينمائيين بعد أن أوقفت النقابة التصوير لعدم حصول مخرجه على تصريح الأمر الذي عطله أكثر من شهر بعد تصوير حوالي 60 % من مشاهده، إضافة إلى تغريم «طارق» 200 ألف جنيه، وقد وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، مما اضطر المنتج محمد حسن إلى إسناد الإخراج إلى ألفت إمام. البيان الإماراتية في 26 يوليو 2006 |
لا يمكن أن يكتب محفوظ عبدالرحمن فيلما بهذه الهشاشة والسطحية
د. وليد سيف
لاشك أن تحقيق فيلم حليم واجه العديد من الصعاب منذ بداياته كمشروع سينمائي أو كحلم للفنان الراحل الرائع أحمد زكي وحتي ظهوره مؤخرا علي شاشات جميع دور العرض . قررت الشركة المنتجة أن تخوض المغامرة وأن توفر للفيلم أفضل الإمكانات المادية والبشرية و التقنية وتمكنت من أن تحصل علي مادة أرشيفية ووثائقية صحفية وسينمائية شديدة الندرة . وبدأ تصوير الفيلم علي الرغم من إصابة بطله بالمرض اللعين . وبالطبع كان جدول التصوير يعتمد علي تقارير الأطباء وبرنامج العلاج وقدرة أحمد زكي علي مواجهة الكاميرا واحتمال الوضع جالسا والذي أدي به معظم مشاهده وهي الطريقة الوحيدة التي كانت تناسبه في ظل ظروفه الصحية الصعبة .. والتي ربما تكون هي التي فرضت علي الفيلم هذا الشكل الريبورتاجي الأقرب إلي البرامج التليفزيونية حيث نري أحمد زكي أو حليم من حين لآخر وهو يرد علي أسئلة المذيع ثم نعود بالفلاش باك من وجهة نظره لنشاهد الحدث الذي يكون فيه هيثم زكي غالبا هو الذي يؤدي دور عبد الحليم .. يعرض فيلم حليم شذرات من سيرة حياته ونتعرف في البداية علي بعض تفاصيل رحلة صعودة إلي عرش النجومية في عالم الغناء وقمة النجاح في دنيا السينما .. ولكن هل قدم لنا من خلال هذه الشذرات قصة النجاح الفريدة لشاب فقير ضعيف البنية من قاع المجتمع تربي في الملجأ ولم يكن يملك سوي الموهبة والإصرار سبيلا ليوجد لنفسه مكانا علي الساحة الفنية .. وإذا كان الفيلم يقدم لنا زملاء حليم وأبناء جيله وكتيبة المبدعين التي أحاطت به من المؤلفين والملحنين فإننا نراهم في مشاهد خفيفة تفتقد المعني والقيمة والدلالة ليضيع علي الفيلم تقديم زمن حليم وجيل حليم .. هذا الجيل الذي ولد في حضن الثورة والذي استفاد أقصي استفادة ممكنة من زمن حقق لأبناء الفقراء الكثير وأتاح لهم فرصة الظهور والتواجد علي الساحة وأعطي الفرصة الحقيقية للمواهب الحقيقية والكفاءات الحقيقية لتوجد لنفسها مكانا علي الساحة ولتحقق ما تستحقه من نجاح ومن مجد .. كان حليم واجهة لمجموعة من المبدعين المجددين معبرا عن جيل من الشباب في ظل متغيرات اجتماعية وسياسية ثورية .. ولكننا لم نري من كل هذا سوي حكايات شخصية بلا معني مثل حكاية المطرب الشاب الذي طالبته الجماهير بالغناء لعبد الوهاب فذهب إليه يسأله عن رأيه في هذا فجرح كرامته حين قدم له ورقة مالية كإعانة .. أو حكاية الأخ الذي يحاول أن يداري غيرته من نجاح شقيقه .. أو الموسيقار الكبير الذي يرفض توقيع شيكات في المساء .. حكايات أشبه بالحواديت المسلية التي تزخر بها الصحافة الفنية أو التي تعبأ بها المسلسلات التليفزيونية ساعات إرسالها من أجل استهلاك الوقت .. عبد الحليم علي طريقة سين وجيم يطرح المذيع علي حليم العديد من الأسئلة ليترك له المجال ليوضح لنا الحقيقة من وجهة نظره فنعرف مثلا سر خلافه مع أم كلثوم وموقفه من أغانيه الوطنية بعد النكسة وحكاية الفتاة التي ادعت أنها خطيبته وقصة حبه الحقيقية وعلاقته بسعاد حسني .. وهكذا تستطيع أن تخرج من هذا الفيلم لتجد إجابة عن أي سؤال عن عبد الحليم ولكن هل هذا هو الهدف من الدراما أو الفن.. لا أعتقد أن محفوظ عبد الرحمن يمكن أن يكتب فيلما بهذه الهشاشة والسطحية .. وربما بسبب اجتهادات المخرج الكثيرة وإجراء تغييرات كبيرة علي السيناريو اضطر لتوضيح دوره في السيناريو علي الأفيشات والتيترات . بعد وفاة أحمد زكي قبل الانتهاء من تصوير مشاهده كان القرار الأصعب الذي واجه شريف عرفة هو اختيار الممثل الذي سيستكمل الفيلم .. وبدلا من أن يتم البحث عن ممثل شاب يجيد التمثيل بالدرجة الأولي - ويمكن تقريب الشبه بينه وبين الشخصية بشكل أو بآخر - تمت الاستعانة بهيثم أحمد زكي الذي لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا أو ممارسة التمثيل علي الإطلاق .. الخلط بين التمثيل والتقليد ولكن يبدو أن فكرة تفضيل الشبه علي التمثيل سيطرت علي اختيار الكثير من ممثلي الفيلم .. فلا شك مثلا أن بهاء جاهين هو الأقرب إلي الشبه من والده ولكن هل المقصود هو التشبيه أم التعبير؟ .. وهل لو أدي الدور ممثل في حجم وموهبة خالد صالح مثلا ألم يكن بإمكانه أن يضيف الكثير إلي القيمة التعبيرية وهو لا يشبه جاهين الأب مثل ولده طبعا .. ولو كان ممثلا في قدرات عبد العزيز مخيون قد أدي دور عبد الوهاب ألم يكن بإمكانه أن يصنع شيئا ذو قيمة من الشخصية بدلا من المسخ الكاريكاتوري الذي قدمه عزت أبو عوف اعتمادا علي مسألة التقليد .. وجوه واعدة في أدوار مناسبة ولكن علي الجانب الآخر قدم الفيلم عددا من الوجوه الجديدة التي أدت أدوارا تتناسب تماما مع إمكاناتها وقدراتها مثل عادل شعبان الذي أدي دور إسماعيل شبانة ببساطة وصدق وتوحد مع الشخصية وتفهم لأحاسيسها وأبعادها ومحمد شاهين الذي أدي دور العازف المجند العائد من ساحة المعركة بكل المرارة والألم و الغضب .. أما محمد شومان فيضيف إلي رصيده الهام والمدهش من الأدوار التي قدمها هذا الموسم بتقديم شخصية ابن البلد صبي المقهي الذي يصبح صاحبه فيما بعد فيمر برحلة الصعود الموازية لرحلة صعود نجمه المفضل حليم في زمن كان الصعود فيه يعتمد علي الاجتهاد و العمل وتبحث الكاميرا عن شومان دائما بين زحام الوجوه لتلتقط تعبيراته الصادقة ويبحث المشاهد عن شومان وسط زحام الصورة ليعيش معه لحظات النجاح والأمل والانكسار وليستمتع بأدائه التمثيلي الراقي . من الواضح أن الشخصية كانت أحد إبداعات محفوظ عبد الرحمن التي تعكس قدرته الفنية الهائلة علي غزل شخصيات عادية من تأليفه في طيات الدراما التاريخية ولكنها لا تقل صدقا وواقعية عن الشخصيات الحقيقية .كان بإمكان هيثم أن ينضم إلي هذه الأسماء لو أدي دورا في حدود قدراته وإمكاناته ولكن شاءت الأقدار أن يتواصل مسلسل الأخطاء في هذا العمل الذي رأي صناعه أن وجود هيثم علي الأفيش والتركيز عليه في الدعاية واستثمار مسألة أن ابن أحمد زكي يستكمل دوره في الدعاية سوف يضيف إلي نجاح الفيلم جماهيريا دون النظر إلي المستوي الفني وبفهم قاصر جدا عن فن التمثيل واعتباره شيء يمكن إكتسابه بمجرد التوريث أو التدريب.. جهد كبير وحصاد هزيل بذل شريف عرفة جهدا كبيرا في توليف الفيلم ومحاولة تحقيق تتابع متماسك ومفهوم علي الرغم من اضطراره كثيرا إلي استخدام فلاش باك داخل الفلاش باك .. واضطراره في بعض الأحيان إلي كسر التسلسل الزمني للشخصية فبعد أن نصل معها من خلال السرد إلي مرحلة زمنية متقدمة نعود مرة أخري إلي مرحلة متأخرة .. وعلي الرغم من أن هذا لم يؤثر كثيرا في استيعاب الفيلم أو الأحداث إلا أنه وفي رأيي قد أثر علي الإيقاع بسبب ما حققته حالة الارتداد في الزمن من إحباط عند المشاهد وهذا بالإضافة إلي ترهل إيقاع الفيلم دراميا لعدم وجود شيء يربط الأحداث سوي الشخصية وللاستغراق في الإجابة علي بعض الأسئلة لتشغل مساحة زمنية أكثر مما ينبغي دون وجود أي صراع من أي نوع .. فكل الهدف هو توضيح فكرة أو الإجابة عن سؤال ..في مقابل هذا أهدر المخرج فرصة كبيرة في تقديم مشهد كان من الممكن أن يكون من أروع ما تحقق في السينما المصرية وأعني بذلك المشهد الذي رواه حليم عن الليلة التي قضاها في طفولته في الملجأ خائفا لا يقدر علي النوم بعد أن نام الجميع يرجو من الله أن يحدث شيئا يسعده فيهطل المطر مع الرعد والبرق ليستيقظ جميع الأطفال ويخرجوا للعب والغناء في المطر .. وبدلا من أن نري هذا المشهد ببنائه الدرامي المتصاعد نكتفي بالاستماع إليه ولا يقدم منه شريف سوي شذرات ولحظات غير مكتملة ربما لأنه منهمك في سرد حكايات كثيرة ومنشغل بالإجابة علي أسئلة إجبارية بلا منهج ولا نظام .. علي مستوي توظيف الإضاءة والتصوير وتكنولوجيا الخدع فقد تحققت بصورة جيدة وإن كان قد تم الاعتماد علي الكاميرا المحمولة كثيرا والتي نتج عنها اهتزاز في الصورة في كثير من الأحيان دون ضرورة درامية .. كما تفاوت مستوي الماكياج وتفتيح البشرة لأحمد زكي من مشهد لآخر مما أثر كثيرا في تصديق الشخصية أما مسألة أن يغني زكي أو هيثم بصوت حليم فقد أطاحت بصدق الفيلم وخلقت حالة من الزيف غير العادية والتي كان لابد أن يتم تجنبها قدر الإمكان عكس ما تحقق في الفيلم تماما .. حليم وأحمد زكي بين الأسطورة والأكذوبة كانت مشاهد أحمد زكي علي فراش المرض تؤدي إلي حالة من الخلط فأنت تدرك تماما أن الراقد أمامك الذي يبدو علي وجهه الألم ومعاناة المرض هو أحمد زكي ولكن عليك أن تواصل متابعة فيلم عن حليم .. ويتزايد هذا التأثير عندما تري هيثم يؤدي دور حليم شابا بينما أنت تدرك تماما أن الذي يمثل أمامك هو ابن أحمد زكي وهو قريب الشبه من والده في شبابه إلي حد كبير...ولكن علي الرغم من كل هذا هل كان من الممكن تقديم فيلم سينمائي مقبول في ظل هذه الظروف والشكل في تقديم الأحداث علي طريقة السؤال والجواب والإمكانات الصحية التي أدي بها أحمد زكي الفيلم؟.. اسمحوا لي أن أقول خلافا لما هو متوقع إن الإجابة نعم مع قدر من التحفظ . وذلك لأن المسألة في الفن و الدراما لا تتعلق بالإمكانيات بقدر ما ترتبط بعمق الرؤيا ووجهة النظر وبراعة المعالجة وقوة الطرح ... كانت الفرصة متاحة لشريف عرفة ليقدم فيلما رائعا يغلب عليه الطابع التجريبي فتمتزج بالفعل حكاية الممثل مع الشخصية التي يؤديها وتمتزج الصورتان الذهنيتان لأسطورة التمثيل أحمد زكي وأسطورة الغناء حليم لأن أوجه الشبه بينهما كثيرة منذ البداية من الفقر واليتم في الشرقية وإلي محطات النجاح وتألق الموهبة وكذلك رحلة المرض المؤلمة . ربما يخرج ما أكتبه من دائرة نقد العمل ويدخل في منطقة الأطروحات الخاصة بالناقد ولكني أري أن هذه التركيبة الشكلية البنائية كانت كفيلة بإنقاذ الفيلم من أن يقف عند حدود تمثيلية سهرة أو حلقة تليفزيونية ليحلق في مغامرة فنية حقيقة كفيلة بأن تحقق له الخلود في ذاكرة السينما.. وأنا أعتقد أنه هدف أهم وأسمي كان علي صناع هذا الفيلم أن يحققوه بدلا من الانشغال بمغازلة الجمهور بحكايات وحواديت قديمة بلا معني أعتقد أنهم سيكتشفون أنها كانت تشغلهم أكثر من الجمهور . جريدة القاهرة في 25 يوليو 2006
|
محفوظ عبد الرحمن ينفي خلافه مع أديب وشريف: قدمت حليم من أجل عيون النجم الأسمر أجرت الحديث ـ زينب هاشم |